مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 574

(87)
جلسة 30 من ديسمبر سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح السيد بسيوني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير وشفيق محمد سليم مصطفى وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وعطية الله رسلان أحمد فرج المستشارين.

الطعن رقم 590 لسنة 32 القضائية

( أ ) عاملون بالقطاع العام - تأديب - الدعوى التأديبية - سقوط الدعوى التأديبية - حساب ميعاد السقوط.
المادة (59) من القانون رقم 61 لسنة 1971 - المادة (93) من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام.
ميعاد السنة المقرر لسقوط الدعوى التأديبية يبدأ من تاريخ علم الرئيس المباشر بوقوع المخالفة - هذا العلم لا يفترض - يجب أن يكون هذا العلم ثابتاً ثبوتاً كافياً بحيث يكون الرئيس المباشر في موقف الرقيب الذي له سلطة اتخاذ الإجراء اللازم في المخالفة أو السكوت عليها - انتفاء العلم على النحو السابق يؤدي إلى تطبيق أحكام السقوط بمضي ثلاث سنوات - تطبيق.
(ب) عاملون بالقطاع العام - تأديب - انتهاء الخدمة وأثره على إقامة الدعوى التأديبية.
المادة (91) من القانون رقم 48 لسنة 1978 - المادة (20) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
هناك حالتان يجوز فيهما إقامة الدعوى التأديبية على العامل الذي انتهت خدمته:
الحالة الأولى: أن تكون إجراءات التحقيق أو المحاكمة بدأت قبل انتهاء خدمته.
الحالة الثانية: أن تكون المخالفة من نوع المخالفات المالية التي يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للدولة - متى ثبتت إدانة العامل في إحدى هاتين الحالتين فلا يوقع عليها سوى الجزاء المقرر لمن ترك الخدمة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 25 من يناير سنة 1985 أودع الأستاذ محمد عبد المجيد المستشار المساعد بإدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد الأستاذ المستشار مدير النيابة الإدارية بصفته - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 590 لسنة 32 ق عليا ضد كل من..... و..... عن الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 26 من نوفمبر سنة 1985 في الدعوى رقم 112 لسنة 26 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهما والقاضي بسقوط الدعوى التأديبية قبل المتهمين.... و.... وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بمجازاة المطعون ضدهما طبقاً لمواد الاتهام الواردة بتقرير الاتهام مع إلزامهما بالمصروفات عن الدرجتين.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما بتاريخ 9/ 2/ 1986.
وبعد تحضير الطعن قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون والقضاء بإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم للفصل في موضوعها على ضوء الاتهامات الموضحة بتقرير اتهام.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية نظر الطعن أمام دائرة فحص المطعون لهذه المحكمة فقررت بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1986 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - لنظره بجلسة 18 من نوفمبر سنة 1986 وفي هذه الجلسة سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت النطق بالحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 117 لسنة 27 ق أمام المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها بإيداع قلم كتابها تقرير اتهام في 10/ 12/ 1983 ضد كل من: -
1 -..... مدير إدارة المعادن بالشركة العامة للأعمال الهندسية من الدرجة الأولى و..... مدير إدارة المعدات الكهربائية بالشركة العامة للأعمال الهندسية بالدرجة الثانية سابقاً وحالياً بالمعاش. ونسبت إليهما أنهما في خلال الفترة من سنة 1975 وحتى 1978 بالشركة العامة للأعمال الهندسية وبوصفهما السابق لم يؤديا العمل المنوط بهما بدقة ولم يحافظا على أموال الشركة التي يعملان بها بأن وافق المحال الأول على قبول العرض المقدم من المكتب الفني للاستشارات والعمليات الهندسية لتوريد كميات من الأثاثات المعدنية دون إجراء الدراسة التسويقية اللازمة الأمر الذي ترتب عليه إبرام العقود المؤرخة 23/ 2/ 1975، 15/ 1/ 76، 15/ 4/ 1976 لتوريد هذه الأثاثات وتكدسها بالمخازن دون إمكانية تصرفيها مما نجم عنه الإضرار بأموال الشركة التي يعمل بها على النحو الموضح بالأوراق، كما نسبت إلى المحال الثاني أنه وافق على توريد كميات من الأدوات الكهربائية خلال فترة عمله كمدير للإدارة دون إجراء الدراسات التسويقية اللازمة التي تكفل سرعة تصريفها الأمر الذي ترتب عليه تكدسها بالمخازن دون توزيع على النحو الموضح بالأوراق، كما أنه وافق على إبرام العقدين المؤرخين 15/ 5/ 1975، 3/ 1/ 1976 مع شركة حلوان للصناعات غير الحديدية "مصنع 63 الحربي سابقاً" لتوريد الكابلات الكهربائية السالف الإشارة إليها دون إجراء الدراسات التسويقية اللازمة الأمر الذي ترتب عليه عدم تصريف هذه الكابلات وتكدسها لعدم حاجة السوق المحلي إليها مما نجم عنه الإضرار بأموال الشركة على النحو الموضح بالأوراق.
