مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الأول (من أكتوبر سنة 1963 إلى آخر يناير 1964) - صـ 522

(45)
جلسة 25 من يناير سنة 1964

برئاسة السيد/ مصطفى كامل إسماعيل وكيل المجلس وعضوية السادة حسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 417 لسنة 9 القضائية

( أ ) قرار إداري - قاعدة تنظيمية - قرارا وزير الاقتصاد في 22 من يونيه 1960 وفي 11 من أكتوبر سنة 1961 بسحب رخصة العمل بميناء بور سعيد بالنسبة للصيارفة الذين يجمعون بين العمل بالمدينة والعمل بالميناء، وبعدم إصدار رخص جديدة لمزاولة مهنة الصرافة - تضمن هذين القرارين قاعدة تنظيمية عامة مجردة من مقتضاها تطبيقها على كل صراف يجمع بين ترخيص العمل بالميناء والعمل بالمدينة - لا يقدح في عمومية هذا الحكم أن تقرير لجنة وكلاء الوزارة في 22 من يونيه 1960 الذي اعتمده الوزير ذكر أن عدد هؤلاء الصيارفة اثنان - أساس ذلك.
(ب) قرار إداري - سببه - ذكر الإدارة عدة أسباب لإصدار القرار - تخلف بعضها لا يؤثر ما دام الباقي يكفي لحمل القرار على وجه صحيح - مثال.
(جـ) ترخيص - الترخيص الصادر من جهة الإدارة تصرف إداري يتم بالقرار الصادر بمنحه - طبيعته - هو تصرف مؤقت قابل للسحب والتعديل في أي وقت وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة بشرط عدم إساءة استعمال السلطة - لا يؤثر في ذلك كون الترخيص مقيداً بشروط أو محدداً بأجل.
(د) رقابة على النقد - القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد - قصر وزير الاقتصاد الترخيص بمزاولة عمليات النقد الأجنبي على بنوك ومؤسسات معينة بالاسم - سماح الإدارة لصيارفة البحر في بور سعيد بالعمل لظروفهم الخاصة - لا يكسبهم حقاً في الاستمرار في مزاولة عملهم المخالف للقانون - أساس ذلك.
1) إن موافقة السيد وزير الاقتصاد في 11 من أكتوبر سنة 1961 على ما تضمنته مذكرة السيد وكيل الوزارة لشئون التجارة الخارجية إنما جاءت تأكيداً لقرار الوزير الصادر في 22 من يونيه سنة 1960 باعتماد محضر اجتماع لجنة وكلاء الوزارة القاضي بسحب رخص العمل بميناء بور سعيد بالنسبة للصيارفة الذين يجمعون بين العمل بالمدينة والعمل بالميناء وقصر الترخيص لهم على العمل في المدينة.
وهذا القرار ينطبق على كل صراف يجمع بين ترخيص العمل في المدينة وترخيص العمل في الميناء ولم يميز بين صراف وآخر لصدور القرار عاماً في صياغته وقد تضمن حكمين أولاهما: تجميد الموقف بالنسبة للجميع وذلك بعدم إصدار رخص جديدة لمزاولة مهنة الصرافة وقصر العمل على الصيارف المرخص لهم بالعمل في الميناء وهؤلاء المرخص لهم بالعمل في المدينة.
والثاني: سحب ترخيص العمل في الميناء من كل صراف يجمع بين ترخيص العمل في الميناء وترخيص العمل في المدينة، وقصر الترخيص، لمثل ذلك الصراف ذي الترخيصين على العمل في المدينة فقط.
ومن حيث إن قصر العمل للصراف ذي الترخيصين على العمل في المدينة فحسب هو النتيجة الطبيعية للحكم العام الذي تضمنه قرار الوزير بعدم الجمع بين العمل في المدينة والعمل في الميناء وقصره على العمل في المدينة، ولا يقدح في عمومية الحكم، أن تقرير لجنة الوكلاء ذكر أن عدد الصيارف المرخص لهم في العمل في كل من الميناء والمدينة اثنان وأن قرار الوزير صدر باعتماد ما انتهى إليه وكلاء الوزارة في لجنتهم بتاريخ 22 من يونيه سنة 1960 بحسبان أن العدد اثنان، إذ لم يحدد تقرير لجنة الوكلاء وبالتالي قرار الوزير هذين الصرافين بأسمائهما أو بأشخاصهما ولم يعرفهما بذواتهما، بل إن ما جاء بتقرير لجنة الوكلاء وما تضمنه قرار الوزير كان عاماً لم يميز بين حالة فردية وحالة فردية أخرى ولم يحدد صرافاً بالذات أو يعينه بالاسم، بل صدر مجرداً من كل تحديد، عاماً في صياغته ينطبق على كل صراف يجمع بين ترخيص العمل في المدينة وترخيص العمل في الميناء سواء كان العدد اثنين كما تضمنه تقرير لجنة الوكلاء أو ستة كما ذكرت إدارة النقد ذلك أن تحديد عدد الصيارف الذين ينطبق عليهم القرار، مسألة واقع لا شأن لها بعمومية الحكم الذي أتى به القرار، يؤكد ذلك أن مصلحة الجمارك قد طبقته على جميع الصيارف الذين كانوا يجمعون بين المهنتين وأن القرار الثاني للوزير الصادر في 11 من أكتوبر 1961، والمتضمن سحب تراخيص العمل بالبحر من الصيارف الذين يملكون مكاتب بالمدينة، دون تحديد عدد أو تعيين أسماء، هذا القرار الثاني جاء مؤيداً للقرار الأول مؤكداً له مقرراً للحكم العام الذي تضمنته.
ومن حيث إنه بهذه المثابة يكون ما أورده وزير الاقتصاد في قراره الصادر في 22 من يونيه 1960 وما أكده بقراره الصادر في 11 من أكتوبر 1961، قد تضمن قاعدة تنظيمية عامة مجردة من مقتضاها تطبيقها على كل صراف يجمع بين ترخيص العمل بالميناء وترخيص العمل بالمدينة، بقصر الترخيص له على العمل في المدينة.
2 - لا محل لما ساقه الحكم المطعون فيه من أن الحكومة قد اتخذت في بادئ الأمر سبباً للقرار المطعون فيه، وهو اشتراك المدعي في عملية تهريب سبائك ذهبية، وعندما تبين لها أن هذا القول غير صحيح، ساقت سبباً جديداً هو قرار وزير الاقتصاد، ولا وجه للتحدي بذلك طالما أنه قد وضح أن السببين قائمان في ذات القوت وأن أحدهما يكفي لحمل القرار على وجه صحيح وإذا تخلف السبب الخاص بأجهزة الأمن وظل السبب الخاص بالنقد قائماً فيكون قد توافر للقرار المطعون فيه سببه المشروع مما يجعل الحكم بإلغائه في غير محله، ذلك أنه إذا أمكن حمل القرار الإداري على وقائع كشفت عنها أوراق الدعوى بالإضافة إلى تلك التي كانت من ضمن الأسباب التي على أساسها صدر القرار فإن ذلك يكفي لصحته وينبني عليه بالتبعية سقوط حجة المدعي في النعي عليه أو تعييبه بفقدان السبب.
3) إنه مما يجدر التنبيه إليه، أن من المبادئ المسلمة أن الترخيص الصادر من جهة الإدارة، إنما هو تصرف إداري يتم بالقرار الصادر بمنحه، وهو تصرف مؤقت بطبيعته قابل للسحب أو التعديل في أي وقت متى اقتضت المصلحة العامة ذلك ويقع هذا السحب أو التعديل غير قابل للإلغاء متى تم وفقاً لمقتضيات المصلحة ولم يكن مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة وسواء في ذلك أكان الترخيص مقيداً بشروط أو محدداً بأجل، فالترخيص لا يكسب صاحبه أي حق يمتنع معه على الإدارة سحبه أو إلغاؤه أو تنظيمه أو الحد منه طبقاً لسلطتها التقديرية وفقاً لواجبات المصلحة العامة وبغير تعسف.
4) إنه تنفيذا للقانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد والقوانين المعدلة له والقرارات الوزارية المنفذة له أصدر وزير الاقتصاد القرار الوزاري رقم 893 لسنة 1960 في 22 من أكتوبر سنة 1960 بلائحة الرقابة على عمليات النقد وقصر الترخيص فيها بمزاولة عمليات النقد الأجنبي، وذلك في حدود ما تخوله الإدارة العامة للنقد من سلطات على البنوك المعينة بالاسم في اللائحة ولتوماس كوك وولده في حدود ما تستلزمه الأغراض السياحية كما أوجبت اللائحة أن يتم التعامل في العملات الأجنبية عن طريق هذه البنوك والمؤسسات المرخص لها بذلك.
وعلى مقتضى ما تقدم يكون نشاط صيارفة البحر والمدينة مجافياً للقانون ويعد الترخيص به مخالفة لأحكام قانون النقد فإذا كانت الإدارة قد تسامحت في تنفيذ القانون فسمحت لهؤلاء الصيارفة بالعمل، رحمة بهم ورغبة في عدم تشريدهم مستهدفه بذلك التيسير على أهلي بور سعيد نظراً لظروف العدوان التي أحاطت بهم وبناء على ما أشارت به لجنة إنعاش بور سعيد، فليس من شأن هذا التسامح أن يكسب هؤلاء الصيارف حقاً في الاستمرار في مزاولة أعمالهم لما في ذلك من تعطيل لقانون النقد ومخالفة لأحكامه.


