مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة 32 - الجزء الثاني (أول مارس 1987 - 30 سبتمبر 1987) - صـ 1215

(185)
جلسة 12 من مايو سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح السيد بسيوني نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة شفيق محمد سليم مصطفى وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وعطية الله رسلان أحمد فرج - المستشارين.

الطعن رقم 2984 لسنة 29 القضائية

أ ) دعوى الإلغاء - ميعاد رفع الدعوى - التظلم قبل رفع الدعوى.
المادة (12) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة.
المادة (68) من دستور مصر الدائم.
كفل المشرع الدستوري حق التقاضي للناس كافة - حظر المشرع النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء - أساس ذلك - نص المادة (68) من الدستور - هذا النص لا يعني إباحة اللجوء إلى القضاء دون التقيد بالإجراءات والمواعيد المقررة لرفع الدعاوى ودون ولوج الطرق والالتزام بالسبل التي حددها المشرع لقبول الدعوى - تطبيق.
ب) قرار إداري - التظلم من القرار - مدى اعتبار الشكوى تظلماً - الشكوى المقدمة قبل صدور القرار المطعون عليه ليست تظلماً - أساس ذلك: - أن المشرع حدد العناصر والشروط التي يجب توافرها في التظلم - تتطلب هذه الشروط أسبقية القرار المطعون فيه على التظلم - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 27 من يوليو سنة 1983 أودع الأستاذ محمد عبد الرحيم المولد المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الدكتور/ عاطف محمد كامل بموجب التوكيل الرسمي العام رقم 2925/ أ لسنة 1982 توثيق عام الجيزة.. قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 2984 لسنة 29 القضائية عليا ضد: - 1 - فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر 2 - رئيس جامعة الأزهر 3 - عميد كلية الهندسة بجامعة الأزهر عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) بجلسة 29 من يونيو سنة 1983 في الدعوى رقم 577 لسنة 37 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهم بصفاتهم والقاضي بعدم قبول الدعوى شكلاً وإلزام المدعي بالمصروفات. وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى لدائرة أخرى للحكم في الشق المستعجل مجدداً.
وقد أعلن تقرير الطعن على المطعون ضدهما الثاني والثالث بتاريخ 6 من سبتمبر سنة 1983 وإلى المطعون ضده الأول في 15 من يناير سنة 1987.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة وقررت بجلسة 21 من يناير سنة 1987 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 17 من فبراير سنة 1987 وفي هذه الجلسة والجلسات التالية سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت النطق بالحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 577 لسنة 37 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 15 من نوفمبر سنة 1982 ضد كل من فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر، ورئيس جامعة الأزهر، وعميد كلية الهندسة بجامعة الأزهر طالباً في ختامها الحكم أولاً بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار إنهاء الخدمة رقم 552/ 82 الصادر من شيخ الأزهر في 5 من أكتوبر سنة 1982 والصادر به أمر التنفيذ رقم 179 في ذات التاريخ ثانياً وفي الموضوع بإلغاء القرار المذكور وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليهم بالمصروفات والأتعاب.. وقال شرحاً لدعواه أنه يعمل أستاذاًً مساعداً بكلية الهندسة بجامعة الأزهر ورئيساً لقسم الهندسة الكهربائية بها ولأنه حاصل على الدكتوراه من ألمانيا الغربية فقد طلب في أول سبتمبر سنة 1981 من عميد الكلية الموافقة على منحة مهمة علمية لمدة عام للقيام بأبحاث في مادة تخصصيه مع احتمال قضاء تلك المهمة في ألمانيا الغريبة وبناء على ذلك وافق مجلس الكلية في 28 من سبتمبر سنة 1981 على المهمة العلمية ولم يحدد بدء السفر ومن ثم لم تدرج الكلية اسمه في خطة التدريس بالقسم لعام 81/ 1982 إلا أنه كان يحضر إلى الكلية كلما استدعت الظروف ومن ذلك الإشراف على الدراسات العليا كما قام في شهر نوفمبر سنة 1981 بوضع أسئلة امتحان الدور الثاني لطلاب البكالوريوس في مادتي الموجات والهوائيات، ونظراً لحدوث خلاف بينه وبين رئيس القسم الجديد وتعيين عميد جديد للكلية في مارس سنة 1982 بدأ رئيس القسم تنفيذ الخطة التي وضعها لإنهاء خدمته بأن قام بإبلاغ شئون العاملين أنه منقطع عن العمل من 12 من مارس سنة 1982 فتناقش الطاعن مع عميد الكلية في هذا الأمر حيث وعده بوقف تلك الإجراءات إلا أنه فوجئ بإنذار ثان بتاريخ 25 من مارس سنة 1982 بشأن انقطاعه وبناء على مقابلة ثانية مع العميد تم عرض الموضوع على القسم المختص في أول إبريل سنة 1982 واستقر الرأي على ضرورة اتخاذه الإجراءات اللازمة للسفر وفي 4 من إبريل سنة 1982 أرسل إليه إنذار ثالث موقف عليه من مدير الكلية وليس من عميدها كما عرض الأمر على مجلس الكلية في 10 من إبريل سنة 1982 للنظر في إنهاء خدمته إلا أن المجلس قرر إرجاء البت في الأمر حتى يصدر قرار لجنة المهمات العلمية بالجامعة بشأن السفر وقد قام بإرسال مذكرة للجنة طلب فيها الموافقة على سفره في المهمة على نفقته الخاصة ولكن تدخلاً شخصياً من رئيس القسم منع عرض هذه المذكرة على اللجنة وإزاء ذلك بعث بشكوى إلى رئيس الجامعة في 25 من إبريل سنة 1982 متضمنة النقاط السابقة وفي 10 مايو سنة 1982 عقد اجتماع برئاسة وكيل الجامعة وحضره كل من المدعي وعميد الكلية ورئيس القسم ولم يسفر ذلك عن حل للموضوع بسبب إصرار رئيس القسم على موقفه وهو إنهاء خدمة المدعي وبتاريخ 11 من مايو سنة 1982 حولت الشكوى المشار إليها إلى المستشار القانوني لرئيس الجامعة الذي استمع إلى أقوال المدعي وأقوال رئيس القسم واطلع على رأي للعميد أرسل إليه مكتوباً ثم لم يخطر المدعي رسمياً برأي المستشار القانوني مما أوقف صرف مرتبه اعتباراً من إبريل سنة 1982 وتم عرض الموضوع على مجلس الجامعة في 9 من سبتمبر سنة 1982 ووافق المجلس على إنهاء خدمته اعتباراً من 28 من سبتمبر سنة 1981 تاريخ الانقطاع عن العمل وفي 21 من سبتمبر سنة 1982 صدر قرار فضيلة شيخ الزهر رقم 552 لسنة 1982 بإنهاء خدمته وصدر بذلك الأمر التنفيذي رقم 179 في 5 أكتوبر سنة 1982 من أمين عام الجامعة وفي 31 من أكتوبر سنة 1982 أرسلت الكلية إليه كتاباً يفيد إنهاء خدمته ونعى المدعي على هذا القرار عدم توخيه الصالح العام والانحراف في إصداره بقصد الكيد له واختتم صحيفة دعواه بالتماس الحكم له بطلباته.
وتداولت الدعوى بالجلسات على الوجه المبين بالمحاضر وقدمت الجامعة مذكرة بدفاعها طلبت فيها أصلياً الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها غير مسبوقة بالتظلم الإداري طبقاً للمادتين12، 24 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وطلبت رفض الدعوى موضوعاً من باب الاحتياط لكون القرار المطعون فيه قد صدر مطابقاً للقانون.
وبجلسة 29 من يونيو سنة 1983 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلاً وألزمت المدعي بالمصروفات وأقامت قضاءها على أن المادة 12 فقرة ب من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على عدم قبول الطلبات المقدمة رأساً بالطعن في القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها في البنود ثالثاً ورابعاً وتاسعاً من المادة العاشرة وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في التظلم وأن البند "رابعاً" من المادة العاشرة يتضمن الطلبات المقدمة من الموظفين العموميين بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو الفصل بغير الطريق التأديبي، وأنه وإن كان الدعوى قد حجزت لإصدار حكم في الشق المستعجل فيها إلا أنه لما كان من المسلم به أن طلبات وقف تنفيذ القرارات مشتقة من طلبات إلغائها وفرع منها فإنها من ثم محكومة بالقواعد والإجراءات والمواعيد التي تحكم دعوى الإلغاء ذاتها وإن مفاد نص المادة 12/ ب من قانون مجلس الدولة والبند "رابعاً" من المادة العاشرة منه أنه يتعين قبل رفع الدعوى أمام القضاء الإداري بطلب إلغاء قرار إنهاء خدمة أن يكون صاحب الشأن قد تظلم إدارياً من القرار المطعون فيه إلى الجهة التي أصدرت القرار إلى الجهة الرئاسية لها مع انتظار المواعيد المقررة للبت في التظلم ولا يغني في هذا المجال أن يكون صاحب الشأن قد استقرأ اتجاه الجهة الإدارية إلى إصدار القرار المطعون فيه فتقدم إليها معترضاً على ذلك قبل إصدار القرار المطعون فيه إذ أنه متى اشترط المشرع ضرورة تقديم التظلم الإداري قبل رفع دعوى الإلغاء فإن مؤدى ذلك أن يتم التظلم بعد صدور القرار وليس قبله كي يتيح الفرصة أمام الجهة الإدارية لمراجعة نفسها فتصحح ما تدعو الحاجة إلى تصحيحه كما أن المتظلم