مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1963 إلى آخر يناير 1964) - صـ 80

(10)
جلسة 23 من نوفمبر سنة 1963

برئاسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي وكيل المجلس وعضوية السادة/ مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 971 لسنة 7 القضائية

استيراد وتصدير - القيد في سجل المستوردين وسجل المصدرين - يلزم له توافر الشروط المنصوص عليها في القانونين رقمي 201، 203 لسنة 1959 ولائحتيهما التنفيذيتين الصادرتين بالقرارين الوزاريين رقمي 724 و725 لسنة 1959 - اشتراط هاتين اللائحتين في كل شريك متضامن أن يكون متمتعاً بسمعة تجارية حسنة ولم يسيء إلى مصالح الدولة الاقتصادية - المقصود بعبارة "كل شريك متضامن" - هي عبارة عامة تشمل شركات التضامن وكل شريك متضامن في شركات التوصية بنوعيها التي ورد ذكرها في صدر النص.
نصت المادة 2 فقرة ب "4" من القرار الوزاري رقم 724 لسنة 1959 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 201 لسنة 1959 بإنشاء سجل المستوردين على أن "يجب أن تتوافر فيمن يقيد بهذا السجل من الفئات المنصوص عليها بالفقرة "جـ" من المادة الثانية من القانون المذكور الشروط الآتية:.... "ب" فيما يتعلق بشركات التضامن والتوصية بنوعيها والشركات ذات المسئولية المحدودة.... "4" أن يكون كل شريك متضامن وكل شريك في الشركات ذات المسئولية المحدودة متمتعاً بسمعة تجارية حسنة ولم يسيء إلى مصالح الدولة الاقتصادية..." ونصت المادة 25 فقرة ب "4" من القرار الوزاري رقم 325 لسنة 1959 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 203 لسنة 1959 في شأن التصدير على أنه يجب أن تتوافر فيمن يقيد بهذا السجل من الفئات المنصوص عليها بالبند 3 من المادة 8 من القانون المشار إليه الشروط الآتية.... "ب" بالنسبة لشركات التضامن والتوصية بنوعيها وذات المسئولية المحدودة... "4" أن يكون كل شريك متضامن وكل شريك في الشركة ذات المسئولية المحدودة متمتعاً بسمعة تجارية حسنة ولم يسيء إلى مصالح الدولة الاقتصادية.
ويبدو واضحاً من هذين النصين أن عبارة "كل شريك متضامن" قد وردت مطلقة ولم تخصص لشركات التضامن، ومن ثم فقد لزم أن تمثل كل شريك متضامن في شركات التوصية بنوعيها التي ورد ذكرها في صدر النص، ولما كان لا جدال في أن الشركة التي يمثلها المدعي هي شركة توصية بالأسهم، وأن المدعي شريك متضامن فيها، فإنه يبدو واضحاً أنه يشترط لقيد الشركة المذكورة في سجل المستوردين وفي سجل المصدرين أن يكون المدعي متمتعاً بسمعة تجارية حسنة ولم يسيء إلى مصالح الدولة الاقتصادية.


