مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 413

(63)
جلسة 13 من ديسمبر سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي وحسن حسنين علي وفاروق عبد الرحيم غنيم والدكتور محمود صفوت عثمان - المستشارين.

الطعن رقم 676 لسنة 30 القضائية

أ ) اختصاص - ما يدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.
المادة (8) من القانون رقم 222 لسنة 1955 بفرض مقابل التحسين - لجنة الطعن المنصوص على تشكيليها بالمادة (8) تتكون من ستة أعضاء من بينهم عضو قضائي واحد - أغلبية أعضاء هذه اللجنة من العناصر الإدارية التي تفتقر إلى خبرة القضاة وما يحيطهم به القانون من ضمانات الاستقلال والحيدة - أثر ذلك: اعتبار لجنة الطعن في تقدير مقابل التحسين لجنة إدارة ذات اختصاص قضائي وليست جهة قضائية مؤدى ذلك: اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالطعن في القرارات الصادرة من تلك اللجنة - أساس ذلك: نص المادة العاشرة "بند ثامناً" من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة - لا وجه للحجاج بالحكم الصادر من المحكمة العليا في الدعوى رقم 2 لسنة 6 تنازع بجلسة 3/ 6/ 1976 فيما تضمنه من اختصاص تلك اللجنة بنظر الطعن في قرارات لجنة تقدير مقابل التحسين - أساس ذلك: أن الحكم المشار إليه لم يعتبر تلك اللجنة جهة قضاء وإنما اعتبرها هيئة ذات اختصاص قضائي فضلاً عن أن الحكم الصادر من المحكمة العليا في هذا الشأن لا يجوز حجية في غير النزاع الذي صدر فيه ولا يعتبر مبدأ ملزماً لجميع جهات القضاء - تطبيق.
ب) نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة - التعويض عنه - الفرق بين التعويض ومقابل التحسين.
المادتان 11، 12 من القانون رقم 222 لسنة 1955 بفرض مقابل الم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين.
يختلف مقابل التحسين عن التعويض المستحق عن العقار المنزوع ملكيته - يستحق مقابل التحسين على العقارات التي يطرأ عليها تحسين بسبب أعمال المنفعة العامة سواء نزعت ملكيتها أم بقيت على ملك أصحابها - مقابل التحسين لا يعتبر من العناصر التي تراعى في تقدير التعويض المستحق عن العقار المنزوعة ملكيته - أثر ذلك: يقدر التعويض دون مراعاة مقابل التحسين المفروض على العقار - يظل هذا المقابل التزاماً في ذمة المالك حتى يتم الوفاء به - تطبيق.
جـ) دعوى - الحكم الصادر في الدعوى حجيته - أثرها. المحكمة المدنية وهي بصدد تقدير التعويض عن نزع ملكية عقار للمنفعة العامة لا اختصاص لها بمقابل التحسين - أثر ذلك: الحكم الصادر في التعويض لا يجوز حجية فيما ورد به بخصوص مقابل التحسين - أساس ذلك: أن الحجية لا تثبت إلا للحكم الصادر من الجهة صاحبة الولاية بإصداره - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 7/ 1/ 1984 أودعت إدارة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة) بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام برقم 676 لسنة 30 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 8/ 11/ 1983 في الدعوى رقم 986 لسنة 29 ق القاضي برفض الدفع بعدم الاختصاص بنظر الدعوى وباختصاصها وبقولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وطلب الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً. وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17/ 3/ 1986 وتداول نظره بالجلسات التالية على نحو ما هو ثابت بالمحاضر حتى قررت بجلسة 7/ 7/ 1986 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 11/ 10/ 