مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 239

(36)
جلسة 16 من نوفمبر سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار نبيل أحمد سعيد علي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب وعبد العزيز أحمد سيد أحمد حمادة وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وعادل لطفي عثمان المستشارين.

الطعن رقم 1102 لسنة 30 القضائية

دعوى - التكليف بالحضور - ميعاد المسافة.
المادتان 16 و17 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ميعاد المسافة مقرر لتمكين ذوي الشأن من الحضور أو مباشرة الإجراءات القانونية بمنحهم فسحة من الوقت تجاوز الميعاد المقرر لسائر الأفراد تتمثل في ميعاد مسافة يضاف إلى المواعيد المقررة أصلاً - علة ذلك: تواجدهم بعيداً عن الجهة التي يتعين الحضور إليها أو مباشرة الإجراء فيها - يؤكد ذلك تدرج المشرع في منح هذا الميعاد بزيادته كلما بعدت المسافة بين موطن الفرد والمكان المتعين حضوره إليه - لا وجه للقول بعدم إفادة المدعي منه بمراعاة ثبوت علمه اليقيني بالقرار ما دام أن هذا الميعاد مقرر لمباشرة المدعي إجراءات إقامة الدعوى لا تبدأ إلا بعد علمه بالقرار - أساس ذلك: أن لكل من الميعادين نطاقه ومحال أعماله - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 29/ 2/ 1984 أودع الأستاذ محمد كامل الموجي نيابة عن عبد العزيز نديم محمود قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1102 لسنة 30 ق القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 5/ 1/ 1984 في الدعوى رقم 2651 لسنة 26 القضائية المقامة من عبد العزيز نديم محمود ضد وزير المالية والذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وإعادة الدعوى إلى حكم القضاء الإداري للفصل في موضوعها ابتغاء الحكم بإلغاء القرار رقم 4231 لسنة 1981 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية لوظيفة مدير عام وترقيته إلى هذه الدرجة اعتباراً من تاريخ صدور القرار المطعون فيه.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية لدرجة مدير عام مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الثانية) وعين لنظره أمامها جلسة 12/ 10/ 1986 وبعد أن سمعت ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيه أودعت مسودته المشتملة على أسبابه وتم النطق به في جلسة علنية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن عناصر هذه المنازعة تجمل على ما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 8/ 4/ 1982 أقام عبد العزيز نديم محمود الدعوى رقم 2651 لسنة 36 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية) طالباً إلغاء القرار رقم 4231 لسنة 1981 الصادر بتاريخ 19/ 8/ 1981 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة مدير عام وترقيته إلى هذه الدرجة اعتباراً من تاريخ صدور هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
وقال المدعي بياناً لدعواه إنه يعمل مراقباً عاماً بحسابات الحكومة من الدرجة الأولى اعتباراً من ديسمبر سنة 1974 وإنه إزاء ما يتمتع به من سمعة طيبة وتفاني في العمل شهد به رؤساؤه فقد تمت إعارته من يناير سنة 1977 إلى الهيئة الفنية المشتركة الدائمة لمياه النيل بالخرطوم للعمل بها مراقباً للحسابات عن الجانب المصري عملاً بأحكام المادة 29 من لائحة الهيئة المذكورة الصادرة تنفيذاً لأحكام قراري رئيس الجمهورية رقمي 1421 لسنة 1960، 497 لسنة 1973 وترتب على هذه الإعارة انتقاله للعمل بإدارة الهيئة بالسودان وظلت إعارته تتجدد حتى بلغت عامها السادس وقد فوجئ المدعي بصدور حركتين للترقيات لدرجة مدير عام الأولى في 19/ 8/ 1981 والثانية في 27/ 9/ 1981 بموجب قراري رئيس الوزراء رقمي 4231، 4956 دون أن تشمله أي من الحركتين بالترقية بغير سبب يبرر ذلك التخطي وأن القرار الأول قد شمل ترقية عبد السميع محمد إبراهيم وهو زميله في التخرج وفي الترقية إلى الدرجة الأولى كما رقي إلى درجة مدير عام في القرار المطعون فيه آخرون أحدث منه خدمة وأدنى كفاية وأصغر سناً وتظلم من ذلك لكن رفض تظلمه على سند من أنه معار مع أن الإعارة لا تحول دون الترقية خاصة وأنه يؤدي خلال إعارته ذات أعمال وظيفته الأصلية بوزارة المالية وهو ما دعاه إلى إقامة دعواه ابتغاء الحكم بالطلبات آنفة الذكر.
