مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة 32 - الجزء الثاني (أول مارس 1987 - 30 سبتمبر 1987) - صـ 1255

(191)
جلسة 16 من مايو سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وحسن حسنين علي والسيد السيد عمر - المستشارين.

الطعن رقم 326 لسنة 33 القضائية

( أ ) مجلس الدولة - أعضاؤه - رد العضو - إجراءاته وشروطه.
المادة (53) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 - المادة (164) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ينعقد الاختصاص في طلب رد أحد مستشاري المحكمة الإدارية العليا لدائرة أخرى بالمحكمة غير تلك التي يكون المستشار المطلوب رده عضواً فيها - يعتبر الرد إجراء يعترض سير الخصومة - يؤدي الرد إلى وقف نظر الدعوى حالاً وقد ينتهي مآلاً إلى تنحية المحكمة أو بعض أعضائها عند نظر الدعوى - لكي يتحقق هذا الأثر فلا بد من تقديم الرد إلى الجهة التي حددها المشرع داخل نطاق المحكمة المختصة - أوجب المشرع على كتاب المحكمة رفع تقرير الرد إلى رئيس المحكمة خلال أربع وعشرين ساعة - يقصد بكاتب المحكمة ورئيسها في هذا الصدد: كاتب ورئيس المحكمة الإدارية العليا - مؤدى ذلك: - أن تقديم طلب رد مستشار بالمحكمة الإدارية العليا إلى جهة قضائية أخرى ينفي أي أثر لطلب الرد ولا يمنع المحكمة المذكورة من الاستمرار في الخصومة - أساس ذلك: - أن المحكمة لم يتصل علمها بطلب الرد عن طريق أجهزتها على النحو المقرر قانوناً - تطبيق.
(ب) دعوى - دعوى المخاصمة - أثرها.
المادة (498) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
دعوى المخاصمة لا تنتج أثرها بالنسبة لصلاحية القاضي لنظر الدعوى التي رفعت دعوى المخاصمة في سياقها إلا من تاريخ الحكم بجواز قبول المخاصمة - لا وجه للقول بأن مجرد رفع دعوى المخاصمة ولو أمام محكمة غير مختصمة يجعل القاضي غير صالح لنظر الدعوى ويتعين عليه التنحي عنها - أساس ذلك: أن المخاصمة والرد والتنحي إجراءات حدد المشرع شروط ونطاق وآثار كل منها بما لا مجال معه للخلط بينها - تطبيق.
(جـ) دعوى - إعلان - الإعلان في الموطن المختار.
إذا خلت صحيفة الدعوى من تحديد الموطن الأصلي للمعلن إليه على الوجه المقرر قانوناً فإن الإعلان الصحيح في الموطن المختار ينتج آثاره القانونية – تطبيق.
(د) دعوى - الحكم في الدعوى - الطعن في الأحكام.
هيئة مفوضي الدولة ليست طرفاً في الخصومة وليست لها طلبات يقضى فيها بالإجابة أو الرفض - يعرض مفوض الدولة رأيه القانوني في واقعة النزاع - لا يخل ذلك بحق رئيس الهيئة في الطعن فيما صدر بعد ذلك من حكم في الخصومة سواء كان قد أخذ بوجهة نظر المفوض أو خالفها - تطبيق.
(هـ) دعوى - الحكم في الدعوى - الحكم الضمني - حجية الأحكام.
الحكم بقبول الطعن شكلاً ينطوي ضمناً على إقرار بصفة المطعون ضده - لا يجوز المنازعة بعد ذلك في هذه الصفة - أساس ذلك: إعمال قاعدة حجية الأمر المقضي واحترام الحكم الذي حاز هذه الحجية - هذه الحجية لا يحتج بها في مقام بحث الصفة في دعوى أخرى حتى لو كانت الصفة في الدعوى الأخيرة مستمدة من ذات التوكيل - أساس ذلك: - أن صفة الوكيل عن الخصم لا تعدو أن تكون من قبيل الصفات العارضة التي إذا ما فصل فيها حكم فلا يحوز حجية في دعوى أخرى تثار فيها هذه الصفة مرة أخرى.
(و) المادة (52) من دستور مصر الدائم.
المادة (11) من القانون رقم 97 لسنة 1959 في شأن جوازات السفر.
كفل الدستور حق الهجرة للمواطنين سواء كانت هذه الهجرة دائمة أو مؤقتة - جعل حق مغادرة البلاد قابلاً للخضوع لتنظيم يصدر بقانون - من بين القواعد المنظمة لذلك منح المواطن وثيقة تمكنه من الانتقال في الخارج من بلد لآخر - يجوز لجهة الإدارة أن تمتنع عن إصدار مثل هذه الوثيقة إذا قامت أسباب جديه تبرر ذلك - لا تثار في هذا المجال المادة 41 من الدستور لأنها تتعلق بحرية الإقامة والتنقل في الداخل وهي محل إقليمية الدستور المصري - صدور حكم بعقوبة مقيدة للحرية في قضية إفشاء أسرار عسكرية يعتبر سبباً عاماً يبرر صدور قرار وزير الداخلية برفض تجديد جواز السفر - لا وجه لإلزام وزارة الداخلية باتخاذ إجراءات تجديد جواز سفر محكوم عليه في جناية وموجود خارج البلاد - لا يعتبر ذلك مصادرة لحرية التنقل أو الإقامة حال كونه مطلوباً أصلاً لجهة قضاء لارتكابه جناية من جنايات أمن الدولة وهو أمر يجعله في مركز قانوني لا يتيح له المطالبة بحرية الإقامة أو التنقل طالما كان الحكم الجنائي قائماً في حقه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 27 من ديسمبر سنة 1986 أودع الأستاذ/ سيد عبد الرحمن محمد المستشار بهيئة قضايا الدولة بصفته نائباً عن السادة رئيس الجمهورية ووزير الخارجية ووزير الداخلية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 326 لسنة 33 قضائية عليا، وذلك ضد السيد الفريق متقاعد سعد محمد الحسيني الشاذلي، عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 4 من نوفمبر سنة 1986 في الدعوى رقم 3901 لسنة 40 قضائية المقامة من المطعون ضده ضد الطاعنين، والقاضي برفض الدفعين بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وبقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب، وطلبت الجهة الطاعنة - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الأمر بصفه مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، والحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء - أصلياً - بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، واحتياطياً رفض الدعوى، وفي الحالين إلزام المطعون ضده بالمصروفات. وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على محله المختار وهو مكتب الأستاذ/ عبد الحليم حسن رمضان المحامي، وبالنظر إلى ما قرره المحضر المختص من غلق المكتب عند توجهه إليه بتاريخ 6 من يناير سنة 1987، فقد قام بتسليم صورة تقرير الطعن إلى مأمور القسم المختص وأثبت قيامه بإرسال كتاب مسجل إلى المعلن إليه بتاريخ 7 من يناير سنة 1987.
