مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1963 إلى آخر يناير 1964) - صـ 490

(42)
جلسة 19 من يناير 1964

برئاسة السيد/ عبد العزيز الببلاوي رئيس المجلس وعضوية السادة/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف ومحمد تاج الدين يس وعبد الفتاح نصار وأبو الوفا زهدي المستشارين.

القضية رقم 1196 لسنة 8 القضائية

موظف - مرتب - تقادم - سقوط الحق في اقتضاء الفروق المالية المترتبة على التسوية بالنسبة لما انقضى عليه منها خمس سنوات - اعتبار التظلم المرفوع إلى اللجنة القضائية قاطعاً لهذه المدة - يظل هذا الانقطاع قائماً ومستمراً حتى يصدر الحكم النهائي في الدعوى.
لا محل للقول بسقوط الحق في الفروق المالية المترتبة على هذه التسوية بالنسبة إلى ما انقضى عليه منها أكثر من خمس سنوات قبل تاريخ طلب الإعفاء من رسوم الطعن في قرار اللجنة القضائية بمقولة إن المدة التي انقضت بين تاريخ صدور قرار اللجنة القضائية في 2 من ديسمبر سنة 1953 وتاريخ التقدم بطلب الإعفاء من رسوم الطعن في هذا القرار الموافق 2 من مايو سنة 1960 قد جاوزت الخمس سنوات التي تسقط بانقضائها ديون الغير قبل الدولة، لا أساس لكل ذلك، لأن هذه المدة لا ينبغي قياسها على المدد السابقة بأكثر من خمس سنوات على إقامة الدعوى ذلك أن الخصومة الإدارية بعد افتتاحها برفع التظلم إلى اللجنة القضائية تعتبر مستمرة متصلة الحلقات ما دام لم يصدر فيها حكم نهائي، فإذا كان الطعن في قرار اللجنة القضائية يجوز أن يرفع بعد أن تطاول من تاريخ صدوره بسبب حساب ميعاد سقوط الحق في الطعن فيه من تاريخ إعلان ذوي الشأن به أو علمهم بفحواه علماً يقينياً غير ظني ولا افتراضي، فإن هذا الأمد الطويل لا يحجب قيام الخصومة قانوناً بين أطرافها ولا يحول دون عدم انحسامها بحكم نهائي، وما دام الطعن في قرار اللجنة القضائية يعتبر مقبولاً حسبما سلف بيانه فالخصومة تعد مستمرة حتى يصدر فيها حكم نهائي، وعلى ذلك لا مناص من اعتبار التظلم المرفوع إلى اللجنة القضائية قاطعاً لميعاد سقوط الفروق الناشئة عن التسوية المحكوم بها ما لم ينقض عليه أكثر من خمس سنوات عند تقديم هذا التظلم القاطع بحيث يظل هذا الانقطاع قائماً مستمراً حتى يصدر الحكم النهائي في الدعوى.


إجراءات الطعن

في 26 من مايو سنة 1962 أودع السيد النائب عن رئيس إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيدت بجدولها تحت رقم 1196 لسنة 8 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة التسويات) بجلسة 26 من مارس سنة 1962 في الدعوى رقم 860 لسنة 15 القضائية المقامة من السيد/ مختار مصطفى عوض ضد وزارة التربية والتعليم والقاضي: "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه وبأحقية المدعي في تسوية حالته بوضعه في الدرجة الثامنة بعد مضي خمس سنوات من تاريخ التحاقه بوظيفة معلم تربية بدنية لوزارة الحربية اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1943 مع ما يترتب على ذلك من آثار. ومع عدم صرف ما انقضى عليه من الفروق المالية أكثر من خمس سنوات ميلادية سابقة على 27 من يوليه سنة 1953 تاريخ تقديم تظلمه إلى اللجنة القضائية وإلزام الحكومة بالمصروفات. وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضده في 3 من يوليه سنة 1962. وفي 14 من يناير سنة 1963 أبلغ الخصوم بجلسة 9 من فبراير سنة 1963 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 6 من أكتوبر سنة 1963. وفي هذه الجلسة سمعت هذه المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم أرجأت النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية..
