أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 46 - صـ 197

جلسة 19 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي وحسين الشافعي نواب رئيس المحكمة ومحمد فؤاد الصيرفي.

(28)
الطعن رقم 2322 لسنة 63 القضائية

(1) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". استدلالات. قبض. دفوع "الدفع ببطلان القبض". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب قبول مأمور الضبط القضائي التبليغات والشكاوى الواردة إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤسيهم بإجراء التحريات اللازمة عنها.
إطراح الحكم الدفع ببطلان القبض استناداً إلى أن استدعاء الطاعن من إجراءات الاستدلال وليس قبضاً وفقاً للمادة 29 إجراءات. صحيح.
(2) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". استدلالات. قبض. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الحق المخول لمأموري الضبط القضائي بمقتضى المادة 29 إجراءات. نطاقه؟
الاستدعاء الذي يقوم به مأمورو الضبط القضائي إبان جمع الاستدلالات ولا يتضمن تعرضاً مادياً. ليس قبضاً ولو كان ذلك بواسطة أحد رجال السلطة العامة.
(3) استجواب. إجراءات "إجراءات التحقيق". مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم".
الاستجواب المحظور على مأمور الضبط إجرائه. ماهيته؟
مواجهة الضابط للمتهمين بتحرياته. اعترافهما بارتكابها للجريمة. لا يعد استجواباً.
(4) دفوع "الدفع ببطلان الاستجواب". استجواب. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم القصور في الرد على الدفع ببطلان استجواب المتهم بمحضر الضبط. غير مجد. ما دام لم يتساند الحكم في الإدانة إلى دليل مستمد منه.
مثال.
(5) إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. حق لمحكمة الموضوع. لها تقدير صحة ادعاء المتهم انتزاع الاعتراف منه بطريق الإكراه.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بأن الاعتراف وليد إكراه.
(6) عقوبة "العقوبة المبررة". سرقة "سرقة بإكراه". إكراه. ظروف مشددة.
النعي على الحكم القصور في استظهار ظرف الليل. غير مجد. ما دامت المحكمة دانته بعقوبة السرقة بإكراه المقرر لها العقوبة ذاتها.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير مقبول أمام النقض.
(8) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
تناقض أقوال الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. متى استخلصت المحكمة الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
1 - لما كان الحكم تناول في أسبابه الدفع ببطلان القبض على الطاعن الأول وأطرحه استناداً إلى ما استخلصته المحكمة من أن استدعاء الطاعن لسؤاله في محضر الضبط كان من بين إجراءات جمع الاستدلالات التي أجازت المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية لمأمور الضبط القضائي مباشرتها بشأن ما يقع من جرائم ولا يعتبر ذلك في حكم القبض المحظور عليه في غير حالات التلبس، ولما كان هذا الذي خلص إليه الحكم صحيحاً في القانون ذلك أن من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعملون بها بأية كيفية كانت وأن يتحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤيدة لثبوت ونفي الوقائع المبلغ بها إليهم والتي يشاهدونها بأنفسهم.
2 - من المقرر أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك، ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن بسبب اتهامه في جريمة سرقة بإكراه ليلاً لا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليه بالحضور لسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما يتطلبه جمع الاستدلالات ولا يقدح في ذلك أن يتم هذا الاستدعاء بواسطة أحد رجال السلطة العامة طالما أنه لم يتضمن تعرضاً مادياً للمستدعي يمكن أن يكون فيه مساس بحريته الشخصية أو تقييد لها مما قد يتلبس حينئذ بإجراء القبض المحظور على مأمور الضبط القضائي إذا لم تكن الجريمة في حالة تلبس وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أن استدعاء الطاعن الأول لم يكن مقروناً بإكراه ينتقض من حريته فإن رفضها للدفع ببطلان القبض يكون سليما تنتفي معه قالة الخطأ في القانون.
3 - من المقرر أن الاستجواب الذي حظره القانون على غير سلطة التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً أو يعترف بها إن شاء الاعتراف، وكان الطاعن الأول لا يدعي في أسباب طعنه أن مأمور الضبط القضائي ناقشه مناقشة تفصيلية في الأدلة القائمة قبله، وكان الحكم قد أورد في رده على دفاع الطاعنين أن الضابط سألهما عما جاء بالتحريات قبلهما فأقر بصحتها واعترفا بارتكابهما للجريمة فأثبت ذلك بمحضره وقام بإرسالهما للنيابة العامة التي باشرت التحقيق معهما فإن ما انتهى إليه الحكم في الرد على الدفع ببطلان الاستجواب يكون مقترناً بالصواب.
4 - لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان استجواب المتهم بمحضر الضبط ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاستجواب المدعي ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة وهو دليل مستقل عن الاستجواب فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الصدد يكون غير سديد.
5 - لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن من أن الاعتراف المعزو إليه كان وليد الإكراه لصدوره نتيجة قبض باطل، من أنه ليس ثمة قبضاً قد وقع على المتهمين على نحو ما سلف بيانه مما يضحى معه الدفع قد قام على غير سند وما أورده الحكم من ذلك سائغ في القانون، ذلك أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد يكون في غير محله.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعن عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات فلا جدوى للنعي على الحكم بالقصور في استظهار ظرف الليل ما دامت الواقعة حسبما أثبتها الحكم توفر في حق الطاعن بغير توافر هذا الظرف جناية السرقة بإكراه المقرر لها العقوبة.
7 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق على ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن الأول أمام النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا ينازع الطاعنان في أن لها مأخذها الصحيح من الأوراق فإن ما يثيرانه من منازعة في الصورة الصحيحة للواقعة ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
