أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 46 - صـ 859

جلسة 16 من مايو سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان ومصطفى عبد المجيد نواب رئيس المحكمة زغلول البلشي.

(130)
الطعن رقم 12044 لسنة 64 القضائية

(1) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.
حق المحكمة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك.
تقدير صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه باطل. لصدوره إثر قبض باطل. موضوعي.
مثال للتسبيب في الرد على الدفع ببطلان الاعتراف صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى.
(2) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات الخارجية التي تنم عما يضمره الجاني في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال للتسبيب في توافر نية القتل صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى.
(3) قتل عمد. سبق إصرار. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". ظروف مشددة.
ظرف سبق الإصرار. يستلزم أن يكون الجاني فكر فيما اعتزمه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال للتسبيب في توافر ظرف سبق الإصرار صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى.
(4) قتل عمد. سبق إصرار. سرقة. ارتباط.
الارتباط بين جريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والسرقة. يتوافر: متى كان القتل قد وقع لأحد المقاصد المبينة بالفقرة الثالثة من المادة 234 عقوبات. التأهب لفعل جنحة أو تسهيل ارتكابها أو ارتكابها بالفعل.
مثال لحكم صادر بالإعدام من محكمة النقض في جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار مرتبط بجنحة سرقة حال نظرها موضوع الدعوى.
1 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وفي الأخذ بالاعتراف في حق المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه باطل لصدوره إثر قبض باطل، وقد انتزع منه بطريق الإكراه ولا يطابق الحقيقة والواقع. لما كان ذلك, وكان ما أثاره الدفاع بشأن بطلان اعتراف المتهم في تحقيقات النيابة العامة لوقوع إكراه مادي عليه بالاعتداء عليه من رجال الشرطة قبل مثوله أمام النيابة العامة مردوداً عليه بأن المتهم ما أن مثل أمام النيابة العامة للتحقيق في 10 يناير سنة 1990 حتى قامت بمناظرة أجزاء جسمه ولم تجد به ثمة آثار إصابات، وقد أدلى في هذه التحقيقات باعترافات تفصيلية بارتكابه للجريمة وخطوات إعداده لها ثم تنفيذها وهو في كامل حريته واختياره وبالجلسة المحددة للنظر في تجديد حبسه يوم 13 يناير سنة 1990 أثار المدافع عنه القول بحصول اعتداء على المتهم من رجال الشرطة وطلب من المحكمة مناظرته وتبينت به إصابات وقامت النيابة العامة بإحالته إلى الطب الشرعي تحقيقاً لما أثاره حيث أسفر الكشف عليه في 16 يناير سنة 1990 عن وجود إصابات بالظهر ووحشية الساعد الأيسر وأعلى الصدر وتحدث في وقت لاحق على التاريخ المثبت بمذكرة النيابة ويقدر بنحو يومين أو ثلاثة سابقة على تاريخ الكشف عليه في 16 يناير سنة 1990. أي في وقت لاحق على تاريخ استجوابه بالنيابة العامة ولذلك ترى هذه المحكمة أنه منبت الصلة بينه وبين اعترافه أمام النيابة العامة ومن ثم فإن قول المتهم بوقوع إكراه مادي عليه يضحى قولاً عار من دليل، أما ما أثاره المتهم بوقوع إكراه معنوي عليه بتهديده بالتعدي على زوجته مردوداً بأن ذلك القول ليس في الأوراق ما يظاهره أو يسانده. كما وأن القول بأن هذا الاعتراف لا يطابق الحقيقة والواقع لعدم تواجد المتهم في مكان الحادث وقت حدوثه وأن آخراً هو مرتكبه هو في مجمله مردود بأن اعتراف المتهم بارتكاب الحادث جاء تفصيلياً على نحو يتفق وما شهد به شهود الإثبات وأوردته الأدلة الفنية، بما يؤكد ويجزم بمطابقة اعترافه للحقيقة والواقع مما يدحض ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص، لما كان ما تقدم فإن المحكمة ترى أن الاعتراف سليم مما يشوبه وتطمئن إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وأن دفاع المتهم بشأن بطلان اعترافه إنما هو قول مرسل عار من دليل وليس في الأوراق ما يظاهره أو يسانده على ما سلف بيانه، ومن ثم تطرح هذا الدفاع وتعول على اعترافه كدليل عليه - أما ما أثير بخصوص أنه كان في ليلة الحادث ببلدته لحضور مجلس صلح وقدم محضراً أثبت به ذلك وأنه في صباح يوم.... كان حاضراً بإحدى الجلسات بمحكمة كوم حمادة حسبما هو ثابت بمحضر الجنحة الخاص فإن ذلك مردود بأن المحكمة لا تطمئن لهذا القول حتى ولو حملته أوراق رسمية وترى فيه وسيلة من الدفاع لإثارة الشك في الواقعة ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عنه.
