مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 564

(86)
جلسة 30 من ديسمبر سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح السيد بسيوني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد محمود البيار وفاروق علي عبد القادر وعطية الله وسلامة أحمد فرج المستشارين.

الطعن رقم 1348 لسنة 30 القضائية

دعوى - انقطاع الخصومة - آثارها.
المادة (132) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
يترتب على انقطاع الخصومة أثران: الأول: هو وقف جميع المواعيد السارية في حق من قام به سبب الانقطاع - هذه القاعدة تعتبر من القواعد المتعلقة بالنظام العام - تقضي المحكمة بها من تلقاء نفسها - إذا لم تعلم المحكمة بقيام سبب الانقطاع وأصدرت حكمها في الموضوع فإن الذي يتمسك ببطلانه هو الخصم الذي شرع الانقطاع لمصلحته - في هذه الحالة يتعين التفرقة بين المواعيد والإجراءات التي تسري لصالحه وتلك التي تسري عليه فلا يسري منها سوى تلك التي تسري لصالحه.
الأمر الثاني: يتمثل في بطلان الإجراءات التي تحصل أثناء الانقطاع مثال ذلك: إجراءات الإثبات والأحكام التي تصدر أثناء الانقطاع - البطلان في هذه الحالة بطلان نسبي لا يجوز التمسك به إلا ممن شرع الانقطاع لمصلحته - أثر ذلك: لا يجوز للمحكمة أن تقضي بهذا البطلان من تلقاء نفسها - يسقط التمسك بهذا البطلان إذا تنازل عنه صراحة من تقرر لمصلحته أو إذا سار في الدعوى وأجاب على الإجراءات التي تمت أثناء الانقطاع باعتبارها إجراءات صحيحة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 26/ 3/ 1984 أودعت الأستاذة عايدة حسن الأفندي المحامية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير هذا الطعن نيابة عن السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، بموجب القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية ضد السيد/ عبد الرحمن عبد ربه بكر - في القرار الصادر من اللجنة القضائية الثانية للإصلاح الزراعي بجلسة 28/ 1/ 1984 في الاعتراض رقم 689 لسنة 1976 المقام من مورث المطعون ضدهم على الهيئة الطاعنة، والذي قضى بعدم الاعتداد بقرار الاستيلاء على مساحة 12 ط 10 ف المبينة الحدود والمعالم بالصحيفة وتقرير الخبير وما يترتب على ذلك من آثار.
وطلبت الهيئة الطاعنة في ختام تقرير الطعن، وللأسباب الواردة به، الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف القرار المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وباستمرار الاستيلاء على الأرض موضوع الاعتراض قبل السيد/ أنور محمود سوسة طبقاً للقانون رقم 127 لسنة 1961، وبإلزام المطعون ضده المصروفات.
وبتاريخ 1/ 4/ 1984 أفاد المحضر القائم بإعلان تقرير الطعن، بوفاة المطعون ضده.
وقد أحيل الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة التي أعدت تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم: (أولاً) من ناحية الشكل: (أصلياً) ببطلان وتقرير الطعن و(احتياطياً) بقبول الطعن شكلاً - بمراعاة إعلان ورثة المطعون ضده على النحو المشار إليه بالتقرير (ثانياً) برفض طلب وقف التنفيذ وبإلزام الهيئة الطاعنة بمصروفاته.
(ثالثاً) - أصلياً - قبل الفصل في الموضوع ندب مكتب خبراء وزارة العدل بشبين الكوم لأداء المأمورية المشار إليها بالتقرير وإبقاء الفصل في المصروفات واحتياطياً - برفض الطعن موضوعاً وبإلزام الجهة الطاعنة بالمصروفات.
ثم نظر الطعن بعد ذلك أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 21/ 5/ 1986 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 3/ 6/ 1986 ثم تدوول نظر الطعن بعد ذلك بالجلسات أمام الدائرة الثالثة المذكورة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة بجلسة 11/ 11/ 1986 إصدار الحكم بجلسة 30/ 12/ 1986 وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان الثابت أن القرار المطعون فيه قد صدر بتاريخ 28/ 1/ 1984 وأودع تقرير الطعن الماثل سكرتارية المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 26/ 3/ 1984 أي خلال ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة 13 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 معدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1971.
