مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 678

(104)
جلسة 24 من يناير سنة 1987

برئاسة السيد المستشار عادل عبد العزيز بسيوني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة علي فؤاد الخادم والدكتور محمد جودت الملط وثروت عبد الله أحمد والدكتور عبد الرحمن عزوز المستشارين.

الطعن رقم 104 لسنة 25 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة - إجازات - إجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة الزوج أو الزوجة.
المادة (48) من القانون رقم 58 لسنة 1971 بنظام العاملين المدنيين بالدولة - الإجازة الخاصة بدون مرتب لمرافقة الزوج في ظل أحكام القانون رقم 58 لسنة 1971 هي أمر جوازي لجهة الإدارة تترخص في منحها أو منعها تبعاً لتوافر الشروط التي تطلبها المشرع حسبما تمليه اعتبارات الصالح العام وحسن سير المرافق العامة - مؤدى ذلك: أنه إذا انقطع العامل عن عمله استناداً إلى أنه قدم طلب الإجازة دون أن توافق السلطة المختصة على منح الإجازة فإنه بذلك يكون قد ارتكب مخالفة الانقطاع عن العمل دون إذن - تطبيق [(1)].
(ب) قانون - مبدأ القانون الأصلح للمتهم - نطاق تطبيقه.
مبدأ سريان القانون الأصلح للمتهم بأثر رجعي ينطبق في مجال النصوص الجنائية - لا ينطبق هذا المبدأ في مجال النصوص المقررة للجزاءات التأديبية - أساس ذلك: - أن الجزاء التأديبي ينصرف أثره إلى المركز القانوني للموظف العام في مجال العلاقة الوظيفية - ويخرج بالتالي من نطاق الجزاء الجنائي - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 3 من يناير سنة 1979 أودع السيد الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 104 لسنة 25 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1978 في الدعوى رقم 350 لسنة 6 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد السيدة/...... والقاضي بمعاقبتها بخصم شهر من راتبها عن التهمة الثانية المنسوبة إليها وببراءتها من التهمة الأولى.
وطلبت هيئة مفوضي الدولة للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون والقضاء بالجزاء التي تراه المحكمة الإدارية العليا مناسباً.
وبعد أن تم إعلان الطعن على الوجه المبين بالأوراق قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بالجزاء الذي تراه المحكمة الإدارية العليا مناسباً.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 22 من فبراير 1984 - وبجلسة 8 من أكتوبر 1986 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة" لنظره بجلسة 15 من نوفمبر سنة 1986 وبجلسة 20 من ديسمبر 1986 استمعت المحكمة لما رأت لزوماً للاستماع إليه من إيضاحات ذوي الشأن ثم قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والاستماع إلى الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق أنه في 13 من أكتوبر 1977 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة أوراق الدعوى التي قيدت بسجل المحكمة تحت رقم 350 لسنة 6 القضائية تقرير اتهام ضد السيدة/..... المدرسة بمدرسة مصطفى كامل الابتدائية نسب إليها فيه أنها خلال المدة من 18/ 4/ 1976 وحتى 4/ 7/ 1977 خالفت القانون وسلكت مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب بأن:
1 - انقطعت عن عملها في غير حدود الإجازات المقررة قانوناً.
2 - قدمت لمصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية قسم الهجرة شهادة إدارية وإقراراً على نفسها أنها غير موظفة على خلاف الحقيقة توصلاً لمغادرة البلاد دون اتباع الطريقة القانونية على المحو الموضح بالأوراق. وخلصت إلى أنها بذلك تكون قد ارتكبت المخالفة الإدارية المنصوص عليها بالمواد 42، 50، 52/ 2، 55/ 1 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمتها بالمواد المذكورة وبالمادتين 57، 58 من نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه وبالمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة وبالمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية وبجلسة 5 من نوفمبر سنة 1978 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه ويقضي ببراءة المحاكمة من التهمة الأولى وبمجازاتها بخصم شهر من راتبها عن التهمة الثانية.