وانتهت النيابة الإدارية إلى أن المحالين قد ارتكبا بذلك المخالفات المالية المنصوص عليها في المواد 44/ 1، 3، 46 من القانون رقم 61 لسنة 1971 والمواد 78/ 1، 4، 8/ 1 من القانون رقم 48 لسنة 1978. وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهما تأديبياً بالمواد سالفة الذكر وتطبيقاً للمواد 1/ 3، 3 من القانون رقم 19 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 1973 والمواد 82، 44، 91 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 171 لسنة 1981 والمواد 15 أولاً و19/ 1، 20، 21 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة. وقد أودعت النيابة الإدارية مع تقرير الاتهام مذكرة بوقائعه وأسانيد ثبوته وملف قضية النيابة الإدارية رقم 111 لسنة 1978 شركات الاقتصاد.
وحدد لنظر الدعوى أمام تلك المحكمة جلسة 26 من مارس سنة 1984 وتدوولت بالجلسات على الوجه المبين بمحاضرها وبجلسة 26 من نوفمبر سنة 1985 حكمت المحكمة بسقوط الدعوى التأديبية قبل المتهمين واستندت في قضائها إلى أن الثابت بالأوراق والتحقيقات أن أول إجراء اتخذ في القضية رقم 111 لسنة 1978 التي انتهت إلى إسناد المخالفات الواردة بتقرير الاتهام إلى المتهمين قد بدأ ببلاغ مؤرخ 22/ 10/ 1978 وأن العقود التي أبرمت وكان المتهمان مسئولين عن إعداد الدراسة التسويقية لها في تواريخ مختلفة أحدثها العقدين المؤرخين 16/ 4/ 1976، 12/ 1/ 1976 والثابت من الاطلاع على تلك العقود أن الذي وقعها عن الشركة رئيس مجلس إدارتها ومن ثم فقد توافر علم الرئيس المباشر بما يتم من دراسات تمهيدية قبل إبرام العقد وأن المدة التي انقضت بين علم الرئيس المباشر منذ إبرامه العقود المشار إليها بتقرير الاتهام وأول إجراء اتخذ ضد المتهمين تجاوز السنة فمن ثم تكون الدعوى التأديبية قد سقطت طبقاً للمادة 59 من القانون رقم 51 لسنة 1971 والمادة 93 من القانون رقم 48 لسنة 1978 ولم يثبت من الأوراق انقطاع مدة التقادم قبل انقضائها وأنه لا محل بالنسبة لسقوط الدعوى التأديبية بين المتهم الأول الذي ما زال بالخدمة والمتهم الثاني الذي استقال وانتهت خدمته منذ 28/ 2/ 1976 طالما أن الجزاءات التأديبية مقصود بها الردع والإصلاح والتقويم وهذا الاعتبار أولى بالاتباع بالنسبة للعامل الموجود بالخدمة ومع ذلك قرر المشرع مدة السقوط بصفة عامة ينطبق حكمها على من ترك الخدمة ومن بقى بها والعدالة تقتضي المساواة بينهما في هذا المجال.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن قيام رئيس مجلس إدارة الشركة بإبرام العقود موضوع المخالفة والتوقيع عليها لا يؤدي بذاته إلى علمه بالمخالفة موضوع الاتهام إذ أن الواقعة حتى يمكن اعتبارها مخالفة يستلزم الإفصاح عنها عن طريق تحقيق الواقعة والتأكد من قيامها فضلاً عن أن المشرع حين نص على سقوط المخالفة بمضي ثلاث سنوات من تاريخ وقوعها قد قصد بذلك حساب المدة من تاريخ ارتكاب الواقعة محل المخالفة وجعلها ثلاث سنوات وأن المشرع وهو بصدد تعديل القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة قد ألغى النص الذي يقضي بسقوط الدعوى التأديبية بمضي عام وقصر ذلك على سقوطها بمضي ثلاث سنوات من تاريخ حدوث الواقعة محل المخالفة نظراً لصعوبة إثبات تاريخ علم الرئيس بحدوث المخالفة كما أخطأ الحكم المطعون فيه حين سوى بين المتهم الذي بقى في الخدمة والمتهم الذي ترك الخدمة وذلك بالمخالفة لنص المادة 91 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 التي تقضي بالتتبع.