ولما كان الطعن قد استوفى سائر أوضاعه وشروطه الشكلية الأخرى المقررة قانوناً فإنه من ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن السيد/ عبد الرحمن عبد ربه بكر أقام الاعتراض رقم 689 لسنة 1976 بصحيفة قدمت بتاريخ 2/ 11/ 1976 ضد كل من:
1 - أنور محمود حسن سوسة الخاضع للقانون رقم 127 لسنة 1961.
2 - وجيهة محمود حسن سوسة الخاضعة للقانون رقم 127 لسنة 1961.
3 - هدايت محمود حسن سلامة الخاضعة للقانون رقم 127 لسنة 1961.
4 - رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي.
وقد جاء بصحيفة الاعتراض أنه (عبد الرحمن عبد ربه بكر) اشترى بموجب عقد ابتدائي مؤرخ 6/ 12/ 1963 مساحة 12 قيراط و10 فدادين من السيدتين/ هدايت ووجيهة محمود حسن سوسة بزمام قرية هيت منوف محافظة المنوفية بمعرض الحجر الشرقي رقم 9 ضمن القطعة 80 الأصلية التي تجزأت إلى القطعة 146، منها مسطح 6 فدادين من السيدة/ هدايت ومسطح أربع فدادين ونصف فدان من السيدة/ وجيهة. وجاء بهذا الطعن أن الملكية آلت إلى البائعين بموجب إشهار وقف أصلي محمود ثابت حسن سوسة على السيدة/ أمينة هانم كامل ثم على أولادها وهم: أنور يوسف محيي الدين وهدايت ووجيهة. وقال المعترض إنه وضع إليه من تاريخ الشراء وقام بتحصيل الإيجار من المستأجرين، كما قام بالسير في إجراءات التسجيل وقدم طلباً إلى مأمورية الشهر العقاري بمنوف قيد برقم 1957 لسنة 1964 وفي عام 1976 قام الإصلاح الزراعي بالاستيلاء على الأطيان المشار إليها قبل السيد/ أنور محمود حسن سوسة طبقاً للقانون رقم 127 لسنة 1961 في حين أن البائعتين له تخضعا للقانون رقم 50 لسنة 1969 وأدرجنا المساحة المبيعة في الإقرار المقدم من كل منهما، وتم الاعتداد بتصرفهما بموجب القرار 333 في 17/ 3/ 1970 وكذلك القرار رقم 842 في 22/ 12/ 1973.
وخلص المعترض إلى طلب استبعاد أطيان الاعتراض من الاستيلاء وقدم تأييداً للاعتراض حافظة مستندات طويت على:
1 - عقد البيع الابتدائي المؤرخ 6/ 12/ 1963.
2 - شهادة اعتداد رقم 61/ أ صادرة من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بتاريخ 29/ 3/ 1976 تتضمن أنه تقرر الاعتداد بالطعن المؤرخ 6/ 12/ 1963 الصادر من السيدة/ وجيهة محمود حسن سوسة لصالح المعترض.
3 - شهادة اعتداد رقم 61/ ب صادرة من الهيئة المشار إليها في 29/ 3/ 1976 تتضمن الاعتداد بالعقد المؤرخ 6/ 12/ 1963. الصادر من السيدة/ هدايت محمود حسن سوسة لصالح المعترض.
وبجلسة 28/ 1/ 1984 قررت اللجنة القضائية عدم الاعتداد بقرار الاستيلاء على مساحة 12 ط 10 ف المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الاعتراض وتقرير الخبير. وجاء بأسباب هذا القرار أن اللجنة تلتفت عن الدفع بعدْم قبول الاعتراض شكلاً، إذ تكفل بالرد على ذلك الدفع حكم الإثبات الصادر من هذه اللجنة بهيئة سابقة بجلسة 6/ 6/ 1982 والذي قضى: (أولاً) قبول الاعتراض شكلاً، ولذا فقد حاز هذا الشق من القرار حجتيه ويمتنع على اللجنة قانوناً إعادة طرح هذا الدفع أو مناقشته من جديد - وعن الموضوع، فإنه يبين من مستندات المعترض أن الإصلاح الزراعي اعتد بالمساحتين المباعتين من السيدتين/ وجيهة وهدايت محمود سوسة بمناسبة خضوعهما للقانون رقم 50 لسنة 1969، وهما يكونان المساحة المقام عنها الاعتراض "12 ط 10 ف" وأن قراري الاعتداد صدرا بناء على أسباب واقعية وقانونية، ومن ثم يتعين الأخذ بما انتهيا إليه من الاعتداد بالعقد محل الاعتراض، وأنه بالنسبة لعدم تنفيذ حكم الإثبات الثاني، فمن المقرر قانوناً (م 9 إثبات) أنه يجوز للمحكمة العدول عما أمرت به من إجراءات الإثبات على أن تبين في حكمها أسباب ذلك. وقد وضح من المستندات المقدمة من المعترض أنها تكفي عن إعادة المأمورية إلى مكتب الخبراء تنفيذاً لحكم الإثبات الثاني، ومتى كان ذلك فإنه يتعين إجابة المعترض إلى طلباته.
