أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 46 - صـ 761

جلسة 20 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح البرجي ومجدي الجندي وحسين الشافعي نواب رئيس المحكمة ومحمد فؤاد الصيرفي.

(113)
الطعن رقم 13927 لسنة 63 القضائية

(1) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم. عدم اتفاق ما حصله من أقوال شاهدي الإثبات وما قرره المبلغ. غير مجد. ما دام لم يعول على أقوال المبلغ.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها صراحة. استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
(5) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض الشهود وتضاربهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن إليه في تكوين عقيدته.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز. أمام النقض.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". ضرب "أفضى إلى الموت".
تحديد الأشخاص للمسافات أمر تقديري. الخلاف فيه بين أقوال الشهود. ليس من شأنه إهدار تلك الشهادة. متى اطمأنت المحكمة إلى صحتها.
(7) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب "أفضى إلى الموت".
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير مقبول.
مثال.
(8) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". إثبات "خبرة".
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لا يعيبه.
(9) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات. موضوعي. المجادلة في ذلك. غير جائزة.
(10) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام محكمة الموضوع استدعاء الطبيب الشرعي أو كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة لذلك أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى. وكان استنادها في ذلك سليماً لا يجافي العقل والمنطق.
(11) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة الأخذ بالأدلة الصريحة والمباشرة فقط. لها تكوين عقيدتها مما تستخلصه من العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية. متى كان استخلاصها لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
مثال.
(12) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". سلاح.
النعي على الحكم بالقصور لعدم بيانه مكان العثور على السلاح. غير مجد. ما دام الحكم المطعون فيه لدى تحصيله واقعة الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت قد خلا مما يفيد ضبط السلاح المستخدم في الحادث.
13 - عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها. سلاح. ضرب "أفضى إلى الموت".
النعي على الحكم إغفاله التدليل على جريمة إحراز السلاح الناري. غير مجد. متى كانت المحكمة قد دانته بعقوبة تدخل في نطاق جريمة الضرب المفضي إلى الموت المرتبطة بها والتي دانته بها.
1 - لما كان لا جدوى من النعي على الحكم بأن ما حصله من أقوال شاهدي الإثبات لا يتفق وما قرره المبلغ - ابن عم المجني عليه - في كيفية حدوث الواقعة ما دام البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال الشاهدين الأول والثاني دون أن يعول على أقوال المبلغ فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يضحى غير مقبول.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - لما كان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وتقصيها في كل جزئية منها للرد عليها رداً صريحاً وإنما يكفي أن يكون الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي عولت عليها المحكمة في حكمها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن بينها أقوال المجني عليه شاهد الإثبات الأول والشاهد الثاني والتي اطمأنت إليها المحكمة بالإضافة إلى تحريات المباحث بما يضحى معه النعي على الحكم غير سديد.
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ومتى أخذت - بشهادتهم فإن ذلك ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
5 - لما كان تناقض كل من الشهود أو تضاربهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن إليه في تكوين عقيدته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال شاهدي الإثبات بما لا تناقض فيه وهو ما يكشف عن أن المحكمة أقامت قضاءها على عناصر سائغة اقتنع بها وجدانها واطمأنت إلى أقوال هذين الشاهدين فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة لإعادة الجدل في تقدير أدلة الدعوى بما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - من المقرر أن تحديد الأشخاص للمسافات أمر تقديري وليس من شأن الخلاف فيه - بفرض قيامه - بين أقوال الشهود أن يهدر تلك الشهادة ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحتها.
7 - لما كان البين من الاطلاع على محضر المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً فيما أورده بمذكرة أسباب طعنه من أنه تم العثور على السبع عشرة طلقة الفارغة في مكان مطروق للكافة خلافاً لما ورد بأسباب الطعن فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها ويضحى منعاه في هذا الخصوص على غير أساس.
8 - لما كان ما أورده الحكم بمدوناته نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية كافياً في بيان مضمون ذلك التقرير الذي عول عليه في قضائه فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحنى.
9 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم في الدعوى والفصل فيما وجه إليه من اعتراضات وما دامت اطمأنت إلى ما جاء به فلا يجوز مجادلتها في ذلك.