وفي يوم الخميس الموافق أول يناير سنة 1987 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 431 لسنة 33 قضائية عليا، وذلك عن الحكم سالف الذكر، وطلبت الهيئة - للأسباب الواردة بالتقرير - الحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات. وقد أعلن هذا الطعن قانوناً إلى الجهة الحكومية الطاعنة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة بمصروفات هذا الطلب، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم قبول الدعوى وإلزام رافعتها السيدة سامية سعد محمد الحسيني الشاذلي بالمصروفات.
وعين لنظر الطعنين جلسة 2 من مارس سنة 1987 أمام دائرة فحص الطعون، أخطر محامي المطعون ضده بموعد الجلسة بكتاب مؤرخ 21 من فبراير سنة 1987، قد حضر الجلسة محامي المطعون ضده وأبدى أنه موكل عنه بموجب التوكيل رقم 2607/ 81 رسمي عام مصر الجديدة وكذلك بالتوكيل الرسمي العام الموثق لدى القنصلية المصرية بالجزائر برقم 17222 لسنة 1981، إلا أن سيادته أورى أنه لا يجوز له استعمال التوكيل إلا بعد تكليفه من الموكل بمباشرة أعمال الوكالة، ولم يعلم موكله بالطعنين المنظورين بالجلسة حيث لم يتم إعلانه وفقاً لقانون المرافعات أو إخطاره طبقاً لقانون مجلس الدولة، وذلك حتى يمكن أن تنعقد الخصومة على وجه قانوني، وأن إخطار تحديد الجلسة لم يسلم إلى مكتب سيادته إلا في اليوم السابق على الجلسة، كما أن إعلان المطعون ضده على مكتب محاميه بصحيفة الطعن قد تم على وجه غير سليم، وهذا الإعلان - فضلاً عن ذلك باطل قانوناً بالنظر إلى أن موطن المطعون ضده مبين في أصل عريضة دعواه حيث ذكر فيها أن عنوانه بالجزائر عاصمة الجمهورية الجزائرية، وهذا البيان يفي في الدلالة على موطنه لأنه معلوم للسلطات الجزائرية وكذلك لأعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي المصري بالجزائر حيث قامت القنصلية المصرية بالمصادقة على توقيعه على التوكيل الرسمي العام سابق الذكر، وأبدى السيد المحامي المذكور بعد ذلك دفعاً بعدم جواز الطعن المقام من هيئة مفوضي الدولة على الحكم، حيث استجاب ما انتهى إليه الحكم إلى طلبها في التقرير المقدم إلى محكمة القضاء الإداري، كما أن المحكوم ضدهم ارتضوا الحكم حيث كتبت مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية إلى السيد المحامي المذكور بتاريخ 11 من فبراير سنة 1987 بأنه بالإشارة إلى الحكم المطعون فيه فإن المصلحة لا مانع لديها من منح موكلك جواز السفر المطلوب كما أشار إلى ما أبداه من دفاع سابق أمام محكمة القضاء الإداري حيث دفع بعدم دستورية قانون جوازات السفر فيما تضمنه من مصادرة حق أي مواطن في الحصول على جواز سفر، وأورى أن أحكام محكمة القيم التي صدرت ضد موكله قد سقطت بمضي خمس سنوات - وقد دفع الحاضر عن الجهة الإدارية الطاعنة ببطلان ما أبداه محامي المطعون ضده من دفوع ودفاع استناداً إلى ما أبداه موكله لم يعلن قانوناً ولم يتصل بالدعوى وبالتالي فإنه يمتنع عليه إبداء أي دفوع أو دفاع فيها، وقررت المحكمة ضم الطعن رقم 431 لسنة 33 ق إلى الطعن رقم 326 لسنة 33 ق ليصدر فيهما حكم واحد مع التأجيل لجلسة 16 من مارس سنة 1987 للاطلاع. وبعد رفع الجلسة قدم السيد محامي المطعون ضده طلباً باسم رئيس دائرة فحص الطعون أبدى فيه أنه إزاء رفض إثبات طلب رد السيد الأستاذ المستشار رئيس الدائرة بمحضر الجلسة فإنه يطلب إرفاق مذكرته بملف الطعنين مع حفظ حقه في اتخاذ الإجراءات القانونية لرد السيد الأستاذ المستشار رئيس الدائرة وكذلك الهيئة التي يرأسها. فأشر السيد الأستاذ المستشار رئيس الدائرة على مذكرة السيد المحامي بالإرفاق، وبجلسة 16 من مارس سنة 1987 قدم السيد محامي المطعون ضده مذكرة أورى فيها أن موكله كلفه برد الهيئة المعروض عليها الطعنين، وبناء على ذلك فقد قرر السيد المحامي المذكور برد المحكمة لدى قلم كتاب محكمة استئناف القاهرة المختصة في نظره بطلب رد أعضاء مجلس الدولة، وأرفق بمذكرته صورة من تقرير الرد، وطلب وقف النظر في الطعنين وفقاً لنص المادة 162 من قانون المرافعات وقدمت الجهة الإدارية مذكرة انتهت فيها إلى طلب الأمر - بصفه مستعجلة - بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، والقضاء بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً - بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، واحتياطياً وفي الموضوع برفض الدعوى، وفي الحالتين إلزام رافعها بالمصروفات. وبهذه الجلسة قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة 6 من إبريل سنة 1987، وقررت الدائرة بجلسة الحكم - إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) وحددت لنظرهما أمامها جلسة 18 من إبريل سنة 1987، وفيها طلب الحاضر