إجراءات الطعن

في 15 من مارس سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة بالنيابة عن السيد وزير الاقتصاد تقرير طعن في الحكم الصادر بجلسة 17 من يناير سنة 1961 من محكمة القضاء الإداري في طلبي وقف التنفيذ المقدمين في الدعويين رقمي 1313، 1314 لسنة 14 القضائية المقامتين من السيد/ رشيد شلتون بصفته مديراً لشركة شلتون وشركاه ضد السادة وزير الاقتصاد ومدير الإدارة العامة للتصدير وتصريف الحاصلات ومدير الإدارة العامة للاستيراد والذي يقضي بوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من وقف التنفيذ ورفض هذا الطلب مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون عليه في 5 من يونيه سنة 1963 وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 27 من إبريل سنة 1963 وأبلغ الطرفان في 29 من مارس سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا وعين لنظره أمامها جلسة 22 من يونيه سنة 1963. وأبلغ الطرفان في 15 من مايو سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة. وفيها أجل نظر الطعن إلى جلسة 12 من أكتوبر سنة 1963 وفيها قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي بصفته أقام الدعويين رقمي 1313، 1314 لسنة 14 القضائية ضد السادة وزير الاقتصاد ومدير الإدارة العامة للتصدير ومدير الإدارة العامة للاستيراد بصحيفتين أودعهما سكرتيرية محكمة القضاء الإداري بتاريخ 30 من يوليه سنة 1960 وطلب بالدعوى الأولى الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بإيقاف تنفيذ قرار عدم قيد الشركة المصرية للتجارة الدولية التي يمثلها في سجل المصدرين ثانياً: في الموضوع بإلغاء هذا القرار وقيد الشركة في هذا السجل - ثالثاً: إلزام الحكومة بأن تدفع للمدعية مبلغ مائتي ألف جنيه تعويضاً لها عن الخسائر التي لحقتها بسبب تصرف وزارة الاقتصاد (الإدارة العامة للتصدير وتصريف الحاصلات) وطلب في الدعوى الثانية الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بإيقاف قرار عدم قيد الشركة المذكورة في سجل المستوردين.
ثانياًَ: في الموضوع بإلغاء هذا القرار الذي قضى بمنع قيد الشركة المشار إليها في سجل المستوردين وقيدها في هذا السجل. وبجلسة 22 من نوفمبر سنة 1960 قررت محكمة القضاء الإداري ضم الدعوى الثانية إلى الدعوى الأولى للارتباط.
ومن حيث إن المدعي بصفته قال في صحيفتي الدعويين إن الشركة سالفة الذكر طلبت قيدها في سجل المصدرين وفي سجل المستوردين وهي قد استوفت شرائط القانونين رقمي 201، 203 لسنة 1959 ولائحتيهما التنفيذيتين رقمي 724، 725 لسنة 1959، ولكن الإدارة العامة للتصدير وتصريف الحاصلات والإدارة العامة للاستيراد ومن بعدهما وزارة الاقتصاد امتنعت عن اتخاذ قرار قيد الشركة بسجل المصدرين وبسجل المستوردين وكان عليها أن تقوم بذلك وفقاً للوائح والقوانين وقد سبب هذا الامتناع للشركة أضراراً جسيمة وخسارة مالية فادحة.
ومن حيث إن الحكومة ردت على الدعويين بأن من بين الشروط القانونية الواجب توافرها في المصدرين والمستوردين أن يتمتعوا بسمعة تجارية حسنة وألا يسيئوا إلى مصالح الدولية الاقتصادية وترك المشرع للجهة الإدارية المختصة تطبيق هذه الشروط القانونية متوخياً في ذلك المصلحة العليا للبلاد ومضت الحكومة تقول إن قراري عدم القيد بنيا على ما ثبت لدى وزارة الاقتصاد من أن المدعي قد أضر بمصالح البلاد الاقتصادية وأساء إلى مصالحها وأن هذا أوضح من المسلك الذي سلكه إزاء شركة النصر التي عهد إليها بتصدير أربعين ألف طن من الأرز إلى أسواق غرب إفريقيا فيما عدا المستعمرات الفرنسية دون الشركة التي يمثلها المدعي. فقد عرقل جهود شركة النصر في إتمام الصفقة مما أضر بمصالح البلاد الاقتصادية ضرراً بليغاً. وكانت هذه الصفقة قد امتدت لشركة النصر لعدم التلاعب بعد ما ثبت أن هناك مؤسسة يهودية هي التي كلفت الشركة التي يمثلها المدعي بعرض هذه الصفقة على المصدرين.
ومن حيث إنه بجلسة 17 من يناير سنة 1961 قضت محكمة القضاء الإداري بوقف القرارين المطعون فيهما وأقامت قضاءها على أن اللائحة التنفيذية للقانونين رقمي 1، 2، 203 لسنة 1959 الصادر بهما قراري وزير الاقتصاد رقمي 724، 725 لسنة 1959 لم تشترط توافر السمعة التجارية الحسنة إلا بالنسبة للأفراد والشركاء المتضامنين في شركات التضامن والشركاء في الشركات ذات المسئولية المحدودة. أما شركات التوصية بالأسهم ومنها الشركة التي يمثلها المدعي فإنها لم تستلزم فيها مثل هذا الشرط لأنها في حقيقة الواقع ليست إلا شركات أموال وليست شركات أشخاص فإذا كان مديرها لا يتمتع بسمعة تجارية حسنة وأساء إلى مصالح البلاد الاقتصادية وبذلك فقد شرطاً من الشروط اللازمة لقيده هو بالسجل إلا أن ذلك لا يمس حق الشركة في القيد بالسجل إذ لا يجوز حرمانها من القيد وشل نشاطها نتيجة لمسلك مديرها وهي ذات شخصية مستقلة عن شخص المدير الذي يجوز عزله عند الاقتضاء. وهذا فضلاً عن أن ما نسبته الحكومة إلى المدعي ليس إلا قولاً مرسلاً لا يقوم على وقائع محدودة. والظاهر من الأوراق أن السبب الرئيسي لفشل الصفقة هو أن أسعار الأرز في الأسواق الخارجية كانت أقل بكثير عن السعر الذي كانت تريد شركة النصر بيع الصفقة به إلى العميل الذي فضل أن يشتري الأرز من أسبانيا بسعر أقل.