مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة 32 - الجزء الثاني (أول مارس 1987 - 30 سبتمبر 1987) - صـ 1102

(167)
جلسة 11 من إبريل سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ الدكتور عادل عبد العزيز بسيوني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور/ محمد جودت الملط وصلاح عبد الفتاح سلامة وثروت عبد الله أحمد والدكتور عبد الرحمن عزوز المستشارين.

الطعن رقم 3734 لسنة 31 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - إلغاء قرار الجزاء - حفظ التحقيق.
المادة (82) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.
أعطى المشرع الوزير المختص حق إلغاء قرار الجزاء الموقع على العامل حتى لو كان قرار الجزاء قد صدر صحيحاً - للوزير المختص إحالة العامل إلى المحكمة التأديبية بشرط أن يتم ذلك خلال الأصل المحدد قانوناً وهو ثلاثون يوماً من تاريخ إبلاغ تلك السلطة بقرار الجزاء - الغرض من نص المادة (82) من القانون رقم 47 لسنة 1978هو إعطاء الوزير سلطة التعقيب على قرارات الجزاء الصادرة من سلطة أدنى منه ينعقد لها الاختصاص أصالة بتوقيعه - يخضع إلغاء القرار في هذه الحالة للشروط القانونية المقررة بشأنه دون غيرها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 24 من أغسطس 1985 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد/ مدير عام النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3734 لسنة 31 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للرياسة والحكم المحلي بجلسة 29 من يونيو 1985 في الدعوى رقم 76 لسنة 27 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد الآنسة/... والقاضي بعدم جواز نظر الدعوى التأديبية لسابقة مجازاة المتهمة عن ذات الواقعة.
وطلب الطاعن في تقرير الطعن للأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بمجازاة المطعون ضدها مع إلزامها بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وبعد أن تم إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى التأديبية إلى المحكمة التأديبية للرئاسة والحكم المحلي للفصل في موضوعها مجدداً من هيئة أخرى.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 14 من مايو 1986 وبجلسة 11 من يونيو 1986 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظرها بجلسة 28 من يونيو 1986 وبجلسة 7 من مارس 1987 استمعت المحكمة لما رأت لزوماً للاستماع إليه من إيضاحات ذوي الشأن ثم قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابها عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يستخلص من الأوراق - في أنه بتاريخ 30 من مارس 1985 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية للرياسة والحكم المحلي أوراق الدعوى التأديبية التي قيدت بسجل المحكمة تحت رقم 76 لسنة 27 القضائية وتقرير اتهام ضد الآنسة/.......، الموظفة من الدرجة الرابعة بإدارة الدعوى التأديبية بالقاهرة لأنها في المدة من 12/ 1/ 1985 حتى 19/ 1/ 1985 بمقر العمل بوصفها السابق خرجت على مقتضى الواجب الوظيفي ولم تؤد العمل المنوط بها بدقة بأن تراخت في قيد وعرض ملف الطعن في الحكم الصادر من محكمة المنصورة التأديبية بجلسة 18 من نوفمبر 1984 في الدعوى رقم 697 لسنة 11 قضائية المنصورة - رقم 39/ 1983 نيابة الزقازيق الإدارية - مما أدى إلى سقوط الحق في الطعن لفوات المدة المقررة قانوناً.
وبجلسة 29 من يونيو 1985 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه ويقضي بعدم جواز نظر الدعوى التأديبية لسابقة مجازاة المتهمة عن ذات الواقعة، وأقامت قضاءها على أن المحالة وقد صدر بشأنها قرار السيد نائب مدير النيابة الإدارية رقم 1 لسنة 1985 بمجازاتها عن هذه المخالفة بجزاء الإنذار، ولم يثبت أن هذا القرار قد شابه ما ينال من صحته فما كان يجوز والحال هذه سحبه بمعرفة مدير عم النيابة الإدارية ذلك أن القرار التأديبي الصادر من السلطة الرئاسية لا يعدو أن يكون قرار إداري تسري في شأنه القواعد المتعلقة بالتظلم والسحب ومن المسلم به عدم جواز سحب القرار الإداري الصحيح.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أنه وفقاً لحكم المادة 82 نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادرة بالقانون رقم 47 لسنة 1978 يكون للسلطة المختصة، أي مدير عام النيابة الإدارية في الحالة الماثلة، إلغاء قرار الجزاء وإحالة العامل إلى المحاكمة التأديبية وذلك خلال 30 يوماً من تاريخ إبلاغها بالقرار. وإذ تم إلغاء القرار خلال هذا الأجل فمن ثم يغدو صحيحاً لمطابقته نص القانون الأمر الذي يصبح معه الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب متعين الإلغاء.
