مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 514

(78)
جلسة 27 من ديسمبر سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عادل عبد العزيز بسيوني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة علي فؤاد الخادم والدكتور محمد جودت الملط وصلاح عبد الفتاح سلامة وثروت عبد الله أحمد المستشارين.

الطعن رقم 780 لسنة 28 القضائية

( أ ) دعوى - الحكم في الدعوى - الطعن في الأحكام - أسباب الطعن.
المادة (253) من قانون المرافعات المدني والتجارية - القانون رقم 47 لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة.
حظر المشرع في قانون المرافعات التمسك بسبب من أسباب الطعن غير تلك التي ذكرت في صحيفة الطعن ما لم تكن مبنية على النظام العام - قانون مجلس الدولة لم يقرر هذا الحظر نزولاً منه عن طبيعة المنازعات الإدارية التي تخضع لأحكام القانون العام بما يجعلها أكثر تعلقاً بالنظام العام - مؤدى ذلك: - أنه يجوز للطاعن استكمال أسباب الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا - يجوز لهيئة مفوضي الدولة إضافة أسباب أخرى باعتبارها طرفاً محايداً ينوب عن المجتمع في الدفاع عن القانون وإعلاء كلمته - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - التحقيق مع العاملين شروطه المادة (78) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة.
لا يجوز توقيع جزاء على العامل إلا بعد التحقيق معه وسماع أقواله وتحقيق دفاعه - علة ذلك: - إحاطة العامل علماً بما هو منسوب إليه وتمكينه من الدفاع عن نفسه قبل توقيع الجزاء عليه - يتطلب ذلك استدعاء العامل وسؤاله وسماع الشهود إثباتاً ونفياً حتى يصدر الجزاء مستنداً على سبب يبرره دون تعسف أو انحراف - التحقيق بهذه الكيفية يعد ضمانة هامة تستهدف استظهار مدى مشروعية الجزاء وملاءمته - لا يكفي مجرد إلقاء أسئلة على العامل حول وقائع معينة - ينبغي مواجهته بالاتهامات المنسوبة إليه ليكون على بينة منها فيعد دفاعه على أساسها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 13 من إبريل سنة 1982 أودع الأستاذ جاد العبد جاد المحامي نائباً عن الأستاذ/ أنور عبد الفتاح المحامي والوكيل عن السيد/..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 780 لسنة 28 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 21 من فبراير سنة 1982 والقاضي برفض الطعن رقم 18 لسنة 9 القضائية المقام من الطاعن ضد كل من السيد وزير الري والسيد وكيل وزارة الري لمحافظة الدقهلية بصفتهما.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
وأعلن تقرير الطعن إلى الجهة المطعون ضدها على النحو الثابت في الأوراق في 18 من مايو سنة 1982.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار رقم 383 الصادر في 13 من سبتمبر سنة 1985 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من راتبه وما يترتب على ذلك من آثار وعين لنظر الطعن جلسة 9 من إبريل سنة 1986 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة فقررت بجلسة 14 من مايو سنة 1986 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة" لنظره بجلسة 14 من مايو سنة 1986، وبجلسة 11 من أكتوبر سنة 1986 استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً للاستماع إليه من إيضاحات ثم أرجأت إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 6 من يناير سنة 1981 رفع المهندس.... الطعن رقم 18 لسنة 9 القضائية أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة، طالباً الحكم بإلغاء القرار رقم 363 لسنة 1980 الصادر من السيد وكيل وزارة الري لمحافظة الدقهلية في 13 من سبتمبر سنة 1980 فيما تضمنه من مجازاته بخصم خمسة أيام من راتبه استناداً إلى أنه قرار قام على أسباب غير صحيحة. وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الطعن نظراً لثبوت المخالفات المنسوبة إليه وقضت المحكمة التأديبية في جلسة 21 من فبراير سنة 1982 بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً استناداً إلى أن القرار المطعون فيه صدر من مختص وبعد إجراء تحقيق سمعت فيه - أقوال الطاعن وبناء على مخالفات ثبتت في حقه.
ومن حيث إن الطعن المائل يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ أحال في التسبيب إلى التحقيقات دون أن يناقشها ليظهر وجه الخطأ أو الصواب فيها مما ينطوي على قصور في التسبيب يبطل الحكم. كما أن تقرير هيئة مفوضي الدولة في الطعن يقوم على أساس عدم قانونية التحقيق الذي أجري مع الطاعن نظراً للجهالة في شخصية المحقق ونظراً لأن الطاعن لم يواجهه بما هو منسوب إليه.
