مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والثلاثون - الجزء الأول (أول أكتوبر 1986 - فبراير 1987) - صـ 813

(121)
جلسة 14 من فبراير سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي وفاروق عبد الرحيم غنيم والسيد السيد عمر والدكتور محمود صفوت عثمان المستشارين.

الطعن رقم 2679 لسنة 29 القضائية

استيلاء - سلطة الاستيلاء على العقارات اللازمة لضمان تموين البلاد.
المادة (1) من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 بشأن التموين معدلاً بالقانون رقم 380 لسنة 1956.
خول المشرع وزير التموين سلطة الاستيلاء على العقارات والمحال اللازمة لضمان تموين البلاد وتحقيق عدالة التوزيع - وجود منازعة حول العلاقة الإيجارية للمكان المستولى عليه بين وزارة التموين ومالك العقار لا يحول دون صدور قرار الاستيلاء على العقار - أساس ذلك: - اختلاف النظام القانوني لكل من الإيجار والاستيلاء - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 6 من يوليه 1983 أودعت إدارة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة بمقتضى القانون رقم 10 لسنة 1986) نيابة عن وزير التموين قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 2679 لسنة 29 القضائية ضد السيد/ محمود رائف أمين الشريف في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 19 من مايو 1983 في الدعوى رقم 33 لسنة 36 القضائية الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام المدعى عليه الأول بالمصروفات، وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب بالرأي القانوني مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 17/ 2/ 1986 وتداول بجلساتها على الوجه المبين بمحاضرها حتى قررت بجلسة 5/ 1/ 1987 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) لنظره بجلسة 31/ 1/ 1987 فنظرته المحكمة في الجلسة المذكورة على الوجه المبين بمحضرها بعد أن سمعت ما رأت لزومه من إيضاحات قررت في ذات الجلسة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أنه بتاريخ 5/ 10/ 1980 أقام محمود رائف أمين الشريف الدعوى رقم 33 لسنة 35 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ضد وزير التموين ورئيس مجلس إدارة شركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير التموين رقم 223 لسنة 1980 الصادر في 10/ 8/ 1980 بالاستيلاء على المخزن المملوك له (الكائن بالعقار رقم 22 شارع النور بالدقي والسابق تأجيره لشركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية وأوضح أنه أجر هذا المحل في 30/ 5/ 1967 إلى أحمد فهمي الشريف لاستعماله معرضاً للموبيليات بإيجار شهري قدره 55 جنيهاً لتأخره في الوفاء بالأجرة وتأجيره المحل من الباطن لشركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية التي غيرت الغرض من استئجاره وحولته إلى مخزن للمواد الغذائية الاستهلاكية فقد أقام الدعوى رقم 211 لسنة 1975 أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد المستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن ولما قضت المحكمة بجلسة 22/ 6/ 1980 بإخلائهما من المحل المؤجر أقامت الشركة استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 4788 لسنة 97 ق أمام محكمة استئناف القاهرة مما أدى إلى عدم تنفيذ الحكم الابتدائي وفي هذه الأثناء استصدرت القرار المطعون فيه بالاستيلاء على المحل فجاء معيباً بالانحراف عن الغاية المحددة له وهي خدمة قطاع التموين الحكومي وليس النشاط الذي تمارسه شركات القطاع العام مثل الأفراد ومشوباً بإساءة استعمال السلطة للحيلولة دون ممارسة السلطة القضائية لاختصاصها بالفصل في النزاع ومنطوياً على عيب شكلي جوهري يؤدي إلى بطلانه لصدوره دون موافقة لجنة التموين العليا. وإذ قضي في الاستئناف بجلسة 28/ 11/ 1982 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى واستقرت بذلك حيازة المحل للشركة بوصفها مستأجرة فلا يقوم السبب المبرر لإصدار القرار المطعون فيه. وعقبت الحكومة على الدعوى بأن المشرع حدد الهدف من قرار الاستيلاء بضمان تموين البلاد ولم يحدد الجهات التي يصدر القرار لصالحها وأن الحكم الابتدائي الذي صدر بعده قرار الاستيلاء المطعون فيه لم تكن حجيته قد استقرت وأن لجنة التموين العليا قد وافقت على هذا القرار بتاريخ 15/ 12/ 1980 وبجلسة 3/ 3/ 1981 قضت المحكمة برفض طلب وقف التنفيذ ثم أصدرت بجلسة 19/ 5/ 1983 حكمها موضوع الطعن الماثل وأقامت قضاءها على أنه ولئن كانت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين المعدل بالقانون رقم 380 لسنة 1956 قد خولت وزير التموين إصدار قرارات بالاستيلاء على العقارات والمحال اللازمة لضمان تموين البلاد وتحقيق عدالة التوزيع بشرط الحصول على موافقة لجنة التموين العليا سواء قبل أو بعد صدور قرار الاستيلاء ودون تحديد للجهات التي يصدر القرار لصالحها إلا أن سلطة الوزير في إصداره تجد حدها الطبيعي في استهداف الأغراض التي عني الشارع بتأكيدها بأن يكون القرار لازماً بالفعل لضمان تموين البلاد فإذا كان الثابت أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 10/ 8/ 1980 بقصد توقي أثر تنفيذ حكم الإخلاء الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية بجلسة 22/ 6/ 1980 مشمولاً بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وبقصد تمكين شركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية من البقاء بعين النزاع فإنه يكون قد انحرف عن الهدف المحدد في القانون لإصداره وقصد إلى وضع العراقيل أمام تنفيذ حكم قضائي مشمول بالنفاذ المعجل بغير الطريق الذي رسمه القانون، ولا يغير من ذلك صدور حكم من محكمة الجيزة الابتدائية في الدعوى رقم 1450 لسنة 1980 بجلسة 1/ 11/ 1980 بوقف تنفيذ حكم الإخلاء سالف الذكر ثم صدر حكم من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 28/ 11/ 1982 في الاستئناف رقم 4788 لسنة 97 ق بإلغاء هذا الحكم وبرفض طلب الإخلاء لأن مشروعية القرارات الإدارية إنما ترتبط بالظروف والملابسات التي صدرت فيها دون تلك التي حدث بعد صدورها كما أن من مصلحة المدعي رغم صدور الحكم النهائي برفض طلب الإخلاء والذي من شأنه استمرار العلاقة الإيجارية بين الخصوم وإلغاء القرار المطعون فيه المسلط على العقار لما هو مقرر من اختلاف النظام القانوني لعلاقة الإيجار عن النظام القانوني للاستيلاء طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، ذلك أن القرار المطعون فيه صدر بالاستيلاء على مخزن تستخدمه شركة الأهرام في أغراض تخزين البضائع المعدة للتوزيع على مجمعاتها الموجودة بمنطقة غرب القاهرة واللازمة للوفاء بحاجة المواطنين بها ولا غنى عنه للشركة لأنه من المخازن التي تعتمد عليها لضمان وصول البضائع إلى أماكنها في يسر وسهولة فيكون قرار الاستيلاء قد صدر لتحقيق الغايات المشار إليها في المادة (1) من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 وهي ضمان تموين المنطقة المشار إليها وعدالة توزيع السلع وقد كان من شأن محاولات المطعون ضده خلق المنازعات مع الشركة يقصد سلب حقها في البقاء في المخزن واستخدامه في الغرض المذكور نفاذاً لعقد الإيجار المبرم في هذا الشأن، التأثير على سيولة نقل البضائع لمجمعاتها بالقدر وفي الوقت المناسب بما ينعكس أثره على الحالة التموينية بالمنطقة وهو ما أكدته لجنة التموين العليا بموافقتها على قرار الاستيلاء في 15/ 12/ 1980 فيكون صحيحاً ومطابقاً للقانون ولا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن القرار قد صدر توقي أثر تنفيذ حكم الإخلاء المشار إليه، فقد اتخذت الشركة بصدده الإجراءات الواجبة فاستصدرت حكماً بوقف تنفيذه في 1/ 11/ 1980 وآخر قضى في الاستئناف المرفوع عنه بإلغائه في 28/ 11/ 1980 (صحة لتاريخ 28/ 11/ 1982) ومع ذلك فليس ثمة ما يمنع من صدور قرار الاستيلاء بالرغم من وجود المنازعة القضائية حول العلاقة الإيجارية لاختلاف النظام القانوني في الحالين، فالعلاقة الإيجارية والمنازعات الناشئة عنها تقوم في إطار نظام القانون الخاص. أما الاستيلاء فأساسه نظام القانون العام والسلطة المخولة لوزير التموين بمقتضاه هذا فضلاً عن أن الظروف التي صدر فيها القرار المطعون فيه تقوم معها حالة الضرورة الملجئة التي تجيز إصداره حتى لا يختل مرفق التموين.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن قرار وزير التموين رقم 223 لسنة 1980 المطعون فيه صدر بناء على أحكام المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين وأقرته لجنة التموين العليا بجلستها المنعقدة في 15/ 12/ 1980 بناء على مذكرة شركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية التي تضمنت أنها سبق أن استأجرت المخزن الكائن بشارع النور بالدقي رقم 22 وحكم بإخلائها منه مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة بما سيؤدي إلى اختلال العمل بالشركة، فيكون القرار المطعون قد صدر وقت أن كانت الشركة مهددة بتنفيذ حكم الإخلاء وأثره على اضطراب مرفق التموين في منطقة عملها وهو بهذه المثابة يكون قد استهدف تحقيق أغراض المرسوم بقانون المشار إليه واستند إلى ظروف ملجئه تبرر إصداره فيغدو قرار مشروعاً مطابقاً للقانون وليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن القرار المذكور قد استهدف غرضاً آخر هو توقي أثر تنفيذ الحكم الابتدائي الصادر ضد الشركة بالإخلاء في 22/ 6/ 1980 إذ لا تثريب على جهة الإدارة فيما يهدد مرفق التموين إذا ما انتزع المخزن من يد الشركة وقامت بإصدار قرار بالاستيلاء عليه ضماناً لاستمرار أداء الشركة للخدمة التموينية التي تقوم عليها، وليس من أثر لما قضت به محكمة الاستئناف بعد ذلك من إلغاء حكم الإخلاء ورفض الدعوى، ذلك أن وزن القرار الإداري بميزان المشروعية إنما يكون بالنظر إلى تاريخ صدوره فإذا كان قرار الاستيلاء قد صدر صحيحاً فإنه اعتباراً من هذا التاريخ تكون العلاقة الإيجارية التي كشف عن وجودها الحكم الاستئنافي قد انتهت وحل محلها سنداً لاستمرار بقاء الشركة بعين النزاع نظام قانون آخر قوامه أحكام الاستيلاء على النحو المحدد بالمرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين وهو ما سبق أن قضت به هذه المحكمة في الطعن رقم 2392 لسنة 30 القضائية بجلسة 25 من أكتوبر 1986. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير هذا النظر يكون قد خالف القانون فيتعين الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده بالمصروفات.