مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة 32 - الجزء الثاني (أول مارس 1987 - 30 سبتمبر 1987) - صـ 1193

(182)
جلسة 2 من مايو سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وحسين حسين علي وفاروق عبد الرحيم غنيم المستشارين.

الطعن رقم 990 لسنة 30 القضائية

أ ) عقارات - نزع ملكية العقار للمنفعة العامة أو التحسين القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة.
متى صدر قرار نزاع ملكية العقار للمنفعة العامة متوافرة فيه شروط إصداره طبقاً لأحكام القانون فإنه ينتج آثاره - صدور حكم بعد ذلك بصحة ونفاذ عقد بيع العقار وتسجيل الحكم في الشهر العقاري لا يؤثر على سلامه القرار - ينتقل حق صاحب الشأن إلى التعويض المستحق عن نزع الملكية طبقاً للقانون رقم 577 لسنة 1954 - تطبيق.
ب) إصلاح زراعي - قرار الاستيلاء - إلغاء القرار القانون رقم 15 لسنة 1963 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي.
يترتب على صدور قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بإلغاء قرار الاستيلاء على الأرض أن تصبح الأرض غير مملوكة للإصلاح الزراعي من تاريخ الاستيلاء عليها - القرار الصادر بإلغاء الاستيلاء هو قرار كاشف - أثر ذلك: - عدم جواز اشتراط موافقة الهيئة العامة للإصلاح قبل صدور قرار نزع ملكية الأرض للمنفعة العامة تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 19 من فبراير سنة 1984 أودع الأستاذ حسين عوض بريقي المحامي نائباً عن الأستاذ أحمد محمود عبد النبي المحامي بصفته وكيلاً عن عبد العزيز العلي القناعي عن نفسه وبصفته ممثلاً لدائرة أملاك مالية الكويت قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 990 لسنة 30 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 3944 لسنة 36 ق بجلسة 12/ 1/ 1984 والقاضي برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي بالمصروفات، وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار الوزاري رقم 15 لسنة 1982 الصادر من وزير الدولة للزراعة والأمن الغذائي مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهما بالمصروفات.
وفي يوم الخميس الموافق 22 من مايو سنة 1986 أودعت الأستاذ زينب أحمد محمد عبد النبي المحامية عن الهيئة العامة لمركز البحوث الزراعية قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2236 لسنة 32 عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 17/ 4/ 1986 في الدعوى رقم 3861 لسنة 36 ق المقامة من سليمان عبد الجواد الأشقر والقاضي بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده بالمصرفات.
وفي يوم الاثنين الموافق 16 من يونيه سنة 1986 أودعت إدارة قضايا الحكومة - نائبه عن وزير الدولة للزراعة والأمن الغذائي - قلم كتاب هذه المحكمة - تقرير طعن قيد يجدولها برقم 2569 لسنة 32 ق عليا في الحكم الصادر في الدعوى رقم 3861 لسنة 36 ق بجلسة 17/ 4/ 1986 المشار إليه، وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن رقم 990 لسنة 30 ق عليا ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات. كما قدمت تقريراً بالرأي القانوني في الطعنين رقمي 2236 و2569 لسنة 32 ق عليا رأت فيه:
أولاً: عدم قبول الطعن رقم 2236 و2569 لسنة 32 ق عليا شكلاً وإلزام دافعه بالمصروفات.
ثانياً: قبول الطعن رقم 2569 لسنة 32 ق عليا شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام رافعه بالمصروفات.
