مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة 32 - الجزء الثاني (أول مارس 1987 - 30 سبتمبر 1987) - صـ 1113

(169)
جلسة 12 من إبريل سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ يوسف شلبي يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عبد العزيز أحمد سيد أحمد حماده ومحمد يسري زين العابدين وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

الطعن رقم 3628 لسنة 29 القضائية

إعارة - مدى جواز ترقية العامل المعار.
المادة 58 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة معدلاً بالقانون رقم 108 لسنة 1981. منع المشرع ترقية العامل المعار إلى الوظائف العليا - يسري هذا المنع من تاريخ العمل بالقانون رقم 108 لسنة 1981 في 10/ 10/ 1981 - قبل هذا التاريخ لم تكن الإعارة تحول دون الترقية - تطبيق [(1)].
يراجع نص المادة 58 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 بعد تعديلها بالقانون رقم 115 لسنة 1983.
وإعمالاً للمادة السادسة منه فإن الفقرتين الأخيرتين من هذه المادة يعمل بهما بعد ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 والمعمول به اعتباراً من 12/ 8/ 1983.


إجراءات الطعن

بتاريخ 3/ 9/ 1983 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3628 لسنة 29 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - الدائرة الثانية - بجلسة 7/ 7/ 1983 في الدعوى رقم 881 لسنة 35 القضائية المقامة من السيد/ إبراهيم فهمي محمد إبراهيم سالم ضد السيد/ وزير التموين والتجارة الداخلية الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعي في إرجاع أقدميته في درجة مدير عام إلى تاريخ صدور القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من أثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعي في إرجاع أقدميته في درجة مدير عام إلى تاريخ صدور القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من أثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 26/ 1/ 1987 فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - وعين لنظره أمامها جلسة 15/ 2/ 1987 وبعد أن سمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيه أودعت مسودة الحكم مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن عناصر هذه المنازعة تجمل على ما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 31/ 1/ 1981 أقام إبراهيم فهمي محمد إبراهيم سالم الدعوى رقم 881 لسنة 35 ق طالباً الحكم بإلغاء القرار رقم 2293 لسنة 1080 الصادر بتاريخ 2/ 11/ 1980 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى أحد وظائف مديري العموم الخالية بمصلحة التسجيل التجاري وإلزام المدعى عليه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال بياناً لدعواه أنه تخرج في كلية التجارة عام 1948 وحصل على دبلوم معهد الضرائب عام 1950 وعين خبيراً محاسباً بوزارة العدل من 4/ 9/ 1948 حتى 14/ 10/ 1956 ثم نقل إلى الإدارة العامة للشركات بمصلحة التسجيل التجاري وتدرج في وظائفها حتى عين مراقباً عام بالتفتيش الحسابي بالدرجة الأولى التخصصية وأعير للعمل بجهاز تصفية الحراسات في عام 1973 وانتهت الإعارة في 30/ 6/ 1981 وقد أجرت الوزارة حركة ترقيات لوظائف مديري العموم وصدر بذلك قرار نائب رئيس الوزراء رقم 2293 لسنة 1981 في 2/ 11/ 1980 الذي تخطى فيه المدعي في الترقية إلى تلك الدرجة رغم شمول القرار ترقية من هم أحدث منه فتظلم بتاريخ 24/ 11/ 1980 وأجابته الوزارة بتاريخ 9/ 12/ 1980 بأنه كان معاراً لجهاز تصفية الحراسات منذ مدة طويلة ولا يتحمل أية مسئوليات فعلية بالمصلحة طيلة مدة الإعارة لذلك فقد تعذر ترقيته وتمت ترقية من كانوا يعملون فعلاً وقت الترقية وقد توفرت فيهم شروطها ومواصفاتها طبقاً لجدول ترتيب الوظائف بالمصلحة.
