مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 666

(102)
جلسة 17 من يناير سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وحسن حسنين علي وفاروق عبد الرحيم غنيم المستشارين.

الطعن رقم 2512 لسنة 30 القضائية

دعوى الإلغاء - طلب وقف التنفيذ - شروطه.
يشترط لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالإلغاء - أن يكون من شأن تنفيذه حدوث نتائج يتعذر تداركها - المنازعات التي تدور حول حقوق مالية ينتفي فيها تصور وقوع نتائج يتعذر تداركها من تنفيذ ما قد يصدر بشأنها من قرارات - أساس ذلك: - أنه بعد حسم موضوع النزاع سوف يسترد كل صاحب حق حقه - مثال: طلب وقف تنفيذ صرف قيمة خطاب ضمان حتى يقضى في موضوع الدعوى - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 4 من يوليو سنة 1984 أودع الأستاذ سعد أبو عوف المحامي بصفته وكيلاً عن جمعية العاشر من رمضان قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2512 لسنة 30 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 8/ 5/ 1984 في الدعوى رقم 4870 لسنة 37 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي بمصروفاته. وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه إلغاء الحكم المطعون فيه ووقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات. وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 19/ 5/ 1986 وتدوول بالجلسات على الوجه الثابت بالمحاضر حتى قررت بجلسة 1/ 12/ 1986 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات لنظره بجلسة 20/ 12/ 1986، وبهذه الجلسة نظرت المحكمة الطعن على الوجه المبين بالمحضر وحجزته للحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم الآتي وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن الطاعنة كانت قد أقامت الدعوى رقم 4870 لسنة 37 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 1/ 8/ 1983 طالبة الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير المالية بتطبيق أحكام قرار وزير الدولة للإسكان والتعمير رقم 187 لسنة 1982 على البضائع التي استوردتها من الخارج الشركة العربية للمصاعد (شندلر مصر) لحساب جمعية العاشر من رمضان مع ما يترتب على ذلك من آثار خاصة وقف صرف قيمة خطابي الضمان رقمي 790/ 82/ 83 و791/ 82/ 83. وجاء بعريضة الدعوى شرحاً لوقائعها أنه صدر القانون رقم 14 لسنة 1981 الخاص بالجمعيات التعاونية للإسكان وضعت المادة 66 منه على إعفاء جميع المواد اللازمة لمشروعات الجمعيات التعاونية من الضرائب والرسوم الجمركية وذلك طبقاً لقوائم يضعها الوزير المختص وتخطر بها وزارة المالية وتنفيذاً لهذا النص أصدر وزير التعمير والدولة للإسكان القرار الوزاري رقم 187 لسنة 1982 أوضح فيه المواد المتمتعة بالإعفاء ومن بينها المصاعد وسويتشات التليفونات. وقد تعاقدت الجمعية المدعية مع الشركة المصرية للمصاعد (شندلر مصر) على أن تستورد لحسابها مصاعد وسويتشات تليفون من سويسرا. ووصلت هذه المواد بالفعل في ظل العمل بالقرار الوزاري رقم 178 لسنة 1982. إلا أن مصلحة الجمارك رفضت الإفراج عنها إلا بعد تقديم خطابي ضمان بقيمة الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة عليها، وقدمت الجمعية الخطابين المطلوبين، وأفرج عن البضاعة إفراجاً مؤقتاً. ثم صدر القرار الوزاري رقم 1974 لسنة 1983 في 31/ 3/ 1983 ثم بمقتضاه تعديل القرار 178 لسنة 1982 برفع المصاعد وسويتشات التليفون من جدول البضائع المعفاة. وبتاريخ 7/ 6/ 1983 أخطر وزير المالية الجمعية بموجب الكتاب رقم 2795 بتطبيق التعديلات التي اشتمل عليها القرار الوزاري رقم 174 لسنة 1983 على البضائع التي استوردتها وشرعت مصلحة الجمارك بالفعل في صرف قيمة خطابي الضمان المقدمين من الجمعية. ونعت الجمعية على قرار مطالبتها بسداد الضريبة والرسوم الجمركية على هذه البضائع مخالفته للقانون لأنها معفاة أصلاً من هذه الضرائب طبقاً لأحكام القانون رقم 14 لسنة 1981 والقرار الوزاري رقم 178 لسنة 1982. ولا يجوز الاحتجاج قبلها بنص المادة 10 من قانون الجمارك التي تنص على سريان القرارات الجمهورية الصادرة بتعديل التعريفة الجمركية من وقت نفاذها على البضائع التي لم تكن قد أديت عنها الضرائب الجمركية، لأن مجال تطبيق هذا النص هو البضائع الخاضعة أصلاً للضريبة الجمركية وتم تعديل التعريفة الخاصة بها، فيخرج عن نطاق تطبيقه البضائع المعفاة أصلاً من هذه الضريبة، خصوصاً وأن التراخي في الإفراج عن البضائع التي استوردتها الجمعية لا يرجع إلى خطأ في جانبها وإنما تتحمل مسئوليته مصلحة الجمارك، إذ هي التي رفضت الإفراج عنها رغم تمتعها بالإعفاء الجمركي إلا بعد سداد الرسوم الجمركية، الأمر الذي اضطر الجمعية إلى تقديم خطاب ضمان بهذه الرسوم إلى حين الفصل في هذا الخلاف.