10 - لما كانت محكمة الموضوع لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي أو كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة على هذا الإجراء أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه الخبير هو استناد سليم لا يجافي المنطق والقانون ومتى كان ذلك وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير الخبير المقدم في الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
11 - لما كان من المقرر أنه لا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي تستند إليه المحكمة صريحاً ومباشراً في الدلالة على ما تستخلصه منه بل لها أن تركن في تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتعلقة بها إلى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة بطريقة الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصها سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - إذ خلص إلى ثبوت تهمتي إحراز سلاح ناري وذخيرة بدون ترخيص في حق الطاعن استخلاصاً من أن إصابات المجني عليه والتي أودت بحياته نتجت عن مقذوفات نارية أطلقها الطاعن وهو استنتاج لازم في منطق العقل مستنداً في ذلك إلى أقوال الشهود وما ورد بتقرير الصفة التشريحية فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون لا محل له.
12 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه لدى تحصيله واقعة الدعوى وإيراده مؤدى أدلة الثبوت فيها أنها قد خلت مما يفيد ضبط السلاح المستخدم في الحادث فإن النعي على الحكم بعدم بيانه مكان العثور على السلاح يكون قد ورد على غير محل.
13 - لما كان ما يثيره الطاعن إنما يرد على إحدى الجرائم التي دين بها وهي إحراز سلاح ناري مششخن بغير ترخيص دون جريمة الضرب المفضي إلى الموت والتي أثبتت المحكمة وقوعها ودللت عليها بما لا يماري فيه الطاعن ولم توقع المحكمة سوى عقوبة واحدة عن الجرائم الثلاث التي دانته بها تطبيقاً للمادة 32 من قانون العقوبات وكانت العقوبة المقضى بها وهي السجن خمس سنوات تدخل في حدود العقوبة المقررة لإحداها وهي الضرب المفضي إلى الموت فإنه لا يكون للطاعن مصلحة فيما يثيره بأسباب طعنه في خصوص جريمة إحراز السلاح الناري.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أ - قتل.... عمداً بأن أطلق عليه عيارين ناريين من السلاح الناري الذي كان يحمله قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ب - أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية آلي". جـ - أحرز ذخائر مما تستخدم في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه وأحالته إلى محكمة جنايات سوهاج لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة بعد أن عدلت وصف التهمة إلى ضرب أفضى إلى موت قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1، 26/ 2 - 4، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند "ب" من القسم الأول من الجدول الثالث الملحق به مع إعمال المادة 32/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وبمصادرة الطلقة والأعيرة الفارغة المضبوطين.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الضرب المفضي إلى الموت وإحراز سلاح ناري مششخن وذخائر بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في القانون فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع ذلك بأن ما حصله الحكم من أقوال شاهدي الإثبات يتناقض مع ما قرره المبلغ - ابن عم المجني عليه بالتحقيقات بشأن صورة الواقعة وكيفية حدوثها وقد عول الحكم عليها في الإدانة ملتفتاً عما أثاره الدفاع في هذا الصدد. كما التفت عما ورد بأقوال شاهدي الإثبات من تناقض في شأن مسافة الإطلاق ولم يعرض لما أثاره الدفاع من أن أقوال رئيس المباحث قد تضمنت عثوره على الطلقات النارية بالزراعات المجاورة في حين تم العثور عليها في مكان مطروق للكافة. واستند الحكم إلى تقرير الصفة التشريحية دون أن يعني بذكر الأسانيد التي أقيم عليها وأغفل طلب الطاعن استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته في شأن التناقض الذي ورد بالتقرير إذ أورى أنه يتعذر فنياً معرفة نوع السلاح وعياره والمقذوفات التي أطلقت ثم انتهى إلى أنه يجوز استخدام السلاح المضبوط في الحادث. هذا وقد دان الحكم المطعون فيه الطاعن بتهمة إحراز سلاح ناري مششخن دون أن يبين الدليل على ذلك أو مكان ضبط السلاح كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه قبل وفاته ومن أقوال.... بتحقيقات النيابة ومن تحريات المباحث وما ورد بتقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان لا جدوى من النعي على الحكم بأن ما حصله من أقوال شاهدي الإثبات لا يتفق وما قرره المبلغ - ابن عم المجني عليه - في كيفية حدوث الواقعة ما دام البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال الشاهدين الأول والثاني دون أن يعول على أقوال المبلغ فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يضحى غير مقبول. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، كما أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وتقصيها في كل جزئية منها للرد عليها رداً صريحاً وإنما يكفي أن يكون الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي عولت عليها المحكمة في حكمها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن بينها أقوال المجني عليه شاهد الإثبات الأول والشاهد الثاني والتي اطمأنت إليها المحكمة بالإضافة إلى تحريات المباحث بما يضحى معه النعي على الحكم غير سديد لما كان ذلك وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ومتى أخذت بشهادتهم فإن في ذلك ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان تناقض كل من الشهود أو تضاربهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن إليه في تكوين عقيدته لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال شاهدي الإثبات بما لا تناقض فيه وهو ما يكشف عن أن المحكمة أقامت قضاءها على عناصر سائغة اقتنع بها وجدانها واطمأنت إلى أقوال هذين الشاهدين فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة لإعادة الجدل في تقدير أدلة الدعوى بما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ولا يغير من ذلك ما أثاره الطاعن بأسباب طعنه من وجود تناقض في أقوال الشهود في شأن مسافة الإطلاق لما هو مقرر من أن تحديد الأشخاص للمسافات أمر تقديري وليس من شأن الخلاف فيه - بفرض قيامه - بين أقوال الشهود أن يهدر تلك الشهادة ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى صحتها لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً فيما أورده بمذكرة أسبابه طعنه من أنه تم العثور على السبع عشرة طلقة الفارغة في مكان مطروق للكافة خلافاً لما ورد بأسباب الطعن فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها ويضحى منعاه في هذا الخصوص على غير أساس. لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم بمدوناته نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية كافياً في بيان مضمون ذلك التقرير الذي عول عليه في قضائه فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم في الدعوى الفصل فيما وجه إليه من اعتراضات وما دامت اطمأنت إلى ما جاء به فلا يجوز مجادلتها في ذلك فضلاً عن أن محكمة الموضوع لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي أو كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة على هذا الإجراء أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه الخبير هو استناد سليم لا يجافي المنطق والقانون ومتى كان ذلك وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير الخبير المقدم في الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي تستند إليه المحكمة صريحاً ومباشراً في الدلالة على ما تستخلصه منه بل لها أن تركن في تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتعلقة بها إلى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصها سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره - إذ خلص إلى ثبوت تهمتي إحراز سلاح ناري وذخيرة بدون ترخيص في حق الطاعن استخلاصاً من أن إصابات المجني عليه والتي أودت بحياته نتجت عن مقذوفات نارية أطلقها الطاعن وهو استنتاج لازم في منطق العقل مستنداً في ذلك إلى أقوال الشهود وما ورد بتقرير الصفة التشريحية فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون لا محل له. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه لدى تحصيله واقعة الدعوى وإيراده مؤدى أدلة الثبوت فيها أنها قد خلت مما يفيد ضبط السلاح المستخدم في الحادث فإن النعي على الحكم بعدم بيانه مكان العثور على السلاح يكون قد ورد على غير محل، هذا إلى أن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد إنما يرد على إحدى الجرائم التي دين بها وهو إحراز سلاح ناري مششخن بغير ترخيص دون جريمة الضرب المفضي إلى الموت والتي أثبتت المحكمة وقوعها ودللت عليها بما لا يماري فيه الطاعن ولم توقع المحكمة سوى عقوبة واحدة عن الجرائم الثلاث التي دانته بها تطبيقاً للمادة 32 من قانون العقوبات وكانت العقوبة المقضى بها وهي السجن خمس سنوات تدخل في حدود العقوبة المقررة لإحداها وهي الضرب المفضي إلى الموت فإنه لا يكون للطاعن مصلحة فيما يثيره بأسباب طعنه في خصوص جريمة إحراز السلاح الناري. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يضحى على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.