مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1963 إلى آخر يناير 1964) - صـ 301

(27)
جلسة 28 من ديسمبر سنة 1963

برئاسة السيد/ مصطفى كامل إسماعيل وكيل المجلس، وعضوية السادة: حسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 1621 لسنة 7 القضائية

موظف - تقرير سري - عنصر المواظبة - الإجازات - حق للموظف نظمه القانون - كثرة الإجازات والحصول عليها في شتى المناسبات ولمختلف الأسباب تفيد عدم الاهتمام بالعمل الرسمي وعدم الحرص على تأديته بالدقة المطلوبة وفي الوقت المناسب.
ولئن كانت الإجازات حقاً للموظف نظمه القانون إلا أن كثرتها وتنوعها وعلى هذا النحو من التعدد والحصول عليها في شتى المناسبات ولمختلف الأسباب يفيد الانصراف عن العمل الرسمي وعدم الاهتمام به وعدم الحرص على تأديته بالدقة المطلوبة وفي الوقت المناسب مما لا يستقيم معه حسن سير العمل وانتظامه.
وترتيباً على ذلك إذا ما قررت الجهة الإدارية في بند المواظبة المقدر له 10 درجات وعناصره الفرعية: (1) مدى استعمال الموظف لحقوقه في الإجازات ومنحته 4 درجات من 5. (2) مواعيد احترام الموظف لمواعيد العمل الرسمية ومنحته 3 درجات من 5، كان لهذا التقدير مبرره وكان استخلاص الجهة الإدارية، لما وصمت به المدعي من ضعف الإشراف على العمل وأنه إشراف سطحي لا يستقيم معه حسن سير العمل المصلحي، استخلاصاً منضبطاً لعدم حرصه على البقاء طوال الوقت لمباشرة عمله بسبب حضوره متأخراً وانصرافه مبكراً ولكثرة إجازته.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين 14 من أغسطس سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن وزارة الأشغال العمومية سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء (هيئة الترقيات والتعيينات) بجلسة 15 من يونيه سنة 1961 في الدعوى رقم 1392 لسنة 14 القضائية المقامة من المهندس/ وديع ميخائيل عبود ضد وزارة الأشغال العمومية والقاضي "بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 1103 لسنة 1959 الصادر في 6 من مارس سنة 1960 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الثانية الفنية بالكادر العالي مع إلزام الحكومة بالمصروفات". وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب التي استندت إليها في عريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد أعلن الطعن للمدعي في 16 من أغسطس سنة 1961 وعين لنظره جلسة 30 من مارس سنة 1963 أمام دائرة فحص الطعون وأبلغت الحكومة والمدعي في 30 من يناير سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة ثم قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وتحدد لذلك جلسة 9 من نوفمبر سنة 1963 وأخطرت الحكومة والمدعي في 14 من يوليه سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة تأجيل الطعن لجلسة 23 من نوفمبر سنة 1963 وفي هذه الجلسة سمعت المحكمة إيضاحات ذوي الشأن على الوجه الموضح بمحضر الجلسة ثم أرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما استظهرته المحكمة من أوراق الطعن تتحصل في أن المدعي أقام دعواه بعريضة أودعها في 17 من أغسطس سنة 1960 سكرتيرية محكمة القضاء الإداري طالباً فيها الحكم بإلغاء القرار رقم 1103 لسنة 1959 الصادر في 6 من مارس سنة 1960 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية اعتباراً من 29 من فبراير سنة 1960 لبطلان سببه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه إنه ألحق بخدمة مصلحة المساحة على أثر حصوله على بكالوريوس الهندسة عام 1935 ونجاحه بتفوق في امتحان مسابقة وكان ترتيبه الأول وظل طوال مدة خدمته مثال الموظف الكفء الأمين المتفاني في أداء واجبه على الوجه الأكمل كما تشهد بذلك تقاريره السنوية السرية وكلها بتقدير ممتاز وتنطق بكفايته خطابات الشكر الموجهة إليه لما قام به من أعمال موفقة وكان مفتشاً بإدارة نزع الملكية منذ عام 1947 ويشغل الدرجة الثالثة منذ عام 1954.
وبتاريخ 10 من مارس سنة 1960 أخطر بصورة من التقرير السنوي السري عن عام 1959 متضمناً تقدير عمله في العام المذكور بدرجة ضعيف فتظلم منه بتاريخ 21 من إبريل سنة 1960.
وبتاريخ 6 من مارس سنة 1960 صدر القرار الوزاري رقم 1103 بترقية بعض زملائه ممن يلونه في ترتيب الأقدمية بالمخالفة لأحكام القانون رقم 208 لسنة 1959 ويذكر المدعي أنه لما كان تخطيه قد بني على أساس تقدير عمله من عام 1959 بدرجة ضعيف وهو التقرير الذي تظلم منه فقد تظلم بتاريخ 27 من إبريل سنة 1960 من تخطيه في الترقية وإذ لم يتلق رداً على تظلمه ولمضي أكثر من ستين يوماً فلا يسعه إلا رفع هذه الدعوى بطلب إلغاء قرار تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية لبطلان سببه.
