مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1963 إلى آخر يناير 1964) - صـ 86

(11)
جلسة 23 من نوفمبر 1963

برئاسة السيد/ مصطفى كامل إسماعيل وكيل المجلس وعضوية السادة/ الدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور ومحمد عبد العزيز البرادعي ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 1063 لسنة 7 القضائية.

( أ ) قضاء إداري - إجراءات التقاضي - تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في قانون تنظيم مجلس الدولة، ثم أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص في هذا القانون إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي بمجلس الدولة - امتناع القياس بين أحكام المرافعات المدنية والإجراءات في القضاء الإداري - أساس ذلك: هو وجود الفارق بين إجراءات القضاء بين المدني والإداري، إما من النص، أو من اختلاف كل منهما اختلافاً مرده أساساً إلى تغاير نشاط المحاكم أو إلى التباين في طبيعة الروابط التي تنشأ فيما بين الأفراد والإدارة في مجالات القانون العام، وتلك التي تنشأ فيما بين الإفراد في مجالات القانون الخاص - تفصيل ذلك في ضوء طبيعة المنازعة الإدارية وما يترتب على هذه الطبيعة من آثار.
(ب) قضاء إداري - دعوى التزوير الفرعية في المنازعات الإدارية - للمحكمة تحقيق الادعاء بالتزوير أمامها - أساس ذلك هو أن الادعاء بالتزوير لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع في ذات موضوع الدعوى، والسير في تحقيقه من قبيل المضي في إجراءات الخصومة الأصلية - تحقيق التزوير أمام القاضي الإداري يكون بالإجراءات والأوضاع المنصوص عليها في قانون المرافعات - أساس ذلك.
1) تقضي المادة 3 من قانون إصدار قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة بأن "تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وتطبق أحكام قانون المرافعات وقانون أصول المحاكمات فيما لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي ومفاد ذلك أن هذه المادة جعلت الأصل هو وجوب تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في قانون تنظيم مجلس الدولة، على أن تطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص في القانون المشار إليه.
ومن حيث إن قانون مجلس الدولة قد أفرد فصلاً خاصاً للإجراءات ورد فيه تحت عنوان موحد ما قدره لازماً لسير الدعاوى الإدارية مراعياً فيما قرره من أحكام في هذا الشأن التبسيط والسرعة في الإجراءات ومنع التعقيد والإطالة والبعد بالمنازعة الإدارية عن لدد الخصومة الفردية وتهيئة الوسائل لتمحيص القضايا تمحيصاً دقيقاً ولتأصيل الأحكام تأصيلاً يربط بين شتاتها ربطاً محكماً بعيداً عن التناقص والتعارض متجهاً نحو الثبات والاستقرار متكيفاً مع مقتضى الخصائص المميزة لمنازعات القانون الإداري مستهدياً بالتباين بين طبيعة الروابط التي تنشأ فيما بين الإدارة والأفراد في مجالات القانون العام وتلك التي تنشأ فيما بين الأفراد في مجالات القانون الخاص.
ومن حيث إنه إمعاناً من المشرع في تقدير هذه الخصائص المميزة قد استشعر ضرورة التشريع بما تستلزمه الروابط الإدارية من وضع قانون متكامل للإجراءات التي تتسق مع تنظيم القضاء الإداري وهو ما نبه إليه في ختام المادة 3 سالفة الذكر فيما تقضي به من الإحالة على قواعد المرافعات في شأن ما لم يرد فيه نص خاص وذلك فقط بصفة مؤقتة إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي لمجلس الدولة.
ومن حيث إن القضاء الإداري يتميز بأنه ليس مجرد قضاء تطبيقي كالقضاء المدني بل هو في الأغلب والأعم قضاء إنشائي يبتدع الحلول المناسبة للروابط القانونية التي تنشأ بين الإدارة في تسييرها للمرافق العامة وبين الأفراد وهي روابط تختلف بطبيعتها عن روابط القانون الخاص، فمن ثم تكون للقضاء الإداري نظرياته التي يستقل بها في هذا الشأن فيرسي قواعد القانون الإداري باعتباره نظاماً قانونياً متكاملاً فلا يأخذ من أحكام القانون الخاص إلا لضرورة وبقدر وحيث لا يكون في القاعدة المستوردة أي افتئات على كيان القانون الإداري أو استقلاله - وبالمثل يسير القضاء الإداري على هذا المنهاج في مجال الإجراءات اللازمة لسير الدعوى والطعن في الأحكام فيؤكد امتناع القياس بين أحكام المرافعات والإجراءات في القضاء الإداري لوجود الفارق بين إجراءات القضاء الإداري وإجراءات القضاء المدني، إما من النص وإما من اختلاف طبيعة كل منهما اختلافاً مرده أساساً إلى تغاير نشاط المحاكم أو إلى التباين بين طبيعة الروابط التي تنشأ فيما بين الإدارة والأفراد في مجالات القانون العام: وتلك التي تنشأ فيما بين الأفراد في مجالات القانون الخاص.
ومن حيث إنه إذا كان أمر الخلاف الذي يرجع بسببه إلى نصوص التشريع لا يثير جدلاً، فإن الخلاف الذي مرده إلى اختلاف نشاط المحاكم وإلى تباين روابط القانون العام وروابط القانون الخاص يستأهل معرفة أن عناصر الخلاف مرجعها إلى أن روابط القانون الخاص وإن تمثلت في خصومة شخصية بين أفراد عاديين تتصارع حقوقهم الذاتية فإن روابط القانون العام إنما تتمثل على خلاف ذلك في نوع من الخصومة العينية أو الموضوعية مردها إلى قاعدة الشرعية ومبدأ سيادة القانون متجردة من لدد الخصومة الشخصية التي تهيمن على منازعات القانون الخاص، ونتيجة لذلك استقر الوضع على أن الدعوى القائمة على روابط القانون العام يملكها القاضي فهو الذي يوجهها ويكلف الخصوم فيها بما يراه لازماً لاستيفاء تحضيرها وتحقيقها وتهيئتها للفصل فيها، ثم هي أخيراً تتصل باستقرار حكم القانون في علاقات الأفراد مع الهيئات العامة مما يلزم تأكيداً للصالح العام تيسير أمرها على ذوي الشأن.
ومن حيث إن المشرع قد ردد هذه الاعتبارات فيما استهدفه بالقانون رقم 165 لسنة 1955 ثم بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة من محاولة رعاية الخصائص المميزة للمنازعات الإدارية وما تقتضيه من تنظيم خاص لقواعد الإجراءات سداها التبسيط ولحمتها منع التعقيد أو الإطالة. فالدعوى وهي ليست محل حق للخصوم، إنما يملكها القاضي كما سلف البيان فهو الذي يسيرها ويوجهها ويطلب ما يراه لازماً لتحضيرها واستيفائها وتهيئتها للفصل وقد ناط المشرع هيئة مفوضي الدولة بأغراض شتى منها تجريد المنازعات الإدارية من لدد الخصومات الفردية باعتبار أن الإدارة خصم شريف لا يبغي إلا معاملة الناس جميعاً طبقاً للقانون على حد سواء ومنها معاونة القضاء الإداري من ناحيتين، إحداهما أن ترفع عن عاتق القضاة الإداريين مستشارين وغيرهم عبء تحضير القضايا وتهيئها للمرافعة حتى يتفرغوا للفصل، والأخرى تقديم معاونة فنية ممتازة تساعد على تمحيص القضايا تمحيصاً يضيء ما أظلم من جوانبها ويجلو ما غمض من دقائقها برأي تتمثل فيه الحيدة لصالح القانون وحده.
ومن حيث إن المشرع قد أكد بهذا الاتجاه أن المنازعة الإدارية ليست ملكاً لذي الشأن فيها بقدر ما هي ملك للمحكمة، وهيئة المفوضين جزء منها تجري في سبيل إنهائها على مقتضى سلطات لا يعترف بها - بحسب الأصل العام لقضاة المحاكم العادية في خصوص روابط القانون الخاص فالمنازعة الإدارية أمانة في يد القاضي يشرف عليها وعلى سيرها وتحضيرها باعتبارها خصومة عينية تهدف إلى إنزال قاعدة الشرعية على تصرفات الهيئات العامة.
2) إن قوام المنازعة الإدارية ما يودعه أطرافها بها من مستندات وقد يعترض أحد الخصوم على قيمة ما يقدمه خصمه من هذه المستندات وذلك كوجه من أوجه دفاعه الموضوعية ويصفها بأنها مزورة ويؤكد اعتراضه بالادعاء بالتزوير.
ومن حيث إن الأحكام المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة لم تنظم الإجراءات التي تتبع في هذه الحالة كتلك الإجراءات التي تضمنها قانون المرافعات في الباب الخاص بالادعاء بالتزوير في المادة 28 وما بعدها ولما كان القضاء الإداري، فيما لم يرد فيه نص في قانونه يستوفي أحكام الإجراءات من قانون المرافعات، إعمالاً لنص المادة 3 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة في نطاق ما سبق إيضاحه وبمراعاة الاعتبارات السالف بيانها.