إجراءات الطعن

في يوم السبت 9 من مارس سنة 1963 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن وزارة الاقتصاد، ووزارة الداخلية ومحافظة بور سعيد وقيادة حرس الجمارك ببور سعيد، سكرتيرية المحكمة، عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 8 من يناير سنة 1963 في الدعوى رقم 504 لسنة 15 القضائية المقامة من السيد/ السيد عبد الله السيد/ ضد 1) وزارة الداخلية. 2) وزارة الاقتصاد. 3) محافظة بور سعيد. 4) قيادة قسم مخابرات السواحل ببور سعيد. 5) قيادة حرس الجمارك ببور سعيد والقاضي "حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام الحكومة بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت وألزمتها بالمصروفات وبمبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة". وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب التي استندت إليها في عريضة الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي - وقد أعلن هذا الطعن للمدعي في 3 من إبريل سنة 1963.
وتحدد لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 29 من يونيه سنة 1963 وألغت الحكومة والمدعي في 23 من يونيه سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا حيث عين لنظره أمام الدائرة الأولى بها جلسة 7 من ديسمبر سنة 1963 وقد أخطر ذوو الشأن في 30 من أكتوبر سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه الموضح بمحضر الجلسة، أرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً حددت فيه وقائع الدعوى والمسائل القانونية التي أثارها النزاع وأبدت رأيها مسبباً ضمنته أن الطعن غير مستند إلى أساس من القانون وأنها ترى رفضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما استظهرته المحكمة من أوراق الطعن تتحصل في أن المدعي أقام دعواه بعريضة أودعها في 9 من مارس سنة 1961 سكرتيرية محكمة القضاء الإداري طالباً فيها الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر في 22 من أكتوبر سنة 1960 من قومندان حرس جمرك بور سعيد بمنعه من دخول المنطقة الجمركية وسحب التصريح الذي يحمله بدخولها وفي الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة أن تدفع إليه قرشاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت ومصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه يزاول مهنة بمبوطي وصراف نقد أجنبي في ميناء بور سعيد منذ 1944 بموجب الترخيص رقم 274 الصادر من وزارة الداخلية وهو ترخيص يجدد كل عام بعد إجراء تحريات عن سلوكه واستقامته وعدم ارتكابه ما يخل بشرف المهنة وواجباتها وقد تجدد هذا الترخيص آخر مرة بتاريخ 5 من نوفمبر سنة 1960 عن سنة 1961 وهو يخوله دخول المنطقة الجمركية والصعود على البواخر لشراء النقد الأجنبي الذي يحمله بحارة السفن المارة بقناة السويس وركابها وتوريده للبنك بالسعر الرسمي، وهو بذلك يقدم للدولة معاونة اقتصادية بالمساعدة على توفير العملات الأجنبية في خزانة البنك المركزي المنوط به إدارة شئون النقد الأجنبي، ويربح هو الفرق بين السعر الرسمي الذي يورد به للبنك والسعر الذي يشتري به من الأجانب الذين يمرون بميناء بور سعيد وهذه هي مهنته التي يتعيش منها. وبتاريخ 22 من أكتوبر سنة 1960، قبل أن يجدد ترخيصه عن سنة 1960 فوجئ بصدور أمر كتابي من قومندان حرس جمرك بور سعيد إلى حراس أبواب الجمرك بسحب التصريح الذي يحمله بدخول المنطقة الجمركية وهو التصريح المنصرف إليه من إدارة السواحل كصراف معتمد على البواخر لمزاولة مهنته داخل الميناء وعلى البواخر ورقمه 16717/ 1108 وذلك دون أن يقع منه ما يستوجب هذا السحب ورغم أن هذا التصريح مجدد في 14 من سبتمبر سنة 1960 وثابت فيه أن مهنة حامله هي صراف وتاجر برخصة رقم 247 وأن إدارة السواحل لا تجدده إلا بعد التأكد من سلامة التصاريح والتراخيص الحكومية التي يحملها صاحب التصريح.
ورغم أن هذا القرار كان مفاجأة له فإنه لم يشق عليه الوقف على أسبابه ودواعيه فقد حدث منذ أربعة أشهر سابقة على صدوره أن ضبط حرس الجمرك المعينون على باب رقم 8 بجمرك بور سعيد أربع سبائك ذهبية خارجة إلى المدينة يحملها عامل بحري بأحد اللنشات، وكان هذا الضبط بمحض الصدفة دون علم المخبرين التابعين لمكتب مخابرات السواحل الذين يعملون داخل المنطقة الجمركية وخارجها. فكان لهذا الحادث أسوأ وقع لدى رئيس المباحث السرية لأنه علم أن رجاله لا يحسنون القيام على وظيفتهم. ولذلك استدعى الذين كانوا بالخدمة منهم - وهما السيدان: طنطاوي وعبد الوهاب وعنفهما تعنيفاً شديد على إهمالهما، واكتفى بذلك ولم يحاكمهما بعد أن وعداه بجميع المعلومات عن كل ما يتعلق بهذه السبائك الذهبية التي تقدر قيمتها بنحو ثلاث آلاف جنيه. وانصرف هذان المخبران للبحث عن قصة السبائك الذهبية المضبوطة ولجئا إلى المدعي شاكيين له ما نالهما من رئيسهما بسبب ضبط المهربات المذكورة عن غير طريقهما ورجواه أن يساعدهما في معرفة مصدر هذه السبائك والبواخر التي تجلب الذهب والصيارف الذين يستوردونه ولكنه لم يكن في مكنته أن يقدم لهما أية معلومات عن هذا الموضوع لأن صلته بالصيارف ببور سعيد لم تكن على ما يرام وكان أن استقال من رابطتهم قبل وقوع هذا الحادث بنحو شهر فاعتذر لهما عن عدم استطاعته مدهماً بأية معلومات في هذا الموضوع، فلم يرق لهما هذا الاعتذار واعتقد أنه يستطيع أن يعاونهما وانصرفا ولكنهما أعادا الكرة عليه عدة مرات دون أن يفوزا منه بطائل. وبعد مضي ما يقرب من شهر من هذا الحادث فوجئت المدينة بحادث آخر ضبط فيه اثنان من البمبوطية بميناء بور سعيد يحاولان تهريب سبائك ذهبية مماثلة للسبائك السابق ضبطها وكان المخبران المذكوران قد نصبا كميناً لضبط هذه السبائك والبمبوطيين اللذين كانا يحاولان تهريبها وقد اعترف البمبوطيان بملكيتهما للذهب المضبوط وألزمتهما الجمارك بدفع الغرامة المقررة في مثل هذه الحالة وقضت النيابة بسبب الحادث على ثلاثة صيارف هم: محمد رشاد عباس وعبد الفتاح المردنلي وأحمد أحمد العربي بتهمة الرشوة ثم أخلي سبيل أحمد أحمد العربي لعدم ثبوت أي اتهام عليه، وانتهت مأمورية مكتب المباحث السرية في هذه المسألة لانتقال التحقيق فيها إلى النيابة.
وكان المخبران المذكوران في الفترة الواقعة بين ضبط السبائك الذهبية في الحادث الأول وضبط السبائك في الحادث الثاني قد أرادا أن يغطيا فشلهما في المرة الأولى ويظهرا أمام رئيسهما بمظهر اليقظة والعلم بحقائق الأمور فجعلا يقدمان له التقارير السرية ضد بعض الصيارف ببور سعيد وقد وجدت هذه التقارير أذناً صاغية من رئيس مكتب مخابرات السواحل السرية فأصدر قرار بتاريخ 13 من سبتمبر سنة 1960 بسحب تصاريح دخول المنطقة الجمركية من بعض الصيارف ولم يكن المدعي أحد هؤلاء، وبقي من الصيارف ثمانية يزاولون عملهم وهو أحدهم.
ولكن المخبرين لم ينسيا له موقفه من المعونة التي طلبا منه أن يقدمها لهما واعتذر عن عدم تقديمها وأخذ يتحرشان به في دخوله المنطقة الجمركية وخروجه منها ويتعقبانه في الصعود على البواخر ويجاهران باشتباههما فيه ويسيئان إلى من يعامله من البمبوطية وبلغت الجرأة بأحدهما "طنطاوي" أن طلب مرة تفتيشه وحاول ذلك بالقوة فرفض ومنعه من تنفيذ غرضه وفي نفس الوقت طلب بعض زملائه من عساكر السواحل ومخبريها لإجراء التفتيش أمامه، وتم التفتيش بموافقة المدعي وكان طبيعياً ألا يسفر عن وجود شيء ممنوع وعندئذ أسقط في يد المخبر المذكور واعتذر له عما وقع منه ورجاه ألا يشكوه لرئيسه وقبل المدعي فعلاً الاعتذار، ولم يبلغ رئيسه بالحادث.
