أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 46 - صـ 569

جلسة 19 من مارس سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وفرغلي زناتي نواب رئيس المحكمة.

(84)
الطعن رقم 4386 لسنة 63 القضائية

(1) تزوير. اشتراك. إثبات "بوجه عام".
الاشتراك في التزوير. تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يكفي لثبوته اعتقاد المحكمة بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها اعتقاداً سائغاً.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة الشهود. مفاده؟
للمحكمة أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى. ما دامت اطمأنت إليها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(4) قصد جنائي. تزوير. اشتراك. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تحقق القصد الجنائي في جريمة التزوير بتعمد تغيير الحقيقة في المحرر بما يسبب ضرراً وبنية استعمال المحرر فيما غيرت الحقيقة من أجله.
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه. التفاته عنها مفاده: إطراحها.
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز.
(6) سرقة. تزوير. اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة السرقة. اختلاف طبيعتها ومقوماتها عن جريمة الاشتراك في التزوير. إدانة المتهم بالاشتراك في التزوير وتبرئته من تهمة السرقة. لا تناقض.
1 - من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه. ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم.
2 - لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً متفقاً مع العقل والمنطق.
3 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقديرها وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة من محكمة النقض، ومتى أخذت بشهادة الشهود فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان رمي الحكم بالفساد في الاستدلال لتعويله على أقوال الشهود بمقولة أنها ملفقة غير مقبول، إذ هو في حقيقته جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في القوة التدليلية لأقوال الشهود لا يكون له محل.
4 - لما كان جماع ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد سائغاً وكافياً للتدليل على ثبوت جريمة الاشتراك في التزوير التي دان الطاعن بها وفي استظهار علمه بحقيقة الأمر فيها بما يتحقق به توافر القصد الجنائي في جريمة التزوير من تعمد تغيير الحقيقة في المحرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً وبنية استعمال المحرر فيما غيرت من أجله الحقيقة فيه، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه إن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، فإن منعى الطاعن على الحكم التفاته عن الرد على دفاعه بأنه كان حسن النية فيما اقترف لا يكون سديداً.
5 - لما كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن المدافعة عن الطاعن وإن طلب سماع أقوال شهود الإثبات، إلا أنها في الجلسة ذاتها تنازلت عن سماعهم اكتفاء بتلاوة أقوالهم في التحقيقات، ومن ثم فليس له أنه ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها.
6 - لما كان لا تناقض بين تبرئة الطاعن من تهمة السرقة وبين إدانته في تهمة الاشتراك في التزوير لاختلاف طبيعة كل منهما ومقوماتها عن الجريمة الأخرى، ولما أثبته الحكم من اقترافه الجريمة التي دانه بها بناء على ما ساقه من الشواهد والبينات الواردة في المساق المار ذكره.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - .... "قضى ببراءته" 2 - .... "طاعن" 3 - .... "قضى ببراءتها" بأنهم: المتهم الأول: أولاً: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محرر أميري هو البطاقة الشخصية رقم.... الصادرة من سجل مدني اللبان رقم مطبوع.... باسم.... وذلك بوضع صورة مزورة عليها بأن نزع صورة صاحبها الأصلي ووضع صورته بدلاً منها. ثانياً: استعمل المحرر المزور سالف الذكر مع علمه بتزويره بأن قدمه إلى.... مأذون ناحية السيالة - إثباتاً لشخصيته على خلاف الحقيقة. المتهمون جميعاً: اشتركوا وآخر حدث بطريق الاتفاق فيما بينهم وبطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو.... مأذون ناحية السيالة بالجمرك في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو وثيقة عقد الزواج رقم.... المؤرخة.... حال تحريرها المختص بوظيفته بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويرها بأن اتفقوا فيما بينهم على ذلك واتجهوا له معاً وقرر له المتهم الأول أن اسمه.... وقدم له إثباتاً لشخصيته البطاقة الشخصية موضوع التهمة الأولى خلافاً للحقيقة فأثبت الموظف ذلك في الوثيقة وتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. المتهمان الثاني (الطاعن) والثالث: سرقا وآخر حدث البطاقة الشخصية رقم.... سجل مدني اللبان والخاصة.... من مسكنه على النحو المبين بالأوراق. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41/ 1، 211، 212، 213 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم (الطاعن) بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه بالنسبة لجريمة الاشتراك في التزوير وبراءته من جريمة السرقة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه عول في قضائه بالإدانة على أقوال الشهود رغم كونها مرسلة لا تحمل دليلاً على إدانته وأن التهمة ملفقة فضلاً عن أن المحكمة لم تناقش الشهود والمجني عليه استجلاء لحقيقة الأمر فيها، ولم يعرض الحكم لدفاعه بأنه كان حسن النية فيما وقع منه، ودانه بهذه الجريمة رغم إنه قضى ببراءته من تهمة السرقة، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت في مدوناته بياناً لواقعة الدعوى ما محصله أن الطاعن اتفق مع آخر مجهول أن يزوجه الطاعن ابنته الحدث على أن يتسمى الآخر باسم....، وفي سبيل ذلك توجها إلى مأذون ناحية السيالة بقسم الجمرك وقدم له الآخر بطاقة شخصية خاصة بصاحب الاسم المذكور بعد أن نزع صورة صاحبها ووضع صورته بدلاً منها فتحرر عقد الزواج بالبيانات المزورة وتوقع عليه بالاسم المنتحل ومن الطاعن بصفته وكيلاً عن الزوجة. وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، كما استخلص علم الطاعن بحقيقة الواقعة مما قرره بالتحقيقات عن معرفته بصاحب الاسم المنتحل والذي ضبطه بمنزله مضاجعاً ابنته. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه. ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً متفقاً مع العقل والمنطق، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة من محكمة النقض، ومتى أخذت بشهادة الشهود فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، وكان رمي الحكم بالفساد في الاستدلال لتعويله على أقوال الشهود بمقولة أنها ملفقة غير مقبول، إذ هو في حقيقته جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في القوة التدليلية لأقوال الشهود لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان جماع ما أورده الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد سائغاً وكافياً للتدليل على ثبوت جريمة الاشتراك في التزوير التي دان الطاعن بها وفي استظهار علمه بحقيقة الأمر فيها بما يتحقق به توافر القصد الجنائي في جريمة التزوير من تعمد تغيير الحقيقة في المحرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً وبنية استعمال المحرر فيما غيرت من أجله الحقيقة فيه، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، فإن منعى الطاعن على الحكم التفاته عن الرد على دفاعه بأنه كان حسن النية فيما اقترف لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن المدافعة عن الطاعن وإن طلبت سماع أقوال شهود الإثبات، إلا أنها في الجلسة ذاتها تنازلت عن سماعهم اكتفاء بتلاوة أقوالهم في التحقيقات، ومن ثم فليس له أنه ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها أو الرد على دفاع لم يثره أمامها. لما كان ذلك، وكان لا تناقض بين تبرئة الطاعن من تهمة السرقة وبين إدانته في تهمة الاشتراك في التزوير لاختلاف طبيعة كل منهما ومقوماتها عن الجريمة الأخرى، ولما أثبته الحكم من اقترافه الجريمة التي دانه بها بناء على ما ساقه من الشواهد والبينات الواردة في المساق المار ذكره. ولما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.