وأقامت قضاءها فيما يتعلق ببراءتها من التهمة الأولى على أن المادة 69 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والذي يتعين تطبيقه على النزاع المطروح عليها طبقاً لمقتضى الأثر الفوري للقانون وعملاً بقاعدة تطبيق القانون الأصلح للمتهم - قد جعلت من الإجازة الخاصة لمرافقة الزوج حتماً مستمداً مباشرة من القانون رخصة للسلطة التقديرية من جانب جهة الإدارة في جميع الأحوال متى تحقق المناط وهو طلب العامل إجازته لمرافقة الزوج الذي رخص له في السفر إلى الخارج مدة لا تقل عن ستة أشهر وبذا أصبح الانقطاع لهذا السبب انقطاعاً مشروعاً.
ومن حيث إن الطعن يتناول قضاء الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من براءة المطعون ضدها عن الاتهام الأول المسند إليها ويقوم الطعن على أن الحكم المذكور قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وذلك أن بإقراره نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون 47 لسنة 1978 من أحقية العامل في الحصول على إجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة الزوج لا يعطي للعامل الحق في الانقطاع دون موافقة السلطة المختصة بمجرد أن تتوافر له شروط هذه الإجازة وإلا اعتبر منقطعاً بغير إذن.
ومن حيث إن المخالفة المنسوبة إلى المطعون ضدها من أنها انقطعت عن عملها في المدة من 18 من إبريل 1976 وحتى 4 من يوليو سنة 1977 فإن مفاد الأوراق والتحقيقات أن المذكورة كانت قد حصلت على إجازة مرضية تنتهي في 10 من أغسطس 1976 انقطعت بعدها عن عملها وعند استدعائها لم تحضر وأرسل والدها إلى جهة عملها ما يفيد أنها سافرت إلى الخارج مع زوجها المقيم بالولايات المتحدة الأمريكية كما أرسل أيضاً طلباً لمنحها إجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة زوجها بالخارج. وقد رفضت الجهة الإدارية الموافقة على هذه الإجازة تنفيذاً للتعليمات التي تجيز منح إجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة الزوج المتعاقد وإذ لم تعد إلى عملها فقد أحالتها الجهة الإدارية للتحقيق الذي انتهى إلى تقديمها إلى المحكمة التأديبية.
ومن حيث إن المادة 48 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 والذي وقعت المخالفة المنسوبة إلى المطعون ضدها في ظل العمل بمقتضاه على أنه يجوز للسلطة المختصة الموافقة على طلب العامل بمنحه إجازة خاصة بدون أجر للمدة التي تحددها في الأحوال الآتية: -
1 - للزوج أو الزوجة إذا رخص لأحدهما بالسفر للخارج لمدة سنة على الأقل ولا يجوز أن تجاوز الإجازة مدة بقاء الزوج في الخارج.
2 - للأسباب التي يبديها العامل وتقدرها السلطة المختصة حسب مقتضيات العمل.
