مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 474

(73)
جلسة 20 من ديسمبر سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي وحسن حسنين علي والسيد السيد عمر والدكتور محمود صفوت عثمان المستشارين.

الطعن رقم 1991 لسنة 32 القضائية

( أ ) كليات عسكرية - كلية الشرطة - شروط القبول بها - شرط حسن السمعة - مناطه.
المادة 10 من القانون رقم 91 لسنة 1975 في شأن هيئة الشرطة.
اشترط المشرع في طالب الالتحاق بكلية الشرطة عدة شروط أهمها شرطان أساسيان لا يغني أحدهما عن قيام الآخر - أولهما: ألا يكون الطالب قد سبق الحكم عليه بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة. وثانيهما: أن يكون الطالب محمود السيرة حسن السمعة - الشرط الثاني ورد في نص عام دون تحديد لأسباب فقدان السمعة على سبيل الحصر أو المثال - أثر ذلك:
إن صدور حكم قضائي بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة وإن كان يتنافى مع حسن السمعة إلا أنه لا يصلح وحده لانتفاء شرط حسن السمعة - أساس ذلك: أن المشرع أطلق المجال في تقدير حسن السمعة لجهة الإدارة في نطاق مسئوليتها عن إعداد ضابط الشرطة الذي يتولى مهام الحفاظ على الأمن ومطاردة الخارجين على القانون - تقدير جهة الإدارة يخضع لرقابة القضاء الإداري - لا تثريب على جهة الإدارة طالما خلا تقديرها من إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها - سمعة الطالب المرشح يمكن أن تتأثر بمسلك شخصي أو خلقي أو بأوضاع تحيط به يمكن أن يكون لها تأثيرها على عمله مستقبلاً - قد تتساهل الإدارة فيه بالنسبة لوظيفة معينة وتتشدد فيه بالنسبة لغيرها مثل وظائف القضاء أو الشرطة - أساس ذلك: أن مثل هذه الوظائف تتطلب في شاغلها مستوى معيناً من حسن السمعة - تطبيق.
(ب) قرار إداري - انعدام القرار لصدوره بناء على غش أو تدليس - أثره. الغش أو التدليس إذا شاب القرار الإداري فإنه ينحدر به مستوى الانعدام - يصبح القرار مجرد فعل مادي لا يرتب آثاراً قانونية - أثر ذلك: القرار المنعدم لا تلحقه حصانة ويجوز سحبه في أي وقت فور تكشف ما شابه من عيب - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 7/ 5/ 1976 أودع الأستاذ الدكتور محمد عصفور المحامي الوكيل عن السيدة/ أميرة أنور المنشاوي بصفتها وصية على ولديها القاصرين حازم وإبراهيم يحيى المنشاوي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1991 لسنة 32 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 22/ 4/ 1986 في الدعوى رقم 2215 لسنة 40 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وطلبت الطاعنة الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات" لتقضي بوقف تنفيذ قرار فصل ابني الطاعنة من كلية الشرطة وما يترتب على ذلك من آثار. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً وبرفضه بشقيه العاجل والموضوعي. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلستها المنعقدة في 20/ 10/ 1986 ونظرته على نحو ما هو ثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 17/ 11/ 1986 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) وحددت لنظره جلسة 29/ 11/ 1986، ونظرت المحكمة الطعن وفقاً لما هو ثابت بمحضر الجلسة وقررت إصدار الحكم بجلسة 20/ 12/ 1986، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص على ما يبين من الأوراق في أن الطاعنة بصفتها كانت قد أقامت الدعوى رقم 2215 لسنة 40 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالبة الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بفصل ولديها حازم وإبراهيم يحيى المنشاوي من كلية الشرطة مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقالت شرحاً لدعواها إن ولديها المذكورين حصلا على شهادة الثانوية العامة سنة 1985 والتحقا بكلية الشرطة في 11/ 11/ 1985 بعد اجتياز كافة الاختبارات بنجاح وبعد أن قامت الكلية بإجراء التحريات اللازمة عنهما والتي انتهت إلى تمتعهما بالسمعة الطيبة والأخلاق الحسنة، وقد فوجئت بصدور قرار بفصلهما من الكلية استناداً إلى أنهما قد أخفيا بيانات تتعلق بأحد الأعمام وهو المرحوم محمد إبراهيم علي المنشاوي الذي سبق الحكم عليه منذ أمد طويل في قضية مخدرات. وتقدمت بالتماس لسحب هذا القرار دون جدوى. وقالت الطاعنة إن هذا القرار صدر غير مشروع لمخالفته المبدأ الدستوري المقرر من أن العقوبة شخصية ومن ثم تكون المسئولية بدورها شخصية، ولا يتحمل أحد وزر غيره ولا يدان بجريرة سواه. ومن ثم فإن صدور حكم في مثل هذه التهمة على أحد الأعمام لا يمكن أن يشكل عقبة أمامهما في الالتحاق بالكلية أو في الاستمرار في الدراسة. وهو أيضاً قرار فاقد لركن السبب لأن مصدره استند على واقعة إخفاء هذا البيان في استمارة الالتحاق، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى فصلهما من الكلية، والحال أن مثل هذا السبب لا يؤدي إلى إصدار القرار المطعون فيه لأنه ليس من البيانات الجوهرية التي كان سيترتب على ذكرها عدم قبولهما بالكلية لأن الحكم على أحد الأعمام ليس من شأنه التأثير على المركز القانوني لذوي الشأن، خاصة وأن الحكم على هذا العم قد تقادم به العهد، إذ حكم عليه بتاريخ 19/ 4/ 1957 ثم أفرج عنه في 24 من مايو سنة 1969، فيغدو عديم الأثر على صاحب الشأن المحكوم عليه ومن باب أولى على الغير. والثابت أن هذا العم قد توفى إلى رحمة الله تعالى في 14 سبتمبر سنة 1975، بينما التحق ولدا المدعية بالكلية عام 1985، أي بعد عشر سنوات من تاريخ وفاة عمهما، هذا فضلاً عن أن الروابط الأسرية بين أسرة الأبناء وأسرة العم المذكور كانت منقطعة تماماً.
ومن حيث إن الجهة الإدارية قد ردت على الدعوى بما مفاده أن ولدي المدعية أغفلا ذكر اسم عمهما محمد إبراهيم علي المنشاوي في استمارة الالتحاق بالكلية، وهذا العم مسجل بسجل الخطرين برقم 434 فئة (ج) مخدرات، وقد حكم عليه في الجناية رقم 720 لسنة 1957 جنايات مخدرات مركز طنطا بالأشغال الشاقة المؤبدة، ونفذ العقوبة وأفرج عنه عام 1967. ووضع تحت مراقبة الشرطة عقب الإفراج عنه حتى عام 1972، كما أن هناك معلومات مسجلة في مجال المخدرات لبعض أفراد أسرة الطالبين وهم أبناء عمومة بعد الدرجة الرابعة، وأضافت الجهة الإدارية أن إغفال الطالبين ذكر اسم عمهما أدى إلى عدم إجراء التحريات عنه في البلدة التي كان يقيم فيها مما أدى إلى قبولهما بكلية الشرطة الأمر الذي يشكل في جانبهما جريمة التزوير في هذه الاستمارة. فضلاً عن حجب معلومات هامة عن لجنة اختبار الطلبة الجدد بهدف الالتحاق بالكلية رغم افتقادها لشرط حسن السمعة، وقد اعتمد وزير الداخلية قرار فصلهما بتاريخ 3/ 2/ 1986.