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية اللجنة القضائية لوزارة التربية والتعليم بتاريخ 27 من يوليه سنة 1953 تقدم المدعي بالتظلم رقم 9729 لسنة 1 القضائية ذكر فيه أنه حصل على شهادة التربية البدنية ثم التحق بوظيفة مدنية بوزارة الحربية في أول أكتوبر سنة 1938 باشر فيها عمل مدرس تدريب عسكري وتربية بدنية بمدارس وزارة المعارف ثم حصل على الشهادة الابتدائية في مايو سنة 1947 ونقل إلى خدمة وزارة المعارف في 24 من ديسمبر سنة 1947 وما زال حتى تقديم تظلمه في الدرجة التاسعة وطلب الانتفاع بأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 الخاص بإنصاف معلمي التربية البدنية وبجلسة 2 من ديسمبر سنة 1953 قررت اللجنة القضائية المشار إليها أحقية المدعي في الدرجة الثامنة بمرتب ستة جنيهات شهرية بعد خمس سنوات من نقله إلى وزارة التربية والتعليم وما يترتب على ذلك من آثار" وقد أسست اللجنة قرارها على أنه لا يجوز للمتظلم المدعي الاستفادة من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 إلا من تاريخ نقله إلى وزارة المعارف في 24 من ديسمبر سنة 1947 وقد طعن المدعي في قرار اللجنة القضائية المشار إليه أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 860 لسنة 15 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة المذكورة في 28 من يونيه سنة 1961 طلب فيها الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المشار إليه وبتسوية حالته بمنحه الدرجة الثامنة براتب شهري قدره ستة جنيهات اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1943 أي بعد انقضاء خمس سنوات على تاريخ تعيينه بوزارة الحربية في وظيفة معلم للتدريب العسكري والتربية الرياضية بالجامعة والمعاهد العليا والمدارس الثانوية مع ما يترتب على ذلك من آثار وقال شرحاً لطعنه إنه عين معلماً للتدريب العسكري طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يناير سنة 1939 بعد انقضاء خمس سنوات خدمة بالجيش حصل في بدايتها على شهادة في تعليم التربية الرياضية من مدرسة التربية الرياضية بالجيش في 19 من سبتمبر سنة 1935 ثم في 21 من ديسمبر سنة 1947 نقل إلى وزارة التربية والتعليم في نفس العمل على الدرجة التاسعة وقال إنه تقدم في 27 من يوليه سنة 1953 بتظلم إلى اللجنة القضائية طلب فيه منحه الدرجة الثامنة بعد مضي خمس سنوات من تاريخ تعيينه بالتدريب العسكري أي من أول أكتوبر سنة 1938 طبقاً لقرار 9 من مارس سنة 1947 وبمناسبة دعوى أخرى كانت مطروحة على المحكمة الإدارية للتربية والتعليم فوجئ المدعي بصورة من قرار اللجنة القضائية الصادر في التظلم رقم 9729 لسنة 1 القضائية مودعة ملف خدمة وتتضمن القضاء له باستحقاق الدرجة الثامنة ابتداء من 21 من ديسمبر سنة 1952 استناداً إلى أن مدة الخمس سنوات تبدأ من تاريخ نقله إلى وزارة التربية والتعليم في 21 من ديسمبر سنة 1947 واستطرد المدعي الطاعن قائلاً أن المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 160 لسنة 1952 تنص على أن "تعتبر القرارات الصادرة من اللجنة القضائية قرارات إدارية نهائية ولا يجوز رفع المنازعات والطلبات المبينة بالمادة الثانية إلى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة إلا بطريق الطعن في هذه القرارات ولكل من الطرفين حق الطعن في الميعاد المبين في المادة 12 من قانون مجلس الدولة" وهذا الميعاد كما تقضي المادة الثانية عشرة - هو ستون يوماً تسري من تاريخ نشر القرار الإداري أو إعلان