ومن حيث إنه عن المخالفة المنسوبة إلى المطعون ضدها فإن مفاد الأوراق والتحقيقات أن السيدة/...... رئيس السكرتارية قدمت مذكرة مؤرخة 19/ 1/ 1985 جاء فيها أن الآنسة/....... موظفة الوارد بالنيابة قد عرضت عليها صباح يوم 19/ 1/ 1985 ملف الطعن في الحكم الصادر في 18/ 11/ 1984 في الدعوى رقم 697 لسنة 11 قضائية المنصورة، المرسل رفق كتاب إدارة الدعوى التأديبية بالمنصورة رقم 64 المؤرخ 5/ 1/ 1985 ضمن البوستة الواردة في 12/ 1/ 1985. وقد تأشر عليها من الآنسة/....... بما يفيد وروده برقم 622 في 19/ 1/ 1985 وبذلك يكون قد فات ميعاد الطعن عليه وسقط الحق فيه.
وقد أحيل الأمر إلى التحقيق وفيه قررت السيدة/........ أن الآنسة/....... عرضت عليها صباح يوم 19/ 1/ 1985 ملف الطعن للاستفسار منها عن الإجراء الواجب الاتباع نظراً لوروده إليها بغير الطريق المعتاد. إذ أن مثل هذه الطعون كانت ترد إليها عادة من مكتب مدير عام النيابة الإدارية مباشرة ولم يسبق أن وردت إليها من نيابات الأقاليم كما هو الحال بالنسبة لهذا الطعن.. فقامت بفحصه وتبين لها أنه بعد أن ووفق عليه من السيد مدير عام النيابة الإدارية أرسل الطعن إلى إدارة الدعوى التأديبية بالمنصورة التي أرسلته إلى إدارة الدعوى التأديبية بالقاهرة بالكتاب رقم 64 المؤرخ 5/ 1/ 1985 وورد إلى مكتب بريد الدواوين في 12/ 1/ 1985 حيث تسلمه مندوب البريد ضمن مجموعة الخطابات المسجلة والطرود الواردة إلى الإدارة عن عدة أيام سابقة نظراً لإجراءات نقل مكتب بريد الدواوين في هذه الفترة إلى مقره الحالي بمكتب بريد مجلس الشعب كما أشارت إلى كثرة العمل الذي تقوم به الآنسة عفاف عبد الصمد حيث إنها تختص باستلام الوارد إلى الإدارة سواء كان عن طريق مندوبي الجهات والمصالح التي تتعامل مع الإدارة أو كان عن طريق البريد بما يشتمل عليه ذلك من ملفات وقضايا ومستندات تتولى بعد استلامها عرضها على الوكيل العام الأول لإحالتها على الدوائر المختصة. ثم تقوم بعد ذلك بتنفيذ هذه الإحالة وأن هذا الخطأ الذي وقعت فيه لم يسبق لها ارتكابه.
وبسؤال الآنسة/...... قررت أن الطعن محل التحقيق ورد إليها يوم 12/ 1/ 1985 الساعة الواحدة ظهراً ضمن 181 مظروفاً وأنها لم تكن تعلم عن وجود أية طعون ضمن هذه البوستة وأنها قد بدأت في فضها يوم 13/ 1/ 1985 بادئه بالمظروفات ذات الحجم الأكبر نظراً لما تحويه عادة من ملفات قضايا حتى كان يوم 19/ 1/ 1985 فاكتشفت وجود هذا الطعن وأنه لم يكن من الممكن أن تتنبه إلى أن هناك ثمة طعن في حكم نظراً لأن مثل هذه الطعون كانت ترد إليها عادة عن طريق مكتب السيد مدير عام النيابة الإدارية لا عن طريق إدارات الدعوى التأديبية بالأقاليم. وقدمت صور حوافظ البريد المؤرخة 6، 7، 9، 10، 12 يناير 1985 والتي تفيد أنها وردت إليها جميعاً يوم 12/ 1/ 1985 الساعة الواحدة ظهراً.. عللت تراخيها في قيد الطعن من يوم 12/ 1/ 1985 حتى 19/ 1/ 1985 بكثرة العمل خلال هذه الفترة حيث تلقت حوالي 400 مكاتبة من رقم 331 حتى رقم 766 مسلسل.
وقد انتهى التحقيق إلى إدانة المذكورة بخروجها على مقتضى الواجب الوظيفي لتراخيها في قيد وعرض ملف الطعن مما أدى إلى سقوط حق الطعن عليه لفوات المواعيد. وفي 10/ 2/ 1985 عرض التحقيق على الوكيل العام الأول الذي ارتأى مجازاتها بالإنذار. وفي 26/ 2/ 1985 وافق نائب مدير عام النيابة الإدارية على ذلك واستناداً إلى قرار مدير عام النيابة الإدارية رقم 374 لسنة 1984 بتفويض نائب مدير عام النيابة الإدارية في توقيع الجزاءات على العاملين بالنيابة الإدارية أصدر نائب مدير عام النيابة الإدارية قراره رقم 1 لسنة 1985 بتوقيع الجزاء المشار إليه تنفيذاً لموافقته المنوه عنها. إلا أنه بعرض الأمر على مدير عام النيابة الإدارية قرر في 5 مارس 1985 إلغاء هذا الجزاء وإحالتها إلى المحاكمة التأديبية.
