مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 292

(46)
جلسة 29 من نوفمبر سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وحسن حسنين علي والسيد السيد عمر - المستشارين.

الطعن رقم 1912 لسنة 30 القضائية

( أ ) أموال الدولة العامة والخاصة - إزالة التعدي عليها بالطريق الإداري - سلطة المحكمة في رقابة قرار الإزالة.
عندما تبسط المحكمة رقابتها على مشروع القرار الصادر بإزالة التعدي على الأراضي المملوكة للدولة لا تفصل في النزاع حول الملكية ولا تتغلغل في فحص المستندات المقدمة من الخصوم بقصد الترجيح فيما بينها لإثبات الملكية - أساس ذلك: - أن القضاء المدني هو الذي يفصل في موضوع الملكية - مؤدى ذلك: أن رقابة المشروعية التي تسلطها محكمة القضاء الإداري على هذه القرارات تجد حدها الطبيعي في التحقق من أن سند الجهة الإدارية هو سند جدي له شواهده المبررة لإصدار القرار بإزالة التعدي إدارياً - تطبيق.
(ب) وقف خيري - تكييفه.
الوقف بحكم كونه شخصاً اعتبارياً يمكنه الإفادة من أحكام القانون المدني بشأن التقادم المكسب - أساس ذلك: - عدم وجود مانع قانوني يحول دون إفادة الوقف من التقادم - التقادم المكسب هو في حكم القانون قرينة قانونية قاطعة على ثبوت الملك لواضع اليد - توافر هذه القرينة لمصلحة جهة الوقف دليل على أن العين التي تحت يدها موقوفة وقفاً صحيحاً - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 14 من مايو سنة 1984 أودع الأستاذ حسين قمحة المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ سعد حسن تعيلب قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1912 لسنة 30 القضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 15 من مارس سنة 1984 في الدعوى 2300 لسنة 34 القضائية والقاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه الصادر من هيئة الأوقاف رقم 7 لسنة 1980 بتاريخ 24 من فبراير سنة 1980 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده الثاني بالمصروفات. وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأت فيه، قبل الفصل في الموضوع ندب مكتب خبراء وزارة العدل ليندب بدوره أحد الخبراء لأداء المأمورية على النحو المبين بالتقرير مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17 من ديسمبر سنة 1984 وتداول نظره بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر حتى قررت بجلسة 15 من سبتمبر سنة 1986 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا( دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 25 من أكتوبر سنة 1986. وبتلك الجلسة نظرت المحكمة الطعن على الوجه المبين بالمحضر وقررت إصدار الحكم لجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فيتعين قبوله شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن أقام الدعوى ابتداء أمام محكمة أشمون الجزئية بعريضة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة في 12 من يناير سنة 1980 حيث قيدت الدعوى تحت رقم 71 لسنة 1980 طالباً قبول الإشكال شكلاً وفي الموضوع بإيقاف تنفيذ القرار الصادر في الشكوى الإدارية رقم 1567 لسنة 1979 أشمون مع إلزام المستشكل ضدهما الأول والثاني بالمصروفات. وقال المدعي تأسيساً لدعواه إنه يملك مساحة 10 س - ط 1 ف أطيان زراعية