أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 46 - صـ 141

جلسة 15 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي نواب رئيس المحكمة وحسين الصعيدي.

(18)
الطعن رقم 63353 لسنة 59 القضائية

(1) بلاغ كاذب. حكم "حجيته". قوة الأمر المقضي. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
الحكم الصادر بالبراءة في الجريمة التي تكون محلاً للبلاغ الكاذب عدم تقييده المحكمة التي تنظر دعوى البلاغ الكاذب إلا إذا كانت البراءة مبنية على عدم صحة الواقعة وأن يكون قد قطع بكذبها.
كون البراءة مبنية على تشكك المحكمة في أدلة الثبوت. لا يمنع المحكمة المطروحة أمامها دعوى البلاغ الكاذب من البحث في هذه التهمة غير مقيدة بأي قيد.
مثال.
(2) بلاغ كاذب. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
التفات الحكم عن المستندات التي قدمها الطاعن للاستدلال بها على كذب الوقائع التي أبلغ بها المطعون ضده دون بحثها وتمحيصها. قصور وإخلال بحق الدفاع.
1 - لما كان البين مما أورده الحكم المطعون فيه من أسباب مكملة أنه استهل تلك الأسباب بما استقر عليه قضاء محكمة النقض من أن الحكم الصادر في جريمة من الجرائم التي يقيد المحكمة التي تفصل في دعوى البلاغ الكاذب عن الواقعة التي كانت محل الجريمة من حيث ما سبق أن فصل فيه من حيث صحة البلاغ أو كذبه. وإذ كان ذلك، وكان هذا القيد محله أن يكون الحكم قد قطع في صحة الواقعة المبلغ بها أو كذبها ومن ثم فإن الحكم الصادر بالبراءة في الجريمة التي تكون محلاً للبلاغ الكاذب لا يقيد المحكمة التي تنظر دعوى البلاغ الكاذب إلا إذا كانت البراءة مبنية على عدم صحة الواقعة وأن يكون قد قطع بكذبها أما إذا كانت البراءة مبنية على تشكك المحكمة في أدلة الثبوت وهو ليس من شأنه أن يقطع بصحة البلاغ أو بكذبه فإن ذلك لا يمنع المحكمة المطروحة أمامها دعوى البلاغ الكاذب من أن تبحث هذه التهمة طليقة من كل قيد. لما كان ذلك، وكان المستفاد مما أورده الحكم المطعون فيه أن براءة الطاعن من التهمة التي كانت محلاً للجنحة رقم... أمن دولة المنتزه والتي أبلغ بها ضده المطعون ضده قد بنيت على عدم اطمئنان المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وأنه لا يصح معاقبة المبلغ - في دعوى البلاغ الكاذب - إلا إذا كان المبلغ قد تعمد الكذب - وهو ما لم يثبته الحكم ولم تتبينه المحكمة - مما يعني أن الحكم الصادر ببراءة الطاعن لم يقطع بكذب البلاغ أو صحته مما كان لازمه أن تتصدى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لبحث دعوى البلاغ الكاذب دون أن تتقيد في ذلك بالحكم الصادر ببراءة الطاعن. ولما كان ذلك، وكان البين من أسباب الحكم المطعون فيه أنه جعل من عدم إثبات الحكم الصادر ببراءة الطاعن في الجنحة سالفة الذكر أن المطعون ضده قد تعمد الكذب في بلاغه ضد الطاعن عماد قضائه ببراءة المطعون ضده من تهمة البلاغ الكاذب دون أن يعني هو ببحث هذه الجريمة ومدى توافرها في حقه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - لما كان البين من المفردات المضمومة أن الطاعن قدم للمحكمة الاستئنافية حافظة مستندات استدل بها على كذب الوقائع التي أبلغ بها المطعون ضده وكانت محلاً للجنحة رقم... سالفة الذكر وكان الحكم المطعون فيه قد التفت عن تلك المستندات ولم يتحدث عنها مع ما قد يكون لها من دلالة على صحة دفاع الطاعن ولو أنه عني ببحثها وتمحيصها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون فوق خطئه في تطبيق القانون منطوياً على القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع مما يعيبه ويوجب نقضه.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح المنتزه ضد المطعون ضده بوصف أنه أبلغ ضده كذباً مع سوء القصد بأنه تقاضى منه مبلغ أربعة آلاف جنيه كخلو رجل مقابل تأجير شقة له. وطلب عقابه بالمادة 305 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية. استأنف المدعي بالحقوق المدنية والنيابة العامة. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن - المدعي بالحق المدني - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة البلاغ الكاذب ورفض الدعوى المدنية قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أن الحكم المطعون فيه اشترط لمعاقبة الجاني في جريمة البلاغ الكاذب أن يقطع الحكم الصادر في الواقعة محل البلاغ ببراءة المبلغ ضده بكذب البلاغ، دون سند من القانون، والتفت عن تمحيص المستندات التي قدمها الطاعن دليلاً على كذب البلاغ الذي قدمه المطعون ضده مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي بالحقوق المدنية أقام دعواه بالطريق المباشر ضد المطعون ضده متهماً إياه أنه أبلغ كذباً بتقاضيه مبلغ أربعة آلاف جنيه نظير تأجير شقة وأنه قضى ببراءته مما رماه به المطعون ضده مما يشكل في حقه جريمة البلاغ الكاذب ويستوجب معاقبته جنائياً وأداء مبلغ 51 جنيهاً كتعويض مؤقت، وقد قضت محكمة أول درجة ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية تأسيساً على أن الدعوى خلت من أي مستندات تدعم أسانيد المدعي بالحق المدني، فاستأنفت النيابة العامة للثبوت كما استأنف المدعي بالحق المدني، فقضت المحكمة الاستئنافية بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وبعد أن أفصح الحكم عن أخذه بأسباب الحكم المستأنف أضاف إليها أسباباً مكملة بقوله "وحيث إنه لما كان من المقرر أن الحكم الجنائي الصادر في جريمة من الجرائم يقيد المحكمة التي تفصل في الدعوى التي ترفع بالبلاغ الكاذب عن الواقعة التي كانت محل الجريمة من حيث صحة البلاغ وكذبه (نقض 8/ 12/ 1964) مجموعة أحكام النقض س 15 رقم 110 ص 815 نقض جلسة 5/ 4/ 1970، س 21 رقم 124 ص 514، وحيث إنه لما كان الثابت من مطالعة أوراق القضية والمستندات المقدمة فيها أن الحكم الصادر في القضية... جنح أمن الدولة المنتزه في شأن الواقعة موضوع هذه الدعوى قد صار حكماً باتاً فإن المحكمة تتقيد به خاصة وقد قضى بالبراءة ولم يقطع بكذب البلاغ وبالتالي فإنه لا يعدو دليلاً على كذب ما أبلغ به المتهم خاصة وأنه يبين من مدونات الحكم سالف الذكر أنه بعد أن عرض للأدلة القائمة في الدعوى للاتهام وملاحظاته على تلك الأدلة انتهى إلى عدم الاطمئنان إليها لأنها لا تبلغ في وجدانها الدليل المقنع الكافي على إسناد التهمة. وحيث إنه لما كان من المقرر أن التبليغ عن الوقائع الجنائية حق لكل إنسان بل هو واجب مفروض عليه فلا تصح معاقبته إلا إذا كان قد تعمد الكذب وهو ما لا يثبته الحكم ولم تتبينه المحكمة الأمر الذي تقضي معه بتأييد الحكم المستأنف". وكان البين مما أورده الحكم المطعون فيه من أسباب مكملة أنه استهل تلك الأسباب بما استقر عليه قضاء محكمة النقض من أن الحكم الصادر في جريمة من الجرائم يقيد المحكمة التي تفصل في دعوى البلاغ الكاذب عن الواقعة التي كانت محل الجريمة من حيث ما سبق أن فصل فيه من حيث صحة البلاغ أو كذبه. وإذ كان ذلك، وكان هذا القيد محله أن يكون الحكم قد قطع في صحة الواقعة المبلغ بها أو كذبها ومن ثم فإن الحكم الصادر بالبراءة في الجريمة التي تكون محلاً للبلاغ الكاذب لا يقيد المحكمة التي تنظر دعوى البلاغ الكاذب إلا إذا كانت البراءة مبنية على عدم صحة الواقعة وأن يكون قد قطع بكذبها أما إذا كانت البراءة مبنية على تشكك المحكمة في أدلة الثبوت وهو ليس من شأنه أن يقطع بصحة البلاغ أو بكذبه فإن ذلك لا يمنع المحكمة المطروحة أمامها دعوى البلاغ الكاذب من أن تبحث هذه التهمة طليقة من كل قيد. لما كان ذلك، وكان المستفاد مما أورده الحكم المطعون فيه أن براءة الطاعن من التهمة التي كانت محلاً للجنحة رقم... أمن دولة المنتزه والتي أبلغ بها ضده المطعون ضده قد بنيت على عدم اطمئنان المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وأنه لا يصح معاقبة المبلغ - في دعوى البلاغ الكاذب - إلا إذا كان المبلغ قد تعمد الكذب - وهو ما لم يثبته الحكم ولم تتبينه المحكمة - مما يعني أن الحكم الصادر ببراءة الطاعن لم يقطع بكذب البلاغ أو صحته مما كان لازمه أن تتصدى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لبحث دعوى البلاغ الكاذب دون أن تتقيد في ذلك بالحكم الصادر ببراءة الطاعن. ولما كان ذلك، وكان البين من أسباب الحكم المطعون فيه أنه جعل من عدم إثبات الحكم الصادر ببراءة الطاعن في الجنحة سالفة الذكر أن المطعون ضده قد تعمد الكذب في بلاغه ضد الطاعن عماد قضائه ببراءة المطعون ضده من تهمة البلاغ الكاذب دون أن يعني هو ببحث هذه الجريمة ومدى توافرها في حقه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. و لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن الطاعن قدم للمحكمة الاستئنافية حافظة مستندات استدل بها على كذب الوقائع التي أبلغ بها المطعون ضده وكانت محلاً للجنحة رقم... سالفة الذكر وكان الحكم المطعون فيه قد التفت عن تلك المستندات ولم يتحدث عنها مع ما قد يكون لها من دلالة على صحة دفاع الطاعن ولو أنه عني ببحثها وتمحيصها لجاز أن يتغير وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون فوق خطئه في تطبيق القانون منطوياً على القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع مما يعيبه ويوجب نقضه في خصوص الدعوى المدنية والإحالة.