وأضاف أن تقدير عمله عن سنة 1959 بدرجة ضعيف بني على القول بأنه لا يقيم بمقر عمله ويسكن بالقاهرة مما يستتبع حضوره لعمله متأخراً وانصرافه مبكراً ويجعل إشرافه على العمل كوكيل التفتيش من التفاتيش الكبيرة إشرافاً سطحياً لا يستقيم معه حسن سير العمل ويقول المدعي إنه يقيم بطنطا مقر عمله وإن كانت عائلته تقيم بالقاهرة بسبب وجود أولاده بمدارس خاصة بالقاهرة وهو لا يحضر لعمله متأخراً ولا ينصرف مبكراً بدليل أنه لم يوجه إليه يوماً من الأيام أي تنبيه في هذا الشأن ولم يتخذ ضده أي إجراء من الإجراءات التي نص عليها القانون في حالة وقوع مخالفة من هذه المخالفات ويستطرد قائلاً إنه مما يقطع بكفايته وعدم صحة ما نسب إليه في تقرير سنة 1959 من ضعف الكفاية أن تقاريره كانت دائماً طوال مدة خدمته البالغة خمساً وعشرين سنة بتقدير ممتاز فلا يعقل أن يهبط فجأة من الامتياز إلى الضعف وأن تنزل صفاته الشخصية إلى 8 من 20 وفي عمله وإنتاجه إلى 25 من 60 كما لا يستقيم تقدير عمله كوكيل للتفتيش في فبراير سنة 1960 بدرجة ضعيف مع تكليف المصلحة إياه في سنتي 1959، 1960 بعمل المفتش نفسه مدة إجازته كما يذكر المدعي أنه جاء بالتقرير في خانة الملاحظات أنه سبق توقيع جزاءات عليه في سنة 1958، 1959، ويقول إن هذه الجزاءات كانت الحلقات الأولى من سلسلة المظالم التي استهدف إليها أخيراً نتيجة دسيسة دنيئة افتضح أمرها في القضية رقم 171 لسنة 13 التي رفعها أمام القضاء الإداري يطلب إلغائها.
ويختم استطراده بأنه يبين مما تقدم أن تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية للسبب المذكور وقع مخالفاً للقانون ومنطوياً على سوء استعمال السلطة حقيقاً بالإلغاء.
وقد أودع المدعي مع عريضة الدعوى حافظة بها خمسة مستندات، صورة من التقرير السنوي السري عن عام 1959 وصورة من التظلم المقدم منه في 21 من إبريل سنة 1960 من التقرير السنوي عن عام 1959 وكذا صورة من التظلم المقدم منه في 27 من إبريل سنة 1960 من قرار الترقية الصادر بتاريخ 6 من مارس سنة 1960 رقم 1103 لسنة 1959 وصورة من كتاب مدير المساحة التفصيلية المؤرخ 10 من يونيه سنة 1959 باعتماد برنامج الإجازات وثابت به أن المدعي يقوم بعمل المفتش أثناء قيامه بالإجازة الصيفية سنة 1960. وقد قالت والمستند الأخير صورة مماثلة عن قيامه بعمل المفتش أثناء قيامه بالإجازة الصيفية سنة 1960 وقد قالت مصلحة المساحة رداً على الدعوى بأن المدعي حاصل على بكالوريوس الهندسة عام 1935 وألحق بخدمة المصلحة في 26 من نوفمبر سنة 1935 بوظيفة من الدرجة السادسة الفنية ورقي للدرجة الخامسة الفنية العالية في أول مارس سنة 1948، والدرجة الرابعة الفنية في 17 من فبراير سنة 1949 وللدرجة الثالثة الفنية في 31 من أغسطس سنة 1953 وقد تخطته المصلحة في الترقية إلى الدرجة الثانية بالكادر الفني العالي بالقرار المتظلم منه لحصوله على درجة ضعيف في التقرير السري المقدم عنه عن عام 1959 طبقاً للفقرة الثانية من المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفي الدولة.
وقد قدم المدعي مذكرة أثناء تحضير الدعوى ضمنها أن طعنه في قرار تخطيه في الترقية لبطلان سببه أي بطلان التقرير الذي كان سبباً في تخطيه في الترقية وأنه تظلم من التقرير الباطل كلما تظلم من قرار التخطي قبل رفع الدعوى ثم رفع الدعوى في الميعاد القانوني بالنسبة للمتظلمين طعناً على القرارين وطلب الحكم بإلغاء قرار التخطي لبطلان سببه وهذا معناه أنه يطعن ببطلان التقرير السري ويطعن في قرار التخطي الذي كان التقرير السري سبباً له وهذا يساوي تماماً طلب إلغاء قرار لجنة شئون الموظفين وما ترتب عليه كما يساوي تماماً الطعن بإلغاء القرارين.
وبجلسة 15 من يونيه سنة 1961 حكمت المحكمة (بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 1103 لسنة 1959 الصادر في 6 من مارس سنة 1960 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الثانية الفنية بالكادر العالي مع إلزام الحكومة المصروفات) وأقامت المحكمة قضاءها على أنه لما كانت طلبات المدعي تنحصر في إلغاء القرار رقم 1103 لسنة 1959 الصادر في 6 من مارس سنة 1960 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية اعتباراً من 29 من فبراير سنة 1960 لبطلان السبب الذي قام عليه هذا التخطي وأن طعنه يتضمن التقرير السري الذي وضع عن أعماله في سنة 1959 مع ما يترتب على ذلك من آثار مؤسساً دعواه على أن تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية بالقرار المطعون فيه إنما يرجع إلى حصوله على درجة ضعيف في التقرير السنوي الذي وضع عن أعماله في سنة 1959 وهذا التقرير قد بني على أسباب باطلة حسبما أوضحه المدعي في عريضة دعواه، فيستفاد من ذلك أن المدعي يهدف من دعواه إلى إلغاء التقرير السنوي الذي وضع عن أعماله في سنة 1959 وهي السنة السابقة على حركة الترقيات المطعون فيها وذلك باعتبار أن هذا التقرير كان هو السبب الأساسي في تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية في حركة الترقيات التي تمت في 6 من مارس سنة 1960 وصدر بها القرار رقم 1103 لسنة 1959 والثابت من الأوراق أن المدعي عندما أخطر في 6 من مارس سنة 1960 بالتقرير السنوي الذي وضع عن أعماله في سنة 1956 تظلم من هذا التقرير في 21 من إبريل سنة 1960 ثم أعقب هذا التظلم بتظلم آخر في 26 من إبريل سنة 1960 من قرار تخطيه في الترقية.
ويقول الحكم إنه من المسلمات أن قرار لجنة شئون الموظفين في شأن تقدير الكفاية هو قرار إداري يجوز الطعن فيه بالإلغاء لما يترتب على هذا القرار من أثر بالغ في حياة الموظف الوظيفية صعوداً أو هبوطاً. وقد نصت المادة 30 من قانون التوظف على أن يخضع لنظام التقارير السرية جميع الموظفين لغاية الدرجة الثالثة وتعد هذه التقارير في شهر فبراير من كل عام أو في أي شهر آخر يصدر بتحديده قرار من الوزير المختص، بعد أخذ رأي ديوان الموظفين ويكون ذلك على أساس تقدير كفاية الموظف بمرتبة ممتاز أو جيد أو مرض أو ضعيف وتكتب هذه التقارير على النماذج وبحسب الأوضاع التي يقررها وزير المالية والاقتصاد بقرار يصدر منه بعد أخذ رأي ديوان الموظفين ثم صدر القرار رقم 629 لسنة 1957 بتاريخ 3 من ديسمبر سنة 1957 وقضى بأن يتخذ النموذج المرافق للقرار المشار إليه أساساً لتقدير كفاية موظفي الدولة، ونص هذا النموذج في البند الخامس منه على أنه "لما كان التقرير بدرجتي ضعيف وممتاز له أثر ضخم في مستقبل الموظف هبوطاً أو صعوداً فإنه يتعين أن يؤيد هذا التقرير بأسانيد تعززه مستمدة بطبيعة الحال من أعمال الموظف وميوله طوال الفترة موضوع التقرير" ويقول الحكم إن مفاد ذلك أنه يتعين على لجنة شئون الموظفين عند عرض التقرير عليها أن توضح الأسباب التي استندت إليها في تقدير كفاية الموظف.
ويذكر الحكم أنه يبين من الاطلاع على التقرير السنوي الذي وضع عن أعمال المدعي في سنة 1959 أن رئيسه المباشر قدر له درجة ضعيف وذكر في خانة الملاحظات أنه جوزي بخصم 15 يوماً من مرتبه في يوليه سنة 1958 لسوء تقديره لثمن الأرض التي نزعت ملكيتها بناحية دار السلام كما جوزي بخصم يومين في أغسطس سنة 1959 لأنه بوصفه مفتشاً للتثمين لم يراع الدقة في عمله، كما ذكر رئيسه المباشر أن إشرافه على العمل ضعيف فهو لا يقيم بمقر عمله ويسكن القاهرة مما يستتبع حضوره لعمله متأخراً وانصرافه مبكراً وذلك مما يجعل إشرافه على العمل كوكيل لتفتيش من التفاتيش الكبيرة إشرافاً سطحياً لا يستقيم معه حسن سير العمل المصلحي وقد اعتمد هذا التقدير من المدير المحلي ورئيس المصلحة ووقع عليه أعضاء لجنة شئون الموظفين إلا أن هذه التوقيعات سطرت على بياض - وعلى افتراض أن المقصود من ذلك تأييد التقدير المعطى من الرئيس المباشر فإن اللجنة إنما تكون قد قدرت درجة كفاية المدعي بمرتبة ضعيف دون أن توضح الأسباب التي استندت إليها وقد كان الأمر يستلزم أن تقدر درجة كفايته بنفسها من واقع ملف خدمته فإذا اقتنعت بأن كفايته لا تجاوز مرتبة ضعيف كان يتعين عليها أن تبدي الأسباب والأسانيد التي تعزز تقديرها وعلى كل فإذا كانت اللجنة قد اعتمدت التقدير كما هو فإنها تكون قد اقتنعت به وليس في ذلك وجه للبطلان أو مخالفة للقانون كما يذهب المدعي، وتقول المحكمة إنه بالرجوع إلى الكشف المرافق لأوراق الدعوى المؤرخ أول ديسمبر سنة 1960 والمتضمن كفاية المدعي في السنوات من سنة 1953 إلى سنة 1959 يبين أنه حصل من سنة 1953 إلى سنة 1957 على درجة كفاية قدرت بـ 95 درجة وفي سنة 1958 قدرت كفايته بـ 75 درجة وفي سنة 1959 قدرت كفايته بـ "46" درجة ومن هذا يبين أن المدعي لم يتسم بالضعف إلا في سنة 1959 وبالتقرير الذي وضع عن أعماله في 7 من فبراير سنة 1960 وهو الشهر السابق على إجراء الحركة المطعون فيها التي تمت في 6 من مارس سنة 1960 وتستطرد المحكمة إلى القول بأن التقرير المشار إليه قد بني على سببين، الأول مجازاة المدعي بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه عن شهر يوليه سنة 1958 لسوء تقديره لثمن الأرض التي نزعت ملكيتها للمنافع العامة بناحية دار السلام. والسبب الثاني لمجازاته بخصم يومين لأن إشرافه على العمل ضعيف بسبب عدم إقامته بمقر عمله بطنطا بل أنه يسكن مدينة القاهرة مما يستتبع حضوره متأخراً وانصرافه مبكراً مما يجعل إشرافه على العمل إشرافاً سطحياً.