وقد عرضت الطعون على دائرة فحص الطعون وتدوولت بالجلسات على الوجه المبين بالمحاضر حتى قررت الدائرة إحالتها على المحكمة الإدارية العليا "دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات" التي نظرت الطعنين رقمي 2236 و2569 لسنة 32 ق عليا بجلسة 21/ 2/ 1987 وحجزتها للحكم لجلسة 21/ 3/ 1987 ثم أعيدت للمرافعة لذات الجلسة حيث نظرت المحكمة الطعن رقم 990 لسنة 30 ق عليا وقررت ضمه إلى الطعنين المذكورين للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم الأتي وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعنين رقمي 990 لسنة 30 ق عليا و2569 لسنة 32 ق عليا استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إنه عن الطعن رقم 2236 لسنة 32 ق عليا المقام من رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمركز البحوث الزراعية ضد سليمان عبد الجواد الأشقر في الحكم الصادر في الدعوى رقم 3861 لسنة 36 ق بجلسة 17/ 4/ 1986، فالثابت من الأوراق أن المطعون ضده كان قد أقام هذه الدعوى مختصماً وزير الدولة للزراعة والأمن الغذائي فقط بصفته مصدر القرار المطعون فيه (رقم 15 لسنة 1982 بإزالة يد المدعي عن قطعة الأرض التي يضع اليد عليها) ولم يختصم في هذه الدعوى الهيئة العامة لمركز البحوث الزراعية، وإذ كان قضاء هذه المحكمة قد اضطرد على عدم قبول طعن الخارج عن الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا وبهذا أيضاً قضت الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 بجلستها المنعقدة في 12 من إبريل سنة 1987. ومن ثم فإنه يتعين الحكم بعدم قبول هذا الطعن شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن السيد/ سليمان عبد الجواد الأشقر كان قد أقام دعواه رقم 3861 لسنة 36 ق أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعت قلم كتابها بتاريخ 2/ 6/ 1982 طلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير الدولة للزراعة والأمن الغذائي رقم 15 لسنة 1982 فيما تضمنه من إزالة يد المدعي عن قطعة الأرض ملكه.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن السيد/ سليمان عبد الجواد الأشقر كان قد أقام دعواه رقم 3861 لسنة 36 ق أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعت قلم كتابها بتاريخ 2/ 6/ 1982 طلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير الدولة للزراعة والأمن الغذائي رقم 15 لسنة 1982 فيما تضمنه من إزالة يد المدعي عن قطعة الأرض ملكه ومساحتها أربعة أفدنه ضمن المساحة الواردة بالقرار وما يترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 12/ 1/ 1984 حكمت المحكمة في الشق المستعجل من الدعوى برفض وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي بالمصروفات. وقد طعن المذكور على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 850 لسنة 30 ق عليا وقضت هذه المحكمة بجلسة 7/ 12/ 1985 بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً. وبجلسة 17/ 4/ 1986 حكمت محكمة القضاء الإداري في موضوع الدعوى بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت جهة الإدارة بالمصروفات. وأقامت قضاءها على أساس أن القرار الجمهوري رقم 673 لسنة 1971 الذي صدر باعتبار إنشاء محطة تجارب وبحوث زراعية لوزارة الزراعة من أعمال المنفعة العامة والذي تدخل الأرض المملوكة للمدعي ضمن مساحة الأرض اللازمة لهذا المشرع، قد سقط مفعوله طبقاً لحكم المادة العاشرة من القانون رقم 577 لسنة 1954 حيث إن الجهة الإدارية الصادر لصالحها قرار النفع العام لم تقم بإيداع النماذج أو القرار الصادر بنزع الملكية مكتب الشهر العقاري المختص خلال السنتين التاليتين لنشر القرار المذكور، كما لم تقم بتنفيذ المشروع ولم تبدأ في تنفيذه خلال هاتين السنتين، بما يترتب على ذلك عدم صحة ما تدعيه جهة الإدارة من أنها بدأت تنفيذ المشروع الذي هو إجراء بحوث زراعية واستنباط سلالات جديدة وإجراء تجارب على المحاصيل الزراعية وتطوير الزراعة ذلك أن هذه الجهة اعترفت في بعض المكاتبات أن الأرض غير صالحة للزراعة وأن جميع محاولات تحسين التربة التي قامت بها قد فشلت. كما لا يغير من ذلك أيضاً الحكم الصادر في الدعوى رقم 1570 لسنة 25 ق المقامة من المدعي طعناً في القرار الجمهوري المشار إليه والقاضي برفض طلب إلغائه ذلك أن المدعي في الدعوى المماثلة لا ينازع في مشروعية هذا القرار - كما هو الحال في الدعوى السابقة - وإنما يطلب في هذه الدعوى الحكم بسقوط مفعول القرار طبقاً لحكم المادتين 10 و29 مكرراً من القانون رقم 577 لسنة 1954. ولما كان المدعي قد اشترى قطعة الأرض المذكورة من عبد العزيز العلي القناعي بعقد مؤرخ 5/ 9/ 1961، وتم الاستيلاء عليها خطأ بمعرفة الإصلاح الزراعي لدى البائع الخاضع للقانون رقم 15 لسنة 1963 ضمن مساحة 92 فداناً ثم استبعدت هذه القطعة من الاستيلاء بقرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي رقم 459 لسنة 1965 الصادر في 21/ 12/ 1965، فمن ثم تصبح القطعة المذكورة ملكاً للمدعي ويعود الحق فيها إليه بعد ثبوت سقوط القرار الجمهوري رقم 673 لسنة 1971 المشار إليه، ويغدو القرار رقم 15 لسنة 1982 المطعون فيه بإزالة تعديله على هذه الأرض غير قائم على سبب صحيح من القانون متعين الإلغاء.