1986. وفيها نظر الطعن وقررت المحكمة التأجيل لجلسة 8/ 11/ 1986 لتقدم الجهة الإدارية خريطة مساحية تبين موقع قطعة الأرض محل النزاع (القطعة رقم 42) بالنسبة لخط التنظيم المعدل وبيان تاريخ إتمام المشروع الذي تم التحسين بناء عليه والقرار المحدد لاعتبار المنطقة من مناطق التحسين وقرار المحافظ بفرض مقابل التحسين وتحديده. وتداول نظر الطعن أمام المحكمة وفقاً لما هو ثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 22/ 11/ 1986 أودع الحاضر عن الجهة الإدارية حافظة مستندات وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 13/ 12/ 1986 مع التصريح بتقديم مذاكرات خلال أسبوع. وفي 27/ 11/ 1986 أودع الحاضر عن المطعون ضدهم مذكرة بدفاعهم، وفي جلسة 13/ 12/ 1986 المحددة للنطق بالحكم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص على ما يبين من الأوراق في أن المطعون ضدهم كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 986 لسنة 29 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالبين الحكم بإلغاء القرار الصادر بتاريخ 29/ 3/ 1975 من لجنة التحسين بمحكمة القاهرة إلا رقم 37 لسنة 1971 تحسين القاهرة وما يترتب على ذلك من آثار، وبينوا أن مراقبة نزع الملكية بمحافظة القاهرة نزعت مساحة مملوكة لهم لمشروع توسيع مركز رعاية شباب شمال القاهرة الصادر عنه قرار المنفعة العامة رقما 1099، 1412 لسنة 1960، وهذه هي القطعة رقم 42 ومساحتها 2276.5 متراً مربعاً بحوض المطلب رقم 8 بناحية منية السيرج بقسم الساحل، وقدرت الجهة نازعة الملكية 1.250 جنيه ثمناً للمتر. فاعترض المدعون (المطعون ضدهم) على هذا التقدير وأقاموا معارضة أمام لجنة الفصل في المنازعات (لجنة المنافع العامة)، وأصدرت اللجنة قراراها بتعديل ثمن المتر إلى 200 قرش. فطعنوا على هذا القرار بدوره بالطعن رقم 2886 لسنة 1971 مدني كلي جنوب القاهرة وقدم في الطعن عدة تقارير خبرة خلصت منها المحكمة إلى إصدار حكمها بجلسة 8/ 4/ 1972 القاضي بتعديل قرار لجنة المنافع العامة رقم 90 لسنة 1964 وذلك بجعل السعر الصافي للمتر 6.170. إلا أنهم فوجئوا بقرار صادر من محافظ القاهرة بفرض مقابل تحسين على قطعة الأرض المذكورة قدره 5901.786 جنيه طبقاً للمادة السادسة من القانون رقم 222 لسنة 1955 وذلك باعتبار أن ثمن المتر قبل التحسين هو 1.250 وقيمته بعد التحسين 6.170 جنيه وإزاء هذا القرار المحجف بحقوقهم فقد أقاموا الطعن رقم 37 لسنة 1971 تحسين القاهرة مؤسسين إياه على أنه لا يستحق أي مقابل تحسين على الأرض المنزوع ملكيتها، هذا بالإضافة إلى أنه إذا كانت المحكمة عند تحديد تعويض نزع الملكية قد أخذت في حسابها عند التقدير أن تخصم مقابل التحسين على المالك. وحددت قيمة التعويض المستحق باعتباره الصافي بعد خصم هذا المقابل فإنه يتحتم احترام الحكم الصادر في هذا الشأن وذلك نزولاً على قوة الشيء المقضى به. إلا أن لجنة التحسين أصدرت قرارها المطعون فيه بجلسة 29/ 3/ 1975 برفض الطعن وتأييد القرار المطعون فيه ونعى المدعون (المطعون ضدهم) على هذا القرار مخالفة القانون لصدوره من جهة غير مختصة ولمساسه بحجية حكم نهائي صادر في ذات الموضوع، فضلاً عن عدم صدور أي قرار وزاري بتحسين الأرض المنزوع ملكيتها، ورداً على الدعوى فقد دفعت الجهة الإدارية بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى تأسيساً على أن القرار المطعون فيه ليس قراراً إدارياً بل هو قرار قضائي صادر من اللجنة المنصوص عليها في المادة الثامنة من القانون رقم 222 لسنة 1955. وبتاريخ 