أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 46 - صـ 46

جلسة 3 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم ومحمد شعبان نواب رئيس المحكمة وعمر بريك.

(3)
الطعن رقم 22532 لسنة 62 القضائية

(1) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم. هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها.
(2) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". إثبات "شهود".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
(3) إثبات "شهود" محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم. لا يعيبه. إطراح المحكمة لها. مفاده؟
(4) دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد القبض". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن رداً عليه.
(5) دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". إثبات "اعتراف". نقض "المصلحة في الطعن".
عدم جدوى النعي ببطلان الاعتراف. متى لم يستند الحكم في الإدانة إلى دليل مستمد منه.
(6) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
(7) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً خاصاً.
(8) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام" "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. عدم جواز إثارته أمام النقض.
(9) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب التحقيقات السابقة على المحاكمة. لا يصح سبباً للنعي على الحكم. النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير مقبول.
(10) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم إيجاب القانون حضور أكثر من محام مع كل متهم بجناية.
(11) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الاستغناء على سماع شهود الإثبات بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً. عدم حيلولة ذلك دون الاعتماد على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات.
(12) مواد مخدرة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". قصد جنائي. جريمة "أركانها".
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة أو نقل المخدر. قوامه. العلم بكنه المادة المخدرة. تحدث الحكم عن استقلالاً. غير لازم. متى كان ما أورده الحكم كافياً في الدلالة عليه.
إدانة الحكم المطعون فيه الطاعنين وفقاً لنص المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 استناداً إلى إحرازهما المخدر بركنيه المادي والمعنوي. لا خطأ.
(13) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة النقض "سلطتها". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
إبداء أسباب جديدة للطعن أمام محكمة النقض. غير جائز. تقيدها بالأسباب المقدمة في الميعاد. الاستثناء من ذلك. شرطه وأساسه؟.
حق محكمة النقض في نقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المحكوم عليه. عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون سالف الذكر. طبيعته ومداه؟
النص في الفقرة الثالثة من المادة 253 مرافعات على أن الأسباب المبنية على النظام العام. يمكن التمسك بها في أية حالة كانت عليها الدعوى وتأخذ بها المحكمة من تلقاء نفسها. عدم سريانه على المواد الجنائية. أساس ذلك؟
مثال.
(14) نظام عام. محكمة النقض "سلطتها".
اتصال محكمة النقض بالأسباب المتعلقة بالنظام العام المحددة بالمادة 35/ 2 من القانون 57 لسنة 1959. شرطه: أن تكون مقوماتها واضحة من مدونات الحكم المطعون فيه أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبولها بغير حاجة إلى إجراء تحقيق موضوعي.
1 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها.
2 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
3 - من المقرر أن اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم لا يعيبه ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد إطراحه لها.
4 - من المقرر أن الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها.
5 - من المقرر أنه لا جدوى مما يثيره الطاعنان من بطلان الاعتراف ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعي ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الأدلة المستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير المعمل الكيماوي وهي أدلة مستقلة عن الاعتراف.
6 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها أصلها الثابت بالأوراق فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد.
7 - لما كان الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع التي لا تستأهل من المحكمة رداً خاصاً، إذ في قضائها بإدانة الطاعنين استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها ما يفيد إطراحها له.
8 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب عليها ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض.
9 - لما كان ما يثيره الطاعنان في خصوص قعود النيابة عن سؤال مالك العقار الذي يقطنان فيه وسائقه عن مكان ضبط الواقعة لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين قد طلبا إلى المحكمة تدارك هذا النقص فليس لهما من بعد أن ينعيا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود.
10 - لما كان القانون لا يوجب أن يكون مع كل متهم بجناية أكثر من محام واحد يتولى الدفاع عنه فإن ما تثيره الطاعنة بدعوى الإخلال بحق الدفاع وبطلان الإجراءات يكون في غير محله.
11 - من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، وكان المدافع عن الطاعنة قد تنازل صراحة عن سماع شاهدي الإثبات باكتفائه بتلاوة أقوالهما في التحقيقات فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهما ويكون منعاه في هذا الصدد في غير محله.
12 - لما كان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة أو نقل الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز أو الناقل بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من المواد المخدرة وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها من الوقائع والظروف كافياً في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي كما هو الحال في الدعوى المطروحة فإن ما يثيره الطاعنان في شأن عدم استظهار الحكم علمهما بكنه العقار المخدر المضبوط يكون على غير أساس، لما كان ذلك وكان الحكم قد دلل على ثبوت إحراز الطاعنين المخدر بركنيه المادي والمعنوي بما يكفي لحمل قضائه بإدانتهما بالتطبيق لنص المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم المحرز بحقيقة الجوهر المخدر، فإن الحكم إذ انتهى إلى تطبيق المادة المذكورة وأنزل عقوبتها على الطاعنين لا يكون قد خالف القانون ويكون ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن غير سديد.