ومن حيث إن المادة 59 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 قد نصت على "تسقط الدعوى التأديبية بمضي سنة من تاريخ علم الرئيس المباشر بوقوع المخالفة وتسقط هذه الدعوى في كل حالة انقضاء ثلاث سنوات من يوم وقوع المخالفة، وتنقطع هذه المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة.
وتسري المدة من جديد ابتداء من آخر إجراء وإذا تعدد المتهمون فإن انقطاع المدة بالنسبة إلى أحدهم يترتب عليه انقطاعها بالنسبة للباقين ولو لم تكن قد اتخذت ضدهم إجراءات قاطعة للمدة، ومع ذلك إذا كون الفعل جريمة جنائية لا تسقط الدعوى التأديبية إلا بسقوط الدعوى الجنائية" وأوضح من صياغة هذا النص وهو ذات نص المادة 13 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام الذي حل محل القانون رقم 61 لسنة 1971 - أن ميعاد السنة المقرر لسقوط الدعوى التأديبية في هذا النص لا يبدأ إلا من تاريخ علم الرئيس المباشر بوقوع المخالفة وهذا العلم لا يفترض ويجب أن يكون ثابتاً ثبوتاً كافياً مقتضاه أن يكون الرئيس المباشر في موقف الرقيب الذي له سلطة اتخاذ الإجراء اللازم في المخالفة أو السكوت عليها وإلا سقطت الدعوى بانقضاء ثلاث سنوات من يوم وقوع المخالفة.
ومن حيث إن المادة 20 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة قد نصت على "أن لا تجوز إقامة الدعوى التأديبية على العاملين بعد انتهاء خدمتهم إلا في الحالتين الآتيتين:
1 - إذا كان قد بدئ في التحقيق أو المحاكمة قبل انتهاء الخدمة.
2 - إذا كانت المخالفة من المخالفات المالية التي يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو الوحدات التابعة لها وذلك لمدة خمس سنوات من تاريخ انتهاء الخدمة ولو لم يكن قد بدئ في التحقيق قبل ذلك" وقد أوردت المادة 91 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 مضمون أحكام ذلك النص متضمنة في ذات الوقت الجزاءات التي يجوز للمحاكم التأديبية توقيعها على من ترك الخدمة وعلى غرامة لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تجاوز الأجر الإجمالي الذي كان يتقاضاه العامل في الشهر عند تركه الخدمة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن أول إجراء اتخذ في قضية النيابة الإدارية رقم 111 لسنة 1978 التي انتهت إلى إسناد المخالفات الواردة بتقرير الاتهام إلى المطعون ضدهما قد بدأ ببلاغ مؤرخ 22/ 10/ 1978 وكانت العقود التي أبرمتها الشركة موضوع مسئولية المطعون ضدهما عن عدم إجراء الدراسات التسويقية الدقيقة لها قد عقدت في تواريخ مختلفة أحدثها العقدين المؤرخين 15/ 4/ 1976، 15/ 1/ 1976 فيما يتعلق بالمطعون ضده الأول، 12/ 1/ 1976 فيما يتعلق بالمطعون ضده الثاني الذي انتهت خدمته في 28/ 2/ 1976 بالاستقالة فإنه والأمر كذلك تكون مدة سقوط الدعوى التأديبية بالنسبة للمطعون ضده الأول هي ثلاث سنوات من تاريخ وقوع المخالفة حيث لا يفترض علم رئيس مجلس الإدارة بالمخالفة التي شابت الدراسة التسويقية بمجرد توقيعه على العقدين المؤرخين 15/ 1/ 1976، 15/ 4/ 1976 ذلك أن تلك المخالفة تتعلق بإجراءات سابقة على التعاقد ولا تظهر جديتها أو دقتها فور التوقيع على العقد وإنما تتضح لدى ورود البضائع موضوع التعاقد وعدم إمكان تصريفها متى كان ركودها بسبب تلك الدراسة وحدها الأمر ومن ثم فإن مدة سقوط الدعوى التأديبية في هذه الحالة تكون ثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب المخالفة وليس بانقضاء سنة من تاريخ التوقيع على هذين العقدين. وفيما يتعلق بالمحال الثاني وقد ترك الخدمة اعتباراً من 28/ 2/ 1976 فإن ذلك لا يمنع من محاكمته تأديبياً لعدم انقضاء خمس سنوات على تاريخ تركه الخدمة باعتبار أن المخالفة المنسوبة إليه مخالفة مالية وذلك إعمالاً لحكم المادة 20 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة والمادة 91 من القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه. وإذ لم ينهج الحكم المطعون فيه هذا النهج فإنه يكون مخالفاً للقانون جديراً لذلك بإلغائه.