وردت الجهة الإدارية المدعى عليها بمذكرة جاء بها أن المدعي حاصل على دبلوم تجارة متوسط سنة 1944 وتجارة تكميلية عليا سنة 1948 وعين في 1/ 4/ 1946 وتدرج في الترقيات إلى أن رقي إلى الدرجة الأولى في 31/ 12/ 1974 أما زميله حسن توفيق مفتاح آخر المرقين بالقرار المطعون فيه فهو حاصل على بكالوريوس التجارة سنة 1952 وعين في 29/ 9/ 1952 وتدرج في الترقيات حتى رقي إلى الدرجة الأولى في 29/ 12/ 1976 ثم رقي لدرجة مدير عام بالقرار المطعون فيه بتاريخ 19/ 8/ 1981 وعللت تخطيه في الترقية بكونه معاراً في تاريخ إجراء حركة الترقيات المطعون فيه وأنه لا يجوز الترقية إلى درجته مدير عام بكادر الحسابات والمديرات المالية إلا إذا كان المرشح للترقية موجوداً فعلاً بالوزارة وخلصت إلى طلب رفض الدعوى وعقب المدعي على رد الجهة الإدارية بمذكرة قال فيها إنه علم بالقرار المطعون فيه بتاريخ 26/ 10/ 1981 وتظلم منه في 4/ 11/ 1981 وأنه بإضافة ميعاد المسافة المنصوص عليه في قانون المرافعات المدنية والتجارية وهو ستون يوماً لمن يكون موطنه بالخارج فإن دعواه تكون قد أقيمت في الميعاد بحسبان أن موطنه السودان منذ إعارته في عام 1977 وأضاف المدعي أنه يطعن في ترقية زميله عبد السميع قنديل وليس حسن توفيق مفتاح الذي أوردت مذكرة دفاع الجهة الإدارية بياناً مقارناً بينه وبين المدعي.
وبجلسة 5/ 1/ 1984 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وألزمت المدعي المصروفات.
وقام قضاء المحكمة على أن المدعي علم بالقرار 4231 لسنة 1981 المطعون فيه الصادر بتاريخ 19/ 8/ 1981 في 26/ 10/ 1981 وأقام دعواه بتاريخ 8/ 4/ 1982 فإنه يكون من ثم قد أقامها بعد الميعاد مما يتعين معه عدم قبولها شكلاً دون أن يؤثر في ذلك ما ذكره المدعي من أحقيته لميعاد مسافة لمدة ستين يوماً إذ أن الثابت أنه علم بالقرار علماً يقيناً وتظلم منه في 26/ 10/ 1981.
وحيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لإهداره حق الطاعن في ميعاد المسافة المنصوص عليه في المادة 17/ 1 من قانون المرافعات الذي يتعين إضافته إلى ميعاد دعوى الإلغاء المنصوص عليه في المادة 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وأن علم المدعي بالقرار لا أثر له على حقه في الإفادة من ذلك الميعاد وأنه من ثم يكون قد أقام دعواه في الميعاد محسوباً على أساس إضافة ميعاد مسافة قدره ستون يوماً إلى الميعاد العادي لإقامة الدعوى عملاً بالمادة 17 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وحيث إن المادة 16 من قانون المرافعات المدنية والتجارية قضت بأنه إذا كان الميعاد معيناً في القانون للحضور أو لمباشرة إجراء فيه زيد عليه يوم لكل مسافة مقدارها خمسون كيلو متراً بين المكان الذي يجب الانتقال منه المكان الذي يجب الانتقال إليه وما يزيد من الكسور على الثلاثين كيلو متراً يزاد له يوم في الميعاد ولا يجوز أن يجاوز ميعاد المسافة أربعة أيام ويكون ميعاد المسافة خمسة عشر يوماً لمن يقع موطنه في مناطق الحدود ونصت المادة (17) من ذلك بأن ميعاد المسافة لمن يكون موطنه في الخارج ستون يوماً.