ومن حيث إن المحكمة وقد اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى فإنها تعرض عن إنكار المتهم وتلتفت عما أثاره الدفاع من أوجه لا تلقى سنداً من الأوراق ولا تعول عليها المحكمة اطمئناناً منها إلى صدق رواية الشهود المؤيدة باعترافات المتهم التفصيلية في تحقيقات النيابة والمدعمة بتقرير الصفة التشريحية الذي جاء مصدقاً لها في بيان واضح وهو ما يتلاءم به جماع الدليل القولي مع جوهر الدليل الفني ومؤداه حدوث إصابات المجني عليها والتي أودت بحياتها وفق ما ذهب إليه المتهم في اعترافاته من قتله المجني عليها بخنقها بكلتا يديه وهو ما تطمئن إليه المحكمة وتأخذ به وتطرح ما عداه من تصويرات.
2 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وإذ كان ذلك فإن هذه النية قامت بنفس المتهم وتوفرت لديه من حاصل ما بينته المحكمة من ظروف الدعوى من نية مبيتة مردها حاجته الملحة إلى المال لإنهاء ضائقته المالية وأن في قتل المجني عليها والاستيلاء على ما لديها من نقود وحلي ذهبية ما يفك هذه الضائقة وفي سبيل ذلك قام باقتراف الأفعال المادية والسلوك الإجرامي الموصل لهدفه وهو إزهاق روحها وحال استغراقها في نومها قام بالإطباق على رقبتها بكلتا يديه في وحشية دنيئة بعدما جثم على صدرها مرتكزاً بركبتيه حتى لا تستطيع مقاومته وظل ضاغطاً على رقبتها حتى تيقن من هلاكها وإزهاق روحها فتحقق له مبتغاه من التعدي وهو قتلها.
3 - من المقرر أن ظرف سبق الإصرار يستلزم بطبيعته أن يكون الجاني قد فكر فيما اعتزمه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال وأن البحث في توافره من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها وإذ كان ذلك وكان الثابت في حق المتهم حسبما استبان للمحكمة من ظروف الدعوى وعناصرها على ما سلف بيانه أن المتهم تدبر الأمر قبل الحادث بفترة كافية في هدوء وروية وانتوى قتل المجني عليها ليتمكن من سرقتها وحضر خصيصاً لذلك من بلدته التابعة لمركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة إلى مدينة الإسكندرية حيث تقيم المجني عليها وكان حضوره إليها في حذر شديد حتى لا يراه أحد من جيرانها وتظاهر بالنوم وهو يفكر ويدبر في هدوء وروية بكيفية التخلص من المجني عليها وانتهز فرصة استغراقها في النوم حتى قام بالإطباق على رقبتها بكلتا يديه ثم جثم على صدرها وظل يضغط لكتم نفسها حتى تيقن من مفارقتها للحياة ثم قام بالاستيلاء على بعض ممتلكاتها - السالف بيانها - وغادر الحجرة بعد غلقها بقفل وضع به عود ثقاب حتى يصعب فتحه لكي لا تكتشف جريمته وقام بالتصرف في المسروقات ببيعها وكان المتهم في كل ذلك يتسم بالهدوء والروية سواء في إعداده لجريمته أو في تنفيذها مما يقطع بتوافر ذلك الظرف لديه.
4 - من المقرر أن ظرف الارتباط بين جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وبين جريمة السرقة يتوافر متى كان القتل قد وقع لأحد المقاصد المبينة بالفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات، وهي التأهب لفعل جنحة أو تسهيل ارتكابها أو ارتكابها بالفعل. لما كان ذلك، وكان البين من واقعة الدعوى وظروفها وأدلتها على ما سلف بيانه - أن المتهم قد قارف فعل قتل المجني عليها بقصد سرقة بعض أموالها ومتعلقاتها لسداد ما عليه من دين للغير، فإن القتل يكون قد وقع بقصد السرقة ومن ثم يتوافر في حق المتهم جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المرتبط بجنحة سرقة.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون قد ثبت للمحكمة أن.... في ليلة.... بدائرة قسم.... - محافظة.... قتل.... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتلها وتوجه إليها في مسكنها وما أن تيقن من استغراقها في النوم حتى جثم على صدرها وأطبق بكلتا يديه على رقبتها قاصداً من ذلك إزهاق روحها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وكان القصد من ارتكاب هذه الجناية التأهب لارتكاب جنحة سرقة هي أنه في ذات الزمان والمكان سرق النقود والحلي الذهبية والتليفزيون والمبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليها سالفة الذكر ليلاً من مسكنها الأمر المعاقب عليه بالمادة 317/ أولاً - رابعاً من قانون العقوبات - ويتعين إعمالاً للمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية معاقبته بالمواد 230، 231، 234/ 3 من قانون العقوبات.