من حيث إن الدعوى التأديبية قبل المطعون ضدهما مهيأة للفصل فيها والثابت من الاطلاع على أقوال المطعون ضده الأول أنه كان مدير إدارة المعادن بالشركة العامة للأعمال الهندسية من 1962 وأن تلك الإدارة اتخذت إجراءات شراء الأثاثات المعدنية وتولت إجراء الدراسات التسويقية اللازمة قبل التعاقد وأنه لم يتم استيراد تلك الأثاثات من الخارج لارتفاع تكلفة استيرادها كما أن شركات القطاع العام لا تنتج هذا النوع من الأثاثات المعدنية ورد عدم تصريف هذا النوع من البضاعة إلى تغير حالة السوق بتوافر كميات كبيرة منها بعد أن أقامت بعض شركات القطاع الخاص باستيراد كميات منها من الخارج وطرحها بالسوق المحلي إلى جانب عدم وجود الخبرة والعدالة الفنية لدى بعض موظفي الشركة في أسلوب تصنيف الأثاثات وأنه رغم ذلك فقد تم توزيع جزء من الكمية كما تم رد جزء آخر من الكمية إلى المورد الأصلي وقد انخفض رصيد المخزون منها في نهاية عام 1978.
وقرر المطعون ضده الثاني أنه كان مدير إدارة المعدات الكهربائية بالشركة المذكورة لمدة سبع سنوات إلى أن استقال من الشركة في 28/ 2/ 1976 وأن الأدوات الكهربائية كانت تستورد من الخارج وقبل إجراء أعمال الاستيراد كانت لجنة السلع الهندسية بالمؤسسة المصرية العامة للتجارة الخارجية تقوم بتحديد الحصة النقدية اللازمة للاستيراد لكل شركة من شركات التجارة سواء كانت حصة اتفاقيات أو حصة من العملات الحرة ثم تحدد اللجنة مواعيد للشركات لتقديم العروض الخاصة بالاستيراد وتفحص هذه العروض بمعرفة اللجنة ذاتها وتصدر في شأنها قراراً بالبت فيها ثم تتخذ بعد ذلك إجراءات فتح الاعتماد والاستيراد وبعد ورود السلعة تودع بالمخازن إلى أن تحدد أسعارها بعد حساب قيمة التكلفة ونسب الربح المقررة وأنه خلال فترة عمله لم تتعاقد الشركة على توريد أدوات كهربائية من السوق المحلي سوى بالعقد المبرم مع مصنع 63 الحربي لتوريد كابلات كهربائية وأنه إذا كانت بها عيوب فإنها تكون راجعة إلى سوء التصنيع ولا تظهر إلا عند الاستعمال.
