مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 645

(98)
جلسة 11 من يناير سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

الطعن رقم 2563 لسنة 29 القضائية

طوائف خاصة من العاملين - مأموري وملاحظي المنائر.
القانون رقم 689 لسنة 1954 بشأن مأموري وملاحظي المنائر - وظائف مأموري وملاحظي المنائر ذات طبيعة خاصة سواء من حيث واجباتها ومسئولياتها ونظام العمل بها - أخرج المشرع العاملين بهذه الوظائف من نطاق الخضوع لقواعد نظام العاملين المدنيين بالدولة - أفرد المشرع لمأموري وملاحظي المنائر نظاماً خاصاً من حيث الدرجة المالية والرواتب الإضافية التي تمنح لهم أو الإجازات والعلاج المجاني والمعاش والمزايا التي تقابل الأعباء الخاصة التي يتحملها هؤلاء العاملون قبل مباشرة العمل أيام الجمع والعطلات الرسمية - مؤدى ذلك - عدم خضوع هؤلاء العاملين لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 الواردة بشأن الإجازات الأسبوعية أو السنوية أو الراتب الإضافي - أساس ذلك: تعارضها مع الأحكام المقررة بالقانون رقم 689 لسنة 1954 - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 26 من يونيه سنة 1983 أودعت هيئة قضايا الدولة بالنيابة عن الرئيس الأعلى لمصلحة المواني والمنائر قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2563 لسنة 29 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 28 من إبريل سنة 1983 في الدعوى رقم 16 لسنة 35 القضائية المقامة من السيدين/ أحمد علي خليفة وأحمد محمد جابر ضد مصلحة المواني والمنائر والذي قضى بأحقية المدعين في أجر مضاعف عن أيام العمل في الجمع وعطلات الأعياد والمناسبات الرسمية وكذا في الأجر الإضافي مقابل ساعات العمل الإضافية في الحدود التي سنتها الإدارة على النحو المبين بالأسباب وما يترتب على ذلك من آثار وأخصها صرف الفروق المالية المستحقة ابتداء من 2/ 10/ 1975 وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعين المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) حيث تحدد لنظره أمامها جلسة 7 من ديسمبر سنة 1986 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يستفاد من الأوراق في أن السيدين/ أحمد علي خليفة وأحمد محمود جابر أقاما الدعوى رقم 36 لسنة 35 القضائية بتاريخ 2/ 10/ 1980 أمام محكمة القضاء الإداري بالاسكندرية ضد مصلحة المواني والمنائر طالبين الحكم بأحقيتهما في أجر مضاعف عن أيام العمل في الجمع والعطلات الرسمية والأعياد والمناسبات التي تتعطل فيها دواوين الحكومة وذلك لتعذر الحصول على بدل راحات عنها مع صرف مقابل ساعات العمل الإضافية التي يعملاها طوال مدة خدمتهما واحتساب متوسط هذه المبالغ وضمها إلى مرتب كل منهما ليصبح جزءاً من الأجر وإلزام الإدارة المصروفات مؤسسين دعواهما على أنهما يستحقان الأجر المضاعف والأجر الإضافي طبقاً لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة لعدم وجود نص خاص في القانون رقم 689 لسنة 1954. وردت الجهة الإدارية على الدعوى بعدم أحقية المدعيين فيما يطالبان به استناداً إلى أن طائفة العاملين بالمنائر من مأمورين وملاحظين ينظمها القانون رقم 689 لسنة 1954 وقد راعى هذا القانون طبيعة العمل في المنائر من حيث العزلة وبعد العاملين بها عن ذويهم والمصاعب والمشاق التي تلاقيها هذه ولذلك نص على منحهم بعض المزايا تعويضاً لهم على النحو المفصل بهذا القانون وقد أخذ في الاعتبار عند وضع القانون المذكور طبيعة العمل وظروفه في مجموعها ومن بينها العمل أثناء العطلات الرسمية وأيام الجمع ومن أجل ذلك ميزهم عن غيرهم من العاملين المدنيين بالدولة بما قرره لهم من مرتبات إضافية وإجازات وعلاج وزيادة مدة الخدمة المحسوبة في المعاش وحرصاً من المصلحة على تقدير العاملين بالمنائر وتشجيع من لا يحصلون على إجازاتهم المنصوص عليها في القانون وهي 90 يوماً في السنة يتم منحهم مكافأة نظير ذلك وإضافة الجهة الإدارية بأن مأموري وملاحظي المنائر يخضعون في عملهم لنظام الورديات بحيث يحصل كل منهم على راحات في مقر عمله بالمنائر المنعزلة أو خارج مقر العمل في المنائر المتصلة بالبر كما يحصلون على راتب إقامة وغيره من الرواتب الأخرى مثل راتب المنائر وبدل الغذاء تعويضاً عن إقامتهم بالمنائر.
