مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1963 إلى آخر يناير 1964) - صـ 199

(19)
جلسة 7 من ديسمبر سنة 1963

برئاسة السيد/ مصطفى كامل إسماعيل وكيل المجلس وعضوية السادة: حسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 1530 لسنة 7 القضائية

دعوى - سماع الدعوى - حراسة عامة على أموال الرعايا الأجانب - نص القانون رقم 117 لسنة 1959 على عدم قبول الطعن، سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، أياً كان نوعه أو سبيه في الأعمال والتدابير التي اتخذتها الجهات القائمة على تنفيذ الأمرين العسكريين رقمي 5، 5 ب لسنة 1956 الخاصين بالاتجار مع الرعايا البريطانيين والاستراليين والفرنسيين والتدابير الخاصة بأموالهم - فيترتب عليه امتناع المحاكم على اختلاف امتناعها ودرجاتها من سماع الدعاوى التي يكون الغرض منها الطعن في إعمال تلك الجهات - القول بأن مناط إعمال هذا النص هو أن تكون هذه الجهات قد التزمت حدود الأمرين المشار إليهما وطبقتهما تطبيقاً صحيحاً - هو تأويل غير صحيح لما يترتب عليه من تفويت غرض الشارع في استقرار ما تتخذه الجهات المذكورة من تدابير - أساس ذلك.
إن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1959 في شأن عدم قبول الطعن في الأعمال والتدابير التي اتخذتها الجهات القائمة على تنفيذ الأمرين رقمي 5، 5 ب لسنة 1956 الخاصين بالاتجار مع الرعايا البريطانيين والاستراليين والفرنسيين وبالتدابير الخاصة بأموالهم، قد قضى في مادته الأولى بأنه "فيما عدا ما نص عليه القانون رقم 89 لسنة 1959 المشار إليه لا تسمع أية جهة قضائية أية دعوى يكون الغرض منها الطعن في أي تصرف أو قرار تدبير أو إجراء ويوجه عام أي عمل أمرت به تولته الجهات القائمة على تنفيذ الأمرين رقمي 5، 5 ب لسنة 1956 المشار إليهما وذلك سواء أكان الطعن مباشراً بطلب الفسخ أو الإلغاء أو التعديل أو وقف التنفيذ أم كان الطعن غير مباشر عن طريق المطالبة بالتعويض أياً كان نوعه أو سببه".
وقصد الشارع من إصدار هذا القانون هو إعفاء القائمين على تنفيذ الأمرين رقمي 5، 5 ب لسنة 1956 الخاصين بالاتجار مع الرعايا البريطانيين والاستراليين والفرنسيين وبالتدابير الخاصة بأموالهم كوزارة المالية والاقتصاد وكذا الحراس العاميين والخاصين ونوابهم ومندوبيهم من الطعن فيما يكونون قد اتخذوه أثناء قيامهم بمهمتهم من تصرفات وقرارات وتدابير تجاوزوا بهما حدود القانون باعتبار أنهم فعلوا ما تقضي به المصلحة العامة وبحسبان أن جميع ما اتخذته وتولته الجهات القائمة على تنفيذ الأمرين رقمي 5، 5 ب لسنة 1956 المشار إليهما هو من الأعمال ذات الحصانة استناداً إلى ما كشفت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون، وبذا يمتنع على المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها سماع الدعاوى التي يكون الغرض منها الطعن فيما تولته تلك الجهات، سواء بطريق مباشر كالفسخ أو الإلغاء أو التعديل أو وقف التنفيذ أو بطريق غير مباشر كالمطالبة بالتعويض أياً كان نوعه أو سببه كما لا يجوز الطعن في ذلك بأي طريق آخر.
