مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 347

(53)
جلسة 30 من نوفمبر سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد سيد أحمد حمادة ومحمد يسري زين العابدين وصلاح الدين أبو المعاطي نصير والسيد محمد السيد الطحان - المستشارين.

الطعن رقم 3381 لسنة 29 القضائية

( أ ) موظف - تسوية حالة وفقاً للقانون رقم 11 لسنة 1975 - صرف الفروق المالية - المادة (12) من القانون رقم 11 لسنة 1975 بإصدار قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام.
القرارات التي يصدرها وزير التنمية الإدارية استناداً إلى المادة (12) من القانون رقم 11 لسنة 1975 هي قرارات كاشفة للحق وليست منشئة له - يستمد العامل حقه في التسوية التي تتم بناء على تلك القرارات من أحكام القانون - أثر ذلك:
أن ترتد آثار التسوية إلى تاريخ العمل بالقانون المشار إليه - صرف الفروق المالية يكون من التاريخ الذي حدده المشرع وهو 1/ 7/ 1975 وليس من التاريخ الذي تحدده قرارات وزير التنمية الإدارية - أساس ذلك: أن نطاق هذه القرارات يقف عند حد السلطة المخولة لوزير التنمية الإدارية وهي بيان المؤهلات التي توقف منحها والمعادلة للشهادات المحددة بالجدول المرفق بالقانون رقم 83 لسنة 1973 - تطبيق.
(ب) تقادم - المرتبات والأجور وما في حكمها.
المبالغ التي تستحق قبل الحكومة في شكل ماهيات وما في حكمها تصبح حقاً مكتسباً لها إذا لم تتم المطالبة بها قضائياً وإدارياً خلال خمس سنوات من تاريخ نشوء الحق في اقتضائها - مناط تطبيق هذه القاعدة رهين بتوافر أمرين أولهما: نشوء حق مالي في ذمة الدولة نتيجة قرار تنظيمي عام أو قرار إداري فردي - ثانياً: تخلف المطالبة بهذا الحق قضائياً أو إدارياً مدة خمس سنوات من تاريخ نشوء الحق رغم علم صاحب الشأن بقيام هذا الحق علماً يقينياً أو افتراضياً - متى قام مانع استحال معه المطالبة بهذا الحق من جانب صاحب الشأن فإن ميعاد التقادم لا يبدأ إلا من تاريخ زوال هذا المانع. تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 22/ 8/ 1983 أودعت هيئة قضايا الدولة بالنيابة عن محافظ الدقهلية ووزير التربية والتعليم ووكيل الوزارة لمديرية التربية والتعليم بالدقهلية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3381 لسنة 29 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 23/ 6/ 1983 في الدعوى رقم 45 لسنة 4 القضائية المقامة من السيد/ إبراهيم الدسوقي حسين الديب، والذي قضى بأحقية المدعي في صرف الفروق المالية المترتبة على تسوية حالته وفقاً لأحكام قرار نائب رئيس الوزراء للتنمية الاجتماعية رقم 623 لسنة 1978 وذلك اعتباراً من 1/ 8/ 1975 وألزمت الإدارة المصروفات، وطلبت الطاعنة للأسباب التي استندت إليها في تقرير الطعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى واحتياطياً بسقوط المبالغ المطالب بها بالتقادم الخمسي، وفي جميع الحالات بإلزام المطعون ضده المصروفات عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع تعديل الحكم فيما قضى به من فروق، وذلك بمراعاة التقادم الخمسي قبل تاريخ رفع الدعوى في 1/ 11/ 1981 ورفضه فيما عدا ذلك وإلزام الإدارة المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة التي قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا والدائرة الثانية، فتحدد لنظره أمامها جلسة 2/ 11/ 1986 وفيها استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات وتحدد لإصدار الحكم جلسة اليوم وفيها صدر وأودعت أسبابه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن السيد/ إبراهيم الدسوقي حسين الديب أقام بتاريخ 1/ 11/ 1981 الدعوى رقم 45 لسنة 4 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة طلب فيها الحكم بأحقيته في صرف الفروق المالية المترتبة على تسوية حالته بقرار نائب رئيس الوزراء للتنمية الاجتماعية رقم 623 لسنة 1978 وذلك اعتباراً من 1/ 7/ 1975 حتى 7/ 2/ 1978 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات. وقال شرحاً لدعواه إنه حصل على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية (نظام الخمس سنوات) عام 1950 ثم عين لخدمة الحكومة، وظل يتدرج بالترقي إلى أن حصل على الدرجة الأولى اعتباراً من 31/ 12/ 1977، وقد ورد مؤهله ضمن المؤهلات الواردة بقرار نائب رئيس الوزراء للتنمية الاجتماعية رقم 623 لسنة 1978 تحت رقم 11 فقامت جهة الإدارة بتسوية حالته وفقاً لأحكام ذلك القرار إلا أنها لم تصرف الفروق المالية المترتبة على التسوية إلا اعتباراً من تاريخ صدور ذلك القرار في 7/ 2/ 1978 في حين أنه كان من المتعين صرف تلك الفروق اعتباراً من 1/ 7/ 1975، وذلك باعتبار أن القرار المذكور صدر تنفيذاً لأحكام المادة 12 من قانون الإصلاح الوظيفي رقم 11 لسنة 1975.