ومن حيث إن قرار اللجنة القضائية المشار إليه آنفاً لم يلق قبولاً لدى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، لذلك منذ أقامت الهيئة المذكورة الطعن الماثل حيث نعت على القرار المذكور أنه مخالف للقانون وذلك للأسباب الآتية:
1 - لم ترد اللجنة على الدفع بعدم قبول الاعتراض شكلاً.
2 - ورد بمذكرة دفاع المطعون ضده أن والدة البائعين له تركت مساحة 21 س 36722 ف، وأن البائعتين وشقيقيهما يوسف وأنور محمود سوسة الخاضعين للقانون رقم 127 لسنة 1961 شركاء على الشيوع في تلك المساحة، ومن ثم فإنه يتعين على البائعتين الالتجاء إلى لجان فرز المشاع طبقاً لنص المادة 23 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 178 لسنة 1952 ولما كانت المذكورتان لم تقوما بهذا الإجراء فإنه بالتالي لا ينعقد للجان القضائية ثمة اختصاص بنظر الاعتراض.
3 - لم يبحث الخبير المنتدب ملفات البائعتين وهما خاضعتان للقانون رقم 50 لسنة 1969.
4 - ورد بعقد البيع الابتدائي المؤرخ 6/ 12/ 1963 أن مساحة الاعتراض تقع بالقطعة 122 بينما ورد بطلب الشهر العقاري رقم 1957 لسنة 1964 أنها تقع بالقطعة رقم 246، ولم يوضح الخبير المنتدب هذا الخلاف، وبذلك لا يعتد بما جاء بشهادتي الاعتداد الصادرتين من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي.
5 - لم يوضح الخبير المنتدب الأسانيد التي استند إليها في إثبات وضع يد البائعين للمطعون ضده، كما لم يوضح ما إذا كانت الحيازة مستوفاة للشرائط القانونية من عدمه، وبذلك يكون تقرير الخبير معيباً، مما يجعل القرار المطعون فيه مشوباً بالقصور في التسبيب.
وبجلسة 16/ 4/ 1986وأثناء نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون - وبناء على القرار الذي أصدرته الدائرة المذكورة بجلسة 2/ 4/ 1986 - أودع الحاضر عن ورثة المطعون ضده شهادة رسمية تفيد وفاة المطعون ضده بتاريخ 13/ 11/ 1982. كما أنه بتاريخ 22/ 4/ 1986 وأثناء نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون أيضاً أودعت الهيئة الطاعنة مذكرة بدفاعها انتهت بها إلى طلب الحكم:
أولاً: من الناحية الشكلية، ببطلان قرار اللجنة القضائية المطعون فيه.
ثانياً: من الناحية الموضوعية إلغاء القرار المذكور وإلزام ورثة المطعون ضده بالمصروفات وأخيراً فإنه بجلسة 21/ 5/ 1986 وأثناء نظر الطعن أمام هذه المحكمة أودع الحاضر عن ورثة المطعون ضده حافظة مستندات تضمنت ما يلي:
1 - صورة طبق الأصل من الإعلام الشرعي الصادر من محكمة الباجور الجزئية للأحوال الشخصية بتاريخ 21/ 12/ 1982 برقم 598 لسنة 1982 يفيد وفاة المرحوم/ عبد الرحمن عبد ربه بكر بتاريخ 3/ 11/ 1982 وانحصار إرثه الشرعي في زوجته جنات طه محمد طه وفي أولاده سعيد وسامية ونادية ووفاء وأمنية و ناظلة ويسري البالغ وآمال وجيهان القاصرتين بوصاية والدتهما جنات طه محمد طه.