8/ 11/ 1983 صدر حكم المحكمة الذي قضى برفض الدفع بعدم الاختصاص بنظر الدعوى وباختصاصها وبقولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلزام الجهة الإدارية المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها فيما يتعلق بالاختصاص بنظر الموضوع على أن اللجنة مصدرة القرار مشكلة برئاسة رئيس المحكمة الابتدائية وعضوية خمسة أعضاء إداريين، وهي لذلك لا تعتبر جهة قضاء وإنما هي لجنة إدارية ذات اختصاص قضائي، وبهذه الصفة يختص مجلس الدولة بنظر الطعن في قراراتها طبقاً لنص البند ثانياً من المادة 10 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة. وعن موضوع الدعوى فقد قالت المحكمة إن المدعين (المطعون ضدهم) استندوا في دعواهم إلى أنه لم يصدر قرار وزاري بتحسين قطعة الأرض التي نزعت ملكيتها سواء بإنشاء طريق أو بإقامة كباري أو ما شابه ذلك من المرافق التي يتقرر فرض مقابل تحسين من أجلها. ولم تنكر الجهة الإدارية على المدعين (المطعون ضدهم) دفاعهم ولم تجحده بأي دليل رغم تكليفها بتقديم هذه الأدلة على مدى عشرين جلسة، فلا مناص من أن تنزل المحكمة على ما ورد بعريضة الدعوى فيما تضمنته من أن قراراً لم يصدر بتحسين قطعة الأرض التي كانت مملوكة لمورث المدعين ونزعت ملكيها منهم الأمر الذي يفتقر معه القرار المطعون فيه إلى صحيح سنده، ومن ثم يكون قائماً على غير أساس من الواقع أو القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون فضلاً عما شابه من تناقض وقصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون وتأويله، فقد سبق أن قضت المحكمة العليا في الدعوى رقم 2 لسنة 6 تنازع الصادر فيها الحكم بجلسة 3/ 6/ 1976 بأن اللجنة المنصوص عليها في المادة الثامنة من القانون رقم 222 لسنة 1955 هي هيئة ذات اختصاص قضائي لها ولاية الفصل في الطعون في قرارات لجان تقدير مقابل التحسين، لا سيما وأن رئاستها معقودة لرئيس المحكمة الابتدائية، كما تتوافر أمامها ضمانات التقاضي وإجراءاته من إعلان ذوي الشأن وسماع دفاعهم وعدم اشتراك من تكون له أو لذويه مصلحة في النزاع، فضلاً عن اشتراط تسبيب قراراتها. واستطرد الطاعنون إلى القول أن منطق القانون ينافي اعتبار لجان الطعن لجاناً إدارية وإلا فإن عملها يكون تكراراً لعمل لجان التقدير وازدواجاً لا طائل من ورائه، وكل ذلك يؤكد أن اختصاص لجان الطعن هذه إنما ينصب على حسم الخصومة حول تقدير مقابل التحسين، لا إصدار قرار إداري جديد بإعادة تقديره. وإذ أسبغ الحكم المطعون فيه الصفة الإدارية على القرار المطعون فيه وحول محاكم مجلس الدولة ولاية إلغائه فقد خالف القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر المنازعة. وأضاف الطاعنون أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الجهة الإدارية لم تنكر على المدعين (المطعون ضدهم) ادعاءهم بعدم صدور قرار من الجهة المختصة بتحسين قطعة الأرض الني نزعت ملكيتها، يهدمه من أساسه ما قدمه المدعون من أوراق وما قالوا به من أن أرض النزاع قد نالها التحسين، وأية ذلك ما تداولته اللجان المختلفة والقرارات الإدارية والأحكام القضائية وتقارير الخبراء المقدمة في الطعون التي تقطع جميعها بما لا يدع مجال للشك بأن الأرض خضعت للتحسين. والحكم إذ يذهب هذا المذهب بحجة عدم تقديم جهة الإدارة ملف دعوى التعويض عن نزع الملكية وملف الاعتراض المنضم له وكذلك ملف لجنة التحسين بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية، فقد فاته أنه ليس منارة تقديم ملفات الدعاوى والطعون القضائية، وإنما