عن محامي المطعون ضده حجز الدعوى للحكم وقدم مذكرة من السيد محامي المطعون ضده ذهب فيها إلى بطلان قرار إحالة الطعنين إلى المحكمة، لصدوره من السادة الأساتذة المستشارين وهو فاقدو الصلاحية للفصل فيها، كما أن السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة يمتنع عليه النظر في الدعوى لوجود خصومة قائمة بينه وبين المطعون ضده في دعوى المخاصمة المقامة ضده ولا تزال منظورة أمام القضاء المدني، كما أن السادة الأساتذة المستشارين الذين أحالوا الطعن على المحكمة قد طلب المطعون ضده ردهم أمام محكمة استئناف القاهرة، ولا يغير من ذلك القول بعدم اختصاص هذه المحكمة، لأن عدم الاختصاص لا ينفي وجود النزاع، ولا يترتب على رفع الدعوى إلى محكمة غير مختصة أكثر من إحالتها إلى المحكمة المختصة وفقاً لحكم المادة 110 من قانون المرافعات، قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء خلال أسبوع، وبتاريخ 26 من إبريل سنة 1987 قدمت الجهة الإدارية مذكرة انتهت فيها إلى التصميم على طلباتها، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى ما يدفع به المطعون ضده من بطلان قرار إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا بمقولة أنه أقام دعوى رد ضد السيد الأستاذ المستشار رئيس دائرة فحص الطعون التي قررت الإحالة وذلك أمام محكمة استئناف القاهرة، فإن المادة 53 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن "تسري في شأن رد مستشاري المحكمة الإدارية العليا القواعد المقررة لرد مستشاري محكمة النقض..." وتنص المادة 164 من قانون المرافعات على أنه "... إذا طلب رد أحد مستشاري محكمة النقض حكمت في هذا الطلب دائرة غير الدائرة التي يكون هذا المستشار عضواً فيها، ولا يقبل طلب رد جميع مستشاري محكمة النقض أو بعضهم بحيث لا يبقى من عددهم ما يكفي للحكم في طلب الرد أو في موضوع الدعوى عند قبول طلب الرد". فاستصحاب القاعدة التي تضمنتها هذه المادة من مقتضاه أن الاختصاص بالفصل في طلب رد أحد السادة الأساتذة مستشاري المحكمة الإدارية العليا يكون لدائرة أخرى بالمحكمة المذكورة عدا الدائرة التي يكون سيادته عضواً فيها، يبد أن الاختصاص في هذا الشأن لا ينظر إليه فقط من ناحية تحديد الجهة القضائية التي يناط بها الفصل في طلب الرد، وإنما يمتد إلى النواحي الإجرائية المتعلقة بالجهة التي يقدم إليها طلب الرد حتى يؤتي أثره الذي رتبه عليه القانون، فالرد - باعتباره إجراء يتعرض سير الخصومة - يؤدي حالاً إلى وقف نظر الدعوى وقد ينتهي مآلاً إلى تنحية المحكمة أو بعض أعضائها عند نظر الدعوى، وتحقيق هذه الآثار رهين بتقديم طلب الرد إلى الجهة التي حددها القانون داخل نطاق المحكمة المختصة، فالمادة 155 من قانون المرافعات تنص على أنه "يجب على كتاب المحكمة رفع تقرير الرد إلى رئيسها خلال أربع وعشرين ساعة، وعلى الرئيس أن يطلع القاضي المطلوب رده على التقرير فوراً..." وتنص المادة 156 على أنه "على القاضي المطلوب رده أن يجيب على وقائع الرد وأسبابه خلال الأربعة أيام التالية لاطلاعه. وإذا كانت الأسباب تصلح قانوناً للرد ولم يجب عليها القاضي المطلوب رده في الميعاد المحدد أو اعترف بها في إجابته، أصدر رئيس المحكمة أمراً بتنحيته". وبالنسبة لطلب رد أحد السادة الأساتذة مستشاري المحكمة الإدارية العليا فإن رئيس المحكمة الذي يمكنه قانوناً تنحية عضو فيها إذا توافرت الظروف المنصوص عليها بالمادة السابقة هو السيد الأستاذ المستشار رئيس المحكمة الإدارية العليا، كاتب المحكمة المقصود هو كاتب تلك المحكمة دون غيرها، وذلك حتى يمكن إعمال التنظيم الدقيق الذي وضعه المشرع لرد القضاة - فإذا ما قدم المطعون ضده في واقعة الحال طلب رد السيد الأستاذ المستشار رئيس دائرة فحص الطعون وبعض أعضاء المحكمة إلى محكمة استئناف القاهرة، على خلاف صريح نصوص القانون، فإذا هذا الطلب لم يتصل بالخصومة المطروحة على المحكمة الإدارية العليا أو بالسادة الأساتذة المستشارين المطلوب ردهم على الوجه الذي تطلبه القانون حتى يترتب عليه الأثر الموقف للدعوى الذي قدم بمناسبتها طلب الرد، ولا يكون ثمة التزام سواء على رئيس المحكمة بالتدخل لاتخاذ إجراء من الإجراءات التي أوجبها القانون في حالة تقديم الرد إلى أجهزة المحكمة بالطريق القانوني، كما لا تلتزم الهيئة التي تنظر الدعوى بوقف السير فيها طالما لم يتصل علمها بطلب الرد عن طريق أجهزة المحكمة ذاتها، فوقف سير إجراءات نظر الدعوى لا يكون إلا بتقديم تقرير الرد في موضعه الذي رسمه القانون، وليس إلى محكمة تابعة لجهة قضاء أخرى مستقلة تمام الاستقلال عن جهة القضاء الإداري، حيث يقوم التنظيم القانوني لجهات القضاء على أساس ألا تتدخل جهة في تسيير مرفق في جهة أخرى.