وبجلسة 8/ 5/ 1984 حكمت المحكمة برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأقامت قضاءها على أن مفاد نص المادتين 5 و10 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن المشرع ولئن جعل من واقعة دخول البضائع الواردة إلى أراضي مصر السبب المنشئ لاستحقاق ضريبة الواردات المقررة في التعريفة الجمركية علاوة على الضرائب الأخرى المقررة إلا أن المادة العاشرة شرعت تحفظاً لصالح الخزانة مقتضاه أنه إذا وصلت البضائع الواردة إلى أراضي جمهورية مصر وترتب على ذلك استحقاق الضريبة الجمركية عليها فإن ما يطرأ من تعديلات على التعريفة الجمركية يسري بأثر مباشر على البضائع التي لم تكن قد استكملت بشأنها الإجراءات الجمركية وأديت عنها الضريبة. واستطردت المحكمة أن مؤدى ذلك أن المصاعد وسويتشات التليفون التي استوردت لصالح وحدات التعاون الإسكاني ولم تكن قد استكملت بالنسبة إليه الإجراءات الجمركية في تاريخ العمل بالقرار الوزاري رقم 174 لسنة 1983 (15/ 4/ 1983) لا تتمتع بالإعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية وفقاً لما كان يقضي به القرار الوزاري رقم 178 لسنة 1982. ولا سند في القول بعدم انطباق حكم المادة 10 من قانون الجمارك على الحالة المعروضة بدعوى أنها لا تنطبق إلا بصدد القرارات التي تصدر بتعديل التعريفة الجمركية، ذلك أن صدور قرار بزوال الإعفاء الجمركي عن بضاعة كانت تتمتع به لا يعدو أن يكون تعديلاً في التعريفة بالنسبة إلى تلك البضائع يسري بأثر مباشر وفقاً لحكم المادة المذكورة. وترتيباً على ذلك فإن المصاعد وسويتشات التليفون التي تم استيرادها لحساب الجمعية المدعية في ظل العمل بقرار وزير الإسكان والتعمير رقم 178 لسنة 1982 ولم تكن قد استكملت بشأنها الإجراءات الجمركية حتى 15/ 4/ 1983 أصبحت تخضع للضرائب والرسوم الجمركية كأثر لزوال الإعفاء المقرر لها بموجب القرار المشار إليه. ومن ثم يكون طلب الجمعية المدعية إلغاء قرار وزير المالية بتطبيق أحكام القرار الوزاري رقم 174 لسنة 1983 على هذه البضائع والمعدات - غير قائم بحسب ظاهر أوراق الدعوى على سند صحيح من القانون الأمر الذي يفتقد معه طلب وقف القرار ركن الجدية ويتعين القضاء برفض هذا الطلب دون حاجة إلى بحث ركن الاستعجال لعدم جدواه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه بعد أن حدد السبب المنشئ لاستحقاق الضريبة الجمركية على الواردات بأنه هو واقعة دخول البضائع الواردة إلى الأراضي المصرية استناداً إلى حكم الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من قانون الجمارك، وكان مقتضى ذلك الحكم بإعفاء البضائع الواردة للجمعية محل المنازعة من الضريبة والرسوم الجمركية لدخولها البلاد في تاريخ سابق على تاريخ العمل بالقرار الوزاري رقم 174 لسنة 1983 الذي رفع الإعفاء الجمركي عنها، إلا أن الحكم عاد فتناقض مع المبدأ الذي أرساه فقضى بعكس ذلك استناداً إلى حكم المادة العاشرة من قانون الجمارك رغم أن القياس في هذه الحالة هو قياس مع الفارق، لأن البضائع محل النزاع كانت معفاة أصلاً من الضرائب الجمركية وقد تعاقدت الجمعية الطاعنة على استيرادها على هذا الأساس ووصلت البضاعة فعلاً وهي معفاة، ومن ثم لا يمكن اعتبار صدور القرار الوزاري رقم 174 لسنة 1983 برفع الإعفاء عن هذه البضائع تعديلاً في التعريفة الجمركية.