كان حرياً بالمحكمة أن تكلف قلم الكتاب بضمها، أو أن تكلف المدعيين وهم الذين يحملون أساساً عبء الإثبات طبقاً للقواعد العامة بتقديم صور طبق الأصل منها، أما ولم تفعل وإقراراً يخرج تنفيذه بطبيعته عن اختصاصها بل وعن حدود استطاعتها فقد ران على حكمها القصور في التسبيب، الأمر الذي يتعين معه إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجري على أن لجنة الطعن المنصوص على تشكيلها بالمادة 8 من القانون رقم 222 لسنة 1955 بفرض مقابل التحسين إنما تتكون من ستة أعضاء بينهم عضو قضائي واحد، وأغلبية أعضائها من العناصر الإدارية التي تفتقر إلى خبرة القضاء وقدرتهم وما يحيطهم به القانون من ضمانات التجرد والحيدة، لذلك فلا تعتبر جهة قضاء وإنما هي لجنة إدارية خولها القانون اختصاصاً قضائياً يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالطعن في قراراتها طبقاً للبند ثامناً من المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة. كما أنه لا يغير من ذلك كما قال الحكم المطعون فيه بحق، الاحتجاج بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 2 لسنة 6 تنازع الذي اعتبر لجنة الطعن المنصوص عليها بالمادة الثامنة من القانون رقم 222 لسنة 1955 المشار إليه جهة مختصة بنظر الطعن في قرارات لجنة تقدير مقابل التحسين، ذلك لأن هذا الحكم لا يعتبر مبدأ ملزماً لجميع جهات القضاء، ولا يجوز حجية في غير النزاع الذي صدر فيه، هذا فضلاً عن أن هذا الحكم لم يعتبر هذه اللجنة جهة قضاء وإنما اعتبرها هيئة ذات اختصاص قضائي في مفهوم الفقرة الرابعة من المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا، وبناء على ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد صادف صحيح حكم القانون إذ رفض الدفع بعدم الاختصاص بنظر الدعوى وانتهى إلى اختصاص القضاء الإداري بنظرها.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فالثابت من الأوراق أنه صدر القرار الوزاري رقم 619 بتاريخ 8/ 7/ 1954 باعتماد خطوط التنظيم اللازمة لإنشاء شارع أحمد حلمي الموازي لسكة حديد الوجه البحري من الجهة الغربية بعرض 30 متراً. وبتاريخ 16/ 6/ 1955 صدر قرار المنفعة العامة ونزع الملكية رقم 904 لتنفيذ هذا الشارع وتم استطراقه للمرور في أواخر سنة 1955 وإعمالاً لحكم المادة الثانية من قانون فرض مقابل التحسين فقد تم تحضير مشروع بتحديد المنطقة الخاضعة لمقابل التحسين نتيجة لتنفيذ هذا المشروع، وصدر به القرار رقم 141 لسنة 1958 باعتبار توسيع جزء من شارع أحمد حلمي وامتداد شارع الترعة البولاقية من أعمال المنفعة العامة في تطبيق أحكام القانون رقم 222 لسنة 1955 وتحديد المناطق التي طرأ عليها تحسين بسبب هذين العملين وذلك وفقاً للخرائط المرافقة للقرار. ويبين من الخريطة التي أودعتها الجهة الإدارية بجلسة 22/ 11/ 1986 أن القطعة محل النزاع تدخل في المناطق التي طرأ عليها تحسين.
ومن حيث إنه صدر القرار رقم 1099 لسنة 1960 المعدل بالقرار رقم 1412 لسنة 1962 بتقرير المنفعة العامة والاستيلاء على الأراضي والعقارات اللازمة لإنشاء مركز رعاية الشباب بمنطقة شمال القاهرة ومن بينها القطعة رقم 42 كدستر بحوض المطلب 8 بمنية السيرج بشبرا بقسم الساحل المملوكة للمطعون ضدهم، وقد ثار نزاع بين الملاك والجهة الإدارية حول تقدير قيمة التعويض المستحق عن نزع ملكية هذه القطعة انتهى بصدور حكم محكمة جنوب القاهرة الابتدائية في الدعوى رقم 2886 لسنة 1971 مدني انتهى إلى تقدير قيمة الأرض على أساس أن السعر الصافي للمتر هو 6.170 جنيه.