ومع ذلك فإن المخبرين عمدا إلى الدس والوقيعة بينه وبين رئيسهما فجعلا ينقلان إليه الأكاذيب عن المدعي ويقترحان عليه أن يأمر بسحب تصريح دخول المنطقة الجمركية منه كما فعل مع بعض الصيارف الذين سبقت الإشارة إليهم. وكان المدعي قد أرسل لسيادته بتاريخ 12 من أكتوبر سنة 1960 تقريراً ضد الصيارف الممنوعين عن العمل فعلم هؤلاء به وأخذوا يحرضون رئيس مكتب مخابرات السواحل السرية ضده ليمنعه من العمل كما منعهم، وقد نجحت هذه المساعي المزدوجة فأصدر السيد المذكور بتاريخ 22 من أكتوبر سنة 1960 قراراً بمنعه من دخول المنطقة الجمركية وسحب التصريح الذي يحمله.
ويذكر المدعي أن هذا القرار ظالم لانعدام سببه ولأنه استهدف الانتقام منه دون ذنب جناه وقد ترتب عليه مصادرة مورد رزقه وقعوده عاطلاً بدون عمل، ولذلك فقد تظلم منه إلى محافظ القناة ومدير إدارة السواحل وقومندان حرس الجمارك ووزير الداخلية ووزير الاقتصاد بكتب مسجلة أرسلها إليهم في يوم 22 من نوفمبر سنة 1960 كما أرسل إلى سكرتير الاتحاد القومي ببور سعيد في يوم 23 من نوفمبر سنة 1960 مذكرة تفصيلية عن الموضوع رجاه أن يتدخل لدى الجهات المختصة لرد حقه إليه.
وقد أخذ يسعى وراء هذه التظلمات وهي تدور بين الجهات المختصة وتستقصي أسباب هذا المنع وتحاول البحث عما إذا كان ثمة رابطة بينه وبين قضية السبائك الذهبية التي أعقبتها محاولة الرشوة، واستخرج شهادتين من نيابة بور سعيد الكلية ونيابة ميناء بور سعيد بتاريخ 29 من يناير سنة 1961 بأن قضية الجناية رقم 2473 لسنة 1960 مقيدة ضد كل من محمد محمود عباس الشهير برشاد وعبد الفتاح المردنلي الشهير بفتحي وأحمد إبراهيم الدسوقي دون سواهم وأرسلهما إلى الإدارة العامة للنقد بوزارة الاقتصاد مع شكوى من منعه من مزاولة عمله. وبتاريخ 4 من فبراير سنة 1961 أرسل المدير العام لإدارة النقد كتاباً إلى قائد قسم مخابرات السواحل ببور سعيد بأنه اطلع على الشهادتين المذكورتين المقدمتين إلى الإدارة من نيابة بور سعيد الكلية ونيابة ميناء بور سعيد. وأنه تبين منها أن قضية الجناية رقم 2473 لسنة 1960 مقيدة ضد كل من محمد محمد عباس الشهير برشاد وعبد الفتاح الحسين المردنلي الشهير بفتحي وأحمد إبراهيم الدسوقي دون سواهم ولم يتهم فيها كل من حسن علي أبو ريده ومحمد محمد مسعد مهدي. السيد عبد الله السيد بشيء.
وانتهى في كتابه إلى أن الإدارة ترى استمرار قرار المنع بالنسبة إلى كل من محمد محمد عباس الشهير برشاد وعبد الفتاح الحسين المردنلي الشهير بفتحي وأحمد إبراهيم الدسوقي فقط.
ورغم وصول هذا الكتاب من الإدارة العامة للنقد إلى قائد قسم سواحل بور سعيد فإن هذا الأخير لم يعدل عن قراره بمنع المدعي من دخول المنطقة الجمركية وقد قدم إليه المدعي تظلماً بتاريخ 9 من فبراير سنة 1961 مشيراً إلى كتاب إدارة النقد ومتسائلاً عما إذا كان هذا الكتاب مؤثراً في الموقف الذي تقفه مخابرات السواحل منه أم لا، ولكن هذا التظلم وجميع التظلمات السابقة عليه لم تجد نفعاً وبقي قرار المنع قائماً وبقي المدعي محروماً من كسب عيشه.
مع أن قرار منعه من دخول المنطقة الجمركية مخالف للقانون لأنه يحمل ترخيصاً مجدداً لسنة 1961 من وزارة الداخلية بمزاولة مهنته في الميناء وعلى البواخر المارة بقناة السويس ويحمل كذلك تصريحاً بدخول المنطقة الجمركية من إدارة السواحل مجدداً بدوره في 14 من سبتمبر سنة 1960 ولم يقع منه ما يستوجب هذا المنع.
هذا إلى أن إدارة النقد قد كتبت إلى قائد قسم مخابرات سواحل بور سعيد بتاريخ فبراير سنة 1961 بأنها ترى استمرار قرار المنع بالنسبة إلى الصيارفة المتهمين في قضية الجناية رقم 2473 لسنة 1960 فقط وهو ليس من بينهم وهذا معناه أن قرار منع الصيارف من دخول المنطقة الجمركية ومزاولة مهنتهم استند ابتداء إلى وقع الجناية المذكورة وامتد إلى من اتهم فيها وما دام أنه لم يسأل في هذه الجناية ولم تكن له بها أدنى صلة ومع ذلك منع بدون حق للأسباب التي ألمع إليها، فيكون ثبوت انعدام كل صلة له بالجناية هادماً لقرار منعه من دخول المنطقة الجمركية ومن ثم يكون قرار المنع قد صدر ضده فاقداً لركن السبب ويكون استمراره غير قائم على سبب. فضلاً عن أن بقاء هذا القرار قائماً إلى أن يفصل في هذا النزاع يصيبه بإضرار لا قبل له بمواجهتها إذ أنه قد فقد مورد رزقه وبقي من يوم صدور القرار المذكور بدون عمل وساءت حاله وحال من يعولهم فأصبح مهدداً بخراب محقق الأمر الذي يوجب وقف تنفيذ هذا القرار بصفة مستعجلة. وقد أجابت محافظة بور سعيد عن الدعوى بمذكرة بمعلومات مديرية الأمن تتلخص في أن المدعي حاصل على رخصة بمبوطي صراف رقم 247 صادرة منذ عام 1946 ومجددة لغاية 16 من يونيه سنة 1960 ويحمل بجانب هذه الرخصة ترخيصاً رقم 330 للصعود على البواخر يتجدد سنوياً في شهر يناير من كل عام طبقاً لقرار وزير المالية رقم 74 لسنة 1955 والقرارات المعدلة له رقم 25، 26 لسنة 1956. وفي 22 من أكتوبر سنة 1960 وردت لمديرية الأمن صورة شكوى برقية أرسلها المدعي لمفتش المباحث العامة ببور سعيد يتظلم فيها من منعه من دخول الميناء بمزاولة عمله كصراف على البواخر وبسؤال قائد منطقة السواحل الشرقية للإفادة بمعلوماته ورد الرد بالكتاب رقم 4012 المؤرخ 14 من نوفمبر سنة 1960 بأن المذكور ضمن عصابات تهريب الذهب والنقد الأجنبي خارج البلاد وقد أوصت المخابرات بسحب التصريح الجمركي منه ونفذ حرس الجمرك ذلك تطبيقاً للقانون رقم 354 لسنة 1956 وجاء برد مصلحة السواحل المصايد وحرس الجمارك أن المدعي من الصيارف المصرح لهم بمزاولة المهنة بالمدينة والميناء وينطبق عليه قرار وزارة الاقتصاد القاضي بسحب رخص العمل في الميناء بالنسبة للصيارف المصرح لهم بالعمل في كل من المدينة والميناء وقصر الأمر على الترخيص لهم بالعمل في المدينة وقد تم سحب تصريح دخوله الدائرة الجمركية بتاريخ 22 من أكتوبر سنة 1960.
وأن المذكور قد استوجبته النيابة في قضية تهريب الذهب وأخلت سبيله لعدم كفاية الأدلة. وعلى أثر عملية تهريب الذهب التي قامت إدارة مخابرات السواحل بضبطها في 3 من أغسطس سنة 1960، سحبت التصاريح الممنوحة لبعض الصيارفة لدخول الدائرة الجمركية لمزاولة عملهم. وعندما تبينت إدارة النقد أن القضية رقم 2473 لسنة 1960 مقيدة ضد ثلاثة صيارفة فقط، أخطرت مخابرات السواحل ببور سعيد بتصاريح أول فبراير سنة 1961 بالاستمرار في قرار المنع بالنسبة للصيارفة الثلاثة المذكورين المتهمين في القضية والسماح للذين لم يوجه لهم اتهام، ومن بينهم المدعي السيد عبد الله السيد لمعاودة مزاولة مهنتهم مع مراعاة قرار لجنة الوكلاء الصادرة بجلسته المنعقدة في 19 من يونيه سنة 1960 والمعتمد من وزير الاقتصاد في 22 من يونيه سنة 1960 والذي يقضي بما يلي: -
(1) تجميد الموقف بالنسبة للصيارف المرخص لهم بالعمل في الميناء وهؤلاء المرخص لهم بالعمل في المدينة مع عدم إصدار رخص جديدة لمزاولة مثل هذا العمل.