ومن حيث إن الادعاء بالتزوير لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع في ذات موضوع الدعوى فالسير في تحقيقه لا يكون إلا من قبيل المضي في إجراءات الخصومة الأصلية شأنه في ذلك شأن أية منازعة عارضة كدفع مانع من قبول الدعوى أو كأية منازعة في واقعة من وقائعها يحتاج إثباتها إلى تحقيق ويتوقف عليها الحكم وكلما كان الادعاء بالتزوير منتجاً في أصل النزاع فلا يتصور إمكان الحكم في الدعوى قبل الفصل في أمر التزوير.
ومن حيث إن المبرر لعقد مطلب خاص بالإدعاء بالتزوير في قانون المرافعات هو الاعتراف لبعض الأوراق بحجية خاصة لا يكفي لدفعها مجرد إنكار الورقة إلا أن رعاية هذه الحجية لا تقتضي تعطيل الدعوى ولا غل يد قاضيها بترك تسيير إجراءات التحقيق والعودة إلى الموضوع لمشيئة الخصوم فتضمن القانون أوضاعاً تكفل أن لا يقدم على الادعاء بالتزوير إلا خصم جاد مثابر مستعد للإثبات وهذه كلها من خصائص القضاء الإداري الذي يهيمن على الدعوى ولا يتركها لمشيئة الخصوم إذ أوجب الشارع أن يقدم الادعاء بالتزوير بتقرير في قلم الكتاب، تحدد فيه مواضع التزوير كلها، فإن خلا من هذا التحديد كان باطلاً. كما أوجب على مدعي التزوير أن يعلن خصمه في الثمانية الأيام التالية للتقرير بمذكرة يبين فيها شواهد التزوير وإجراءات التحقيق التي يريد إثباته بها وإلا جاز الحكم بسقوط إدعائه، ومتى حصلت المرافعة على أساس المذكرة المبينة بها شواهد التزوير نظرت المحكمة فيما إذا كان الادعاء بالتزوير منتجاً في النزاع فإن وجدته منتجاً ولم تجد في وقائع الدعوى وأوراقها ما يكفيها في تكوين اقتناعها بصحة الورقة أو تزويرها ورأت أنه لا بد لذلك من إجراء التحقيق الذي طلبه مدعي التزوير في مذكرته أمرت بالتحقيق وكان عليها أن تبين في حكمها الصادر بالتحقيق الوقائع التي قبلت تحقيقها والإجراءات التي رأت إثباتها بها، ويترتب على صدور الحكم بالتحقيق في الادعاء بالتزوير إيقاف صلاحية الورقة للتنفيذ إذ أن المحكمة لا تحكم بالتحقيق إلا إذا كان الادعاء بالتزوير منتجاً ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدة المحكمة في شأن صحة الورقة أو تزويرها وإلا إذا رأت أن إجراء التحقيق نفسه منتجاً وجائزاً كما أن هناك الغرامة التي فرضها القانون وقدرها خمسة وعشرون جنيهاً وأوجب الحكم بها كعقوبة حتمية لا مناص منها على مدعي التزوير إذا حكم بسقوط حقه في ادعائه أو برفضه فضلاً عن أن الدعوى لا توقف لسبب الادعاء بالتزوير وكل أولئك يجرد الادعاء بالتزوير من لدد الخصومة الشخصية ويملك الدعوى للقاضي يوجهها ويكلف الخصوم فيها بما يراه لازماً لاستيفاء تحضيرها وتحقيقها وتهيئتها للفصل فيها الأمر الذي يبيح للقضاء الإداري أن يستوحي إجراءات الادعاء بالتزوير المنصوص عليها في قانون المرافعات وأن يسير على مقتضاها لأن هذا المقتضى يهدف إلى التثبت من صحة جميع الأوراق والمستندات المقدمة في الدعوى ولا يتعارض مع المبادئ العامة للإجراءات الإدارية ويتفق مع ما تضمنته المادة 3 من قانون إصدار مجلس الدولة التي تجيز للقضاء الإداري أن يطبق أحكام إجراءات قانون المرافعات عندما لا يكون هناك نص صريح في قانونه.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس 6 من إبريل سنة 1961 أودع السيد الأستاذ رئيس هيئة مفوضي الدولة، سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل بجلسة 7 من فبراير سنة 1961 في القضية المقيدة برقم 265 لسنة 6 القضائية المقامة من محمد عبد الغني حسين ضد وزارة العدل والقاضي برفض ادعاء المدعي بالتزوير وإلزامه بغرامة قدرها خمسة وعشرون جنيهاً - وإحالة الدعوى إلى السيد مفوض الدولة لتقديم تقرير بالرأي القانوني في موضوعها - وأبقت الفصل في المصاريف لحين الفصل في موضوع الدعوى وطلبت هيئة مفوضي الدولة للأسباب التي استندت إليها في طعنها، القضاء بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص المحكمة الإدارية بنظر دعوى التزوير الفرعية وقد أعلن الطعن لوزارة العدل في 18 من إبريل سنة 1961 وللمدعي بواسطة النيابة، في 11 من مايو سنة 1961. وتحدد لنظر الطعن جلسة 25 من مايو سنة 1963 أمام دائرة فحص الطعون وأبلغت الحكومة والمدعي في 11 من إبريل سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وتحدد لذلك جلسة 19 من أكتوبر سنة 1963 وأبلغ ذوو الشأن في 9 من يوليه سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه الموضح بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يستفاد من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 265 لسنة 6 القضائية ضد وزارة العدل بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية لرياسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل في 6 من سبتمبر سنة 1959 طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر من وزير العدل في 2 من يونيه سنة 1959 بتعيين أحمد عبد الغني حسين مأذوناً للعجوزة مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه إنه رشح لوظيفة مأذون منطقة العجوزة، بناء على طلبه في عام 1956 وأدى امتحاناً نجح في جميع مواده عدا مادة الحساب حيث حصل فيها على 12 درجة وحصل منافسة على صفر وتقدم بعد ذلك بعدة طلبات بالبريد الموصى عليه في الميعاد القانوني المنصوص عليه بلائحة المأذونين لامتحانه في مادة الحساب إلا أنه غلب على أمره بإهمال طلباته وكأن أمراً قد دبر في الخلفاء ليفوز منافسه دونه بوظيفة المأذونية فأصدرت محكمة الجيزة سراً قراراً بفتح باب الترشيح ثم قفله وفي هذه الأثناء جهزت الترتيبات فقبلت أوراق منافسه أحمد عبد الغني حسين وولده وبالرغم من أن نائب العمدة أعاد الأوراق للمحكمة وفيها يزكي ويرشح المدعي للمأذونية طبقاً للائحة، إلا أن محكمة الجيزة لم تدرجه ضمن المرشحين ولم تسمح له بدخول الامتحان في هذه المرة، وفي الوقت الذي سمحت فيه لمنافسه أحمد عبد الغني حسين بدخول الامتحان ثم صدر قرار وزير العدل بالموافقة على تعيينه مأذوناً لناحية العجوزة في 2 من يونيه سنة 1959 وينعى على القرار المطعون فيه تخلف شرط جوهري لصحته وهو ضرورة الإعلان عن شغل الوظيفة قبل التعيين فيها وأن الهدف من الإعلان تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين الراغبين في الترشيح فمن ثم يكون القرار المطعون فيه مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
ويذكر المدعي أنه قدم تظلماً من ذلك القرار لوزير العدل بتاريخ 21 من يونيه سنة 1959 قيد برقم 193 في 28 من يونيه سنة 1959 وأنه لم يتلق جواباً عن تظلمه. وأجابت الوزارة رداً على الدعوى بأن المدعي سبق أنه رشح نفسه لمأذونية العجوزة في سنة 1956 كما رشح نفسه لها كل من أحمد عبد الغني حسين وعبد الحليم مرزوق وآخرين ولم يدخل الامتحان الأول في 13 من يونيه سنة 1957 سوى هؤلاء الثلاثة فنجح عبد الحليم محمود مرزوق في جميع المواد ورسب المدعي وأخوه أحمد عبد الغني حسين في الحساب وعينت المحكمة عبد الحليم محمود مرزوق مأذوناً للعجوزة في 26 من يونيه سنة 1957 ولم تصدق الوزارة على قرار المحكمة بتعيينه لمخالفة القرار للمادة الرابعة من اللائحة، وأعيدت المادة إلى المحكمة.
وتذكر الوزارة أن المادة 11 من اللائحة تنص على أنه "لمن رسب في مادة أو أكثر أن يتقدم للامتحان فيما رسب فيه بعد مضي ستة أشهر وقبل مضي سنة - إلا إذا تقدم قبل انقضاء هذه المدة مرشح آخر فعليه أن يتقدم للامتحان في جميع المواد "ولم يتقدم المدعي ولا أحمد عبد الغني حسين اللذان رسبا في الحساب بطلب إعادة امتحانهما فيه في المدة المنصوص عليها في المادة 11 من اللائحة.
