أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 46 - صـ 910

جلسة 5 من يوليو سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وعمار إبراهيم فرج ومحمد إسماعيل موسى نواب رئيس المحكمة ويحيى محمود خليفة.

(140)
الطعن رقم 5731 لسنة 63 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على الواقعة بما تتوافر به عناصر الجريمة وأدلة الثبوت. المادة 310 إجراءات.
(2) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محضر الجلسة.
ثبوت اطلاع المحكمة على حرز المحررات المزورة بمحضر الجلسة. لا إخلال بحق الدفاع.
(3) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
(4) إجراءات "إجراءات التحقيق". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إغفال توقيع كاتب التحقيق على محضره. لا بطلان.
(5) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
عدم التزام المحكمة بطلب ضم قضية بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها. أساس ذلك؟
(6) موظفون عموميون. موانع العقاب "إطاعة الرئيس". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم امتداد طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 عقوبات بأي حال إلى ارتكاب الجرائم.
ليس على المرءوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه.
إغفال الحكم الرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان. لا يعيبه.
النعي على المحكمة عدم الرد على دفاع لم يثر أمامها غير مقبول.
(7) إحالة. بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي ببطلان أمر الإحالة لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول. علة ذلك؟
(8) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تنفيذ الطاعن للعقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها عليه بعد وقوع جريمة الهروب لا ينفي هذه الجريمة ولا المسئولية عنها.
(9) عقوبة "تعددها" "عقوبة الجرائم المرتبطة". ارتباط.
اقتران جريمة هروب المقبوض عليه بالقوة أو بجريمة أخرى. يوجب القضاء بعقوبة مستقلة لكل من الجريمتين رغم ارتباطهما المادة 138/ 3 عقوبات.
مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك. خطأ في القانون يوجب النقض والتصحيح.
لا محل لتصحيح هذا الخطأ ما دام الطعن مقدماً من المحكوم عليه وحده دون النيابة العامة. علة ذلك وأساسه؟
(10) محكمة النقض "سلطتها". نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
تصدي محكمة النقض للحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم. رخصة استئنافية خولها القانون لها في حالات معينة على سبيل الحصر. شرط ذلك وأساسه؟
1 - من المقرر أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه.
2 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة فضت الحرز المحتوي على المحررات المزورة في حضور الطاعنين والمدافعين عنهم، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد.
3 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
4 - من المقرر أن القانون لم يرتب البطلان على مجرد عدم توقيع كاتب التحقيق على محضره بل إنه يكون له قوامه القانوني بتوقيع عضو النيابة المحقق.
5 - من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة، فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته.
6 - من المقرر أن طاعن الرئيس بمقتضى المادة 63 من قانون العقوبات لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم، وأنه ليس على المرءوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه، ومن ثم فإن تمسك الطاعنين الثالث والرابع بالاحتماء بحكم المادة المذكورة في مجال ارتكابهما لجريمتي التزوير في محررات رسمية والاشتراك فيه إطاعة منهما لأوامر رئيسهما - على فرض حصوله - يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان وبعيداً عن محجة الصواب مما لا يستأهل من المحكمة رداً، هذا فضلاً عن أنه لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين قد أثارا هذا الدفاع فلا يكون لهما النعي على المحكمة قعودها عن تناول دفاع لم يثيراه أمامها.
7 - لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعنين أو المدافع عنهما قد أثار شيئاً بشأن بطلان أمر الإحالة وكان هذا الأمر إجراءاً سابقاً على المحاكمة، فإنه لا يقبل من الطاعنين إثارة أمر بطلانه لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنهم لم يدفعوا به أمام محكمة الموضوع.
8 - من المقرر أن تنفيذ الطاعن السابع للعقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها عليه بعد وقوع جريمة الهروب - بفرض حصوله - لا ينفي هذه الجريمة ولا المسئولية عنها.