ومن حيث إنه لا وجه كذلك لما يدفع به المطعون ضده من وجود دعوى مخاصمة قد أقامها ضد السيد الأستاذ المستشار رئيس المحكمة أمام جهة القضاء العادي ولا تزال منظورة أمام محكمة النقض، ذلك أن دعوى المخاصمة المشار إليها أقيمت خارج نطاق الطعن الماثل، وإذ كانت المادة 498 من قانون المرافعات تنص على أن "يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى من تاريخ الحكم بجواز قبول المخاصمة، فإن مقتضى ذلك أن دعوى المخاصمة لا يكون لها أية آثار بالنسبة لصلاحية القاضي لنظر الدعوى التي رفعت المخاصمة في سياقها، إلا من تاريخ الحكم بجواز قبول المخاصمة، فإن أي أثر للمخاصمة خارج نطاق الدعوى التي رفعت في سياقها لا يتصور - من باب أولى - قبل صدور مثل هذا الحكم، ولم يدع المطعون ضده بصدور مثل ذلك الحكم كما أنه لا يصح - من ناحية أخرى - الخلط بين إجراء المخاصمة أو إجراء الرد من جانب، وإجراءات التنحي من جانب آخر، ذلك أن الآثار التي رتبها المشرع على وجود الخصومة المتعلقة بالمخاصمة أو الرد قد نصت عليها صراحة نصوص القانون، بما لا مجال معه للقول بأن مجرد رفع مثل تلك المخاصمة أمام محكمة غير مختصة يجعل القاضي غير صالح لنظر الدعوى ويتعين عليه بالتالي التنحي عنها، فالمخاصمة والرد والتنحي إجراءات حدد القانون أوضاعها والآثار المترتبة عليها بما لا مجال معه للخلط بينها.
ومن حيث إنه لا وجه لما يدفع به محامي المطعون ضده من بطلان إعلان تقرير الطعن على موطن المطعون ضده المختار وهو مكتب السيد المحامي المذكور، ذلك أن المادة 214 من قانون المرافعات تنص على أن "يكون إعلان الطعن لشخص الخصم أو في موطنه، ويجوز إعلانه في الموطن المختار في ورقة إعلان الحكم. وإذا كان المطعون ضده هو المدعي ولم يكن قد بين في صحيفة افتتاح الدعوى موطنه الأصلي، جاز إعلانه في موطنه المختار المبين في هذه الصحيفة" وإذ كان المطعون ضده في الطعن الماثل هو المدعي في الدعوى التي انتهت بصدور الحكم المطعون فيه، وبالرجوع إلى صحيفة هذه الدعوى يتبين أنها أقيمت "بناء على طلب السيد الفريق سعد محمد الحسيني الشاذلي المقيم بموطنه المعروف بالجزائر عاصمة الجمهورية العربية الجزائرية، ومحله المختار مكتب الأستاذ عبد الحليم رمضان المحامي.." والقول بأن موطن المطعون عليه معروف بالجزائر لا يستقيم بياناً لموطنه الأصلي الذي حرصت المادة 9 من قانون المرافعات في فقرتها الرابعة على أن تتطلبه في الأوراق التي يقوم المحضرون بإعلانها، فصحيفة الدعوى يجب أن تشتمل على عناصر تحديد الموطن الأصلي للمدعي دون الاعتماد على معلومات خارجه عن تلك الورقة، وذلك حتى يمكن للجهات التي تتولى الإعلان تسليمه الأوراق المطلوب إعلانها إليه في ذلك الموطن. أما وقد خلت صحيفة الدعوى من تحديد للموطن الأصلي للمطعون ضده على وجه معتبر قانوناً، فإن إعلان تقرير الطعن على محله المختار في صحيفة دعواه يكون صحيحاً ومنتجاً لأثره قانوناً. وبالمثل فإن إخطاره بموعد نظر الجلسة أمام دائرة فحص الطعون على المحل المختار يكون صحيحاً وقد حضر السيد محامي المطعون ضده وقدم التوكيل رقم 17222/ 81 توثيق القنصلية المصرية بالجزائر ويبين منه أن المطعون ضده قد وكله في القضايا التي ترفع منه أو عليه في أي درجة من درجات التقاضي أمام جميع هيئات التقاضي، وقد أبدى السيد المحامي دفاعه وقدم مذكرات في الجلسات التي نظرت فيها الدعوى بعد ذلك سواء أمام دائرة فحص الطعون أم هذه المحكمة، وإذا كان السيد المحامي المذكور قد تحفظ بأنه لا يجوز له استعمال التوكيل إلا بعد تكليفه من الموكل بمباشرة أعمال الوكالة، فإن هذه المحكمة إذ ثبت لديها إعلان المطعون ضده ثم إخطاره على وجه سليم قانوناً، فإن فرصة الدفاع تكون قد أتيحت له، وهو وشأنه في الكيفية التي يقدم بها دفاعه في الطعن.