قول المدعي بأنه تقدم بعدة طلبات بالبريد الموصى عليه غير صحيح إذ ليس بين أوراق المادة طلب من المدعي، لا بإعادة امتحانه في الحساب ولا بدخوله الامتحان الجديد الذي كان محدداً له جلسة 23 من إبريل سنة 1959 وإنما يوجد طلب من أحمد عبد الغني حسين باسم رئيس محكمة الجيزة مؤرخ 29 من يوليه سنة 1957 طلب فيه إعادة امتحانه في مادة الحساب وإعادة النظر في قرار المحكمة بتعيين عبد الحليم مرزوق وتوجد صورة منه مقدمة إلى الوزارة قيدت برقم 161 ألف وطلب ثالث من أحمد عبد الغني حسين مؤرخ 5 من أكتوبر سنة 1957 قيدت برقم 232 ألف طلب فيه إعادة امتحانه في القواعد الأربع الصحيحة من مادة الحساب. ويوجد أيضاً طلب مقدم من شعبان محمد حسن مأذون الحسانية تاريخه 12 من يناير سنة 1959 طلب فيه نقله إلى مأذونية العجوزة وطلب مقدم من عبد البصير سيد أحمد مأذون بولاق مؤرخ 29 من مارس سنة 1958 طلب فيه نقله إلى مأذونية العجوزة كما يوجد طلب مؤرخ 28 من إبريل سنة 1958 مقدم من محمد أحمد عبد الغني حسين بالترشيح ولا يوجد للمدعي أي طلب بملف المادة إلا شكوى بتاريخ 15 من إبريل سنة 1959 شكا فيها من كونه قدم طلبات في الميعاد القانوني لإعادة امتحانه في الحساب ولكونه لم يتلق جواباً، كما شكا من رفض المحكمة قبول أوراق ترشيحه التي قدمها إلى المحكمة في 15 من إبريل سنة 1959 وتوجد شكوى مماثلة مؤرخة 16 من إبريل سنة 1959 وثالثة مماثلة مؤرخة 26 من إبريل سنة 1959 ورابعة مماثلة مقدمة من محاميه الأستاذ عماد الدين فهمي المحامي مؤرخة 15 من إبريل سنة 1959 وتقول الوزارة إنه يتضح من هذا البيان إن المدعي هو الذي قصر في حق نفسه إذ لم يطلب إعادة امتحانه فيما سبق أن رسب فيه في الميعاد القانوني ولم يقدم إلى المحكمة طلباً بترشيح نفسه أخيراً كما فعل المرشحون الأربعة أحمد عبد الغني حسين وشعبان محمد حسن وعبد البصير سيد أحمد ومحمد أحمد عبد الغني حسين وتذكر الوزارة أن المدعي ليس جاهلاً بظروف هذه المأذونية فباب الترشيح فيها مفتوح منذ أواخر سنة 1959 وكان أحد المرشحين فيها واشترك في الامتحان ورسب فيه وكان في وسعه أن يحافظ على حقه في تقديم طلب إعادة الامتحان أو طلب الترشيح من جديد كما فعل غيره ولكنه لم يفعل ولم يجدد صحيفة الحالة الجنائية أو شهادة حسن السير والسلوك كما تقضي بذلك المادة السابعة من اللائحة - وليس واجباً على المحكمة الإخطار بوجوب تقديم طلب لإعادة الامتحان أو الاشتراك في امتحان جديد أو بموعد فتح باب الترشيح وإنما تطلب من الجهة الإدارية التنبيه على عمدة الناحية التي بها المأذونية بالإعلان عن فتح باب الترشيح فيها وقد فعلت المحكمة إذ أبلغت محكمة امبابة الجزئية التي أبلغت بدورها إلى قسم ثان الجيزة بالكتاب رقم 76 في 31 من يناير سنة 1959 وجاء رد العمدة المؤرخ 11 من مارس سنة 1959 يفيد أن المنطقة ليس بها من يليق للممأذونية سوى أحمد عبد الغني حسن الذي عين ومحمد عبد الغني حسين المدعي غير أنه يلاحظ أن فتح باب الترشيح صدر قرار به من المحكمة بجلسة 31 من ديسمبر سنة 1958 وأخطر قسم ثان الجيزة بذلك في 31 من يناير سنة 1959 وأغلق باب الترشيح بقرار المحكمة الصادر في 11 من فبراير سنة 1959 ومن ثم تكون محكمة الجيزة قد أدت واجبها إذ أبلغت قرار فتح باب الترشيح إلى المحكمة الجزئية بعد فتحه بمدة كافية، كما أدت محكمة امبابة واجبها إذ أبلغته إلى قسم ثان الجيزة في الوقت المناسب، ومن ثم كانت الفرصة مهيأة للمدعي في ترشيح نفسه بين فتح باب الترشيح في آخر ديسمبر سنة 1958 وإغلاقه في 11 من فبراير سنة 1959 ولكنه لم يفعل كما فعل غيره من المرشحين الذين واصلوا السؤال عن المواعيد وحرصوا على أداء واجبهم نحو أنفسهم فتقدم أحمد عبد الغني حسين في 19 من يناير سنة 1959 وشعبان محمد حسين في 12 من يناير سنة 1959 ومحمد أحمد عبد الغني حسين في 18 من إبريل سنة 1958 وسبقهم عبد البصير سيد أحمد بطلبه المؤرخ 28 من مارس سنة 1958 وفاتت الفرصة المدعي بيده.
كما تستطرد الوزارة وتبدي أن قول المدعي أن محكمة الجيزة أصدرت قرار فتح الترشيح سراً ثم إغلاقه، قول غير صحيح لأن ثلاثة من المرشحين تقدموا بطلباتهم في 12، 19 من يناير سنة 1959 و18 من إبريل سنة 1958 وينقض دعوى السرية المزعومة أن المحكمة الكلية أفادت محكمة امبابة قبل آخر يناير بفتح باب الترشيح وبلغ ذلك لقسم ثان الجيزة في 31 من يناير سنة 1959 حيث أبلغه القسم بدوره إلى العمدة.
كما تقول الوزارة أن اعتراض المدعي على عدم قبوله بين المرشحين في 15 من إبريل سنة 1959 لا محل له إذ أن قرار إغلاق باب الترشيح صدر في هذه المأذونية وفي غيرها بتاريخ 11 من فبراير سنة 1959 أي قبل تقدمه في 15 من إبريل سنة 1959 بشهرين تقريباً وانتهت الوزارة إلى طلب الحكم برفض الدعوى وبإلزام المدعي بالمصروفات وأودعت الوزارة ملف المأذونية.
وعقب المدعي على رد الوزارة بمذكرة ضمنها أنه امتحن مع غيره بتاريخ 13 من يونيه سنة 1957 ونجح في جميع المواد عدا مادة الحساب إذ حصل على 12 درجة وحصل منافسه على صفر وتقدم بعدة طلبات لرئيس محكمة الجيزة الابتدائية طالباً إعادة امتحانه في مادة الحساب عملاً بحقه المشروع المنصوص عليه بالمادة 11 لائحة المأذونية الصادر بها قرار وزير العدل بتاريخ 4 يناير سنة 1955 ومن بين هذه الطلبات العديدة الطلب المؤرخ 28 من مارس سنة 1958، وقدم صورة الخطاب وإيصال رسمي موصى عليه) ويقول إن هذا الطلب في الميعاد القانوني أي بعد فوات 6 أشهر من امتحانه وقبل مضي سنة من تاريخ ذلك الامتحان، إلا أن الإدارة أهدرت حقه في إعادة امتحانه لأن الموظف المختص كان عميلاً لمنافسه وحرض على إبعاده (إبعاد المدعي) عن المأذونية.
ثم زعمت جهة الإدارة أنها فتحت باب الترشيح وأقفلته وفي طي هذا الكتمان قبلت أوراق منافسه المطعون على قرار تعيينه وكذا نجله الذي كان دخوله صورياً حتى يتم نجاح والده وأرسل الموظف المختص لجهة الإدارة (قسم البوليس) يسأل عمن يصلح للترشيح للمأذونية ورد نائب عمدة العجوزة بأن المدعي والمطعون على قرار تعيينه هما أصلح من يرشح لهذه الوظيفة، دون أن يتم النشر أو الإعلان عن شغل وظيفة مأذون العجوزة ودون أن يخطر المدعي بموعد الامتحان حيث قد سبق له طلب إعادة امتحانه في الميعاد القانوني وبذا يكون قد احتفظ لنفسه بحق دخول الامتحان ورغم أن المدعي علم بموعد الامتحان وتقدم بطلبات لرئيس محكمة الجيزة الابتدائية بقبوله مع منافسه لتأدية الامتحان إلا أن جهة الإدارة امتنعت عن قبول المدعي ولم تسمح له بدخول الامتحان برغم أنه لم يقدم طلبه في الميعاد السري للترشيح وبذا أدى المطعون على قرار تعيينه هو وابنه الامتحان دون المدعي وصدر القرار المطعون فيه مجحفاً بحق المدعي.
ويقول المدعي إن القرار المطعون فيه مشوب بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه لطلبه إعادة امتحانه في مادة الحساب بتاريخ 28 من مارس سنة 1958 بعد مضي ستة أشهر من تاريخ امتحانه الحاصل في 13 من يونيه سنة 1957، وقبل مضي سنة ويقول إنه قدم تأييداً لذلك إيصال رسمي بالبريد الموصى عليه يؤكد إرسال هذا الطلب في الميعاد القانوني طبقاً للمادة 11 من اللائحة.
ويذكر أن الوزارة لم تعقد له امتحاناً في المادة التي رسب فيها كما أنها رفضت قبوله في الامتحان الذي عقدته لهذه المأذونية في عام 1959 رغم تقدمه في الميعاد القانوني، ومن ثم يكون القرار المطعون عليه قد خالف القانون حقيقاً بالإلغاء.
