مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 407

(62)
جلسة 13 من ديسمبر سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عادل عبد العزيز بسيوني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة علي فؤاد الخادم والدكتور محمد جودت الملط وصلاح عبد الفتاح سلامة وجمال السيد دحروج - المستشارين.

الطعن رقم 642 لسنة 30 القضائية

الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة وبالهيئات العامة - أعضاؤها - تأديبهم.
القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها.
حظر المشرع توقيع أي جزاء على مدير عام ومدير الإدارة القانونية إلا بحكم تأديبي - حظر توقيع أي عقوبة خلاف الإنذار أو الخصم من المرتب على الأعضاء الآخرين إلا بحكم تأديبي - لا يجوز أن تقام الدعوى التأديبية ضد الأعضاء إلا بناء على طلب الوزير المختص وبناء على تحقيق تتولاه إدارة التفتيش الفني بوزارة العدل - لم يشترط المشرع عند توقيع عقوبة الإنذار أو الخصم من المرتب على أعضاء الإدارة القانونية من غير المدير العام ومدير الإدارة القانونية أن يكون ذلك بناء على تحقيق يجريه التفتيش الفني بوزارة العدل - مؤدى ذلك: أنه يكفي الأخذ بالأصول العامة في التحقيق والتأديب - أساس ذلك أن اللائحة الخاصة بالتحقيق والتأديب لمديري الإدارات القانونية وأعضائها لم تصدر بعد - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق الثاني من يناير سنة 1984 أودع الأستاذ/ عبد القادر ياقوت المحامي الوكيل عن السيد/..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرر طعن قيد بجدولها تحت رقم 642 لسنة 30 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 6 من نوفمبر سنة 1983 في الدعوى رقم 284 لسنة 24 القضائية المقامة من السيد/...... ضد السادة/ محافظ الإسكندرية، وزير العدل، وزير المواصلات، رئيس مجلس إدارة هيئة البريد، ورئيس النيابة الإدارية بالإسكندرية، مدير عام مناطق بريد غرب الدلتا بالإسكندرية، والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً بشقيها. وطلب الطاعن، للأسباب المبينة بتقرير الطعن، الحكم بإلغاء الجزاء المطعون عليه وتعويضه عما أصابه من ضرر مادي وأدبي وما يترتب على ذلك من آثار.
وقدم السيد/ مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 11 يونيو سنة 1986، وبجلسة الثاني من يوليو سنة 1986 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة - وحددت لنظره أمامها جلسة أول نوفمبر سنة 1986 وبتلك الجلسة استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن ثم قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يخلص من الأوراق، في أن السيد/....... أقام الدعوى رقم 284 لسنة 24 القضائية ضد السادة/ محافظ الإسكندرية، وزير العدل، وزير المواصلات، رئيس مجلس إدارة هيئة البريد، رئيس النيابة الإدارية بالإسكندرية، مدير عام مناطق بريد غرب الدلتا بالإسكندرية، بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة التأديبية بالإسكندرية بتاريخ 4 من سبتمبر سنة 1982، طلب في ختامها الحكم بإلغاء القرار الصادر بمجازاته بخصم ثلاثة أيام من راتبه، والحكم على المدعى عليه الرابع، والسادس بالتعويض لما أصابه من ضرر مادي وأدبي جسيم مع إلزام هيئة البريد بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وما يترتب على ذلك من آثار. وقال