وبجلسة 28/ 4/ 1983 حكمت المحكمة بأحقية المدعين في أجر مضاعف عن أيام العمل في الجمع وعطلات الأعياد والمناسبات الرسمية وفي الأجر الإضافي مقابل ساعات العمل الإضافية في الحدود التي سنتها الإدارة على النحو المبين بالأسباب وما يترتب على ذلك من آثار وأخصها صرف الفروق المالية ابتداء من 2/ 10/ 1975 وألزمت الإدارة المصروفات.
وأسست المحكمة قضاءها على أن القانون رقم 689 لسنة 1954 لم يتعرض في أحكامه لأيام الجمع والعطلات والمناسبات الرسمية مما يتعين معه الرجوع في شأنها إلى قانون العاملين المدنيين بالدولة الذي جعل للعامل حقاً في الإجازة يتقاضى خلال أجره كاملاً وإذا أدى عمله أثنائها لضرورة ملحة استحق أجراً مضاعفاً أو حصل على إجازة من أيام أخرى بديلة كما أن أحكام هذا القانون هي التي تحكم موضوع الأعمال الإضافية لعدم وجود قواعد قانونية خاصة بطائفة الموظفين التي ينتمي إليها المدعيان - خاصة وأن الجهة الإدارية أصدرت أمراً إدارياً يتضمن قواعد صرف الأجر الإضافي عن ساعات العمل الإضافية وهو ما يفيد أنها أقرت بأحقية العاملين في صرف الأجر الإضافي مقابل ساعات العمل الإضافية.
ومن حيث إن القانون رقم 689 لسنة 1954 بشأن مأموري وملاحظي المنائر قد نص في المادة (5) على أن يكون التعيين في وظائف ملاحظي المنائر بالدرجة السابعة في الكادر الفني المتوسط من بين الناجحين من الامتحان الذي تعقده لذلك ديوان الموظفين ويصدر بالمؤهلات الدراسية اللازم توافرها لشغل تلك الوظائف وبالسن ويشترط اللياقة الصحية قرار من وزير الحربية ويجوز نقل مأموري وملاحظي المنائر بناء على طلبهم إلى غير هذه الوظائف ويتم النقل على أساس اعتبار الموظف المنقول معيناً في الدرجة والمرتب المقررين للمؤهل الدراسي الذي كان يحمله عند تعيينه في وظيفة ملاحظ منائر، ونص في المادة 2 على أن يحصل كل مأمور أو ملاحظ منارة مرتباً إضافياً يصدر بتحديده وشروط منحه قرار من وزير الحربية بعد موافقة وزارة المالية والاقتصاد، ونص في المادة (3) على أن تكون الإجازة الاعتيادية لمأموري وملاحظي المنائر لمدة ثلاثة أشهر في السنة. ويمنح الموظف عن كل ثلاث سنوات في الخدمة إجازة مرضية بناء على قرار من القومسيون الطبي المختص على الوجه الآتي: -
1 - ستة شهور بمرتب كامل.
2 - ستة شهور بنصف مرتب.
3 - ستة شهور بربع مرتب.