والثابت أن الوزارة لم تجر الإعلان عن المأذونية حتى يحاط المدعي علماً ولم تقدم الوزارة الدليل على أنها قد أتمت الإعلان بصورة فعلية. ولن يغيب عن عدالة المحكمة أن مفاد قول الوزارة أن الإعلان المزعوم ما كان إلا مكاتبات متبادلة سراً في الخفاء بين كل من نائب العمدة وقسم البوليس والمحكمة إذ الثابت أن ثمة مكاتبات متبادلة بين الجهات دون إعلان. وإغفال جهة الإدارة طلب المدعي في دخول الامتحان لا يستند إلى مسوغ قانوني وإصدار القرار المطعون فيه إنما صدر لحماية مصلحة خاصة بالمطعون على تعيينه مما يشوب القرار بإساءة استعمال السلطة.
وقدم المدعي حافظة بها تسعة مستندات من بينها صورة من التظلم في القرار المطعون فيه مؤرخ 21 من يونيه سنة 1959 وصورة من الطلب المقدم من المدعي لرئيس محكمة الجيزة بتاريخ 28 من مارس سنة 1958 ومعه إيصال إرساله بالبريد الموصى عليه وردت الوزارة في 11 من فبراير سنة 1960 مرددة ما سبق أن ذكرته في مذكرتها الأولى وأضافت أنه على فرض وجود طلب المدعي المؤرخ في 28 من مارس سنة 1958 الذي طلب فيه إعادة امتحانه في الحساب فإن هذا الطلب أصبح غير ذي موضوع لتقدم أربعة مرشحين لهذه المأذونية، منهم الشيخ عبد البصير سيد أحمد طالب النقل من بولاق وطلبه مؤرخ 29 من مارس سنة 1958 فلا يجوز قانوناً إعادة امتحان المدعي في الحساب وحده لوجود مرشح سابق وآخر جديداً، ومن ثم يكون طلبه المزعوم غير جدير بنظر المحكمة، على فرض وجوده.
وتذكر الوزارة أنه لم يدبر الأمر في الخفاء بل كان فتح باب الترشيح في جلسة علنية بقرار المحكمة المختصة إذ صدر قرارها بفتحه في 31 من ديسمبر سنة 1958 ثم أغلق بقرار هذه المحكمة في جلسة علنية أيضاً في 11 من فبراير سنة 1959.
ولم تجر عادة المحاكم بالإعلان في الصحف أو إذاعة نشرات خاصة للإعلان عن المأذونيات الخالية وليست العلة في إخطار المراكز أو أقسام البوليس الإعلان عن فتح باب الترشيح كما ظن المدعي وإنما هو تكليف رجال الإدارة بالبحث عن ذي مؤهل علمي أزهري نهوضاً بمستوى المأذونية والمرشحون ليسوا في حاجة إلى إعلان إذ هم في العادة متربصون للمأذونية قبل أن يقع عليها نظر المحكمة.
وفي يوم الأحد: من إبريل سنة 1960 بقلم كتاب المحكمة الإدارية أودع المدعي تقريراً بالطعن بالتزوير على المستندات المقدمة من وزارة العدل وهي ثلاث طلبات: -
(الأول) عرضحال دمغة مكتوب بالمداد الأزرق محرر برسم قاضي محكمة امبابة للأحوال الشخصية وعليه توقيع يقرأ باسم أحمد عبد الغني حسين ومؤرخ 3 من نوفمبر سنة 1956 وليس عليه تأشيرات وهو يتضمن طلب تحويل أوراق أحمد عبد الغني حسين لمحكمة الجيزة الكلية للنظر في ترشيحه لأعمال مأذونية العجوزة قسم ثان الجيزة - وعلى الظهر قام المقرر بالطعن بالتزوير بالتوقيع عليه بعد إثباته أنه يطعن على هذه الورقة بالتزوير.
(الثاني) ورقة بيضاء حجم الفولسكاب عليها طابع تمغة فئة الخمسين مليماً وهي صورة كربونية مكتوبة على الآلة الكاتبة وكتب بالمداد الأسود بعاليه رئيس محكمة الجيزة الابتدائية للأحوال الشخصية ومؤرخ 29/ 7/ 1957 وعليه توقيع يقرأ باسم أحمد عبد الغني حسين وفي ذيل الورقة تأشيرة كتب بالمداد الأسود عبارة برقم 682 وهو يتضمن التماس إعادة امتحان مقدمه في مادة الحساب وإعادة النظر في قرار المحكمة الصادر بتعيين المرشح الأجنبي.
وعلى الظهر قام المقرر بالطعن بالتزوير بالتوقيع بعد إثباته أنه يطعن على هذه الورقة بالتزوير (الثالث) عرضحال دمغة مكتوبة بالمداد الأزرق برسم رئيس محكمة الجيزة الابتدائية للأحوال الشخصية وعليه توقيع يقرأ، أحمد عبد الغني حسين ومؤرخ 19/ 1/ 1959 وثابت في ذيله تأشيرة بالمداد الأزرق تقرأ "ورد في 20/ 1/ 1959" وتوقيع غير مقروء وهو يتضمن طلب دخول مقدمه الامتحان الذي سيعقد في يوم 23 إبريل سنة 1959 وعلى الظهر قام المقرر بالطعن بالتزوير بالتوقيع بعد إثباته أنه يطعن على هذه الورقة بالتزوير.
وقام سكرتير المحكمة بالتأشير على المستندات المطعون عليها والتزوير بالتوقيع عليها ثم قام بوضعها داخل مظروف وختمها بالجمع الأحمر ويختم شعار الدولة الخاص بالمحكمة وذكر أنه جارى السلطات المختصة وتوقع على التقرير بالطعن بالتزوير من سكرتير المحكمة ومن الأستاذ عماد الدين فهمي المحامي بصفته وكيلاً عن المدعي محمد عبد الغني حسين.
وفي 5 من إبريل سنة 1960 قام المدعي (مدعي التزوير) بإعلان وزارة العدل بصورة من المذكرة المتضمنة شواهد التزوير.
وضمن المدعي مذكرته بشواهد الطعن بالتزوير، أنه أقام الدعوى رقم 265 سنة 6 بصحيفة طلب فيها الحكم بإلغاء قرار وزير العدل الصادر في 2 يونيه سنة 1959 بتعيين أحمد عبد الغني حسين مأذوناً للعجوزة مع إلزام الوزارة المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقدمت الوزارة المدعى عليها ضمن المستندات المقدمة منها ثلاث طلبات للترشيح للمأذونية مكتوبة بالمداد والآلة الكاتبة وعلى كل منها توقيع باسم (أحمد عبد الغني حسين) المطعون على قرار تعيينه ومؤرخة 19 من يناير سنة 1959، 3 نوفمبر سنة 1956، 29 يوليه 1957.
شواهد التزوير:
أولاً - يتضح من مطالعة التوقيع على كل طلب من الطلبات الثلاثة محل الطعن أنه بخط يختلف كلية في كل طلب عن الآخر مما يقطع بأن كاتبها ليس واحد وأنها ليست صادرة من المنسوب إليه هذه التوقيعات.
ثانياً: من مطالعة الخط المكتوب به الطلب المؤرخ 19 يناير سنة 1959 والتوقيع الذي عليه والتأشير المثبت على ذيل هذا الطلب وتاريخ الورود بمحكمة الجيزة وتوقيع الموظف الذي أثبت هذه التأشيرة يتضح أن هذا الطلب والتوقيع عليه والتأشيرة بخط واحد ومداد واحد للموظف الذي أشر عليه وأنه ليس بخط أحمد عبد الغني حسين المنسوب إليه التوقيع.
ثالثاً: الإجراءات التي يلتمس الطاعن إثبات التزوير بها الآتي: -
1 - استكتاب أحمد عبد الغني حسين لصيغة الطلبات المحررة بالمداد والمطعون عليها ومضاهاتها.
2 - استكتاب السيد/ صلاح سالم الموظف بمحكمة الجيزة للأحوال الشخصية ومضاهات خطه على الطلب المؤرخ 19 من يناير سنة 1959.
3 - استكتاب محمد أحمد عبد الغني نجل أحمد عبد الغني حسين الذي يعمل مفتشاً بشركة أتوبيس مقار ومقيم بعزبة العجوزة القبلية قسم ثان الجيزة ومضاهاة خطه بالطلب المؤرخ 3 من نوفمبر سنة 1956.
4 - مضاهاة أوراق إجابة أحمد عبد الغني حسين في الامتحان على الطلبات المطعون عليها.
وثبوت تزوير هذه الطلبات منتج في الدعوى لأن مؤداه إبطال هذه الطلبات من أساسها ويكون ما يترتب عليه وما تلاها من إجراءات باطل بالتبعية، ومن ثم يكون القرار المطعون عليه موضوع الدعوى فاقداً سببه وسنده وأودعت الوزارة مذكرة محررة في 3 مايو سنة 1960 ضمنتها أن طعن المدعي بالتزوير غير منتج في الدعوى لأنه على فرض كتابة الطلب بخط هذا أو ذاك ممن تناولهم اتهام المدعي، لم يترتب على هذا ضرر بالمدعي، وتوافر الضرر هو العلة الوحيدة للطعن بالتزوير إذ أن الضرر الذي لحق بالمدعي يرجع إلى تقصيره في حق نفسه وإهماله في مصلحته وانتهت الوزارة إلى القول بأن الطعن بالتزوير مبنى على غير أساس من القانون وأنه يتعين رفض هذا الطعن.