صاحب الشأن به ويقوم مقام الإعلان كما استقر على ذلك القضاء الإداري - علم صاحب الشأن بالقرار علماً يقيناً شاملاً لأسبابه وفحواه لا علماً ظنياً أو افتراضياً. وقال إنه لم يعلم بالقرار علماً يقينياً إلا قبيل طلب الإعفاء من الرسوم القضائية من لجنة المساعدة القضائية بفترة وجيزة ولا تجاوز الستين يوماً، وقال إن القرار المراد تطبيقه على موضوع النزاع وهو قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 حكمه عام اشترط قضاء خمس سنوات في خدمة حكومية لاكتساب الخبرة الفنية المطلوبة دون تخصيص بأن تقضى هذه المدة في مدارس وزارة التربية والتعليم وهذا ما قضت به المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 86 لسنة 4 القضائية وعليه طلب إلغاء قرار اللجنة القضائية لاعتناقه هذا النظر والقضاء باستحقاقه الدرجة الثامنة اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1943 أي بعد انقضاء خمس سنوات من تاريخ تعيينه بوزارة الحربية في وظيفة معلم تربية بدنية ورياضية في أول أكتوبر سنة 1938 مع ما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية عن الخمس سنوات السابقة على تاريخ تقديم تظلمه إلى اللجنة القضائية في 27 من يوليه سنة 1953. وردت الحكومة على هذا الطعن المقدم من المدعي بأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 لا يفيد إلا السادة معلمي التربية البدنية الموجودين فعلاً في الخدمة وقت صدور القرار المذكور أما المدعي فلم يعين بوزارة التربية والتعليم إلا في 21 من ديسمبر سنة 1947 فلا ينطبق عليه كما أن القرار المذكور جاءت عباراته صريحة في انطباقه على السادة معلمي التربية البدنية المعينين على درجات خارج الهيئة وقضوا بها خمس سنوات خبرة وقد أجاز تعيينهم في الدرجة الثامنة أو التاسعة، أما المدعي الطاعن فقد عين على الدرجة التاسعة ولم يعين خارج الهيئة والمدعي فوق هذا لم ينقل من إدارة الجيش إلى وزارة التربية والتعليم كما جاء في دعواه وإنما عين بالوزارة المذكورة في 21 من ديسمبر سنة 1947 في الدرجة التاسعة على أثر حصوله على الشهادة الابتدائية في سنة 1947 واستطرد قائلاً أن قرار اللجنة القضائية الصادر في التظلم رقم 2927 لسنة 1 القضائية القاضي باستحقاقه الدرجة الثامنة بعد خمس سنوات من تاريخ نقله الفعلي إلى وزارة التربية والتعليم وقد نفذ هذا القرار ومنح الدرجة الثامنة علماً بأنه لم ينقل إلى هذه الوزارة بل عين بها تعييناً جديداً في سنة 1947. وردت الوزارة على طلبات الطاعن معترضة على طلبه الخاص باستحقاقه الدرجة الثامنة الفنية في أول أكتوبر سنة 1943 أي بعد خمس سنوات من تاريخ تعيينه بإدارة التدريب العسكري الجامعي بأنه عين بالوزارة في 21 من ديسمبر سنة 1947 بالدرجة التاسعة اعتباراً بمؤهل محدد هو الشهادة الابتدائية التي حصل عليها في عام 1947 وبات التعيين على أساس الخبرة السابقة ليس ملزماً للحكومة. وبجلسة 26 من مارس سنة 1962 حكمت محكمة القضاء الإداري (هيئة التسويات) بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه وبأحقية المدعي في تسوية حالته بوضعه في الدرجة الثامنة بعد مضي خمس سنوات من تاريخ التحاقه بوظيفة معلم تربية بدنية بوزارة الحربية اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1943 مع ما يترتب على ذلك من آثار ومع عدم صرف ما انقضى عليه من الفروق المالية أكثر من خمس سنوات ميلادية سابقة على 27 من يوليه سنة 1953 تاريخ تقديم تظلمه إلى اللجنة القضائية وإلزام الحكومة بالمصروفات".