وأضاف المدعي أنه حاصل على مرتبة ممتاز في جميع تقارير الكفاية التي وضعت في شأنه طوال حياته الوظيفية وكان موضع تقدير رؤسائه في العمل وأنه أسبق في ترتيب الأقدمية فيمن رقوا بالقرار المطعون فيه وبالتالي يتوافر في شأنه حكم المادة (37) من القانون رقم 47 لسنة 1978 يضاف إلى ذلك أن لديه خبرة طويلة تقارب اثنين وثلاثين سنة في وظيفته وحاصل على مؤهل أعلى من المؤهل الجامعي وأما ما تذرعت به الجهة الإدارية من أنه تخطى بسبب الإعارة فذلك يتعارض مع كتاب دوري وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء بعدم تخطي المعارين لجهاز تصفية الحراسات في الترقية.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى طالبة رفضها تأسيساً على أن الوظيفة المرقى إليها من وظائف الإدارة العليا التي تتم الترقية إليها بالاختيار طبقاً لحكم المادة (37) من القانون رقم 47 لسنة 1978 وأن المطعونون على ترقيتهم كانوا شاغلين للوظائف المرقى إليها أو السابقة عليها مباشرة ومستوفى شروط شغلها طبقاً لجداول ترتيب وتوصيف الوظائف بالمصلحة بينما كان المدعي في تاريخ الترقية معاراً منذ عام 1973 وأنها حاولت أكثر من مرة إنهاء الإعارة لحاجة العمل إليه دون جدوى وأنها جرت على عدم ترقية الموظف المعار للوظائف القيادية حتى لا تتأثر مصلحة العمل وأنها اختارت للترقية أفضل العناصر من القائمين بالعمل فعلاً الذين كانوا يشغلون الوظائف الأدنى مباشرة للوظائف المرقى إليها وبذلك يكون الاختيار للترقية قد قام على أسس صحيحة.
وقدم المدعي مذكرة بتعديل طلباته جاء بها أنه قد صدر قرار النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء رقم 905 لسنة 1981 بترقيته إلى درجة مدير عام وأنه لذلك يقصر طلباته إلى الحكم بإرجاع أقدميته في درجة مدير عام إلى تاريخ صدور القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من أثار وفروق مالية وإلزام المدعى عليه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وأودع صورة القرار رقم 129 لسنة 1981 بندبه للعمل مدير عاماً للإدارة العامة للتسجيل التجاري بالقاهرة وصورة القرار رقم 905 لسنة 1981 بترقيته لدرجة مدير عام.
وبتاريخ 14/ 4/ 1982 أودع عبد الله محمد محمد الشاهد صحيفة يطلب تدخله في الدعوى منضماً إلى الجهة الإدارية باعتبار أن الحكم في الدعوى قد يمس مصلحته فيما لو قضى بإلغاء القرار المطعون فيه حتى يتاح له تقديم المستندات الدالة على صحة القرار المطعون فيه.
وبجلسة 7/ 7/ 1983 قضت المحكمة (أولاً) بقبول تدخل السيد/ عبد الله محمد محمد الشاهد خصماً منضماً للجهة الإدارية (ثانياً) بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات.
وقام قضاء المحكمة على أن إعارة المدعي لجهاز تصفية الحراسات تعد سبباً كافياً لتخطيه في الترقية لوظيفة مدير عام دون حاجة لإجراء مفاضلة بين المطعون على ترقيتهم تأسيساً على أن وظيفة مدير عام هي إحدى وظائف الإدارة العليا القيادية وأنه عندما تفصح الجهة الإدارية عن إرادتها وتختار الوقت المناسب لشغل هذه الوظيفة فإن هذا يعني أنها تريد أن يشغل هذه الوظيفة شخص يقوم فوراً بمباشرة العمل القيادي رعاية للمصلحة العامة وإذا أجيزت ترقية الموظف المعار في الوظائف غير القيادية ارتكاناً إلى أن الإعارة تتم بموافقة الجهة الإدارية فذلك لأن العمل لا يتأثر في مثل هذه الوظائف التي تتشابه أو تتماثل فيها الاختصاصات بحيث لا يتأثر صالح العمل باستمرار وجود العمل المرقى في الجهة المعار إليها بعد الترقية بخلاف الحال بالنسبة للوظائف العليا التي تتم بالاختيار والتي يجب أن يباشر المرقى إليها أعمال الوظيفة فعلاً فور ترقيته إليها وتحمل أعباءها ومسئولياتها وهو ما لا يمكن تحقيقه بالنسبة للمعارين مما يؤثر في صالح العمل يضاف إلى ذلك أن عدم مباشرة المعار وظيفته الأصلية فعلاً لمدة طويلة يؤدي إلى أن تضحى خبرته في أعمال وظيفته الأصلية محدودة بعكس القائمين فعلاً بإعمال تلك الوظائف.