(2) سحب رخص العمل في الميناء بالنسبة للصيارف المرخص لهم بالعمل في كل من الميناء والمدينة (وعددهم اثنان) وقصر الترخيص لهم على العمل في المدينة.
وتقول إدارة النقد إن قرار اللجنة المذكورة قام على أساس أن هذا الإجراء يؤدي إلى منع المنافسة بين هؤلاء الصيارفة وإلى توحيد المعاملة بين المكاتب التي تزاول العمل داخل المدينة، كما أن هذا القرار يهدف في أساسه إلى إيجاد نوع من الرقابة على النقد وعلى أعمال هؤلاء الصيارفة إذ تبين أنهم قد استغلوا هذه التراخيص في عمليات غير مشروعة كما أساوءا إلى السياح القادمين إلى البلاد الأمر الذي يضر بالاقتصاد القومي وبسمعة البلاد من الناحية الدولية وقد حدد قرار الوكلاء المذكور عدد الصيارفة الذين ينطبق عليهم باثنين فقط دون تعيين أسماء، وتذكر إدارة النقد أنه لا علم لها بالمصدر الذي استمدت منه اللجنة المذكورة تحديد هذا العدد.
وأن هذا القرار تم تطبيقه بواسطة مصلحة الجمارك على جميع الصيارفة الذين كانوا يجمعون بين المهنتين وكان عددهم ستة، ومن بينهم، المدعي، السيد عبد الله السيد، الذي منع من دخول الدائرة الجمركية منذ 22 من أكتوبر سنة 1960 لمزاولة عمله كصراف بحر اكتفاء بمزاولته مهنة الصرافة بالمدينة.
وتأييداً لقرار لجنة الوكلاء المذكور آنفاً قرر وزير الاقتصاد في 11 من أكتوبر سنة 1961، بما له من سلطات مخولة بالقانون رقم 80 لسنة 1947 المعدل، سحب تراخيص العمل بالبحر ممن يملكون مكاتب صرافة بالمدينة، وقد صدر هذا القرار دون تحديد عدد أو أسماء.
وهذا القرار ينطبق على السيد عبد الله السيد حيث إن له مكتب صرافه بمدينة بورسعيد، ويقوم بتقديم كشوف العملات الأجنبية التي يشتريها ويبيعها إلى مكتب هذه الإدارة ببور سعيد، وهو مقيد بالسجل التجاري تحت رقم 6908 وهو بين الصيارفة المصرح لهم بمزاولة المهنة بالمدينة والميناء وبذلك ينطبق عليه قرار وزير الاقتصاد وتضيف إدارة النقد أن مجلس الدولة قد أفتى بأن مزاولة هؤلاء الصيارفة لعمليات النقد الأجنبي يعد مخالفة لأحكام القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدل وأنه. تأسيساً على ذلك يجوز إلغاء التراخيص الممنوحة لصيارفة البر والبحر ولا يجوز لهؤلاء الاحتجاج بحق مكتسب في حصولهم على تلك التراخيص إذ لا محل لاكتساب حق بالمخالفة لأحكام القانون.
وبجلسة 18 من يوليه سنة 1961 حكمت المحكمة برفض طلب وقف التنفيذ.
وبجلسة 8 من يناير سنة 1963 حكمت المحكمة في الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام الحكومة بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت وألزمتها بالمصروفات وبمبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها على أن المدعي ينعى على القرار المطعون فيه أنه وقع مخالفاً للقانون لأنه يحمل ترخيصاً مجدداً لسنة 1961 من وزارة الداخلية بمزاولة مهنته في الميناء والبواخر المارة بقناة السويس ويحمل كذلك تصريحاً بدخول المنطقة الجمركية من إدارة السواحل مجدداً بدوره في 14 من سبتمبر سنة 1960 ولم يقع منه ما يستوجب هذا المنع، ويقول إن القرار الإداري يجب أن يقوم على أسباب تكون في نظر مصدره المبررة له ولا يصح أن يقوم على أسباب لا تكفي لحمله بحيث يعمد مصدره، بعد أن يثبت له فساد استناده، إلى البحث عن أوجه استناد جديدة يتذرع بها في الدفاع عن قراره.
ويذكر الحكم أن الحكومة ترد على الدعوى بمقولة إن المخابرات كشفت عن عصابات من الصيارفة والبمبوطية لتهريب الذهب كما كشفت فعلاً عملية تهريب أربعة كيلو جرامات منه وقد تناول الكشف البعض بالاتهام والمحاكمة والبعض بمجرد السؤال والبعض بالشهادات فأصدر قومندان الحرس قراره بسحب تصاريح دخول الدائرة الجمركية بالنسبة لهم جميعاً وذلك بموجب ماله من سلطة - وأنه بتاريخ 31 من يناير سنة 1961 أوصت محافظة بور سعيد بإعادة تصاريح دخول الدائرة الجمركية للصيارفة غير المتهمين في جنايات تهريب، مع التصريح لهم بالعمل في الميناء ومن بينهم المدعي وعندما أرادت المصلحة وضع هذه التوصية موضع التنفيذ اصطدمت بالنسبة للمدعي بقرار وزارة الاقتصاد القاضي بتجميد الموقف بالنسبة للصيارف المرخص لهم بالعمل في الميناء وهؤلاء المرخص لهم بالعمل في المدينة مع عدم إصدار رخص جديدة لمزاولة مثل هذا العمل وبسحب رخص العمل في الميناء بالنسبة للصيارف المرخص لهم بالعمل في كل من الميناء والمدينة وعددهم اثنان وقصر الترخيص لهم على العمل في المدينة وهو القرار الذي اتخذته لجنة الوكلاء بجلستها المنعقدة في 19 من يونيه سنة 1960 وصدق عليه وزير الاقتصاد بتاريخ 22 من يوليه سنة 1960، وتقول الحكومة في مقام الرد على الدعوى أيضاً أن المصلحة عندما أرادت إعادة التصريح الخاص بالمدعي لدخول الدائرة الجمركية اصطدمت بقرار وزارة الاقتصاد سالف الذكر، وإذا كان القرار المذكور لم يبين اسمي الشخصين اللذين نص على سحب تصريحهما الخاص بالعمل في الميناء إلا أن المصلحة لم تطبقه على المدعي إلا بعد أن رجعت إلى الجهة المختصة وهي إدارة النقد فأجابت هذه الإدارة بأن المذكور ممنوع من دخول المنطقة الجمركية ولهذا رفض التصريح له وأصبح قرارها المطعون فيه هو رفض إعادة التصريح للمدعي بالدخول للدائرة الجمركية بسبب سحب رخصته الخاصة بالعمل في الميناء حيث إنه من الصيارف المرخص لهم بالعمل في كل من المدينة والميناء وينطبق عليه قرار وزارة الاقتصاد المبلغ لها بتاريخ 28 من يونيه سنة 1960 والقاضي بسحب الرخصة الخاصة بالميناء.
ويذكر الحكم أنه يبين من مراجعة نص المادة 12 من قرار وزارة الاقتصاد رقم 35 لسنة 1956 - أن نصها يجري كالآتي: -
يجوز للجهات التي أصدرت التراخيص سحبها أو إلغاءها عند حدوث أيه مخالفة من أصحابها وفي حالة اتهامهم في جناية أو جنحة سرقة أو إخفاء أشياء مسروقة - أو تهريب جمركي، ففي هذه الحالات يسحب الترخيص بصفة مؤقتة ريثما يصدر حكم نهائي في التهمة فإذا صدر الحكم بالإدانة يلغى الترخيص.
ويقول الحكم إنه بتطبيق هذا النص على حالة المدعي يبين أنه لم يرتكب أية مخالفة ولم يتهم في أية تهمة وقد اتخذت الحكومة في بادئ الأمر سبباً للقرار المطعون فيه اشتراكه في عملية تهريب سبائك ذهبية وعندما تبين لها أن هذا القول غير صحيح ساقت سبباً جديداً هو قرار وزير الاقتصاد أما بالنسبة لقرار وزير الاقتصاد المقول بأنه سبب حرمان المدعي من العمل في الميناء فإنه بالاطلاع على مستندات الحكومة يتضح أنه ليس بها أي مستند يؤيد هذا القول -.. فالمستند الأول وهو الخاص ببحث شكوى الصيارفة وهو تقرير الإدارة العامة للنقد جاء به ما يلي: -
"ونود أن نوضح في هذا الصدد أن من كانوا يزاولون هذه الأعمال قبل الاعتداء على بور سعيد لم تكن قد صدرت لهم تصاريح بذلك من هذه الإدارة إذ سبق لمحافظة القناة ببور سعيد أن منحت بعض البمبوطية رخصاً بمزاولة مهنة الصرافة على السفن وبصدور قانون النقد ترك هؤلاء وشأنهم يعملون بموجب هذه الرخص رغبة في عدم تشريدهم وبات من الواضح عدم منح رخص جديدة لمزاولة مهنة الصرافة على السفن إلا للبمبوطية الذين باشروا فعلاً هذه المهنة بترخيص سابق من المحافظة وعددهم 34 صرافاً ومن بين هؤلاء الصيارفة 13 صرافاً مقيدين بالسجل التجاري كصيارفة بالمدينة بجانب عملهم كصيارفة بحر بناء على ما تقدم توصي اللجنة بعدم التوسع في منح رخص جديدة وتقترح الفصل بين مهنتي الصرافة بالمدينة وداخل الميناء وعدم الجمع بينهما لفرد واحد. وأن يخير أصحاب مكاتب الصرافة الحاصلون على تصاريح سابقة بمزاولة المهنة بالميناء باختيار إحدى المهنتين خاصة وأن عدد من يجمع بين المهنتين ويزاولها فعلاً لا يتجاوز خمسة أفراد".
