مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 265

(41)
جلسة 23 من نوفمبر سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

الطعن رقم 232 لسنة 26 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - حكم في شق مستعجل - حجيته.
الحكم الصادر في الشق المستعجل له مقومات الأحكام وخصائصها ومنها جواز الطعن فيه على استقلال أمام المحكمة الإدارية العليا - الحكم في الشق المستعجل وهو حكم وقتي بطبيعته - يقف أثر هذا الحكم في تاريخ صدور الحكم في موضوع الدعوى - أساس ذلك: - أنه منذ هذا التاريخ تترتب آثار الحكم الأخير باعتباره حكماً فاصلاً في موضوع المنازعة واجب نفاذه من تاريخ صدوره حتى لو طعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذه - مؤدى ذلك: أن الحكم في طلب وقف التنفيذ يسقط بصدور الحكم في موضوع الدعوى - نتيجة ذلك: بعد صدور الحكم في موضوع الدعوى يعتبر الاستمرار في نظر الطعن في حكم وقف التنفيذ غير ذي موضوع - الحكم في الشق الموضوعي بانتهاء الخصومة قبل الفصل في الطعن في الشق المستعجل - الحكم في الطعن في الشق المستعجل باعتبار الخصومة منتهية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 25/ 12/ 1979 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 232 لسنة 26 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 8/ 11/ 1979 في الدعوى رقم 1613 لسنة 33 المقامة من عبد الله سليم أبو عاصي ضد وزير الإسكان والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف التنفيذ وإلزام المدعي مصروفاته وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير في شقها الموضوعي.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) وباختصاص المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الإسكان بنظر الدعوى بشقيها المستعجل والموضوعي وبإحالة الدعوى إليها للفصل فيها.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم باعتبار الخصومة منتهية في الطعن.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 12/ 5/ 1986 حيث قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" وتحدد لنظره أمامها جلسة 19/ 10/ 1986 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على النحو المبين ومحضر الجلسة قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 28/ 6/ 1979 أقام السيد/ عبد الله سليم أبو عاصي الدعوى رقم 1613 لسنة 33 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالباً الحكم أولاً بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار وزير الدولة للإسكان رقم 191 لسنة 1979 الصادر بندب المدعي للعمل مديراً عاماً للشئون القانونية بالشركة العربية للمقاولات لعدم إمكان تدارك نتائج تنفيذه من تخفيض مرتب المدعي نتيجة لهذا الندب.
ثانياً: وفي الموضوع بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه بما يترتب عليه من آثار وتعويض المدعي تعويضاً عادلاً. وقال المدعي شرحاً للدعوى إنه يعمل مديراً عاماً للشئون الإدارية والقانونية ومساعداً للمفوض على الشركة العامة للأساسات وهي إحدى شركات وزارة الإسكان ولخلاف بينه وبين رئيس الشركة أصدر وزير الإسكان والتعمير القرار رقم 348 لسنة 1976 بندب المدعي للعمل بالأمانة الفنية لقطاع التشييد بالوزارة وقد ألغت محكمة القضاء الإداري هذا القرار بحكمها الصادر بجلسة 14/ 12/ 1978، وتنفيذاً للحكم صدر القرار الوزاري رقم 23 لسنة 1979 بإلغاء قرار ندب المدعي أما فيما يتعلق بتنفيذ الحكم فيما يختص به بالتعويض فقد أحالته الوزارة إلى الشركة التي يعمل بها، وبتاريخ 12/ 6/ 1979 عادت الوزارة للانتقام من المدعي فصدر القرار الوزاري رقم 191 لسنة 1979 بندب المدعي مرة أخرى للعمل مديراً عاماً للشئون القانونية بالشركة العربية العامة للمقاولات التابعة لنفس الوزارة والشركة المنتدب إليها الشركة التي يعمل بها أصلاً يرأسها رئيس مجلس إدارة واحد وهو الذي من أجله أبعد المدعي عن عمله الأصلي بالشركة الأولى وقد نعى المدعي على القرار المطعون فيه مخالفته لقانون الإدارات القانونية رقم 47 لسنة 1973 وانطوائه على جزاء مقنع لأنه استهدف تخفيض وظيفة المدعي من عضو مجلس إدارة إلى مجرد موظف بشركة أخرى تحت رئاسة رئيس الشركة نفسه لإخضاعه لعوامل الضغط الإداري والإرهاب النفسي إضرار به وانتقاماً منه لحصوله على حكم من محكمة القضاء الإداري بإلغاء ندبه السابق مما حدا به إلى إقامة الدعوى بالطلبات السالف بيانها.
