مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 660

(101)
جلسة 17 من يناير سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وحسن حسنين علي والسيد السيد عمر المستشارين.

الطعن رقم 1850 لسنة 30 القضائية

إصلاح زراعي - التصرف في الأراضي المستولى عليها.
القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي والقوانين المعدلة له - المادة (1) من القانون رقم 100 لسنة 1964 بشأن تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها - لا تسري أحكامه على العقارات المستولى عليها تنفيذاً لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي والقوانين المعدلة له - إذا كانت الأرض محل النزاع مستولى عليها طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي فإن التصرف فيها منوط بصدور قرار من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي - لا محل للتمسك بما أبدته بعض الجهات من موافقات سابقة على المشروع الذي كان الطاعن يزمع إقامته على مساحة الأرض - أساس ذلك: أن هذه الموافقات كانت تنصب على مشروع الأمن الغذائي المزمع تنفيذه ولا تعدو أن تكون من قبيل الإجراءات التحضيرية والتمهيدية اللازم استيفاؤها قبل صدور القرار الإداري بالتصرف من الجهة المختصة - وهي الهيئة العامة للإصلاح الزراعي - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 10 من مايو سنة 1984 أودع الأستاذ سعد العمروسي المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1850 لسنة 30 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 13/ 3/ 1984 في الدعوى رقم 4662 لسنة 37 ق والقاضي بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وإلزام المدعي بالمصروفات. وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في موضوعها، ومن باب الاحتياط الحكم بطلبات الطاعن في الدعوى وإلزام المطعون ضده الأول بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه وقبول الدعوى شكلاً وبصفة أصلية إعادتها إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها مجدداً بهيئة أخرى مع إرجاء الفصل في المصروفات. وبصفة احتياطية رفض الدعوى وإلزام الطاعن بالمصروفات. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 7/ 4/ 1986 وتدوول بجلساتها على الوجه الثابت بالمحاضر حتى قررت بجلسة 17/ 11/ 1986 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" لنظره بجلسة 29/ 11/ 1986 وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن على الوجه المبين بالمحضر وقررت إصدار حكمها فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم الآتي وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن الطاعن كان قد أقام دعواه رقم 4662 لسنة 37 ق بعريضة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 5/ 7/ 1983 طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بعرض الأرض المبينة بصحيفة الدعوى للبيع بالمزاد العلني، وإلغاء القرار السلبي الصادر منه بعدم الموافقة على تخصيص الأرض المذكورة لمشروع المدعي وعدم بيعها له بالممارسة بالثمن المحدد بمعرفة اللجنة العليا لتعين أراضي الدولة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه بالمصروفات والأتعاب. وبجلسة 13/ 3/ 1984 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وألزمت المدعي بالمصروفات. وأقامت قضاءها على أساس أن القرار المطعون فيه هو قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي رقم 25 الصادر بالجلسة رقم 119 بتاريخ 28/ 10/ 1982 بتقسيم الأرض إلى قطع وعرضها للبيع بالمزاد العلني، وأنه ولئن خلت الأوراق من تاريخ إخطار المدعي بهذا القرار إلا أنه يبين من الاطلاع على الطلب المقدم منه إلى رئيس مجلس إدارة الهيئة المذكورة أنه ورد إليها برقم 2674 في 20/ 4/ 1983 ومن ثم يكون علم المدعي بالقرار المطعون فيه سابقاً على هذا التاريخ تبيناً وتحسب المدة التي يجوز رفع دعوى الإلغاء خلالها اعتباراً من هذا التاريخ، أي في موعد غايته 19/ 6/ 1983. وإذ أقام المدعي دعواه في 5/ 7/ 1983 فمن ثم تكون مقامة بعد الميعاد.