وحيث إن المحكمة وهي بصدد تقدير العقاب الذي يتناسب مع جرم المتهم والذي يدل على غدره وخيانته للمجني عليها التي أولته الثقة والعطف والرعاية له ولأسرته وقامت بإعطائه نقوداً وهدايا في مناسبات عديدة وليلة الحادث استضافته في حجرتها وقاسمته فراشها كأحد أبنائها وأمنت له المبيت معها ورغم ذلك فإن كل هذا لم يشفع لديه ولم يرده عما بيت النية عليه وأصر على ارتكابه وقام بخسة ودناءة بقتلها ومن ثم فإن المحكمة لا تجد من سبيل للرأفة أو متسع للرحمة ويتعين القصاص منه حقاً وعدلاً والحكم عليه بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة امتثالاً لقوله تعالى ) يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى.... ( ) ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون ( صدق الله العظيم. الآيتان 178، 179 من سورة البقرة.
وحيث إن المحكمة استطلعت رأي فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية في شأن المحكوم عليه نفاذاً لحكم المادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية فقرر أنه "إذا أقيمت الدعوى في حق المتهم.... بالطريق الشرعي ولم تظهر في الأوراق شبهة دارئه للقصاص - كان جزاؤه الإعدام قصاصاً - لقتله المجني عليها... عمداً جزاء وفاقاً".


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في ليلة.... قتل.... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتلها وتوجه إليها في مسكنها وما أن انفرد بها حتى جثم على صدرها وأطبق بيديه على عنقها ووضع وسادة على فاها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وكان قصده من ذلك ارتكاب جنحة هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرق المصوغات والمنقولات ومبلغ النقود المبينة وصفاً وقيمة وقدراً بالتحقيقات المملوكة للمجني عليها سالفة الذكر، وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قررت بجلسة.... إحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي فيها وحددت جلسة.... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 3، 317/ 1 - 4 من قانون العقوبات وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها. ومحكمة النقض قضت بقبول عرض النيابة العامة للقضية وقبول طعن المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات الإسكندرية لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة - بدائرة أخرى - قضت حضورياً عملاً بذات مواد الاتهام وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) كما عرضت النيابة العامة القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه. والمحكمة قضت بعدم قبول طعن المحكوم عليه شكلاً وبقبول عرض النيابة العامة للقضية ونقض الحكم القاضي بإعدام المحكوم عليه وحددت جلسة.... لنظر الموضوع. وبالجلسة المحددة قررت المحكمة إحالة ملف الدعوى إلى فضيلة مفتي جمهورية مصر العربية لإبداء الرأي فيها وحددت للنطق بالحكم جلسة.... مع استمرار حبس المتهم.... إلخ.


المحكمة

حيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من الأوراق والتحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة، تتحصل في أن المتهم.... كان دائم التردد على المجني عليها.... خالة زوجته ونظراً لمروره بضائقة مالية مستحكمة وتراكم الديون عليه وتحريره شيكات بدون رصيد اتخذت بشأنها الإجراءات القانونية قبله فقد قاده تفكيره الشيطاني إلى قتل المجني عليها والاستيلاء على ما تملكه من نقود ومصوغات ذهبية لفك ضائقته المالية وفي هدوء لا يخالطه اضطراب وروية لا يشوبها تعجل وضع خطته فقدم من بلدته.... بمحافظة.... مساء يوم.... إلى مدينة.... حيث تقطن المجني عليها بحجرة فوق سطح العقار رقم 10 بشارع.... وحرص ألا يراه أحد من جيرانها واستقبلته بترحاب وبعد أن ضايفته طلب منها المبيت لديها وأن توقظه مبكراً للذهاب إلى عمله بمحطة سكة حديد.... في صباح اليوم التالي وتظاهر بالنوم وصعدت المجني عليها بجواره على السرير للنوم - وكان في ذلك الوقت دائم التفكير والتدبر في كيفية تنفيذ جريمته وأخذ يتحسس رقبته حتى يستبين أفضل المواضع لإنهاء حياة المجني عليها على وجه السرعة وفي حوالي الساعة الثالثة والنصف صباحاً وعندما تيقن أنها استغرقت في النوم قام بوضع وسادة خلف ظهره ليكون في وضع أعلى من المجني عليها وأطبق بكلتا يديه على رقبتها وضغط عليها بقوة لكتم نفسها ثم جثم على صدرها بركبته اليمنى وواصل الضغط بشدة دون رحمة قاصداً من ذلك إزهاق روحها حتى تيقن من هلاكها وموتها وقام بتغطية الجثة بغطاء ثم قام بالسعي إلى ما استهدف إليه من سرقة فعثر في صيوان ملابسها على مبلغ 42 جنيهاً داخل حافظة نقود كما عثر على سوارين ذهب وقام بنزع قرطها الذهبي من أذنها وبالبحث بين طيات ملابسها التي كانت ترتديها عثر على مبلغ 30 جنيهاً وقام بحمل التليفزيون بعد لفه في جلبابين للمجني عليها وغادر الحجرة تاركاً فريسته وقد فارقت الحياة وأغلق باب الحجرة بالقفل بعدما وضع به عود ثقاب حتى يصعب فتحه وتكتشف جريمته البشعة وقام بالتصرف في الحلي الذهبية ببيعها لأحد الصاغة بمدينة.... كما باع جهاز التليفزيون الملون لأحد زملائه بالعمل ولما تم ضبطه أثر ما تكشف من تحريات الشرطة بشأن اقترافه الجريمة اعترف تفصيلاً بارتكاب الحادث محدداً الخطوات التي أتاها لتنفيذ ما بيت النية عليه وقام بالإرشاد عن المسروقات وتم ضبطها وتعرف عليها الشاهد الأول.