كذلك فقد أقام السيد/ عبد العزيز العلي القناعي عن نفسه وبصفته ممثلاً لدائرة أملاك مالية الكويت الدعوى رقم 3944 لسنة 36 ق أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعت قلم كتابها بتاريخ 23/ 6/ 1982 طلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير الدولة للزراعة والأمن الغذائي رقم 15 لسنة 1982 بإزالة تعديله من آخرين على مساحة 13 س 11 ط 23 ف آلت إلى الدولة بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 673 لسنة 1971 بإضفاء صفة النفع العام على مشروع إنشاء محطة تجارب وبحوث زراعية لوزارة الزراعة على هذه الأرض. وبجلسة 12/ 1/ 1984 حكمت المحكمة في الشق العاجل من الدعوى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي بالمصروفات. وأقامت قضاءها على أساس أن البادي من ظاهر الأوراق المقدمة من مركز البحوث الزراعية والمتعلقة بالبحوث وبرامج الدراسات التي أجريت بمحطة التجارب والبحوث الزراعية والزراعات التي استنبتت فيها والمكاتبات الإدارية الخاصة بسير العمل بالمزرعة ودفتر عمال اليومية المشتغلين بها في الفترة من أغسطس سنة 1972 حتى أغسطس 1978، أن الأرض أدخلت فعلاً في المشروع الذي صدر بشأنه قرار المنفعة العامة رقم 673 لسنة 1971 وذلك خلال عام 1971 قبل مضي ستنين على تاريخ نشره في 27/ 5/ 71 ومن ثم فلا محل للقول بسقوط هذا القرار طبقاً لحكم المادة 10 من القانون رقم 577 لسنة 1954 كما أنه ولئن كان المدعي قد صدر لصالحه قرار من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في الاعتراض رقم 2116 لسنة 1975 بتاريخ 8/ 6/ 1978 بإلغاء استيلاء الإصلاح الزراعي على عين النزاع طبقاً لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 بحظر تملك الأجانب الأراضي الزراعية، إلا أن تنفيذ هذا القرار لم يكن يقضي بحال من الأحوال تسليم الأرض للمدعي بعد صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 763 لسنة 1971 بنزع ملكيتها للمنفعة العامة لأن قرار اللجنة القضائية لا يعيد للمدعي حق ملكية الأرض بعد نزع ملكيتها للمنفعة العامة لأن حقه عليها في هذه الحالة ينتقل إلى التعويض المستحق عنها، ومن ثم لا يكون هناك محل للقول بأن تسليم هيئة الإصلاح الزراعي أرض النزاع إلى المدعي بصفة مؤقتة بتاريخ 17/ 7/ 1979 بالمخالفة للقانون يعد عدولاً عن نزع ملكيتها وإنهاء لتخصيصها للنفع العام بما يؤدي إلى عودتها إلى ذمته ومن ثم بطلان القرار المطعون فيه رقم 15 لسنة 1982 بإزالة تعديه عليها، ذلك أن تسليم الإصلاح الزراعي الأرض إليه تم بالمخالفة للقانون لأنه لم يعد مالكاً لها إعمالاً لقرار النفع العام رقم 673 لسنة 1971 الذي آلت بموجبه الأرض عين النزاع إلى الدولة ومن ثم لا يكسبه هذا التسليم حقاً على الأرض، وإذ امتنع عن إعادة الأرض للدولة جاز إزالة تعديه عليها.
