مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 709

(109)
جلسة 25 من يناير سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد سيد أحمد حماده وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

الطعن رقم 237 لسنة 32 القضائية

( أ ) دعوى الإلغاء - ميعاد رفع الدعوى - أثر تخلف شرط الميعاد على طلب التعويض. عدم قبول طلب إلغاء القرار الإداري شكلاً لرفعه بعد فوات الميعاد المقرر قانوناً لا يحول دون البحث في مشروعية القرار بمناسبة نظر طلب التعويض عنه - أساس ذلك: استقلال مناط الإلغاء عن التعويض - تطبيق.
(ب) مجلس الدولة - أعضاؤه - تعيينهم.
التعيين في الوظائف القضائية بمجلس الدولة تترخص فيه الإدارة بمقتضى سلطتها التقديرية في اختيار أفضل العناصر الصالحة لتولي هذه الوظائف والنهوض بأمانة المسئولية فيها - لا معقب من القضاء على اختيار الإدارة طالما خلا قرارها في هذا الشأن من عيب الانحراف بالسلطة أو إساءة استعمالها - مثال: إجراء مجلس الدولة مقابلة لجميع المرشحين للتعيين واختيار أفضل العناصر المتقدمة ممن تتوافر في شأنهم الشروط المطلوبة لشغل الوظيفة - صدور القرار المطعون فيه بتعيين من وقع عليهم الاختيار دون الطاعن يتفق مع أحكام القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 15/ 12/ 1985 أودع الدكتور محمد ميرغني خيري المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 237 لسنة 32 ق عليا ضد/
1 - رئيس الجمهورية.
2 - وزير العدل.
3 - رئيس مجلس الدولة وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 304 لسنة 1985 بتاريخ 10/ 7/ 1985 بتعيين مندوبين مساعدين بمجلس الدولة فيما تضمنه من تخطي الطاعن في التعيين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة وتعيين من يليه في ترتيب الدرجات، وبمبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بسمعة الطاعن وعائلته وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً وإلزام الطاعن المصروفات، واحتياطياً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 304 لسنة 1985 الصادر بتاريخ 10/ 7/ 1985 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في التعيين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الطاعن والجهة الإدارية المصروفات مناصفة. وتحدد لنظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) جلسة 5/ 10/ 1986 وبعد أن استمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على النحو المبين بمحضر الجلسة قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن المدعي طبقاً لطلباته الختامية بطلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 304 لسنة 1985 الصادر بتاريخ 10/ 7/ 1985 فيما تضمنه من تخطي المدعي في التعيين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة وتعيين من يليه في ترتيب الدرجات، وبمبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً له عن الأضرار المادية والأديبة التي لحقت بسمعته وسمعة عائلته وعلى سبيل الاحتياط الكلي بتعويض مقداره مائه ألف جنيه في حالة رفض قبول دعوى الإلغاء وقد أجابت جهة الإدارة على الدعوى بإيداع حافظة مستندات ومذكرة جاء فيها أن مجلس الدولة قد أجرى مقابلة لجميع المرشحين للتعيين في وظيفة مندوب مساعد وقد تم اختيار أفضل العناصر المتقدمة ممن تتوافر في شأنهم الشروط المطلوبة لشغل هذه الوظيفة وذلك بما للمجلس من سلطة تقديرية في هذا الشأن.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 10/ 7/ 1985 وعلم به المدعي وقدم تظلماً منه إلى رئيس مجلس الدولة بتاريخ 18/ 7/ 1985 ولم يقم طعنه الماثل إلا في 15/ 12/ 85 أي بعد مضي أكثر من ستين يوماً على رفض الإدارة الضمني لتظلمه، ومن ثم تكون الدعوى قد أقيمت بالنسبة لطلب الإلغاء بعد انقضاء الميعاد المقرر في المادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 لرفع دعوى الإلغاء، ولا يقدح في ذلك الادعاء بأن أول تظلم قدمه المدعي مستوفياً لشرائطه المنصوص عليها في قرار رئيس مجلس الدولة رقم 72 لسنة 1973 في شأن إجراءات التظلم الوجوبي من القرارات الإدارية وطريقة الفصل فيه هو التظلم الذي قدمه المدعي في 18/ 8/ 1985، أما الورقة التي قدمت منه على خلاف ذلك فهي لا تعدو أن تكون طلباً أو التماساً لا يصدق عليه وصف التظلم بالمعنى القانوني، طالما كان المستفاد من الورقة المشار إليها المؤرخة 18/ 7/ 1985 والمقدمة صورتها ضمن حافظة مستندات الجهة الإدارية أنها تكشف عن علم المدعي اليقيني والشامل بفحوى القرار المطعون فيه ونعيه عليه عدم المشروعية وإعرابه عن رغبته في إلغائه فيما تضمنه من تخطيه في التعيين وأن المدعي لم يتخذ إجراءات الطعن بالتزوير على هذه الدرجة، يضاف إلى ذلك أن ما يوقف سريان ميعاد رفع الدعوى في حق المتظلم هو مسلك الإدارة الايجابي نحو إجابة المتظلم إلى طلبه بعد أن تستشعر الإدارة أحقيته في ذلك أما مجرد قيام الإدارة ببحث التظلم فلا يترتب عليه وقف سريان ميعاد رفع الدعوى في حق المتظلم ومتى كان ذلك تكون الدعوى بطلب إلغاء القرار المطعون فيه قد أقيمت بعد فوات الميعاد القانوني غير مستوفية لأوضاعها الشكلية.