وحيث إن البين من هذه النصوص أن ميعاد المسافة مقرر لتمكين ذوي الشأن من الحضور أو مباشرة الإجراءات القانونية بمنح هؤلاء فسحة من الوقت تجاوز الميعاد المقرر لسائر الأفراد تتمثل في ميعاد مسافة يضاف إلى المواعيد المقررة أصلاً مراعاة لتواجدهم بعيداً عن الجهة التي يتعين الحضور إليها أو مباشرة الإجراء فيها يؤكد هذا النظر أن الشارع تدرج في منح هذا الميعاد بزيادته كلما بعدت المسافة بين موطن الفرد والمكان المتعين الحضور إليه أو مباشرة الإجراء فيه ومن ثم فلا وجه للربط بين هذا الميعاد والعلم بالقرار فيه والقول بعدم إفادة المدعي منه بمراعاة ثبوت علمه اليقيني بالقرار المطعون ما دام أن هذا الميعاد مقرر لمباشرة المدعي إجراءات إقامة الدعوى الراهنة التي لا تبدأ بعد علمه بالقرار المطعون فيه ومتى كان ذلك وكان موطن المدعي في الخارج في تاريخ صدور القرار المطعون فيه لكونه معاراً للسودان فإنه من ثم يحق له الإفادة من ميعاد مسافة قدره ستون يوماً عملاً بالمادة (17) المشار إليها وأنه بإضافة ذلك الميعاد إلى ميعاد إقامة الدعوى فإنه يكون قد أقام دعواه في الميعاد اعتباراً بأنه علم بالقرار المطعون فيه في 26/ 10/ 1981 وتظلم منه في 4/ 11/ 1981 وأقام دعواه في 8/ 4/ 1982 وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه من ثم يكون قد خالف أحكام القانون منطوياً وأخطأ في تطبيقه وتأويله مما يتعين معه الحكم بإلغائه والتصدي لموضوع الدعوى بحسبانها صالحة للحكم فيها.
وحيث إن المدعي قرر في دعواه أن القرار المطعون فيه شمل ترقية عبد السميع محمد إبراهيم وهو زميله في التخرج والترقية إلى الدرجة الأولى كما رقي إلى درجة مدير عام في ذات القرار آخرون أحدث منه خدمة وأدنى كفايته وأصغر سناً ولم تجحد الجهة الإدارية ذلك وإنما عللت تخطي المدعي في القرار المطعون فيه بكونه معاراً فقط دون أن تثر أية أسباب أخرى لذلك التخطي وهو ما مؤداه تسليم جهة الإدارة، بكفاءة المدعي وكونه أسبق في ترتيب الأقدمية من المطعون في ترقيتهم أو أسبق من بعضهم ولما كانت إعارة العامل لا تحول في الأصل دون ترقيته في دورة ما لم تحل دون ذلك أسباب أخرى يؤكد ذلك أن الشارع حين رأى عدم ترقية المعارين إلى الوظائف العليا استن لذلك القانون رقم 108 لسنة 1981 بتعديل المادة 58 من القانون رقم 47 لسنة 1978 التي نصت على عدم ترقية المعارين للوظائف المشار إليها ولما كان هذا القانون قد عمل به من 10 أكتوبر سنة 1981 وكان قرار الترقية المطعون فيه قد صدر بتاريخ 19/ 8/ 1981 فمن ثم يخرج عن نطاق تطبيق ذلك القانون وفقاً لقواعد سريان القانون من حيث الزمان وبالتالي فإن المدعي يكون مستحقاً الترقية بموجب ذلك القرار من تاريخ نفاذ الترقيات المطعون فيها وإذ أغفل القرار ذلك وأهدر حقه في الترقية التي تمت لأقرانه فإنه يكون قد وقع باطلاً في القانون خليقاً بالإلغاء مما يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وقبول الدعوى شكلاً وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية لدرجة مدير عام وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن الدرجتين.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وإلغاء القرار المطعون فيه فيما يتضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى درجة مدير عام وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية مصروفات كل من الدعوى والطعن.