وحيث إن الواقعة - على النحو سالف البيان - قد ثبت جميعها وتوافرت الأدلة على نسبتها إلى المتهم من شهادة كل من....، ....، ....، ....، العقيد....، العقيد....، العقيد....، المقدم....، ....، ....، ومما قرره....، ....، ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية وتقرير قسم الأدلة الجنائية، ومن اعتراف المتهم في تحقيقات النيابة.
فقد شهد.... بالتحقيقات وبجلسة المحاكمة أنه توجه في مساء يوم.... إلى مسكن خالته المجني عليها لزيارتها كعادته لكونها طاعنة في السن وليرد إليها مظلتها وحاول فتح قفل باب الحجرة الذي يحتفظ بنسخة من مفتاحه معه إلا أنه لم يتمكن من ذلك إذ اكتشف وجود عود ثقاب بداخل القفل فاستفسر عن ذلك من الشاهدة الثالثة.... جارة المجني عليها فأخبرته بأنها لم تشاهد المجني عليها منذ أن كان معها المتهم بالحجرة مساء يوم.... فقام بنزع القفل في حضور الشاهدين الثاني والثالثة ودلف إلى دخل الحجرة فاشتم رائحة كريهة وأبصر المجني عليها مسجاة على بطنها على السرير وعليها غطاء كما اكتشف عدم وجود التليفزيون في مكانه فتيقن أن مكروهاً قد أصابها وعليه قام بإبلاغ الشرطة وأردف قولاً بأن الشهود الثاني والثالثة والرابعة أخبروه بمشاهدتهم للمتهم بحجرة المجني عليها في مساء يوم....
وشهد الشاهد الثاني.... والشاهدة الثالثة.... بتحقيقات النيابة أنهما يقيمان في حجرة مجاورة لحجرة المجني عليها وقررا بمضمون ما قرره الشاهد الأول وأنهما شاهدا المتهم بحجرة المجني عليها ليلة الحادث.
وشهدت.... أنها جارة للمجني عليها التي حضرت إليها في ليلة الحادث بحجرتها لمواساتها في وفاة زوجها ولم تمكث معها كثيراً إذ أخبرتها بوجود المتهم بحجرتها وأنه سيبيت معها ورغبته في الاستيقاظ مبكراً للذهاب إلى مقر عمله وفي مغرب يوم.... سمعت صراخاً من الشاهدة الثالثة مرددة أن المجني عليها لقيت حتفها.
