مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة 32 - الجزء الثاني (أول مارس 1987 - 30 سبتمبر 1987) - صـ 1049

(160)
جلسة 31 من مارس سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد الفتاح السيد بسيوني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ شفيق محمد سالم مصطفى وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وعطية الله رسلان أحمد فرج المستشارين.

الطعن رقم 998 لسنة 29 القضائية

أ ) دعوى - إثبات الدعوى - أدلة الإثبات - الخبرة.
الاستعانة بأهل الخبرة كإجراء من إجراءات الإثبات هو أمر تقدره محكمة الموضوع - المحكمة ليست ملزمة برأي الخبير إلا بما تراه حقاً وعدلاً - مؤدى ذلك - أنه يجوز للمحكمة أن تطرح ما انتهى إليه الخبير كله أو بعضه - أساس ذلك: تطبيق مبدأ حرية القاضي في تكوين عقيدته من الأدلة المطروحة أمامه - تطبيق.
 ب) ملكية - انتقالها - تسجيل.
المادة (14) من القانون رقم 18 لسنة 1923 بإصدار قانون التسجيل.
في ظل العمل بالقانون المدني القديم وقبل صدور قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 كان ملكية العقار تنتقل من البائع إلى المشتري بمجرد التعاقد دون حاجة إلى التسجيل - عدم سريان أحكام القانون رقم 18 لسنة 1923 والمعمول به اعتباراً من أول يناير سنة 1924 على المحررات التي ثبت تاريخها ثبوتاً رسمياً قبل تاريخ العمل به - أساس ذلك: المادة 14 من القانون رقم 18 لسنة 1923 - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 2 من مارس 1983 أودع الأستاذ نبيل كامل أحمد المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 998 لسنة 29 القضائية عليا ضد كل من 1 - حسانين محمد عبد القادر 2 - ورثة المرحوم حكيم نجيب مقار وهم أولاده/ سعد، وهيب، وهبه، يوسف، لطيف، سعدية، سعاد، سميحة، والسيدة زوجته دويده بباوى بشاي عن نفسها وبصفتها وصية على القاصر موسى حكيم مقار عن القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بجلسة 2/ 1/ 1983 في الاعتراض رقم 583 لسنة 1978 المقام من المطعون ضدهم ضد الهيئة الطاعنة والذي قرر بقبول الاعتراض شكلاً وبالاعتداد بالتصرف موضوع الاعتراض وإلغاء الاستيلاء والموقع على مساحة قدرها 20 س 12 ط 4 ف الموضحة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى المسجلة رقم 9954/ 1962 أسيوط وتقرير الخبير.. وطلبت الهيئة الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ورفض الاعتراض محل الطعن مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات والأتعاب.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم في 3/ 4/ 1983.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانون انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة فقررت بجلسة 21/ من يناير سنة 1987 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 3 من فبراير سنة 1987 وفيها سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت إصدار الحكم بجلسة 17/ 3/ 1987 وفيها مد أجل النطق بالحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل حسبما يتبين من الأوراق في أن المطعون ضدهم أقاموا الاعتراض رقم 583 لسنة 1978 ضد الهيئة الطاعنة بصحيفة أودعت سكرتيرية اللجان القضائية للإصلاح الزراعي بتاريخ 15/ 10/ 1978 وطلبوا في ختامها قبول الاعتراض شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الاستيلاء على مساحة 20 س 12 ط 4 ف الكائنة بحوض 44 طرح بحر بزمام مركز ساحل سليم (البداري سابقاً) المستولى عليها قبل الأجنبي ابيكو لكنشو. وقالوا شرحاً لاعتراضهم أنهم يمتلكون هذه المساحة بالشراء من محمد شكري أحمد مهران الشهير بشاكر أحمد مهران والتي آلت إليه من الأجنبي اميلكو وأن ملكيتهم لها ثابتة بوضع يدهم ويد سلفهم من قبلهم أكثر من خمس عشر سنة وضع يد هادئ مستمر مكسب للملكية كما وأن دليل ثبوت التاريخ مستمر من دعوى صحة ونفاذ رقم 297 لسنة 1962 كلي أسيوط.