كائنة بزمام سنتريس مركز أشمون بمقتضى عقد مسجل تحت رقم 4159 لسنة 1978 شبين الكوم، وهو يضع يده، ومن قبله سلفه، على هذا القدر بصفة هادئة ومستمرة منذ أكثر من خمسة عشر عاماً. إلا أن السيد/ مدير هيئة الأوقاف المصرية لمنطقة المنوفية تعرض له في المساحة المشار إليها بزعم أنها تدخل ضمن ملكية الهيئة بالقطعة رقم 253 وسطحها 6.22 قيراط تابعة لمسجد سيدي سالم بناحية سنتريس وطلب من النيابة العامة إزالة تعدي المدعي على هذه المساحة وقيد الطلب تحت رقم 1567 لسنة 1979 إداري أشمون. وأوضح المدعي أن هذا الادعاء لا أساس له إذ أنه مالك للمساحة التي تدعي ملكيتها الهيئة، كما أنه أقام الدعوى رقم 964 لسنة 1979 أمام محكمة أشمون الجزئية طالباً منع تعرض هيئة الأوقاف له التي ما زالت، أي وقت تقديم الإشكال، متداولة بالجلسات. وبجلسة 7 من يونيه سنة 1980 حكمت تلك المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري. وقد وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري حيث قيدت بسجلاتها تحت رقم 2300 لسنة 34 القضائية. وبتاريخ 3 من يناير سنة 1981 عدل المدعي طلباته إلى طلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 7 لسنة 1980 الصادر من رئيس هيئة الأوقاف وفي الموضوع بإلغاء القرار مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات. وبجلسة 19 من مايو سنة 1981 حكمت محكمة القضاء الإداري برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي بالمصروفات. كما حكمت بجلسة 15 من مارس سنة 1984 بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات (وهو الحكم المطعون فيه بالطعن الماثل). وأسست المحكمة قضاءها على أن الثابت من الخريطة المساحية المقدمة من المدعي ومن الرسم الكروكي المقدم من الحكومة ومن معاينة الشرطة بتاريخ 14/ 4/ 1980 أن المدعي أقام سوراً ومسقى للمواشي وطلمبة بالمساحة المحصورة بين المضيفة ومحلات الهيئة وأن هذه المساحة تدخل ضمن الأرض الفضاء التي تسلمتها الهيئة لخدمة المسجد وفق الحدود التي حددها محضر التسليم المؤرخ 22 من يناير سنة 1964، ووفق الحدود الواردة في مذكرات دفاع المدعي التي تضمنت أن أرض النزاع تطل على شارع داير الناحية وعلى دوار داير الناحية (المضيفة). وعلى ذلك يكون المدعي معتدياً على أرض مخصصة كحرم للمسجد وموقوفة عليه، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قائماً على سبب يبرره من جهة مختصة بإصداره. كما أورد الحكم أن الثابت بالخريطة المساحية المقدمة من المدعي ومن الرسم الكروكي المقدم من الحكومة أن عين النزاع تتصل مباشرة بحرم المسجد وتقع بين المضيفة ومحلات الهيئة فلا يقيد المدعي الادعاء بأنها تقع بعيداً عن المسجد أو أنه يفصل بينهما وبين المسجد كتلة مساكن الناحية لتعارض هذا الادعاء مع الواقع الثابت بالخريطة والرسم الكروكى. كما أضاف الحكم بأنه لا يقيد المدعي نفي ملكيته الدولة لعين النزاع لأن الإدارة لم تستند في إزالة التعدي إلى امتلاك الدولة لعين النزاع وإنما استندت إلى ملكية الأوقاف لها وهو ما عجز المدعي عن إثبات عكسه. فضلاً عن أن المدعي إن كان يستند في ادعائه ملكية عين النزاع إلى العقد الابتدائي المؤرخ 19 من أكتوبر سنة 1976 فإن هذا العقد يعد تعاملاً في ملك الغير ولا يسري في مواجهة المالك الأصلي، كما أن ما تضمنه أصل العقد من تعديل