ولا وجه للقول بأن مناط إعمال القانون رقم 117 لسنة 1959 آنف الذكر أن يكون ما تولته الجهات القائمة على تنفيذ الأمرين رقمي 5، 5 ب لسنة 1956 قد صدر بالتطبيق لأحكام الأمرين المشار إليهما تطبيقاً صحيحاً - لا وجه لذلك، لأنه تأويل غير صحيح لغرض الشارع من عدم جواز سماع أية دعوى أمام أية جهة قضائية ولو أخذ بهذا التأويل وجاز سماع الدعوى التي تطبق فيها القانون رقم 117 لسنة 1959 تطبيقاً صحيحاً لصارت كل ما تولته تلك الجهات هدفاً للطعن ولاستوت في ذلك مع سائر التصرفات القانونية التي لم يرد في شأنها منع من سماع الدعوى وغني عن البيان أن هذا التأويل يخرج عن قصد الشارع من اعتبار ما تولته تلك الجهات من أعمال محصناً كما أفصحت عن ذلك المذكرة الإيضاحية للقانون سالف الذكر، فرأى المشرع أن يجعل كل ما تولته تلك الجهات من تصرفات أو تدابير بمنأى عن أي طعن ما دامت قد صدرت في ظل هذا القانون ولو شابها أي عيب من العيوب قاصداً حمايتها وتحصينها في حالة وقوع هذا العيب فأورد نص المادة الأولى صريحاً في هذا المعنى وبذلك أغلق باب سماع أية دعوى بالنسبة لما يصدر في ظل هذا القانون واستناداً إليه لا فرق في ذلك بين من طبق في حقه تطبيقاً صحيحاً ومن لم يطبق هكذا في حقه لأن الغرض من هذا المنع هو سد باب المنازعة فيما تولته الجهات القائمة على تنفيذ الأمرين رقمي 5، 5 ب لسنة 1956 المشار إليهما استقراراً لما أمرت به أو تولته هذه الجهات وعزل القضاء عن نظر أية منازعة من هذا القبيل وهو أمر يملكه الشارع الذي له وفقاً للأصول الدستورية أن يعين اختصاص جهات القضاء ويرسم حدود ولايتها.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس 27 من يوليه سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن وزارة الاقتصاد وعن الحراسة العامة على أموال الرعايا البريطانيين، سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 30 من مايو سنة 1961 في القضية رقم 578 سنة 14 قضائية المقامة من السيدة/ صوفي جورج سكربانيدس ضد وزارة الاقتصاد والحراسة العامة على أموال الرعايا البريطانيين، والقاضي "برفض الدفعين بعدم الاختصاص وبعدم سماع الدعوى وباختصاصها وبسماع الدعوى - وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر في 11 من نوفمبر سنة 1959 من الحراسة العامة على أموال الرعايا البريطانيين فيما قضى به من اعتبار المدعية خاضعة لأحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 وألزمت الحكومة بالمصروفات وبمبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة". وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب التي استندت إليها في عريضة الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه - والحكم أصلياً بعدم جواز سماع الدعوى واحتياطياً برفضها وإلزام المطعون ضدها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقد أعلن الطعن للمدعية في 7 من أغسطس سنة 1961 وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 11 من مايو سنة 1963 وأبلغت الحكومة والمدعية في أول إبريل سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وتحدد لذلك جلسة 2 من نوفمبر سنة 1963 وأخطر ذوو الشأن في 13 من يوليه سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه الموضح بمحضر الجلسة ثم أرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


 المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما استظهرته المحكمة من الأوراق، تتحصل أن المدعية أقامت دعواها بعريضة أودعتها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 6 من يناير سنة 1960 طالبة الحكم باعتبارها قبرصية لا تسري عليها أحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 بالتطبيق للقرار الوزاري رقم 206 لسنة 1956 وبإلغاء القرار الصادر في 11 من نوفمبر سنة 1959 من الحراسة العامة على أموال الرعايا البريطانيين، الذي اعتبر المدعية غير معفاة من أحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقالت المدعية شرحاً لدعواها إنها يونانية الأصل وقد تزوجت بجورج سكربانيدس القبرصي الجنسية، البريطاني التبعية، وتبعت بذلك جنسية زوجها، وهي تمتلك حصة في فندق فيكتوريا بشارع الجمهورية رقم 66 بالقاهرة كما تملك بعض الأوراق المالية المتداولة بالبورصة ولصدور القرار الوزاري رقم 206 لسنة 1956 بإعفاء القبرصيين من أحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 الذي وضع جميع أموال البريطانيين تحت الحراسة، طلب وكيلها من الحارس العام في 21 من مارس سنة 1959، الإفراج عن أموالها في الفندق المذكور. وقد أجاب الحارس العام بكتاب غير مؤرخ، بالرفض على أساس أن المدعية رعية بريطانية وبتاريخ 16 من يوليه سنة 1959 أرسل وكيل المدعية كتاباً مسجلاً للحارس العام طالباً فيه إعادة النظر في الموضوع للأسباب الجدية الواردة في كتابه الأول - ولكنه لم يتلق رداً على كتابه سالف الذكر إلى أن فوجئ وكيل المدعية بمندوب الحارس العام يطلب منه بكتابه المؤرخ 11 من نوفمبر سنة 1959، تقديم المستندات والميزانيات الخاصة بفندق فيكتوريا من تاريخ أول نوفمبر سنة 1956 حتى الآن وذلك لإمكان النظر في طلب رفع الحراسة عنها - ويقول وكيل المدعية إنه فهم من مندوب الحارس العام بأن الحراسة لا زالت تعتبر المدعية بريطانية الجنسية وبالتالي لا تستفيد من أحكام القرار الوزاري رقم 206 لسنة 1956.