وشهد العقيد.... مفتش مباحث الفرقة "ب" بمديرية أمن الإسكندرية في تحقيقات النيابة العامة أنه بعدما تبلغ بالحادث قام بتحرياته مع الشهود السادس والسابع والثامن والتي أسفرت على أن المتهم.... هو مرتكب الحادث بقصد السرقة وبعد استصدار إذن النيابة العامة تمكن من ضبط المتهم وبمواجهته بما أسفرت عنه التحريات أقر بارتكابه الحادث نظراً لأنه كان يمر بضائقة مالية ولعلمه بأن المجني عليها لديها نقود وحلي ذهبية فقد انتوى إزهاق روحها لسرقتها حتى ينهي ضائقته المالية وفي مساء.... قدم من بلدته إلى حيث تقطن المجني عليها والتي استضافته باعتباره زوج ابنة شقيقها وسمحت له بالمبيت معها حتى يتمكن من الاستيقاظ مبكراً للذهاب إلى مقر عمله وبعدما تيقن من استغراقها في النوم قام بانقضاض عليها وجثم على صدرها مرتكزاً عليه بركبته اليمنى وأطبق على رقبتها بكلتا يديه وظل يضغط بشدة قاصداً قتلها حتى تأكد من أنها فارقت الحياة ولفها بغطاء ثم استولى على سوارين ذهبية ونزع قرطها الذهبي من أذنيها وعثر على مبلغ نقدي في صيوان الملابس وبين طيات ملابسها كما استولى على تليفزيون ملون 16 بوصة وفي ظلمة الليل غادر الحجرة بعد ما قام بغلق الحجرة بالقفل وقد وضع به عود ثقاب حتى يصعب على أحد فتحه وحتى لا يكتشف أحد جريمته وفي محطة ترام كامب شيزار تقابل مع شخصين استفسر من الأول عن موعد وصول أول ترام قادم واشترى من الثاني فاكهة الموز وأردف في القول بأن المتهم أرشد الشهود السادس والسابع والثامن عن جهاز التليفزيون حيث باعه للشاهد الثاني عشر.... وهو زميل له بالعمل وقد تم ضبطه لديه كما أرشد عن مكان بيع الحلي الذهبية لدى الشاهد الحادي عشر.... وقد تم ضبطها في حانوته بمدينة كوم حمادة.
وشهد كل من العقيد....، العقيد....، المقدم.... في تحقيقات النيابة بمضمون ما شهد به الشاهد السابق.
وشهد.... بتحقيقات النيابة أنه تقابل مع المتهم في وقت مبكر من صبيحة يوم.... وكان حاملاً صندوقاً مغطى بجلباب وقد استفسر منه المتهم عن ميعاد قدوم أول مركبة ترام متجهة إلى محطة سيدي جابر وقد تعرف عليه في عملية عرض قانوني.
وشهد.... بأن المتهم اشترى منه كمية من فاكهة الموز في صبيحة يوم.... بجوار محطة ترام كامب شيزار.
وقرر.... تاجر مصوغات ذهبية بمدينة كوم حمادة بتحقيقات النيابة وبجلسة المحاكمة أن المتهم حضر إليه في حانوته ظهر يوم.... وعرض عليه شراء سوارين وقرط من الذهب فاشتراهم منه بمبلغ 1330 جنيهاً بعدما حصل منه على بيانات بطاقته العائلية وعند حضور رجال الشرطة سلمها لهم.
وقرر.... - زميل المتهم في العمل - أنه في صبيحة يوم.... وجد المتهم بحجرته في العمل وكان معه جهاز تليفزيون ملون 16 بوصة فأعجب به وطلب شرائه منه واتفقا على مبلغ 700 جنيهاً ووعده بسدادها بعد ثلاثة أيام وقدم له فاتورة شراء باسم.... وشهادة ضمان وعند حضور رجال الشرطة.... إليه في مسكنه سلمهم جهاز التليفزيون. وثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليها وجود ثلاث كدمات بأسفل يمين الوجه والعنق تقع تقريباً على خط واحد العلوي منها مستديرة قطره حوالي 1 سم ويعلو زاوية الفك السفلى الخلفية على الجانب الأيمن بحوالي 1.5 سم والأوسط بنفس القطر تقريباً ويقع مقابل حافة الفك السفلي أمام الكدم السابق بحوالي 1 سم وتحته بحوالي 2 سم مقابل أعلى الحنجرة ويمين الخط المنصف لمقدم العنق مباشرة وأن هذه الكدمات الثلاث ذات طبيعة رضية مما تنشأ عن الضغط بأصابع اليد مقابل موضعها كما في أحوال كتم النفس، وأن بالجثة انسكاب دموي تكدمي مقابل أعلى عظمة القص وهي رضي حديث مما ينشأ من مثل الارتكاز على تلك المنطقة، وأن تلك الإصابات مع الكسر الحيوي الحديث المشاهد بيسار العظم اللامي يدل على أن الوفاة جنائية ناشئة عن اسفكسيا كتم النفس.
وثبت من تقرير قسم الأدلة الجنائية بمديرية أمن الإسكندرية أنه بفحص الأثر المرفوع لبصمات الأصابع الثابتة على حافظة نقود المجني عليها الموجودة داخل صيوان ملابسها بمكان الحادث تبين أنها تنطبق تمام الانطباق على بصمتي أصبعي الوسطى والبنصر اليسرى للمتهم.