بالمداد الأسود برقم القطعة محل العقد يحمل على عدم الاطمئنان إليه كدليل في الدعوى. كما أورد الحكم أنه إذا كان القرار المطعون فيه تضمن إزالة تعدي المدعي على حرم مسجد سيدي سالم فيكون بذلك قد حدد مضمونه بما لا يدع مجالاً للشك في محله فلا يؤثر في صحته عدم ذكر رقم القطعة التي يقع فيها حرم المسجد المتصل به اتصالاً مادياً وواقعياً وبالتالي لا يفيد المدعي التمسك بأن القرار صدر بشأن القطعة رقم 253 ولم يتناول بالتحديد رقم القطعة التي يقع بها حرم المسجد.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب ثلاثة:
أولهما أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه قصور في التسبيب ذلك أن دفاع الطاعن أمام محكمة القضاء الإداري قام على أساس أن الأرض التي يضع اليد عليها لا تدخل في ملكية هيئة الأوقاف وإنما تقع داخل الكتلة السكنية لناحية سنتريس، وهي لا تقع بالقطعة رقم 253 بحوض داير الناحية/ 9 الصادر بشأنها القرار المطعون فيه وإنما تقع بالقطعة رقم 258 الواردة في تكليف الأهالي. يؤكد ذلك أن مديرية المساحة أفادت بكتابها المؤرخ 15 من إبريل سنة 1980 بأنه يبحث القطعة الملونة باللون الأخضر باكلك (وهي القطعة محل النزاع) اتضح أنها تقع ضمن القطعة 258 حوض 9 كتلة سكن ناحية سنتريس حسب المراجع الحديثة. وأنه بالبحث بالمراجع المساحية سنة 1901 اتضح أن هذه القطعة (258) تقابلها القطعة رقم 72 بحوض 9 واردة أيضاً بتكليف الأهالي وليست من أملاك الدولة. وعلى ذلك تكون القطعة محل النزاع التي اشتراها ووضع اليد عليها لا شأن لها بالقطعة رقم 253 الصادر بشأنها القرار المطعون فيه. وأنه إذا كانت هيئة الأوقاف بمحافظة المنوفية قد أوردت بمذكرتها المؤرخة 10 من إبريل سنة 1980 الموجهة إلى إدارة قضايا الحكومة أن الأرض محل النزاع تقع بالقطعة رفقم 258 وقد أوقفها المدعو إبراهيم زهران للصرف على مسجد سيدي سالم الواقع بحوض داير الناحية 9 قطعة 253، فقد أبدى الطاعن أنه لا يوجد وقف باسم إبراهيم زهران، وأن الخطاب الموجه منه إلى هيئة الأوقاف المتضمن قيامه بوصية اثنى عشر قيراطاً للصرف على مسجد سيد سالم جاء خلواً من بيان حدود الأرض موضوع الهيئة فضلاً عن عدم إذانها في محرر رسمي مما يستتبع بطلانها. ولم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع الجوهري. وفضلاً عن ذلك فإن الهيئة لم تقدم دليلاً على أن هناك وقفاً باسم إبراهيم زهران: وقد تقدم الطاعن بشهادة سلبية من مصلحة الشهر العقاري والتوثيق بشبين الكوم ثابت بها عدم الاستدلال على وجود تسجيلات أو قيود متوقعة ضد أو لصالح إبراهيم عبد الجواد زهران وشهرته إبراهيم زهران وذلك عن أملاكه الكائن بسنتريس مركز أشمون. ومن المقرر أن الوقف لا يكون له وجود إلا إذا تم بإشهار على حاكم شرعي أو مأذون من قبله. وبافتراض جواز إثبات الوقف بالنية الشرعية فإن هذه النية تخضع لأحكام الشريعة الإسلامية؛ ومن شروطها وجوب أدائها في مجلس القضاء وأن يكون الشهود على الوقف من الأحياء المعاصرين لإنشائه، فإذا تقادم الوقف ومات شهوده فلا يثبت بالبينة إذ لا يرجع في ذلك إلى قواعد الإثبات المقررة بقانون الإثبات. وعما ورد بالحكم المطعون فيه من أن ما تضمنه أصل العقد المقدم من الطاعن من تعديل بالمداد الأسود في رقم القطعة يحمل على عدم الاطمئنان إليه فمردود بأنه إذا كان الطاعن قد أحدث هذا