ومن حيث إن المستفاد من الأوراق أن حقيقة النزاع في الدعوى الماثلة يدور حول مدى أحقية مصلحة الجمارك في تحصيل الضريبة والرسوم الجمركية عن الرسالتين اللتين استوردتهما الشركة العربية للمصاعد لحساب الجمعية الطاعنة ووصلتا إلى أرض مصر في 24/ 2/ 1983 و23/ 3/ 1983 على التوالي قبل تاريخ العمل بالقرار الوزاري رقم 174 لسنة 1983 في 15/ 4/ 1983 الذي حذف البضائع المذكورة من جدول المواد المعفاة من الضريبة الجمركية المرفق بالقرار رقم 178 لسنة 1982. ويبين من الأوراق أن مصلحة الجمارك كانت قد طلبت من الشركة قبل الإفراج مؤقتاً عن الرسالتين المذكورتين تقديم خطابي ضمان بقيمة الضريبة والرسوم الجمركية إلى حين حسم الخلاف معها. فقدمت الشركة خطابي الضمان رقمي 790/ 82/ 83 و891/ 82/ 83 استحقاق 27/ 11/ 1983 غير أنه بعد أن أخطر مكتب وزير المالية الشركة بالكتاب رقم 2795 المؤرخ 7/ 6/ 1983 بتطبيق أحكام القرار الوزاري رقم 174 لسنة 1973 على الرسالتين المشار إليهما واستشعرت الشركة أن مصلحة الجمارك تشرع في صرف قيمة خطابي الضمان، أقامت هذه الدعوى تطلب بصفة مستعجلة وقف تنفيذ قرار وزير المالية بتطبيق أحكام القرار الوزاري رقم 174 لسنة 1983 على البضائع محل المنازعة مستهدفة أساساً من هذا الطلب وقف تنفيذ صرف قيمة خطابي الضمان المشار إليهما، وفي الموضوع إلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن المادة 49 من قانون مجلس الدولة إذ أجازت للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالإلغاء، فقد اشترطت لذلك أن يكون من شأن تنفيذ القرار ترتب نتائج قد يتعذر تداركها. وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه في المنازعات التي تدور حول حقوق مالية يتنازعها أطراف الدعوى، ينتفي قصور وقوع نتائج يتعذر تداركها من تنفيذ ما قد يصدر من قرارات في هذه المنازعات، إذ يؤول الأمر بعد حسم موضوع هذه المنازعات إلى أن يسترد كل صاحب حق حقه. ولما كان الطلب المستعجل في الدعوى الماثلة يستهدف أساساً وقف تنفيذ صرف قيمة خطابي الضمان المشار إليهما حتى يقضى في موضوع الدعوى، ولا شك أن صرف قيمة هذين الخطابين لا يعتبر من قبل النتائج التي يتعذر تداركها في مفهوم حكم المادة 49 من قانون مجلس الدولة، لأنه بوضع الشركة الطاعنة فيما لو قضى لصالحها في موضوع الدعوى أن تسترد ما سبق أن دفعته من ضريبة جمركية عن الرسالتين المذكورتين. يضاف إلى ذلك أن الثابت من المستندات أن مصلحة الجمارك قد طلبت فعلاً بكتابها رقم 7935 بتاريخ 7/ 11/ 1983 من البنك الأهلي "مصدر خطابي الضمان" سرعة سداد قيمتهما. لذا فإن القدر المتعين في المنازعة الماثلة أن طلب وقف التنفيذ فاقد لركن الاستعجال حقيق بالرفض دون حاجة إلى بحث ركن الجدية في خصوص هذا الطلب الذي يتعين تحضيره وبحثه بصدد الفصل في موضوع الدعوى. سيما وأن ثمة واقعة ذكرتها الجمعية الطاعنة في عريضة الدعوى - ولم تنفها الجهة الإدارية - كان يتعين على الحكم المطعون فيه وهو بصدد بحث ركن الجدية أن يستوفيها وهي أن الجمارك أفرجت عن البضاعة إفراجاً مؤقتاً بعد تقديم خطابي الضمان المشار إليهما وقبل تاريخ العمل بالقرار الوزاري رقم 174 لسنة 1983. وأنه لئن كان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه برفض طلب وقف التنفيذ على غير الأسباب المتقدمة، إلا أنه وقد اتفق في النتيجة التي انتهى إليها مع ما تذهب إليه هذه المحكمة، يغدو الطعن حقيقاً بالرفض، وتلزم الشركة الطاعنة بمصروفات الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الشركة الطاعنة بالمصروفات.