وتقول المدعية إن هذا القرار خاطئ ويحق لها الطعن فيه لأنها يونانية أصلاً وتزوجت قبرصياً وحائزة على شهادة إقامة على اعتبار أنها قبرصية والثابت أن زوجها غير خاضع للحراسة فلا يجوز أن تخضع هي للحراسة.
وقدمت الحراسة على أموال الرعايا البريطانيين مذكرة في 12 من يونيه سنة 1960 ضمنتها الدفع بعدم اختصاص المحكمة بالتطبيق لنص المادة 16 فقرة رابعة من الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 على أساس أن هذا الأمر رسم طريقاً معيناً للطعن في قرارات الحارس العام وجعل الاختصاص للمحكمة الابتدائية المختصة أياً كانت قيمة النزاع كما جعل قرارها نهائياً.
كما دفعت الحراسة بعدم جواز سماع الدعوى، إعمالاً لنص القانون رقم 117 لسنة 1959 في شأن عدم قبول الطعن في الأعمال والتدابير التي اتخذتها الجهات القائمة على تنفيذ الأمرين رقمي 5، 5 ب لسنة 1956 الخاصين بالاتجار مع الرعايا البريطانيين والاستراليين والفرنسيين والتدابير الخاصة بأموالهم.
واستطردت مذكرة الحراسة وطلبت في الموضوع برفض الدعوى على أساس أن المدعية طلبت رفع الحراسة عن أموالها بكتابها المؤرخ 17 من أغسطس سنة 1957 تأسيساً على أنها يونانية الأصل وأنها اكتسبت الرغوبة البريطانية بالزواج من جورج اسكربانيدس البريطاني من أصل قبرصي، مع أنه لا يكفي لاستثناء الرعايا البريطانيين من أحكام الأمر العسكري رقم 5 سنة 1956 أن يكونوا من أصل قبرصي فحسب بل يتعين أن يكونوا موجودين بالجمهورية العربية المتحدة وألا يكون قد صدر في شأنهم قرار من وزير المالية والاقتصاد بإلحاقهم بأولئك الرعايا وذلك إعمالاً لحكم القرار 206 لسنة 1956 الصادر من وزير المالية والاقتصاد بتاريخ 17 من نوفمبر سنة 1956.
ولما كان زوج المدعية وإن لم يصدر في شأنه قرار بالإلحاق إلا أنه غير موجود في مصر إذ يقيم ببلدة ليماسول بقبرص فإن مؤدى ذلك أنه لم يستكمل الشروط المقررة للإعفاء من أحكام الأمر رقم 5 لسنة 1956 إعمالاً للقرار رقم 206 لسنة 1956.
وفضلاً عن ذلك فالمدعية من أصل يوناني وليست من أصل قبرصي وهي وإن كانت قد اكتسبت الجنسية البريطانية بالزواج من شخص بريطاني من أصل قبرصي إلا أنها قد دخلت الرعوية البريطانية بصفة مستقلة ولا تنحسر عنها هذه الصفة حتى مع سقوطها عن زوجها إلا باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لذلك وفقاً لأحكام قانون الجنسية اليونانية.
ولم تقدم المدعية ما يثبت سقوط الجنسية البريطانية عنها وختمت الحراسة مذكرتها بأنها تلتمس أصلاً الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واحتياطياً بعدم جواز سماع الدعوى طبقاً للقانون 117 لسنة 1959 واحتياطياً في الموضوع برفض الدعوى مع إلزام المدعية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبتاريخ 29 من أكتوبر سنة 1960 تقدمت وزارة الاقتصاد بمذكرة دفعت فيها بعدم جواز سماع الدعوى إعمالاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 117 لسنة 1959 وقالت إن المدعية تطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر من الحراسة العامة بعدم إعفائها من أحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 باعتبارها بريطانية قبرصية، وهذا الإجراء يمتنع على المحاكم سماع أية دعوى بشأنه.