التعديل بعد تحرير العقد خدمة لدعواه فلم تكن ثمة مدعاة لأن يقوم الأصل إلى المحكمة من تلقاء نفسه اكتفاء بالصورة الضوئية التي لا يظهر فيها لون المداد المغاير للمداد الذي كتبت به باقي بيانات العقد. ويقوم ثاني أسباب الطعن على ما شاب الحكم من قصور ومخالفة الثابت بالأوراق وفساد الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ويتحصل ذلك في أن الثابت من الخريطة السياحية أن الحد الغربي للأرض هو دوار الناحية ومنزل وكلاهما يقع في القطعة 258 ويفصلان عين النزاع عن القطعة التي يشغلها بأكملها المسجد وحرمه، وأن الرسم الكوركي المقدم من الحكومة لا يصلح دليلاً يقوم عليه الحكم إذ هو من صفها ولم تعتمده أية جهة فنية مختصة. كما أن محضر معاينة الشرطة في 14 من إبريل سنة 1980 قد تم دون حضور مندوب المساحة أو أي مختص من قسم التعديات على أملاك الدولة. فلا يكون صحيحاً التعديل على ما جاء بالمحضر بشأن بيان الحدود خاصة وقد ثبت الاختلاف في بيان تلك الحدود بين ما ورد بكل من المحضر والرسم، فقد جاء بالمحضر أن الحد البحري "دوار" في حين أن الثابت من الرسم ومن مذكرة الهيئة أن هذا الحد هو شارع. وفضلاً عن ذلك فقد جاء بمذكرة الهيئة أن أرض النزاع تقع أمام المسجد من الناحية البحرية في حين أثبتت المعاينة أن الحد القبلي باقي حرم الجامع. وعلى ذلك وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما جاء بالرسم الكروكي ومحضر معاينة الشرطة وكانت مطابقة الحدود من غير مختص فني هو حزب من التخمين والاستنتاج غير المؤيد أو المتطوع به فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور والفساد في الاستدلال. ويتحصل ثالث أسباب الطعن فيما شاب الحكم المطعون فيه من قصور ذلك أن القرار المطعون فيه قد حدد موقع التعدي بأنه الأرض الفضاء الواقعة بحرم مسجد سيدي سالم بحوض داير الناحية 9 رقم 253. فإذ كان الطاعن على ما جاء بدفاع الهيئة المطعون ضدها لا يضع يده على شيء من القطعة 253 فإن القرار يكون قد ورد على غير المحل الصادر بشأنه، ويكون تنفيذه اعتداد مادياً غير مشروع ينحدر إلى الغصب المادي، ويكون لا أساس لما جاء بالحكم المطعون فيه من أن ذكر الحرم ورقم القطعة التي يقع بها المسجد يكفي بذاته للدلالة على قصد مصدر القرار وتحديد مضمونه.
ومن حيث إن الثابت أنه بكتاب مؤرخ 20 من يناير سنة 1963 طلب السيد/ إبراهيم زهران، من أهالي سنتريس مركز أشمون، من السيد/ وزير الأوقاف ضم مسجد سيدي سالم المقام بالقرية لوزارة الأوقاف لتقوم بالصرف عليه وصيانته. وتضمن الكتاب أن أمام المسجد من الجهة البحرية مساحة 12 قيراطاً أرض زراعية موهوبة من المسجد مساعدة للصرف عليه ومسلمة للشيخ عبد الحميد أحمد إسماعيل إمام المسجد ومأذون البلد حالياً بعد أبيه وقد قامت إدارة المساجد بوزارة الأوقاف بإجراء التحريات عن المسجد المراد ضمه للوزارة وورد بالاستمارة الخاصة بذلك، المؤرخة 10/ 3/ 1963 أن مساحة الكائن المخصص للصلاة 430 متراً، ومساحة الدورة والمصلى 200 متراً، ومساحات أخرى غيرها. وعن تحديد موقوفاته ومقدار ريعها السنوي حوالي 5 قراريط منهم عدد 2 وكان بالإيجار. وتنفيذاً للقرار الوزاري رقم 2322 في 16/ 12/ 1963 بالموافقة على ضم المسجد فقد تحرر محضر بتاريخ 22/ 1/ 1964 بتسلم المسجد. وأثبت بالمحضر أن ما تم تسلمه يتكون من أربع مساحات:
1 - المسجد.