ومن حيث إن الطعن رقم 3569 لسنة 32 ق عليا المقام من وزير الدولة للزراعة والأمن الغذائي طعناً في الحكم الصادر بجلسة 17/ 4/ 1986 في الدعوى رقم 3861 لسنة 36 ق المقامة من السيد/ سليمان عبد الجواد الأشقر والقاضي بإلغاء القرار رقم 15 لسنة 1982 المشار إليه وما يترتب عليه من آثار، يقوم على أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من عدم انتقال ملكية الأرض إلى الدولة لسقوط قرار المنفعة العامة لعدم إيداع النماذج أو قرار نزع الملكية أو تنفيذ المشروع خلال المدة المقررة في المادة 10 من القانون رقم 577 لسنة 1954 قد خالف الواقع والقانون، ذلك أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 1570 لسنة 25 ق أمام محكمة القضاء الإداري طاعناً في مشروعية القرار الجهوري رقم 673 لسنة 1971 مطالباً بإلغائه وقضى برفض الدعوى بجلسة 3/ 6/ 1975، ثم أقام المطعون ضده الدعوى رقم 381 لسنة 33 ق بطلب سقوط القرار الجمهوري المشار إليه طبقاً لحكم المادة 10 من قانون نزع الملكية ولكنه ترك الخصومة فيها. ومفاد ذلك أن القرار الجمهوري رقم 673 لسنة 1971 لم يقض بإلغائه ولم يسقط مفعوله على خلاف ما انتهت إليه المحكمة في حكمها المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن رقم 990 لسنة 30 ق عليا المقام من السيد/ عبد العزيز العلي القناعي طعناً في الحكم الصادر بجلسة 12/ 1/ 1984 في الدعوى رقم 3944 لسنة 36 ق والقاضي برفض طلب وقف تنفيذ القرار رقم 15 لسنة 1982 المشار إليه يقوم على الأسباب الآتية: أولاً: انعدام القرار الجمهوري رقم 673 لسنة 1971 لمخالفته حكم المادة 10 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 في شأن الإصلاح الزراعي وقرار التفسير التشريعي رقم 1 لسنة 1961 الذي حظر على المصالح الحكومية والهيئات العامة تنفيذ مشروعات أو إقامة منشآت ذات منفعة عامة على الأراضي المستولى عليها تنفيذاً للمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي إلا بعد اتباع الإجراءات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 10 مكرراً من هذا المرسوم بقانون وأداء ثمن ما تتسلم من هذه الأراضي. وهذه الإجراءات تتمثل في موافقة مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على الاحتفاظ بجزء من الأراضي المستولى عليها لإقامة هذه المشروعات أو المنشآت عليها. ثانياً: مخالفة القرار الجمهوري المشار إليه لأحكام القانون رقم 577 لسنة 1954 ذلك أن جهة الإدارة لم تودع النماذج أو قرار نزع الملكية بمكتب الشهر العقاري المختص خلال مدة السنتين المنصوص عليها في المادة 10 من القانون كما لم تتخذ أي إجراءات تنفيذية في شأنه منذ تاريخ صدور القرار وحتى تسليم الأرض للطاعن في 17/ 7/ 1979، مما يقطع بسقوط القرار الجمهوري سالف الذكر وافتقاد القرار رقم 15 لسنة 1982 - المطعون فيه - لسنده. ثالثاً: أن حيازة الطاعن للأرض موضوع النزاع هي حيازة قانونية تستند إلى سبب قانوني صحيح يرتكز إلى قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي وتسليم جهة الإدارة له، ومن ثم لا يجوز اعتباره متعدياً عليها.