وتقول الوزارة شرحاً لذلك إن التزوير المستوجب مرتكبه للعقوبة والذي تنهدم به حجية المحررات ويبطل بالتبعية ما ترتب عليها من إجراءات وقرارات هو ما توافرت فيه أركان التزوير وهي:
أ - تغيير الحقيقة في محرر بطريقة من الطرق التي نص عليها القانون.
ب - القصد الجنائي.
جـ - وقوع الضرر أو احتمال وقوعه.
ولا عقاب على الكذب في المحررات أو تغيير الحقيقة فيها ما لم يحصل ضرر للغير أو يكون الضرر محتمل الوقوع، وهذه النتيجة هي علة العقاب على التزوير - وتقول الوزارة إنها ستفرض جدلاً أن الطلبات الثلاثة المقول بتزويرها قد كتبها قوم آخرون فأي ركن من أركان التزوير موجود فيها كما تقول إنها ستفرض جدلاً أن أركان التزوير الثلاثة سودت وجهها فمن هو صاحب الولاية في الطعن على هذه الطلبات؟ هل هو من كتبت باسمه ولحسابه أو عليه؟ أم هو الشخص الذي أقام نفسه مقام المدعي العام.
لا يعد قيام شخص مقام آخر بكتابة طلب كهذه الطلبات من تغيير الحقيقة الذي يجب توافره في المحرر حتى يمكن أن يسمى مزوراً وإنما يعتبر فعل كهذا على أسوأ الفروض فضولاً مما يبيحه القانون متى أجازه من عزى إليه ورضي عن فاعله، ومن ثم ينعدم الركن الأول من أركان التزوير وهو تغيير الحقيقة - وركن القصد الجنائي منعدم بالضرورة لأن من يعين إنساناً على عمل - ولو بكتابة طلب من هذه الطلبات الثلاثة - أو كتابتها جميعاً - لا يتوافر فيه القصد الجنائي وإنما يتوافر فيه حسن القصد وحب الخير وإعانة الغير عليه وإذن لا وجود للقصد الجنائي في تحرير طلب أو أكثر.
وثالث أركان التزوير، هو الضرر، واقعاً بالفعل أو محتملاً وقوعه - والحمد لله لم يترتب على هذه الطلبات المطعون عليها ضرر بالمدعي ولا من كتبت باسمه ولحسابه.
قد يتوهم المدعي أن ضرراً لحقه بوجود هذه الطلبات لأنها كانت سبباً تمهيدياً لتمام بقية إجراءات التعيين لأخيه دونه، ولكن يبدد هذا الوهم إن كان الضرر الذي لحق بالمدعي لم يكن إلا من عمل نفسه هو حيث لم يتقدم بطلب الترشيح في الوقت المناسب بعد فتح باب الترشيح وقبل إغلاقه كما فعل ثلاثة من المرشحين هم شعبان محمد حسن وأحمد عبد الغني حسين ومحمد أحمد عبد الغني حسين ولم يجدد صحيفة الحالة الجنائية ولا شهادة حسن السير والسلوك استعداداً للاشتراك في الامتحان كما فعل غيره من المرشحين.
هذا هو الباب الذي جاءه الضرر من قبله لا من قبل الطلبات صحيحة أو ضرورة، إذ لم تكن هذه الطلبات علة رفض أوراقه التي تقدم بها إلى المحكمة بعد إغلاق باب الترشيح.
وجعل المدعي الطلبين المؤرخين 3 من نوفمبر سنة 1956، 29 من يوليه سنة 1957 من عناصر هذه المادة موضوع الدعوى، مغالطة ظاهرة إذ أن باب الترشيح لم يفتح في هذه المادة إلا في 31 من ديسمبر سنة 1958 ولا عبرة بجميع الطلبات المقدمة فيها قبل هذا التاريخ ويعتبر هذان الطلبان من متعلقات المادة السابقة التي عين فيها عبد الحليم محمود مرزوق ورسب فيها المدعي وأخوه، فيكونان قطعاً من متعلقات مادة لا صلة لها بدعوى المدعي، فالمادة السابقة التي عين فيها عبد الحليم محمود مرزوق مأذوناً للعجوزة في 13 من يونيه سنة 1957 كانت تحمل رقم 31 سنة 1956 بينما تحمل المادة الجديدة رقم 11 لسنة 1959، ومن ثم يتضح جلياً أن لا صلة لهذين الطلبين بالمادة موضوع الدعوى وبالتالي بطل استعمالها بانتهاء الفصل في المادة الأولى التي كانا يتعلقان بها ويكون احتجاج المدعي بهما احتجاجاً بسند بطل استعماله بانتهاء النظر في المادة التي كان هذان الطلبان من متعلقاتها. إذن تكون مطالبة المدعي بالمضاهاة عليهما مطالبة بما لا يستساغ ولا يجوز.
لم يبق محلاً للمضاهاة، أن توافرت فيه أركان التزوير الثلاثة، إلا الطلب المؤرخ في 19 من يناير سنة 1959 حيث قدم بعد فتح الترشيح وقبل إغلاقه وترتبت عليه آثاره.
وهذا الطلب إما أن يكون بخط أحمد عبد الغني حسين أو بخط ولده محمد أحمد عبد الغني حسين أو كما زعم المدعي، بخط صلاح سالم الموظف بمحكمة الجيزة - وقد سبق القول بأن لا عبرة بالطعن في المحرر بالتزوير ما لم تتوافر فيه أركان التزوير الثلاثة، تغيير الحقيقة والقصد الجنائي ووقوع الضرر، وليس في هذا الفعل شيء من هذه الأركان.
وتقول الوزارة إنها ستفرض تجوزاً أن هذا الطلب بخط محمد أحمد عبد الغني وهو ابن أحمد عبد الغني حسين الذي قدم الطلب باسمه ولمصلحته فإن حق الاعتراض عليه أو الطعن فيه لا يتعدى أحمد عبد الغني حسين نفسه إن كانت مصلحته في الاعتراض أو الطعن. ومن حقه الذي تبيحه الوكالة الضمنية، بين الوالد وولده أن ينيب ابنه عنه في كتابته والتوقيع عليه.
وتقول الوزارة إن الإذن يحصل بالكتابة أو بالمشافهة، كما يحصل بالرضا عن التصرف وعدم اعتراض أحمد عبد الغني عن تصرف ولده في كتابة هذا الطلب، إن كان هو الذي كبته ووقع عن أبيه باسمه، دليل على حصول هذا الإذن.
وجاء بالمادة 188 من القانون المدني، في باب الفضالة، ما نصه "الفضالة هي أن يتولى شخص عن قصد القيام بشأن عاجل لحساب شخص آخر، دون أن يكون ملزماً بذلك" وفي المادة 190 منه ما نصه "تسري قواعد الوكالة إذا أقر رب العمل ما قام به الفضولي" والقاعدة الفقهية أن الإنابة السابقة كالإجازة اللاحقة.
وتقول الوزارة إنه من ثم لا وجود للتزوير المزعوم في الطلب المؤرخ 19 من يناير سنة 1959 إذا كان محمد أحمد عبد الغني هو الذي كتبه بخطه ووقع عن أبيه فيه. والده لم يطعن على فضوله بل أثره على ما فعله - إن لم يكن هو الذي أمره بكتابته والتوقيع عليه ولا يوجب القانون على مقدم طلب كهذا أن يكتبه بيده ويوقع عليه بخطه لأنه لا يتضمن التزاماً ولا يترتب عليه مساس بحق الغير فسواء كتبه بخطه أو بالآلة الكاتبة أو أناب غيره في كتابته كتابة أو مشافهة - فهذه من حقه الذي لا تنكره عليه القوانين.
وتقول الوزارة إنه قد يفرض جدلاً أيضاً أن الطلب المؤرخ في 19 من يناير سنة 1959 بخط وإمضاء صلاح سالم وكان الفضول من جانبه غير مستساغ لوجوب وقوفه موقف الحياد من الجمهور، وتستطرد الوزارة قائلة إنه لا تغيير للحقيقة ولا يوجد قصد جنائي أو ضرر أو احتمال وقوع ضرر التي يسمى بها هذا الفعل تزويراً، ومن ثم تنتفي الحكمة من الطعن بالتزوير.