وأقامت قضاءها على أن الحكم الذي استحدثه قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 هو من العموم والشمول بحيث يجعل استحقاق معلم التربية البدنية بالمدارس الأميرية بوزارة المعارف للدرجة الثامنة منوطاً بقضاء خمس سنوات في الخدمة الفنية بمصالح الحكومة. كمعلم للتربية البدنية - دون تخصيص بأن تكون هذه المدة مقضية في مدارس وزارة المعارف بالذات كما جاء في قرار اللجنة القضائية المطعون فيه وعلى أنه "متى ثبت أن المدعي قد التحق بوظيفة معلم تربية بدنية بوزارة الحربية اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1938 فإنه يكون من المتعين منحه الدرجة الثامنة بعد خمس سنوات من هذا التاريخ أي اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1943 وعلى أنه "بالنسبة إلى الفروق المالية" فلا يصرف ما انقضى عليه منها أكثر من خمس سنوات ميلادية سابقة على 27 من يوليه سنة 1953 تاريخ تقديم تظلمه إلى اللجنة القضائية وذلك بالتطبيق للمادة 50 من القسم الثاني من اللائحة المالية للميزانية والحسابات.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه يبين من استقراء نصوص قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية بالمدارس التابعة لوزارة المعارف العمومية أنه مقصور في التطبيق على رجال التربية والبدنية المعينين بهذه الوزارة بمعنى أنه لا يستفيد من أحكامه إلا من يعين في هذه الوزارة وإن كان قد اعتد بمدة الخدمة التي تقضي في الجهات الحكومية الأخرى في مزاولة تدريس التربية البدنية باعتبار أن هذه المدة تمثل شرط الخبرة اللازم لمعلمي التربية البدنية للاستفادة من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947. ومؤدى ذلك أنه لا يجوز منح معلم التربية البدنية الدرجة الثامنة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء إلا بعد تعيينه بوزارة التربية والتعليم، وإن كان قد مضى عليه في خدمة الجهات الحكومية الأخرى أكثر من خمس سنوات كما يقوم على أن المطعون ضده لم يتخذ أي إجراء قضائي أو مطالبة إدارية فيما بين تاريخ صدور قرار اللجنة القضائية في تظلمه بتاريخ 2 من ديسمبر سنة 1953 وتاريخ تقدمه بطلب الإعفاء من الرسوم القضائية في 2 من مايو سنة 1960 توطئة للطعن في قرار اللجنة القضائية المشار إليه بالدعوى رقم 860 لسنة 15 القضائية مع أنه قد انقضى بين التاريخين أكثر من خمس سنوات، ومن ثم فإنه طبقاً لنص المادة 50 من القسم الثاني من اللائحة المالية للميزانية والحسابات لا يكون مستحقاً للفروق المالية - بفرض استحقاقها - إلا من تاريخ خمس سنوات سابقة على تاريخ تقديم طلب إعفائه من الرسوم القضائية في 2 مايو سنة 1960 والحكم إذ قضى على خلاف هذا النظر يكون قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه.
ومن حيث إنه قد تبين لهذه المحكمة من واقع الأوراق أن المطعون ضده عين معلماً للتدريب العسكري بإدارة التدريب العسكري الجامعي اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1938 براتب شهري مقداره 4.750 مجـ. وقضى بها زهاء تسع سنوات حصل خلالها على الشهادة الابتدائية في يوليه سنة 1947 وكان قد حصل قبل خدمته بإدارة التدريب العسكري الجامعي على شهادة في التربية البدنية من مدرسة التربية البدنية بالجيش في 19 من سبتمبر سنة 1935 أثناء خدمته الإلزامية يبين من الشهادة الرسمية الموقعة من السيد مدير التدريب العسكري الجامعي أن المطعون ضده كان يقوم بتعليم التربية البدنية أثناء وجوده بالتدريب العسكري في المدة من أول أكتوبر سنة 