ومن حيث إنه لا وجه للقول بأن جهة الإدارة قد قبلت الحكم المطعون فيه وبالتالي فلا أحقية لها في الطعن عليه، ذلك أن إبداء هذه الجهة لاستعدادها لصرف جواز السفر المطلوب للمطعون ضده إنما أساسه قيامها بتنفيذ مقتضى الحكم المطعون فيه فيما قضى به من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه نزولاً على حكم المادة 50 من قانون مجلس الدولة، ولا يحمل مسلك الإدارة في هذا الشأن بالتالي على أنه رضاء بقضاء المحكمة وإنما هو تنفيذ له على مقتضى القانون، وبالمثل فلا وجه للقول بأن هيئة مفوضي الدولة لا أحقية لها في الطعن وقد قضى لها بطلباتها في أول درجة أمام محكمة القضاء الإداري ذلك أن الهيئة ليست طرفاً في الخصومة وليست لها طلبات تقضي فيها بالإجابة أو الرفض، وإنما يعرض مفوض الدولة المختص رأيه القانوني في واقعة النزاع، وهذا لا يخل بحق رئيس هيئة مفوضي الدولة في الطعن فيما يصدر بعد ذلك من حكم في الخصومة سواء أكان قد أخذ بوجهة نظر المفوض أو خالفها.
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضده أقام دعواه بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 31 من مايو سنة 1986 طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار السلبي المطعون عليه الصادر في الطلب المؤرخ 26 من إبريل سنة 1986 والمتضمن رفض إصدار جواز سفر للمطعون ضده وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع إلزام المدعى عليهم (الطاعنين) بصفاتهم بأن يؤدوا إلى المطعون ضده - متضامنين مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات، وذلك مع الأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبدون إعلان. وبجلسة 4 من نوفمبر سنة 1986 قضت المحكمة برفض الدفعين بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، وبقبول الدعوى شكلاً، وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب، واستندت المحكمة في قضائها إلى أن دعوى المطعون ضده تعتبر مقبولة شكلاً نظراً لأن القرار المطعون فيه فيما تضمنه من الامتناع عن إصدار جواز سفر للمطعون ضده هو بطبيعته من القرارات الإدارية ذات الأثر المستمر مما يطعن فيه دون التقيد بالمواعيد المقررة للطعن بالإلغاء، كما انتهت المحكمة إلى رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة ذلك أن التوكيل العام رقم 2607 ( أ ) لسنة 1981 توثيق عام مصر الجديدة صادر من كل من السيدة/ ناهد سعد الشاذلي والسيدة/ سامية سعد الشاذلي عن نفسها وبصفتها وكيلة عن والدها السيد الفريق سعد محمد الحسيني الشاذلي بتوكيل رسمي عام 514 أ لسنة 1978 مودع بمكتب الشهر العقاري بمصر الجديدة، وبموجبه قررت السيدتان المذكورتان توكيل محامي المطعون ضده توكيلاً عاماً في القضايا التي ترفع منهما أو عليهما، وقد سبق للمحكمة الإدارية العليا بجلسة 14 من ديسمبر سنة 1985 أن أصدرت حكمها في الطعن رقم 545 لسنة 30 ق بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى، وكان محامي المطعون ضده قد أقام الدعوى المطعون في حكمها بناء على التوكيل المشار إليه. وإذ قضت المحكمة الإدارية العليا بقبول الطعن شكلاً وبالتالي فإن المحكمة الإدارية العليا تكون قد أقرت للسيد المحامي المذكور بصفته عن المطعون ضده وقد حاز حكمها هذا حجية الأمر المقضى فيه، وبذلك تكون المنازعة في صفته هذه على غير أساس من القانون، كما رفضت المحكمة الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل في الدعوى رقم 4000 لسنة 37 ق المحكوم فيها بجلسة 6 من ديسمبر سنة 1983، ذلك أن موضوع هذه الدعوى التي أقامها المطعون ضده هو وقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إصدار جواز سفر دبلوماسي جديد للمطعون ضده، وبصفة احتياطية وقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن إصدار جواز سفره مصري عادي للمدعي بديلاً عن جواز سفره المنتهي مع ما يترتب على ذلك من آثار حيث قد طلب ذلك من وزارة الداخلية عدة مرات آخرها في 25 من مايو سنة 1983 فلم يلتق رداً، وقد صدر الحكم في تلك الدعوى برفض طلب وقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما. وطعن في الحكم المذكور أمام المحكمة الإدارية العليا التي قضت في الطعن رقم 545 لسنة 30 ق بقبول ذلك الطعن شكلاً وبعدم قبول الدعوى وإلزام رافعها المصروفات. إلا أن المطعون ضده تقدم للإدارة في 26 من إبريل سنة 1986 بعد صدور الحكم في الدعوى المشار إليها بطلب لإصدار جواز سفر عادي له فلم يلتق جواباً مما يعتبر قراراً سلبياً جديداً بالامتناع عن إصدار جواز سفر للمطعون ضده، وبالتالي فإن موضوع الدعوى الماثلة قرار إداري جديد يختلف عن موضوع الطلب في الدعوى السابقة رقم 4000 لسنة 37 ق، واستطردت المحكمة إلى أنه بالنسبة إلى الطلب المستعجل بوقف التنفيذ فإنه يقوم على ركنين: الأول هو جدية الأسباب التي يستند إليها الطلب بأن يتضح للمحكمة - بحسب الظاهر من الأوراق - أنها أسباب صحيحة يرجح معها إلغاء القرار عند الفصل في موضوع الدعوى، والركن الثاني هو قيام الاستعجال بأن يترتب على الاستمرار في تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بعد ذلك بإلغائه، وبالنسبة إلى ركن الجدية فإن الأسباب التي قام عليها القرار المطعون فيه تخلص في أن المطعون ضده إبان شغله منصب سفير مصر بالبرتغال عقد مؤتمراً صحفياً هاجم فيه القيادة السياسية في مصر وتم إقصاؤه من منصبه. فالتقطته دول لمهاجمة بمهاجمة نظام الحكم في مصر. بل تعدى ذلك إلى محاولة التشكيك في نصر أكتوبر العظيم وقيامه بتشكيل ما يسمى بالجهة الوطنية بالخارج بهدف إسقاط النظام وقد دأب على الالتقاء بالأنظمة المناهضة لسياسة مصر وما أسماه بأسلوب الكفاح المسلح ضد النظام، كما أنه سبق الحكم عليه من محكمة القيم العليا في القضية رقم 34/ 1 قضايا بحرمانه من حقوقه السياسية. وإذا كانت المادة (11) من القانون رقم 97 لسنة 1959 في شأن جوازات السفر تنص على أنه يجوز بقرار من وزير الداخلية لأسباب هامه يقدرها رفض منح جواز السفر أو تجديده، كما يجوز له سحب الجواز بعد إعطائه، فإن القانون يكون بذلك قد جعل من ملاءمة القرار الإداري بعدم منح جواز السفر شرطاً من شروط صحته، وإذا ما اشترط القانون لمشروعية قرار الإدارة بعدم منح الجواز أن تكون ثمة أسباب هامة قدرت معها الإدارة اتخاذ هذا الإجراء كان للقضاء الإداري الرقابة على قيام هذا المسوغ أو عدم قيامه، وأنه أياً كان الرأي في سلامة الوقائع التي استندت إليها جهة الإدارة في تبرير قرارها المطعون عليه، فالثابت بحسب الظاهر من الأوراق أن تلك الوقائع التي اتخذتها الإدارة هي ذات الوقائع التي سبق أن استندت إليها في قرارها المطعون عليه بالدعوى رقم 4000 لسنة 37 وكذلك على ذات الوقائع التي استندت إليها محكمة القيم في حكميها الصادرين في الدعوى رقم 12 لسنة 1 ق وفي الطعن رقم 34 لسنة 1 ق وما قضيا به من حرمان المدعي من الترشيح لعضوية المجالس النيابية والمجالس الشعبية ومن فرض الحراسة على أمواله. ولم يثبت من الأوراق بدليل معاصر للقرار محل الطعن في الدعوى الماثلة أن المدعي ما يزال حتى 26 من إبريل سنة 1986 على مسلكه الذي كان عليه عندما اتخذت الإدارة قرارها المطعون فيه بالدعوى رقم 4000 لسنة 37 ق، وقد مضت على تلك الوقائع المنسوبة للمطعون ضده مدة طويلة وتقادم العهد عليها، ولم يقع منه بعد ذلك ما يخل بسلوكه، وأن حرمانه من جواز سفر مصري ليس هو الوسيلة الوحيدة لبلوغ الإدارة هدفها في رعاية اعتبارات المصلحة العامة، وكان في مقدور الإدارة اتخاذ إجراءات مساءلة المدعي جنائياً عما نسب إليه ومحاسبته عنه دون الالتجاء إلى المساس بحريته الشخصية، وعلى ذلك يكون القرار المطعون فيه - وقد افتقر إلى أسباب صحته - راجح الإلغاء عند الفصل في موضوع الدعوى مما يتوافر معه ركن الجدية كما أن ركن الاستعجال متوافر لما يترتب على الاستمرار في تنفيذ القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها وذلك بتقييد حرية المطعون ضده في التنقل والسفر.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 326 لسنة 32 قضائية عليا أن الحكم المطعون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وإذ رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة بمقولة أن التوكيل الذي أقام به السيد محامي المطعون ضده الدعوى قد سبق أن أقام به السيد المذكور طعناً أمام المحكمة الإدارية العليا وبالنيابة عن المطعون ضده وقضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبالتالي تكون المحكمة قد أقرت للمحامي المذكور بصفته عن المطعون ضده، وهذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه ينطوي على خلط بين قبول الطعن شكلاً وثبوت صفات خصوم الطعن، فالقضاء بقبول الطعن شكلاً ينصرف إلى استيفاء الطعن لأوضاعه الشكلية من حيث رفعه خلال الميعاد المقرر وفي الشكل الذي حدده القانون، أما التحقق من صفات الخصوم ومدى توافر المصلحة في جانبهم فهي أمور موضوعية يتم بحثها بعد التأكد من استيفاء الطعن لأوضاعه الشكلية، وقد قدم الحاضر عن المطعون ضده إلى محكمة القضاء الإداري أصل التوكيل الصادر له من السيدتين ناهد وسامية سعد الدين الشاذلي، إلا أنه لم يقدم سند وكالة هاتين السيدتين عن المطعون ضده حتى يمكن تبين مدى ونطاق هذه الوكالة، مما يجعل الدعوى مرفوعة من غير ذي صفه. واستطرد الطاعنون إلى أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الوقائع المنسوبة إلى المطعون ضده والتي استند إليها القرار المطعون فيه قد مضى عليها مدة طويلة وتقادم عليها العهد وافتقدت جديتها بمرور الزمن دون أن ثبت جهة الإدارة بأن المطعون ضده ظل على حالة ولم يكن لها من الأهمية الحقيقية ما يسوغ تدخل الإدارة لتقييد حرية المطعون ضده، وهذا القضاء قد صادر على جهة الإدارة حقها في تقدير ملاءمة إصدار القرار، وبالإضافة إلى ذلك فإن المطعون ضده قدم إلى المحاكمة العسكرية في القضية رقم 2 لسنة 1983 أمن دولة عسكرية لأنه خلال المدة من 78 إلى 1980 بجهة باريس وعواصم أجنبية أخرى بصفته الرئيس الأسبق لأركان حرب القوات المسلحة أفشى أسرار الدفاع عن البلاد بطريق النشر في إحدى المجلات ثم في كتاب وذلك دون إذن كتابي من السلطات العسكرية، وصدر الحكم قبل المطعون ضده غيابياً بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات. وبناء على كل ما تقدم فقد رأت جهة الإدارة رفض منح المطعون ضده جواز سفر مصري استناداً إلى حكم المادة 11 من القانون رقم 97 لسنة 1959 في شأن جوازات السفر.