ومن حيث إنه بالنسبة لطلبي التعويض فإن السيد/....... يستندمه إلى أنه حاصل على ليسانس الحقوق من كلية الحقوق جامعة عين شمس دور مايو سنة 1983 بتقدير جيد جداً وترتيبه الأول، وقد تقدم بطلب للتعيين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة وقيد طلبه برقم 4504 وبتاريخ 25/ 6/ 1985 نشرت صحيفة الأهرام أسماء المعينين في الوظيفة المذكورة ولم يرد اسمه بينهم بينما ورد أسماء السيدان/...... و..... المتخرجان معه من نفس الكلية ومن نفس الدفعة وهما بعده في الترتيب وأنه علم من أمين عام مجلس الدولة أنه استبعد بسبب ما جاء في التحريات المقدمة عن عمه السيد/...... من ارتكابه أربع جرائم محددة في أعوام 56، 57، 59، 1982 بأنه قدم من جانبه شهادات رسمية تثبت عدم صحة ما جاء بالتحريات وبأن الجرائم المدعاة لأشخاص آخرين لا صلة لهم به وأنه (أي المدعي) إزاء ما ثبت من عدم صحة التحريات فقد علم أن المجلس شكل لجنة لإعادة النظر في تعيينه إلا أنها قررت رفض التعيين دون إبداء أي أسباب، وقد نعى المدعي على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون فضلاً عما لحقه ولحق عائلته من أضرار مادية وأدبية من جراء تخطيه في التعيين.
ومن حيث إنه من المسلم أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية التي تصدرها هو قيام خطأ من جانبها بأن يكون القرار الإداري غير مشروع لعيب من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر فإذا برأت من هذه العيوب كانت سليمة مشروعة مطابقة للقانون لا تسأل الإدارة عن نتائجها وأن عدم قبول طلب إلغاء القرار الإداري شكلاً لرفعه بعد فوات الميعاد القانوني لا يحول دون البحث في مشروعيته بمناسبة نظر طلب التعويض عنه باعتبار أن كون القرار معيباً بأحد العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة يمثل ركن الخطأ في مسئولية الإدارة عن قراراتها غير المشروعة.
ومن حيث إن التعيين في الوظائف القضائية بمجلس الدولة هو مما تترخص فيه الإدارة بمقتضى سلطتها التقديرية وذلك باختيار أفضل العناصر الصالحة لتولي هذه الوظائف والنهوض بأمانة المسئولية فيها، والإدارة إذ تعمل اختيارها للتعيين في هذه الوظائف بالنظر إلى أهميتها وطبيعتها الخاصة فإنما يتم هذا الاختيار بغير معقب من القضاء على قراراتها في هذا الشأن طالما خلت من عيب الانحراف.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي رشح لوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة وقد أجرى المجلس مقابلة لجميع المرشحين للتعيين في الوظيفة وقد تم اختيار أفضل العناصر المتقدمة ممن تتوافر في شأنهم الشروط المطلوبة لشغل هذه الوظيفة ولم يكن المدعي من بينهم وتم هذا الاختيار بما للمجلس من سلطة تقديرية في هذا الشأن ولم يقم دليل على الانحراف ومن ثم فإن القرار المطعون فيه وقد صدر بتعيين من وقع عليهم الاختيار دون المدعي يكون متفقاً مع أحكام القانون.
ومن حيث إنه لا وجه لما يثيره المدعي من أن ترك تعيينه كان بسبب ما نسبته التحريات إلى عمه في ارتكابه جرائم في سنوات 56، 57، 58، 1982 والتي ثبت كذبها - على حد قوله بشهادات قضائية رسمية، إذ لم يقم دليل بالأوراق على أن ذلك كان السبب في ترك تعيين المدعي أن تلك الشهادات - على فرض طلبها - لم يتحقق في شأنها هذا الطلب على نحو ما ذكره المدعي إلا بعد عام التعيين واختيار أفضل العناصر وهو ما تم بعد أن وقع اختيارها على أفضل العناصر المتقدمة من توافرت في شأنهم الشروط المطلوبة بمعنى أن عدم تعيين المدعي ليس راجعاً إلى فقدانه شرطاً من الشروط المقررة وإنما لاختيار أفضل من توافرت فيهم تلك الشروط وهو مما يدخل في نطاق السلطة التقديرية للإدارة حيث لم يقم دليل في الأوراق على الانحراف بالسلطة.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان القرار المطعون فيه قد صدر صحيحاً مطابقاً للقانون فإن الإدارة لا تكون قد ارتكبت ثمة خطأ يستوجب التعويض ومن ثم يكون كلاً من طلب التعويض الأصلي والاحتياطي غير قائم على سند صحيح من الواقع أو القانون خليقاً بالرفض الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلب الإلغاء وبرفضها طلب التعويض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه شكلاً وبرفض طلب التعويض.