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الطعن رقم 2569 لسنة 32 ق عليا المقام من وزير الدولة للزراعة والأمن الغذائي في الحكم الصادر بجلسة 17/ 4/ 1986 في الدعوى رقم 3861 لسنة 36 ق والقاضي بإلغاء القرار رقم 15 لسنة 1982، فقد سبق لهذه المحكمة إن قضت بجلسة 7/ 12/ 1985 برفض الطعن رقم 850 لسنة 30 ق عليا المقام من سليمان عبد الجواد الأشقر طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 12/ 1/ 1984 في الشق المستعجل من الدعوى رقم 3861 لسنة 36 ق القاضي برفض طلب وقف تنفيذ هذا القرار رقم 15 لسنة 1982 وأقامت قضاءها برفض الطعن على أساس أن هذا القرار يستند إلى حكم القانون، فأساسه قرار النفع العام رقم 673 لسنة 1971 الذي سبق أن رفضت محكمة القضاء الإداري دعوى إلغائه بحكمها الصادر بجلسة 3/ 6/ 1985 في الدعوى رقم 1570 لسنة 25 ق وبات نهائياً. كما استبان أيضاً أن منازعة المدعي حول سقوط قرار النفع العام لعدم إيداع النماذج أو قرار نزع الملكية مكتب الشهر العقاري طبقاً لحكم المادة 10 من القانون رقم 577 لسنة 1954 كانت محلاً لدعوى أقامها أمام محكمة القضاء الإداري رقم 381 لسنة 33 ق ولكنه ترك الخصومة فيها وقضى بإثبات الترك. ومن ثم فقرار النفع العام رقم 673 لسنة 1971 لم يقضي بإلغائه أو سقوطه، وهو سند القرار المطعون فيه بإزالة يد المدعي عن الأرض محل النزاع. وأضافت المحكمة أنه يظهر من الأوراق أن الأرض مساحتها أربعة أفدنه ضمن المساحة الكلية التي صدر بشأنها القرار الجمهوري رقم 673 لسنة 1971 وقد تسلمت جهة الإدارة الأرض في غضون عام 1971 وقامت بإجراء البحوث والتجارب الزراعية عليها منذ ذلك التاريخ آخذة في الاعتبار صعوبات التنفيذ وطبيعة المشروع، فهو لا ينتهي تنفيذه في تاريخ محدد لتعلق الأمر بإجراء بحوث وتجارب مستمرة على الزراعات التي تستنبت في الأرض بغرض تطوير الزراعة، ولم يكن من شأن عدم استكمال منشآت المشروع وتجهيزاته تعذر إجراء هذه البحوث والتجارب في حدود الإمكانيات المتاحة وبمراعاة أن بعض المواقع في الأرض ما زالت بوراً وكانت تحت يد المتعدين. وأردف هذا الحكم بأنه لم يعد الادعاء بسقوط قرار المنفعة العامة مجدياً للنيل من القرار المطعون فيه كما أنه ليس من شأن الحكم الصادر للمدعي بصحة ونفاذ عقد شراء الأرض المؤرخ 5/ 9/ 1961 وتسجيل الحكم في الشهر العقاري بالجيزة برقم 3203 لسنة 1980 أي أثر على سلامة ذلك القرار ذلك طبقاً لحكم المادة 26 من القانون رقم 577 لسنة 1954 ينتقل حق صاحب الشأن إلى التعويض عن الأرض المستحق طبقاً لهذا القانون. أما تسليم الأرض إليه عام 1979 بمعرفة هيئة الإصلاح الزراعي فقد كان تنفيذاً لقرار اللجنة القضائية لمنازعات الإصلاح الزراعي الصادر في الاعتراض رقم 459 لسنة 1965 باستبعاد مساحة الأرض من المساحة المستولى عليها طبقاً للقانون رقم 15 لسنة 1963، وهو تسلم لا يحتج به قبل الجهة التي صدر القرار الجمهوري المشار إليه لصالحها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بالطعن الماثل إذ قضى بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 15 لسنة 1982 إنما أقام على أساس سقوط مفعول القرار الجمهوري رقم 673 لسنة 1971 بتقرير المنفعة العامة لمشروع إنشاء محطة تجارب وبحوث زراعية لوزارة الزراعة، لعدم إيداع النماذج أو قرار نزع الملكية بمكتب الشهر العقاري المختص خلال السنتين التاليتين لنشر القرار، وعدم تنفيذ المشروع خلال تلك المدة. واستدل على عدم التنفيذ ببعض المكاتبات الصادرة عن جهة الإدارة بأن الأرض غير صالحة للزراعة وأن جميع محاولات تحسين التربة التي قامت بها قد فشلت. وهذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه يخالف الواقع الثابت بالأوراق والمستندات، فضلاً عن مجافاته لطبيعة المشروع ذوي النفع العام الذي صدر القرار الجمهوري المشار إليه بتقرير صفة