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 431 لسنة 33 القضائية أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون فيما قضى به من رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، وذلك على الرغم من أن السيدة سامية سعد الشاذلي كريمة المطعون ضده لم تقدم التوكيل المقول بصدوره لها من والدها لإثبات صفتها كوكيلة، كما أن الأسباب التي قام عليها القرار المطعون فيه تعد مسوغاً كافياً لإصداره، وبالرغم من أن هذه الأسباب كانت تحت نظر المحكمة إلا أنها خلصت إلى عدم قيام القرار على أسباب صحيحة، مما يجعل حكمها مخالفاً للقانون، ولا يغير من ذلك ما بررت به المحكمة عدم اعتدادها بتلك الأسباب من أنه قد تقادم عليها العهد طواها الزمن، فإن هذا يعد مصادرة للإدارة على تقديرها وغلاً ليدها في مباشرة وظيفتها في الحدود الطبيعية التي تقتضيها هذه الوظيفة، وإهداراً في ذات الوقت لهذا الفصل بين السلطات، إذ ليس من حق القضاء الإداري أن يستأنف بالنظر بالموازنة والترجيح فيما قام لدى جهة الإدارة من اعتبارات قدرت على مقتضاها ملاءمة إصدار القرار ما دام هذا التقدير استخلص استخلاصاً سائغاً من الوقائع الثابتة في الأوراق، ولم تضع المحكمة في حكمها معياراً زمنياً تحدد به المدة اللازمة لتقادم أسباب قرار جهة الإدارة برفض التصريح بمنح جواز السفر، ولا أساس هذا المعيار، فإذا كان ذلك محض تقدير المحكمة فإن جهة الإدارة تكون بالأولى وفقاً للقانون هي صاحبة الاختصاص الأصيل في هذا التقدير وفي مدى استمرار جدية الوقائع والأسباب التي بنت عليها جهة الإدارة قرارها من عدمه، ولقد أخطأت المحكمة في تفسير القانون حيث ذهبت إلى أن مسلك الإدارة إزاء المطعون ضده فيه مساس تجربته الشخصية. ذلك أن الحرية الشخصية والحقوق العامة التي يكفلها الدستور ليست مطلقة من أي قيد، فالدستور وإن كفل بموجب المادتين 41، 52 منه حرية التنقل أو الإقامة في مكان معين، إلا أن ذلك ليس معناه إطلاق هذه الحرية للأفراد، بل أنها تخضع للتنظيم بقوانين تصدرها الدولة تبين حدود هذه الحرية وكيفية ممارستها بما يحقق المصلحة العامة ولا يتعارض في ذات الوقت مع صالح الفرد، وبموجب هذا التنظيم أصدرت جهة الإدارة قرارها برفض منح المطعون ضده جواز سفر وفقاً لسلطتها التقديرية ووفقاً للقانون رقم 97 لسنة 1959، فمن ثم يكون قرارها متفقاً وصحيح حكم القانون طالما قام على أسباب جدية ثابتة بالأوراق، ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تفسير القانون وتأويله إذ طرح هذه الأسباب جانباً بمقولة مساس هذا القرار بحقوق المطعون ضده أو مخالفة الدستور، كما أخطأ الحكم المطعون فيه في تفسير القانون حين أورد أن القرار بالامتناع عن إصدار جواز سفر للمطعون ضده يحمل معنى المنع من العودة إلى وطنه كما ينطوي في ذات الوقت على معنى العقوبة بالنسبة للمطعون ضده، ذلك لأن الامتناع عن إصدار جواز سفر مصري للمطعون ضده لا يؤثر بالضرورة في حق المطعون ضده في العودة إلى وطنه في أي وقت يشاء وذلك لمنحه تصريحاً من السلطات المختصة تخوله دخول البلاد - وأن سلطة الإدارة التقديرية في إصدار قراراتها الإدارية لا يحدها إلا إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها. وقد خلا الحكم المطعون فيه من بيان أن قرار الامتناع عن منح المطعون ضده جواز سفر مصري قد شابه هذا العيب من عيوب القرار الإداري، مما يعني أن القرار قد صدر مستهدفاً المصلحة العامة ولا يكون للقضاء حق التعقيب عليه.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من أن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 14 من ديسمبر سنة 1985 في الطعن رقم 545 لسنة 30 ق المقام من المطعون ضده ضد الطاعنين والقاضي بقبول الطعن شكلاً، قد أقر لوكيل المطعون ضده الأستاذ عبد الحليم حسن رمضان بصفته كما أثبتها سند التوكيل الذي أقام على أساسه الطعن المذكور نيابة عن المطعون ضده، وهو التوكيل العام رقم 2607 أ لسنة 1981 توثيق عام مصر الجديدة الصادر من السيدة ناهد سعيد الشاذلي والسيدة سامية سعد الشاذلي عن نفسها وبصفتها وكيلة عن والدها السيد الفريق سعد محمد الحسيني الشاذلي بتوكيل رسمي عام رقم 514 أ لسنة 1978 مودع بمكتب الشهر العقاري بمصر الجديدة، وبالتالي فإن الحكم في الطعن المذكور يكون قد حاز في هذا الخصوص - حجية الأمر المقضى فيه، بما يمتنع معه على محكمة القضاء الإداري بمناسبة الدعوى الماثلة أن تجادل في تلك الحجية باعتبار أن الحكم أصبح عنواناً للصحة وحائزاً لقرينة سلامة لا يمكن إثبات عكسها. وإذا كان الذي ذهبت إليه محكمة القضاء الإداري غير سديد في واقع الفهم والاستخلاص فهو غير سديد في القانون كذلك غير صحيح في الواقع أولاً: تصريح منطوق حكم المحكمة الإدارية العليا والأسباب التي قام عليها