ويرد المدعي بمذكرة مؤرخة 24 من يناير سنة 1961 بأنه مما لا شك فيه أن تغيير الحقيقة في المحررات المطعون عليها بوضع إمضاءات مزورة هو تزوير بإحدى الطرق المنصوص عليها في المادة 211 من قانون العقوبات، ولا يقدح القول بانتفاء الضرر لرضاء صاحب التوقيع وأن التزوير معاقب عليه ولو وافق صاحب الإمضاء بعد تزوير إمضائه وعلى هذا فلا يشفى ما جاء من أن التزوير في المحررات المطعون عليها يبرره إقرار من زورت إمضائه فيما بعد مستنداً في ذلك إلى قواعد الفضالة في القانون المدني والقانون الإداري لا يسمح في تنظيم أعمال الوظيفة العامة بالوكالة أو الفضالة ذلك لأن المادة 73 من القانون 220 لسنة 1951 تنص بأن على الموظف أن يقوم بنفسه بالعمل المنوط به - "ومعنى هذا أنه لا تجوز الوكالة في الأعمال المتعلقة بشئون الوظيفة ولا محل للقول بأن الطعن بالتزوير غير صحيح في هذه الدعوى لأنه طالما لا يسمح لفرد بالتقدم لامتحان المأذونية وإصدار قرار تعيينه إلا إذا قدم طلباً في الميعاد القانوني، وهو بين فتح باب الترشيح وقفله، فإن الحكم ببطلان طلب المطعون على قرار تعيينه يترتب عليه اعتباره عدم وما بني على الباطل فهو باطل وبالتالي يكون القرار المطعون عليه موضوع الدعوى باطل بالتبعية وهذا كاف لاعتبار الطعن بالتزوير منتجاً في الدعوى وثمة إشارة هنا إلى أن القصد من تحرير الطلبات المطعون عليها بالتزوير، إما بخط ابن المطعون على قراره أو بمعرفة أحد موظفي المحكمة، كان المقصود منه التلاعب في امتحان المطعون على قرار تعيينه لأنه ضعيف في مادة الخط ومادة الحساب الذي سبق أن حصل على صفر في الامتحان السابق وكان دخول ابنه معه هذا الامتحان بقصد تسهيل إنجاحه ولا يعقل أن يكون الابن منافياً لأبيه وفي نفس الوقت يحرر طلباً لأبيه منافسه وهو في ذات الوقت يعمل مفتشاً بمؤسسة النقل العام بالقاهرة ويقيم مع أبيه في مسكن واحد.
ويستطرد المدعي قائلاً، لهذا تستشف عدالة المحكمة أن تغيير الحقيقة في المحررات المطعون عليها بالتزوير كان بقصد الغش وبنية الإضرار بالمصلحة العامة وبالذات في مصلحة الطالب الطاعن.
ويضيف المدعي كلمة أخيرة يقول فيها إنه سبق أن تقدم بطلب لرئيس محكمة الجيزة الابتدائية لإعادة امتحانه في الميعاد القانوني بالبريد الموصى عليه وأنه قدم الإيصال الرسمي الخاص بالبريد الذي يفيد ذلك ورغم كل هذا فإن الوزارة لم تجبه إلى طلبه وهو حق له منصوص عليه في لائحة المأذونية وبذلك فإن فتحها باب الترشيح ورفض قبول الطاعن في الامتحان أمر مخالف للقانون يجعل القرار المطعون فيه مشوباً بهذا العيب حقيقاً بالإلغاء.
وانتهى المدعي إلى التصميم على طلباته الموضحة بمذكرته وبصحيفة الدعوى.
وبجلسة 7 من فبراير سنة 1961 حكمت المحكمة "برفض ادعاء المدعي بالتزوير وإلزامه بغرامة قدرها خمسة وعشرون جنيهاً - وإحالة الدعوى إلى السيد مفوض الدولة لتقديم تقرير بالرأي القانوني في موضوعها - وأبقت الفصل في المصاريف لحين الفصل في موضوع الدعوى".
وأقامت المحكمة قضاءها على أنه يخلص من الوقائع أن المدعي يطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر من وزير العدل في 20 من يونيه سنة 1959 بتعيين أحمد عبد الغني حسين مأذوناً لمنطقة العجوزة وأسس طلبه على أنه سبق أن تقدم بالترشيح لوظيفة مأذون تلك المنطقة في عام 1956 ولما رسب في الامتحان طلب إعادة امتحانه ولكن الوزارة لم تجبه إلى طلبه - ثم تقرر فتح باب الترشيح مرة أخرى في ذات المنطقة دون اتخاذ إجراءات الإعلان عن شغل الوظيفة، وترتب على ذلك قبول أوراق منافسه المطعون في تعيينه، وأن تخلف شرط الإعلان عن الترشيح يبطل القرار المطعون فيه لمخالفته للقانون فضلاً عن صدوره مشوباً بسوء استعمال السلطة. ودفعت الوزارة الدعوى بأن المدعي تقدم للترشيح في تلك الوظيفة عام 1956 ورسب في الامتحان الذي عقد لاختيار أفضل المرشحين ولم يطلب إعادة امتحانه في الموعد المقرر في المادة 11 من لائحة المأذونين الصادرة في 4 من يناير سنة 1955 والمنشورة في 10 من يناير سنة 1955 ثم أعيد فتح باب الترشيح في ذات المنطقة بعد أن استبعدت الوزارة الناجح في الامتحان وذلك من 31 من ديسمبر سنة 1958 حتى 11 من فبراير سنة 1956 وأبلغ عمدة المنطقة للإعلان عن الترشيح غير أن المدعي قصر في حق نفسه فلم يتقدم للترشيح في الموعد المقرر.
وتقول المحكمة إن المدعي تظلم من القرار المطعون فيه في 21 من يونيه سنة 1959 وأقام هذه الدعوى في 6 من سبتمبر سنة 1959 (الذي يعتبر سكوت الإدارة خلالها عن الإجابة) أي في خلال الستين يوماً المقررة لإقامة دعوى الإلغاء بعد مضي ستين يوماً من تاريخ التظلم الذي يعتبر سكوت الإدارة خلالها عن الإجابة عن التظلم بمثابة رفض له فتكون الدعوى قد استوفت أوضاعها الشكلية المقررة قانوناً.
ولما كان المدعي قد طعن بالتزوير في المستندات التي قدمتها الوزارة على أنها مقدمة من أحمد عبد الغني حسين وذلك بتقرير أودعه قلم كتاب هذه المحكمة (المحكمة الإدارية) حدد فيه مواضع التزوير، وهذه المستندات هي عبارة عن طلب موقع عليه باسم أحمد عبد الغني حسين مؤرخ 3 من نوفمبر سنة 1956 بالتماس ترشيحه لمأذونية العجوزة - والطلب الثاني موقع عليه باسم ذات الشخص ومؤرخ 29 من يوليه سنة 1957 بالتماس إعادة امتحانه والطلب الثالث موقع عليه من نفس الشخص ومؤرخ 19 من يناير سنة 1959 بالتماس دخول الامتحان المقرر المرشحين لمأذونية المنطقة. وأفصح المدعي عن شواهد التزوير بقوله إن التوقيع على كل طلب من الطلبات الثلاثة يختلف عن الآخر وأن التوقيع الثابت على الطلب الثالث المؤرخ 19 من يناير سنة 1959 ليس لتوقيع أحمد عبد الغني حسين وإنما توقيع الموظف المختص الذي أشر عليه بتاريخ الورود، ودليل المدعي على ذلك اتحاد الخط والمداد الذي كتب به توقيع المطعون في قرار تعيينه والتأشير على الطلب وتوقيع الموظف المختص. وتذكر المحكمة أن الادعاء بالتزوير في الطلبين الأول والثاني غير منتج في خصوص هذه الدعوى لأن موضوع هذين الطلبين يخرج عن نطاق موضوعها الذي تحدد بطلب المدعي إلغاء القرار الصادر من وزير العدل في 2 من يونيه سنة 1959 بتعيين أحمد عبد الغني حسين مأذوناً لمنطقة العجوزة، فالثابت من الأوراق أن الترشيح لوظيفة المأذونية عن تلك المنطقة قد افتتح مرة في عام 1956 ومرة أخرى من 31 من ديسمبر سنة 1958 حتى 11 من فبراير سنة 1959 وأن القرار المطعون فيه منبت الصلة بإجراءات الترشيح في عام 1956 وأنه جدد نتيجة الإجراءات والترشيح في المرة الثانية. وأوضح من الطلبين الأول والثاني المطعون فيهما بالتزوير أنهما قدما في شأن الترشيح الأول ولا صلة له بموضوع هذه الدعوى.
وتقول المحكمة إن الطلب الثالث المطعون فيه بالتزوير المتصل بهذه الدعوى قد قدم في 19 من يناير سنة 1959 أي في فترة الترشيح الثاني الذي تمخضت إجراءاته عن صدور القرار المطعون فيه، فإن المدعي يطعن في هذا الطلب بالتزوير بمقولة إن التوقيع عليه ليس توقيع أحمد عبد الغني حسين وإنما توقيع شخص آخر هو الموظف المختص الذي تلقى الطلب وأشر عليه بتاريخ وروده ووقع عليه بذلك. وشاهده في التزوير أن التوقيع باسم أحمد عبد الغني حسين وتأشيرة الورود والتوقيع عليها كلها بخط واحد ومداد واحد.
وتستطرد المحكمة قائلة إن التزوير في المحررات هو تغيير الحقيقة فيها بطريقة من الطرق التي نص عليها القانون وأن يترتب على هذا التغيير ضرر، أو من شأنه أن يترتب عليه ضرر، مع توافر القصد الجنائي، ولا يتصور الضرر في جريمة التزوير في المحررات إلا إذا كان المحرر المزور قد أخل بحق أو مصلحة للغير يحميها القانون.