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الالتماس المقدم من الطاعن إلى رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي المؤرخ 20/ 4/ 1983 ما هو إلا تظلم من القرار المطعون فيه وهو ما يبين من سياقه وما طلب الطاعن فيه من إعادة النظر في قرار الهيئة إجحافه به، ومن ثم ينقطع ميعاد رفع الدعوى بهذا التظلم حتى يصدر قرار مسبب برفض التظلم أو تمضي ستون يوماً على تقديم التظلم دون إجابة، وعندئذ يكون ميعاد رفع الدعوى خلال الستين يوماً التالية لانقضاء الستين يوماً الأولى أي في موعد غايته 18/ 8/ 1983، وإذ أقيمت الدعوى في 5/ 7/ 1983 فتكون مقبولة شكلاً ويكون الحكم المطعون فيه مخالفاً للقانون حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على أصل الالتماس الذي قدمه الطاعن إلى رئيس مجلس إدارة الهيئة المطعون ضدها والمقيد بالهيئة برقم وارد 2673 في 20/ 4/ 1983 أن الطاعن استعرض فيه المراحل التي مر بها طلبه المقدم للهيئة في أواخر سنة 1979 لشراء مساحة 21 فداناً بزمام ناحية جزاية مركزا امبابة من أطيان الاستيلاء لإقامة مشروع أمن غذائي على جزء منها واستصلاح الباقي حتى عرض الموضوع على مجلس الإدارة للنظر في الموافقة على التصرف إليه في الأرض. فأصدر المجلس قراره رقم 25 بجلسته المنعقدة في 28/ 10/ 1982 بالموافقة على تقسيم الأرض إلى عدة قطع وطرحها في مزاد بعد تقدير سعر أساس للأرض بمعرفة اللجنة العليا ليثمن أراضي الدولة. وأردف الملتمس أن موقف الهيئة على هذا النحو يمثل إجحافاً شديداً بحقوقه التي استقرت نتيجة الموافقات المتعددة والمتتالية من جهات الاختصاص على جدية الاختصاص وسلامة مشروعة مما يتعين معه أن تمد له الهيئة يد العون، وطلب في ختام التماسه إعادة النظر في الموضوع. ومفاد ذلك أن هذا الالتماس يعتبر تظلماً من قرار مجلس إدارة الهيئة المشار إليه، وإذ خلت الأوراق مما يفيد علم التظلم بهذا القرار في تاريخ معين سابق على تاريخ تظلمه، فمن ثم يكون التظلم مقدماً في الميعاد المقرر قانوناً وقاطعاً لميعاد رفع الدعوى طبقاً لحكم المادة 24 من قانون مجلس الدولة. ولما كان الثابت من حافظة مستندات الهيئة أنها أخطرت المذكور بكتابها رقم 4153 - المؤرخ 1/ 6/ 1983 بأنه قد تحدد يوما 14 و21/ 6/ 1983 لبيع الأرض بالمزاد العلني بمقر مديرية الإصلاح الزراعي بالجيزة وعليه دخول المزاد إذا رغب في ذلك حيث تقرر حفظ الالتماس المقدم فيه في هذا الشأن. وإذ كانت الدعوى الماثلة قد أقيمت في 5/ 7/ 1983، فمن ثم تكون مقامة خلال ستين يوماً من تاريخ إخطار الطاعن برفض تظلمه ويتعين قبولها شكلاً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق أحكام القانون إذ لم يرتب على التظلم المقدم من الطاعن إلى الهيئة في 20/ 4/ 1983 أثره القاطع لميعاد رفع الدعوى، فحسب بداية هذا الميعاد في التاريخ المذكور وبنى على ذلك قضاءه بعدم قبول الدعوى شكلاً. ومن ثم يتعين الحكم بإلغائه وبقبول الدعوى شكلاً. ومن حيث إن موضوع الدعوى مهيأ للفصل فيه، ومن ثم فإن المحكمة - على ما جدى به قضاؤها - تتصدى للفصل في الموضوع.