ثم تناولت المذكرة موضوع الدعوى فذكرت أن القرار الوزاري رقم 206 لسنة 1956 لا يستفيد منه إلا الشخص الذي توافرت فيه الشروط الواردة به وحده ولا يمتد إلى غيره بالتبعية فلا يمكن للمدعية أن تستفيد من أحكام هذا القرار بالتبعية لزوجها إلا أن تكون قد حازت الشروط المطلوبة والتي نص عليها القرار وفضلاً عن ذلك فإن زوجها لا يستفيد من أحكام القرار الوزاري سالف الذكر ذلك أن هذا القرار اشترط للاستفادة منه أن يكون الشخص بريطانياً من أصل قبرصي وأن يكون موجوداً بالجمهورية العربية المتحدة وهذا الشرط الأخير غير متوفر بالنسبة له إذ الثابت أنه مقيم ببلدة ليماسول بقبرص.
كما أن المدعية لا تستفيد بصفة أصلية من هذا القرار وإن كانت قد اكتسبت الجنسية البريطانية بالزواج إلا أنها من أصل يوناني، فهي بريطانية من أصل يوناني والقرار الوزاري لم يعف من تطبيق الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 إلا البريطانيين المنحدرين من أصل قبرصي.
وانتهت وزارة الاقتصاد إلى طلب الحكم أصلياً بعدم سماع الدعوى واحتياطياً برفض الدعوى - وفي الحالين بإلزام المدعية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 19 من نوفمبر سنة 1960 أودعت المدعية مذكرة ضمنتها التعقيب على مذكرة الحراسة ومذكرة وزارة الاقتصاد، رددت فيها ما سبق أن أبدته في عريضة دعواها وأضافت أنها يونانية الجنسية ومن أصل يوناني أرثوذكسي بنت فورازيللي ومولودة ببلبيس ومتزوجة بجورج سكربانيدس القبرصي الأصل البريطاني التبعية وهي تتمتع بإقامة خاصة بالإقليم الجنوبي وتقيم بالقاهرة ولم يصدر أي قرار وزاري باعتبارها من الرعايا البريطانيين وأنه ثابت ببطاقة الإقامة المنصرفة إليها من وزارة الداخلية أنها قبرصية.
وتذكر المدعية أنه ليس من العدالة في شيء، وهي من أصل يوناني وبسبب زواجها بيوناني قبرصي قد اكتسب الرعوية البريطانية تبعاً لزوجها، أن تتحمل بإلزامات أكثر من التي يتحملها من نقل إليها هذه التبعية، إذ يكون ذلك مخالفاً لمبدأ معروف، وهو أنه لا يمكن لشخص نقل حقوق وواجبات لآخر أكثر مما له أو عليه.
ثم قالت المدعية إنه لا اعتداد بما تقول به الحراسة من أن القرار يقصد الشخص الذي هو من أصل قبرصي وأنها ليست كذلك، ذلك لأنه يجب تطبيق النص بروحه.
وردت المدعية على الدفع بعدم جواز سماع الدعوى، بأن الطعن موجه ضد قرار أخطأ في تطبيق القانون، وليس موجهاً ضد عمل من أعمال السيادة واعتبر أنها لا تتمتع بالإعفاء فالمسألة قانونية بحتة فالدعوى تدور حول معرفة ما إذا كانت المدعية تتمتع أم لا بحكم الإعفاء الصادر لصالح القبرصيين، فإذا ما اعتبرت المدعية غير متمتعة بالإعفاء، فتبعاً لذلك لا يجوز الطعن في عمل السيادة وهو وضع أموالها تحت الحراسة ولكن إذا اعتبر أن الإعفاء يسري عليها فطبيعي لا يمكن وضع أموالها تحت الحراسة ويتعين الإفراج عنها فوراً. ولمحكمة القضاء الإداري السلطة المطلقة في بحث مشروعية هذا القرار.
وقالت المدعية إن القول بخلاف ذلك من شأنه أن يكون للحارس سلطة مطلقة في وضع أموال الليبي أو اليوناني أو أدى شخص آخر تحت الحراسة بحجة أنه بريطاني ولا يكون لهذا الشخص حق الطعن أمام القضاء.
