مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 397

(60)
جلسة 9 من ديسمبر سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح السيد بسيوني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد محمود البيار وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وعطيه الله رسلان أحمد فرج - المستشارين.

الطعن رقم 3559 لسنة 31 القضائية

إدارات قانونية - أعضاؤها - تأديب - جزاء - ما يخرج من نطاق الجزاءات - التنبيه - المادتان 22 و23 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالهيئات والمؤسسات العامة والوحدات التابعة لها.
حدد المشرع الجزاءات التي يجوز توقيعها على مديري وأعضاء الإدارة القانونية - تتدرج هذه الجزاءات من الإنذار إلى العزل من الوظيفة - لا يجوز اعتبار أي قرار أياً كان الأثر المترتب عليه من قبيل الجزاءات التأديبية طالما أن المشرع لم ينص على اعتباره كذلك - لا وجه للأخذ بفكرة الجزاء المقنع - أساس ذلك - أن العبرة بالجزاءات التي حددها المشرع على سبيل الحصر - عدم الأخذ بفكرة الجزاء المقنع مؤداه عدم اعتبار النقل سواء المكاني أو النوعي وكذلك الندب أو أي قرار آخر أياً ما كانت الظروف التي لابست اتخاذه من قبيل الجزاء التأديبي - نتيجة ذلك: لا يجوز اعتبار التنبيه من الجزاءات التأديبية - التكييف الصحيح للتنبيه أنه نوع من إبداء الملاحظات من جانب مصدره بما له من سلطة الإشراف والمتابعة - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 14/ 8/ 1985 أودعت إدارة قضايا الحكومة الطعن نيابة عن المفوض على الشركة المصرية لمصايد أعالي البحار تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر في 15/ 6/ 1985 من المحكمة التأديبية بالإسكندرية في الطعن رقم 99 لسنة 77 ق المقام من السيد/..... ضد المفوض على الشركة المذكورة والذي قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الطعن وباختصاصها وبقبول الطعن شكلاً وبإلغاء القرار الصادر في 26/ 12/ 74 بالتنبيه على الطاعن ورفض ما عدا ذلك من طلبات. وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى واحتياطياً برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين. وقد تم إعلان الطعن للمطعون ضده في 1/ 9/ 1985.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني في الطعن انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبوله شكلاً، وفي الموضوع برفضه.
ونظر الطعن بجلسات دائرة فحص الطعون (الدائرة الثالثة) على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 5/ 3/ 1986 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 11/ 3/ 1985، وقد تدوول الطعن بجلسات المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 28/ 10/ 1986 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 18/ 11/ 1986 وبهذه الجلسة تقرر من أجل النطق بالحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إنه بمراعاة أن الطعن قد أقيم في الميعاد القانوني وأنه قد استوفى أوضاعه الشكلية، لذلك فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن السيد/..... كان قد أقام الطعن رقم 99 لسنة 27 ق أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية ضد المفوض على الشركة المصرية لمصايد أعالي البحار طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر من المفوض على الشركة بالتنبيه عليه مع ما يترتب على ذلك من آثار. وشرحاً لطعنه قال إن أحد العاملين طلب إخلاء طرفه فأحيل الموضوع إلى أحد العاملين بالإدارة القانونية لإبداء الرأي نظراً لأن العامل كان مديناً للشركة ببعض المبالغ، فانتهى الرأي إلى جواز ذلك على أن ترفع الدعوى ضده لمطالبته بما عليه، وقد وافق الطاعن على ذلك، وقد رؤى أخذ رأي المستشار القانوني للشركة فأفتى بعكس ذلك، فما كان من المفوض على الشركة إلا أن أصدر قرار بالتنبيه على المطعون ضده وأعضاء الإدارة القانونية بمراعاة الدقة مستقبلاً، تظلم من ذلك إلا أنه لم يتلق رداً ما فأقام طعنه طالباً إلغاء هذا القرار لمخالفته للقانون ولقيامه على غير سبب يبرر اتخاذه. وقد دفعت الشركة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطعن. وطلبت احتياطياً الحكم برفضه.