8 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد أنها إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن كافة ما يثيره الطاعنان بشأن أقوال المجني عليهما ووالدهما وشهود الإثبات يكون على غير أساس ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في ليلة... أولاً: المتهمان: سرقا المبلغ المبين قدراً بالتحقيقات المملوك... بأن دخلا داره بواسطة تسور جداره وبطريق الإكراه الواقع على كريمته... بأن كم المتهم الثاني فاها وهددها بسلاح ظاهر كان يحمله فشل بذلك مقاومتها وتمكنا بهذه الوسيلة من إتمام السرقة. ثانياً: - المتهم الثاني أيضاً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال". وأحالتهما إلى محكمة جنايات أسيوط لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 313 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 65 لسنة 1981 والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات ومصادرة السلاح المضبوط.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة السرقة بطريق الإكراه ليلاً وبواسطة التسور وثانيهما بجريمة إحراز سلاح أبيض بدون ترخيص قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في البيان والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحكم المطعون فيه رد على الدفع المبدى من الطاعن الأول ببطلان القبض بما لا يصلح رداً ولم يفطن إلى بطلان استجواب المتهمين بمحضر الضبط، كما عول على اعترافهما بتحقيقات النيابة العامة برغم صلته بالقبض الباطل، هذا إلى أنه قد أطرح دفاع الطاعن الأول أيضاً بعدم توافر ظرفي الليل والتسور بما لا يسوغ إطراحه خاصة أن المستفاد من أقوال المجني عليه أن السرقة لم تتم بطريق التسور ولم يثبت ذلك من المعاينة، وأخيراً فإن الحكم أغفل دفاع الطاعنين من أن المجني عليه الأول لم ير الواقعة بنفسه وأن رؤية المجني عليهما الأخيرتين لمرتكبي الحادث كانت من ظهرهما مما يفيد عدم تحديدهما لشخصيتهما ويعدم الدليل على وجود ظرفي الإكراه أو التسور أو وجود السلاح كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليهما وقد تناول في أسبابه الدفع ببطلان القبض على الطاعن الأول وأطرحه استناداً إلى ما استخلصته المحكمة من أن استدعاء الطاعن لسؤاله في محضر الضبط كان من بين إجراءات جمع الاستدلالات التي أجازت المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية لمأمور الضبط القضائي مباشرتها بشأن ما يقع من جرائم ولا يعتبر في حكم القبض المحظور عليه في غير حالات التلبس. ولما كان هذا الذي خلص إليه الحكم صحيحاً في القانون ذلك أن من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دائرة اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأية كيفية كانت وأن يتحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤيدة لثبوت ونفي الوقائع المبلغ بها إليهم والتي يشاهدونها بأنفسهم، كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك، ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن بسبب اتهامه في جريمة سرقة بإكراه ليلاً لا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليه بالحضور لسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما يتطلبه جمع الاستدلالات ولا يقدح في ذلك أن يتم هذا الاستدعاء بواسطة أحد رجال السلطة العامة طالما أنه لم يتضمن تعرضاً مادياً للمستدعي يمكن أن يكون فيه مساس بحريته الشخصية أو تقييد لها مما قد يتلبس حينئذ بإجراء القبض المحظور على مأمور الضبط القضائي إذا لم تكن الجريمة في حالة تلبس وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أن استدعاء الطاعن الأول لم يكن مقروناً بإكراه ينتقص من حريته فإن رفضها للدفع ببطلان القبض يكون سليما تنتفي معه قالة الخطأ في القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاستجواب الذي حظره القانون على غير سلطة التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً أو يعترف بها إن شاء الاعتراف، وكان الطاعن الأول لا يدعي في أسباب طعنه أن مأمور الضبط القضائي ناقشه مناقشة تفصيلية في الأدلة القائمة قبله وكان الحكم قد أورد في رده على دفاع الطاعنين أن الضابط سألهما عما جاء بالتحريات قبلهما فأقر بصحتها واعترفا بارتكابهما للجريمة فأثبت ذلك بمحضره وقام بإرسالهما للنيابة العامة التي باشرت التحقيق معهما فإن ما انتهى إليه الحكم في الرد على الدفع ببطلان الاستجواب يكون مقترناً بالصواب، فضلاً عن أنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان استجواب المتهم بمحضر الضبط ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاستجواب المدعي ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة وهو دليل مستقل عن الاستجواب فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن من أن الاعتراف المعزو إليه كان وليد الإكراه لصدوره نتيجة قبض باطل من أنه ليس ثمة قبضاً قد وقع على المتهمين على نحو ما سلف بيانه مما يضحى معه الدفع قد قام على غير سند، وما أورده الحكم من ذلك سائغ في القانون ذلك أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعن عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات فلا جدوى للنعي على الحكم بالقصور في استظهار ظرف الليل ما دامت الواقعة حسبما أثبتها الحكم توفر في حق الطاعن بغير توافر هذا الظرف جناية السرقة بإكراه المقرر لها العقوبة ذاتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق على ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن الأول أمام النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا ينازع الطاعنان في أن لها مأخذها الصحيح من الأوراق، فإن ما يثيرانه من منازعة في الصورة الصحيحة للواقعة ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض، فضلاً أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها كما أن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى المطروحة فإن كافة ما يثيره الطاعنان بشأن أقوال المجني عليهما ووالدهما وشهود الإثبات يكون على غير أساس ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.