وتقول المحكمة عن السبب الأول أن الثابت من الأوراق أن درجات التقارير السنوية السرية التي حصل عليها المدعي من سنة 1953 إلى سنة 1958 كلها تشهد بكفايته وامتيازه لحصوله فيها على درجات لا تقل عن 90 درجة في كل عام بل حصل في أغلب الأحوال على 95 درجة وليس في ذلك ما يدل على الضعف في الإنتاج، وإذا كان المدعي قد حصل على 46 درجة في عام 1959 لسوء تقديره للأراضي التي نزعت ملكيتها بناحية دار السلام فإن سوء التقدير في حالة ما لا ينهض دليلاً على الضعف في العمل والإنتاج ولا يمحو ما حصل عليه المدعي في السنوات السابقة من تقديرات تشهد بامتيازه وكفايته وإذا كان قد جوزي بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه لسوء تقديره فليس من الجائز اعتباره ضعيفاً في عمله في السنة التالية لتوقيع هذا الجزاء وإلا كان هذا الاعتبار بمثابة جزاء ثان عن عمل واحد سبق مجازاته عنه وهو أمر غير جائز قانوناً.
وتقول عن السبب الثاني الخاص بضعف إشرافه على العمل بسبب عدم إقامته بمقر عمله لسكناه بمدينة القاهرة مما يستتبع حضوره متأخراً وانصرافه مبكراً ويجعل إشرافه على العمل إشرافاً سطحياً، أنه يبين من الأوراق أن المدعي يقيم بعمارة عزيزمتي بطنطا طرف الدكتور فؤاد أبو سيف ولم تقدم جهة الإدارة ما يدحض هذا الدليل المادي بل أنه يبين من الكتاب رقم 930 المشار إليه بمحضر المناقشة التي جرت بجلسة 29 من يناير سنة 1961 تحضير أن المدعي كان يقدم تقارير فنية شهرية عن عمله ولم يثبت أن هذه التقارير تدل على ضعف إشرافه على العمل أو أنها تقارير لا تطابق الحقيقة كما أنه لا يبين من الأوراق أن جهة الإدارة وجهت إليه أي لوم أو أثبتت عليه تأخيراً في الحضور أو تبكيراً في الانصراف وانتهى الحكم إلى القول بأنه لذلك يصبح السببان اللذان كانا عماد تقدير كفاية المدعي في سنة 1959 بدرجة ضعيف منتفيين وينهار التقرير الذي قام عليهما لافتقاره إلى الأساس القانوني السليم الذي يقوم عليه وترتب المحكمة على ذلك أنه لما كان المدعي هو الثالث في كشف الأقدمية في حين أن من المرقين بالقرار المطعون فيه السادة/ غطاس عبد الملك وترتيبه السادس وأحمد محمد علي وترتيبه السابع وعبد السلام محمد لبيب وترتيبه الثامن فإن المذكور يكون أسبق منهم ويتعين تقديمه في الترقية عليهم جميعاً.
وانتهت المحكمة إلى القول بأنه لذلك وجب إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الطعن يقوم أولاً: على أن الحكم المطعون فيه قد استظهر من الاطلاع على التقرير السري عن أعمال المدعي عن سنة 1959 أن كفايته قدرت بدرجة ضعيف استناداً إلى سببين (أولهما) مجازاة المدعي بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه عن شهر يوليه سنة 1958 لسوء تقديره لثمن الأرض التي نزعت ملكيتها للمنافع العامة بناحية دار السلام (ثانيهما) لمجازاته بخصم يومين لأن إشرافه على العمل ضعيف بسبب عدم إقامته بمقر عمله بطنطا بل أنه يسكن بالقاهرة مما يستتبع حضوره متأخراً وانصرافه مبكراً ويجعل إشرافه على العمل سطحياً - ويقول الطعن إن حقيقة الأمر كما يبين من عبارات الحكم أن هذه الأسباب ثلاثة، اثنان منها يتعلقان بمجازاة المدعي بسبب سوء تقديره وعدم مراعاة الدقة في عمله وقد جوزي بسبب ذلك بخصم خمسة عشر يوماً في يوليه سنة 1958 وبخصم يومين في أغسطس سنة 1959. وأما السبب الأخير فيرد إلى ما ذكره رئيسه المباشر بشأن ضعف إشرافه على العمل بسبب عدم إقامته بمقر عمله، ويقول الطعن ولكن الحكم المطعون فيه فهم هذا السبب على أنه سبب الجزاء التأديبي الذي توقع في سنة 1959 وناقشه على أساس هذا الفهم الخاطئ ويترتب على ذلك أن الحكم لم يرد على واقعة مجازاة المدعي في سنة 1959 كعنصر مستقل من عناصر تقدير كفايته عن أعمال تلك السنة بدرجة ضعيف وهذا قصور في التسبيب يعيب الحكم خاصة وأن الحكم لم يعتمد الجزاء الموقع في سنة 1958 بسبب حصوله في سنة سابقة فلا يجوز أن يكون سبباً في اعتبار المدعي ضعيفاً في السنة الثانية لأن الأمر كان واضح الاختلاف بين الجزاءين ولا تصلح الأسباب التي رد بها الحكم على الجزء الأول لعدم الالتفات إلى الجزاء الأخير وأهميته في تقدير كفاية المدعي.