ومن حيث إن المتهم اعترف في تحقيقات النيابة العامة التي أجريت في.... بارتكابه للحادث مقرراً أنه كان يعاني من ضائقة مالية مستحكمة وإعطائه لشيكات بدون رصيد ولعلمه السابق من أن المجني عليها التي هي خالة تحتفظ بمصوغات ذهبية ونقود في حجرتها التي تقطن بها فقد انتوى قتلها للاستيلاء على هذه الأشياء ولإنهاء ضائقته المالية وبعد أن تدبر الأمر في هدوء وروية غادر بلدته التابعة لمركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة وتوجه إلى مدينة الإسكندرية حيث تقيم المجني عليها في حجرة أعلى عقار بأحد شوارعها وكان حضوره إليها في حذر شديد حتى لا يشاهده أحد من الجيران ولما وصل إليها استقبلته بترحاب وقدمت له واجب الضيافة وطلب منها المبيت لديها وأن توقظه مبكراً حتى يتمكن من الذهاب إلى مقر عمله وتظاهر بالنوم على السرير وصعدت المجني عليها بجواره على السرير للنوم وكان في ذلك الوقت دائم التفكير والتدبر في كيفية إزهاق روح المجني عليها وأخذ يتحسس رقبته حتى يستبين منها أفضل الأماكن التي يستطيع من خلالها إنهاء حياة المجني عليها على وجه السرعة وبعد جنوح الليل وتأكده من استغراق المجني عليها في نومها قام بوضع وسادة خلف ظهره حتى يكون في مستوى أعلى من المجني عليها وأطبق بكلتا يديه على رقبتها وضغط عليها بقوة بعدما جثم على صدرها مرتكزاً عليه بركبته اليمنى وواصل الضغط بشدة لكتم نفسها حتى تيقن من موتها وقام بلف جثتها بغطاء ثم قام بالعبث في صيوان ملابسها فعثر على مبلغ 42 جنيهاً داخل حافظة نقود كما عثر على سوارين ذهب ونزع من أذنيها قرطها الذهبي وعلى مبلغ 30 جنيهاً بين طيات ملابسها التي كانت ترتديها ثم قام بلف التليفزيون الملون الخاص بالمجني عليها في جلبابين وغادر الحجرة بعدما وضع بقفلها عود ثقاب حتى يصعب فتحه ولكي لا تكتشف الجريمة وتوجه إلى محطة ترام كامب شيزار حيث اشترى فاكهة الموز من أحد الأشخاص واستفسر من شخص ثان عن موعد قدوم أول ترام متجه إلى محطة سيدي جابر وعند وصوله إلى مقر عمله في محطة سكة حديد.... تقابل مع زميله في العمل الذي شاهد معه التليفزيون وأعجب به وطلب شراءه واتفقا على مبلغ 710 جنيهاً ووعده بسدادها بعد ثلاثة أيام ثم توجه إلى مدينة كوم حمادة لحضور إحدى الجلسات بمحكمة الجنح وبعد ذلك قام ببيع الحلي الذهبية للصائغ.... مقابل مبلغ 1335 جنيهاً والذي حصل منه على بيانات البطاقة العائلية واستطرد أنه سبق له وقبل الحادث بيومين أن فكر في قتل المجني عليها لما رفضت إقراضه نقود ولكن لم تتح له الفرصة في ذلك الوقت وظلت هذه الفكرة تراوده حتى انتهى به التفكير إلى قتلها للحصول منها على نقود لإنهاء ضائقته المالية وبالفعل وفي يوم الحادث توجه إلى حجرتها وقام بارتكاب جريمته على النحو السالف بيانه.