ومن حيث إنه بجلسة 22/ 4/ 1986 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه. وأقامت المحكمة قضاءها على أنه نظراً للطبيعة الخاصة لوظيفة ضابط الشرطة فقد تطلب القانون رقم 91 لسنة 1975 ولائحته التنفيذية عدة شروط ومواصفات فيمن يتقدم للالتحاق بكلية الشرطة ومن بينهما أن يكون المتقدم محمود السيرة حسن السمعة وأن يتوافر في أصوله في البيئة التي تربى فيها عدة شروط ومواصفات تتعلق أيضاً بحسن السمعة. وبالتالي فلا يجوز أن يكون من بين أصول الطالب وأقاربه من لا يتمتع بحسن السمعة والسيرة الحميدة، باعتبار أن ذلك ينعكس سلباً وإيجاباً على وظيفة ضابط الشرطة التي سيشغلها الطالب مستقبلاً. وأضافت المحكمة أن البادي من ظاهر الأوراق أن هذين الطالبين أغفلا ذكر اسم هذا العم المحكوم عليه في جناية مخدرات بالأشغال الشاقة المؤبدة والمسجل ضمن الخطرين على الأمن العام مما أدى إلى قبولهما بكلية الشرطة، وأنهما لو قاما بذكر اسم عمهما وتم التحري عنه لكانت لجنة القبول قد رفضت قبولهما بالكلية، فإذا ما أصدرت الكلية القرار المطعون فيه بفصلهما لعدم صلاحيتهما للقبول والاستمرار في الدراسة بالكلية لهذا السبب، وكان قرارها في هذا الشأن قد خلا من الانحراف بالسلطة وقصد به تحقيق الصالح العام فإن هذا القرار بحسب الظاهر من الأوراق يكون قد بني على سبب صحيح يبرره، متفقاً مع أحكام القانون وفي نطاق السلطة التقديرية المخولة للإدارة في هذا الخصوص، الأمر الذي يتخلف معه في طلب وقف التنفيذ ركن الجدية مما يتعين معه رفض هذا الطلب دونما حاجة لبحث ركن الاستعجال.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على ما شاب الحكم المطعون فيه من مخالفة لحكم القانون، ذلك أن القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء كلية الشرطة لم يتطرق على الإطلاق إلى ما أسماه الحكم المطعون فيه أصول الطالب والبيئة التي تربى فيها، ذلك أن شرط حسن السمعة نفسه لا يمكن أن يعني إلا أمراً شخصياً بحتاً وليس أمراً عائلياً، لذلك فإن تعليق حسن سمعة الشخص على حسن سمعة أهله أو أقرب الناس إليه معناه أن حسن السمعة لم يعد شرطاً شخصياً أو ذاتياً وإنما يغدو شرطاً أسرياً، وهذا أمر يتجافى مع طبيعة الشرط نفسه، فضلاً عن مناهضته للأصول القانونية العامة في المسئولية التي تعتبر هذه المسئولية دائماً مسئولية شخصية، وما ذهب إليه هذا الحكم إنما هو انتهاك صارخ لأصول العقاب، كما أنه يشكل مخالفة للدستور لأنه يحرم الشخص بدون وجه حق من تقلد وظيفة بعينها استناداً إلى الطبيعة الخاصة للوظيفة، وهذا تحكم يأباه الدستور ونصوصه القاطعة في مبدأ المساواة أمام التكاليف العامة وفي الحقوق العامة. ولقد أخطأ الحكم إذ اعتبر ما تضمنته اللائحة التنفيذية من شرط الأصل والبيئة شرطاً مشروعاً ذلك لأن المعول عليه في ذلك هو حكم القانون الذي كان يتعين أن تجيء اللائحة متفقة مع أحكامه، وليس صحيحاً ما قال به الحكم المطعون فيه من أن الطالبين قد تعمدا عدم الإجابة إجابة صحيحة في شأن عمهما أو أنهما أغفلا عمداً البيانات الخاصة به. وحقيقة الأمر أن هذين الطالبين صغيرا السن ولم يعاصرا عمهما الذي صدر عليه الحكم الجنائي عام 1957، وليس من المقبول أن يحاسبا عن مسلك غير سوي لأحد الأعمام الذي استوفى جزاءه ثم لقي ربه. وبتاريخ 20/ 10/ 1986 أودع الحاضر عن الطاعنة مذكرة عقب فيها على أسباب الحكم وما انتهى إليه تقرير هيئة مفوضي الدولة، وقد أسهبت هذه المذكرة في إيضاح ما سبق القول به في صحيفة الطعن من أن مبدأ شخصية العقوبة هو مبدأ ذو قيمة دستورية ولا يجوز مخافتة بأية حال، ولأن شرط حسن السمعة لا يمكن أن يتطرق إلا إلى صاحب الشأن، لم يرد شرط صلاحية البيئة في القانون فيتعين احتراماً لقاعدة تدرج القرارات الإدارية أن تجيء اللائحة التنفيذية متفقة مع أحكام القانون الذي جاء خلواً من هذا الشرط. هذا فضلاً عن أن عدم تدوين البيانات الخاصة بالأحكام الصادرة ضد أحد الأعمام لا يشكل جريمة تزوير، وليس هذا بياناً جوهرياً يؤدي إلى إصدار قرار بفصل ولدي الطاعنة، وخلصت المذكرة إلى طلب الحكم بما أقيم به الطعن من طلبات.