2 - صورة طبق الأصل من قرار الوصاية الصادر من محكمة الباجور الجزئية للأحوال الشخصية بتاريخ 15/ 12/ 1982 بتعيين جنات طه محمد طه وصية على بنتيها أمال وجيهان عبد الرحمن عبد ربه بكر.
3 - صورة طبق الأصل من التوكيل رقم 582 لسنة 1984عام الباجور الصادر للأستاذ عبد السلام النفراوي المحامي من كل من السيدة/ جنات طه محمد طه وسعيد وسامية ووفاء وأمينة عبد الرحمن عبد ربه بكر.
4 - صورة طبق الأصل من التوكيل رقم 583 لسنة 1984 عام الباجور الصادر للأستاذ عبد السلام النفراوي المحامي من كل من ناظلة ويسري ونادي عبد الرحمن عبد ربه بكر.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الهيئة الطاعنة في مذكرة دفاعها المودعة بتاريخ 22/ 4/ 86 ببطلان القرار المطعون فيه تأسيساً على أن الثابت من مطالعة القرار المذكور أنه صدر بتاريخ 28/ 1/ 1984 من اللجنة الثانية بعدم الاعتداد بقرار الاستيلاء على مساحة 12 ط 10 ف المبينة الحدود والمعالم بالصحيفة وتقرير الخبير لصالح عبد الرحمن عبد ربه أبو بكر أنه تبين من الاطلاع على شهادة الوفاة أن المذكور قد توفى بتاريخ 3/ 11/ 1982 أي أثناء نظر الاعتراض وقبل الفصل فيه وليس كما جاء بتقرير هيئة مفوضي الدولة من أن الطعن قد أقيم على أحد المتوفين ويكون باطلاً ومن ثم يكون الاعتراض رقم 689 لسنة 1976 قد صدر لصالح أحد المتوفين أثناء نظر الاعتراض وقبل الفصل فيه بتاريخ 28/ 1/ 1984 وبالتالي يكون قرار اللجنة القضائية باطلاً بطلاناً مطلقاً وليس الطعن، وكان من الواجب على وكيل المعترض أن يقرر بوفاة موكله وانقطاع الخصومة ويعلن الورثة.
فإنه بالرجوع إلى أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية تبين أن المادة 130/ 1 منه تنص على أن ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم، أو بفقده أهلية الخصومة، أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من النائبين إلا إذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها.
وتنص المادة 13 على أن تعتبر الدعوى مهيأة للحكم في موضوعها متى كان الخصوم قد أيدوا أقوالهم وطلباتهم الختامية في جلسة المرافعة قبل الوفاة، أو فقد أهلية الخصومة، أو زوال الصفة وأخيراً تنص المادة 132 من ذات القانون على أن يترتب على انقطاع الخصومة وقف جميع مواعيد المرافعات التي كانت جارية في حق الخصوم وبطلان جميع الإجراءات التي تحصل أثناء الانقطاع ومن المعلوم بالنسبة لتفسير نص المادة 132 المذكورة أنه يترتب على الانقطاع أثران:
الأثر الأول: وقف جميع المواعيد السارية في حق من قام به سبب الانقطاع وبعبارة أخرى أن قيام سبب الانقطاع بالنسبة لأحد الخصوم يوجب على المحكمة أن توقف السير في الدعوى ولتفادي اتخاذ إجراءات مهددة بالبطلان، وأن هذه القاعدة من النظام العام، وأما إذا لم تعلم المحكمة بقيام السبب وصدور حكمها في الموضوع، فإن الذي يتمسك ببطلانه، وله بصورة عامة - الذي يتمسك بآثار الانقطاع، هو الخصم الذي شرع الانقطاع لمصلحته، وبالتالي لا تحكم المحكمة بقيام هذه الآثار إلا إذا أبدى رغبته في صورة دفع أو طلب أو طعن في حكم، ولا يجوز لها أن تحكم بذلك بناء على طلب الخصم الآخر أو من تلقاء نفسها ولهذا يسلم الفقه والقضاء في فرنسا وفي مصر وفي جميع البلاد الأخرى بأن آثار الانقطاع نسبية - أي ما دام الضرر يلحق فقط الخصم الذي لم يمثل في الدعوى فإن له وحده إذن حق التمسك بتلك الآثار.