وقد جاء بهذا التقرير أيضاً "أخطرتنا المحافظة أن وزير الداخلية التنفيذي قد أمر بمساواة جميع أصحاب مكاتب الصرافة بالعمل خارج الميناء وداخلها وأن المحافظة بسبيل منع الرخص اللازمة لمن تنطبق عليهم الشروط المطلوبة بعد التحري عنهم من الجهات المختصة".
ويقول الحكم، إن هذا المستند يتضح منه أنه لا سند لإصدار القرار المطعون فيه وهو منع المدعي من العمل في الميناء.
أما بالنسبة للمستند الثاني وهو قرار لجنة الوكلاء الذي قيل أن وزير الاقتصاد قد اعتمده والذي على أساسه صدر القرار المطعون فيه فقد تضمن:
(1) تجميد الموقف بالنسبة للصيارف المرخص لهم بالعمل في الميناء وهؤلاء المرخص لهم بالعمل في المدينة مع عدم إصدار رخص جديدة لمزاولة مثل هذا العمل.
(2) سحب رخص العمل في الميناء بالنسبة للصيارف المرخص لهم بالعمل في كل من الميناء والمدينة وعددهم اثنان وقصر الترخيص لهم على العمل في المدينة.
ويقول الحكم إن هذا القرار لا يستفاد منه بسحب ترخيص المدعي لأنه قصر السحب على اثنين فقط من هؤلاء الصيارفة الذين يبلغ عددهم 13 ثلاثة عشر صرافاً، كما يثبت من التقرير الأول، وليس في الأوراق ما يفيد أن المدعي هو أحد الاثنين المراد سحب الترخيص منهما ويبين من ذلك أن القرار المطعون فيه قد فقد سببه وقام على وقائع صحيحة، ومن ثم فإنه يكون قد وقع مخالفاً للقانون ويتعين إلغاؤه.
وعن التعويض، يقول الحكم إن الثابت أن القرار المطعون فيه قد ثبتت عدم مشروعيته وأن الحكومة قد أخطأت في إصداره خطأ، نتج عنه إصابة المدعي بضرر هو حرمانه من العمل في الميناء وهو مورد رزقه بدون سند من القانون، فمن ثم تكون شروط المطالبة بالتعويض متوفرة ويتعين الحكم للمدعي بما طلب وهو مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من اعتبار قرار وزارة الاقتصاد الصادر بتاريخ 22 من يونيه سنة 1960 قراراً فردياً يتعين لصحة تطبيقه بالنسبة للمطعون ضده إثبات أنه أحد الاثنين اللذين نص عليهما، ينطوي على خطأ في تطبيق القانون وتأويله وذلك للأسباب الآتية: -
( أ ) ليس قرار وزارة الاقتصاد المذكور قراراً فردياً ولكنه قرار عام ينطبق على كل صراف يجمع بين ترخيص العمل في المدينة وترخيص العمل في الميناء، كما هو الشأن بالنسبة للمطعون ضده.
(ب) يقضي القانون رقم 80 لسنة 1947 بعدم جواز التعامل في النقد الأجنبي لغير المصارف المرخص لها بذلك من وزارة الاقتصاد وبذا أصبح نشاط صيارفة البحر والمدينة معاً مخالفاً للقانون فالترخيص به استثناء من حظر عام أبقت عليه الوزارة تسامحاً ورغبة في التيسير على أهالي بور سعيد بسبب ظروف العدوان الثلاثي الغادر وبناء على ما أشارت به لجنة إنعاش بور سعيد، فليس لهؤلاء وأولئك أي حق في التعامل في النقد الأجنبي والتراخيص الصادرة لهم بذلك لا تكسبهم أي حق يمتنع معه على الإدارة سحبها أو إلغاؤها أو تنظيمها أو تقييدها أو الحد منها إذ من المقرر أنه متى كان الترخيص استثناء من حظر عام كانت سلطة الإدارة في شأنه تقديرية.
ويقول الطعن إنه تأسيساً على ما تقدم فإن دعوى المطعون ضده لا تستند إلى أي أساس من القانون ويتعين لذلك الحكم برفضها، وإذ قضى الحكم المطعون بغير ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه إلغاؤه.
ومن حيث إنه يبين من استظهار الأوراق أن وزارة الداخلية، محافظة القنال صرفت إلى المدعي في 17 من يونيه سنة 1954 الرخصة رقم 247 لمزاولة مهنة صرافة النقود على البواخر بالشروط التي يقررها القانون حالاً ومستقبلاً - ومؤشر على هذه الرخصة في 17 من يونيه سنة 1954 أنها منصرفة بدل أخرى رقم 1017 فقدت من المدعي وألغيت لعدم تقديم طلب التجديد في الميعاد، كما أنه مؤشر عليها في 12 من مايو سنة 1957 بالتصريح لحاملها ببيع طوابع البريد على البواخر في حدود مبلغ عشرين جنيهاً ومذكور بها أيضاً في 5 من نوفمبر سنة 1960 أنه يعمل بها لغاية 16 من يونيه سنة 1965، وأن إدارة حرس الجمارك بجمرك بور سعيد، التابعة لمصلحة السواحل والمصايد وحرس الجمارك بوزارة الحربية منحت المدعي في 15 من يناير سنة 1959، باعتباره تاجراً وصرافاً بالرخصة رقم 247، التصريح رقم 16717/ 1108 لدخول الدائرة الجمركية وقد تضمن هذا التصريح تعليمات من بينها، أنه شخصي وللحرس حق سحبه في أي وقت وأنه صالح في المنطقة المنصرف منها ويجدد سنوياً وذكر به أنه جدد في 14 من يناير سنة 1960 هذا إلى أن المدعي يحمل أيضاً تصريح صعود على البواخر رقم 330 ينتهي في 31 من ديسمبر سنة 1960.
وقد اقتضت دواعي الأمن العام وما يتطلبه قيام منطقة السواحل الشرقية بإجراءاتها لمكافحة عصابات تهريب الذهب والنقد الأجنبي، المكونة من بعض الصيارف والبمبوطية تحرير محاضر إثبات حالة سرية تضمنت معلومات عرضت على النيابة العامة في حينها وتم على ضوء هذه المحاضر ضبط أربعة كيلو جرامات ذهب تحرر عنها محضر الضبط رقم 275 لسنة 1960 قسم حرس جمرك بور سعيد في القضية رقم 2473 لسنة 1960 الشرق ولذكر اسم المدعي في محضر إثبات الحالة المؤرخ 28 من أغسطس سنة 1960 استجوبته النيابة العامة في 6 من سبتمبر سنة 1960 ثم أخلت سبيله في الحال، وبتاريخ 22 من أكتوبر سنة 1960 أصدر قومندان حرس الجمارك ببور سعيد قراراً بسحب تصريح دخول الدائرة الجمركية من المدعي ومن كل صراف أو بمبوطي آخر شمله الاتهام أو تناوله التحقيق.
وقد قيدت القضية ضد محمد محمد عباس الشهير برشاد وعبد الفتاح الحسيني المردنلي الشهير بفتحي وأحمد إبراهيم الدسوقي وبجلسة 12 من فبراير سنة 1962 حكمت محكمة جنايات بور سعيد حضورياً ببراءة المتهمين مما أسند إليهم.
وإذ تبين عدم توجيه الاتهام للمدعي أو لغيره عدا الثلاثة المقيدة ضدهم القضية رقم 2473 لسنة 1960 المشار إليها، أوصت محافظة بور سعيد بإعادة تراخيص دخول الدائرة الجمركية للصيارف غير المتهمين في جنايات تهريب والمصرح لهم بالعمل في الميناء ومن بينهم المدعي، كما كتبت الإدارة العامة للنقد في أول فبراير سنة 1961 لقائد قسم مخابرات السواحل وبور سعيد بأنها ترى تنفيذ قرار المنع بالنسبة للثلاثة المتهمين في القضية رقم 2473 لسنة 1960 فقط والسماح بالعمل للذين لم يوجه لهم اتهام ومن بينهم المدعي.