وتستطرد المدعية إلى القول بأن القرار رقم 26 لسنة 1956 ينطبق على حالتها ولا عبرة بلفظ من أصل قبرصي إذ أنها اكتسبت الرعوية البريطانية من زواجها بشخص من أصل قبرصي فهي ليست بريطانية أصلاً ولفظ من أصل قبرصي أراد به الشارع أن الشخص المقصود ليس بريطانياً أصلاً بل ينتمي إلى قبرص وبالأحرى إذا كان هذا الشخص ينتمي إلى اليونان.
وقدمت صورة فوتوغرافية لجواز سفرها الصادر من الجمهورية القبرصية المتضمن أن المدعية رعية قبرصية.
وانتهت المدعية في ختام مذكرتها إلى التصميم على طلباتها السابقة، وبجلسة 30 من مايو سنة 1960 حكمت المحكمة برفض الدفعين، بعدم اختصاص المحكمة وبعدم سماع الدعوى وباختصاصها وبسماع الدعوى - وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر في 11 من نوفمبر سنة 1959 من الحراسة العامة على أموال الرعايا البريطانيين فيما قضى به من اعتبار المدعية خاضعة لأحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 - وألزمت الحكومة بالمصروفات وبمبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة" وأقامت المحكمة قضاءها عن الدفع بعدم الاختصاص.
على أنه بالنسبة لدفع الحراسة بعدم اختصاص المحكمة بنظر هذه الدعوى يبين من الأوراق أنها تقيم هذا الدفع على أساس أن المادة 16 فقرة رابعة من الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 قد رسمت طريقاً معيناً للطعن في قرارات الحارس العام واستناد الحراسة في الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر هذه الدعوى واختصاص المحكمة الابتدائية بها هو استناد غير صحيح لأن المحكمة الابتدائية ينعقد لها الاختصاص دون غيرها من المحاكم بالنسبة إلى كل نزاع يثيره الحارس أو أحد الرعايا البريطانيين أو الفرنسيين فيما يختص بأموالهم أو حقوقهم وتقول المحكمة إنه لما كان موضوع هذه الدعوى هو طعن على قرار الحارس العام بشأن عدم تطبيق أحكام القرار رقم 206 لسنة 1956 الخاص باستثناء الرعايا البريطانيين الذين هم من أصل قبرصي من تطبيق الأمر رقم 5 لسنة 1956 - أي أن المنازعة لا تدخل تحت مدلول نص المادة 16 سالفة الذكر وانتهت المحكمة إلى القول بأنه من ثم يكون الدفع في غير محله ويتعين رفضه وعن الدفع بعدم جواز سماع الدعوى.
تقول المحكمة إن الحراسة تقيم الدفع بعدم جواز سماع الدعوى على أساس أن القانون رقم 117 لسنة 1959 قد جعل أعمال وقرارات وزير الاقتصاد والحارس العام والحراس الخاصين من أعمال السيادة التي لا تختص بها المحاكم على سائر أنواعها ودرجاتها - وتستطرد المحكمة قائلة إن نص القانون لا ينطبق على تعرفات القائمين على تنفيذ الأمرين رقمي 5، 5 ب لسنة 1956 الخاصة بتطبيق أحكامهما على أشخاص ليسوا بريطانيين أو استراليين وبالتالي يكون القضاء الإداري مختصاً بنظر هذه الدعوى - والقول بغير هذا يؤدي إلى إعفاء هذه السلطة من أية مسئولية تترتب على تصرفاتها المخالفة للقانون والصادرة بشأن أشخاص ليسوا بريطانيين أو استراليين أو فرنسيين وحرمان الناس حرماناً مطلقاً من اللجوء للقضاء وهو الملاذ الطبيعي الذي يلجأ إليه الناس طلباً للإنصاف والحماية من المظالم. وهذا القول فضلاً عن أنه مخالف للمبادئ العامة المقررة فإن نية الشارع لم تتجه إليه والدليل على ذلك أن القانون رقم 117 لسنة 1959 إنما صدر بعد أن وقعت الجمهورية العربية المتحدة الاتفاق المبرم بينها وبين بريطانيا بتاريخ 28 من فبراير سنة 1959 ونص فيه على أن تدفع حكومة الجمهورية العربية المتحدة مبلغ 27.500.000 جنيه استرليني لحكومة المملكة المتحدة كتسوية كاملة ونهائية لما يأتي.
