أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 46 - صـ 172

جلسة 17 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم ومحمد شعبان نواب رئيس المحكمة وعمر بريك.

(23)
الطعن رقم 25196 لسنة 59 القضائية

(1) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". محكمة النقض "الحكم في موضوع الدعوى".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود: إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
مثال لحكم بالإدانة في جريمة تقاضي خلو رجل صادر من محكمة النقض لدى نظر موضوع الدعوى.
(2) نقض "نظره والحكم فيه".
عدم إضارة الطاعن بطعنه. أساس ذلك؟
مثال.
1 - لما كانت واقعة الدعوى تتحصل فيما أبلغت به المجني عليها وشهدت به في التحقيقات من أنها استأجرت من المتهم حانوتاً بعد أن اتفق معها على تقاضي مبلغ ثمانية آلاف جنيه كخلو رجل دفعت منها أربعة آلاف جنيه للمتهم والباقي تحررت به كمبيالات استأدى منها المتهم مبلغ ألفي جنيه، وقدمت تأييد لدعواها صورة عقد إيجار يتضمن استئجارها من المتهم حانوتاً لقاء أجرة شهرية مقدارها 72 جنيه وعدد أربع صور ضوئية للكمبيالات تتضمن مديونية المجني عليها للمتهم.
وحيث إنه بسؤال زوج المجني عليها بالتحقيقات شهد بمضمون ما قررته زوجته. وحيث إن المتهم أنكر التهمة المسندة إليه ودفع بوجود معاملة تجارية بينه والمجني عليها وأن الكمبيالات تم تحريرها بهذه المناسبة واستشهد بشاهدين أيداه في دفاعه، هذا وقد قدم المتهم إقراراً مصدقاً عليه منسوب إلى المجني عليها يتضمن تصالحها مع المتهم وتنازلها عن دعواها.
وحيث إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم للتهمة المسندة إليه إذ قصد منه الإفلات من توقيع العقاب عليه بعد أن تحقق للمحكمة بما لا يدع مجالاً للشك تقاضيه من المجني عليها المبلغ النقدي المبين بالأوراق خارج عقد الإيجار كخلو رجل وذلك استناداً إلى أقوال الشاهدين السالف سردها والتي تأخذ بها المحكمة لاطمئنانها إليها، لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحمها على عدم الأخذ بها. وحيث إنه متى كان ما تقدم فإن المحكمة تنتهي إلى إدانة المتهم حسبما انتهى إليه الحكم المستأنف. عملاً بمواد الاتهام والمادة 304/ 2 أ. ج.
2 - لما كان مبلغ الغرامة الواجب توقيعها إعمالاً للمادة 26 من القانون المنطبق تعادل مثلي المبلغ الذي تقاضاه المؤجر بالمخالفة لأحكام هذه المادة - وهو في خصوص هذه الدعوى مبلغ ستة آلاف جنيه - مما كان يتعين معه تغريم المتهم اثنا عشر ألف جنيه، غير أنه لما كان نقض الحكمين السابقين أصلاً بناء على طلب المحكوم عليه وحده دون النيابة العامة مما لا يجوز معه أن يضار بطعنه عملاً بنص المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 الأمر الذي تنتهي معه هذه المحكمة إلى القضاء بذات مبلغ الغرامة التي قضى بها الحكم الملغي السابق مع مراعاة ما قضى به أيضاً الحكم الملغي الأسبق من وقت تنفيذ عقوبة الحبس إعمالاً لذات المبدأ.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته مؤجراً تقاضى مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار على سبيل خلو الرجل. وطلبت عقابه بالمواد 1، 16/ 1، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالقانون 136 لسنة 1981. ومحكمة أمن الدولة الجزئية بالإسكندرية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ وبتغريمه ستة عشر ألف جنيه وإلزامه برد مبلغ ثمانية آلاف جنيه للمجني عليها. استأنف ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض. وقضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى. ومحكمة الإعادة (بهيئة أخرى) قضت حضورياً بإلغاء عقوبة الرد وبتغريم المتهم أحد عشر ألفاً ومائة جنيه والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ/ ... المحامي نيابة عن المحكوم عليه (للمرة الثانية) والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
وبجلسة... نظرت المحكمة الطعن (منعقدة في هيئة غرفة مشورة) وفيها أحالته لنظره بالجلسة. وقضت أولاً: بعدم قبول طعن النيابة العامة شكلاً: ثانياً: بقبول الطعن المقدم من المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع.