ومن حيث إنه قد عاصر المجهودات والإجراءات التي بذلتها الأجهزة القائمة على الأمن في البلاد لمنع تهريب الذهب والنقد الأجنبي، مجهودات قامت بها الأجهزة الساهرة على اقتصاديات البلاد للمحافظة على ذلك النقد بمناسبة شكوى تلغرافية تقدم بها أعضاء اتحاد صيارف البحر ببور سعيد في 29 من مارس سنة 1959 لرئاسة الجمهورية تتضمن طلب حماية صيارفة البحر من منافسة أصحاب مكاتب الصرافة بالمدينة الذين يطلبون الترخيص لهم بمزاولة المهنة على البواخر علاوة على مزاولتهم لها بمكاتبهم بالمدينة، والفئة الأولى تضم 34 صرافاً منهم 13 صرافاً مقيدون بالسجل التجاري ومن ضمن هذا العدد 4 فقط لهم مكاتب صرافة بالمدينة. وعلى أثر هذا شكلت الإدارة العامة للنقد، لجنة لبحث هذه الشكوى فوضعت تقريراً ضمنته أن أحكام القانون رقم 80 لسنة 1947 تقضي بعدم جواز التعامل في النقد الأجنبي لغير المصارف المرخص لها بذلك من وزير الاقتصاد، وأن أصحاب مكاتب الصرافة بمدينة بور سعيد وصيارفة البحر لا يعتبرون كذلك، إلا أنه رغبة من الوزارة في التيسير على أهالي بور سعيد نظراً لظروف العدوان التي أحاطت بهم وبناء على ما أشارت به لجنة إنعاش بور سعيد، رؤى السماح للطوائف التي تتعامل في النقد الأجنبي ببور سعيد ومن بينها أصحاب مكاتب الصرافة وصيارفة البحر ببور سعيد بالاستمرار في مزاولة أعمالهم وفقاً للشروط والقواعد التي تضعها الإدارة العامة للنقد على ألا يترتب على ذلك اكتساب أي منهم مزايا جديدة تكون بذاتها مخالفة لقانون النقد كان يباشر عملاً من عمليات النقد الأجنبي لم يكن يباشره من قبل وتقول اللجنة إنها تود أن توضح في هذا الصدد أن من كانوا يزاولون هذه الأعمال قبل الاعتداء على بور سعيد لم تكن قد صدرت لهم تصاريح بذلك من إدارة النقد إذ قد سبق لمحافظة القناة ببور سعيد أن منحت بعض البمبوطية رخصاً بمزاولة مهنة الصرافة على السفن، وبصدور قانون النقد ترك هؤلاء وشأنهم يعملون بموجب هذه الرخص رغبة في عدم تشريدهم وبات من الواضح عدم منح رخص جديدة لمزاولة مهنة الصرافة على السفن إلا للبمبوطية الذين باشروا فعلاً هذه المهنة بترخيص سابق من المحافظة وعددهم 34 صرافاً.
ومن بين هؤلاء الصيارفة 13 صرافاً مقيدون بالسجل التجاري كصيارفة بالمدينة بجانب عملهم كصيارفة بحر.
أما أصحاب مكاتب الصرافة الذين سمحت الإدارة لهم بالاستمرار في مزاولة أعمالهم بالمدينة فهم المقيدون بالسجل التجاري حتى 28 من سبتمبر سنة 1957 وبلغ عددهم 24 صرافاً ويدخل في هذا العدد الـ 13 صرافاً الحاصلين على تراخيص سابقة من المحافظة بمزاولة المهنة بالميناء. أما التسعة الباقون فلا حق لهم في القيام بأعمال الصرافة بالميناء ويقتصر نشاطهم على مزاولة المهنة بالمدينة.
وقد تقدم أصحاب مكاتب الصرافة التسعة بطلبات للسماح لهم بمزاولة المهنة بالميناء أسوة بزملائهم الذين يجمعون بين العمل بالبر والبحر فانعقدت لجنة بمحافظة القناة بتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1957 للنظر في هذه الطلبات من ممثلين من المحافظة والنقد وبوليس الميناء والجمرك واستقر الرأي على عدم السماح برخص صرافة جديدة بالمدينة للأسباب الآتية: -
(1) إن التوسع في التصريح بمهنة الصرافة على البواخر يحتاج من جانب مصلحة الجمارك إلى رقابة شديدة ومجهود شاق في مراجعة النقود وحصرها عند دخول الصيارفة للميناء وعند الخروج منها.
(2) إن التصريح لأصحاب مكاتب الصرافة بالعمل على البواخر معناه القضاء على أرزاق صيارفة الميناء.
(3) إن زيادة العدد عن المصرح به حالياً بمهنة الصرافة على البواخر سيؤدي إلى التزاحم وحدوث منازعات بشغب على البواخر من شأنه الإخلال بالأمن والإساءة إلى سمعة البلاد.
(4) إن مزاولة الطوائف المذكورة لمهنة الصرافة يتعارض مع أحكام قانون النقد وإذا كانت وزارة الاقتصاد قد سمحت ببعض التيسير فهو استثناء من القانون لا يجوز التوسع فيه ونظراً للتظلمات التي قدمت إلى إدارة النقد من أصحاب مكاتب الصرافة غير الحاصلين على تصاريح لمزاولة المهنة بالميناء فقد أخطرت الإدارة محافظة القناة بتاريخ 23 من أغسطس سنة 1958 بأنه رغبة في تيسير الأمور على أصحاب مكاتب الصرافة ترى الإدارة أن تنظر للمحافظة بالاشتراك مع جمرك بور سعيد في الطلبات المقدمة من أصحاب هذه المكاتب المقيدين بالسجل التجاري حتى 28 من سبتمبر سنة 1957 (وهو التاريخ الذي أصدرت فيه الإدارة تعليماتها إلى مكتب السجل التجاري ببور سعيد بعدم إجراء أي قيد بالسجل التجاري لمزاولة الصرافة بالمدينة إلا بعد الرجوع بعدم إجراء للإدارة "لإدارة النقد". لمزاولة عملهم على السفن بالميناء على أن تبت المحافظة والجمرك في هذه الطلبات وفقاً للظروف والأحوال وتبعاً لتقدير مقدمي الطلبات ولكافة الأمور بالمدينة والميناء.
وبتاريخ 26 من مارس سنة 1959 انعقدت لجنة بدار محافظة القناطر للنظر في الطلبات المقدمة واستقر رأيها على الموافقة من حيث المبدأ في حدود ما أشارت به الإدارة بكتابها سالف الذكر على منح تراخيص لمزاولة المهنة على البواخر لمقدمي الطلبات وقد وافقت الإدارة بتاريخ 6 من إبريل سنة 1959 على قرار اللجنة بشرط استصدار القرارات اللازمة بهذا الصدد من الجهات المختصة والمقصود بالجهات المختصة هي وزارة الاقتصاد حيث إنه من حق وزير الاقتصاد فقط الترخيص لأي فرد أو هيئة بمزاولة عمليات النقد الأجنبي كما أبلغت هذه الإدارة المحافظة بكتاب لاحق بتاريخ 28 من إبريل سنة 1959 أن يراعى توافر الشرطين الآتيين فيمن يصرح لهم بالرخص المطلوبة.
(1) أن يكونوا ممن يزاولون المهنة في مكاتب صرافة مفتوحة باسمهم في المدينة.
(2) أن يكونوا ممن يقدمون البيانات النصف شهرية عن عمليات النقد الأجنبي التي يزاولونها معتمدة من محاسب معتمد.
وبتاريخي 27 من إبريل سنة 1960 و22 من مايو سنة 1960 أخطرت المحافظة إدارة النقد، بأن وزير الداخلية قد أمر بمساواة جميع أصحاب مكاتب الصرافة وصيارفة الميناء بالعمل خارج الميناء وداخله، وأن المحافظة بسبيل منع الرخص اللازمة لمن تنطبق عليهم الشروط المطلوبة بعد التحري عنهم من الجهات المختصة.
وقد وصلت شكاوى لوزارة الاقتصاد ولإدارة النقد من جمعية الصيارفة والتجار على السفن تفيد أن المحافظة بسبيل منح رخص صرافة لأصحاب مكاتب الصرافة التسعة وتطلب حماية أعمالها من تحكم هذه الفئة القليلة من أصحاب رؤوس الأموال في فئة كبيرة فقيرة هم صيارفة البحر.
وبناء على تكليف وكيل وزارة الاقتصاد تألفت لجنة لبحث هذه الشكاوى وتناقشت مع أعضاء مجلس إدارة جمعية الصيارفة على السفن ثم مع ممثلي أصحاب مكاتب الصرافة بالمدينة ومع مفتش الضبط بالمحافظة كما سألت مدير جمرك بور سعيد وكان من رأيه عدم منح أية تصاريح لمزاولة مهنة الصرافة بالميناء حيث إن الرقابة غير متيسرة على نظام الصرافة الفردي داخل الميناء الأمر الذي يؤدي إلى عدم الاطمئنان إلى الإشراف على هذه العمليات في حالة زيادة العدد.