وحدد لنظر الاعتراض أمام اللجنة القضائية الخامسة للإصلاح الزراعي جلسة 13/ 1/ 1979 وتدوول بالجلسات على الوجه المبين بمحضرها بجلسة 11/ 2/ 1979 قررت اللجنة قبول الاعتراض شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بأسيوط ليندب أحد خبرائه المختصين لأداء المأمورية به المكلف بها والموضحة بمنطوق هذا القرار. وقد أودع الخبير تقريره في 6/ 6/ 1969 وخلص فيه إلى النتائج التالية: 1 - أطيان الاعتراض تبلغ مساحتها 10 س 6 ط 4 ف حسبما ظهر من المقاس الفعلي على الطبيعة وتقع بحوض قلعة البلح/ 44 طرح بحر بالحدود الموضحة بالتقرير ص 3 وهي أرض زراعية لا ينطبق عليها القرار التفسيري رقم 1 لسنة 1963 - 2 - أن ما تم الاستيلاء عليه من الأطيان المشار إليها هو مساحة 12 ط 3 ف تدخل ضمن المساحتين الأولى والثانية الموضحة ص 1253 من التقرير قبل الخواجة اميلكو كلتشو (مدلو كوتاشا) من رعايا حكومة النمسا طبقاً للقانون رقم 15/ 1963 بموجب محضر الاستيلاء المؤرخ 4/ 11/ 1978 3 - آلت أرض الاعتراض الحالي للمعترض الأول ومورث المعترضين الآخرين بالشراء من محمد شكري أحمد مهران الشهير بشاكر بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 14/ 11/ 1959 صدر عنه حكم إثبات صحة التعاقد في القضية رقم 297 لسنة 1962 ك أسيوط المسجلة عريضة دعواها برقم 9954 في 21/ 11/ 1962 وأن البائع للمذكورين آلت إليه هذه الأطيان بالشراء من الخواجة اميلو كلتشو ضمن عقد بيع عرض مؤرخ 21/ 1/ 1913 ثابت التاريخ أمام محكمة أبو تيج الجزئية رقم 687 في 18/ 3/ 1923 وأن أرض الاعتراض قد استنزلت فعلاً من تكليف الخواجة المذكور بعريضة الدعوى رقم 267 لسنة 1962 ك أسيوط سالفة الذكر.
وبجلسة 1/ 1/ 1983 أصدرت اللجنة القضائية قرارها المطعون فيه بالاعتداد بالتصرف موضوع الاعتراض وإلغاء الاستيلاء الموقع على مساحة قدرها 20 س 12 ط 4 ف الموضحة المحدود والمعالم بعريضة الدعوى المسجلة برقم 9954 لسنة 1962 أسيوط وتقرير الخبير.
وأقامت اللجنة قرارها على أنها تطمئن إلى النتائج التي انتهى إليها تقرير الخبير وأن التصرف بالعقد الابتدائي المؤرخ 14/ 11/ 1959 ثابت التاريخ قبل يوم 23 ديسمبر سنة 1961 وفق أحكام المادة الثانية من القانون رقم 15 لسنة 1963 ودليل ذلك أنه قدم طلب لشهر عريضة دعوى صحة ونفاذ هذا العقد والمقيدة برقم 297 لسنة 1962 كلي أسيوط وهذا الطلب برقم 1862 وقدم يوم 26/ 11/ 1961 كما هو ثابت على هامش صورة العريضة المذكورة المستخرجة من أصلها المسجل رقم 9954/ 62 أسيوط وأن مجال تطبيق المادة 7 من القانون رقم 15 لسنة 1963 أن تكون الأرض مملوكة للخاضع أو يضع يده عليها في حين أنه في الحالة الماثلة قد خرجت الأرض من ملكيته بموجب عقد البيع الابتدائي الثابت التاريخ الصادر منه وفقاً لأحكام الفقرة 3 من المادة 23 من القانون رقم 114 لسنة 1946 كما أنه ثابت من تقرير الخبير أنه لا يضع يده عليها ومن ثم فلا مجال لتطبيقها. وأن مجال تطبيق المادة 8 من القانون رقم 15 لسنة 1963 أن تكون الأرض في موضع يد حائز دون سند في حين أن الأرض مشتراه بموجب عقد البيع الابتدائي المؤرخ 14/ 11/ 1959 وقد ثبت تاريخ هذا التصرف في يوم 26/ 11/ 1961 قبل سريان أحكام القانون 15 لسنة 1963 أي قبل 23/ 12/ 1961 ولم تكن الأرض في وضع يد حائز دون سند ومن ثم فلا مجال لتطبيق هذه المادة.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على أن القرار المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون استناداً إلى أن الخاضع هو "مدلو كاتاشا" وهو اسم يختلف اختلافاً بيناً عن اسم البائع في عقد البيع المؤرخ 1/ 1/ 1913 وهو اميلكو كلتشو وأن المستندات المقدمة من المعترضين للتدليل على أن كل من الاسمين لشخص واحد لا تكفي للدلالة على ذلك لصدورها من جهة غير مختصة وإذ استندت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في قرارها إلى هذه الوثائق للقول بأن التصرف الصادر للمعترضين على هذا النحو من غير خاضع يكون مخالفاً للقانون متعين الإلغاء، كما أن القرار المطعون فيه قد شابه قصور في التسبيب إذ لو افترض جدلاً أن البائع هو الخاضع فإنه يلزم للاعتداد بتصرفه أن يكون هذا التصرف ثابت التاريخ بإحدى طرق الإثبات التي حددها القانون وهي من المسائل القانونية التي كان يتعين على اللجنة أن تقول كلمتها فيها ويغني عن ذلك اعتماد اللجنة على تقرير الخبير لإثبات وقائع النزاع.
