مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 543

(83)
جلسة 28 من ديسمبر سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد سيد أحمد حمادة وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

الطعن رقم 2458 لسنة 30 القضائية

دعوى - حكم في الدعوى - بطلان الأحكام - ما لا يبطل الحكم:
المادة (175) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
أوجب المشرع إيداع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه من الرئيس ومن القضاة عند النطق بالحكم وإلا كان باطلاً - تسبيب الأحكام يقصد به حمل القضاة على ألا يحكموا على أساس فكرة مبهمة لن تستبين معالمها - يجب أن يكون صدور الحكم دائماً نتيجة أسباب معينة محدودة مفاهيمها وجرت على أساسها المداولة بين القضاة قبل النطق به - لا يدل على ذلك سوى توقيع أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم على مسودته المشتملة على أسبابه - أساس ذلك: - أن هذا التوقيع يدل على أن أعضاء المحكمة طالعوا الأسباب وتناقشوا فيها وأقروها على الوضع الذي أثبتت به في المسودة - ورقة الجلسة تعتبر مكملة لمسودة الحكم متى تضمنت منطوقه - إذا وقع جميع القضاة الذين أصدروا الحكم هذه الورقة كان الحكم سليماً لا مطعن عليه - مثال: متى ثبت من مسودة الحكم المطعون فيه أنه قد وقعها اثنان من المستشارين الذين اشتركوا في إصدار الحكم إلا أن ورقة الجلسة تضمنت قد منطوق الحكم ووقعها جميع أعضاء محكمة القضاء الإداري يكون الحكم المطعون فيه سليماً لا مطعن عليه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 28 من يونيه سنة 1984 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن وزير الخارجية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2457 لسنة 30 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة التسويات - بجلسة 30 من إبريل سنة 1984 في الدعوى رقم 541 لسنة 34 القضائية المرفوعة من محمد أحمد أبو دنيا ضد وزارة الخارجية والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعي للدرجة الخامسة اعتباراً من 17 يناير سنة 1970 مع ما يترتب على ذلك من آثار على أن يكون صرف الفروق المالية من 9 سبتمبر سنة 1971 وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً وارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة - القضاء الإداري - دائرة التسويات - لتقضي فيها من جديد دائرة أخرى.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 10 من نوفمبر سنة 1986 فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - لنظره بجلسة 30 من نوفمبر سنة 1986 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزومه لسماعه من ملاحظات الطرفين قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق أنه بتاريخ 19 من يناير سنة 1974 أقام السيد محمد أحمد أبو دنيا الدعوى رقم 135 لسنة 21 القضائية أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية طالباً الحكم بتسوية حالته طبقاً للقانون رقم 28 لسنة 1972 وذلك بترقيته إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من اليوم التالي لانقضاء اثنين وثلاثين سنة على تاريخ التحاقه بالخدمة مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 28 من أكتوبر سنة 1979 قضت المحكمة الإدارية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري وأبقت الفصل في المصروفات، وأحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري - دائرة التسويات - حيث قيدت تحت رقم 541 لسنة 34 القضائية.
وقد أودعت الجهة الإدارية صورة من قرار وكيل أول وزارة الخارجية رقم 1172 لسنة 1978 والصادر في 20 من مايو سنة 1978 بتسوية حالة المدعي في الدرجة الخامسة اعتباراً من أول إبريل سنة 1970، وطلبت اعتبار الخصومة منتهية وإلزام المدعي المصروفات.
وبجلسة 30 من إبريل سنة 1974 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعي للدرجة الخامسة اعتباراً من 17 يناير سنة 1970 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وأسست قضاءها على أن المدعي التحق بالخدمة في 16 من يناير سنة 1938 ومن ثم يكون قد أكمل اثنين وثلاثين سنة في خمس درجات متتالية في 16 من يناير سنة 1970 وبالتالي يكون مستحقاً للترقية في 17 من يناير سنة 1970 وليس اعتباراً من أول إبريل سنة 1970 وهو التاريخ الذي قامت الجهة الإدارية بتسوية حالته على أساسه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون ذلك أنه ثابت بملف خدمة المدعي في الاستمارة 103 ع. ج أنه عين بتاريخ 16 من مارس سنة 1938 في وزارة الأشغال وبالتالي تسوى حالته من اليوم التالي لانقضاء اثنين وثلاثين عاماً في تاريخ دخوله الخدمة ومن ثم يستحق الدرجة الخامسة من 17 مارس سنة 1970 وهو ما قررته الجهة الإدارية ويكون الحكم المطعون فيه وقد قضى بخلاف ذلك قد صدر مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة طلبت الحكم ببطلان الحكم المطعون فيه استناداً إلى أن مسودة الحكم موقع عليها من اثنين من أعضاء المحكمة.
ومن حيث إن المادة 175 من قانون المرافعات تنص بأنه يجب في جميع الأحوال أن توقع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه من الرئيس ومن القضاة عند النطق بالحكم وإلا كان باطلاً.
ومن حيث إنه إذا كان إيجاب تسبيب الأحكام يقصد به حمل القضاة على ألا يحكموا على أساس فكرة مبهمة لم تستبين معالمها وأن يكون الحكم دائماً نتيجة أسباب معينة محدودة مفاهيمها وجرت على أساسها المداولة بين القضاة قبل النطق به وذلك لا يدل عليه سوى توقيع أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم على مسودته المشتملة على أسبابه فمن هذا التوقيع يبين أنهم طالعوا الأسباب وتناقشوا فيها وأقروها على الوضع الذي أثبتت به في المسودة، ولقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن ورقة الجلسة تعتبر مكملة لمسودة الحكم متى تضمنت منطوقه، ومن ثم إذا ما وقع هذه الورقة جميع القضاة الذين أصدروا الحكم، كان الحكم سليماً لا مطعن عليه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على مسودة الحكم المطعون فيه أنه قد وقعها اثنان من المستشارين الذين اشتركوا في إصدار الحكم إلا أن ورقة الجلسة قد تضمنت منطوق الحكم ووقعها جميع أعضاء محكمة القضاء الإداري ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه سلبياً لا يطعن عليه ويكون طلب هيئة مفوضي الدولة الحكم ببطلانه لا يستند إلى أساس سليم من القانون.
ومن حيث إن مثار النزاع في هذا الطعن ينحصر في تحديد بداية التحاق المطعون ضده بالخدمة فقد ذهب الحكم المطعون فيه أنه عين في 16 من يناير سنة 1938 بينما تذهب الجهة الإدارية أنه عين في 16 من مارس سنة 1938 حسبما هو مثبت في الاستمارة 167 ع. ج المرفقة بملف خدمته ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على أوراق الدعوى أنها تضمنت صورة من قرار وكيل أول وزارة الخارجية رقم 172 لسنة 1978 مبيناً فيه أن تاريخ تعيين المطعون ضده هو 16 من يناير سنة 1938. كما تبين من الاطلاع على الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية في الدعوى رقم 3478 لسنة 19 القضائية المقامة من المدعي ضد وزارتي الري والخارجية أن المطعون ضده عين في 16 من يناير سنة 1938 في وظيفة كاتب ماكينة ري بوزارة الري وقد تضمنت ذلك مذكرة الجهة الإدارية المقدمة إلى المحكمة في الدعوى المشار إليها، ومن ثم فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه أن اعتد بهذا البيان خاصة أن الجهة الإدارية لم تقدم الاستمارة 167ع. ج المقول أنها تضمنت أنه عين في 16 من مارس سنة 1938.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد صدر سليماً ويكون الطعن عليه على غير أساس سليم من القانون ومن ثم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.