1938 إلى 20 من ديسمبر سنة 1947. وفي 24 من ديسمبر سنة 1947 صدر قرار بتعيينه بوزارة المعارف معلماً للتربية البدنية بمدرسة أشمنت الابتدائية بمرتب شهري قدره خمسة جنيهات في الدرجة التاسعة (3 - 6 جم) على ميزانية الإدارة العامة للتربية البدنية بالوزارة المذكورة. كما تبين لهذه المحكمة أيضاً أنه صدر له في 29 من إبريل سنة 1955 إذن بتعديل حالته فقد سويت حالته على إحدى الدرجات الثامنة الفنية اعتباراً من أول يناير سنة 1953 تنفيذاً لقرار اللجنة القضائية التابعة لوزارة التربية والتعليم الصادر في 2 من ديسمبر سنة 1953 وهو القرار المطعون فيه بالدعوى رقم 860 لسنة 15 القضائية. كما تبين أيضاً أن المطعون ضده طلب إعفاءه من الرسوم القضائية توطئة للطعن في قرار اللجنة القضائية المذكورة في 2 من مايو سنة 1960 وأنه لما أجيب إلى طلبه في 8 من مايو سنة 1961 أودع صحيفة طعنه سكرتيرية محكمة القضاء الإداري بتاريخ 28 من يونيه سنة 1961، وبررت طلب قبول هذا الطعن شكلاً على أنه علم بقرار اللجنة القضائية المطعون فيه بطريق المصادفة عند اطلاعه على ملف خدمته المودع في ملف الدعوى رقم 570 لسنة 5 القضائية التي أقامها أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم.@
( أ ) عن قبول الطعن أمام محكمة القضاء الإداري:
ومن حيث إنه ولئن اقتصرت الحكومة في أسباب طعنها في الحكم المطعون فيه على ما قضي به موضوعاً من استحقاق المطعون عليه للدرجة الثامنة الفنية بعد مضي خمس سنوات من التحاقه بوزارة الحربية بتاريخ أول أكتوبر سنة 1938 إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الطعن في الحكم يثير المنازعة فيه برمته ويخول المحكمة العليا أن تزنه بميزانية القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت تقوم به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه فتلغيه ثم تنزل حكم القانون في المنازعة أم أنه لم تقم به أية حالة من تلك الأحوال وكان صائباً فتبقى عليه وترفض الطعن فالمحكمة العليا لها أن تنزل حكم القانون على الوجه الصحيح في المنازعة الإدارية غير مقيدة بطلبات الطاعن أو بالأسباب التي يبديها. وعلى هذا الأساس يتعين استظهار الحكم المطعون فيه فيما قضى به من قبول الطعن شكلاً سواء من حيث سلامة النتيجة التي انتهى إليها، أو الأسباب القانونية التي أقام عليها هذه النتيجة.
ومن حيث إن هذه المحكمة تقر الحكم المطعون فيه على ما ذهب إليه من قبول الطعن في قرار اللجنة القضائية لوزارة التربية والتعليم الصادر في 2 من ديسمبر سنة 1953. على أساس أنه الطاعن في قرار اللجنة القضائية المذكور (المدعي) قد علم به مصادفة عند اطلاعه على صورته بملف خدمته المودع في الدعوى رقم 570 لسنة 5 القضائية المقامة أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم ولم يثبت أنه اطلع على القرار المطعون فيه بملف الدعوى المذكورة أو علم به علماً يقينياً يحيط بكافة مشتملاته في ميعاد يزيد على ستين يوماً قبل تاريخ تقدمه بطلب الإعفاء من رسوم الطعن القضائية في 2 من مايو سنة 1960. فإذا استبان بعد ذلك أنه عندما أجيب إلى طلب الإعفاء من هذه الرسوم في 8 من مايو سنة 1961 بادر إلى الطعن في هذا القرار بالدعوى رقم 60 لسنة 15 المودعة صحيفتها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 28 من يونيه سنة 1961 فإن الطعن في قرار اللجنة القضائية المشار إليه يكون مقدماً من المدعي في الميعاد القانوني ويكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص صائباً تقره هذه المحكمة.