المحكمة

حيث إن هذه المحكمة قضت بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظر الموضوع إعمالاً للمادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إن النيابة العامة أسندت إلى المتهم أنه خلال عام 1981 بدائرة قسم... بصفته مؤجراً تقاضى مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار على سبيل خلو الرجل وطلبت عقابه بمقتضى المواد 1، 16/ 1، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالقانون 136 لسنة 1981، ومحكمة أمن الدولة الجزئية قضت حضورياً - عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وبتغريمه ستة عشر ألف جنيه وإلزامه برد مبلغ ثمانية آلاف جنيه للمجني عليها.
وحيث إن واقعة الدعوى تتحصل فيما أبلغت به المجني عليها وشهدت به في التحقيقات من أنها استأجرت من المتهم حانوتاً بعد أن اتفق معها على تقاضي مبلغ ثمانية آلاف جنيه كخلو رجل دفعت منها أربعة آلاف جنيه للمتهم والباقي تحررت به كمبيالات استأدى منها المتهم مبلغ ألفي جنيه، وقدمت تأييداً لدعواها صورة عقد إيجار يتضمن استئجارها من المتهم حانوتاً لقاء أجرة شهرية مقدارها 72 جنيهاً وعدد أربع صور ضوئية للكمبيالات تتضمن مديونية المجني عليها للمتهم.
وحيث إنه بسؤال زوج المجني عليها بالتحقيقات شهد بمضمون ما قررته زوجته. وحيث إن المتهم أنكر التهمة المسندة إليه ودفع بوجود معاملة تجارية بينه والمجني عليها وأن الكمبيالات تم تحريرها بهذه المناسبة واستشهد بشاهدين أيداه في دفاعه، هذا وقد قدم المتهم إقراراً مصدقاً عليه منسوب إلى المجني عليها يتضمن تصالحها مع المتهم وتنازلها عن دعواها.
وحيث إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم للتهمة المسندة إليه إذ قصد منه الإفلات من توقيع العقاب عليه بعد أن تحقق للمحكمة بما لا يدع مجالاً للشك تقاضيه من المجني عليها المبلغ النقدي المبين بالأوراق خارج عقد الإيجار كخلو رجل، وذلك استناداً إلى أقوال الشاهدين السالف سردها والتي تأخذ بها المحكمة لاطمئنانها إليها، لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحمها على عدم الأخذ بها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن المحكمة تنتهي إلى إدانة المتهم حسبما انتهى إليه الحكم المستأنف - عملاً بمواد الاتهام والمادة 304/ أ. ج. بيد أنه لما كان مبلغ الغرامة الواجب توقيعها إعمالاً للمادة 26 من القانون المنطبق تعادل مثلي المبلغ الذي تقاضاها المؤجر بالمخالفة لأحكام هذه المادة - وهو في خصوص هذه الدعوى مبلغ ستة آلاف جنيه مما كان يتعين معه تغريم المتهم اثنا عشر ألف جنيه، غير أنه لما كان نقض الحكمين السابقين أصلاً بناء على طلب المحكوم عليه وحده دون النيابة العامة مما لا يجوز معه أن يضار بطعنه عملاً بنص المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 الأمر الذي تنتهي معه هذه المحكمة إلى القضاء بذات مبلغ الغرامة التي قضى بها الحكم الملغي السابق مع مراعاة ما قضى به أيضاً الحكم الملغي الأسبق من وقت تنفيذ عقوبة الحبس إعمالاً لذات المبدأ.
وحيث إنه نظراً لظروف الدعوى وملابساتها وما آلت إليه الدعوى من تصالح بين طرفيها فترى المحكمة استكمالاً لنظرة الرأفة إيقاف تنفيذ عقوبة الغرامة المقضى بها إعمالاً لنص المادتين 55، 56 من قانون العقوبات.