ومن حيث إن المادة 13 من القانون رقم 222 لسنة 1955 المشار إليه تنص على أنه للمجلس البلدي المختص في جميع الأحوال أن يحصل مقابل التحسين عن طريق خصمه مما يستحق في ذمته لذوي الشأن من تعويض عن نزع الملكية للمنفعة العامة أو التحسين، ولما كانت قطعة الأرض المملوكة للطاعنين قد طرأ عليها التحسين بموجب القرار رقم 141 لسنة 1958 سالف البيان لذلك فقد عرض الموضوع على لجنة تقدير مقابل التحسين المشكلة وفقاً للمادة السادسة من القانون رقم 222 لسنة 1955 وذلك بتاريخ 18/ 12/ 1972. وانتهت اللجنة بعد الاطلاع على كافة الأوراق وعلى الحكم الصادر بتقدير قيمة أرض النزاع المنزوعة ملكيتها إلى تقدير مقابل التحسين بمبلغ 5901.786 جنيه، وقد اعتمد هذا القرار من مجلس المحافظة بتاريخ 29/ 1/ 1973 (ملف رقم 20/ 14/ 44/ 108) وأخطر الملاك بفرض هذا المقابل فبادروا بالطعن على هذا التقدير بتاريخ 10/ 3/ 1973 بالطعن رقم 37 لسنة 1973 طعون تحسين. وقد صدر قرار لجنة الطعن بتاريخ 29/ 3/ 1975 بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً. وبناء على ذلك فقد أقام الطاعنون دعواهم أمام القضاء الإداري طالبين الحكم بإلغاء قرار اللجنة المشار إليه.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الأرض موضوع النزاع كانت خاضعة لمقابل التحسين منذ نزع ملكيتها عام 1962 فيحق لجهة الإدارة خصم مقابل التحسين الذي قدرته وفقاً لأحكام القانون من قيمة التعويض المقرر عن نزع ملكية هذه الأرض، وتكون الدعوى التي أقامها المطعون ضدهم بداءة أمام القضاء الإداري قد أقيمت على غير سند من صحيح حكم الواقع والقانون.
ومن حيث إنه لا وجه للتحدي في هذا المقام بحجية الحكم الصادر من محكمة القاهرة الابتدائية في الدعوى رقم 2886 لسنة 1971 تأسيساً على أن المحكمة قررت تعديل قرار لجنة المنافع العامة رقم 90 لسنة 1964 بجعل السعر الصافي للمتر المربع 6.170 جنيه، وأنها بذلك تكون قد تبنت مما سبق أن انتهى إليه الخبراء في الدعوى المذكورة من تقدير ثمن المتر المربع من الأرض بمبلغ عشرة جنيهات شاملة مقابل التحسين، وبعد خصم الثلث للمرافق العامة يكون السعر هو 6.500 جنيه يخصم منها مبلغ خمسمائة مليم كمقابل تحسين للمتر المربع - لا وجه لذلك لأن مثل هذا الحكم لا يعتبر قضاء قطعياً في مسألة خضوع الأرض لمقابل التحسين من عدمه وذلك بغض النظر عما ورد في تقرير الخبير بهذا الشأن. كما أن قضاء المحكمة العليا "تنازع" وقضاء المحكمة الإدارية العليا يجريان على أن مقابل التحسين المنصوص عليه في القانون رقم 222 لسنة 1955 يختلف محلاً وسبباً عن التعويض المستحق عن العقار المنزوعة ملكيته طبقاً للقانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة. فيستحق هذا المقابل على العقارات التي يطرأ عليها تحسين بسبب أعمال المنفعة العامة سواء نزعت ملكيتها أم بقيت على ملك أصحابها، ومن ثم فإن مقابل التحسين المقرر على العقار لا يعتبر من العناصر التي تراعى في تقدير التعويض الذي يستحق عن هذا العقار عند نزع ملكيته للمنفعة العامة بحيث يجب التعويض مقابل التحسين المفروض على العقار، بل يجرى تقدير التعويض المستحق عن هذا العقار دون مراعاة مقابل التحسين الذي قد يكون مفروضاً عليه، ويظل هذا المقابل التزاماً في ذمة المالك حتى يتم الوفاء به طبقاً لأحكام المادتين 11، 12 من القانون رقم 222 لسنة 1955 سالف الذكر. ومتى كان ذلك فإنه لا ينعقد أي اختصاص للمحكمة المدنية في شأن مقابل التحسين وهي في مقام تقدير التعويض عن نزع الملكية فلا حجية لما يرد في قضائها بخصوص مقابل التحسين الذي ينأى تقديره ابتداء والطعن عليه عن ولاية المحكمة المدنية، لأن حجية الأمر المقضي لا تثبت إلا بأن يكون لجهة القضاء الولاية في الحكم الذي أصدرته.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب بقضائه بإلغاء القرار المطعون فيه بفرض مقابل التحسين واستقطاعه من مقابل التعويض المستحق عن نزع ملكية الأرض المملوكة للمطعون ضدهم فإنه يكون قد صدر على خلاف صحيح حكم الواقع والقانون خليقاً بالإلغاء ويتعين القضاء برفض الدعوى.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضدهم بالمصروفات.