ومن حيث إن المادة 82 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تقضي على أنه ".. وللسلطة المختصة حفظ التحقيق وإلغاء القرار الصادر بتوقيع الجزاء أو تعديله ولها أيضاً إذا ألغيت الجزاء أن تحيل العامل إلى المحاكمة التأديبية وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إبلاغها بالقرار". وكانت المادة 2 من القانون المذكور تقضي على أنه "في تطبق أحكام هذا القانون يقصد... 2 - بالسلطة المختصة: أ - الوزير المختص." فإن مفاد ذلك أن للسلطة المختصة، أي للوزير المختص حق إلغاء قرار الجزاء الموقع على العامل حتى ولو كان قرار الجزاء قد صدر صحيحاً قانوناً.
وله في مثل هذه الحالة أن يحيل هذا العامل إلى المحاكمة التأديبية شريطة أن يتم ذلك خلال الأجل المحدد قانوناً وهو ثلاثون يوماً من تاريخ إبلاغ تلك السلطة بقرار الجزاء والمستهدف بهذا النص هو أن يتقرر للسلطة المختصة أي للوزير المختص حق التعقيب على قرارات الجزاء الصادرة من سلطة أدنى منه ينعقد لها الاختصاص أصالة بتوقيعه وذلك بقصد استبدال تقديره في هذا الشأن عند الاقتضاء بتقدير المختص بتوقيع الجزاء. وحالة إلغاء قرار الجزاء على النحو المتقدم تدخل في عداد الحالات التي يجوز فيها وفقاً للأصول العام في القانون الإداري. لجهة الإدارة أن تلغي القرار الإداري السليم بحسبانها مقررة بمقتضى نص صريح من القانون ويخضع إلغاء القرار في هذه الحالة للشروط القانونية المقررة بشأنه دون غيرها بحيث إذا صدر مستوفياً لهذه الشروط بات صحيحاً قانوناً. ومن ثم فإنه يتعين ألا يختلط ما يخضع له أمر هذا الإلغاء بما يخضع له أمر سحب القرار الإداري الفردي - كما هو الشأن في قرار الجزاء - كأصل عام، إذ أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يتعين أن يكون القرار المراد سحبه قد صدر مخالفاً للقانون أما إذا قام على سبب صحيح مستوفياً شروطه القانونية فإنه يمتنع على الجهة الإدارية سحبه.
ومن حيث إنه متى كان المتقدم وكانت المادة 442 من قانون تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1958 تقضي بأن يكون لمدير النيابة الإدارية سلطة الوزير المنصوص عليها في قانون موظفي الدولة بالنسبة للموظفين الإداريين والكتابيين فإنه لا يكون للسيد مدير النيابة الإدارية وفقاً لهذا النص سلطة التعقيب على أي قرار يصدره بتوقيع جزاء على أي من هؤلاء العاملين متى استوفى هذا القرار مقوماته وأركانه القانونية وكان الجزاء من الجزاءات التي يملك الوزير توقيعها ويمتنع عليه من ثم إلغاء القرار المذكور وإحالة العامل إلى المحاكمة التأديبية، إذ أن استعمال الوزير لسلطته المنصوص عليها في المادة 82 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة بإلغاء الجزاء وإحالة العامل إلى المحاكمة التأديبية مناطه ألا يكون الوزير هو الذي أصدر القرار بتوقيع الجزاء وذلك على النحو السالف بيانه. ومؤدى ذلك أنه إذا أصدر مدير النيابة الإدارية قراراً بإلغاء قرار صادر منه على أحد العاملين الكتابيين والإداريين وإحالة العامل إلى المحاكمة التأديبية فإن قرار إلغاء الجزاء يكون في حقيقته سحباً لقرار توقيع الجزاء وهو ما لا يجوز طالما كان هذا القرار الأخير صحيحاً قانونياً.
ومن حيث إن الثابت أن مدير النيابة الإدارية أصدر القرار رقم 274 لسنة 1984 بتفويض نائب مدير النيابة الإدارية في توقيع الجزاءات على العاملين بالنيابة الإدارية، واستناداً إلى هذا القرار بالتفويض في الاختصاص المذكور أصدر نائب مدير النيابة الإدارية القرار رقم 1 لسنة 1985 بتوقيع جزاء الإنذار على السيدة.. عما نسب إليها. ولما كان هذا القرار قد صدر سليماً قانوناً فليس لمدير النيابة الإدارية أن يصدر قرار بإلغاء قرار الجزاء المشار إليه وإحالة العاملة المذكورة إلى المحاكمة التأديبية بمقولة أن له تلك السلطة إعمالاً لحكم المادة 82 من نظام العاملين المدنين بالدولة، إذ أن قرار الجزاء وقد صدر فيمن فوضه مدير النيابة الإدارية في إصداره فكأنه قد صدر من السلطة الأصلية المختصة بإصداره بمعنى أن قرار الجزاء والحال كذلك وكأنه قد صدر من مدير النيابة الإدارية. ومن ثم فلا يكون له إلغاء الجزاء وإحالة السيدة المذكورة إلى المحاكمة التأديبية ولا يجوز أن يكون قراره في هذا الشأن قراراً ساحباً لقرار الجزاء وفي غير الأحوال التي يجوز فيها هذا السحب وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإن قضاءه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس سليم من القانون ويتعين لذلك الحكم برفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.