مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 261

(40)
جلسة 22 من نوفمبر سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عادل عبد العزيز بسيوني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة علي فؤاد الخادم والدكتور محمد جودت الملط وصلاح عبد الفتاح سلامة وثروت عبد الله أحمد المستشارين.

الطعن رقم 1542 لسنة 28 القضائية

المواد الأولى والثالثة والسابعة من القانون رقم 54 لسنة 1976 في شأن تكليف المهندسين المصريين خريجي الجامعات والمعاهد المصرية.
حظر المشرع على المهندسين بالحكومة والقطاع العام الامتناع عن تأدية أعمال وظائفهم لمدة ست سنوات من تاريخ استلامهم العمل - يمتد هذا الحظر للموجودين منهم في الخدمة عند نفاذ القانون رقم 54 لسنة 1976 في 24 يونيه سنة 1976 - تحسب مدة التكليف من تاريخ استلام العمل - يعتد بتاريخ استلام العمل حتى لو كان سابقاً على نفاذ القانون طالما أن المكلف لا زال بالخدمة وقت العمل به - يتعين قضاء مدة الست سنوات في العمل وممارسة مهام الوظيفة - يقف سريان هذه المدة طوال مدة الانقطاع عن العمل - الانقطاع في هذه الحالة يشكل مخالفة تأديبية يطبق في شأنها العقوبات التي تسري على العاملين الموجودين بالخدمة - أساس ذلك: - أن مدة الخدمة لم تنته - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 31 من يوليه سنة 1982، أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد مدير النيابة الإدارية بصفته، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1543 لسنة 28 القضائية، في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم وملحقاتها، بجلسة 31 من مايو سنة 1982 في الدعوى رقم 232 لسنة 24 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد السيد/..... والقاضي ببراءته مما أسند إليه.
وطلب الطاعن، للأسباب المبينة في تقرير الطعن، الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه ومجازاة المطعون ضده عما نسب إليه بتقرير الاتهام.
وبعد إعلان تقرير الطعن قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وتوقيع الجزاء المناسب على المطعون ضده.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 14 من مايو سنة 1986 وبجلسة 11 من يونيه سنة 1986 وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة - لنظره بجلسة 11 من أكتوبر سنة 1986، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسب ما يبين من الأوراق، في أنه بتاريخ 6 من مارس سنة 1982 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 232 لسنة 24 القضائية أمام المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم وملحقاتها، ضد السيد/......، المهندس بالإدارة العامة للمباني والتجهيزات بوزارة التعليم العالي.. ونسبت إليه أنه انقطع عن عمله من 1/ 11/ 1980 حتى 9/ 9/ 1981 في غير حدود الإجازات المقررة قانوناً ودون أن تمضي عليه ست سنوات في العمل، بالمخالفة للمواد 62، 74، 78/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1978 والمادة 3 من القانون رقم 54 لسنة 1976. وطلبت محاكمته طبقاً للمواد سالفة الذكر والمادتين 80، 82/ 4 من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه والمادتين 14، 29/ 3 من القانون رقم 117 لسنة 1958 والمادتين 15/ 1، 19/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1972. وبجلسة 26 من إبريل سنة 1982 حضر وكيل عن المحال أمام المحكمة التأديبية واعترف بالمخالفة وقرر أنه كاره للوظيفة ولا يرغب في العودة للعمل. وحكمت المحكمة التأديبية بجلسة 31 من مايو سنة 1982 ببراءة المحال مما أسند إليه، استناداً إلى أن خدمته تعتبر منتهية بقوة القانون دون حاجة إلى صدور قرار إداري بانتهاء التكليف ومدته ست سنوات من تاريخ تسلمه العمل في 28/ 5/ 1975.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، لأن المطعون ضده كلف اعتباراً من 28/ 5/ 1975 وانقطع اعتباراً من 1/ 11/ 1980 قبل أن يقضي ست سنوات في العمل، وبذا لا تعتبر خدمته منتهية.