ومن حيث إنه ولئن كانت المادة 253 من قانون المرافعات حظرت التمسك بسبب من أسباب الطعن غير تلك التي ذكرت في صحيفة الطعن ما لم تكن مبنية على النظام العام، إلا أن قانون مجلس الدولة لم يورد هذا الحظر نزولاً منه على طبيعة المنازعات الإدارية وخضوعها لأحكام القانون العام بما يجعلها تلحق بالنظام العام، فمن ثم يجوز للطاعن استكمال أسباب الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، ومن باب أولى يجوز لهيئة مفوضي الدولة إضافة أسباب أخرى باعتبارها طرفاً محايداً لا يمثل طرفاً أو آخر وإنما ينوب عن المجتمع في الدفاع عن القانون إعلاء لكلمته، وهو ما فعلته ضمن تقريرها المقدم في الطعن الماثل.
ومن حيث إن المادة 78 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، حظرت توقيع جزاء على العامل إلا بعد التحقيق معه وسماع أقواله وتحقيق دفاعه، والحكمة من تطلب إجراء هذا التحقيق هي إحاطة العامل علماً بما هو منسوب إليه وتمكينه من الدفاع عن نفسه قبل توقيع الجزاء عليه وما يستتبع ذلك من وجوب استدعاء العامل موضوع المساءلة وسؤاله ومواجهته بما هو مأخوذ عليه وإتاحة الفرصة له للدفاع عن نفسه ومناقشة شهود الإثبات وسماع من يرى الاستشهاد بهم من شهود النفي وغير ذلك من مقتضيات الدفاع وذلك لتحقيق الضمان وتوفير الاطمئنان للعامل المذكور وهو أمر تقتضيه العدالة وتمكين المصلحة العامة حتى يصدر الجزاء مستنداً على السبب المبرر له دون ثمة تعسف أو انحراف ومن ثم فإن إجراء التحقيق مع العامل قبل توقيع الجزاء عليه يمثل في الواقع من الأمر ضمانة له ابتغاء استظهار مشروعية الجزاء وملاءمته وترتيباً على ذلك فلا يكفي مجرد إلقاء أسئلة على العامل حول وقائع معينة وإنما يلزم مواجهته بالاتهامات المنسوبة إليه حتى يكون على علم بها وعلى بينة من اتهامه فيها، فيعد دفاعه على أساسها تمشياً لما قد يسفر عنه التحقيق من مجازاته وبذا يكفل له حق الدفاع عن نفسه كضمانة أساسية في مجال التأديب إلا إذا كان القرار التأديبي الصادر بناء على هذا التحقيق مشوباً بعيب مخالفة القانون.
ومن حيث إنه بالاطلاع على القرار المطعون فيه رقم 363 لسنة 1980 الصادر من السيد وكيل وزارة الري لمحافظة الدقهلية في 13 من سبتمبر سنة 1980 يبين أنه أشار في ديباجته إلى المخالفات المنسوبة إلى الطاعن وهي أنه:
(1) قرر أنه تمت الإعادة لثمانية مجاراً وقام بتوقيع الجشني واعتماده بعد سحب كشوف المختلجات قبل الإعادة من ملفات التفتيش وكان الأجدر به توقيع الإعادة إن وجدت على نفس الكشوف كالمتبع.
(2) قدم دفاتر الميزانية لحشنى الاستلامات الختامية ولم يقدم دفاتر الميزانية لإعادة التشغيل.
(3) وقع على الخطاب المرسل من تفتيش بلقاس للمقاول في 10 من إبريل سنة 1980 في حين أنه قام بالتوقيع على كشف غرامات التأخير والذي يوضح به إنهاء الإعادات خلال شهر مارس وأوائل شهر إبريل سنة 1980 أي أن هذا الخطاب لاحق لإعادة التشغيل.
(4) وجود كشط وتصليح بالكشف الختامي على انقطاعات العرضية الختامية وتصبح في تاريخ الاتهام الفعلي والمكعب المتأخر بكشوف المكعبات الختامية.
(5) قام بالتوقيع على كشفي غرامات التأخير المتناقضين. ثم قضى القرار في البند أولاً / ب منه بمجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من راتبه.
ومن حيث إنه وباستقراء أوراق التحقيق الإداري الذي صدر بناء عليه هذا القرار يبين أنه تمثل في أسئلة ألقيت على الطاعن ولم يشمل من الوقائع الخمس التي قام عليها ذلك القرار سوى الواقعة الأولى دون الوقائع الأربع الأخرى، ولم ينطوي على مواجهة الطاعن بهذه الوقائع كاتهامات منسوبة إليه حتى يحاط علماً بها ويتبين اتهامه فيها ويعمل على دفعها ومن ثم فلم تكتمل لهذا التحقيق مقومات التحقيق القانوني الصحيح وكفالاته وضماناته على النحو الذي أوجبته المادة 78 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 السالف الإشارة إليها، وإذ كان الأمر كذلك فإن القرار الصادر بمجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من راتبه بناء على هذا التحقيق يكون مخالفاً للقانون ويتعين لذلك إلغاؤه وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إنه لما تقدم فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار رقم 363 الصادر في 13 من سبتمبر سنة 1980 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من راتبه وما يترتب على ذلك من آثار.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن وما يترتب على ذلك من آثار.