ثانياً: إن تقدير كفاية الموظف عن سنوات سابقة لا ينهض دليلاً على استمرار هذه الكفاية في السنوات اللاحقة إذ قد يطرأ عليه ما يغير حاله من حسن إلى سيء أو العكس ومن أجل هذا جعل القانون نظام التقارير السرية سنوياً حتى يكون التعريف بالموظف وعمله متجدداً ولكي يكون التقرير صورة صادقة عن السنة التي وضع فيها التقرير - ويقول الطعن في خصوص هذه الدعوى أنه لا يود الخوض في ماضي المدعي فقد قبله على الصورة التي أظهرتها التقارير على النحو الذي كان يعرفه به رؤساؤه ولكن لا يمكن تجاهل الحقائق التي حدثت بعد ذلك وكان لها أثر واضح في تقدير المدعي على أساس سليم وأبرز هذه الحقائق فضيحة تقدير ثمن الأرض المنزوعة ملكيتها للمنفعة العامة بدار السلام والتي كانت نتيجتها مجازاة المدعي بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه ويمكن للمحكمة أن ترى صورة واضحة لهذه الواقعة من الاطلاع على التحقيقات الخاصة لتعرف إلى أي مدى يمكن ألا يمحي من الأذهان انحراف المدعي في عمله.
ويذكر الطعن إن هذه الواقعة قد وردت بالتقرير عن عام 1959 لتعطي بالإضافة إلى الجزاء الأخير الذي توقع في سنة 1959 بسبب عدم الدقة في عمل المدعي أيضاً صورة صحيحة عن سلوك المذكور حتى لا يخدع المدير المحلي أو رئيس المصلحة أو لجنة شئون الموظفين في تقديره فيظن أن الجزاء الأخير هو سابقته الأولى بل يجب أن يظهر أمامهم جميعاً على وضعه الصحيح فيقدرونه حق قدره.
ويستطرد الطعن إلى القول بأنه من ناحية أخرى لا محل للاحتجاج بالتقرير الذي وضع عن أعمال المدعي عن سنة 1958 والذي حصل فيه على 75 درجة رغم أن هذه السنة هي التي وقعت فيها فضيحة دار السلام إذ أن هذا التقدير يجب ألا يكون موضع احترام لأن الذي وضعه عن المدعي هم شركاؤه في تلك الفضيحة فيجب أن يتعاونوا أيضاً في سترها في مثل هذه المناسبة لأن التقدير في هذه الحالة لن يكون تقدير خاصاً بالمدعي وحده بل يكون تقديراً لكفايتهم أيضاً.
ثالثاً: إن تقدير كفاية المدعي بدرجة ضعيف عن عام 1959 بسبب توقيع جزاءات عليه لسوء تقديره وعدم دقته في عمله لا يعتبر كما قرر الحكم المطعون فيه تكراراً للجزاء عن عمل واحد ذلك لأن قانون موظفي الدولة قد حدد في المادة 85 منه الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على الموظفين الدائمين وليس من بينها تقدير الكفاية بدرجة ضعيف عن السنة التي وقعت فيها المخالفة ومن جهة أخرى فإنه لا يتصور أن تقرير كفاية الموظف دون اهتمام بالمخالفات التي ارتكبها لمجرد أنه جوزي عنها لأن التقدير في هذه الحالة سيكون بعيداً كل البعد عن الحقيقة.