9 - لما كانت المادة 138 من قانون العقوبات إذ نصت على أن "كل إنسان قبض عليه قانوناً فهرب يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور أو بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه - فإذا كان صادراً على المتهم أمر بالقبض عليه وإيداعه في السجن وكان محكوماً عليه بالحبس أو بعقوبة أشد يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري وتتعدد العقوبات إذا كان الهرب في إحدى الحالتين السابقتين مصحوباً بالقوة أو بجريمة أخرى." فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن الشارع قد استثنى من الخضوع لحكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات جريمة هرب المقبوض عليهم إذا كان الهرب مصحوباً بالقوة أو بجريمة أخرى فتتعدد العقوبات على الرغم من الارتباط ووحدة الغرض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن السابع بجريمة الهرب بعد القبض عليه قانوناً وكانت جريمة الهرب مصحوبة بجريمة الاشتراك في ارتكاب تزوير في محرر رسمي فقد كان لزاماً على المحكمة أن تقضي بعقوبة عن كل من الجريمتين المرتبطتين بالتطبيق لحكم الفقرة الثالثة من المادة 138 المشار إليها، أما وقد خالفت هذا النظر وأعملت في حقه المادة 32/ 2 من قانون العقوبات وقضت عليه بعقوبة واحدة هي المقررة لجريمة الاشتراك في ارتكاب تزوير في محرر رسمي فإن حكمها يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون مما كان يوجب تصحيحه وفقاً للقانون والقضاء بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي الهرب والاشتراك في التزوير إلا أنه لما كان الطعن مقدماً من المحكوم عليه وحده دون النيابة العامة فإنه يمتنع على هذه المحكمة تصحيح هذا الخطأ حتى لا يضار الطاعن بطعنه عملاً بنص المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
10 - من المقرر أن تصدي محكمة النقض لنقض الحكم من تلقاء نفسها عملاً بنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - فضلاً عن أنه رخصة استثنائية - مشروط بشرطين، أولهما أن يكون الحكم صادراً من محكمة لا ولاية لها بالفصل في الدعوى، وهو أمر غير متوفر في الواقعة موضوع الطعن الماثل ذلك أن الاختصاص الولائي هو المتعلق بالوظيفة أي المتصل بتحديد الاختصاص الوظيفي لجهات القضاء المختلفة التي تستقل كل منها عن الأخرى في نظامها ولا تنخرط في إطار الجهة الواحدة كالشأن في تحديد المنازعات التي تدخل في اختصاص السلطة القضائية وتلك التي يختص بها مجلس الدولة أو القضاء العسكري، ولا كذلك توزيع الاختصاص داخل نطاق جهة القضاء الواحدة كتوزيع الاختصاص بين محاكم السلطة القضائية على اختلاف أنواعها كما هو الحال بالنسبة لاختصاص محاكم الأحداث ومحاكم أمن الدولة المنشأة بالقانون رقم 105 لسنة 1980 التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من السلطة القضائية - والشرط الثاني أن يكون نقض محكمة النقض للحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم، وهو شرط غير متوافر بدوره في الواقعة المطروحة إذ لا ريب في أن ما أجازه القانون رقم 105 لسنة 1980 في المادة الثانية من إشراك عناصر غير قضائية في تشكيل محاكم أمن الدولة ليس من شأنه أن يوفر للمتهم مصلحة في أن يحاكم أمامها تزيد على تلك التي توفرها له محاكمته أمام محكمة الجنايات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: الطاعن الأول: أ - بصفته موظفاً عمومياً "كاتب التنفيذ بنيابة.... الكلية" ارتكب تزويراً في محررات رسمية "هي جدول الجنح المستأنفة ودفاتر حصر الأحكام وملفات القضايا المبينة بتقرير اللجنة" حال تحريره المختص بوظيفته بجعل واقعات مزورة في صورة واقعات صحيحة بأن أثبت بها على خلاف الحقيقة تنفيذ الأحكام الصادرة في القضايا المبينة بتقرير اللجنة مع علمه بذلك. ب - بصفته سالفة الذكر ارتكب تزويراً في محررات رسمية "هي خطابات كف بحث عن محكوم عليهم" حال تحريره المختص بوظيفته بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت على خلاف الحقيقة أن المحكوم عليه في القضية رقم.... لسنة.... جنح مستأنف الفيوم قد نفذ العقوبة فيها وأن العقوبات المقضى بها في القضيتين رقمي....،.... لسنة.... جنح مستأنف الفيوم قد أوقف تنفيذها لحين الفصل في الطعن بالنقض مع علمه بذلك - جـ - بصفته سالفة الذكر ارتكب تزويراً في محرر رسمي "نموذج 9 حبس" في القضية رقم.... لسنة.... جنح مستأنف الفيوم حال تحريره المختص بوظيفته بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت بها على خلاف الحقيقة تنفيذ العقوبة في القضية سالفة الذكر مع علمه بذلك. د - بصفته سالفة الذكر ارتكب تزويراً في محررين رسميين "شهادتين بصيرورة الحكمين الصادرين في القضيتين رقمي.... لسنة....،.... لسنة.... جنح مستأنف الفيوم باتتين" حال تحريره المختص بوظيفته بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت على خلاف الحقيقة أنه لم يطعن عليهما بالنقض مع علمه بذلك. هـ - بصفته سالفة الذكر ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويراً في الأحكام الصادرة في القضايا أرقام....،....،.... لسنة.... جنح مستأنف الفيوم بجعله العقوبات في الأولى أقل من مدتها المقضى بها وتنفيذ العقوبة الثانية والثالثة رغم القضاء بإيقاف تنفيذهما مع علمه بذلك. ز - بصفته سالفة الذكر استعمل سلطة وظيفته في وقف تنفيذ الأحكام في القضايا المبينة بتقرير اللجنة على النحو المبين بالأوراق. ط - مكن المحكوم عليهم من السابع حتى الأخير من الهرب حال كونهم محكوماً عليهم بعقوبة الحبس وساعدهم في ذلك على النحو الموضح بالتحقيقات. الطاعن الثاني: أ - بصفته موظفاً عمومياً "أمين سر جلسة الجنح المستأنفة بنيابة...." اختلس أوراق القضية رقم.... لسنة.... جنح مستأنف مستعجل الفيوم التي وجدت بحوزته بسبب وظيفته وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمة أخرى "هي تزوير منسوب صدوره إلى نيابة.... موجه لسجن الفيوم العمومي للإفراج عن المحكوم عليه في القضية سالفة الذكر مع علمه بذلك ب - بصفته سالفة الذكر" ارتكب تزويراً في محرر رسمي "هو محضر جلسة.... في القضية رقم.... لسنة.... جنح مستأنف مستعجل الفيوم" بطريق الاصطناع حال تحريره المختص بوظيفته بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت على خلاف الحقيقة حضور المتهم ومحاميه وإبداء دفاعه على النحو المبين بذلك المحضر وتأجيل نظر الدعوى لجلسة أخرى مع علمه بذلك. الطاعن الثالث: أ - بصفته موظفاً عمومياً "أمين سر جلسة الجنح المستأنف بنيابة...." ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو جدول الجنح المستأنفة لنيابة.... بأن أثبت على خلاف الحقيقة أن العقوبة المقضى بها في الجنحة رقم.... لسنة.... مستأنف الفيوم أوقف تنفيذها لحين الفصل في الطعن بالنقض مع علمه بذلك. ب - بصفته سالفة الذكر اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في تزوير محررات رسمية "هي جدول الجنح المستأنفة وملفات القضايا أرقام....،....،.... لسنة.... و.... لسنة.... و.... لسنة.... و.... لسنة.... جنح مستأنف الفيوم،.... لسنة.... جنح مستعجل الفيوم بأن اتفق معه على تزويرها وساعده في ذلك بأن أثبت على خلاف الحقيقة تنفيذ العقوبات الصادرة في تلك القضايا مع علمه بذلك فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. الطاعن الرابع: بصفته موظفاً عمومياً "كاتب التنفيذ بنيابة...." اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في التزوير في محررات رسمية "هي جدول الجنح المستأنفة بنيابة.... الكلية والقضايا أرقام...،...،... لسنة... جنح مستأنف الفيوم و...،...،... لسنة.... جنح مستأنف الفيوم و.... لسنة.... جنح مستأنف مستعجل الفيوم و...،...،...، لسنة.... جنح مستأنف الفيوم" بأن اتفق معه على تزويرها وساعده في ذلك بأن أثبت على خلاف الحقيقة تنفيذ العقوبات المقضى بها في القضايا سالفة الذكر مع علمه بذلك فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. الطاعن الخامس: بصفته موظفاً عمومياً "كاتب التنفيذ بنيابة...." ارتكب تزويراً في محرر رسمي "ملف القضية رقم.... لسنة... جنح مستأنف أحداث الفيوم" حال تحريره المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت على خلاف الحقيقة انقضاء الدعوى الجنائية في القضية سالفة الذكر بمضي المدة مع علمه بذلك. الطاعن السادس: بصفته موظفاً عمومياً بنيابة.... الكلية ارتكب تزويراً في محرر رسمي "هو جدول الجنح المستأنفة بنيابة.... الكلية" بأن أثبت على خلاف الحقيقة أن العقوبة المقضى بها في القضية رقم... لسنة... جنح مستأنف الفيوم أوقف تنفيذها مع علمه بذلك. الطاعن السابع: أ - اشترك مع المتهمين من الأول للسادس بطريقي التحريض والاتفاق في ارتكاب تزوير في محررات رسمية موضوع التهم السابقة بأن حرضهم على تزويرها واتفق معهم على ذلك فقاموا بتزويرها على النحو آنف البيان فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض. ب - وهو محكوم عليه بعقوبات مقيدة للحرية في القضايا الموضحة بتقرير اللجنة هرب من تنفيذها وقد صاحبت هذه الجريمة جريمة أخرى هي التزوير في محررات رسمية على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الفيوم لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 1، 2، 41، 112/ ب، 118، 119/ أ، 119 مكرراً/ أ، 123/ 1، 138، 142/ 1، 211، 213، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المواد 17، 32، 55، 56 من ذات القانون. أولاً: بمعاقبة الطاعن الأول بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عما هو منسوب إليه وبعزله من وظيفته. ثانياً: بمعاقبة الطاعن الثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عما هو منسوب إليه وبعزله من وظيفته. ثالثاً: بمعاقبة الطاعن الثالث بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عما هو منسوب إليه. رابعاً: بمعاقبة الطاعن الرابع بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عما هو منسوب إليه. خامساً: بمعاقبة الطاعن الخامس بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عما هو منسوب إليه. سادساً: بمعاقبة الطاعن السادس بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عما هو منسوب إليه. سابعاً: بمعاقبة الطاعن السابع بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات. ثامناً: بمصادرة المحررات المزورة المضبوطة.
فطعن الطاعنون من الأول إلى السادس في هذا الحكم بطريق النقض في.... كما طعن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن..." الطاعن السابع" في هذا الحكم أيضاً بطريق النقض في... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجرائم الاختلاس والتزوير في محررات رسمية والاشتراك فيه واستعمال محررات مزورة مع العلم بتزويرها وتمكين محكوم عليهم من الهرب واستعمال سلطة وظائفهم في وقف تنفيذ أحكام والهرب من تنفيذ عقوبات مقيدة للحرية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن لم يدلل على توافر الجرائم المسندة إليهم بأركانها القانونية في حقهم تدليلاً كافياً وسائغاً، ولم تقم المحكمة بفض حرز المحررات المقول بتزويرها وتطلع عليها في حضرة الطاعنين، وأحال الحكم في بيان أقوال الشاهدين الثاني والثالث إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول رغم اختلافها ودون إيراد مضمونها، وأطرح الدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة لعدم توقيعها من كاتب التحقيق وطلب ضم القضايا المقال بتزوير الأحكام الصادرة فيها بما لا يسوغ به إطراحه، وأغفل دفاع الطاعنين الثالث والرابع بأن ما ارتكباه كان تنفيذاً لأمر رئيسهما الطاعن الأول إيراداً له ورداً عليه، وخلا أمر الإحالة من الإشارة إلى نصوص القانون الخاصة بجرائم التزوير، وخلص الحكم إلى إدانة الطاعن السابع بجريمة الهروب من تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها عليه رغم أنه قام بتنفيذها. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: "إنه تشكلت لجنة لفحص أعمال المتهمين الست الأول الموظفين بنيابة.... عن الفترة من عام.... حتى عام... انتهى إلى أن المتهم الأول قام أثناء عمله كاتب للتنفيذ بالنيابة الكلية بالتزوير في جداول الجنح المستأنفة ودفاتر حصر الأحكام وملفات القضايا وأثبت بها على خلاف الحقيقة تنفيذ القضايا المبينة بتقرير اللجنة وقام بتزوير خطابات كف بحث عن المحكوم عليهم للشرطة تفيد تنفيذهم العقوبات المقضى بها عليهم أو إيقاف تنفيذها بالنسبة للقضايا المبينة تحديداً بالتقرير وبالأوراق وتزوير في نماذج الحبس وفي شهادات خاصة بالقضايا تفيد تنفيذ العقوبات الصادرة فيها بالنسبة للبعض وعدم الطعن عليها بالنقض بالنسبة للبعض الآخر وأن العقوبات المقضى بها أقل مما قضى به بالفعل، وذلك على التفصيل المبين حصراً بالأوراق وتقرير اللجنة، وأنه توصل بهذه الأفعال إلى وقف الأحكام في تلك القضايا وساعد المتهمين من السابع حتى التاسع والسبعين المبين أسماؤهم تحديداً في أمر الإحالة من الهرب حال كون كل منهم قد قضى عليه بعقوبة الحبس وأن المتهم الثاني.... أمين سر جلسة الجنح المستأنفة بنيابة.... اختلس أوراق القضية رقم... لسنة.... جنح مستعجل الفيوم وزور خطاباً من نيابة الفيوم لسجن الفيوم للإفراج عن المحكوم عليه فيها، كما ارتكب تزويراً في محضر الجلسة بالقضية رقم.... لسنة....، وأن المتهم الثالث.... الذي يشغل أيضاً وظيفة مماثلة للمتهم الثاني ارتكب تزويراً في جدول الجنح المستأنفة بخصوص القضايا المحددة بتقرير اللجنة وفي ملفات تلك القضايا بأن أثبت أن العقوبات الصادرة بها الأحكام فيها تم تنفيذها وأوقف التنفيذ للبعض الآخر على خلاف الحقيقة، وأن المتهم الرابع.... كاتب التنفيذ بنيابة.... الكلية ارتكب تزويراً في جداول الجنح المستأنف بالنسبة للقضايا المبينة تحديداً بالتقرير بأن أثبت على خلاف الحقيقة أن العقوبات المحكوم فيها قد تم تنفيذها، وأن المتهم الخامس.... الذي يعمل بوظيفة مماثلة للرابع ارتكب تزويراً بخصوص القضية.... لسنة.... جنح مستأنف أحداث الفيوم بأن أثبت على خلاف الحقيقة انقضاء الدعوى الجنائية بها، وأن المتهم السادس.... الموظف بنيابة الفيوم ارتكب تزويراً في جدول الجنح المستأنفة بأن أثبت به على خلاف الحقيقة إيقاف تنفيذ الحكم المقضى به في القضية.... لسنة... جنح مستأنف الفيوم، وقد تبين من تقرير اللجنة أن الجرائم التي ارتكبها المتهمون الست الأول قد ارتكبت في قضايا خاصة بالمتهمين من السابع إلى التاسع والسبعين المحكوم عليهم في القضايا موضوع التزوير والاختلاس بعقوبات مقيدة للحرية وأن هؤلاء المتهمين قاموا بالهروب من تنفيذ تلك العقوبات حتى وقت اكتشاف هذه الجرائم". وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة استقاها من أقوال أعضاء اللجنة المشكلة لمراجعة أعمال الطاعنين الست الأول وما تضمنه تقرير هذه اللجنة وما أقر به كل من الطاعنين وباقي المحكوم عليهم بتحقيقات النيابة العامة. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان البين مما سطره الحكم فيما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاختلاس والتزوير والاشتراك فيه واستعمال محررات مزورة وتمكين محكوم عليهم من الهرب واستعمال سلطة وظائفهم في وقت تنفيذ أحكام قضائية والهرب من تنفيذ عقوبات مقيدة للحرية التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يكشف عن أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، فإن الحكم يكون براء من قالة القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة فضت الحرز المحتوي على المحررات المزورة في حضور الطاعنين والمدافعين عنهم، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان الطاعنون لم يكشفوا عن مواطن عدم اتفاق أقوال الشاهد الأول مع شهادة الشاهدين الثاني والثالث، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرتب البطلان على مجرد عدم توقيع كاتب التحقيق على محضره بل إنه يكون له قوامه القانوني بتوقيع عضو النيابة المحقق وكان الطاعنون لا ينازعون في توقيع محضر التحقيق من عضو النيابة الذي باشره، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفاع وأطرحه للأسباب السائغة التي أوردها، فإن منعى الطاعنين في هذا الخصوص يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته، ولما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أدلة الثبوت القائمة في الدعوى، فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها، ولا يحق للطاعنين - من بعد - إثارة دعوى الإخلال بحقهم في الدفاع لالتفات المحكمة عن طلب ضم قضايا بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 من قانون العقوبات لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم، وأنه ليس على المرءوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه، ومن ثم فإن تمسك الطاعنين الثالث والرابع بالاحتماء بحكم المادة المذكورة في مجال ارتكابهما لجريمتي التزوير في محررات رسمية والاشتراك فيه إطاعة منهما لأوامر رئيسهما - على فرض حصوله - يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان وبعيداً عن محجة الصواب مما لا يستأهل من المحكمة رداً، هذا فضلاً عن أنه لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين قد أثارا هذا الدفاع فلا يكون لهما النعي على المحكمة قعودها عن تناول دفاع لم يثيراه أمامها. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعنين أو المدافع عنهما قد أثار شيئاً بشأن بطلان أمر الإحالة وكان هذا الأمر إجراءاً سابقاً على المحاكمة فإنه لا يقبل من الطاعنين إثارة أمر بطلانه لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنهم لم يدفعوا به أمام محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان تنفيذ الطاعن السابع للعقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها عليه بعد وقوع جريمة الهرب - بفرض حصوله - لا ينفي هذه الجريمة ولا المسئولية عنها. فإن منعاه في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكانت المادة 138 من قانون العقوبات إذ نصت على أن "كل إنسان قبض عليه قانوناً فهرب يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور أو بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه مصري - فإذا كان صادراً على المتهم أمر بالقبض عليه وإيداعه في السجن وكان محكوماً عليه بالحبس أو بعقوبة أشد يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري. وتتعدد العقوبات إذا كان الهرب في إحدى الحالتين السابقتين مصحوباً بالقوة أو بجريمة أخرى." فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها على أن الشارع قد استثنى من الخضوع لحكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات جريمة هرب المقبوض عليهم إذا كان الهرب مصحوباً بالقوة أو بجريمة أخرى فتتعدد العقوبات على الرغم من الارتباط ووحدة الغرض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن السابع بجريمة الهرب بعد القبض عليه قانوناً وكانت جريمة الهرب مصحوبة بجريمة الاشتراك في ارتكاب تزوير في محرر رسمي فقد كان لزاماً على المحكمة أن تقضي بعقوبة على كل من الجريمتين المرتبطتين بالتطبيق لحكم الفقرة الثالثة من المادة 138 المشار إليها، أما وقد خالفت هذا النظر وأعملت في حقه المادة 32/ 2 من قانون العقوبات وقضت عليه بعقوبة واحدة هي المقررة لجريمة الاشتراك في ارتكاب تزوير في محرر رسمي فإن حكمها يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون مما كان يوجب تصحيحه وفقاً للقانون والقضاء بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي الهرب والاشتراك في التزوير، إلا أنه لما كان الطعن مقدماً من المحكوم عليه وحده دون النيابة العامة فإنه يمتنع على هذه المحكمة تصحيح هذا الخطأ حتى لا يضار الطاعن بطعنه عملاً بنص المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ولا يغير من ذلك أن الحكم المطعون فيه صدر من محكمة الجنايات على الرغم من أن جناية الاختلاس المنسوبة للطاعن الثاني تجعل الاختصاص بنظر الدعوى برمتها معقوداً لمحكمة أمن الدولة العليا دون غيرها عملاً بنص المادة الثالثة من القانون رقم 105 لسنة 1980 مما قد يثير مسألة تدخل محكمة النقض عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، ذلك أن تصدي محكمة النقض من تلقاء نفسها - في هذه الحالة - عملاً بنص المادة 35 سالفة الإشارة - فضلاً عن أنه رخصة استثنائية - مشروط بشرطين، أولهما أن يكون الحكم صادراً من محكمة لا ولاية لها بالفصل في الدعوى، وهو أمر غير متوفر في الواقعة موضوع الطعن الماثل ذلك أن الاختصاص الولائي هو المتعلق بالوظيفة أي المتصل بتحديد الاختصاص الوظيفي لجهات القضاء المختلفة التي تستقل كل منها عن الأخرى في نظامها ولا تنخرط في إطار الجهة الواحدة كالشأن في تحديد المنازعات التي تدخل في اختصاص السلطة القضائية وتلك التي يختص بها مجلس الدولة أو القضاء العسكري، ولا كذلك توزيع الاختصاص داخل نطاق جهة القضاء الواحدة كتوزيع الاختصاص بين محاكم السلطة القضائية على اختلاف أنواعها كما هو الحال بالنسبة لاختصاص محاكم الأحداث ومحاكم أمن الدولة المنشأة بالقانون رقم 105 لسنة 1980 التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من السلطة القضائية - والشرط الثاني أن يكون نقض محكمة النقض للحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم، وهو شرط غير متوافر بدوره في الواقعة المطروحة إذ لا ريب في أن ما أجازه القانون رقم 105 لسنة 1980 في المادة الثانية من إشراك عناصر غير قضائية في تشكيل محاكم أمن الدولة ليس من شأنه أن يوفر للمتهم مصلحة في أن يحاكم أمامها تزيد على تلك التي توفرها له محاكمته أمام محكمة الجنايات.