أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 46 - صـ 1275

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وبهيج حسن القصبجي ومحمد إسماعيل موسى نواب رئيس المحكمة ومحمد علي رجب.

(193)
الطعن رقم 18670 لسنة 61 القضائية

(1) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم. دفوع "الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة". نظام عام. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الدفع بانقضاء الدعوى بالتقادم متعلق بالنظام العام. جواز إثارته لدى محكمة الموضوع في أي وقت. إغفال الرد عليه يعيب الحكم.
(2) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم. إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقد.
بدء سقوط الدعوى الجنائية. من يوم وقوع الجريمة ولو جهل المجني عليه ذلك.
(3) نقد. دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". تقادم. إجراءات "إجراءات المحاكمة".
سقوط الدعوى الجنائية في جرائم النقد. بدؤه من يوم ظهور الفعل المخالف للأوضاع المقررة بقانون التعامل بالنقد الأجنبي.
مثال.
(4) نقد. قانون "تفسيره" "القانون الأصلح".
صدور القانون رقم 38 لسنة 1994 بشأن التعامل بالنقد الأجنبي. إلغائه القانون رقم 97 لسنة 1976. يعد القانون الأصلح للطاعن في حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات. علة ذلك؟
(5) محكمة النقض "سلطتها" "نظر الطعن والحكم فيه".
حق محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه وقبل الفصل فيه بحكم بات. قانون أصلح يسري على واقعة الدعوى. المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
كون مسوغات الحكم بوقف تنفيذ العقوبة من الأمور الموضوعية. أثر ذلك: النقض مع الإعادة.
1 - من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى بالتقادم هو من الدفوع الجوهرية المتعلقة بالنظام العام مما يجوز إبداؤه لدى محكمة الموضوع في أي وقت وبأي وجه وعليها أن ترد عليه رداً كافياً سائغاً وإلا كان حكمها معيباً.
2 - من المقرر أن القاعدة العامة في سقوط الحق في إقامة الدعوى الجنائية هي أن يكون مبدأ هذا السقوط من تاريخ وقوع الجريمة دون أن يؤثر في ذلك جهل المجني عليه بوقوعها.
3 - لما كانت جرائم النقد وقتية تقع وتنتهي بمجرد وقوع الفعل المخالف للأوضاع المقررة بقانون التعامل بالنقد الأجنبي. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ اعتبر تاريخ مطالبة الجهة الإدارية الطاعن بتصحيح المخالفات المنسوب إليه ارتكابها هو تاريخ وقوع الجريمة في حين أن الواقعة التي أقام الطاعن دفعه بانقضائها تمت في سنتي 1982، 1983 ولم تتم مطالبته بتصحيحها إلا في سنة 1987 وهو التاريخ الذي بنى الطاعن دفعه بانقضاء الدعوى الجنائية على أساسه. فإن الحكم المطعون فيه وقد اعتنق أسباب الحكم الابتدائي يكون فضلاً عن فساده في الاستدلال قد أخل بحق الطاعن في الدفاع بما يبطله.
4 - من المقرر إن القانون رقم 38 لسنة 1994 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي الذي صدر بتاريخ 15 من مايو سنة 1994 - بعد الحكم المطعون فيه - وعمل به في الثالث من يونيه سنة 1994 قد ألغى القانون رقم 97 لسنة 1976 وأنه يعد أصلح للطاعن في حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات لما اشتملت عليه أحكامه من إجازة وقف تنفيذ عقوبة الغرامة المقضى بها عليه وهو ما لم يكن جائزاً من قبل في ظل القانون القديم.
5 - لما كانت الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الفصل فيه بحكم بات قانون أصلح للمتهم وكانت مسوغات الحكم بوقف تنفيذ العقوبة من الأمور الموضوعية التي تدخل في سلطة محكمة الموضوع فإنه يتعين أيضاً أن يكون النقض مقروناً بالإعادة لمحاكمة الطاعن من جديد على ضوء أحكام القانون رقم 38 لسنة 1994.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1 - بصفته رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات الخاضعة للقانون رقم 43 لسنة 1974 قام بالإنفاق من خلال وسائل وأدوات دفع غير مقبولة على غير الشروط والأوضاع المقررة لقانون التعامل بالنقد الأجنبي على النحو المبين بالأوراق. 