يكشف عن تصحيحه بالالتجاء إلى القضاء طلباً للصفة إذا لم تستجب الجهة الإدارية لتظلمه وترتيباً على ذلك فإن تقديم صاحب الشأن شكوى إلى الجهة الإدارية قبل إصدار القرار لا يغني عن وجوب قيامه بالتظلم إدارياً بعد صدور القرار فإن لم يفعل ولجأ مباشرة إلى القضاء الإداري يطلب إلغاءه فإن دعواه تكون غير مقبولة لعدم استنفاد طرق التظلم الإداري. وأنه بتطبيق ما تقدم على الدعوى الراهنة يتبين أن القرار المطعون فيه قد صدر من مجلس جامعة الأزهر في 9 من سبتمبر واعتمده فضيلة شيخ الجامع الأزهر في 21 من سبتمبر سنة 1982 ثم صدر به الأمر التنفيذي رقم 1979 من أمين عام الجامعة في 5 من أكتوبر سنة 1982 وأعلن إلى المدعي في 31 من أكتوبر سنة 1982 وقد بادر إلى رفع دعواه مباشرة دون أن يسبقها بتظلم إداري ومن ثم يكون غير مقبولة شكلاً ولا يغير من ذلك شكواه المقدمة في 25 من إبريل سنة 1982 لأن هذه الشكوى سابقة على صدور القرار المطعون فيه ولا تغني عن التظلم الإداري.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب استناداً إلى أنه لا يوجد نص في قانون مجلس الدولة يقيد الدعوى المستعجلة بشكلية أو ميعاد فضلاً عن أنه طبقاً لنص المادة 68 من الدستور يجوز اللجوء على القضاء دون التقيد باللجوء إلى الجهة الإدارية وهو نص ملزم وواجب التطبيق، وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على ما جاء بمذكرة الطاعن بخصوص التظلم مما يشكل قصوراً في التسبيب وقد سبق أن قضت المحكمة الإدارية العليا بأنه لا يكون للشكوى فائدة إذ تعذر الوصول إلى حل مع الجهة الإدارية كما أنه تنتفي الحكمة من التظلم إذا امتنع على الإدارة إعادة النظر في القرار لاستنفاذ ولايتها بإصداره أو لعدم وجود سلطة رئاسية تملك التعقب على مصدره وإن القرار المطعون فيه صادر من شيخ الأزهر وهو السلطة الرئاسية التي لا يعقب على قراراتها ومن ثم لا فائدة من التظلم ويتعين اللجوء مباشرة إلى القضاء.
ومن حيث إنه من المقرر أن طلبات وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقه من طلبات إلغائها وفرع منها وهي لذلك تكون محكومة بالقواعد والإجراءات والمواعيد التي تحكم دعوى الإلغاء ذاتها وأن التظلم الوجوبي قبل رفع الدعوى بإلغاء القرارات الإدارية المنصوص عليها في البنود "ثالثاً" و"رابعاً" و"تاسعاً" من المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة هو شرط لازم لقبول طلب إلغاء تلك القرارات على ما أفصحت عنه صراحة الفقرة ب من المادة 12 من قانون مجلس الدولة ومن ثم وقد ثبت من الأوراق وهو ما لا يجادل فيه الطاعن أنه التجأ إلى القضاء الإداري مطالباً بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه قبل التظلم من هذا القرار الأمر الذي يضحى معه طلبه غير مقبول شكلاً ويكون ذلك الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه ومتفقاً وأحكام القانون وما استقر عليه قضاء هذه المحكمة ولا يغير من ذلك استناد الطاعن إلى حكم المادة 68 من الدستور التي تنص على أن التقاضي حق مصون مكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا. ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء. ذلك أن هذا النص لا يعني بحال من إتاحة اللجوء إلى القضاء دون التقيد بالإجراءات والمواعيد المقررة لرفع الدعاوى ودون ولوج الطرق والالتزام بالسبل التي حددها المشرع لقبول الدعوى. وقد فرض قانون مجلس الدولة التظلم إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار أو الجهة الرئاسية في الأحوال المشار إليها حتى تنظر الإدارة فيما يأخذه صاحب الشأن على القرار فإن ثبت لديها صحة ما يثيره من عيب يبطل القرار سارعت إلى سحبه مما ينحسم به النزاع ويزول معه عبء التقاضي هذا وليس صحيحاً أن الجامعة قد استنفذت ولايتها بإصدار القرار المطعون فيه بحيث لا يجوز لها معاودة بحثه في حالة التظلم منه كما لا عبرة بالشكوى التي قدمها الطاعن إلى الجامعة في 25 من إبريل سنة 1982 إذ أنها ليست تظلماً من قرار معين وهي سابقة على إصدار القرار المطعون فيه بل سابقة على تاريخ موافقة مجلس الكلية على إنهاء خدمته للانقطاع. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد صدر مطابقاً للقانون ويكون الطعن عليه دون سند من القانون جديراً بالرفض.
ومن حيث إن الطاعن خسر طعنه فمن ثم يتعين إلزامه بمصروفاته عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.