أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 46 - صـ 371

جلسة 13 من فبراير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر وحسن حمزه ومحمد عبد العزيز محمد نواب رئيس المحكمة ونير عثمان.

(55)
الطعن رقم 6537 لسنة 62 القضائية

(1) تزوير "أوراق عرفية". جريمة "سقوطها".
جريمة التزوير. وقتية. بدء سقوطها من يوم وقوع التزوير.
اعتبار يوم ظهور التزوير تاريخاً للجريمة. رهن بعدم ثبوت وقوعها في تاريخ سابق.
(2) تزوير "أوراق عرفية". استعمال أوراق مزورة. دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". دفوع "الدفع بانقضاء الدعوى بمضي المدة". ارتباط. عقوبة "العقوبة المبررة". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. لوقوع التزوير في تاريخ معين. جوهري. وجوب تحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه. إطراح الدفع بمقولة أن تاريخ الجريمة هو تاريخ صدور الحكم ببراءة المدعي بالحقوق المدنية في الدعوى التي كانت مرددة بينه وبين الطاعن. دون بيان العلة. قصور. لا ينال من ذلك إعمال المحكمة المادة 32 عقوبات عند الحكم في جريمتي التزوير والاستعمال. علة ذلك: وجود قضاء في الدعوى المدنية مؤسس على ثبوت الجريمتين معاً.
1 - من المقرر أن جريمة التزوير بطبيعتها جريمة وقتية تقع وتنتهي بمجرد وقوع التزوير في محرر بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون ولذا يجب أن يكون جريان مدة سقوط الدعوى بها من ذلك الوقت، واعتبار يوم ظهور التزوير تاريخاً للجريمة محله ألا يكون قد قام الدليل على وقوعها في تاريخ سابق.
2 - من المقرر أنه إذا دفع لدى محكمة الموضوع بأن تزوير المحرر حصل في تاريخ معين، وأن الدعوى العمومية عنه قد سقطت فيجب عليها أن تحقق هذا الدفع ثم ترتب على ما يظهر لها النتيجة التي تقتضيها، لما كان ذلك، وكان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه رداً على هذا الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة أنه اعتبر تاريخ جريمة التزوير هو تاريخ صدور الحكم ببراءة المتهم - المدعي بالحقوق المدنية - في الدعوى التي كانت مرددة بينه وبين الطاعن، وهو وإن كان يصلح رداً في شأن استعمال الطاعن المحرر المزور مع علمه بتزويره إلا أنه منبت الصلة بدفاعه في جريمة التزوير إذ لم يفصح ببيان علة اعتباره تاريخ جريمة التزوير هو تاريخ صدور الحكم ببراءة المدعي بالحقوق المدنية ولم يواجه الدفع على حقيقته ولم يفطن إلى فحواه ومن ثم لم يقسطه حقه ويعني بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه. فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة، ولا يعترض على ذلك بأن الحكم أعمل في حق الطاعن المادة 32 من قانون العقوبات إذ أوقع عليه عقوبة مقررة لجريمة استعمال المحرر المزور التي دانه بها لأن التبرير لا يرد حيث يوجد قضاء في الدعوى المدنية مؤسس على ثبوت جريمتي تزوير المحرر واستعماله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً: ارتكب تزويراً في محرر عرفي بأن أجرى تغييراً في بيانات الشيك المملوك لـ... على النحو المبين بالأوراق ثانياً: استعمل الشيك سالف البيان بأن أقام به دعوى ضد المجني عليه سالف الذكر وقدمه فيها مع علمه بتزويره. وطلبت عقابه بالمادة 215 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح مصر الجديدة قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل عن التهمتين وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ. عارض وأثناء نظر المعارضة ادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وقضى في المعارضة بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه وبإلزام المتهم بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديله والاكتفاء بحبس المتهم شهراً مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي تزوير واستعمال محرر عرفي قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه دفع بانقضاء الدعوى الجنائية - بالنسبة لجريمة التزوير - بمضي المدة استناداً إلى أن تاريخ إسنادها إليه هو في عام 1985 بينما كان أول إجراء قاطع للتقادم اتخذ قبله تم في عام 1991 أي بعد مضي أكثر من ثلاثة سنوات ورد الحكم على هذا الدفع بما لا يصلح رداً مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أخذ بأسباب الحكم المستأنف عرض لما أثاره الطاعن في خصوص دفعه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ورد عليه في قوله "وحيث إنه عن الدفع المبدى بانقضاء الدعوى الجنائية للتهمة الأولى بمضي المدة فإنه من المقرر قانوناً طبقاً للمادتين 15، 17 أ. ج أنه تنقضي الدعوى الجنائية في مواد الجنايات بمضي عشر سنين من يوم وقوع الجريمة وفي الجنح بمضي ثلاث سنوات وفي المخالفات بمضي سنة. وتنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك الأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال وتسري المدة من جديد من يوم الانقطاع وكان البين من مطالعة الأوراق أن المدعي بالحق المدني قضى ببراءته استئنافياً بشأن الشيك محل الجنحة موضوع التزوير في 24/ 11/ 1988 وقيدته النيابة العامة بمواد الاتهام في 24/ 9/ 1989 وأخطر بها المتهم بوجه رسمي ومن ثم تكون هذه قد قطعت التقادم ويصبح الدفع وارداً على غير أساس واجباً رفضه". لما كان ذلك وكانت جريمة التزوير بطبيعتها جريمة وقتية تقع وتنتهي بمجرد وقوع التزوير في محرر بإحدى الطرق المنصوص عليه في القانون ولذا يجب أن يكون جريان مدة سقوط الدعوى بها من ذلك الوقت، واعتبار يوم ظهور التزوير تاريخاً للجريمة محله ألا يكون قد قام الدليل على وقوعها في تاريخ سابق، وأنه إذا دفع لدى محكمة الموضوع بأن تزوير المحرر حصل في تاريخ معين، وأن الدعوى العمومية عنه قد سقطت فيجب عليها أن تحقق هذا الدفع ثم ترتب على ما يظهر لها النتيجة التي تقتضيها. لما كان ذلك، وكان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه رداً على هذا الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة أنه اعتبر تاريخ جريمة التزوير هو تاريخ صدور الحكم ببراءة المتهم - المدعي بالحقوق المدنية - في الدعوى التي كانت مرددة بينه وبين الطاعن، وهو وإن كان يصلح رداً في شأن استعمال الطاعن المحرر المزور مع علمه بتزويره إلا أنه منبت الصلة بدفاعه في جريمة التزوير إذ لم يفصح ببيان علة اعتباره تاريخ جريمة التزوير هو تاريخ صدور الحكم ببراءة المدعي بالحقوق المدنية ولم يواجه الدفع على حقيقته ولم يفطن إلى فحواه ومن ثم لم يقسطه حقه ويعني بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه. فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة، ولا يعترض على ذلك بأن الحكم أعمل في حق الطاعن المادة 32 من قانون العقوبات إذ أوقع عليه عقوبة مقررة لجريمة استعمال المحرر المزور التي دانه بها لأن التبرير لا يرد حيث يوجد قضاء في الدعوى المدنية مؤسس على ثبوت جريمتي تزوير المحرر واستعماله.