المدعي شرحاً لدعواه إن المدعى عليه الرابع أصدر القرار رقم 872 بتاريخ 12 من يونيو سنة 1982 بمجازاته بخصم ثلاثة أيام من مرتبه وقد استلم المدعي هذا القرار في 16 من يونيو سنة 1982 وتظلم منه للمدعى عليه الرابع بخطاب سجل بعلم الوصول رقم 722 في 3 من أغسطس سنة 1982، وأضاف المدعي أنه في 11 من يونيو سنة 1981 أقام الدعوى رقم 1125 لسنة 35 القضائية ضد هيئة البريد طالباً تعويضه عما أصابه من ضرر مادي وأدبي جسيم نتيجة اضطهاده من المدعى عليه السادس الذي تسبب في فقد بصره، وأنه بسبب هذه الدعوى قرر السيد/ رئيس التفتيش الفني على أعضاء الإدارات القانونية بوزارة العدل أنه يمتنع على الهيئة أن تبدي بالرأي حتى يقول القضاء كلمته إلا أن الهيئة المدعى عليها تجاهلت ذلك وحولت جميع الطلبات التي تقدم بها المدعي ضد المدعى عليه السادس - وهي موضوع دعواه أمام القضاء الإداري - إلى النيابة الإدارية بالإسكندرية في 5 من ديسمبر سنة 1981 للتحقيق فيها قبل الفصل فيها بمعرفة القضاء. وبجلسة 6 من نوفمبر سنة 1983 قضت المحكمة التأديبية بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً بشقيها، وشيدت المحكمة قضاءها على ما تبين من مطالعة أوراق الدعوى ومستنداتها وملف قضية النيابة الإدارية بالإسكندرية رقم 6 لسنة 1982 (هيئات) أن المدعي تقدم بالعديد من الشكاوى إلى الهيئة المدعى عليها وإلى جهات أخرى عديدة نسب فيها إلى السيد/ مدير عام بريد الإسكندرية اضطهاده له ودفعه إلى أن يقدم استقالته من العمل كي يحل شخص آخر بدلاً منه في وظيفته، ومحاولته التأثير على اللجنة الطبية كي تصدر قراراً في غير صالح المدعي، وأن المدير العام المذكور نهره حين صادفه أمام دورة المياه بالدور الحادي عشر بمبنى البريد وأنه شهر به أمام زملائه من أعضاء الإدارة القانونية بالقاهرة، كما يرفض منحه أية إجازات ولم يصرف له مكافأة التوفير المستحقة له وسعى لإبعاده عن العمل بالإدارة القانونية، وأضافت المحكمة أن التحقيق قد تناول جميع الوقائع التي نسبها المدعي إلى السيد/ مدير عام بريد الإسكندرية ولم يقدم المدعي أي دليل يثبت صحة الوقائع الواردة في الشكاوى المقدمة منه، وبهذه المثابة لا تعدو هذه الوقائع أن تكون أقوالاً مرسلة عادية عن أي دليل، وفي ذات الوقت فلو ثبت صحة هذه الوقائع لنالت من سمعة ومسلك من قدمت ضدهم هذه الشكاوى ولا توجب مؤاخذتهم تأديبياً ونصت المحكمة قائلة ومما لا شك فيه أن هذا المسلك من جانب المدعي - أخذاً في الاعتبار أنه عضو بالإدارة القانونية - يعد خروجاً على مقتضى الواجب الوظيفي، ذلك أن حق الشكوى ولئن كان من الحقوق التي كفلها الدستور والقانون إلا أنه لا يجوز أن يتخذ سبيلاً للتشهير والتطاول على الرؤساء في العمل أو لاتهامهم باتهامات غير حقيقية، وبناء على ما تقدم يكون قرار الجزاء المطعون عليه قائماً على أسبابه المبررة له، ويكون الطعن عليه على غير سند سليم من القانون، وأضافت المحكمة أما عن طلب المدعي التعويض عن الأضرار التي أصابته بسب قرار الجزاء المشار إليه فإن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات التي تصدرها هو ثبوت خطأ هذه القرارات وأن يترتب عليها ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر، لما كان ذلك، وكان قرار الجزاء المطلوب التعويض عنه سليماً فمن ثم لا تسال عنه الهيئة المدعى عليها مهما بلغ الضرر الذي يرتب عليه لانتفاء ركن الخطأ.