13 - لما كان الأصل طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أنه لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة - سواء من النيابة العامة أو غيرها من الخصوم غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون المذكور وأن تتقيد محكمة النقض بالأسباب المقدمة في الميعاد - وكان نقض المحكمة للحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 سالفة الذكر، على خلاف هذا الأصل، هو رخصة استثنائية خولها القانون للمحكمة على سبيل الحصر في حالة ما إذا تبين لها مما هو ثابت في الحكم أنه مبني على مخالفة القانون أو على الخطأ في تطبيقه أو في تأويله أو أن المحكمة التي أصدرته لم تكن مشكلة وفقاً للقانون ولا ولاية لها بالفصل في الدعوى، أو إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسري على واقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكان منعى الطاعنة والمقدم بعد الميعاد المقرر لا يندرج تحت إحدى هذه الحالات بل يدخل ضمن حالات البطلان التي تفتح سبيل الطعن في الحكم دون أن ينعطف عليها وصف مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله المشار إليها في البند "أولاً" من المادة المذكورة والذي لا ينصرف إلا إلى مخالفة القانون الموضوعي سواء أكان قانون العقوبات والقوانين المكملة له أو قانون الإجراءات الجنائية فيما تضمنه من قواعد موضوعية، ومن ثم فلا يلتفت إلى ما أثارته الطاعنة في هذا الشأن بعد فوات ميعاد الطعن. ولا يغير من ذلك ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 253 من قانون المرافعات فيما يتعلق بالطعن في المواد المدنية والتجارية من أن الأسباب المبنية على النظام العام يمكن التمسك بها في أي وقت وتأخذ المحكمة بها من تلقاء نفسها، ذلك بأن الشارع فيما سنه من إجراءات في شأن الطعن في المواد الجنائية قد أراد عدم الأخذ بحكم هذا النص فحدد الأسباب التي تمس النظام العام وأفصحت المذكرة الإيضاحية للمادة 425/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - التي رددت المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959 حكمها عن مراد الشارع من الاستثناء الوارد على مبدأ التقيد بأسباب الطعن وعدم إبداء أسباب جديدة بعد الميعاد القانوني، وذلك بقولها "أنه ليس من المقبول التغاضي عن الخطأ الملموس الذي يتعلق بأمور تمس النظام العام مما يجب على القاضي وفقاً للقواعد العامة أن يراعيها من تلقاء نفسه وقد آثر المشرع في هذه الحالة تحديد الأسباب التي تمس النظام العام وتجيز للمحكمة أن تستند إليها من تلقاء نفسها في نقض الحكم بدلاً من ترك هذه المسألة لضابط النظام العام وحده فإن ذلك يؤدي إلى التوسع أكثر مما يجب".
14 - من المقرر أنه يشترط لاتصال محكمة النقض بالأسباب المتعلقة بالنظام العام التي حددتها الفقرة الثانية من المادة 35 سالفة البيان أن تكون مقوماتها واضحة في مدونات الحكم المطعون فيه أو أن تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبولها بغير حاجة إلى إجراء تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما (1) جلبا إلى داخل جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً "هيروين" وذلك في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وقبل الحصول على ترخيص كتابي من الجهة المختصة. (2) أحرزا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 40 لسنة 1966، 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وتغريمهما مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الجريمة هي إحراز مخدر بغير قصد من القصود الخاصة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة إحراز مخدر الهيروين بغير قصد من القصود المجرمة قد شابه الخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وران عليه البطلان ذلك أنه أحال في بيان شهادة الشاهد الثاني إلى مضمون ما حصله من شهادة الشاهد الأول رغم اختلاف أقوالهما، كما دفعا ببطلان إجراءات الضبط والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن من النيابة العامة في غير حالات التلبس - وهو ما يبطل أيضاً الاعتراف المستمد من القبض الباطل - وببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بيد أن الحكم أغفل الرد على الدفع الأول ورد على الدفع الثاني برد غير سائغ، كما أثارا دفاعاً حاصله شيوع التهمة وأن الضبط تم داخل الشقة المؤجرة لهما مفروشة وذلك في حضور مالك الشقة وسائقه اللذين لم تسمعهما النيابة - وليس خارجها كما ذهب شاهدا الإثبات في أقوالهما بيد أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغ به إطراحه ولم تسمع أقوال مالك الشقة وسائقه في هذا الشأن باعتبارهما شاهدي واقعة، كما أن الحاضر عن الأستاذ... المحامي الموكل للدفاع عن الطاعن طلب تأجيل نظر الدعوى لحضوره فضلاً عن أنه تمسك بسماع شاهدي الإثبات وكان يتعين على المحكمة إجابته إلى طلبه، ولا يغير من ذلك استغناء المحامين الآخرين للطاعنة عن ذلك، هذا إلى أن الأستاذ... الذي ترافع عن موكله لبناني الجنسية وغير مقبول للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية، كما دفع الطاعنان بانتفاء القصد الجنائي لديهما لعدم العلم بكنه المخدر المضبوط بيد أن الحكم التفت عن هذا الدفاع رغم جوهرية - ولم يعرض له إيراداً ورداً كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وتقرير المعامل الكيماوية. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى أقوال العميد... وعند إيراد الحكم لأقوال زميله الضابط... أورد أنه شهد بمضمون ما شهد به الشاهد الأول، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها وأنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وأن اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم لا يعيبه ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد إطراحه لها ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن دفاعاً موضوعياًً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها فإن النعي في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان لا جدوى مما يثيره الطاعنان من بطلان الاعتراف ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعي ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الأدلة المستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير المعمل الكيماوي وهي أدلة مستقلة عن الاعتراف فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعنين ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات وأطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع بعدم جدية التحريات فمردود بأن الثابت من أقوال العقيد... التي أدلى بها في التحقيقات والتي هي محل اطمئنان المحكمة أنه قام قبل استصدار الإذن بإجراء التحريات عن طريق مصادر سرية وتأكد منها قبل استصدار إذن النيابة بما تطمئن معه المحكمة إلى جدية تلك التحريات فيما يتعلق بإحراز المتهمين للمخدر المضبوط وتقر المحكمة سلطة التحقيق على إصدارها إذن التفتيش بما يكون معه الدفع ببطلان إذن النيابة وعدم جدية التحريات في غير محله جديراً بالرفض" وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها أصلها الثابت بالأوراق فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع التي لا تستأهل من المحكمة رداً خاصاً، إذ في قضائها بإدانة الطاعنين استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها ما يفيد إطراحها له، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب عليها ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعنان في خصوص قعود النيابة عن سؤال مالك العقار الذي يقطنان فيه وسائقه عن مكان ضبط الواقعة لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين قد طلبا إلى المحكمة تدارك هذا النقض فليس لهما من بعد أن ينعيا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة... التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أنه حضر مع الطاعنة الأستاذ... والأستاذة... المحاميان وأن الأستاذ... المحامي لم يكن من بين هيئة الدفاع التي حددتها الطاعنة، كما أن المحاميين اللذين ترافعا عنها لم يشر أي منهما إلى أنه بنى خطته في الدفاع عن الطاعنة على وجود زميل معه لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تشر بأسباب طعنها إلى أن المحامين الموكلين عنها اتفقوا على المشاركة في الدفاع وتقسيمه بينهم ولا تنازع في أن الأستاذة... من المحامين المقبولين أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية، وكان القانون لا يوجب أن يكون مع كل متهم بجناية أكثر من محام واحد يتولى الدفاع عنه فإن ما تثيره الطاعنة بدعوى الإخلال بحق الدفاع وبطلان الإجراءات يكون في غير محله، لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة والتي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن شاهدي الإثبات لم يحضرا وأن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوالهما الواردة بالتحقيقات، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، وكان المدافع عن الطاعنة قد تنازل صراحة عن سماع شاهدي الإثبات باكتفائه بتلاوة أقوالهما في التحقيقات فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهما ويكون منعاه في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة أو نقل الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز أو الناقل بأن ما يحرزه أو يحوزه أو ينقله من المواد المخدرة وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها من الوقائع والظروف كافياً في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي كما هو الحال في الدعوى المطروحة، فإن ما يثيره الطاعنان في شأن عدم استظهار الحكم علمهما بكنه العقار المخدر المضبوط يكون على غير أساس، لما كان ذلك وكان الحكم قد دلل على ثبوت إحراز الطاعنين المخدر بركنيه المادي والمعنوي بما يكفي لحمل قضائه بإدانتهما بالتطبيق لنص المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم المحرز بحقيقة الجوهر المخدر، فإن الحكم إذ انتهى إلى تطبيق المادة المذكورة وأنزل عقوبتها على الطاعنين لا يكون قد خالف القانون ويكون ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن غير سديد، لما كان ما تقدم فإن أسباب الطعن المقدمة في الميعاد تكون قائمة على غير أساس سليم.