أما الخصم الآخر فلا يتصور أن يتمسك ببطلان الحكم الصادر عليه بدعوى أنه قد صدر أثناء الانقطاع، كما لا يتصور أن يتمسك بعدم سريان أي ميعاد في حقه لأن الانقطاع لا يحرمه من موالاة السير في الخصومة ولا يعفيه من موالاتها ولا يعد معذوراً إن لم يباشرها إذا كانت صفته توجب عليه ذلك ولا يلومن إلا نفسه إن هو فوت الميعاد كما لا يعتبر عذراً مانعاً من السقوط تمسكه بجهله ورثة المدعى عليه أو مواطنهم. أما إذا كان الميعاد مقرراً لصالح الخصم الذي بسببه سبب الانقطاع فإنه يقف رعاية له إذ يفرض جهله بسريانه. وبعبارة موجزة يتعين التفرقة بين المواعيد التي تسري لمصلحة الخصم الذي يتعلق به سبب الانقطاع والمواعيد التي تسري عليه، ويتعين التفرقة بين الإجراءات التي تصدر لمصلحته والتي تصدر عليه.
ويتعين مراعاة أن الانقطاع يحدث أثره رعاية له وحده دون الخصم الآخر.
أما الأثر الثاني لانقطاع الخصومة يتمثل في بطلان الإجراءات التي تحصل أثناء الانقطاع بمعنى أنه إذا اتخذ أي إجراء من إجراءات الخصومة بقصد السير فيها أو أي إجراء من إجراءات الإثبات كان باطلاً وتبطل أيضاً، من باب أولى، الأحكام الصادرة أثناء الانقطاع. وهذا البطلان نسبي لا يجوز التمسك به إلا ممن شرع انقطاع الخصومة لمصلحته كمحامية وهي ورثة المتوفى أومن قام مقام من نفذ أهلية الخصومة أو من زالت صفته لأنهم هم وحدهم الذين قد يجهلون قيام الخصومة فأوجب المشرع وقعها حتى لا يصدر الحكم في غفلة منهم، فلا يجوز للخصم الآخر طلب البطلان ولا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها. وسقط التمسك بهذا البطلان إذا تنازل عنه صراحة من تقرر لمصلحته أو إذا سار في الدعوى وأجاب على الإجراءات التي تمت أثناء الانقطاع باعتبارها إجراءات صحيحة وإذ كان الثابت أن ورثة المطعون ضده لم يتمسكوا بانقطاع سير الخصومة بل أنهم استمروا فيها على النحو السالف بيانه.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم فمن ثم فإن الدفع المبدى من الهيئة الطاعنة ببطلان القرار المطعون فيه استناداً إلى أن هذا القرار قد صدر بتاريخ 28/ 1/ 1984 أي بعد وفاة المعترض بمدة تزيد على سنة، هذا الدفع يكون قائماً على غير أساس من القانون جديراً بالرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الأول من أوجه الطعن والذي يتمثل في أن اللجنة القضائية لدى إصدارها القرار المطعون فيه لم ترد على الدفع المبدى من الهيئة الطاعنة بعدم قبول الاعتراض شكلاً - فإن هذا القول مردود عليه بأن الثابت من الأوراق أن اللجنة القضائية سبق وأصدرت بجلسة 6/ 6/ 1982 قرار بقبول الاعتراض شكلاً ولما كان هذا القرار لم يتم الطعن فيه خلال الميعاد المقرر قانوناً فإنه يكون بالتالي قد أصبح نهائياً ويمتنع على الهيئة الطاعنة إثارة مثل هذا الدفع سواء أمام اللجنة القضائية أو أمام المحكمة الإدارية العليا وإذ ذهب القرار المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون متفقاً مع القانون ويكون بالتالي هذا الوجه من أوجه الطعن قائماً على غير أساس خليقاً بالرفض.