هذا والثابت من أقوال..... مدير إدارة المعدات الكهربائية الذي حل محل المطعون ضده الثاني أن استلام الكابلات تلك كان يتم بعد إجراء فحص ظاهري لها لعدم توافر الخبرة الفنية والإمكانيات التي تسمح بإجراء الفحص الدقيق لها إلى جانب أنها منتجة في مصنع 63 الحربي المعتمد إنتاجه من هيئة التوحيد القياسي وهو جهة تابعة للقطاع العام وتتمتع منتجاته بالثقة. كما أن الثابت من...... رئيس مجلس إدارة الشركة السابق أنه هو الذي طلب من المختصين بمصنع 63 الحربي تخصيص حصة من الكابلات الكهربائية للشركة لكي تقوم هي بتصريفها داخل السوق المحلي حيث لاحظ أن توزيع تلك السلعة يتم بأسعار مرتفعة عن أسعارها الحقيقية في السوق السوداء لعدم وجود موزعين في السوق لبيع هذا المنتج. وأنه فيما يتعلق بالدراسات التسويقية فهي أمور تقديرية ليس لها معايير محددة يمكن القياس عليها قبل إتمام عملية الشراء فيكفي أن تقدم الإدارة السلعية المختصة بالقطاع التجاري مذكرة تطلب فيها شراء أو استيراد سلعة رأت أن السوق في حاجة إليها أو أنه يمكن تسويقها وتنشيطها في السوق بما يحقق صالح الشركة وتقوم بتحديد الأسعار على ضوئها وإلى جانب ذلك فإن العمل التجاري يتم بالمخاطرة لأنه يصعب تحقيق أرباح من جراء كل عملية لجواز التعرض لظروف تحول دون إمكانية تسويق السلعة في وقت معين أو بالأسعار التي كانت مقدرة ومن الجائز أيضاً أن يحدث كساد لإحدى السلع في فترة معينة ثم تنشط حركة التعامل فيها بعد ذلك بما يحقق أرباحاً للتاجر طائلة من ورائها وفيما يتعلق بركود بعض السلع وعدم تصريفها في وقت تعتبر الذي أثارته شكوى اللجنة النقابية - موضوع تحقيق قضية النيابة الإدارية الماثلة - فإن ذلك مرجعه بدء تنفيذ سياسة الانفتاح الاقتصادي والسماح للقطاع الخاص بالاستيراد دون تحويل عمله مما ترتب عليه توافر أكثر من السلع داخل السوق المحلي.
كما أن الثابت من أقوال أحمد شلبي المدير التجاري للشركة العامة للأعمال الهندسية خلال الفترة من 23/ 9/ 1974 وحتى أول مارس سنة 1977 أن السبب في ركود السلع موضوع العقود المشار إليها بتقرير الاتهام هو صدور قرار بإباحة الاستيراد من الخارج للقطاع الخاص بدون تحويل عمله دون إباحة ذلك للقطاع العام مما ترتب عليه استيراد سلع مماثلة تقل في أسعارها عما لدى الشركة مما أدى إلى تعثر تصريفه.
ومن حيث المستخلص مما تقدم أن المطعون ضده الأول قد أجرى دراسات تسويقية للسلع موضوع العقود التي أبرمتها الشركة وهي مجرد دراسات تقريرية قد تغير من أسسها وجدواها ما يطرأ على السوق من سياسات اقتصادية معينة تضعها السلطات المختصة في الدولة وهو ما لا تظهر آثاره ونتائجه إلا بعد فترة طويلة من تطبيق تلك السياسات كما هو الشأن في الحالة المعروضة حيث وجدت ظروف جديدة في السوق أدت إلى وجود بضائع معينة منافسة لسلع الشركة مما ترتب عليه عدم سرعة تصريف سلع الشركة إزاء هذه المنافسة وهو ما لا تسأل الشركة عنه وكذلك لا يسأل المطعون ضده الأول عنه ومن ثم لا يجوز محاسبته عما أجرى من دراسة تسويقية ترتب عليها ركود بعض السلع في وقت ما لأسباب خارجة عن كل توقع. ومن ثم تضحى المخالفة المنسوبة إليه بتقرير الاتهام غير ثابتة في حقه مما يتعين تبرئته منها.
ومن حيث إن بالنسبة للمطعون ضده الثاني فإن ذات الظروف السابقة وما ترتبت عليه السياسة الاقتصادية من آثار وقتئذ وإزاء ما قرره رئيس الشركة من أنه هو الذي طلب من المختصين بمصنع 63 الحربي توريد جزء من منتجاتها للكابلات الكهربائية لتوزيعها في السوق المحلي لما لاحظه من وجودها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة عن أسعارها الحقيقية لعدم وجود موزعين لها في السوق فإنه والحالة هذه لا يمكن نسبه ثمة خطأ للمطعون ضده الثاني من جراء ركود تلك الأصناف في المخازن وعدم سرعة تصريفها مما يضحى معه ما أسند إليه بتقرير الاتهام غير ثابت في حقه وهو ما يتعين معه تبرئته مما أسند إليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وببراءة المطعون ضدهما مما أسند إليهما بتقرير الاتهام.