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدعي شريك متضامن في شركة التوصية بالأسهم التي يمثلها وطالما أنه شريك متضامن فإن القانون ينص على ضرورة أن يكون هذا الشريك متمتعاً بسمعة تجارية حسنة ولم يسيء إلى مصالح الدولة الاقتصادية فإذا انتفى هذا الشرط من الشريك المتضامن فلا يمكن قيد الشركة في سجل المصدرين أو المستوردين وعلى أن الحكومة قد قدمت المحاضر الرسمية التي ذكر فيها المسئولون التصرف الذي ارتكبه المدعي في عرقلة تصدير صفقة الأرز بوساطة شركة النصر وعززت ذلك بالخطابات الصادرة من المدعي نفسه للوزارة والتي تدل دلالة واضحة على سوء نيته إزاء تصدير الصفقة المذكورة.
ومن حيث إن المادة 2 فقرة ب "4" من القرار الوزاري رقم 724 لسنة 1959 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 201 لسنة 1959 بإنشاء سجل المستوردين نصت على أن "يجب أن تتوافر فيمن يقيد بهذا السجل من الفئات المنصوص عليها بالفقرة "جـ" من المادة الثانية من القانون المذكور الشروط الآتية:... "ب" فيما يتعلق بشركات التضامن والتوصية بنوعيها والشركات ذات المسئولية المحدودة... 4 - أن يكون كل شريك متضامن وكل شريك في الشركات ذات المسئولية المحدودة متمتعاً بسمعة تجارية حسنة ولم يسيء إلى مصالح الدولة الاقتصادية.. "ونصت المادة 25 فقرة ب "4" من القرار الوزاري رقم 325 لسنة 1959 باللائحة التنفيذية للقانون رقم 203 لسنة 1959 في شأن التصدير على أنه يجب أن تتوافر فيمن يقيد بهذا السجل من الفئات المنصوص عليها بالبند 3 من المادة 8 من القانون المشار إليه الشروط الآتية... "ب" بالنسبة لشركات التضامن والتوصية بنوعيها وذات المسئولية المحدودة... 4 - أن يكون كل شريك متضامن وكل شريك في الشركة ذات المسئولية المحدودة متمتعاً بسمعة تجارية حسنة ولم يسيء إلى مصالح الدولة الاقتصادية.
ومن حيث إنه واضحاً من هذين النصين أن عبارة "كل شريك متضامن" قد وردت مطلقة ولم تخصص لشركات التضامن، ومن ثم فقد لزم أن تشمل كل شريك متضامن في شركات التوصية بنوعيها التي ورد ذكرها في صدر النص، ولما كان لا جدال في أن الشركة التي يمثلها المدعي هي شركة توصية بالأسهم، وأن المدعي شريك متضامن فيها، فإنه يبدو واضحاً أنه يشترط لقيد الشركة المذكورة في سجل المستوردين وفي سجل المصدرين أن يكون المدعي متمتعاً بسمعة تجارية حسنة ولم يسيء إلى مصالح الدولة الاقتصادية.
ومن حيث إن رقابة القضاء الإداري لصحة الحالة الواقعية أو القانونية التي تكون ركن السبب في القرار الإداري تجد حدها الطبيعي في التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار في هذا الشأن مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانوناً فإذا كانت منتزعة من غير أصول موجودة أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها مادياً لا ينتج النتيجة التي يتطلبها القانون كان القرار فاقداً لركن من أركانه هو ركن السبب ووقع مخالفاً للقانون. أما إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانوناً فقد قام القرار على سببه وكان مطابقاً للقانون.
ومن حيث إنه يبين بحسب الظاهر وبغير مساس بأصول النزاع من الاطلاع على الأوراق أن الوقعة التي قام عليها القراران الإداريان برفض قيد الشركة التي يمثلها المدعي في سجل المستوردين وفي سجل المصدرين من أنه عمل على تضييع صفقة تصدير أربعين ألف طن من الأرز إلى أسواق غرب إفريقيا ما عدا المستعمرات الفرنسية عندما أسند مكتب تسويق الأرز إلى شركة النصر إجراء هذه الصفقة مما أدى إلى ضياع مبالغ طائلة على الدولة فأساء إلى مصالح الدولة الاقتصادية، هذه الواقعة يبدو أنها مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانوناً. إذ البادي من الأوراق أن الشركة المشترية في سويسرا "شركة موديتكس" قد رفضت أن تتعاقد مع شركة النصر على الرغم من أن مدير شركة النصر قد سافر إلى سويسرا لإبرام العقد قبل أن تتدهور أسعار الأرز وقبل أن تعلن شركة بوديتكس أنها عدلت عن الصفقة، وفي ذات الوقت أبرقت شركة بوديتكس إلى المدعي تؤكد له أنها لن تتفاوض مع أحد غيره في هذه الصفقة.
ومن حيث إنه يبين من كل ما تقدم أن القرارين المطعون فيهما - بحسب الظاهر من الأوراق وبغير مساس بأصل النزاع قد قاما على سببهما وطابقا القانون، ومن ثم فإنه يبين أن طلبي وقف التنفيذ في الدعويين رقمي 1313، 1314 لسنة 14 القضائية لا يقومان على أسباب جدية وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض طلبي الوقف التنفيذ وإلزام المدعي بصفته بالمصروفات الخاصة بهذين الطلبين.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلبي وقف التنفيذ، وألزمت المدعي بصفته بالمصروفات الخاصة بهذين الطلبين.