وحيث إن المتهم أنكر بجلسة المحاكمة الاتهام المسند إليه وجرى دفاعه على بطلان اعترافه بالنيابة العامة لكونه وليد إكراه مادي باعتداء رجال الشرطة عليه بالضرب وإكراه معنوي بتهديده بالتعدي على زوجته وأن هذا الاعتراف لا يطابق الحقيقة والواقع إذ كان متواجداً في ليلة الحادث ببلدته لإجراء صلح بينه وبين آخر وقدم محضر صلح يتضمن ذلك وفي صبيحة يوم.... كان يحضر أحد الجلسات بمحكمة كوم حمادة وأن المتهم لم يرتكب الجريمة بل ارتكبها آخر وأنهى مرافعته بطلب البراءة.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وفي الأخذ بالاعتراف في حق المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه باطل لصدوره إثر قبض باطل، وقد انتزع منه بطريق الإكراه ولا يطابق الحقيقة والواقع. لما كان ذلك، وكان ما أثاره الدفاع بشأن بطلان اعتراف المتهم في تحقيقات النيابة العامة لوقوع إكراه مادي عليه بالاعتداء عليه من رجال الشرطة قبل مثوله أمام النيابة العامة مردوداً عليه بأن المتهم ما أن مثل أمام النيابة العامة للتحقيق في 10 يناير سنة 1990 حتى قامت بمناظرة أجزاء جسمه ولم تجد به ثمة آثار إصابات، وقد أدلى في هذه التحقيقات باعترافات تفصيلية بارتكابه للجريمة وخطوات إعداده لها ثم تنفيذها وهو في كامل حريته واختياره وبالجلسة المحددة للنظر في تجديد حبسه يوم 13 يناير سنة 1990 أثار المدافع عنه القول بحصول اعتداء على المتهم من رجال الشرطة وطلب من المحكمة مناظرته وتبينت به إصابات وقامت النيابة العامة بإحالته إلى الطب الشرعي تحقيقاً لما أثاره حيث أسفر الكشف عليه في 16 يناير سنة 1990 عن وجود إصابات بالظهر ووحشية الساعد الأيسر وأعلى الصدر وتحدث في وقت لاحق على التاريخ المثبت بمذكرة النيابة ويقدر بنحو يومين أو ثلاثة سابقة على تاريخ الكشف عليه في 16 يناير سنة 1990 أي في وقت لاحق على تاريخ استجوابه بالنيابة العامة ولذلك ترى هذه المحكمة أنه منبت الصلة بينه وبين اعترافه أمام النيابة العامة ومن ثم فإن قول المتهم بوقوع إكراه مادي عليه يضحى قولاً عار من دليل، أما ما أثاره المتهم بوقوع إكراه معنوي عليه بتهديده بالتعدي على زوجته مردوداً بأن ذلك القول ليس في الأوراق ما يظاهره أو يسانده. كما وأن القول بأن هذا الاعتراف لا يطابق الحقيقة والواقع لعدم تواجد المتهم في مكان الحادث وقت حدوثه وأن آخراً هو مرتكبه هو في مجمله مردود بأن اعتراف المتهم بارتكاب الحادث جاء تفصيلياً على نحو يتفق وما شهد به شهود الإثبات وأوردته الأدلة الفنية، بما يؤكد ويجزم بمطابقة اعترافه للحقيقة والواقع مما يدحض ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص، لما كان ما تقدم فإن المحكمة ترى أن الاعتراف سليم مما يشوبه وتطمئن إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وأن دفاع المتهم بشأن بطلان اعترافه إنما هو قول مرسل عار من دليل وليس في الأوراق ما يظاهره أو يسانده على ما سلف بيانه ومن ثم تطرح هذا الدفاع وتعول على اعترافه كدليل عليه - أما ما أثير بخصوص أنه كان في ليلة الحادث ببلدته لحضور مجلس صلح وقدم محضر أثبت به ذلك وأنه في صباح يوم.... كان حاضراً بإحدى الجلسات بمحكمة كوم حمادة حسبما هو ثابت بمحضر الجنحة الخاص فإن ذلك مردود بأن المحكمة لا تطمئن لهذا القول حتى ولو حملته أوراق رسمية وترى فيه وسيلة من الدفاع لإثارة الشك في الواقعة ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عنه.
ومن حيث إن المحكمة وقد اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى فإنها تعرض عن إنكار المتهم وتلتفت عما أثاره الدفاع من أوجه لا تلقى سنداً من الأوراق ولا تعول عليها المحكمة اطمئناناً منها إلى صدق رواية الشهود المؤيدة باعترافات المتهم التفصيلية في تحقيقات النيابة والمدعمة بتقرير الصفة التشريحية الذي جاء مصدقاً لها في بيان واضح وهو ما يتلاءم به جماع الدليل القولي مع جوهر الدليل الفني ومؤداه حدوث إصابات المجني عليها والتي أودت بحياتها وفق ما ذهب إليه المتهم في اعترافاته من قتله المجني عليها بخنقها بكلتا يديه وهو ما تطمئن إليه المحكمة وتأخذ به وتطرح ما عداه من تصويرات.
ومن حيث إنه عن نية القتل فإنه لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وإذ كان ذلك فإن هذه النية قامت بنفس المتهم وتوفرت لديه من حاصل ما بينته المحكمة من ظروف الدعوى من نية مبيتة مردها حاجته الملحة إلى المال لإنهاء ضائقته المالية وأن في قتل المجني عليها والاستيلاء على ما لديها من نقود وحلي ذهبية ما يفك هذه الضائقة وفي سبيل ذلك قام باقتراف الأفعال المادية والسلوك الإجرامي الموصل لهدفه وهو إزهاق روحها وحال استغراقها في نومها قام بالإطباق على رقبتها بكلتا يديه في وحشية دنيئة بعدما جثم على صدرها مرتكزاً بركبتيه حتى لا تستطيع مقاومته وظل ضاغطاً على رقبتها حتى تيقن من هلاكها وإزهاق روحها فتحقق له مبتغاه من التعدي وهو قتلها.
وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فإنه لما كان من المقرر أنه يستلزم بطبيعته أن يكون الجاني قد فكر فيما اعتزمه وتدبر عواقبه وهو هادئ البال وأن البحث في توافره من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها وإذا كان ذلك وكان الثابت في حق المتهم حسبما استبان للمحكمة من ظروف الدعوى وعناصرها على ما سلف بيانه أن المتهم تدبر الأمر قبل الحادث بفترة كافية في هدوء وروية وانتوى قتل المجني عليها ليتمكن من سرقتها وحضر خصيصاً لذلك من بلدته التابعة لمركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة إلى مدينة الإسكندرية حيث تقيم المجني عليها وكان حضوره إليها في حذر شديد حتى لا يراه أحد من جيرانها وتظاهر بالنوم وهو يفكر ويدبر في هدوء وروية بكيفية التخلص من المجني عليها وانتهز فرصة استغراقها في النوم حتى قام بالإطباق على رقبتها بكلتا يديه ثم جثم على صدرها وظل يضغط لكتم نفسها حتى تيقن من مفارقتها للحياة ثم قام بالاستيلاء على بعض ممتلكاتها - السالف بيانها - وغادر الحجرة بعد غلقها بقفل وضع به عود ثقاب حتى يصعب فتحه لكي لا تكتشف جريمته وقام بالتصرف في المسروقات ببيعها وكان المتهم في كل ذلك يتسم بالهدوء والروية سواء في إعداده لجريمته أو في تنفيذها مما يقطع بتوافر ذلك الظرف لديه.
ومن حيث إنه عن ظرف الارتباط بين جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وبين جريمة السرقة فإنه يتوافر متى كان القتل قد وقع لأحد المقاصد المبينة بالفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات، وهي التأهب لفعل جنحة أو تسهيل ارتكابها أو ارتكابها بالفعل، لما كان ذلك، وكان البين من واقعة الدعوى وظروفها وأدلتها على ما سلف بيانه - أن المتهم قد قارف فعل قتل المجني عليها بقصد سرقة بعض أموالها ومتعلقاتها لسداد ما عليه من دين للغير، فإن القتل يكون قد وقع بقصد السرقة ومن ثم يتوافر في حق المتهم جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المرتبط بجنحة سرقة.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون قد ثبت للمحكمة أن.... في ليلة.... بدائرة قسم باب شرقي - محافظة الإسكندرية قتل.... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتلها وتوجه إليها في مسكنها وما أن تيقن من استغراقها في النوم حتى جثم على صدرها وأطبق بكلتا يديه على رقبتها قاصداً من ذلك إزهاق روحها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وكان القصد من ارتكاب هذه الجناية التأهب لارتكاب جنحة سرقة هي أنه في ذات الزمان والمكان سرق النقود والحلي الذهبية والتليفزيون والمبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليها سالفة الذكر ليلاً من مسكنها الأمر المعاقب عليه بالمادة 317/ أولاً - رابعاً من قانون العقوبات - ويتعين إعمالاً للمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية معاقبته بالمواد 230، 231، 234/ 3 من قانون العقوبات.
وحيث إن المحكمة وهي بصدد تقدير العقاب الذي يتناسب مع جرم المتهم والذي يدل على غدره وخيانته للمجني عليها التي أولته الثقة والعطف والرعاية له ولأسرته وقامت بإعطائه نقوداً وهدايا في مناسبات عديدة وليلة الحادث استضافته في حجرتها وقاسمته فراشها كأحد أبنائها وأمنت له المبيت معها ورغم ذلك فإن كل هذا لم يشفع لديه ولم يرده عما بيت النية عليه وأصر على ارتكابه وقام بخسة ودناءة بقتلها ومن ثم فإن المحكمة لا تجد من سبيل للرأفة أو متسع للرحمة ويتعين القصاص منه حقاً وعدلاً والحكم عليه بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة امتثالاً لقوله تعالى ) يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى.... ( ) ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون ( صدق الله العظيم الآيتان 178، 179 من سورة البقرة.
وحيث إن المحكمة استطلعت رأي مفتي جمهورية مصر العربية في شأن المحكوم عليه نفاذاً لحكم المادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية فقرر أنه "إذا أقيمت الدعوى في حق المتهم... بالطريق الشرعي ولم تظهر في الأوراق شبهة درائه للقصاص - كان جزاؤه الإعدام قصاصاً لقتله المجني عليها.... عمداً جزاء وفاقاً".
وحيث إنه عن المصاريف الجنائية فترى المحكمة إلزام المحكوم عليه بها إعمالاً للمادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.