رابعاً: وأما فيما يتعلق بما قرره الحكم المطعون فيه من أن المدعي تقدم بالدليل الذي يؤيد إقامته بمحل عمله بطنطا ولم تدحضه الوزارة وأنه لم يتبين من الأوراق صحة ما هو منسوب إليه من ضعف إشرافه على العمل فهو قول مبني على استخلاص عاجل لما قدم في الدعوى من أوراق دون ترو أو تحر لحقيقة الواقعة ذلك لأنه ما كان يجوز للمحكمة أن تعتمد على مجرد الأوراق التي يسهل اصطناعها لإثبات إقامة المدعي بطنطا أو أن تستند في ذلك أيضاً إلى خلو ملف المدعي من أي بيان بسبب عدم الإقامة في محل العمل أو التأخير أو تستند في إثبات عدم ضعفه في الإشراف على العمل إلى التقارير التي كان يتقدم بها ولم يعترض عليها أحد. ذلك أن من المسلم أن ملف خدمة الموظف ليس هو الوعاء الوحيد الذي تستقي منه البيانات التي يمكن الحكم منها على كفايته فقد توجد لدى الرئيس المباشر أو المدير المحلي أو رئيس المصلحة من التحريات أو البيانات غير الواردة في الملف ما يعتمد عليها في تقدير كفاية الموظف كما أنه من المسلم أن للجنة شئون الموظفين عند النظر في تقدير كفاية الموظف أن تعتمد على معلومات أعضائها الشخصية، ومن الثابت في خصوص هذه الدعوى أن الرئيس المباشر للمدعي هو الذي أورد تلك المعلومات في التقرير وأيده فيها المدير المحلي ثم رئيس المصلحة ثم لجنة شئون الموظفين مما يقطع بصحتها واستنادها إلى مصادر صحيحة.
ويذكر الطعن أنه يخلص مما تقدم أن تقدير كفاية المدعي بدرجة ضعيف عن عام 1959 تقدير سليم ومطابق للقانون ويجب بناء عليه تخطيه في الترقية التي أجريت في عام 1960 عملاً بالمادة 31 من القانون 210 لسنة 1951، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه سليماً وحصيناً من الإلغاء.
وينتهي الطعن إلى القول بأنه إذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ما سبق فإنه يكون مخالفاً للقانون ومستوجباً للطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا. وتطلب الجهة الإدارية الطاعنة بناء على ذلك الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً حددت فيه وقائع الدعوى والمسائل القانونية التي أثارها النزاع وأبدت رأيها مسبباً ضمنته أنها ترى قبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً باستبعاد طلب المدعي إلغاء القرار الصادر من لجنة شئون الموظفين بتقدير كفايته عن عام 1959 بدرجة ضعيف واحتياطياً بعدم قبول هذا الطلب شكلاً، وبرفض طلبه إلغاء قرار الترقية الصادر في 6 من مارس سنة 1960 المطعون فيه.
وأودع المدعي مذكرة مؤرخة 20 من مارس سنة 1963 ضمنها سابق ما أبداه من دفاع وانتهى إلى طلب الحكم برفض الطعن كما أودع مذكرة ختامية في فترة حجز الدعوى للحكم.
عن قبول الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري:
من حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي أخطر في 20 من مارس سنة 1960 بصورة من التقرير السري بتقدير كفايته عن عام 1959 وتظلم منه بتاريخ 21 من إبريل سنة 1960 كما أخطر بصورة من قرار الترقية رقم 1103 لسنة 1959 المتضمن تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية بالكادر الفني العالي وعلم بهذا القرار في 31 من مارس سنة 1960 فتظلم منه بتاريخ 26 من إبريل سنة 1960 ولما لم تجب السلطات المختصة عن هذين التظلمين دفع دعواه بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 17 من أغسطس سنة 1960 بطلب إلغاء قرار الترقية لبطلان سببه وذلك معناه كما يقول المدعي أنه يطعن في التقرير السري ويطعن في قرار التخطي الذي كان التقرير السري سبباً له أي أنه يطلب إلغاء قرار لجنة شئون الموظفين بتقدير كفايته وما ترتب عليه بمعنى أنه يطعن طالباً إلغاء القرارين وبهذه المثابة يكون دعواه شاملة لطلب إلغاء القرارين وإذا أودع عريضة الدعوى في 17 من أغسطس سنة 1960 فإن دعواه والحالة هذه تكون قد رفعت في الميعاد كما انتهى إلى ذلك الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن قلم الكتاب قد سوى الرسم المستحق على الدعوى عند تسليم الصورة التنفيذية من الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري وقدر ذلك الرسم بمبلغ ستة جنيهات كرسم ثابت فقد اعتبر أن الدعوى تشتمل على طلب تبعي لطلب أصلي ولما كانت الأحكام المتعلقة بالرسوم القضائية تقضي بأنه في حالة وجود طلبات تبعية لبعض الطلبات الأصلية يستحق أرجح الرسمين للخزانة فلا محل والأمر كذلك لما تثيره هيئة المفوضين في تقريرها الذي أودعته عند نظر القضية أمام هذه المحكمة.
عن الموضوع:
ومن حيث إنه يبين أن درجات التقارير السنوية بتقدير كفاية المدعي من عام 1953 إلى عام 1959 هي: 95 درجة في سنة 1953، 93 في سنة 1954، 95 في سنة 1955، 95 في سنة 1956، 95 في سنة 1957، 75 في سنة 1958، 46 سنة 1959 وأن تقريره السنوي السري عن عام 1959 يتضمن العمل والإنتاج ومقدر لهما كنهاية عظمى 60 درجة: (1) الإلمام بالعمل ومدى الاستفادة من التدريب، النهاية العظمى 30 والتقدير بمعرفة الرئيس المباشر 15 (2) السرعة والإنتاج، النهاية العظمي 30 والتقدير بمعرفة الرئيس المباشر 10 والمجموع 25 من 60.