ومن حيث إن المادة (10) من القانون رقم 91 لسنة 1975 في شأن الشرطة تنص على أنه "يشترط فيمن يقبل بكلية الشرطة وكلية الضباط المتخصصين - 1 - أن يكون مصري الجنسية 2 - أن يكون محمود السيرة حسن السمعة 3 - ألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جنائية في إحدى الجرائم أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة. ويبين من هذا النص أن المشرع اشترط في طالب الالتحاق من بين شروط أخرى شرطين أساسيين لا يغني قيام أحدهما عن قيام الآخر: فقد لا يكون الطالب قد سبق الحكم عليه بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ومع ذلك لا يكون محمود السيرة حسن السمعة، وقد جاء هذا الشرط الأخير في نص عام دونما تحديد لأسباب فقدان هذه السمعة على سبيل الحصر أو المثال بأمور على قدر من الخطورة، وإذا كان صدور حكم قضائي بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة هو على وجه اليقين مما يتنافى مع حسن السمعة فإن هذه الأسباب لا تعد وحدها سبباً لانتفاء قيام حسن السمعة، إذ أطلق الشارع المجال هنا لأسباب أخرى تخضع لتقدير الإدارة في نطاق مسئوليتها عن إعداد ضابط الشرطة الذي يتولى مهام الحفاظ على الأمن ومطاردة الخارجين على القانون، وهو تقدير تجريه تحت رقابة القضاء الإداري ولا تثريب عليه طالما خلا تقريرها من إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها فسمعة الطالب المرشح يمكن أن تتأثر بمسلك شخصي أو خلقي أو بأوضاع تحيط به يمكن أن يكون لها تأثيرها على عمله مستقبلا. ومستوى حسن السمعة لا شك يتفاوت تبعاً لتفاوت الوظيفة وخطورتها ومسئولياتها، فقد تتساهل فيه الإدارة بالنسبة لوظيفة معينة، وتشدد فيه بالنسبة لغيرها مثل وظائف القضاء أو الشرطة وغيرها من الوظائف التي تتطلب في شاغلها مستوى معيناً من حسن السمعة.
ومن حيث إن الثابت من ظاهر الأوراق أن ولدي الطاعنة أخفيا عند تحرير استمارة القبول ما يتعلق بعم لهما سبق الحكم عليه بعقوبة الأشغال الشاقة في جناية مخدرات وظل تحت رقابة الشرطة لعدة سنوات مقيداً في سجل الخطرين على الأمن العام فئة (ج). كما أفادت التحريات التي أجريت بعد تكشف واقعة الإخفاء أن لهم أبناء عمومة بعد الدرجة الرابعة مقيدون بدورهم في سجل الخطرين على الأمن (مخدرات). فإن هذه الوقائع سواء ما تعلق منها بحالة العم وأبناء العمومة أو ما يتعلق منها بواقعة الإخفاء لتشكل سبباً يبرر القول بانتفاء شرط المسلك الحميد وحسن السمعة. فإذا ما أصدرت الجهة الإدارية بناء على ما تقدم القرار المطعون فيه بفصلهما من الكلية وكان البادي من الأوراق أن هذا القرار خلا من الانحراف بالسلطة أو إساءة استعمالها، إذ بني على تقدير سليم وسبب صحيح يبرر إصداره ولا يسوغ والحالة النعي عليه بمخالفة القانون أو صدوره فاقداً لسببه. وغني عن البيان أنه لا يجدي في هذا المقام القول بأن ما ورد في اللائحة التنفيذية للقانون من تطلب شرط صلاحية البيئة يعتبر مخالف للقانون وأنه كان يتعين إعمالاً لمبدأ تدرج القواعد القانونية أن تجيء اللائحة متفقة مع حكم القانون الذي جاء خلواً من هذا الشرط، ذلك لأن شرط حسن السمعة كما ورد في نص المادة العاشرة من القانون قد جاء عاماً مطلقاً مخولاً جهة الإدارة سلطة التقدير دون ربط هذا الشرط بقيود معينة على النحو السابق إيضاحه. كما أنه يتعين الالتفات عما أثارته الطاعنة من أن قرار قبول ولديها قد تحصن بمضي مدة السحب، وذلك لما يجرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن القرار الذي يصدر بناء على غش أو تدليس ينحدر إلى الفعل المادي ولا يرتب أثراً قانونياً، وبالتالي لا تلحقه حصانة ويجوز سحبه في كل وقت فور تكشف ما شابه من عيب.
ومن حيث إنه بذلك فإن ركن الجدية لا يكون بحسب ظاهر الأوراق قائماً مما يكون معه الطعن الماثل قد أقيم على غير سند من الواقع وصحيح القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة بالمصروفات.