ومن حيث إن وقائع الموضوع تخلص في أن الطاعن كان قد تقدم للهيئة العامة للإصلاح الزراعي في أواخر عام 1979 بطلب شراء مساحة حوالي 21 فداناً بوراً بزمام ناحية جزاية مركز امبابة لإقامة مشروع أمن غذائي على جزء منها واستصلاح الجزء الباقي، وهذه الأرض من الأراضي المستولى عليها بالقانون رقم 127 لسنة 1961 المعدل للقانون رقم 178 لسنة 1952. وقد عرض الطلب على عدة جهات لاستطلاع رأيها فيه أو إبداء موافقتها على إقامة المشروع، إذ عرض على لجنة المشروعات الاستثمارية بمحافظة الجيزة، وعلى اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة التي قدرت بتاريخ 26/ 4/ 1980 سعر الفدان بأربعة آلاف جنيه، ثم عرض الموضوع على المجلس الشعبي المحلي لمركز امبابة والمجلس الشعبي المحلي لمحافظة الجيزة، وعلى لجنة الأمن الغذائي بوزارة الزراعة. ثم تحرر للجنة العليا للتراخيص بوزارة الزراعة بتاريخ 30/ 9/ 1981 للنظر في إصدار ترخيص بإقامة مشروع الأمن الغذائي على الأرض طبقاً لأحكام قانون الزراعة. غير أنه بتاريخ 27/ 6/ 1982 أعدت إدارة البيع والتسجيل بالهيئة العامة للإصلاح الزراعي مذكرة استعرضت فيها المراحل التي مر بها الموضوع وأشارت إلى أنه حتى تاريخ إعداد المذكرة فإن وزارة الزراعة لم ترد على مكاتبات الهيئة في شأن استصدار الترخيص اللازم طبقاً لأحكام قانون الزراعة لإقامة المنشآت على الأرض الزراعية، كما أن محافظة الجيزة "إدارة شئون الاستثمار" قد وافت الهيئة بكتابها رقم 5468 في 1/ 6/ 1982 بضرورة عرض المشروع على هيئة المجتمعات الجديدة للحصول على موافقتها بإقامة المشروع وفقاً لأحكام القانون رقم 59 لسنة 1979 بشأن إنشاء المجتمعات الجديدة. فضلاً عن أنه يلزم إعادة العرض على اللجنة العليا ليثمن أراضي الدولة لإعادة تثمين الأرض لمضي أكثر من سنتين على تقديرها السابق، خصوصاً وأنه قد تقدمت عدة طلبات أخرى لشراء هذه الأرض لإقامة مشروعات أمن غذائي عليها وانتهت المذكرة إلى العرض على مجلس إدارة الهيئة للنظر في الموافقة إما على التصرف للطاعن في مساحة الأرض المذكورة على أن يكون مسئولاً عن الحصول على كافة التراخيص اللازمة قبل التسليم وفي موعد أقصاه ستة أشهر، أو الإشهار عن هذه الأرض في مزاد بعد تقسيمها إلى قطع تتناسب والقوة الشرائية وبعد تقدير السعر الأساسي لها بمعرفة اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة، ولمقدم الطلب المذكور الدخول في المزاد لشراء المسطح الذي يناسب مشروعه. وقد عرضت هذه المذكرة على مجلس إدارة الهيئة بالجلسة رقم 119 بتاريخ 28/ 10/ 1982 فأصدر المجلس القرار رقم 25 بالموافقة على تقسيم الأرض وطرحها في مزاد وفقاً لما اقترحته المذكرة المشار إليها.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على قرار مجلس إدارة الهيئة المشار إليه مخالفته حكم المادة 23 من القانون رقم 100 لسنة 1964 بشأن تنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها التي أجازت التصرف في مساحات من الأراضي البور والأراضي الصحراوية غير المزروعة ببيعها بطريق الممارسة إلى الأفراد الراغبين في شرائها لاستصلاحها، فضلاً عن موافقة جميع الجهات والمجالس الشعبية بمحافظة الجيزة على تخصيص تلك الأرض لمشروع المدعي مما يجعل القرار المطعون فيه مشوباً بعيب الانحراف في السلطة.
ومن حيث إنه لا محاجة بأحكام القانون رقم 100 لسنة 1964 المشار إليه ذلك أنه طبقاً لحكم المادة رقم 1 من هذا القانون فإن أحكامه لا تسري على العقارات المستولى عليها تنفيذ الأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي والقوانين المعدلة له، والثابت من الأوراق أن الأرض محل النزاع مستولى عليها طبقاً لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 المعدل للقانون رقم 178 لسنة 1952 سالف الذكر. ومن ثم فإن التصرف فيها منوط بقرار من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي وفقاً لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 والقوانين المعدلة له. كذلك فلا محل للتمسك بما أبدته بعض الجهات من موافقات على المشروع الذي كان يزمع إقامته على مساحة الأرض المذكورة، ذلك أن هذه الموافقات كانت تنصب على مشروع الأمن الغذائي المزمع تنفيذه، فضلاً عن أنها لا تعدو أن تكون من قبيل الإجراءات التحضيرية والتمهيدية اللازم استيفاؤها قبل صدور القرار من الهيئة المختصة - وهي الهيئة العامة للإصلاح الزراعي - بالتصرف في الأرض - يضاف إلى ما تقدم أنه ليس ثمة دليل في الأوراق يشوب قرار مجلس إدارة الهيئة المطعون فيه - حسبما يدعي الطاعن - بالانحراف بالسلطة الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.