2 - بصفته السابقة قام بتسوية معاملاته بالنقد المصري في غير الحدود التي تسمح لها تعليمات الرقابة على النقد. 3 - بصفته السابقة قام بتغطية مصروفاته بالجنيه المصري عن طريق حساب التشغيل. وطلبت عقابه بالمادتين 8، 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 67 لسنة 1990 والمادة 44 من لائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 366 لسنة 1976 والمادة 57 من القانون رقم 43 لسنة 1974 والمادتين 91، 96 من لائحته التنفيذية. ومحكمة جنح الشئون المالية بالقاهرة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم خمسمائة جنيه عن كل تهمة وإلزامه بغرامة إضافية تعادل مبلغ 104654.39 دولار أمريكي، 554576.18 فرنك فرنسي. استأنف ومحكمة جنوب القاهرة بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت الأستاذة/ .... المحامية عن الأستاذ/ .... المحامي في هذا الحكم بطريق النقض بصفته وكيلاً عن الطاعن.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه - بصفته رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات الخاضعة للقانون رقم 43 لسنة 1974 - بجرائم الإنفاق بوسائل دفع غير مقبولة وبتسوية معاملاته بالنقد المصري وتغطية مصروفاته بالجنيه المصري على خلاف الأوضاع المقررة قانوناً، قد شابه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن رد على دفعه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة عما نسب إليه من جرائم في عامي 1982، 1983 بما لا يصلح رداً، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وأطرحه في قوله ".... وكان الثابت من الأوراق أن الهيئة العامة للاستثمار أبلغت الشركة المذكورة خلال عامي 1985، 1986 بعدم قيامها بتصحيح المخالفات المنسوبة إليها وهو يعد تاريخ وقوع هذه الجريمة في تاريخ المطالبة بتصحيح المخالفة وليس من تاريخ وقوعها فلا محل بعد ذلك لدفعه أيضاً". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى بالتقادم هو من الدفوع الجوهرية المتعلقة بالنظام العام مما يجوز إبداؤه لدى محكمة الموضوع في أي وقت وبأي وجه وعليها أن ترد عليه رداً كافياً سائغاً وإلا كان حكمها معيباً، وكانت القاعدة العامة في سقوط الحق في إقامة الدعوى الجنائية هي أن يكون مبدأ هذا السقوط من تاريخ وقوع الجريمة دون أن يؤثر في ذلك جهل المجني عليه بوقوعها. وكانت جرائم النقد وقتية تقع وتنتهي بمجرد وقوع الفعل المخالف للأوضاع المقررة بقانون التعامل بالنقد الأجنبي. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ اعتبر تاريخ مطالبة الجهة الإدارية الطاعن بتصحيح المخالفات المنسوب إليه ارتكابها هو تاريخ وقوع الجريمة في حين أن الواقعة التي أقام الطاعن دفعه بانقضائها تمت في سنتي 1982، 1983 ولم تتم مطالبته بتصحيحها إلا في سنة 1987 وهو التاريخ الذي بنى الطاعن دفعه بانقضاء الدعوى الجنائية على أساسه. فإن الحكم المطعون فيه وقد اعتنق أسباب الحكم الابتدائي يكون فضلاً عن فساده في الاستدلال قد أخل بحق الطاعن في الدفاع بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة وذلك بغير حاجة لبحث سائر أوجه الطعن. هذا فضلاً عن أن القانون رقم 38 لسنة 1994 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي الذي صدر بتاريخ 15 من مايو سنة 1994 - بعد الحكم المطعون فيه - وعمل به في الثالث من يونيه سنة 1994 قد ألغى القانون رقم 97 لسنة 1976 وأنه يعد أصلح للطاعن في حكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات لما اشتملت عليه أحكامه من إجازة وقف تنفيذ عقوبة الغرامة المقضى بها عليه وهو ما لم يكن جائزاً من قبل في ظل القانون القديم، ولما كانت الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الفصل فيه بحكم بات قانون أصلح للمتهم وكانت مسوغات الحكم بوقف تنفيذ العقوبة من الأمور الموضوعية التي تدخل في سلطة محكمة الموضوع فإنه يتعين أيضاً أن يكون النقض مقروناً بالإعادة لمحاكمة الطاعن من جديد على ضوء أحكام القانون رقم 38 لسنة 1994 سالف الذكر.