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من أوجه الطعن والذي يتمثل في عدم اختصاص اللجنة القضائية بنظر الاعتراض استناداً إلى أن الاختصاص ينعقد للجان فرز المشاع على اعتبار أن النزاع يتعلق بأرض موجودة على المشاع مع أرض شقيقي البائعين للمعترض وهما يوسف وأنور محمود سوسة الخاضعان لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 والذي قام الإصلاح الزراعي باستيلاء على الأرض محل النزاع قبل الثاني منهما - فإن هذا القول مردود بأن ما تضمنته مذكرة دفاع المعترض أمام اللجنة القضائية فإن لبيان ملكية كل من البائعين له وأخواتهما يوسف وأنور محمود سوسة الخاضعين لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961، وبالتالي فإنه لا وجه للقول بعدم الاختصاص استناداً إلى ما جاء بتلك المذكرة. هذا فضلاً عن أنه طبقاً لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا فإن مناط اختصاص لجان فرز المشاع أن تكون ملكية الحكومة للأطيان التي تقرر فرزها محققة لا نزاع عليها، ولذا فإنه لا جدوى للفرز إذا كانت ملكية الأرض محل نزاع حتى يثبت في هذا النزاع من الجهة المختصة به قانوناً وهي اللجان القضائية للإصلاح الزراعي. ولما كانت ملكية المساحة المستولى عليها في الطعن الماثل محل نزاع فإنه يتعين الاختصاص عما أثارته الهيئة الطاعنة في هذا الخصوص.
ومن حيث إن مقطع النزاع ينحصر في بيان ما إذا كان أطيان الاعتراض مملوكة للمستولى لديه أنور محمود حسن سوسة أم مملوكة لشقيقتيه هدايت ووجيهة محمود حسن سوسة وهما البائعتان في العقد الابتدائي المؤرخ 6/ 12/ 1963 موضوع الاعتراض محل الطعن الماثل.
ومن حيث إن البادي من مطالعة تقرير الخبير، أنه لم يقم بتطبيق عقد البيع الابتدائي المؤرخ 6/ 12/ 1963 على الطبيعة كما لم يقم بمطالعة إقرارات ورثة المرحوم محمود حسن سوسة، لا سيما إقرار كل من السيدة وجيهة محمود سوسة والسيدة هدايت محمود سوسة لبيان ما إذا كان أطيان الاعتراض مستولى عليهما طبقاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 قبل البائعتين المذكورتين من عدمه، كما أغفل التقرير بيان ما إذا كانت الأطيان الواردة في طلب الشهر العقاري رقم 1957 لسنة 1964 منوف هي ذات الأطيان الواردة في العقد الابتدائي المؤرخ 6/ 12/ 1963 من عدمه. هذا فضلاً عن أن الخبير لم يحدد بصفة قاطعة ماذا كانت أطيان الاعتراض داخلة في ملكية السيد أنور محمود حسن سوسة أم في ملكية شقيقتيه وجيهة وهدايت محمود سوسة، كما أن الخبير لم يحدد تاريخ وضع يد السيدتين المذكورتين على مساحة الاعتراض واكتفت بالقول بأنهما وضعتا اليد مدة تزيد على 15 سنة قبل التصرف فيها للمعترض، وعلاوة على ذلك فإنه لم يوضح ما إذا كان وضع اليد مستوفياً للشرائط القانونية قبل الاستيلاء على أرض النزاع من عدمه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: (أولاً) بقبول الطعن شكلاً (ثانياً) وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بمحافظة المنوفية لمباشرة المأمورية المشار إليها في هذا الحكم وللخبير في سبيل أداء مأموريته أن يطلع على ما يراه من أوراق ومستندات لدى أية جهة رسمية أو غير رسمية وتحت يداي شخص وله سماع من يرى لزوماً لسماعه من شهود بغير حلف يمين وحددت المحكمة مبلغ 150 جنيه أمانة على ذمة أتعاب ومصاريف مكتب الخبراء على الهيئة الطاعنة إيداعها خزانة المحكمة وصرحت لمكتب الخبراء بصرفه دون أية إجراءات وعينت جلسة 4/ 2/ 1987 في حالة عدم دفع الأمانة وجلسة 24/ 3/ 1987 في حالة إيداعها وأبقت الفصل في المصروفات وعلى قلم كتاب المحكمة إخطار مكتب الخبراء وطرفي الخصومة بهذا الحكم.