(ب) عن الموضوع:
ومن حيث إن مثار هذه المنازعة هو ما إذا كانت مدة خدمة المطعون عليه كمعلم للتربية البدنية بإدارة التدريب العسكري الجامعي السابقة على تعيينه بوزارة المعارف في 24 من ديسمبر سنة 1947 يجوز اعتبارها خدمة حكومية في عمل فني مماثل لعمله الحاضر تشفع في استحقاقه الدرجة الثامنة الفنية في مضمون قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 أم أن هذه الخدمة لا بد لاعتبارها كذلك أن تقضى في مدارس وزارة المعارف بالتطبيق للقرار المذكور، وما إذا كان يجوز الانتفاع بأحكام هذا القرار التنظيمي العام قبل التحاق المطعون عليه بخدمة وزارة المعارف أم أن هذه الأحكام لا يفيد منها إلا معلمو التربية البدنية الملتحقين بوزارة المعارف.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بملابسات صدور القرار التنظيمي العام محور الطعن الحالي فإن الثابت أن وزارة المالية (اللجنة المالية) قد تقدمت إلى مجلس الوزراء في 2 من مارس سنة 1947 بمذكرة جاء فيها أن معلمي التربية بالمدارس التابعة لوزارة المعارف العمومية كانوا مقيدين على درجات خارج الهيئة ثم رأت الوزارة المذكورة بموافقة وزارة المالية العمل على تحسين حالهم برفع درجات البعض منهم إلى الدرجة الثامنة والبعض الآخر إلى الدرجة التاسعة، وقد شملهم هذا التحسين وقيدوا على هاتين الدرجتين ابتداء من أول مايو سنة 1944 في حدود المبلغ الذي يقرر بميزانية عام 1944/ 1945 وظائف رجال التعليم وذلك حسب القواعد الآتية: - (أولاً) المقيدون في الدرجتين العالية ب (6 - 7 ج) والعالية أ (8 ج) هؤلاء رقوا إلى الدرجة الثامنة ومنحوا علاوة الترقية من أول مايو سنة 1944 وروعي في هذه الترقية قضاء كل منهم خمس سنوات على الأقل في الخدمة، هي مدة الخبرة الفنية (ثانياً) المقيدون في الدرجة الثانية (4 - 5 ج) هؤلاء قيدوا على الدرجة التاسعة بنفس ماهياتهم دون منحهم علاوة ترقية أسوة بمستخدمي الدرجة الثانية خارج الهيئة التي يعادل متوسط مربوطها متوسط مربوط الدرجة التاسعة والذين وضعوا في هذه الدرجة بعد استبدالها بدرجاتهم الفنية (ثالثاً) المقيدون في الدرجة الثالثة (3 - 4 ج) هؤلاء رقي البعض منهم إلى الدرجة التاسعة ومنحوا علاوة الترقية إذا كانوا قد مضوا سبع سنوات على الأقل في الدرجة الثالثة، تمشياً مع أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 الذي أجاز نقل مستخدمي هذه الدرجة إلى الدرجة التاسعة واعتبار ذلك ترقية يمنحون فيها علاوة من علاواتها. أما فيما يختص بتحسين حال زملائهم المعينين بمدارس التعليم الحر فإن الترقية العامة لهذا التعليم قد اتبعت معهم القواعد الآتية وهي التي أقرها المجلس الأعلى للتعليم الحر بجلسته المنعقدة في 6 من نوفمبر سنة 1945 وهي: (1) اعتبار كل من أمضى خمس سنوات في الخدمة في الدرجة الثامنة بماهية قدرها 6 ج شهرياً، أي أول مربوط هذه الدرجة وبعلاوة قدرها 500 م شهرياً كل سنتين (2) اعتبار من أمضى خمس عشرة سنة في الدرجة الثامنة منسباً ونقله إلى الدرجة السابعة. وتبعاً لذلك أصبح الفرق بين معلمي التربية البدنية بمدارس الوزارة ومعلمي التربية البدنية بالتعليم الحر من حيث الماهية والدرجة كبيراً مع أن العمل واحد، ومعلم التربية البدنية بالمدارس الأميرية في الغالب يفضل معلم التربية البدنية بالمدارس الحرة، كما جاء بكتاب الوزارة المؤرخ 30 من يونيه سنة 1946، ويكون من الغبن عمل هذه التفرقة بينهم، وحيث إن معلمي التربية البدنية بالمدارس الأميرية كثيراً ما تقدموا بالشكوى من هذا الوضع الشاذ، لذلك توصي وزارة المعارف العمومية بمساواتهم على الأقل بزملائهم في التعليم الحر من حيث القواعد التي تطبق في تحديد المرتبات والدرجات حتى يستقيم الحال. وقد بحثت اللجنة المالية هذا الاقتراح ورأت الموافقة عليه وقد وافق مجلس الوزراء على تلك المذكرة بجلسته المنعقدة في 9 من مارس سنة 1947.