وقد اتضح للجنة من خلال المناقشات والاتصالات التي تمت مع الجهات المختصة أم منح رخص لأصحاب مكاتب الصرافة التسعة سيؤدي إلى استمرار النزاع بين طائفتي صيارفة البر والبحر كما سيترتب عليه مطالبة صيارفة البحر الذين ليست لهم مكاتب صرافة بالمدينة وعددهم 21 صرافاً بالسماح لهم بقيد أسمائهم بالسجل التجاري لفتح مكاتب صرافة لمزاولة المهنة بالمدينة بجانب عملهم بالميناء وذلك أسوة بأصحاب مكاتب الصرافة الذين سوف يصبح من حقهم جميعاً، بعد تنفيذ القرار سالف الذكر، مزاولة المهنة بالمدينة وداخل الميناء وهذا الطلب يستند إلى ذات الأساس الذي استند إليه صيارفة المدينة التسعة عند التصريح لهم بالعمل بالميناء.
ولما كانت الطوائف التي تتعامل في النقد الأجنبي ببور سعيد إنما تزاول نشاطها استثناء من القانون رقم 80 لسنة 1947 فإن أية تسهيلات جديدة تمنح لطائفة منها إنما هي توسع في الاستثناء سيترتب عليه مطالبة بقية الطوائف بتسهيلات مماثلة في حين أن الأمر يستدعي الحد من التسهيلات القائمة كلما أمكن ذلك تمشياً مع أحكام القانون.
وقد انتهت اللجنة إلى التوصية بعدم التوسع في منح رخص جديدة كما اقترحت الفصل بين مهنتي الصرافة بالمدينة وداخل الميناء وعدم الجمع بينهما لفرد واحد وأن يخير أصحاب مكاتب الصرافة الحاصلون على تصاريح سابقة بمزاولة المهنة بالميناء بين إحدى المهنتين ولا سيما أن عدد من يجمع بين المهنتين ويزاولها فعلاً لا يجاوز خمسة أفراد.
وقد أشارت اللجنة إلى أنه تأكد لديها أن مهنة الصرافة ببور سعيد سواء في المدينة أو في البحر إنما تقوم على أساس العمليات غير المشروعة وأنه من العسير وضع الترتيبات التي تكفل رقابة المشتغلين بأعمال الصرافة بصورة مجدية في ظل الظروف السائدة بالمدينة والميناء وأن البيانات التي تقدمها مكاتب الصرافة عن عمليات النقد الأجنبي التي تزاولها ليست إلا بيانات وهمية لا تمثل إلا جانباً يسيراً من العمليات التي تزاولها هذه المكاتب وبناء على هذا التقرير، تقرير اللجنة التي شكلت بالإدارة العامة للنقد لبحث شكوى صيارفة البحر ببور سعيد، اجتمعت لجنة الوكلاء بوزارة الاقتصاد في 19 من يونيه سنة 1960 واتخذت القرار الآتي: -
(1) تجميد الموقف بالنسبة للصيارف المرخص لهم بالعمل في الميناء وهؤلاء المرخص لهم بالعمل في المدينة مع عدم إصدار رخص جديدة لمزاولة مثل هذا العمل.
(2) سحب رخص العمل في الميناء بالنسبة للصيارف المرخص لهم بالعمل في كل من الميناء والمدينة (وعددهم اثنان) وقصر الترخيص لهم على العمل في المدينة.
وهذا يؤدي إلى منع المنافسة بينهم وإلى توحيد المعاملة بين المكاتب التي تزاول العمل داخل المدينة.
وقد اعتمد السيد الوزير محضر اجتماع اللجنة في 22 من يونيه سنة 1960.
وتذكر إدارة النقد أنها تود أن توضح أنه ولو أن قرار لجنة الوكلاء قد حدد عدد الصيارفة الذين ينطبق عليهم هذا القرار باثنين فقط دون تعيين لأسماء، ولا علم لها بالمصدر الذي استمدت منه اللجنة المذكورة تحديد هذا العدد، إلا أن هذا القرار ثم تطبيقه بوساطة مصلحة الجمارك على جميع الصيارفة الذين كانوا يجمعون بين المهنتين وكان عددهم ستة ومن بينهم المدعي، السيد عبد الله السيد، الذي منع من دخول الدائرة الجمركية منذ 22 من أكتوبر سنة 1965 لمزاولة عمله كصراف بحر اكتفاء بمزاولة مهنة الصرافة بالمدينة.
وقد قامت إدارة النقد في 28 من يونيه سنة 1960 بإبلاغ قرار السيد وزير الاقتصاد إلى كل من مدير عام مصلحة الجمارك بالإسكندرية وبمدير جمرك بور سعيد.
وقد تقدم السيد وكيل وزارة الاقتصاد والخزانة لشئون التجارة الخارجية في 7 من أكتوبر سنة 1961 للسيد الوزير بمذكرة لتنظيم الرقابة على أعمال صيارفة البر والبحر بمينائي بور سعيد والسويس ضمنها ضرورة اتخاذ الخطوات الآتية: -
( أ ) متابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع مندوبي صيارفة البر والبحر من قيامهم بتوريد مليون جنيه أو 4/ 3 مليون جنيه عملات أجنبية للبنك المركزي في بور سعيد سنوياً، على أن يتابع تنفيذها هذا الاتفاق كل 3 شهور وإذا ما تبين وفاؤهم بالتزامهم يسمح لهم بالاستمرار في مزاولة المهنة، وفي حالة عدم وفائهم بالالتزام سالف الذكر، فالإجراء الواجب اتخاذه هو إلغاء جميع الرخص بدون استثناء وإحكام رقابة فعالة على أفراد البمبوطية وتجار مخلفات السفن - ويكون ذلك مقروناً بفتح فروع للبنوك تعطي مرونة كافية مع إحكام الرقابة عليها.
(ب) التحقق من سحب تراخيص العمل بالبحر من صيارفة بور سعيد والسويس ممن يملكون مكاتب صرافة.
(جـ) الاتصال بالسجل التجاري لإلغاء السجلات التجارية الخاصة بصيارفة البحر الذين ليست لهم مكاتب صرافة لا تتاح الفرصة لهم مستقبلاً لاستغلال هذه السجلات في فتح مكاتب صرافة.
(د) إلغاء تراخيص العمل في البحر وكذا السجلات التجارية الخاصة بأصحاب مكاتب الصرافة في الحالات التي لم يزاول أصحابها نشاطاً لمدة تزيد عن عام زاولوا أعمالاً أخرى.
وقد وافق السيد وزير الاقتصاد والخزانة في 11 من أكتوبر سنة 1961 على رأي السيد وكل الوزارة لشئون التجارة الخارجية تنظيماً للرقابة على أعمال صيارفة البر والبحر بمينائي بور سعيد والسويس.
1 - إنه يبين من كل ما تقدم أن موافقة السيد وزير الاقتصاد في 11 من أكتوبر سنة 1961 على ما تضمنته مذكرة السيد وكيل الوزارة للشئون التجارية الخارجية إنما جاءت تأكيداً لقرار الوزير الصادر في 22 من يونيه سنة 1906 باعتماد محضر اجتماع لجنة وكلاء الوزارة القاضي بسحب رخص العمل بميناء بور سعيد بالنسبة للصيارفة الذين يجمعون بين العمل بالمدينة والعمل بالميناء وقصر الترخيص لهم على العمل في المدينة.
وهذا القرار ينطبق على كل صراف يجمع بين ترخيص العمل في المدينة وترخيص العمل في الميناء ولم يميز بين صراف وآخر لصدور القرار عاماً في صياغته وقد تضمن حكمين أولاهما: تجميد الموقف بالنسبة للجميع وذلك بعدم إصدار رخص جديدة لمزاولة مهنة الصرافة وقصر العمل على الصيارف المرخص لهم بالعمل في الميناء وهؤلاء المرخص لهم بالعمل في المدينة.
والثاني: سحب تراخيص العمل في الميناء من كل صراف يجمع بين ترخيص العمل في الميناء وترخيص العمل في المدينة، وقصر الترخيص، لمثل ذلك الصراف ذي الترخيص على العمل في المدينة فقط.
ومن حيث إن قصر العمل للصراف ذي الترخيص على العمل في المدينة فحسب هو النتيجة الطبيعية للحكم العام الذي تضمنه قرار الوزير بعدم الجمع بين العمل في المدينة والعمل في الميناء وقصره على العمل في المدينة، ولا يقدح في عمومية الحكم، إن تقرير لجنة الوكلاء ذكر أن عدد الصيارف المرخص لهم في العمل في كل من الميناء والمدينة اثنان وأن قرار الوزير صدر باعتماد ما انتهى إليه وكلاء الوزارة في لجنتهم بتاريخ 22 من يونيه سنة 1960 بحسبان أن العدد اثنان، إذ لم يحدد تقرير لجنة الوكلاء وبالتالي قرار الوزير هذين الصرافين بأسمائهما أو بأشخاصهما ولم يعرفهما بذواتهما، بل إن ما جاء بتقرير لجنة الوكلاء وما تضمنه قرار الوزير كان عاماً لم يميز بين حالة فردية وحالة فردية أخرى ولم يحدد صرافاً بالذات أو يعينه بالاسم، بل صدر مجرداً من كل تحديد، عاماً في صياغته ينطبق على كل صراف يجمع بين ترخيص.. العمل في المدينة وترخيص العمل في الميناء سواء كان العدد اثنين كما تضمنه تقرير لجنة الوكلاء أو ستة كما ذكرت إدارة النقد، ذلك أن تحديد عدد الصيارف الذين ينطبق عليهم القرار، مسألة واقع لا شأن لها بعمومية الحكم الذي أتى به القرار، يؤيد ذلك أن مصلحة الجمارك قد طبقته على جميع الصيارف الذين كانوا يجمعون بين المهنتين وأن القرار الثاني للوزير الصادر في 11 من أكتوبر سنة 1961، والمتضمن سحب تراخيص العمل بالبحر من الصيارف الذين يملكون مكاتب بالمدينة، دون تحديد عدد أو تعيين أسماء، هذا القرار الثاني جاء مؤيداً للقرار الأول مؤكداً له مقرراً للحكم العام الذي تضمنته.