ومن حيث إن حاصل أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، إذ لم يشر الحكم إلى الوقائع التي اعترفت بها الإدارة، ولم يشر إلى إحالة الطاعن إلى التحقيق بمعرفة النيابة الإدارية وهي جهة مختصة، فالمختص بالتحقيق مع الطاعن في المخالفات الفنية والإدارية المنسوبة إليه هي اللجنة المنصوص عليها في المادة 21 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد صادف صواب القانون والواقع فيما انتهى إليه من رفض دعوى الطاعن للأسباب السائغة التي قام عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة واطمأنت إليها في مقام الرد على أوجه الطعن أنه لا حجة فيما ذهب إليه الطاعن من عدم اختصاص النيابة الإدارية بالتحقيق منه، وإن اللجنة المنصوص عليها في المادة 21 من القانون رقم 47 لسنة 1973 هي وحدها المختصة بالتحقيق مع أعضاء الإدارات القانونية بالهيئات والمؤسسات العامة والوحدات التابعة لها - شأن الطاعن - لا حجة في هذا القول ذلك أن المادة 21 من القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه تنص على أنه تنظم الأحكام الخاصة بالتحقيق وبالنظام التأديبي لمديري الإدارات القانونية وأعضائها، وبإجراءات ومواعيد التظلم مما قد يوقع عليهم من جزاءات لائحة يصدرها وزير العدل بعد موافقة اللجنة المنصوص عليها في المادة 7 من هذا القانون ويجوز أن تتعين هذه اللائحة بياناً بالمخالفة الفنية والإدارية التي تقع من مديري الإدارات القانونية وأعضائها، والجزاءات المقررة لكل منها والسلطة المختصة بتوقيعها ولا يجوز أن تقام الدعوى التأديبية إلا بناء على طلب الوزير المختص ولا تقام هذه الدعوى في جميع الأحوال إلا بناء على تحقيق يتولاه أحد أعضاء التفتيش الفني.
وتنص المادة (22) منه على أن العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على شاغلي الوظائف الفنية الخاضعة لهذا النظام من درجة مدير عام ومدير إدارة قانونية هي:
1 - الإنذار.
2 - اللوم.
3 - العزل.
أما شاغلوا الوظائف الأخرى فيجوز أن توقع عليهم العقوبات الآتية:
1 - الإنذار.
2 - الخصم من المرتب لمدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً في السنة الواحدة بحيث لا تزيد مدة العقوبة في المرة الواحدة على خمسة أيام.
3 - تأجيل مواعيد العلاوة الدورية لمدة لا تجاوز ثلاثة شهور.
4 - الحرمان من العلاوة الدورية المستحقة عن سنتين على الأكثر.
5 - الحرمان من الترقية لمدة لا تجاوز سنتين.
6 - العزل من الوظيفة.
وتنص المادة (23) من القانون على أنه لا يجوز توقيع أية عقوبة على شاغلي وظائف مدير عام ومدير إدارة قانونية إلا بحكم تأديبي.
وفيما عدا عقوبتي الإنذار والخصم من المرتب لا يجوز توقيع أية عقوبة أخرى على شاغلي الوظائف الأخرى إلا بحكم تأديبي.
ومع ذلك يجوز في جميع الأحوال لرئيس مجلس الإدارة المختص التنبيه كتابة على مديري وأعضاء الإدارات القانونية - كما يجوز لمدير الإدارة القانونية المختص التنبيه كفاية على أعضاء الإدارة بمراعاة حسن أداء واجباتهم.
هذا ولم تصدر بعد اللائحة الخاصة بالتحقيق وبالنظام التأديبي لمديري الإدارات القانونية وأعضائها والمستفاد من هذه النصوص أن المشرع قد حظر توقيع أي جزاء على مدير عام الإدارة ومدير الإدارة القانونية إلا بحكم تأديبي، كما حظر توقيع أي عقوبة خلاف الإنذار أو الخصم من المرتب على الأعضاء الآخرين إلا بحكم تأديبي - وفي هذه الحالة لا يجوز أن تقام الدعوى التأديبية ضد الأعضاء إلا بناء على طلب الوزير المختص وبناء على تحقيق تتولاه إدارة التفتيش الفني بوزارة العدل.
أما توقيع عقوبة الإنذار أو الخصم من المرتب على الأعضاء من غير المدير العام ومدير الإدارة القانونية فلم يشترط القانون على الجهة الإدارية عند إنزال هاتين العقوبتين أن يكون ذلك بناء على تحقيق يقوم به التفتيش الفني بوزارة العدل - ومن ثم فإنه يكفي في هذا الشأن - الأخذ بالأصول العامة في التحقيق والتأديب حيث لم تصدر بعد اللائحة الخاصة بالتحقيق والتأديب لمديري الإدارات القانونية وأعضائها فلما ما سلف بيانه - يكون توقيع هاتين العقوبتين بناء على تحقيق تجريه النيابة الإدارية - شأن القرار محل الطعن الماثل.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم يكون الطعن على الحكم المشار إليه غير قائم على أساس سليم من القانون مما يتعين رفضه.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.