ونص في المادة (4) على أن يكون علاج مأموري وملاحظي المنائر بالدرجة الثانية بمستشفيات الحكومة وفي حالة عدم وجود أماكن بهذه المستشفيات يجوز علاجهم بالمستشفيات الخاصة مع مد نفقات العلاج التي يقدرها القومسيون ونص في المادة (5) على أن تحسب مدة الخدمة لمأموري وملاحظي المنائر بالنسبة للمعاش أو المكافأة بواقع سنة ونصف سنة عن كل سنة تمضي في منارات البحر الأحمر عدا منارات أبو الدرج والزعفرانة ورأس غارب وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون عن الحكمة التي اقتضت إصدار هذا القانون فجاء فيها أنه تدعو طبيعة العمل في المنائر أن يعيش مأمورها وملاحظوها في عزلة تامة بعدين عن أزواجهم وأولادهم وزريتهم حيث يقومون بأنفسهم لتدبير شئونهم المعيشية إلى جانب إعداد المنائر وتهيئتها مما تجعلها صالحة دائماً للاستعمال مع التمرين المستمر على استعمال الإشارة الدولية والمتكلم بالضوء (الموريس) والتخاطب بالأعلام (السجاتور) وقد كانت القواعد السارية في شأن هذه الطائفة تتضمن منحها المزايا تعويضاً عن المصاعب والمشقات التي تلاحقها ولكن بصدور القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة ألغيت هذه المزايا فقل الإقبال على هذه الوظائف وكاد ينعدم، ولذلك رؤى تدارك هذه النتيجة بتشريع حتى لا تتعرض المنائر للعطل مما يترتب عليه الاخلال بسير الملاحة الدولية.
ومن حيث إنه تبين مما تقدم أن وظائف مأموري وملاحظي المنائر ذات طبيعة خاصة سواء من حيث واجبات هذه الوظائف ومسئولياتها أو من حيث نظام العمل بها حيث يتم مباشرة أعمالها في أماكن معينة بصفة مستمرة وعلى مدار العام بأكمله دون توقف في ساعات معينة أو في أيام معينة ومن أجل ذلك أخرج المشرع العاملين الشاغلين لهذه الوظائف من نطاق الخضوع لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة وأقرو لهم نظاماً خاصاً بهم من حيث الدرجة المالية التي يتم تعيينهم عليها والرواتب الإضافية التي تمنح لهم - وعلاجهم مجاناً على نفقة الدولة والإجازات الاعتيادية والمرضية التي تستحق لهم واحتساب مدة الخدمة في المعاش بواقع سنة ونصف عن كل سنة يمضيها العامل في منارة معينة. فمن ثم فإن أحكام القانون رقم 689 لسنة 1954 التي اشتملت على تنظيم شامل لهذه الوظائف هي وحدها التي تسري على العاملين بالمنائر بحسبان أنها تضمنت في مجموعها المزايا التي تقابل الأعباء الخاصة التي يتحملها هؤلاء العاملين ومنها بطبيعة الحال مباشرة العمل أيام الجمع والعطلات الرسمية وبالتالي فلا يرجع للأحكام التي تضمنها القانون رقم 210 لسنة 1951 المتعلقة بالإجازات الأسبوعية أو السنوية أو الراتب الإضافي لتعارضها مع الأحكام الخاصة التي نص عليها القانون رقم 689 لسنة 1954.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم لا يكون للمدعيان أصل حق في المطالبة بأجر مضاعف عن العمل في أيام الجمع والعطلات الرسمية طبقاً لأحكام قانون العاملين المدنيين بالدولة لخروجهم من نطاق المخاطبين بأحكامه في هذا الخصوص كما لا يكون لهما أصل حق في المطالبة من منحهم أجراً إضافياً عن ساعات العمل الإضافية ما دام أن العمل بالمنائر يجري على نظام الورديات بحيث يحصل كل عامل على راحات في مقر عمله بالمنائر المنعزلة أو خارج مقر العمل في المنائر المتصلة بالبر وما دام أنه لم يثبت من الأوراق أن أياً منهما قد كلف بالعمل خارج نطاق ورديته المقررة والتي يتحدد بالنظر إليها نطاق عمله الرسمي والمواعيد المعينة له. وبناء على ذلك يكون دعوى المدعيان قائمة على غير سند من القانون متعيناً رفضها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى بغير النظر السالف فيكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعيان المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعيين بالمصروفات.