النفع العام له. ذلك أن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 1/ 5/ 1971 قامت لجنة مشكلة من هيئة الإصلاح الزراعي بتسليم مساحة الأرض الصادر عنها القرار الجمهوري المشار إليه إلى لجنة مشكلة من وزارة الزراعة، وجاء بمحضر التسليم أن الأرض طينية تروى من ترعة ترسا العمومية وبها مساحات مزروعة برسيم. وطماطم وخضروات وقمح. وتضمن المستندات ما يفيد أنه بتاريخ 13/ 6/ 71 و22/ 1/ 1973 قامت جهة الإدارة ببيع شتلات طماطم وبرسيم بالزرعة. وبتاريخ 2/ 4/ 1972 حرر محضر زراعة ألف وخمسمائة نبات هيما تكملين. وبتاريخ 3/ 6/ 1972 حرر محضر زراعة 12 جـ 2 ف لوبيا. فضلاً عن عديد من المستندات تفيد إجراء إصلاحات وتجهيزات وتجارب بالأرض لتهيئتها للغرض المطلوب منها، وكذلك إجراء دراسات في الأعوام 71 - 73 للحصول على رسالة ماجستير بأرض الزرعة. يضاف إلى ذلك أن طبيعة المشروع هي إجراء بحوث زراعية وتجارب بالأرض، ولا يستلزم ذلك زراعة مساحة الأرض كلها وإنما قد تجرى التجارب في أجزاء من الأرض، وفشل التجربة لا يعني فشل المشروع وعدم تنفيذه لأن التجربة بطبيعتها قابلة للنجاح أو الفشل. كما أن الادعاء بأن أرض النزاع لا تصلح للزراعة وليس لها صدر لا ينهض حجة على عدم صحة قرار إزالة التعدي المطعون فيه لأن هذا الادعاء ليس من شأنه التأثير على حق ملكية الدولة الثابتة على الوجه السابق بيانه. ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه وقد قضى بإلغاء قرار وزير الزراعة والأمن الغذائي رقم 15 لسنة 1982 مخالفاً للقانون مجانباً للصواب خليقاً بالإلغاء ويتعين القضاء برفض الدعوى رقم 3891 لسنة 36 ق.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الطعن رقم 990 لسنة 30 ق عليا المقام من عبد العزيز العلي القناعي في الحكم الصادر بجلسة 12/ 1/ 1984 في الدعوى رقم 3944 لسنة 36 ق والقاضي برفض طلب وقف تنفيذ القرار رقم 15 لسنة 1982، فإن ما ذهب إليه الطاعن من انعدام القرار الجمهوري رقم 673 لسنة 1971 لمخالفته حكم المادة 10 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي وقرار التفسير التشريعي رقم 1 لسنة 1961 على الوجه المفصل بتقرير الطعن، مردود بما ذهب إليه - بحق - الحكم المطعون فيه من أنه يترتب على صدور قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي بتاريخ 8/ 6/ 1978 في الاعتراض رقم 2116 لسنة 1975 بإلغاء الاستيلاء على الأرض المملوكة للطاعن طبقاً لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 وتسليم الأرض إليه بمعرفة الإصلاح الزراعي، أن تصبح هذه الأرض غير مملوكة للإصلاح الزراعي منذ أن استولى عليها في 4/ 6/ 1963، ومن ثم يكون قرار النفع العام رقم 673 لسنة 1971 قد تناول عقاراً غير مملوك للإصلاح الزراعي إعمالاً للأثر الكاشف لقرار اللجنة القضائية سالف الذكر. فلا يعيبه بعد ذلك صدروه دون موافقة مسبقة من مجلس إدارة هيئة إصلاح الزراعي التي اشترطتها المادة 10 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي وأكدها التفسير التشريعي رقم 1 لسنة 1961 ومع ذلك وأياً كان العيب الذي لحق هذا القرار فإنه لا يؤدي إلى انعدامه، إذ غاية ما يشوبه في هذه الحالة هو بطلانه لعدم اتباع الإجراء المنصوص عليه في المادة 10 مكرراً من قانون الإصلاح الزراعي ألا وهو طلب موافقة مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي على تخصيص الأرض المذكورة للمشروع العام الصادر في شأنه القرار الجمهوري المشار إليه.