وتقول المحكمة إنه لا شك أن لكل من شاء أن يتقدم بطلب الترشيح للمأذونية، إذا رأى توافر الشروط القانونية في حالته. ولا يضر المدعي أو يخل بحقه أن يتقدم غيره بالترشيح ولو كان في طلبه مغايرة للحقيقة. ما دام الحق مقرراً له هو الآخر (المدعي) في طلب ترشيح نفسه. هذا ويرى الفقه أنه إذا كان الغرض من التزوير إنشاء سند لإثبات مركز قانوني حقيقي فلا يكون الفعل تزويراً معاقباً عليه. وهو ما ينطبق على الحالة المعروضة، لأن التوقيع باسم المطعون في تعيينه ولو كان قد صدر عن الغير كما يرى المدعي فلا يتصور ذلك إلا بتحويل المطعون في تعيينه مركز المرشح للوظيفة نتيجة تقديم الطلب في الموعد المقرر للترشيح، وهو مركز قانوني حقيقي ينفي عن الفعل - على فرض تغيير الحقيقة فيه بتغيير التوقيع - جريمة التزوير المعاقب عليها قانوناً.
وتقول المحكمة إنه لما تقدم يكون الطعن بالتزوير في المستندين الأوليين غير منتج في خصوص هذه الدعوى - ويكون الطعن بالتزوير في المستند الثالث غير قائم على سند سليم من القانون حسب التكييف القانوني الصحيح للفعل المرتكب على فرض صحة تصوير المدعي له وأنه يتعين لذلك الحكم برفض دعوى التزوير.
كما تذكر المحكمة أنه لما كانت المادة 288 من قانون المرافعات تقضي في حالة رفض دعوى التزوير بإلزام المدعي بغرامة خمسة وعشرون جنيهاً والغرض من تقرير هذه الغرامة مجازاة من يتسرع في الطعن وقد اندفع المدعي في ادعائه دون تبصير للفعل المرتكب على فرض صحة تصويره وما إذا كان الطعن منتجاً أو غير منتج مما يتعين معه إلزامه بالغرامة المنصوص عليها في المادة 288 من قانون المرافعات.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه يبين من مطالعة المواد 8 وما بعدها من قانون مجلس الدولة أن هذا المجلس يختص بهيئة قضاء إداري بالخصومات الإدارية التي وردت في هذه المواد على سبيل الحصر، فنخرج من اختصاص هذا القضاء المنازعات المدنية التي تنشأ بين أفراد عاديين تتصارع حقوقهم الذاتية والمنازعات التي تقع بين الأفراد والحكومة باعتبار أن الحكومة في هذه المنازعات إنما تنزل منزلة أشخاص القانون الخاص، وكذا المنازعات الإدارية التي لا تدخل بنص القانون في اختصاص المجلس.
وإذ نصت المادة الثالثة من مواد إصدار قانون مجلس الدولة بالقانون رقم 55 لسنة 1959 على أنه (تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون، وتطبق أحكام قانون المرافعات وقانون أصول المحاكمات فيما لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي).
فقد تعين متى انعقد اختصاص مجلس الدولة بنظر منازعة إدارية ما، أن يطبق قضاؤه، كأصل - الإجراءات المنصوص عليها في قانون تنظيم المجلس، وأن لا يرجع إلى قانون المرافعات المدنية والتجارية الذي وضع أصلاً لتنظيم إجراءات المنازعات المدنية والتجارية إلا فيما لم يرد فيه نص في قانون المجلس.
وغني عن البيان أن أحكام قانون المرافعات لا تطبق في المنازعات الإدارية إذا كانت تتعارض نصاً أو روحاً مع أحكام قانون مجلس الدولة، سواء في الإجراءات أو في أصول النظام القضائي.
ويستطرد الطعن إلى القول بأنه يبين من الوقائع أن المدعي أقام دعواه أمام المحكمة الإدارية في 6 من سبتمبر سنة 1959 طالباً الحكم بإلغاء القرار الوزاري الصادر بتعيين أحمد عبد الغني حسين مأذوناً للعجوزة.
وإنه وإن كانت المحكمة الإدارية تختص بنظر هذه الدعوى وأن للمدعي أن يعارض في صحة ما أودعته جهة الإدارة من أوراق كوجه من أوجه دفاعه الموضوعية ليعمل القاضي الإداري باعتباره وحده هو الذي يهيمن على الدعوى الإدارية التي تهدف إلى إنزال قاعدة الشرعية على تصرفات الهيئات العامة - تقديره في صدر هذا الاعتراض من حيث جديته وسلامته ليتولى بنفسه أو بوساطة مفوض الدولة تحقيق الاعتراض إن رأى محلاً لذلك.
إلا أن المدعي على العكس من ذلك قد سلك طريق الإجراءات الخاصة بالطعن بالتزوير الفرعي المقرر بالمواد 281 وما بعدها من قانون المرافعات المدنية والتجارية أمام المحاكم العادية.
ويقول الطعن إن قضاءنا الإداري لا يختص أصلاً بنظر دعوى التزوير الفرعية، التي يرمي به رافعها إلى أبطال ورقة ما، حتى وإن كانت هذه الورقة ذات صلة بمنازعة تدخل أصلاً في اختصاص هذا القضاء.
وإن هذا الاختصاص معقود بإجراءاته لجهة القضاء العادي فحسب.
وإنه باستظهار نصوص المواد 281 وما بعدها من قانون المرافعات المدنية في الادعاء بالتزوير يتبين فضلاً عن ذلك أن كلاً من مدعي التزوير والمدعى عليه في هذا الادعاء هما وحدهما اللذان يوجهان هذه الدعوى وأن للأخير أن ينهي إجراءات الادعاء في أية حالة كانت عليها الدعوى بنزوله عن التمسك بالورقة المطعون فيها (مادة 289) تفريعاً على أن الدعوى المدنية - بعكس الدعوى الإدارية هي ملك للخصوم يوجهونها كما شاءوا ويخلص الطعن إلى أن دعوى التزوير الفرعية لا تدخل في اختصاصات مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري كما أن إجراءاتها المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية هي إجراءات مدنية تتعارض طبيعتها مع المبادئ العامة التي تحكم رفع الدعاوى الإدارية وسيرها.
كما يقول الطعن وإذ انتهت المحكمة الإدارية بالحكم المطعون فيه إلى قبول هذه الدعوى بإجراءاتها المدنية والحكم فيها برفضها مع إلزام المدعي بغرامة خمسة وعشرين جنيهاً فإنها تكون قد خالفت القانون بالحكم في دعوى لا تختص أصلاً بنظرها، وتطبيق إجراءات تتنافر بطبيعتها مع الإجراءات الضابطة لرفع الخصومات الإدارية وسيرها وينتهي الطعن إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعها بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص المحكمة الإدارية بنظر دعوى التزوير الفرعية.
ومن حيث إن المادة 3 من قانون إصدار قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة تقضي بأن "تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وتطبق أحكام قانون المرافعات وقانون أصول المحاكمات فيما لم يرد فيه نص وذلك إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي" ومفاد ذلك أن هذه المادة جعلت الأصل هو وجوب تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في قانون تنظيم مجلس الدولة، على أن تطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص في القانون المشار إليه.
ومن حيث إن قانون مجلس الدولة قد أفرد فصلاً خاصاً للإجراءات أورد فيه تحت عنوان موحد ما قدره لازماً لسير الدعاوى الإدارية مراعياً فيما قرره من أحكام في هذا الشأن التبسيط والسرعة في الإجراءات ومنع التعقيد والإطالة والبعد بالمنازعة الإدارية عن لدد الخصومة الفردية وتهيئة الوسائل لتمحيص القضايا تمحيصاً دقيقاً ولتأصيل الأحكام تأصيلاً يربط بين شتاتها ربطاً محكماً بعيداً عن التناقض والتعارض متجهاً نحو الثبات والاستقرار متكيفاً مع مقتضى الخصائص المميزة لمنازعات القانون الإداري، مستهدياً بالتباين بين طبيعة الروابط التي تنشأ فيما بين الإدارة والأفراد في مجالات القانون العام وتلك التي تنشأ فيما بين الأفراد في مجالات القانون الخاص.
ومن حيث إنه إمعاناً من المشرع في تقدير هذه الخصائص المميزة قد استشعر ضرورة التشريع بما تستلزمه الروابط الإدارية من وضع قانون متكامل للإجراءات التي تتسق مع تنظيم القضاء الإداري وهو ما نبه إليه في ختام المادة 3 سالفة الذكر فيما تقضي به من الإحالة على قواعد المرافعات في شأن ما لم يرد فيه نص خاص وذلك فقط بصفة مؤقتة إلى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي لمجلس الدولة.