وبجلسة 8/ 11/ 1979 حكمت محكمة القضاء الإداري في الشق المستعجل من الدعوى وتقضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف التنفيذ وإلزام المدعي مصروفاته وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير في الشق الموضوعي. وأقامت المحكمة قضاءها على أنه لا يترتب على الندب من وظيفة لأخرى نتائج يتعذر تداركها، كما أنه ليس صحيحاً أن تخفيض مرتب المدعي نتيجة لهذا الندب يتعذر تدارك نتائجه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه فيما قضى به في موضوع الطلب المستعجل بعد الحكم بقبول الدعوى شكلاً قد خالف أحكام القانون في شأن ترتيب الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة وكذلك الاختصاص النوعي لتلك المحاكم، وذلك باعتبار أن القرار المطعون فيه صدر بندب أحد العاملين بشركة قطاع عام للعمل بشركة أخرى من شركات القطاع العام وأنه من المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه لا اختصاص لمجلس الدولة وفقاً لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1972 بالمنازعات التي تدور في شأن المركز الوظيفي للعاملين بشركات القطاع العام إلا ما استثنى من ذلك في شأن تأديبهم والمنازعات التأديبية الخاصة. وأنه بحسب الظاهر فإن ظروف إصدار القرار المطعون فيه وملابساته بشأن تكييف المدعي للقرار المطعون فيه بأنه ينطوي على جزاء تأديبي مقنع مما ينعقد الاختصاص بنظره للمحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الإسكان.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد صدر فحسب في الشق المستعجل من الدعوى قاضياً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه هذا الحكم وإن كان له مقومات الأحكام وخصائصها ومنها جواز الطعن فيه على استقلال أمام المحكمة الإدارية العليا إلا أنه مع ذلك حكم وقتي بطبيعته يقف أثره من تاريخ صدور الحكم في موضوع الدعوى إذ من هذا التاريخ تترتب آثار الحكم الأخير باعتباره حكماً فاصلاً في موضوع المنازعة واجب النفاذ من تاريخ صدوره حتى ولو طعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذه إعمالاً لحكم المادة (50) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، ومن ثم فإن الحكم الصادر في طلب وقف التنفيذ يسقط بصدور الحكم في موضوع الدعوى وبالتالي يعتبر الاستمرار في نظر الطعن في هذا الحكم الوقتي على غير ذي موضوع ومن حيث إن الثابت من سياق ما تقدم أن الطعن الماثل ينصب على طلب إلغاء الحكم الصادر في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه في الدعوى رقم 1613 لسنة 33 ق وقد صدر أثناء نظر هذا الطعن الحكم في موضوع هذه الدعوى وذلك بجلسة 24/ 11/ 1982 باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار المطعون فيه رقم 191 لسنة 79 وبرفض طلب التعويض وأسست المحكمة حكمها في اعتبار الخصومة منتهية إلى صدور قرار جهة الإدارة المدعى عليها رقم 60 لسنة 1981 بإلغاء قرار ندب المدعي (القرار المطعون فيه) وبإعادته إلى عمله وبالتالي فإن الطعن الراهن يصبح غير ذي موضوع مما يقتضي اعتبار الخصومة منتهية في شأنه وإلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وباعتبار الخصومة منتهية، وألزمت الطاعن المصروفات.