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء آنف الذكر - حسبما يتبين من مذكرة اللجنة المالية التي أقرها - قاطع في إطلاق حكمه وتعميمه من جهة أنه اشترط قضاء خمس سنوات في خدمة حكومية لاكتساب الخبرة الفنية المطلوبة، دون تخصيص بأن تقضى هذه المدة في مدارس وزارة التربية والتعليم بالذات كما ذهب إلى ذلك خطأ قرار اللجنة القضائية آنف الذكر، ومن ثم يكفي للإفادة من حكم هذا القرار التنظيمي العام أن يقضي معلم التربية البدنية بوزارة التربية والتعليم خمس سنوات في تعليم التربية البدنية بأية مصلحة حكومية حتى تتهيأ له الخبرة الفنية التي تؤهله لاستحقاق الدرجة الثامنة بماهية شهرية قدرها ستة جنيهات بحسب مضمون قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 وذلك تمشياً مع الحكمة التشريعية التي قام عليها القرار المذكور وهذا ما توافر بالفعل في المطعون عليه عندما عين في 24 من ديسمبر سنة 1947 بإحدى مدارس وزارة التربية والتعليم. ويترتب على ما سلف أنه ليس صحيحاً ما قضى به قرار اللجنة القضائية لوزارة التربية والتعليم في 2 من ديسمبر سنة 1953 من اشتراط قضاء مدة الخبرة بمدارس وزارة التربية والتعليم وبالتالي من عدم استحقاق المطعون عليه للدرجة الثامنة الفنية قبل 24 من ديسمبر سنة 1952 أي بعد انقضاء خمس سنوات عليه في خدمة هذه الوزارة ليس كل هذا صحيحاً، لأن فيه إلزاماً بما لا يلزم من مفهوم قرار 9 من مارس سنة 1947 وإهداراً لسنوات الخبرة الطويلة التي قضاها المطعون عليه - قبل التعيين بوزارة المعارف - معلماً للتربية البدنية بإدارة التدريب العسكري الجامعي التابعين لوزارة الحربية من أول أكتوبر سنة 1938 حتى 20 من ديسمبر سنة 1947.
ومن حيث إنه فضلاً عما تقدم فإنه ليس لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 من غرض سوى انصراف أحكامه إلى فئة معلمي التربية المعينين بالمدارس التابعة لوزارة المعارف العمومية لهذه الطائفة بالذات أريد تحسين أوضاع أفرادها أسوة بزملائهم في التعليم الحر بمنحهم الدرجات الثامنة الفنية إذا تهيأت لأي فرد منهم خبرة فنية في تعليم التربية البدنية محصلة من خدمة حكومية سابقة لا يقل أمدها عن خمس سنوات لأن هذه المدة هي التي قدر القرار التنظيمي العام انعكاس أثرها حتماً على مدى تمرسه بوظيفته الجديدة بوزارة المعارف كمعلم للتربية البدنية. وليس مؤدى هذا أن يفيد أفراد هذه الطائفة من أحكام قرار مجلس الوزراء آنف الذكر بمجرد تصرم هذه المدة وحدها ولو كانوا في جهة حكومية غير وزارة المعارف لأن القرار إنما قصد إلى أن يخص بمزاياه كل من يصدق عليه وصف معلم التربية البدنية بإحدى مدارس وزارة المعارف إذا كان قد قضى خمس سنوات في تعليم التربية البدنية أياً كانت الجهة الحكومة التي زاول فيها مهنته، ومن ثم لا ينشأ لمعلم التربية البدنية الذي قضى هذا النصاب الزمني في مصلحة حكومية غير مدارس وزارة المعارف أي حق في الانتفاع بأحكام قرار مجلس الوزراء آنف الذكر إلا من تاريخ التحاقه بإحدى المدارس الأميرية التابعة لوزارة المعارف وبشرط ألا تكون إفادته من أحكام هذا القرار سابقة على صدور قرار مجلس الوزراء آنف الذكر في 9 من مارس سنة 1947 وذلك كيلا تطبق أحكام هذا القرار بأثر رجعي وترتيباً على ذلك، إذا كان المطعون عليه قد أمضى زهاء تسع سنوات في إدارة التدريب العسكري الجامعي التابعة لوزارة الحربية لم يستحق تسوية حالته بالتطبيق لقرار 9 من مارس سنة 1947 من تاريخ انقضاء خمس سنوات على ممارسة مهنته في تعليم الرياضة البدنية لوزارة الحربية. كما جاء خطأ في الحكم المطعون فيه - لوجهين أولهما أنه لم يكن عند انقضاء هذه المدة في أول أكتوبر سنة 1943 معلماً للتربية البدنية بمدارس وزارة المعارف العمومية والوجه الثاني أن أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 لا ينبغي تطبيقها بأثر رجعي وينبني على ما تقدم أن المطعون عليه لا يستحق الدرجة الثامنة الفنية في مفهوم هذا القرار إلا من تاريخ تعيينه بوزارة المعارف في 24 من ديسمبر سنة 1947، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب إذ أخذ بغير هذا النظر.