وهذه التسوية تشمل تعويض البريطانيين والاستراليين فقط عن جميع الحقوق والأموال التي قام الحراس بتصفيتها أو بيعها أو التي أخضعت للحراسة ولم يقم الحراس بتصفيتها أو بيعها. ومن ثم فلا يكون لأصحابها الحق في المطالبة بأي تعويض عن تلك الأضرار (المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور) أما حقوق وأموال غير البريطانيين أو الاستراليين فلم يتناول القانون بحثها وبالتالي فإن القانون رقم 117 لسنة 1959 لا يمنع المحاكم من سماع الدعاوى التي ترفع بشأنها وانتهت المحكمة على القول بأنه من كل ما تقدم يبين أن الدفع بعدم السماع في غير محله ويتعين رفضه عن الموضوع.
أقامت المحكمة قضاءها على أنه لما كانت المدعية تنعى على القرار المطعون فيه أنه مخالف للقانون للأسباب الآتية:
أولاً: أنها يونانية أصلاً وتزوجت من قبرصي وحائزة على شهادة إقامة بالقطر المصري على اعتبار أنها قبرصية.
ثانياً: نص القرار الوزاري رقم 206 لسنة 1956 على إعفاء القبرصيين من أحكام الأوامر العسكرية الخاصة بالرعاية البريطانيين وبما أن الطالبة قبرصية فإنه يتحتم إعفاؤها من الأمر العسكرية رقم 5 لسنة 1956 وذلك لأن زوجها استفاد من قرار الإعفاء المذكور وبالتالي تستفيد هي منه أيضاً لأنه الأصل وهي الفرع والفرع يتبع الأصل.
ثالثاً: ما دام الزوج غير خاضع للحراسة فهي لا تخضع لها أيضاً وذلك لأنها لا تستفيد من جنسيته وتذكر المحكمة أنه يبين من الأوراق أنه بتاريخ أول نوفمبر سنة 1956 صدر الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 بشأن الاتجار مع الرعايا البريطانيين والفرنسيين وبالتدابير الخاصة بأموالهم ونص في المادة الأولى منه على أنه (في تطبيق هذا الأمر تشمل عبارة الرعايا البريطانيين أو الفرنسيين حكومة المملكة المتحدة البريطانية وحكومة الجمهورية الفرنسية والأشخاص المعنوية البريطانية أو الفرنسية ذات الشأن العام وكذلك كل شخص طبيعي أو معنوي من رعايا المملكة المتحدة البريطانية أو الجمهورية الفرنسية.
وبتاريخ 17 نوفمبر سنة 1956 أصدر وزير المالية والاقتصاد القرار رقم 206 باستثناء بعض الرعايا البريطانيين والفرنسيين من أحكام الأمر رقم 5 لسنة 1956 وجاء به "يستثنى من حكم المادة السادسة من الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 المشار إليه الرعايا البريطانيون الذين هم من أصل قبرصي أو من المحميات بشرط أن يكونوا موجودين في جمهورية مصر وألا يكون قد صدر في شأنهم قرار من وزير المالية والاقتصاد بإلحاقهم بأولئك الرعايا".
وتذكر المحكمة أن الثابت من الأوراق أن المدعية يونانية الأصل وأنها تزوجت من شخص قبرصي متمتع بجنسية الجمهورية القبرصية المستقلة وبالتالي تكون المدعية قد أصبحت متمتعة بهذه الجنسية تبعاً لزوجها وثابت أنها مقيمة بالجمهورية العربية المتحدة كما أنه لم يصدر قرار من وزير الاقتصاد بإلحاقها بالرعايا البريطانيين، وتنتهي المحكمة إلى القول بأنه مما لا جدال فيه أن المدعية تستفيد من الاستثناء الوارد بالقرار رقم 206 السابق الإشارة إليه ويكون القرار الصادر بوضعها تحت الحراسة مخالفاً للقانون، ومن ثم تكون على حق في دعواها ويتعين إلغاء القرار المطعون فيه.
ويقوم الطعن على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ قضى برفض الدفع بعدم سماع الدعوى لأن ما ساقه الحكم يخالف المقصود من المادة الأولى من القانون رقم 117 لسنة 1959 والتي تسبغ حصانة على كافة الأعمال الصادرة من الهيئة المنوط بها تنفيذ الأمرين السالفين دون تفرقة أو تخصيص، فعبارتها وردت علامة دون تخصيص كما أن المشرع أضفى بها حصانة على كافة الإجراءات والتصرفات التي اتخذتها الهيئة القائمة على تنفيذ الأمرين العسكريين قبل صدوره، حصانة تعصمها من السقوط أو المجادلة أو في أمر مشروعيتها - فمنع المحاكم من سماع أية دعوى من أي نوع كانت تهدف إلى الطعن في هذه الأعمال، ومن ثم يكون ما ذهبت إليه المحكمة من قصر تطبيق القانون المذكور والأحكام الواردة به على نوع معين من التصرفات والأعمال التي يجريها القائمون على تنفيذ الأمرين العسكريين إنما هو تخصيص بلا مخصص ومخالفة لأحكام القانون.