المواظبة (10 درجات): (1) مدى استعمال الموظف لحقوقه في الإجازات والتقدير بمعرفة الرئيس المباشر 4 (2) مدى احترام الموظف لمواعيد العمل الرسمية، والتقدير بمعرفة الرئيس المباشر 3 والمجموع 7 من 10.
الصفات الشخصية (20) درجة المعاملة والتعاون والسلوك الشخصي النهاية العظمى 20 والتقدير بمعرفة الرئيس المباشر 8 والمجموع 8 من 20.
القدرات (10 درجات) الاستعداد الذهني وحسن التصرف والتيقظ النهاية العظمى 10 والتقدير بمعرفة الرئيس المباشر 6 والمجموع 6 من 10.
المجموع الكلي بالأرقام 46 من 100.
مرتبة الكفاية ضعيف وتلا ذلك توقيع الرئيس المباشر.
وقد تضمنت خانة الملاحظات: (1) 15 يوماً في يوليه سنة 1958 لسوء تقديره لثمن الأرض التي نزعت ملكيتها لإقامة مدرسة الصناعات المعمارية بناحية دار السلام.
(2) يومان في أغسطس سنة 1959 لأنه بوصفه كان مفتشاً للتثمين لم يراع الدقة في عمله كما تضمن التقرير أن إشرافه على العمل ضعيف فهو لا يقيم بمقر عمله ويسكن القاهرة مما يستتبع حضوره لعمله متأخراً وانصرافه مبكراً، وذلك مما يجعل إشرافه على العمل كوكيل لتفتيش من التفاتيش الكبيرة إشرافاً سطحياً ولا يستقيم معه حسن سير العمل المصلحي - ووقع على هذه الملاحظات الثلاث الرئيس المباشر كما تضمن التقرير أن رأي المدير المحلي ضعيف وأعقب ذلك بتوقيعه ورأي مدير المصلحة ضعيف وأعقب ذلك بتوقيعه ثم اعتمدت اللجنة التقرير بتوقيعات رئيسها وعضويتها في 7 من فبراير سنة 1960.
وحصل على الإجازات الاعتيادية الآتية: -
1) 30 يوماً من 28 من سبتمبر سنة 1959.
2) 3 أيام من 29 من ديسمبر سنة 1959.
والإجازات المرضية كالآتي: -
1) 24 يوماً من 23 من يونيه سنة 1959.
2) 14 يوماً من 28 أكتوبر سنة 1959 أي امتداد للإجازة الاعتيادية الموضحة تحت رقم 2 وحصل على الإجازات العارضة على الوجه الموضح بعد:
1) يوم 25 من فبراير سنة 1959.
2) يوم 11 من مارس سنة 1959.
3) يومين من 26 من يوليه سنة 1959.
4) يوم 17 من سبتمبر سنة 1959.
5) يوم 21 من ديسمبر سنة 1959.
وهو ليس من الموظفين الملزمين بإثبات حضورهم وانصرافهم في الدفاتر المعدة لذلك باعتباره وكيلاً للتفتيش.
ونقل لتفتيش طنطا بتاريخ 21 من سبتمبر سنة 1958 وموضح بكشف العناوين أمام اسمه (عمارة عزيز متى شارع سعيد طرف الدكتور فؤاد أبو سيف).
وتضمن التماس المدعي المقدم منه في 5 من نوفمبر سنة 1958 لوزير الأشغال طلباً لإلغاء نقله إلى طنطا وأن العمل بتفتيش المساحة لا يتفق مع تخصصه في الأعمال الهندسية بمقولة إنه مهندس معماري ولا ارتباط بين تخصصه والأعمال المساحية ويرى أن هذا الوضع لا يتفق مع ما هو مقرر من أن يوضع الموظف في الوظيفة اللائقة له بالنسبة لتخصصه وقد قرر المدعي هذا المعنى في تظلمه من تقرير لجنة شئون الموظفين لتقدير كفايته عن عام 1959 بدرجة ضعيف وهو المحرر في 21 من إبريل سنة 1960 وجاء بعريضة الدعوى المودعة في هذه القضية قول المدعي إن عائلته تقيم بالقاهرة بسبب وجود أولاده بمدارس خاصة بالقاهرة.
ومن حيث إنه نظراً لما يرتبه القانون رقم 210 لسنة 1951 على التقارير السرية من آثار بعيدة المدى في مراكز الموظفين من حيث العلاوات والترقيات أو صلتها بالوظيفة أوجب أن تمر تلك التقارير على السنن والمراحل التي استنها ورسمها ونظمها، فإذا ما استوفت هذه التقارير أوضاعها المرسومة ومرت بمراحلها وقامت على وقائع صحيحة تؤدي إليها فإنها تكون صحيحة تستقر بها لذوي الشأن مراكز قانونية لا يجوز المساس بها وذلك بحسب النتيجة العامة النهائية وعلى أساس التقديرات التي تمت سواء من الرئيس المباشر والمدير المحلي فرئيس المصلحة وبعد عرضها على لجنة شئون الموظفين وهي تقديرات لا رقابة للقضاء عليها ولا سبيل له إلى مناقشتها لتعلقها بصميم اختصاص الإدارة الذي ليس للقضاء أن ينصب نفسه مكانها فيه.