2 - أرض فضاء بوسطها موقع الضريح.
3 - دورة المياه.
4 - عبارة عن أرض فضاء.
وبناء على شكوى منطقة الأوقاف بالمنوفية إلى السيد رئيس شرطة النعناعية بخصوص تعدي المواطن/ سعد حسن تعليب على حرم مسجد سيدي سالم المخصص لإحياء الليالي المدنية والمولد النبوي الشريف، التي قيدت برقم 1567 لسنة 1979، فقد استدعت الشرطة المشكو في حقه بتاريخ 10/ 9/ 1978. وبمواجهته بما هو منسوب إليه قرر أنه يضع يده على أرض مساحتها 1.10 قيراط استناداً إلى شرائه هذا القدر بعقد مسجل من السيد/ علي عبد العظيم تعليب، كما أكد ذلك بالمحضر المؤرخ 25/ 10/ 1978 مقرراً أن أرض الأوقاف موجودة وهي أرض فضاء بعيدة عن أرض مرفقي اعتداده على أراضي الأوقاف. وبناء على كتاب مؤرخ 22/ 10/ 1978 أفادت هيئة الأوقاف السيد/ مأمور مركز أشمون أن العقد الذي قدمه المشكو في حقه واستند إليه لنفي ما هو منسوب إليه من تعد على أراضي الأوقاف، يتعلق بمساحة 1.10 قيراط بالقطعة رقم 202 حوض نمرة 9، في حين أن التعدي المنسوب إليه هو عن أرض واقعة بالقطعة رقم 253 بذات الحوض وهذه القطعة الأخيرة ملك الأوقاف ومساحتها 6.22 قراريط تابعة لمسجد سيدي سالم. وبتاريخ 10/ 4/ 1979 موجه المشكو في حقه بما أبدته الأوقاف فقرر بأن الأرض دي ملكي وأنا واضع يدي عليها من حوالي سبع أو ثماني سنوات. وبسؤاله عند سند ملكيته أجاب بأنه العقد الذي سبق أن قدمه. وبمواجهته بأن العقد الذي استند إليه يتعلق بالقطعة رقم 202 في حين أن التعدي المنسوب إليه ليس بهذه القطعة أجاب أنا واضع يدي عليها وأنا اشتريتها والأوقاف تثبت ملكيتها لهذه القطعة إذا كانت ملكاً لها. وبتاريخ 10/ 4/ 1979 عرضت الشكوى على النيابة العامة فقررت إخلاء سبيل المتهم وللجهة الإدارية لإزالة التعدي بالطريق الإداري. وبتاريخ 7/ 2/ 1980 صدر قرار رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية رقم 7 لسنة 1980 الذي نص في المادة (1) على إزالة التعدي الواقع من سعد حسن تعليب على الأرض الفضاء الواقعة بحرم مسجد سيدي سالم بحوض داير الناحية 9 قطعة رقم 253 وذلك ببناء سور من الطوب وإنشاء طلمبة مسقى مواشي دون موافقة الهيئة. وبمناسبة تنفيذ القرار بتاريخ 14/ 4/ 1980 تحرر محضر للتنفيذ تضمن معاينة على الطبيعة للأرض الواقع عليها التعدي الذي تمت إزالته. وورد بالمحضر المشار إليه أنه القطعة محدودة من الجهة الغربية بدوار تعليب وآخرين ومن الناحية الشرقية دكاكين ملك الأوقاف مؤجرة إلى أشخاص ومن الناحية القبلية باقي المساحة ملك الجامع ومن الناحية الشمالية شارع فاصل. وقد أرفق بالمحضر رسم كروكي وضع به موقع العين محل النزاع وحدودها.