ورداً على الدعوى أفادت جهة الإدارة بأن وزارة المالية أصدرت الكتاب الدوري رقم 46 لسنة 1978 حددت فيه تاريخ صرف الفروق المالية المترتبة على تسوية حالات العاملين بمقتضى القرار رقم 623 لسنة 1978 وذلك اعتباراً من تاريخ صدور ذلك القرار في 7/ 2/ 1978، وأنه تنفيذاً لذلك الكتاب فقد تم صرف الفروق المالية للمدعي اعتباراً من ذلك التاريخ.
وبجلسة 23/ 6/ 1983 حكمت المحكمة بأحقية المدعي في صرف الفروق المالية المترتبة على تسوية حالته وفقاً لأحكام قرار نائب رئيس الوزراء للتنمية الاجتماعية رقم 623 لسنة 1978 وذلك اعتبار من 1/ 7/ 1975 وألزمت الإدارة المصروفات. وأسست قضاءها على أن المشرع ناط بالوزير المختص بالتنمية الإدارية إصدار القرارات اللازمة بمعادلة الشهادات والمؤهلات الدراسية التي توقف منحها بتلك الواردة بالجدول المرفق بالقانون رقم 83 لسنة 1973، ومن ثم فإن العامل الذي تم معادلة المؤهل الحاصل عليه بمقتضى القرارات الصادرة من الوزير المختص بالتنمية الإدارية يستمد حقه في التسوية من القانون رقم 11 لسنة 1975 المشار إليه مباشرة، باعتبار انه أنشأ له الحق في التسوية ولا يعدو أن يكون القرار الصادر بمعادلة تلك المؤهلات قراراً تنفيذياً وكاشفاً عن حق سبق وقررته المادة 12 من القانون رقم 11 لسنة 1975 سالف الذكر، ولما كانت المادة التاسعة من مواد إصدار القانون قد نصت على أن يعمل به اعتباراً من 31/ 12/ 1974 لذلك فإنه يكون صحيحاً ومتفقاً وأحكام القانون ما تضمنه القرار رقم 623 لسنة 1978 في مادته الرابعة من العمل بأحكامه اعتباراً من ذات التاريخ. وإعمالاً للمادة الثانية من مواد إصدار القانون رقم 11 لسنة 1975 يحق للمطعون ضده صرف الفروق المالية المترتبة على تسوية حالته وفقاً لأحكام القرار رقم 623 لسنة 1978 وذلك اعتباراً من 1/ 7/ 1975.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن العامل الذي تتم معادلة المؤهل الحاصل عليه بقرار من الوزير المختص بالتنمية الإدارية، لا تسوى حالته وفقاً لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1975 ولا يستمد حقه في التسوية من هذا القانون، وإنما تسوى حالته ويستمد حقه في التسوية من أحكام القانون رقم 83 لسنة 83، وإذ يستلزم هذا القانون لتطبيق أحكامه الحصول على المؤهل والتعيين به قبل أول يوليو لسنة 1952 والوجود في الخدمة في 22/ 7/ 1953 تاريخ العمل بقانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953، ولم يتوفر هذا الشرط في المطعون ضده، فإنه يستمد حقه في التسوية الصحيحة من القانون رقم 135 لسنة 1981 الذي بدأ العمل به من 1/ 7/ 1980، فلا يكون للمطعون ضده أي حق في المطالبة بصرف الفروق المالية من 1/ 7/ 1985، هذا بالإضافة إلى أن الحكم لم يقض بالتقادم الخمسي إعمالاً لحكم المادة 50 من القسم الثاني من اللائحة المالية للميزانية والحسابات.