وأضاف الطعن أن استدلال الحكم بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 117 لسنة 1959 لتأييد وجهة نظره من أن أحكام القانون لا تسري إلا على التصرفات الخاصة بالبريطانيين والاستراليين الذين شملتهم الاتفاقية السالفة هو استدلال لا يجدي مع صراحة النص وعموميته فضلاً عن أن العبارات الواردة بالمذكرة الإيضاحية جاءت عامة وهي تضفي الحصانة أيضاً على كافة الأعمال والإجراءات التي يجريها القائمون على تنفيذ الأمرين العسكريين دون تمييز أو تفرقة.
ويذكر الطعن أن بالإضافة إلى ما تقدم فإن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها بريطانية الجنسية وإن كان هناك خلاف حول أصلها، ومن ثم فإن الإجراء الصادر من الحراسة موضوع هذه الدعوى قد صدر بشأن بريطانية تخضع أصلاً لأحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 وينطبق بشأنه بالتالي أحكام المادة الأولى من القانون رقم 117 لسنة 1959. هذا إلى أن المحكمة قد أخطأت إذ قضت باستفادة المطعون ضدها من الاستثناء الوارد به قرار وزير المالية رقم 206 لسنة 1956 - ذلك أن هذا القرار حتم توافر شرطين للاستفادة من أحكامه:
(1) أن يكون بريطانياً من أصل قبرصي (2) أن يكون مقيماً بالجمهورية العربية المتحدة - والثابت أن المطعون ضدها لا تستفيد من أحكام هذا القرار لا بصفة مستقلة باعتبارها بريطانياً بالزواج ومن أصل يوناني لا قبرصي، ولا تستفيد كذلك من أحكامه بالتبعية لزوجها إذ أنه غير مقيم بالجمهورية العربية المتحدة.
أما ما ورد في الحكم بشأن اكتساب المطعون ضدها الجنسية القبرصية بعد استقلال قبرص ففضلاً عن أنها لم تقدم دليلاً جدياً يفيد ذلك ويؤكد اكتسابها لهذه الجنسية - فضلاً عن ذلك فإن استقلال قبرص وظهور جنسية متميزة لرعاياها لم يتم إلا بعد صدور القرار المطعون فيه وبعد رفع الحراسة عن أموال الرعايا البريطانيين عامة بعد توقيع اتفاقية 28 من فبراير سنة 1959 ومن ثم فلا يجدي ظهور تلك الجنسية في تعييب القرار المطعون فيه ولا يصلح ذلك سبباً لإهدار مشروعية القرار المذكور إذ كان مجال التحدي بالجنسية القبرصية هو أثناء سريان الأمر العسكري رقم 5 سنة 1956 لا بعد رفع الحراسة عن أموال البريطانيين وزوال كل أثر للقانون رقم 5 لسنة 1956.
وينتهي الطعن إلى القول أنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ولهذا يطلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم جواز سماع الدعوى واحتياطياً برفضها وإلزام المطعون ضدها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني حددت فيه وقائع الدعوى والمسائل القانونية التي أثارها النزاع وأبدت رأيها مسبباً ضمنته أنها ترى أن الطعن غير مستند إلى أساس سليم من القانون وانتهت إلى القول بأنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
وأودعت المدعية مذكرة أمام دائرة فحص الطعون رددت فيها وقائع الدعوى وأسانيدها في الدفاع وانتهت إلى طلب رفض الطعن.
ومن حيث إن السبب الأول للطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ وقضى برفض الدفع بعدم سماع الدعوى.
ومن حيث إن المدعية تطلب إلغاء القرار الصادر من الحراسة العامة على أموال البريطانيين بفرض الحراسة على أموالها.