ومن حيث إن القضاء الإداري يتميز بأنه ليس مجرد قضاء تطبيقي كالقضاء المدني بل هو في الأغلب والأعم قضاء إنشائي يبتدع الحلول المناسبة للروابط القانونية التي تنشأ بين الإدارة في تسييرها للمرافق العامة وبين الأفراد وهي روابط تختلف بطبيعتها عن روابط القانون الخاص، فمن ثم تكون للقضاء الإداري نظرياته التي يستقل بها في هذا الشأن فيرسى قواعد القانون الإداري باعتباره نظاماً قانونياً متكاملاً فلا يأخذ من أحكام القانون الخاص إلا لضرورة وبقدر حيث لا يكون في القاعدة المستوردة أي افتئات على كيان القانون الإداري أو استقلاله - وبالمثل يسير القضاء الإداري على هذا المنهاج في مجال الإجراءات اللازمة لسير الدعوى والطعن في الأحكام فيؤكد امتناع القياس بين أحكام المرافعات والإجراءات في القضاء الإداري فوجود الفارق بين إجراءات القضاء الإداري وإجراءات القضاء المدني، إما من النص وإما من اختلاف طبيعة كل منهما اختلافاً مرده أساساً إلى تغاير نشاط المحاكم أو إلى التباين بين طبيعة الروابط التي تنشأ فيما بين الإدارة والأفراد في مجالات القانون العام، وتلك التي تنشأ فيما بين الأفراد في مجالات القانون الخاص.
ومن حيث إنه إذا كان أمر الخلاف الذي يرجع بسببه إلى نصوص التشريع لا يثير جدلاً، فإن الخلاف الذي مرده إلى اختلاف نشاط المحاكم وإلى تباين روابط القانون العام وروابط القانون الخاص يستأهل معرفة أن عناصر الخلاف مرجعها إلى أن روابط القانون الخاص وإن تمثلت في خصومة شخصية بين أفراد عاديين تتصارع حقوقهم الذاتية فإن روابط القانون العام إنما تتمثل على خلاف ذلك في نوع من الخصومة العينية أو الموضوعية مردها إلى قاعدة الشرعية ومبدأ سيادة القانون متجردة من لدد الخصومة الشخصية التي تهيمن على منازعات القانون الخاص، ونتيجة لذلك استقر الوضع على أن الدعوى القائمة على روابط القانون العام يملكها القاضي فهو الذي يوجهها ويكلف الخصوم فيها بما يراه لازماً لاستيفاء تحضيرها وتحقيقها وتهيئتها للفصل فيها، ثم هي أخيراً - إذ تتصل باستقرار حكم القانون في علاقات الأفراد مع الهيئات العامة، مما يلزم تأكيداً للصالح العام تيسير أمرها على ذوي الشأن.
ومن حيث إن المشرع قد ردد هذه الاعتبارات فيما استهدفه بالقانون رقم 165 لسنة 1955 ثم بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة من محاولة رعاية الخصائص المميزة للمنازعات الإدارية وما تقتضيه من تنظيم خاص لقواعد الإجراءات سداها التبسيط ولحمتها منع التعقيد أو الإطالة فالدعوى الإدارية وهي ليست محض حق للخصوم، إنما يملكها القاضي كما سلف البيان، فهو الذي يسيرها ويوجهها ويطلب ما يراه لازماً لتحضيرها واستيفائها وتهيئتها للفصل وقد ناط المشرع هيئة مفوضي الدولة بأغراض شتى منها تجريد المنازعات الإدارية من لدد الخصومات الفردية باعتبار أن الإدارة خصم شريف لا يبغي إلا معاملة الناس جميعاً طبقاً للقانون على حد سواء ومنها معاونة القضاء الإداري من ناحيتين، أحدهما أن ترفع عن عاتق القضاة الإداريين مستشارين وغيرهم عبء تحضير القضايا وتهيئتها للمرافعة حتى يتفرغوا للفصل، والأخرى تقديم معاونة فنية ممتازة تساعد على تمحيص القضايا تمحيصاً يضيء ما أظلم من جوانبها ويجلو ما غمض من دقائقها برأي تتمثل فيه الحيدة لصالح القانون وحده.
ومن حيث إن المشرع قد أكد بهذا الاتجاه أن المنازعة الإدارية ليست ملكاً لذي الشأن فيها بقدر ما هي ملك للمحكمة، وهيئة المفوضين جزء منها تجرى في سبيل إنهائها على مقتضى سلطات لا يعتبر فيها - بحسب الأصل العام، لقضاة المحاكم العادية في خصوص روابط القانون الخاص - فالمنازعة الإدارية أمانة في يد القاضي يشرف عليها وعلى سيرها وتحضيرها باعتبارها خصومة عينية تهدف إلى إنزال قاعدة الشرعية على تصرفات الهيئات العامة.
2 - ومن حيث إن قوام المنازعات الإدارية، ما يودعه أطرافها بها من مستندات، وقد يعترض أحد الخصوم على قيمة ما يقدمه خصمه من هذه المستندات وذلك كوجه من أوجه دفاعه الموضوعية ويصفها بأنها مزورة ويؤكد اعتراضه بالادعاء بالتزوير.
ومن حيث إن الأحكام المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة لم تنظم الإجراءات التي تتبع في هذه الحالة كتلك الإجراءات التي تضمنها قانون المرافعات في الباب الخاص بالادعاء بالتزوير في المادة 271 وما بعدها، ولما كان القضاء الإداري، فيما لم يرد فيه نص في قانونه يستوفي أحكام الإجراءات من قانون المرافعات، إعمالاً لنص المادة 3 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة في نطاق ما سبق إيضاحه وبمراعاة الاعتبارات السالف بيانها.
ومن حيث إن الادعاء بالتزوير لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع في ذات موضوع الدعوى فالسير في تحقيقه لا يكون إلا من قبيل المضي في تحقيقه لا يكون إلا من قبيل المضي في إجراءات الخصومة الأصلية شأنه في ذلك شأن أية منازعة عارضة كدفع مانع من قبول الدعوى أو كأية منازعة في واقعة من وقائعها يحتاج إثباتها إلى تحقيق ويتوقف عليها الحكم وكلما كان الادعاء بالتزوير منتجاً في أصل النزاع فلا يتصور إمكان الحكم في الدعوى قبل الفصل في أمر التزوير.
ومن حيث إن المبرر لعقد مطلب خاص بالإدعاء بالتزوير في قانون المرافعات، هو الاعتراف لبعض الأوراق بحجة خاصة لا يكفي لدفعها مجرد إنكار الورقة إلا أن رعاية هذه الحجية لا تقضي تعطيل الدعوى ولا غل يد قاضيها بترك تسيير إجراءات التحقيق والعودة إلى الموضوع لمشيئة الخصوم فتضمن القانون أوضاعاً تكفل أن لا يقدم على الادعاء بالتزوير إلا خصم جاد مثابر مستعد للإثبات وهذه كلها من خصائص القضاء الإداري الذي يهيمن على الدعوى ولا يتركها لمشيئة الخصوم، إذ أوجب الشارع أن يقدم الادعاء بالتزوير بتقرير في قلم الكتاب، تحدد فيه مواضع التزوير كلها، فإن خلا من هذا التحديد كان باطلاً كما أوجب على مدعي التزوير أن يعلن خصمه في الثمانية الأيام التالية للتقرير بمذكرة يبين فيها شواهد التزوير وإجراءات التحقيق التي يريد إثباته بها وإلا جاز الحكم بسقوط إدعائه، ومتى حصلت المرافعة على أساس المذكرة المبينة بها شواهد التزوير نظرت المحكمة فيما إذا كان الادعاء بالتزوير منتجاً في النزاع فإن وجدته منتجاً ولم تجد في وقائع الدعوى وأوراقها ما يكفيها في تكوين اقتناعها بصحة الورقة أو تزويرها ورأت أنه لا بد لذلك من إجراء التحقيق الذي طلبه مدعي التزوير في مذكراته أمرت بالتحقيق وكان عليها أن تبين في حكمها الصادر بالتحقيق الوقائع التي قبلت تحقيقها والإجراءات التي رأت إثباتها بها، ويترتب على صدور الحكم بالتحقيق في الادعاء بالتزوير إيقاف صلاحية الورقة للتنفيذ إذ أن المحكمة لا تحكم بالتحقيق إلا إذا كان الادعاء بالتزوير منتجاً ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لتكوين عقيدة المحكمة في شأن صحة الورقة أو تزويرها وإلا إذا رأت أن إجراء التحقيق نفسه منتجاً وجائزاً وثمة الغرامة التي فرضها القانون وقدرهما خمسة وعشرون جنيهاً وأوجب الحكم بها كعقوبة حتمية لا مناص منها على مدعي التزوير إذا حكم بسقوط حقه في ادعائه أو برفضه، فضلاً عن أن دعوى المدعي لا توقف لسبب الادعاء بالتزوير، وكل أولئك يجرد الادعاء بالتزوير من لدد الخصومة الشخصية ويملك الدعوى للقاضي يوجهها ويكلف الخصوم فيها بما يراه لازماً لاستيفاء تحضيرها وتحقيقها وتهيئتها للفصل فيها الأمر الذي يبيح للقضاء الإداري أن يستوحي إجراءات الادعاء بالتزوير المنصوص عليها في قانون المرافعات وأن يسير على مقتضاها لأن هذا المقتضى يهدف إلى التثبيت من صحة جميع الأوراق والمستندات المقدمة في الدعوى ولا يتعارض مع المبادئ العامة للإجراءات الإدارية ويتفق مع ما تضمنته المادة الثالثة من قانون إصدار قانون مجلس الدولة التي تجيز للقضاء الإداري أن يطبق أحكام إجراءات قانون المرافعات عندما لا يكون هناك نص صريح في قانونه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى قبول الادعاء بالتزوير فيكون قد أصاب الحق في تأويل القانون وتطبيقه ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس سليم متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.