مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 165

(22)
جلسة الأول من نوفمبر سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وحسن حسنين علي وفاروق عبد الرحيم غنيم... المستشارين.

الطعن رقم 1095 لسنة 30 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - بطلان الأحكام.
المواد 167، 170، 178 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
عبارة "القضاة الذين أصدروا الحكم" الواردة بالفقرة الثالثة من المادة 178 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنصرف إلى القضاة الذين فصلوا في الدعوى واشتركوا في المداولة لا القضاة الذين حضروا تلاوة الحكم - إذا انطوى الحكم على خطأ في بيان أسماء القضاة الذين أصدروه فأغفل اسم أحدهم وذكر اسم آخر لم يشترك في المداولة ولم يفصل في الدعوى. يعد خطأ مادياً يجوز تصحيحه بناء على ما هو ثابت بمحضر جلسة النطق بالحكم الذي يعتبر مكملاً له دون ذلك من الأوراق - إذا خلا محضر جلسة النطق بالحكم من بيان أسماء القضاة الذين أصدروه أو حضروا تلاوته ترتب على ذلك بطلان الحكم - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 27 من فبراير سنة 1984 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1095 لسنة 30 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 29/ 12/ 1983 في الدعوى رقم 193 لسنة 31 ق المقامة من أبو بكر محمد جاد المولى ضد كل من محافظ البحيرة ورئيس مجلس مدينة أبو حمص ورئيس مجلس مدينة الدلنجات، والقاضي برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وبقبولها وفي الموضوع برفضها وإلزام المدعي بصفته بالمصروفات. وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدعوى، والحكم مجدداً بأن يكون التأمين النهائي الواجب دفعه بنسبة 20% كحداً أقصى من قيمة الإيجار السنوي وليس بنسبة 40% وما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بطلبات الطاعن.
وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 2/ 6/ 1986 فنظرته على الوجه المبين بالمحضر، وقررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات" لنظره بجلسة 11/ 10/ 1986، وبهذه الجلسة نظرته المحكمة على الوجه المبين بالمحضر وقررت حجزه للحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم الآتي وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن المدعو أبو بكر محمد جاد المولى بصفته ممثلاً لشركة الأهرام للأسواق كان قد أقام دعواه رقم 193 لسنة 31 ق بعريضة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بتاريخ 12/ 2/ 1977 طالباً الحكم بإلزام المدعى عليهم باحترام الحد الأقصى لقيمة التأمين القانونية المقررة بمقتضى لائحة المناقصات وقيمتها 20% وعدم الاعتداد بالقيمة غير القانونية التي أجبر على سدادها مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 29/ 12/ 1983 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها بقبول الدعوى شكلاً على أساس أن المنازعة لا تمثل طعناً بالإلغاء على قرار إداري بتحديد نسبة التأمين الواجب دفعه وإنما هي من المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية التي تنظرها المحكمة بمقتضى ولايتها الكاملة. كما أقامت قضاءها برفض الدعوى موضوعاً على أساس أن تكملة التأمين المؤقت الذي يدفعه المتزايدون قبل الدخول في المزاد إلى 20% من ثمن البضاعة بمجرد رسو المزاد، يمثل الحد الأدنى للتأمين النهائي الواجب دفعه عند رسو المزاد ويجوز لجهة الإدارة أن تزيد على هذه النسبة.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن نصوص لائحة المناقصات والمزايدات في كل من التأمين المؤقت والتأمين النهائي هي نصوص آمرة، ويتعين التفرقة في هذا الشأن بين سلطة الإدارة في تحديد كل من التأمين المؤقت والتأمين النهائي، فبينما لم تحدد اللائحة مبلغاً بذاته أو نسبة بعينها للتأمين المؤقت وأطلقت سلطة الإدارة لتحدده في ضوء أهمية الصفقة، فإن اللائحة قيدت الإدارة فيما يتعلق بالتأمين النهائي الواجب أداؤه بعد رسو المزاد، فحددته بنسبة 20% من ثمن البضاعة وهي نسبة ثابتة محددة لا يجوز القول بأنها حد أدنى للتأمين النهائي أو حد أقصى له.
ومن حيث إن المادة 167 من قانون المرافعات تنص على أنه "لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلاً". وتنص المادة 170 مرافعات على أنه "يجب أن يحضر القضاة الذين اشتركوا في المداولة تلاوة الحكم فإذا حصل لأحدهم مانع وجب أن يوقع مسودة الحكم". وتنص المادة 178 مرافعات على أنه "يجب أن يبين في الحكم المحكمة التي أصدرته وتاريخ إصداره ومكانه... وأسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته".
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على نسخة الحكم الأصلية المودعة ملف الدعوى أنه ورد بديباجة الحكم صدوره من هيئة مشكلة برئاسة المستشار عصام الدين السيد علام وعضوية المستشارين فؤاد عبد العزيز رجب والدكتور أحمد محمود جمعه. ثم وردت بذيل الحكم عبارة مفادها أن المستشار أحمد محمود حضر المرافعة واشترك في المداولة ووقع على مسودة الحكم وحضر بدلاً عنه عند النطق بالحكم المستشار فؤاد عبد العزيز رجب.
ومفاد ديباجة الحكم - كما وردت بنسخة الحكم الأصلية - أن المستشارين الذين أصدروا الحكم هم الأساتذة عصام الدين السيد علام وفؤاد عبد العزيز رجب والدكتور أحمد محمود جمعه، ولما كانت عبارة القضاة الذين أصدروا الحكم التي وردت بالفقرة الثالثة من المادة 178 مرافعات إنما تعني القضاة الذين فصلوا في الدعوى واشتركوا في المداولة لا القضاة الذين حضروا تلاوة الحكم. وكان الثابت من مطالعة مسودة الحكم - المودعة ملف الدعوى - وورقة الجلسة أن القضاة الذين فصلوا في الدعوى واشتركوا في المداولة ووقعوا المسودة هم الأساتذة عصام الدين السيد علام وفاروق فهمي حنفي وأحمد محمود جمعه ولم يكن من بينهم المستشار فؤاد عبد العزيز رجب، فمن ثم يبين أن الحكم المطعون فيه انطوى على خطأ في بيان أسماء القضاة الذين أصدروه فأغفل اسم أحدهم وذكر اسم آخر لم يشترك في المداولة ولم يفصل في الدعوى، وأنه ولئن جاز تصحيح مثل هذا الخطأ المادي بناء على ما يستمد مما هو ثابت بمحضر جلسة النطق بالحكم الذي يعتبر مكملاً له - دون سوى ذلك من الأوراق - إلا أنه بالرجوع إلى محضر جلسة النطق بالحكم تبين أنه خلا من بيان أسماء القضاة الذين أصدروه أو حضروا تلاوته. يضاف إلى ما تقدم أن مؤدى العبارة المذيل بها الحكم من أن المستشار فؤاد عبد العزيز رجب حضر تلاوة الحكم عند النطق به بدلاً من المستشار أحمد محمود جمعه، أنه لم يحضر تلاوة الحكم إلا اثنان من أعضاء المحكمة التي أصدرته. وكل ذلك يؤدي إلى بطلان الحكم المطعون فيه طبقاً لحكم المادة 178 من قانون المرافعات المشار إليها. الأمر الذي يستوجب إلغاءه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه لبطلانه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى.