أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 46 - صـ 1156

جلسة 6 من نوفمبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزه وحامد عبد الله نائبي رئيس المحكمة ونير عثمان وجاب الله محمد جاب الله.

(173)
الطعن رقم 18863 لسنة 62 القضائية

(1) زنا. إثبات "بوجه عام". تلبس. جريمة.
التلبس بفعل الزنا أحد أدلة الإثبات على قيام الجريمة. المادة 276 عقوبات.
مشاهدة المتهم حال ارتكابه الزنا بالفعل. غير لازم. كفاية أن تنبئ الظروف بطريقة لا تدع مجالاً للشك عن ارتكاب الجريمة.
(2) زنا. إثبات "بوجه عام".
زنا المرأة. جواز إثباته. بكافة طرق الإثبات.
(3) إثبات"شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة شاهد؟
(4) زنا. إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
مثال لتسبيب سائغ في جريمة زنا.
(5) زنا. دعوى جنائية "انقضاؤها". دفوع. فاعل أصلي. شريك.
للزوج في دعوى الزنا التنازل عن شكواه قبل صدور حكم بات. المادة 10 إجراءات.
محو جريمة الزوجة بوصفها الفاعل الأصلي في جريمة الزنا وزوال آثارها. أثره: محو جريمة الشريك. أساس ذلك وعلته؟
(6) حكم "بيانات الديباجة".
الخطأ في ديباجة الحكم. لا يعيبه. علة ذلك؟
1 - من المقرر أن المادة 276 من قانون العقوبات وإن نصت على التلبس بفعل الزنا كدليل من أدلة الإثبات على المتهم بالزنا مع المرأة المتزوجة إلا أنه لا يشترط في التلبس بهذه الجريمة أن يكون المتهم قد شوهد حال ارتكابه الزنا بالفعل بل يكفي أن يكون قد شوهد في ظروف تنبئ بذاتها وبطريقة لا تدع مجالاً للشك في أن جريمة الزنا قد وقعت فعلاً.
2 - من المقرر أن إثبات زنا المرأة يصح بطرق الإثبات كافة وفقاً للقواعد العامة.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات. كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
4 - من المقرر أن تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - لما كان ذلك وكان يبين من مطالعة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الزنا التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه وشاهد الزنا.... وإقرار الطاعن الثاني بمحضر الضبط وخلص الحكم إلى أن الطاعنة الأولى تقيم مع الطاعن الثاني في شقة مفروشة وأن الأخير عاشرها معاشرة الأزواج وأنه هو الذي فتح باب الشقة للمجني عليه وشاهد الواقعة والشرطيين السريين مرتدياً فانلة داخلية وبنطال بيجامة ووجود الطاعنة الأولى معه في نفس الشقة مرتدية قميص نوم يدل على أن جريمة الزنا قد وقعت فعلاً منهما ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد.
5 - لما كان المشرع قد أجاز بما نص عليه في المادة العاشرة من قانون الإجراءات الجنائية للزوج الشاكي في دعوى الزنا أن يتنازل عن شكواه في أي وقت إلى أن يصدر في الدعوى حكم بات غير قابل للطعن بالنقض ورتب على التنازل انقضاء الدعوى الجنائية. ولما كانت جريمة الزنا ذات طبيعة خاصة لأنها تقتضي التفاعل بين شخصين يعد القانون أحدهما فاعلاً أصلياً وهي الزوجة ويعد الثاني شريكاً وهو الرجل الزاني فإذا محت جريمة الزوجة وزالت آثارها بسبب من الأسباب فإن التلازم الذهني يقتضي محو جريمة الشريك أيضاً لأنها لا يتصور قيامها مع انعدام ذلك الجانب الخاص بالزوجة وإلا كان الحكم على الشريك تأثيماً غير مباشر للزوجة التي غدت بمنأى عن كل شبهة إجرام، كما أن العدل المطلق لا يستسيغ بقاء الجريمة بالنسبة للشريك مع محوها بالنسبة للفاعلة الأصلية لأن إجرام الشريك إنما هو فرع من إجرام الفاعل الأصلي. والواجب في هذه الحالة أن يتبع الفرع الأصل ما دامت جريمة الزنا لها ذلك الشأن الخاص الذي تمتنع معه التجزئة وتجب فيه ضرورة المحافظة على شرف العائلات.
6 - من المقرر أن الخطأ في ديباجة حكم لا يعيبه لأنه خارج عن موضوع استدلاله وكان ما وقع من خطأ بديباجة الحكم الابتدائي بشأن رقم الدعوى لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين المتهمة الأولى: ارتكبت جريمة الزنا مع المتهم الثاني. المتهم الثاني: اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمة الأولى حال كونها زوجة في ارتكاب جريمة الزنا بأن اتفق معها وساعدها على ذلك بأن واقعها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت عقابهما بالمواد 40/ 2، 3، 41، 73، 75 من قانون العقوبات.
ومحكمة جنح المنتزه قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل من المتهمين ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لكل منهما لوقف التنفيذ. استأنفا ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه من المقرر أن المادة 276 من قانون العقوبات وإن نصت على التلبس بفعل الزنا كدليل من أدلة الإثبات على المتهم بالزنا مع المرأة المتزوجة إلا أنه لا يشترط في التلبس بهذه الجريمة أن يكون المتهم قد شوهد حال ارتكابه الزنا بالفعل بل يكفي أن يكون قد شوهد في ظروف تنبئ بذاتها وبطريقة لا تدع مجالاً للشك في أن جريمة الزنا قد وقعت فعلاً. كما وأنه من المقرر أن إثبات زنا المرأة يصح بطرق الإثبات كافة وفقاً للقواعد العامة. وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات. كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكان تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - لما كان ذلك وكان يبين من مطالعة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الزنا التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه وشاهد الزنا.... وإقرار الطاعن الثاني بمحضر الضبط وخلص الحكم إلى أن الطاعنة الأولى تقيم مع الطاعن الثاني في شقة مفروشة وأن الأخير عاشرها معاشرة الأزواج وأنه هو الذي فتح باب الشقة للمجني عليه وشاهد الواقعة والشرطيين السريين مرتدياً فانلة داخلية وبنطال بيجامة ووجود الطاعنة الأولى معه في نفس الشقة مرتدية قميص نوم يدل على أن جريمة الزنا قد وقعت فعلاً منهما ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان المشرع قد أجاز بما نص عليه في المادة العاشرة من قانون الإجراءات الجنائية للزوج الشاكي في دعوى الزنا أن يتنازل عن شكواه في أي وقت إلى أن يصدر في الدعوى حكم بات غير قابل للطعن بالنقض ورتب على التنازل انقضاء الدعوى الجنائية. ولما كانت جريمة الزنا ذات طبيعة خاصة لأنها تقتضي التفاعل بين شخصين يعد القانون أحدهما فاعلاً أصلياً وهي الزوجة ويعد الثاني شريكاً وهو الرجل الزاني فإذا محت جريمة الزوجة وزالت آثارها بسبب من الأسباب فإن التلازم الذهني يقتضي محو جريمة الشريك أيضاً لأنها لا يتصور قيامها مع انعدام ذلك الجانب الخاص بالزوجة وإلا كان الحكم على الشريك تأثيماً غير مباشر للزوجة التي غدت بمنأى عن كل شبهة إجرام، كما أن العدل المطلق لا يستسيغ بقاء الجريمة بالنسبة للشريك مع محوها بالنسبة للفاعلة الأصلية لأن إجرام الشريك إنما هو فرع من إجرام الفاعل الأصلي. والواجب في هذه الحالة أن يتبع الفرع الأصل ما دامت جريمة الزنا لها ذلك الشأن الخاص الذي تمتنع معه التجزئة وتجب فيه ضرورة المحافظة على شرف العائلات. لما كان ذلك، وكان الطاعنان قد أثارا بأسباب طعنهما أن الزوج - المجني عليه - قد تنازل عن الدعوى الجنائية قبل الطاعنين بموجب إقرار موثق بالشهر العقاري بعد صدور الحكم المطعون فيه. بيد أنهما لم يقدما هذا التنازل إلى هذه المحكمة - محكمة النقض - كما أنه تبين من مطالعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها - تحقيقاً لوجه الطعن - أنه وإن كان ثابت بمحضر جلسة نظر الإشكال في الحكم المطعون فيه أن الطاعنين قد قدما تنازلاً موثقاً منسوباً إلى الزوج - إلا أن المفردات خلت من هذا التنازل وأنه ثابت على ملف الدعوى - أنه قد تبين أن التنازل مزور على الزوج وقد أفرد تحقيق مستقل عن واقعة التزوير بنيابة شرق الإسكندرية. ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الخطأ في ديباجة حكم لا يعيبه لأنه خارج عن موضوع استدلاله وكان ما وقع من خطأ بديباجة الحكم الابتدائي بشأن رقم الدعوى لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها. ومن ثم فإن منعى الطاعنين على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً عدم قبوله موضوعاً.