ومن حيث إنه من المقرر أن الاستعانة بأهل الخبرة كإجراء من إجراءات الإثبات هو أمر متروك تقديره لمحكمة الموضوع وإذا ما رأت الاستعانة برأي الخبير فإن لها التقدير الموضوعي لكافة عناصر الدعوى وهي لا تلتزم إلا بما تراه حقاً وعدلاً من رأي لأهل الخبرة ولها أن تأخذ بما تطمئن إليه من تقرير الخبير ولها أن تطرح ما انتهى إليه الخبير كله أو بعضه. وإذ انتهت اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في قرارها المطعون فيه إلى الأخذ بتقرير الخبير وما انتهى إليه من نتائج على الوجه السالف ذكره تفصيلاً فإنه لا وجه لتعيب قرارها لهذا السبب خاصة متى كان قد ثبت من الأوراق أنه لا يوجد ثمة أطيان أخرى للأجنبي قد وردت بتكليفه خلاف أرض الاعتراض وأن هذه الأرض قد بيعت إلى الباع للمعترضين وهو مصري الجنسية بعقد عرفي مؤرخ 1/ 1/ 1913 وثابت التاريخ أمام محكمة أبو تيج الجزئية برقم 687 في 18/ 3/ 1923 وأنه لا يوجد ثمة أجنبي أخر بالتكليف الذي تقع فيه الأرض موضوع المنازعة خلاف المستولى لديه "وإذ كان هذا الاسم يختلف بعض الاختلاف عن اسم اميلو كاتشو البائع في ذلك العقد فإن ذلك ليس من شأنه التشكك في حقيقة الخصوم واتصالهم بالخصومة المرددة في المنازعة المماثلة وأنهما شخص واحد وهذا لا يعتبر نقصاً أو خطأ جسيماً يترتب عليه البطلان طبقاً للمستقر عليه وفي الحالة المعروضة قد لوحظ من ذات قسائم مصلحة الأموال المقررة الدالة على سداد الضريبة اختلاف كتابة اسم الأجنبي في كل قسيمة عن الأخرى فمرة تكتب باسم اميلو ملكو ومرة باسم مدلو وهي قسائم حكومية دون أن يغني ذلك اختلاف المكلف بالضريبة في كل مرة يحدث فيها هذا الخطأ الكتابي.
ومن حيث إن لثابت كما تقدم أن الأرض محل المنازعة قد انتقلت ملكيتها من الأجنبي المذكور بالتصرف الصادر منه إلى محمد شكري أحمد مهران وذلك بموجب العقد العرفي المؤرخ 1/ 1/ 1913 والثابت التاريخ أمام محكمة أبو تيج الجزئية برقم 687 في 18/ 3/ 1923 ذلك أنه من المقرر في ظل العمل بالقانون المدني القديم وقبل صدور قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 أن الملكية في العقار تنتقل إلى المشتري بمجرد التعاقد دون حاجة إلى التسجيل وقد قضت المادة 14 من قانون التسجيل المشار إليه والصادر في 23/ 6/ 1923 والمعمول به من أول يناير سنة 1924 بعدم سريانه على المحررات التي ثبت تاريخها ثبوتاً رسمياً قبل تاريخ العمل به من أول يناير سنة 1924 بل تظل هذه المحررات خاضعة من حيث الآثار التي تترتب عليها لأحكام القوانين التي كانت سارية عليها ومن ثم فإنه ومن تاريخ العقد المؤرخ 1/ 1/ 1913 - الثابت التاريخ ثبوتاً رسمياً في 18/ 3/ 1923 تضحى الأرض موضوع المنازعة مملوكة للمشتري المذكور المصري الجنسية - ولما كان الأمر كذلك وكانت المادة الثانية من القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية وما في حكمها قد نصت على أنه تؤول إلى الدولة ملكية الأراضي الزراعية وما في حكمها من الأراضي القابلة للزراعة والبور والصحراوية المملوكة للأجانب وقت العمل بهذا القانون بما عليها من المنشآت والآلات.. ولا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكامه ما لم تكن صادرة إلى أحد المتمتعين بجنسية الجمهورية العربية المتحدة وثابتة التاريخ قبل يوم 23 من ديسمبر سنة 1961 ومن ثم وقد وضح مما تقدم أن الأرض موضوع المنازعة مملوكة لمصري ولم تكن مملوكة لأجنبي وقت العمل بالقانون رقم 15 لسنة 1963 فمن ثم لا تنطبق على أرض النزاع أحكام هذا القانون ويكون الاستيلاء الموقع عليها مخالفاً للقانون دون ثمة حاجة بعد ذلك لبحث تصرف المالك المصري إلى المطعون ضدهم أو مدى ثبوت تاريخ هذا التصرف ومن ثم يضحى القرار المطعون فيه الصادر من اللجنة القضائية محمولاً على الأسباب المتقدمة متفقاً وأحكام القانون ويكون لذلك الطعن عليه دون سند من القانون جديراً لذلك بالرفض.
ومن حيث إن الطاعنة قد خسرت الطعن فمن ثم يتعين إلزامها بمصروفاته عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الهيئة الطاعنة بالمصروفات.