ومن حيث إن هذه المحكمة وهي تبسط رقابتها على مشروعية القرار الصادر بإزالة التعدي لا تفصل في النزاع حول الملكية ولا تتغلغل بالتالي في فحص المستندات المقدمة من الخصوم بقصد الترجيح فيما بينها بشأن إثبات الملكية الأمر الذي يختص به القضاء المدني الذي يفصل وحده في موضوع الملكية. ونجد رقابة المشروعية التي تسلطها هذه المحكمة حدها الطبيعي في التحقق من أن سند الجهة الإدارية هو سند جدي له شواهده المبررة لإصدار القرار بإزالة التعدي إدارياً.
ومن حيث إن البادي من الخريطة المساحية المقدمة من الطاعن مؤشراً بها على الموقع المنسوب تعديه عليه، ومن الرسم الكروكي المرفق بمحضر تنفيذ قرار الإزالة أن الموقع المقول بالتعدي عليه يقع في قطعة غير القطعة 202 وهو ما أكدت الجهة الإدارية في معرض دفاعها على ما ورد بالمذكرات المقدمة منها، كما بين من الخريطة المساحية أن التعدي واقع على أرض فضاء متصلة بالقطعة رقم 253 ومؤشر عليها بأنها مسجد سيدي سالم.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن السيد إبراهيم زهران كان قد ضمن طلبه ضم مسجد سيدي سالم إلى وزارة الأوقاف بتاريخ 20 من يناير سنة 1963 أن هناك أرضاً فضاء ملحقة به مخصصة لخدمته وأنها مسلمة بالفعل لهذا الغرض لإمام المسجد. وقد وافقت الجهة الإدارية بتاريخ 16/ 12/ 1963 على قبول ضم المسجد بالشروط والأوضاع التي وردت بطلب الضم. وجرى بالفعل تسلم المسجد وتوابعه وملحقاته بمحضر مؤرخ 22 من يناير سنة 1964 أثبت تسلم المسجد والأرض الفضاء التي تتبعه. واستمرت الجهة الإدارية واضعة يدها استمراراً لوضع يد السيد/ إبراهيم زهران وإمام المسجد، حتى قام الطاعن في أواخر سنة 1978 بإقامة بعض المنشآت على مساحة من الأرض الفضاء الملاصقة للمسجد والتي سبق أن تسلمتها بموجب المحضر المؤرخ 22 من يناير سنة 1964.
ومن حيث إنه وأياً ما كان من حقيقة التكييف القانوني لتصرف السيد/ إبراهيم زهران بالنسبة لقطعة الأرض الملحقة بالمسجد وعما إذا كانت إرادته قد سبقت إلى إنشاء وقف مسجد وتاريخ ذلك ومدى صحته قانوني في ضوء الأحكام التي تعاقبت على تنظيم الأوقاف ابتداء من لائحة سنة 1880 وما تلاها من لوائح وحتى صدور القانون رقم 48 لسنة 1946 بشأن الوقف وأثر تخصيص الأرض لخدمة أغراض المسجد ومنها إقامة الليالي الدينية واحتفالات المولد النبوي الشريف في مدى اكتساب هذه الأرض لوصف المسجد، أو كان تصرفه تبرعاً إلى الجهة القائمة على أمور المسجد وصيانته إسهاماً في خدمة أغراضه واستمرارها، فالثابت أن الجهة الإدارية قامت بتسلم المسجد والأرض الفضاء الملحقة به اعتباراً من 22/ 1/ 1964 وظلت يدها قائمة على هذه الأرض، استمراراً لوضع يد السيد/ إبراهيم زهران ومن بعده إمام المسجد، حتى أواخر سنة 1978. وهذا الوضع يفيد ظاهر الملكية، سواء لصالح وقف المسجد أو الملكية العامة أو الخاصة للجهة الإدارية، بالأقل، استناداً إلى أحكام التقادم المكسب التي تفيد ثبوت الملكية بتوافر قيام وضع اليد المدد المنصوص عليها، وفق الشروط والأوضاع المقررة لذلك بالقانون المدني، بمقتضى قرينة قانونية قاطعة.