ومن حيث إن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1959 في شأن عدم قبول الطعن في الأعمال والتدابير التي اتخذتها الجهات القائمة على تنفيذ الأمرين رقمي 5، 5 ب لسنة 1956 الخاصين بالاتجار مع الرعايا البريطانيين والاستراليين والفرنسيين وبالتدابير الخاصة بأموالهم، قد قضى في مادته الأولى بأنه "فيما عدا ما نص عليه القانون رقم 89 لسنة 1959 المشار إليه، لا تسمع أية جهة قضائية أية دعوى يكون الغرض منها الطعن في أي تصرف أو قرار أو تدبير أو إجراء ويوجه عام أي عمل أمرت به أو تولته الجهات القائمة على تنفيذ الأمرين رقمي 5، 5 ب لسنة 1956 المشار إليهما وذلك سواء أكان الطعن مباشراً بطلب الفسخ أو الإلغاء أو التعديل أو وقف التنفيذ أم كان الطعن غير مباشر عن طريق المطالبة بالتعويض أياً كان نوعه أو سببه".
وقصد الشارع من إصدار هذا القانون هو إعفاء القائمين على تنفيذ الأمرين رقمي 5، 5 ب لسنة 1956 الخاصين بالاتجار مع الرعايا البريطانيين والاستراليين والفرنسيين وبالتدابير الخاصة بأموالهم كوزارة المالية والاقتصاد وكذا الحراس العاميين والخاصين ونوابهم ومندوبيهم من الطعن فيما يكونون قد اتخذوه أثناء قيامهم بمهمتهم من تصرفات وقرارات وتدابير تجاوزوا بهما حدود القانون باعتبار أنهم فعلوا ما تقضي به المصلحة العامة وبحسبان أن جميع ما اتخذته وتولته الجهات القائمة على تنفيذ الأمرين رقمي 5، 5 ب لسنة 1956 المشار إليهما هو من أعمال ذات الحصانة استناداً إلى ما كشفت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون، وبذا يمتنع على المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها سماع الدعاوى التي يكون الغرض منها الطعن فيما تولته تلك الجهات، سواء بطريق مباشر كالفسخ أو الإلغاء أو التعديل أو وقف التنفيذ أو بطريق غير مباشر كالمطالبة بالتعويض أياً كان نوعه أو سببه كما لا يجوز الطعن في ذلك بأي طريق آخر.
ولا وجه للقول بأن مناط أعمال القانون رقم 117 لسنة 1959 آنف الذكر أن يكون ما تولته الجهات القائمة على تنفيذ الأمرين رقمي 5، 5 ب لسنة 1956 قد صدر بالتطبيق لأحكام الأمرين المشار إليهما تطبيقاً صحيحاً - لا وجه لذلك، لأنه تأويل غير صحيح لغرض الشارع من عدم جواز سماع أية دعوى أمام أية جهة قضائية ولو أخذ بهذا التأويل وجاز سماع الدعوى التي يطبق فيها القانون رقم 117 لسنة 1959 تطبيقاً صحيحاً لصارت كل ما تولته تلك الجهات هدفاً للطعن ولاستوت في ذلك مع سائر التصرفات القانونية التي لم يرد في شأنها منع من سماع الدعوى وغني عن البيان أن هذا التأويل يخرج عن قصد الشارع من اعتبار ما تولته تلك الجهات من أعمال محصناً كما أفصحت عن ذلك المذكرة الإيضاحية للقانون سالف الذكر، فرأى المشرع أن يجعل كل ما تولته تلك الجهات من تصرفات أو تدابير بمنأى عن أي طعن ما دامت قد صدرت في ظل هذا القانون ولو شابها أي عيب من العيوب قاصداً حمايتها وتحصينها في حالة وقوع هذا العيب فأورد نص المادة الأولى صريحاً في هذا المعنى وبذلك أغلق باب سماع أية دعوى بالنسبة لما يصدر في ظل هذا القانون واستناداً إليه لا فرق في ذلك بين من طبق في حقه تطبيقاً صحيحاً ومن لم يطبق هكذا في حقه لأن الغرض من هذا المنع هو سد باب المنازعة فيما تولته الجهات القائمة على تنفيذ الأمرين رقمي 5، 5 ب لسنة 1956 المشار إليهما استقراراً لما أمرت به أو تولته هذه الجهات وعزل القضاء عن نظر أية منازعة من هذا القبيل وهو أمر يملكه الشارع الذي له وفقاً للأصول الدستورية أن يعين اختصاص جهات القضاء ويرسم حدود ولايتها.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه قد بني على خطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين القضاء بإلغائه وبعدم جواز سماع الدعوى مع إلزام المدعية بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم جواز سماع الدعوى، وألزمت المدعية بالمصروفات.