ومن حيث إن القانون رقم 54 لسنة 1976 في شأن المهندسين المصريين خريجي الجامعات والمعاهد المصرية، نص في المادة الأولى على أنه "لأجهزة الحكومة وشركات القطاع العام أن تستوفي احتياجاتها من المهندسين خريجي الجامعات المصرية فور تخرجهم..."، ونص في المادة الثالثة على أنه "يحظر على المهندسين المشار إليهم في المادة الأولى الامتناع عن تأدية أعمال وظائفهم لمدة ست سنوات تبدأ من تاريخ استلامهم العمل...... ويسري الحكم المتقدم على المهندسين المعينين أو المكلفين بأجهزة الحكومة والقطاع العام وقت العمل بهذا القانون"، ونص في المادة السابعة على أنه "..... ويعمل به من تاريخ نشره". وقد تم هذا النشر في 24 من يونيه سنة 1976.
ومن حيث إنه يؤخذ مما تقدم أن القانون رقم 54 لسنة 1976 حظر على المهندسين بالحكومة والقطاع العام الامتناع عن تأدية أعمال وظائفهم لمدة ست سنوات من تاريخ استلامهم العمل، وبسط هذا الحظر على الموجودين منهم في الخدمة عند نفاذه في 24 من يونيه سنة 1976، وجاء نصه عاماً مطلقاً في حساب هذه المدة من تاريخ استلام العمل، مما يعني اعتداده بتاريخ استلام العمل ولو كان سابقاً على نفاذه بالنسبة للموجودين في الخدمة وقتئذ، كما يعني ضرورة قضاء كامل هذه المدة في الوظيفة، وهو ما يتحقق أصلاً بممارسة عملها فعلاً، وقد يتأتى جزمنا بالوجود فيها حكماً مثل حالة الترخيص للمهندسين في إعارة أو إجازة وفقاً للقانون خلال مدة الست سنوات، إلا أنه يتخلف صدقاً إذا انقطع المهندس عن العمل دون سند قانوني، إذ يقيم هذا الانقطاع عقبة توقف طوال سريان مدة الست سنوات اللازم قضاؤها في الوظيفة، ويشكل في ذات الوقت مخالفة تأديبية تستدر العقاب عنها طبقاً للقانون، ومن ثم فإن المهندس المكلف أو المعين بالحكومة أو بالقطاع العام، إذا انقطع عن العمل قبل قضائه في العمل فعلاً أو حكماً ست سنوات كاملة من تاريخ استلامه هذا العمل، يقف في حقه سريان هذه المدة طوال مدة الانقطاع ويعد مقترفاً مخالفة تأديبية من تاريخ انقطاعه، وبالتالي يخضع للعقوبات التأديبية التي تسري على العاملين الموجودين في الخدمة، طالما لم تنته خدمته قانوناً.
ومن حيث إن المطعون ضده مهندس مكلف، تسلم العمل في 28/ 5/ 1975، وعين على درجة، ومنح إجازة خاصة بدون مرتب لمدة أربع سنوات حتى 31/ 10/ 1980، إلا أنه لم يعد إلى العمل بعدها اعتباراً من 1/ 11/ 1980، وهو تاريخ يسبق قضاءه ست سنوات فعلاً وحكماً محسوبة من تاريخ استلامه العمل، وبذا يعتبر منقطعاً عن العمل دون سند قانوني اعتباراً من 1/ 11/ 1980، الأمر الذي يوقف سريان مدة الست سنوات التي يجب قضاؤها في التكليف ويشكل في الوقت ذاته جريمة تأديبية في حقه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب واعتبر خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه ونفى عنه بالتالي وجه المخالفة عن هذا الانقطاع، رغم وقوعه قبل قضاء مدة الست سنوات المشار إليها، ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، على نحو يوجب الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن المخالفة المنسوبة إلى المطعون ضده ثابتة في حقه، وتأكد ذلك بما قرره وكيله الذي حضر أمام المحكمة التأديبية، واعترف عنه بالمخالفة، وعبر عن كراهيته للوظيفة وعدم رغبته في العودة للعمل، الأمر الذي يقتضي مجازاته بالجزاء المناسب لما بدر منه من انقطاع مؤثم، وهو ما تقدره المحكمة بالفصل من الخدمة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبمجازاة المطعون ضده بالفصل من الخدمة.