وقد سبق لمحكمة النقض قضاء بأن الوقف بحكم كونه شخصاً اعتبارياً له أن ينتفع بأحكام القانون المدني في خصوص التقادم المكسب إذ ليس في هذا القانون ما يحرمه من ذلك. ولما كان التقادم المكسب هو في حكم القانون قرينة قانونية قاطعة على ثبوت الملك لصاحب اليد كان توافر هذه القرينة لمصلحة جهة الوقف دليلاً على أن العين التي تحت يدها موقوفة وقفاً صحيحاً. (نقض مدني جلسة 22/ 4/ 1984). فإذا كان ذلك وكان الطاعن في المقابل قد عجز عن تقديم ما يفيد ملكيته لأرض النزاع: فقد تمسك أمام الشرطة بمناسبة التحقيق في الشكوى رقم 1567 لسنة 1979 بأنه اشترى العين محل النزاع بمقتضى عقد مسجل صادر له من السيد/ علي عبد العظيم تعيلب عن مساحة 10 س 1 ط، إلا أنه بمواجهته بأن العقد المسجل محله القطعة رقم 202 وهي بعيدة عن القطعة محل النزاع أبدى بأنه قام بشراء عين النزاع ووضع اليد عليها منذ حوالي سبع أو ثمان سنوات وأن سند شرائه هو العقد المسجل المشار إليه. ولم يقدم الطاعن بمناسبة التحقيقات التي أجريت بشأن المحضر رقم 1567 لسنة 1979 سنداً غير العقد المسجل الخاص بالقطعة رقم 202، كما لم يبد مظاهر وضع اليد الذي يدعيه على أرض النزاع. وأنه وإن كان قد قدم إلى محكمة القضاء الإداري عقداً عرفياً مؤرخاً 19/ 10/ 1976 إلا أنه يبين من الاطلاع على هذا العقد أن البائع له حق نفس البائع بالعقد المسجل وهو السيد/ علي عبد العظيم تعيلب، وأن القدر المبيع هو ذات القدر ومساحته 10 س 1 ط في العقدين المسجل والعرفي، كما أن رقم القطعة الوارد بالعقد العرفي قد أجري عليه تعديل يلاحظ بالعين المجردة بحيز مغاير للحيز الذي كتبت به سائر بيانات المحرر. ومؤدى ذلك جميعه التشكيك في صحة انصراف المحرر العرفي إلى القطعة محل النزاع، فضلاً عن أن العقد العرفي في ذاته وبافتراض صحته لا يفيد ملكية البائع للعين محل العقد. وبالترتيب على ما سبق جميعه فإن القرار بإزالة التعدي يكون قد توافرت له أسباب قيامه صحيحاً. ولا ينال من صحته ما يدعيه الطاعن من أنه صدر بإزالة التعدي على أرض واقعة بالقطعة رقم 253، في حين أن تنفيذ القرار قد تم بصدد مساحة واردة بالقطعة رقم 258؛ ذلك أن الثابت بالقرار أنه صدر بمناسبة التعدي على الأرض الملحقة بمسجد سيدي سالم الواقعة بالقطعة رقم 253، وورود الأرض المعتدى عليها بالقطعة رقم 258 الملاصقة للمسجد ليس من شأنه أن يعيب القرار إذ أن محله محدد على سبيل التعيين وهو الأرض الملحقة بالمسجد، مما يصح معه القرار سواء وردت هذه المساحة المعتدى عليها بالقطعة رقم 253 ذاتها أو بمساحة ملاصقة لها وملحقة بالمسجد وإن وردت بقطعة أخرى هي القطعة رقم 258. فطالما كان موقع التعدي وشخص المنسوب إليه التعدي قد تحددا على وجه القطع واليقين بالقرار، فلا أساس لما يدعيه الطاعن من أن القرار قد ورد على غير المحل الذي صدر بشأنه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه يكون قد صادف صحيح حكم القانون الأمر الذي يتعين معه رفض الطعن وإلزام واقعة المصروفات إعمالاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفض الطعن وألزمت الطاعن بالمصروفات.

[(1)] راجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 381 لسنة 15 ق بجلسة 28/ 2/ 1986 في تكييف ناظر الوقف.