ولا شك أن هذا القرار أضحى حصيناً خاصة بعد ما قضت محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1570 لسنة 25 ق برفض طلب إلغائه، مما لا يجوز معاودة النعي عليه بالبطلان.
ومن حيث إنه لا يجوز الاحتجاج قبل وزارة الزراعة والهيئة العامة لمركز البحوث الزراعية بما قامت به هيئة الإصلاح الزراعي من تسليم الأرض للطاعن بصفة مؤقتة بتاريخ 17/ 7/ 1979 إخلاء لمسئوليتها عن تنفيذ قرار اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي الصادر بجلسة 20/ 6/ 1978 في الاعتراض رقم 2116 لسنة 1975 بإلغاء الاستيلاء على الأرض، ذلك أن الثابت من محضر تسليم الأرض إلى وكيل الطاعن أن مندوبي الهيئة العامة لمركز البحوث الزراعية الواردة أسماؤهم في المحضر اعترضوا على هذا التسليم وقرروا في المحضر بأن المركز منذ سنة 1971 - وإعمالاً للقرار الجمهوري رقم 673 لسنة 1971 - قام باستغلال الأرض المذكورة للغرض الذي خصصت له وأعدت فعلاً مزرعة لبحوث الخضر وأقيمت بها مصارف ومراوي ومنشآت لخدمة المزرعة واعتمدت لها مبالغ من ميزانية المركز للمشاركة في برنامج الأمن الغذائي، وقرروا أن المركز يدفع بعدم سريان القرار الصادر من هيئة الإصلاح الزراعي بالإفراج عن الأرض في مواجهته لحيازته لها بسند قانوني، وأن المركز لم يختصم في الاعتراض المقام بشأن هذه الأرض أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي. ثم ورد في ختام المحضر أن هيئة الإصلاح الزراعي - إزاء اختلاف وجهات النظر بين المركز والصادر لصالحه قرار اللجنة القضائية - قد رأت الإفراج عن الأرض بصفة مؤقتة واعتبارها مسلمة لوكيل المالك حتى لا تكون الهيئة مسئولة جنائياً عن عدم تنفيذ قرار اللجنة القضائية. ومفاد ما تقدم أن هيئة الإصلاح الزراعي عندما سلمت الأرض بتاريخ 17/ 7/ 1979 إلى الطاعن إنما كان ذلك مجرد تسليم حكمي لا يتعدى أثرة القانوني إلا اعتبار الأرض مفرجاً عنها من الاستيلاء طبقاً لقانون الإصلاح الزراعي والقانون رقم 15 لسنة 1963، ومن ثم فلا أثر له قبل مركز البحوث الزراعية فيما له من حقوق على الأرض كمزرعة للتجارب والبحوث الزراعية وفقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 673 لسنة 1971 المشار إليه. كما أن التصرف أو الإقرار الصادر من هيئة الإصلاح الزراعي لا أثر له ولا ثمة قانونية قبل الهيئة العامة لمركز البحوث الزراعية، ومتى استبان ذلك غدا واضحاً أن قرار وزير الزراعية والأمن الغذائي رقم 15 لسنة 1982 بإزالة التعدي على هذه الأرض قد قام على أسباب صحيحة متفقاً وأحكام القانون، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب وقف تنفيذ هذا القرار قد أصاب وجه الحق والقانون مما يتعين معه القضاء برفض الطعن فيه وإلزام الطاعن بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة أولاً: بعدم قبول الطعن رقم 2236 لسنة 32 ق عليا وبإلزام الهيئة الطاعنة بمصروفات الطعن. وثانياً: بقبول الطعن رقم 990 لسنة 30 ق عليا شكلاً وبرفضه موضوعاً وبإلزام الطاعن بالمصروفات. وثالثاً: بقبول الطعن رقم 2569 لسنة 32 ق عليا شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى رقم 3861 لسنة 36 ق وبإلزام المطعون ضده بالمصروفات.