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن القرارات التي يصدرها وزير التنمية الإدارية استناداً إلى المادة 12 من قانون تصحيح أوضاع العاملين بالدولة تعتبر كاشفة للحق وليست منشئة، فيستمد العامل حقه في التسوية التي تتم بناء على تلك القرارات من أحكام قانون تصحيح أوضاع العاملين بالدولة فيرتد أثر هذه التسوية إلى تاريخ العمل بهذا القانون كما يصرف الفروق المالية من التاريخ الذي حدده هذا القانون وهو 1/ 7/ 1975 وليس من التاريخ الذي تحدده، هذه القرارات، إذ أن نطاقها يقف عند حد السلطة المخولة لوزير التنمية بمقتضى المادة 12 من القانون وهي بيان المؤهلات التي توقف منحها والمعادلة للشهادات المحددة بالجدول المرفق بالقانون رقم 83 لسنة 1973، على أن يعمل به اعتباراً من 31 ديسمبر سنة 1974 وهو بذلك لا يضيف جديداً إذ أنه - أياً كان الرأي في شرعيته عند صدوره - ما هو إلا تنفيذاً للمادة 12 من القانون رقم 11 لسنة 1975 وبهذه المثابة لا يعتبر منشئاً للمراكز القانونية وإنما كاشفاً لها، وبالتالي يرتد أثر التسوية المترتبة عليه إلى تاريخ العمل بالقانون رقم 11 لسنة 1975 مع صرف الفروق المستحقة بناء على التسوية اعتباراً من التاريخ الذي حدده هذا القانون وهو 1/ 7/ 1975، وهو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، ويكون الطعن على الحكم فيما يتعلق بهذا الشق غير قائم على أساس سليم من القانون يتعين رفضه.
ومن حيث إنه من المقرر أن الماهيات وما في حكمها من المبالغ التي تكون مستحقة قبل الحكومة، تصبح حقاً مكتسباً لها، إذا لم تتم المطالبة بها قضائياً أو إدارياً خلال خمس سنوات من تاريخ نشوء الحق في اقتضائها وأن مناط تطبيق حكم هذه المادة رهين بأمرين: الأول: نشوء حق مالي في ذمة الدولة نتيجة قرار تنظيمي عام أو قرار إداري فردي. الثاني: تخلف المطالبة بهذا الحق قضائياً أو إدارياً مدة خمس سنوات من تاريخ نشوء هذا الحق رغم علم صاحب الشأن بقيامه علماً حقيقاً أو افتراضياً. وعلى هذا فإن إعمال هذا الحكم لا يتأتى إلا حيث يكون الحق قد نشأ وتكامل في ذمة الدولة وحينما تكون المطالبة به أمراً ميسوراً من جهة القانون، أما إذا قام مانع قانوني تستحيل مع وجوده المطالبة قانوناً بهذا الحق من جانب صاحب الشأن، فإن ميعاد السقوط لا ينفتح إلا من التاريخ الذي يزول فيه هذا المانع، وحينئذ تصبح المطالبة أمراً ميسوراً قانوناً ويكون المتخلف عنها أو المقصر فيها بعد ذلك محلاً لإعمال حكم المادة (50) من اللائحة المالية.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على الفروق المالية محل هذه الدعوى، فإن التقادم الخمسي لا يبدأ بالنسبة لها إلا من تاريخ تسوية حق المدعي فيها اعتباراً من تاريخ نشر القرار رقم 623 لسنة 1978 والكاشف عن بيان معادلة مؤهل المدعي للمؤهلات المرفقة بالجدول المرفق للقانون رقم 83 لسنة 1973، وحيث لم ينشر هذا القرار إلا في 7/ 2/ 1978 وأقيمت الدعوى في 1/ 11/ 1981 ومن ثم فإن الدفع بتقادم الفروق المالية بالتقادم الخمسي لا يكون مستنداً إلى أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يكون الحكم المطعون عليه قد صادف صحيح القانون ويكون الطعن عليه غير مستند على أساس سليم من القانون مما يتعين معه القضاء بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.