وبجلسة 15/ 6/ 1985 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الطعن وباختصاصها، وبقبول الطعن شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه. وأقامت قضاءها على أنه ولئن كانت المادة 22 من القانون رقم 47 لسنة 1973 في تعدادها للجزاءات التي يجوز توقيعها على مديري وأعضاء الإدارة القانونية لم تورد جزاء التنبيه، إلا أن المشرع قد رأى إسناد الاختصاص بتوقع هذا الجزاء إلى رئيس مجلس الإدارة، ونظم إجراءات التظلم من توقيع هذا الجزاء في المادة 23 من القانون الأمر الذي يقطع باعتباره عقوبة تأديبية، واستناداً إلى ذلك فقد رفضت المحكمة الدفع بعدم اختصاصها، وذهبت إلى أنه نظراً لأنه لم يثبت أي إهمال في إبداء الرأي في المسألة المتعلقة بالعامل الذي كان يطلب إخلاء طرفه وأن كل ما حدث هو خلاف في الرأي في مسألة تحتمل تعدد الآراء، فمن ذلك يتضح عدم قيام القرار على سبب يبرر اتخاذه وبالتالي انتهت إلى الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن مبنى طعن الشركة على الحكم المشار إليه يتحصل في أن المحكمة قد أخطأت حين قضت باختصاصها بنظر الطعن، ذلك لأن التنبيه لا يعتبر جزاء تأديبياً ومن ثم لا تختص به وإنما المشرع قد رسم طريق التظلم إلى اللجنة المشكلة بقرار من الوزير المختص والتي يعتبر قرارها نهائياً.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها قد نص في المادة 22 منه على أن:
1 - العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على شاغلي الوظائف الفنية الخاضعة لهذا التظلم من درجة مدير عام ومدير إدارة قانونية هي:
(1) الإنذار.
(2) اللوم.
(3) العزل.
أما شاغلو الوظائف الأخرى فيجوز أن توقع عليهم العقوبات الآتية:
(1) الإنذار.
(2) الخصم من المرتب لمدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً في السنة الواحدة بحيث لا تزيد مدة العقوبة في المرة الواحدة على خمسة أيام.
(3) تأجيل موعد العلاوة الدورية لمدة لا تجاوز ثلاثة شهور.
(4) الحرمان من العلاوة الدورية المستحقة عن سنتين على الأكثر.
(5) الحرمان من الترقية لمدة لا تجاوز سنتين.
(6) العزل من الوظيفة.
ونص في المادة 23 منه على أنه "لا يجوز توقيع أية عقوبة على شاغلي وظائف مدير عام ومدير إدارة قانونية إلا بحكم تأديبي.
وفيما عدا عقوبتي الإنذار أو الخصم من المرتب، لا يجوز توقيع أية عقوبة أخرى على شاغلي الوظائف الأخرى إلا بحكم تأديبي.
ومع ذلك يجوز في جميع الأحول لرئيس مجلس الإدارة المختص التنبيه كتابة على مديري وأعضاء الإدارات القانونية، كما يجوز لمدير الإدارة القانونية المختص التنبيه على أعضاء الإدارة بمراعاة حسن أداء واجباتهم.
ويبلغ التنبيه الكتابي إلى الإدارة القانونية بالمؤسسة العامة أو الهيئة العامة وإلى التفتيش الفني، ويجوز التظلم من القرار الصادر بالتنبيه إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة 7 من هذا القانون، ويكون قرار اللجنة بالفصل في التظلم نهائياً.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المشرع قد حدد على سبيل الحصر في المادة 22 من هذا القانون الجزاءات التي يجوز توقيعها على مديري وأعضاء الإدارة القانونية وهذه العقوبات تتدرج من الإنذار إلى العزل من الوظيفة، وقد جاء في تحديده لهذه العقوبات قاطع الدلالة بما لا يدع مجالاً للاجتهاد في تكييف أي قرار أياً ما كان الأثر القانوني الذي يترتب عليه من قبيل العقوبة التأديبية من عدمه. وقد استقر قضاء هذه المحكمة على عدم جواز اعتبار أي قرار أياً كان الأثر الذي يترتب عليه من قبيل الجزاءات التأديبية ما دام أن المشرع لم ينص على اعتباره كذلك. وبالتالي فقد انتهت هذه المحكمة إلى عدم اعتبار النقل سواء المكاني أو النوعي وكذلك الندب أو أي قرار آخر أياً ما كانت الظروف التي لابست اتخاذه من قبيل الجزاء التأديبي ورفض الأخذ بفكرة الجزاء المقنع وأقامت قضاءها على أصل مؤداه أن العقوبات التأديبية إن هي إلا تلك التي حددها المشرع حصراً.
وعلى هذا الوجه، وإذ كان التنبيه لم يرد ضمن العقوبات التي حددها القانون رقم 47 لسنة 1973 على سبيل الحصر في المادة 22 منه، لذلك فإنه لا يجوز اعتباره من قبيل العقوبة التأديبية.
هذا وإذا كانت المادة 23 من القانون سالف الذكر قد أجازت لرئيس مجلس الإدارة التنبيه على مديري وأعضاء الإدارات القانونية، وأجازت لمدير الإدارة القانونية التنبيه على أعضائها بمراعاة حسن أداء واجباتهم، وأجازت كذلك لمن وجه إليه التنبيه التظلم منه إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة السابقة، فإن هذا ليس من شأنه اعتبار التنبيه من قبيل الجزاءات التأديبية إذ لو شاء المشرع اعتباره كذلك لنص على ذلك صراحة في تعداده للعقوبات التأديبية، واتخاذ مثل هذا القرار ممن له سلطة اتخاذه وتوجيهه إلى الإدارة القانونية في مجموعها حيث يملك رئيس مجلس الإدارة ذلك أو توجيهه إلى فرد بذاته، لا يعدو أن يكون من قبيل إبداء الملاحظات من جانب مصدره بما له من سلطة الإشراف والمتابعة دون سبق إجراء التحقيق قبل اتخاذه؛ ولو قصد المشرع إلى اعتبار التنبيه عقوبة لما أجاز لمن لا يملك أصلاً توقيع أي جزاء وهو مدير الإدارة القانونية سلطة توقيعه.
ومن حيث إنه لما تقدم، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار التنبيه عقوبة تأديبية لذلك فإنه والحالة هذه يكون قد جاء مخالفاً للقانون.
وإذ كان اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الطعون منوطاً بوجود الجزاء التأديبي، لذلك فإن المحكمة التأديبية تكون غير مختصة بنظر هذا الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص المحكمة التأديبية بالإسكندرية بنظر الطعن رقم 99 لسنة 27 ق المقام من المطعون ضده.