ومفاد هذا النص، حسبما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الإجازة الخاصة بدون مرتب لمرافقة الزوج في ظل أحكام القانون المشار إليه هو أمر جوازي لجهة الإدارة. تترخص بمقتضاه في منح تلك الإجازة من عدمه، حال توافر الشروط المتطلبة قانوناً لمنحها وذلك حسبما تمليه اعتبارات الصالح العام وحسن سير المرافعة العامة ومن ثم فإنه إذا انقطع العامل عن عمله ارتكاناً إلى أنه قد قدم طلباً للترخيص له في الحصول على هذه الإجازة وقبل أن توافق عليه السلطة المختصة فإنه بذلك يكون قد ارتكب مخالفة الانقطاع عن العمل دون إذن بما يستتبع عقد مسئوليته عنها ومجازاته عليها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم وكان الثابت بأن السيدة/..... لم تعنى بتقديم طلب للحصول على إجازة خاصة لمرافقة زوجها قبل انقطاعها واكتفت بأن يقوم والدها طلباً لمنحها هذه الإجازة وذلك بعد أن انقطعت عن عملها وسافرت مع زوجها المقيم بالخارج وإذ لم يصادف هذا الطلب قبولاً لدى جهة عملها لمخالفته التعليمات المطبقة وهو ما تملكه هذه الجهة بما لديها من سلطة تقديرية في إجازة هذا الطلب من عدمه على ما سلف بيانه فإن انقطاعها عن العمل بعد انتهاء الإجازة المرضية التي سبق حصولها عليها يشكل الأمر بذلك مخالفة في حقها لا ينفي وقوعها الطلب الذي تقدم به والدها لمنحها إجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة زوجها المقيم بالخارج ولا يغير من ذلك ما قضت به الفقرة الأولى من المادة 19 من نظام العاملين المدنيين بالدولة. الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 التي جعلت من الإجازة الخاصة بدون مرتب لمرافقة الزوج حقاً يستمده العامل من القانون مباشرة ولا تملك حياله جهة الإدارة سلطة الحرمان منه حالي توافر الشروط المتطلبة قانوناً في العامل الذي يبدي الرغبة في التمتع بهذا الحق وذلك أن هذا الحق وقد تضمنه القانون رقم 47 لسنة 1978 الذي عمل به بعد وقوع المخالفة وتحاصها لا ينال من قيام تلك المخالفة ومسئولية مرتكبها كما ذهب إلى غير ذلك الحكم المطعون فيه. إعمالاً بما هو مقرر في المادة 5 من قانون العقوبات من تطبيق قاعدة القانون الأصلح للمتهم إذ العبرة في اعتبار ما إذا كان مسلك العامل يشكل مخالفة تأديبية من عدمه هو بأحكام القانون الساري وقت صدور هذا المسلك الذي ينظر إلى مشروعيته من عدمه وفقاً للأوضاع القانونية المقررة آنذاك وذلك على ما جرى به قضاء هذه المحكمة من أن مبدأ القانون الأصلح للمتهم لا يكون إلا بصدد النصوص الجنائية ولا تعد من هذا القبيل النصوص المقررة لإجراء إداري يتحدد على مقتضاه المركز القانوني للموظف العام في مجالات العلاقة الوظيفية وهو إجراء لا ينطوي على جزاء جنائي.
ومن حيث إنه بناءً على ما تقدم تكون مخالفة الانقطاع عن العمل في غير الأحوال المقررة قانوناً المنسوبة إلى المحالة ثابتة في حقها ويتعين لذلك بمجازاتها عنها إذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وأصبح خليقاً بإلغائه في هذا الشق ومجازاة المحالة بالجزاء المناسب.
ومن حيث إن لما تقدم من أسباب فإنه يتعين قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة المحالة السيدة/...... من مخالفة الانقطاع عن العمل في غير الأحوال المقررة قانوناً ومجازاتها بالفصل من الخدمة بذلك مراعاة أن وكيلها قرر أمام المحكمة التأديبية بجلسة الأول من أكتوبر 1978 أن موكلته غير راغبة في العودة إلى العمل الأمر الذي تعتبر معه المذكورة كارهة لوظيفتها وعازفة عنها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من براءة المحالة السيدة/..... عن مخالفة الانقطاع عن العمل في غير حدود الإجازات المقررة قانوناً وبمجازاتها عن هذه المخالفة بالفصل من الخدمة.


[(1)] راجع حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 17/ 1/ 1987 في الطعن رقم 658 لسنة 21 ق الذي قضى فيه بأن مفاد نص المادة (69/1) من القانون رقم 47 لسنة 1978 أن المشرع أوجب على جهة الإدارة الاستجابة لطلب الزوج أو الزوجة في الترخيص له بإجازة بدون مرتب إذا رخص لأحدهما بالسفر للخارج لمدة ستة أشهر على الأقل بشرط ألا تجاوز هذه الإجازة مدة بقاء الزوج في الخارج وألا تتصل الإجازة بإعارة إلى الخارج - متى سبق للجهة الإدارية أن وافقت على تلك الإجازة وامتدت مدة بقاء الزوج في الخارج قانوناً فلا يجوز لجهة الإدارة أن تعلق تجديد الإجازة على صدور قرار بالموافقة على التجديد - تطبيق.