وحيث إن مبنى الطعن أن المشرع قرر أصلاً عاماً يقضي بأن يرقى المعارون مع زملائهم وفقاً للضوابط المقررة للترقية وأن الإعارة لا تحول دون الترقية متى توافرت شروطها إذ أن مدة الإعارة تحسب ضمن مدة الخدمة ولا يجوز حرمان المعار خلالها من حقه في الترقية وأن جهة الإدارة لم تنكر على المدعي أنه أقدم من المطعون على ترقيتهم ممن شملهم القرار المطعون فيه كما لم تجحد بأنه يضارعهم كفاية على الأقل وأنه قد توافر في شأنه كافة شروط الترقية الأخرى التي تطلبها القانون للترقية إلى درجة مدير عام.
وحيث إن المادة (58) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة قبل تعديلها بالقانون رقم 108 لسنة 1981 كانت تنص على أنه "يجوز بقرار من السلطة المختصة بالتعيين بعد موافقة العامل كتابة إعارته للعمل في الداخل أو الخارج ويحدد القرار الصادر بالإعارة مدتها وذلك في ضوء القواعد والإجراءات التي تصدرها السلطة المختصة ويكون أجر العامل بأكمله على جانب الجهة المستعيرة ومع ذلك يجوز منحه أجراً من حكومة جمهورية مصر العربية بالشروط والأوضاع التي يحددها رئيس الجمهورية وتدخل مدة الإعارة ضمن مدة اشتراك العامل في نظام التأمين الاجتماعي واستحقاق العلاوة والترقية وذلك مع مراعاة أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي والقوانين المعدلة له.
وحيث إن المبين في هذا النص أن الإعارة لا تحول في الأصل دون ترقية العامل مع زملائه متى استوفى شروط الترقية وفقاً للضوابط المقررة لها ولم يقم في شأنه أي من موانع الترقية يستوي في ذلك أن تتم الترقية بالأقدمية أو الاختيار يؤكد ذلك أن المشرع حين رغب في الخروج عن هذا الأصل وحظر ترقية المعارين إلى الوظائف العليا فإنه استثنى لذلك القانون رقم 108 لسنة 1981 التي استحدث حكماً جديداً في المادة (58) المشار إليها يقضي بعدم جواز ترقية العامل المعار إلى الوظائف العليا وهو حكم لا يسري على النزاع الراهن وفقاً لقواعد سريان القانون من حيث الزمان اعتباراً بأن تاريخ العمل به وهو 10/ 10/ 1981 لاحق لتاريخ وصدور قرار الترقية المطعون فيه الحاصل في 2/ 11/ 1980.
وحيث إن الجهة الإدارية ولم تثر أية أسباب لتخطي المدعي في الترقية سوى كونه معاراً وهو سبب يخالف أحكام القانون مما يضحى معه القرار المطعون فيه مشوباً بعيب مخالفة القانون فهو باطل خليق بالإلغاء وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بنظر مغاير فإنه يكون قد جاء على خلاف أحكام القانون وشابه الخطأ في تطبيقه وتأويله مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة مدير عام وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة مدير عام وما يترتب على ذلك من أثار وفروق مالية وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.


[(1)] يراجع نص المادة 58 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1987 بعد تعديلها بالقانون رقم 115 لسنة 1983. وإعمالاً للمادة السادسة منه فإن الفقرتين الأخيرتين من هذه المادة يعمل بهما بعد ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 والمعمول به اعتباراً من 12/ 8/ 1983.