ومن حيث إنه بهذه المثابة يكون ما أورده وزير الاقتصاد في قراره الصادر في 22 من يونيه سنة 1960 وما أكده بقراره الصادر في 11 من أكتوبر سنة 1961، قد تضمن قاعدة تنظيمية عامة مجردة من مقتضاها تطبيقها على كل صراف يجمع بين تراخيص العمل بالميناء وترخيص العمل بالمدينة، بقصر الترخيص له على العمل في المدينة.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن المدعي مقيد بالسجل التجاري برقم 6908 وهو من الصيارفة المصرح لهم بمزاولة المهنة بالميناء وبالمدينة وبذلك ينطبق علية قرار وزير الاقتصاد الصادر بتاريخ 22 من يونيه سنة 1960 المشار إليه، وقد تم تطبيق هذا القرار عليه بوساطة مصلحة الجمارك مع جميع الصيارفة الذين كانوا يجمعون بين المهنتين وكان عددهم ستة من بينهم المدعي، الذي منع من دخول الدائرة الجمركية منذ 22 من أكتوبر سنة 1960، حسبما قررته إدارة النقد آنفاً، لمزاولة عمله كصراف بحر اكتفاء بمزاولته مهنة الصرافة بالمدينة، وبهذه المصابة يكون سحب تصريح دخول الدائرة الجمركية من المذكور للحيلولة بينه وبين ممارسة أعمال الصرافة بالميناء اكتفاء بمزاولته مهنة الصرافة بمكتبه بالمدينة، قد صدر سلمياً مطابقاً للقانون مما يجعل الحكم المطعون فيه القاضي بإلغائه في غير محله.
ومن حيث إنه يخلص من ذلك أن مجهودات وإجراءات أجهزة الأمن لمنع تهريب الذهب والنقد الأجنبي كانت معاصرة في ذات الوقت لأبحاث الأجهزة الساهرة على الاقتصاد القومي للمحافظة على النقد الأجنبي ومنع العبث به بأحكام الرقابة الفعالة على الصيارف ومنع المنافسة بينهم، وكانت إجراءات أجهزة الأمن وقراراتها صادرة بالتحاذي والتوازي في الوقت عينه مع أبحاث أجهزة الاقتصاد وقراراتها كل يبحث ويعمل في نطاقه وكل يقرر في مجاله وقد انتهت إجراءات الأمن في 22 من أكتوبر سنة 1960 كما انتهت إجراءات الاقتصاد وقراراته في أواخر يونيه سنة 1960 ووضعت موضع التنفيذ في ذات الوقت مع إجراءات الأمن وبقرارات وزير الاقتصاد توافر للقرار سببه المشروع، كما سلف الإيضاح.
2 - ومن حيث إنه ترتيباً على ذلك لا محل لما ساقه الحكم المطعون فيه من أن الحكومة قد اتخذت في بادئ الأمر سبباً للقرار المطعون فيه، وهو اشتراك المدعي في عملية تهريب سبائك ذهبية، وعندما تبين لها أن هذا القول غير صحيح، ساقت سبباً جديداً هو قرار وزير الاقتصاد، لا وجه للتحدي بذلك طالما أنه قد وضح أن السببين قائمان في ذات الوقت وأن أحدهما يكفي لحمل القرار على وجه صحيح وإذ تخلف السبب الخاص بأجهزة الأمن وظل السبب الخاص بالنقد قائماً فيكون قد توافر للقرار المطعون فيه سببه المشروع مما يجعل الحكم بإلغائه في غير محله، ذلك أنه إذا أمكن حمل القرار الإداري على وقائع كشفت عنها أوراق الدعوى بالإضافة إلى تلك التي كانت من ضمن الأسباب التي على أساسها صدر القرار فإن ذلك يكفي لصحته وينبني عليه بالتبعية سقوط حجة المدعي في النص عليه أو تعيينه بفقدان السبب.
3 - ومن حيث إنه مما يجدر التنبيه إليه، بالإضافة إلى ما سبق، أنه من المبادئ المسلمة أن الترخيص الصادر من جهة الإدارة، إنما هو تصرف إداري يتم بالقرار الصادر بمنحه، وهو تصرف مؤقت بطبيعته قابل للسحب أو التعديل في أي وقت متى اقتضت المصلحة العامة ذلك ويقع هذا السحب أو التعديل غير قابل للإلغاء متى تم وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة ولم يكن مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة وسواء في ذلك أكان الترخيص مقيداً بشروط أو محدداً بأجل، فالترخيص لا يكسب صاحبه أي حق يمتنع معه على الإدارة سحبه أو إلغاؤه أو تنظيمه أو الحد منه طبقاً لسلطتها التقديرية وفقاً لواجبات المصلحة العامة وبغير تعسف.
4 - ومن حيث إنه تنفيذاً للقانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد والقوانين المعدلة له والقرارات المنفذة له أصدر وزير الاقتصاد القرار الوزاري رقم 893 لسنة 1960 في 22 من أكتوبر سنة 1960 بلائحة الرقابة على عمليات النقد وقصر الترخيص فيها لمزاولة عمليات النقد الأجنبي. وذلك في حدود ما تخوله الإدارة العامة للنقد من سلطات على البنوك المعينة بالاسم في اللائحة، ولتوماس كوك وولده في حدود ما تستلزمه الأغراض السياحية، كما أوجبت اللائحة أن يتم التعامل في العملات الأجنبية عن طريق هذه البنوك والمؤسسات المرخص لها بذلك.
وعلى مقتضى ما تقدم يكون نشاط صيارفة البحر والمدينة مجافياً للقانون ويعد الترخيص به مخالفة لأحكام قانون النقد فإذا كانت الإدارة قد تسامحت في تنفيذ القانون فسمحت لهؤلاء الصيارفة بالعمل، رحمة بهم ورغبة في عدم تشريدهم مستهدفة بذلك التيسير على أهالي بور سعيد نظراً لظروف العدوان التي أحاطت بهم وبناء على ما أشارت به لجنة إنعاش بور سعيد، فليس من شأن هذا التسامح أن يكسب هؤلاء الصيارف حقاً في الاستمرار في مزاولة أعمالهم لما في ذلك من تعطيل لقانون النقد ومخالفة لأحكامه.
ومن حيث إنه ظاهر من وقائع الدعوى ودفاع الحكومة وظروف الحال أن المنح المقصود بالقرار الإداري المطعون فيه إنما يرد في حقيقة الأمر على دخول المدعي الدائرة الجمركية لمزاولة أعمال الصرافة بالميناء، وهي الأعمال التي يؤخذ مما تقدم أنه ليس له أصل حق فيها، دون ممارسة نشاطه التجاري كممبوطي وبائع طوابع بريد على البواخر في حدود التراخيص المجددة المنصرفة له في هذا الخصوص والتي تبيح له ذلك وهو ما لا تثريب عليه فيه حسبما تخوله إياه هذه التراخيص وما لا مبرر لحرمانه منه. ومتى كان الأمر كذلك فإن قرار السيد قومندان حرس الجمارك ببور سعيد بسحب التصريح الصادر للمدعي بدخول المنطقة الجمركية بقصد الحيلولة بينه وبين مزاولة مهنة الصرافة بالميناء تنفيذاً لقرار السيد وزير الاقتصاد لا يمتد أثره إلى أبعد مما ينصرف إليه هذا القرار بطبيعته وبالغاية منه، ومن ثم فإن عدم تمكن المدعي - كنتيجة واقعية لوحدة التصريح - من دخول المنطقة المذكورة لمباشرة أوجه النشاط الأخرى غير الممنوعة عليه، إنما يكون مرده إلى عقبة مادية لا تنطوي في مضمون القرار الإداري الذي يدخل في ولاية هذا القضاء ويمكن تذليلها بين المذكور وبين جهة الإدارة.
ومن حيث إنه يخلص مما سلف إيراده أن القرار الصادر بسحب تصريح دخول المدعي الدائرة الجمركية لمنعه من أعمال الصرافة بالميناء قد استند إلى سبب مبرر له يقوم على استخلاص سائغ من وقائع صحيحة لها أصل ثابت في الأوراق، ومن ثم يكون هذا القرار قد صدر سليماً مطابقاً للقانون ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغائه قد بني على خطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين القضاء بإلغائه، وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.