ومن حيث إنه لا محل للقول بسقوط الحق في اقتضاء الفروق المالية المترتبة على هذه التسوية بالنسبة إلى ما انقضى عليه منها أكثر من خمس سنوات قبل تاريخ طلب الإعفاء من رسوم الطعن في قرار اللجنة القضائية بمقولة إن المدة التي انقضت بين تاريخ صدور قرار اللجنة القضائية في 2 من ديسمبر سنة 1953 وتاريخ التقدم بطلب الإعفاء من رسوم الطعن في هذا القرار الموافق 2 من مايو سنة 1960 قد جاوزت الخمس سنوات التي تسقط بانقضائها ديون الغير قبل الدولة، لا أساس لكل ذلك لأن هذه المدة لا ينبغي قياسها على المدد السابقة بأكثر من خمس سنوات على إقامة الدعوى ذلك أن الخصومة الإدارية بعد افتتاحها برفع التظلم إلى اللجنة القضائية تعتبر مستمرة متصلة الحلقات ما دام لم يصدر فيها حكم نهائي، فإذا كان الطعن في قرار اللجنة القضائية يجوز أن يرفع بعد أن تطاول من تاريخ صدوره بسبب حساب ميعاد سقوط الحق في الطعن فيه من تاريخ إعلان ذوي الشأن به أو علمهم بفحواه علماً يقينياً غير ظني ولا افتراضي، فإن هذا الأمد الطويل لا يحجب قيام الخصومة قانوناً بين أطرافها ولا يحول دون عدم انحسامها بحكم نهائي، وما دام الطعن في قرار اللجنة القضائية يعتبر مقبولاً حسبما سلف بيانه فالخصومة تعد مستمرة حتى يصدر فيها حكم نهائي وعلى ذلك لا مناص من اعتبار التظلم المرفوع إلى اللجنة القضائية قاطعاً لميعاد سقوط الفروق الناشئة عن التسوية المحكوم بها فيما لم ينقض عليه منها أكثر من خمس سنوات عند تقديم هذا التظلم القاطع بحيث يظل هذا الانقطاع قائماً مستمراً حتى يصدر الحكم النهائي في الدعوى، وعلى ذلك يكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه عن استحقاق ما لم ينقض عليه من الفروق المالية أكثر من خمس سنوات قبل تقديم التظلم في 27 من يوليه سنة 1953 صحيحاً في القانون ويكون ما ذهب إليه الطعن على خلاف ذلك على غير أساس متعين رفضه.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه وقرار اللجنة القضائية قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه فيما قضى به أولهما من استحقاق المدعي للدرجة الثامنة اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1943، وفيما حكمت به اللجنة القضائية من استحقاقه للدرجة المذكورة اعتباراً من 24 من ديسمبر سنة 1952 ويتعين من ثم القضاء بإلغائها في هذا الخصوص وباستحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء السالف الذكر اعتباراً من تاريخ تعيينه بوزارة التربية والتعليم في 24 من ديسمبر سنة 1947 وإرجاع أقدميته في الدرجة الثامنة نتيجة لذلك إلى التاريخ المذكور مع إلزام الحكومة بالفروق المالية على النحو الذي سلف بيانه وبمصروفات المدعي.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه، وباستحقاق المدعي للدرجة الثامنة الفنية بمرتب شهري قدره ستة جنيهات اعتباراً من تاريخ تعيينه في وزارة التربية والتعليم في 24 من ديسمبر سنة 1947 بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 وبصرف الفروق المالية اعتباراً من السنوات الخمس السابقة على تقديم المدعي لتظلمه أمام اللجنة القضائية في 27 من يوليه سنة 1953، وألزمت الحكومة بالمصروفات.