وحيث إن المدافع عن الطاعنة أثار أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - بعد الميعاد القانوني - منعى آخر على الحكم المطعون فيه متعلقاً بالنظام العام مبناه بطلان إجراءات المحاكمة وانطوائها على إخلال بحق الدفاع على اعتبار أن الأستاذة... المحامية التي حضرت مع الطاعنة أمام محكمة الجنايات وتولت الدفاع عنها غير مقبولة للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية وقدم إثباتاً لذلك شهادة من نقابة المحامين مؤرخة 30/ 10/ 1994 تتضمن وجود اسم الأستاذة... المحامية والمقيدة أمام المحاكم الابتدائية بتاريخ 6/ 8/ 1981 واسمها مقيد حالياً بجدول المحامين المشتغلين تحت رقم 30725 وأيضاً اسم... سبق لها القيد تحت رقم 34788 بتاريخ 12/ 10/ 1980 واستبعد اسمها من الجدول وذلك لمرور أكثر من أربع سنوات على تاريخ قيدها بالجدول العام دون تعديله ابتدائي.
ومن حيث إنه لما كان الأصل طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أنه لا يجوز إبداء أسباب أخرى أمام المحكمة - سواء من النيابة العامة أو غيرها من الخصوم غير الأسباب التي سبق بيانها في الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون المذكور وأن تتقيد محكمة النقض بالأسباب المقدمة في الميعاد - وكان نقض المحكمة للحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 سالفة الذكر، علا خلاف هذا الأصل، هو رخصة استثنائية خولها القانون للمحكمة على سبيل الحصر في حالة ما إذا تبين لها مما هو ثابت في الحكم أنه مبني على مخالفة القانون أو على الخطأ في تطبيقه أو في تأويله أو أن المحكمة التي أصدرته لم تكن مشكلة وفقاً للقانون ولا ولاية لها بالفصل في الدعوى، أو إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسري على واقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكان منعى الطاعنة والمقدم بعد الميعاد المقرر لا يندرج تحت إحدى هذه الحالات بل يدخل ضمن حالات البطلان التي تفتح سبيل الطعن في الحكم دون أن ينعطف عليها وصف مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيق أو في تأويله المشار إليها في البند "أولاً" من المادة المذكورة والذي لا ينصرف إلا إلى مخالفة القانون الموضوعي سواء أكان قانون العقوبات والقوانين المكملة له أو قانون الإجراءات الجنائية فيما تضمنه من قواعد موضوعية، ومن ثم فلا يلتفت إلى ما أثارته الطاعنة في هذا الشأن بعد فوات ميعاد الطعن. ولا يغير من ذلك ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 253 من قانون المرافعات فيما يتعلق بالطعن في المواد المدنية والتجارية من أن الأسباب المبنية على النظام العام يمكن التمسك بها في أي وقت وتأخذ المحكمة بها من تلقاء نفسها، ذلك بأن الشارع فيما سنه من إجراءات في شأن الطعن في المواد الجنائية قد أراد عدم الأخذ بحكم هذا النص فحدد الأسباب التي تمس النظام العام وأفصحت المذكرة الإيضاحية للمادة 425/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - التي رددت المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959 حكمها عن مراد الشارع من الاستثناء الوارد على مبدأ التقيد بأسباب الطعن وعدم إبداء أسباب جديدة بعد الميعاد القانوني، وذلك بقولها "أنه ليس من المقبول التغاضي عن الخطأ الملموس الذي يتعلق بأمور تمس النظام العام مما يجب على القاضي وفقاً للقواعد العامة أن يراعيها من تلقاء نفسه وقد آثر المشرع في هذه الحالة تحديد الأسباب التي تمس النظام العام وتجيز للمحكمة أن تستند إليها من تلقاء نفسها في نقض الحكم بدلاً من ترك هذه المسألة لضابط النظام العام وحده فإن ذلك يؤدي إلى التوسع أكثر مما يجب" فضلاً عن أنه لما كان من المقرر أنه يشترط لاتصال محكمة النقض بالأسباب المتعلقة بالنظام العام التي حددتها الفقرة الثانية من المادة 35 سالفة البيان أن تكون مقوماتها واضحة في مدونات الحكم المطعون فيه أو أن تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبولها بغير حاجة إلى إجراء تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفتها، وكان ما تثيره الطاعنة يقتضي في هذه الحالة تحقيق ما إذا كانت المحامية التي حضرت معها أمام محكمة الجنايات وتولت الدفاع عنها هي الأستاذة... المقيدة أمام المحاكم الابتدائية أو الأستاذة... الغير مقبولة أمام المحاكم الابتدائية والمستبعد اسمها من الجدول حسبما ورد بالشهادة الصادرة من نقابة المحامين وهو ما يخرج عن وظيفة محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإنه يتعين رفض الطعن موضوعاً.