ومن حيث إن المدعي ينعى على تقدير كفايته عن عام 1959 ما نسب إليه من عدم إقامته بطنطا مما يستتبع حضوره لعمله متأخراً وانصرافه مبكراً ويجعل إشرافه على العمل كوكيل للتفتيش من التفاتيش الكبيرة إشرافاً سطحياً لا يستقيم معه حسن سير العمل بدليل أنه لم يوجه إليه يوماً ما أي تنبيه في هذا الشأن.
ومن حيث إنه يجب على الموظف أن يقيم بالجهة التي بها مقر وظيفته كما تقضي بذلك المادة 74 من قانون التوظف رقم 210 لسنة 1951 ويقرر المدعي بقيامه بهذا الواجب إلا أن قوله بأن عائلته تقيم بالقاهرة بسبب وجود أولاده بمدارس خاصة هناك وبأنه يقيم طرف الدكتور فؤاد أبو سيف بعمارة عزيز متى بشارع سعيد بطنطا قول المدعي هذا، يرشح للاعتقاد بأنه لا يقيم بطنطا مقر عمله وأنه يسافر إلى القاهرة ليكون بجوار أسرته كما تقرر الجهة الإدارية وبالتالي لا يحرص على البقاء طوال الوقت المقرر رسمياً للعمل يحضر في الصباح متأخراً وينصرف مبكراً، كما يؤكد انصرافه المدعي عن العمل الرسمي كثرة الإجازات التي قام بها أثناء عام 1959 وتلمسه للإجازات من جميع أنواعها اعتيادية ومرضية وعرضية، وعدد هذه الإجازات 77 يوماً على الوجه المفصل آنفاً.
ولئن كانت الإجازات حقاً للموظف نظمه القانون إلا أن كثرتها وتنوعها على هذا النحو من التعدد والحصول عليها في شتى المناسبات ولمختلف الأسباب، يفيد الانصراف عن العمل الرسمي وعدم الاهتمام به وعدم الحرص على تأديته بالدقة المطلوبة وفي الوقت المناسب مما لا يستقيم معه حسن سير العمل وانتظامه.
وترتيباً على ذلك إذا ما قررت الجهة الإدارية في بند المواظبة المقدر له 10 درجات، وعناصره الفرعية: (1) مدى استعمال الموظف لحقوقه في الإجازات ومنحته 4 درجات من 5. (2) مواعيد احترام الموظف لمواعيد العمل الرسمية ومنحته 3 درجات من 5، كان لهذا التقدير مبرره وكان استخلاص الجهة الإدارية، لما وصمت به المدعي من ضعف الإشراف على العمل وأنه إشراف سطحي لا يستقيم معه حسن سير العمل المصلحي، استخلاصاً منضبطاً لعدم حرصه على البقاء طوال الوقت لمباشرة عمله بسبب حضوره متأخراً وانصرافه مبكراً ولكثرة إجازاته.
ومن حيث إنه سبق بيان أن المدعي قد قرر أن العمل بتفتيش المساحة لا يتفق مع تخصصه في الأعمال الهندسية بحسبان أنه مهندس معماري ولا ارتباط بين تخصصه والأعمال المساحية وأنه يرى أن هذا الوضع لا يتفق مع ما هو مقرر من أن يوضع الموظف في الوظيفة اللائقة له بالنسبة لتخصصه.
ومن حيث إن ذلك الذي قرره المدعي كان له صدى في عمله وإنتاجه وفي مدى إلمامه بالعمل المناط به فانتهى الأمر في تقدير كفايته إلى خمس وعشرين درجة من ستين درجة على التفصيل السابق، الأمر يتضح منه أن هذا التقدير له مسوغه لعدم إلمام المدعي بالعمل بإقرار المدعي ذاته مما أدى إلى تدهور إنتاجه وكان سبباً في الهبوط بتقدير كفايته عن عنصري العمل والإنتاج.
ومن حيث إنه ما عدا ذلك من عناصر التقدير فلا يعدو دفاع المدعي فيها أن يكون مجادلة في أمور هي من صميم اختصاص الإدارة بسلطتها التقديرية مما يخرج عن رقابة القضاء الإداري ما دام لم ينطو على إساءة استعمال السلطة، الأمر الذي لم يقم عليه دليل صحيح في الأوراق وبوجه خاص إذا لوحظ من مقارنة التقارير في السنوات السابقة أن حالة المدعي كانت سائرة في طريق الهبوط والانحدار ولم تتحسن إلا عقب تقدير كفايته في سنة 1959 المطعون فيه فرقي إلى الدرجة الثانية من 26 من إبريل سنة 1961 بالقرار رقم 1830 لسنة 1960 الصادر بتاريخ 30 من مايو سنة 1961 المنشور بالعدد السادس الصادر في يونيه سنة 1961 من النشرة المصلحية الشهرية لمصلحة المساحة.
ومن حيث إنه يخلص من ذلك أن تقدير كفاية المدعي في سنة 1959 بدرجة ضعيف صدر مطابقاً للقانون.
ومن حيث إن الفقرة الثانية من المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تقضي بأنه "يترتب على تقديم تقرير بدرجة ضعيف حرمان الموظف من أول علاوة دورية مع تخطيه في الترقية في السنة التي قدم فيها هذا التقرير. فمن ثم يكون قرار تخطي المدعي في الترقية للدرجة الثانية بالقرار المطعون فيه رقم 1103 لسنة 1959 قد صدر مطابقاً للقانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.