نفت قبول الدعوى لرفعها من غير توكيل إذ لم يثبت أمامها هذا التوكيل. وأمام صراحة هذا المنطوق وما قام عليه من أسباب وهو ما يجوز وحده حجية الشيء المقضي فلم تستظهر أسباب الحكم المطعون فيه مدلول قبول الطعن شكلاً وهو يقتصر على التحقق من توافر الأوضاع الشكلية المطلوبة قانوناً في الطعن دون تعرض للصفة التي واجهها صريح المنطوق والأسباب واستخلص من ذلك قبوله شكلاً دلالة قضاء ضمني ينقضه صريح منطوق الحكم وصريح أسبابه التي تحوز الحجية، وهو فهم لا سند له من عبارات الحكم. فصريح حكم المحكمة الإدارية العليا نفى صراحة صفة الوكيل لعدم وجود سند الوكالة وهو ما لم يكن يجوز للحكم المطعون فيه الخروج عليه، ومن المعروف أن أولى قواعد التفسير تقديم صريح العبارة على أية دلالة أخرى بأي وجه آخر. ذلك أنه فضلاً عن أن صفة الوكيل عن الخصم في الدعوى لا تعدو أن تكون من قبيل الصفات العارضة التي إذا ما فصل فيها حكم لا يكون حجة في دعوى أخرى تثار فيها هذه الصفة مرة أخرى حتى ولو كانت الصفة مستمدة من ذات التوكيل. فالأمر لا يتعلق بوحدة السبب وهو التوكيل - وإنما بعدم اتخاذ المحل حيث لا يحوز الحكم في الصفة العارضة حجية في دعوى أخرى لاختلاف المحل، فضلاً عن ذلك فإنه حتى يمكن إعمال القرينة القانونية القاطعة المستفادة من الحكم النهائي بما يمنع من إعادة بحث الموضوع لا يكفي أن يرد القضاء الذي يراد الاحتجاج به في منطوق الحكم سواء على وجه صريح أو بطريق ضمني، وإنما يجب أن تتضمن المنطوق فعلاً في نزاع كان محل مناقشه بين الخصمين وتقدم فيه كل منهما بدفاعه وطلباته، والثابت من الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 14 من ديسمبر سنة 1985 في الطعن رقم 545 لسنة 30 القضائية المقام من المطعون ضده في الطعن الماثل ضد وزيري الداخلية والخارجية أن صفة السيد المحامي المذكور لم تكن محل نقاش بين الخصوم وتقدم كل منهم بدفاعه وطلباته في شان هذه الصفة، بل إن الحكم المذكور لم يشر إلى التوكيل العام رقم 2607 أ لسنة 1981 توثيق عام مصر الجديدة، وإذا كان تقرير الطعن المذكور قد أشار إلى ذلك التوكيل فإنه لم يتضمن أن السيد المحامي المذكور وكيل عن السيدة/ سامية سعد الشاذلي عن نفسها وبصفتها وكيلة عن والدها بموجب توكيل رسمي آخر، وعلى ذلك فإن قضاء المحكمة بقبول ذلك الطعن شكلاً مهما قيل فيه ومع الإسراف في فهم لا يجوز حجية الشيء المقضى فيه بالنسبة لصفة السيد المحامي المذكور في تمثيل المطعون ضده بما يمنع مناقشة هذه الصفة في دعوى أخرى، بل إن القضاء الصريح ينفي الصفة لانتفاء السند لا يحوز حجيته إذا ما قام سند قانوني يثبت الصفة. وإذ قدم السيد محامي المطعون ضده إلى هذه المحكمة توكيلاً آخر صادراً من المطعون ضده إلى المحامي المذكور مباشرة ويتضمن توكيله في جميع القضايا التي ترفع منه أو عليه أمام المحاكم وفي أي درجة من درجات التقاضي، وهو توكيل موثق بقنصلية جمهورية مصر العربية بالجزائر بتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1981 برقم 17222/ 81، وهذا التوكيل يخول السيد المحامي المذكور إقامة الدعوى المطعون في الحكم الصادر فيها بالطعن الماثل وإقامته هذا الطعن والحضور فيه والحضور في الطعن الماثل، وبالتالي لا يكون هناك محل - بعد تقديم التوكيل المذكور - للدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن طلب وقف تنفيذ القرار الإداري يقوم على ركنين: الأول قيام الاستعجال بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها، والثاني يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية. وإذ تنص المادة 11 من القانون رقم 97 لسنة 1959 في شأن جوازات السفر على أن "يجوز بقرار من وزير الداخلية لأسباب هامة يقدرها رفض منح جواز السفر أو تجديده، كما لا يجوز له سحب الجواز بعد إعطائه" وإن تنص المادة 52 من الدستور على أن للمواطنين حق الهجرة الدائنة أو الموقوتة إلى الخارج، وينظم القانون هذا الحق وإجراءات وشروط الهجرة ومغادرة البلاد. فقد جعل حق مغادرة البلاد قابلاً للخضوع لتنظيم يصدر بقانون يحدد حق الهجرة الدائمة والموقوتة إلى الخارج. وهو ما فعله القانون رقم 97 لسنة 1959 في شأن جوازات السفر والنص السابق الإشارة إليه يجيز أن يتضمن التنظيم القانوني المنع من مغادرة البلاد ومنع إعطاء الوثيقة التي تمكن من ذلك، ويجوز له الحرمان من وثيقة معينه حتى لمن كان في الخارج، وإنما لا يجوز بإطلاق منعه من أية وثيقة تمكنه من العودة إلى البلاد وإذ نصت المادة 51 من الدستور على عدم جواز إبعاد أي مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها. فلا يجوز إجبار مصري على مغادرة البلاد كما لا يجوز منعه من العودة إليه، فيجب أن يمكن من هذه العودة بالوثيقة المناسبة التي تخوله ذلك، فمتى لم تمتنع الجهة المختصة عن منح المقيم في الخارج وثيقة سفر تمكنه من العودة إلى البلاد لم يكن تصرفها في هذا النطاق مخالفاً للدستور. أما منح وثيقة تمكنه من الانتقال في الخارج من بلد أجنبي إلى بلد أجنبي فتخضع للتنظيم الذي يكون بقانون طبقاً للمادة 52 المشار إليها فيجوز الامتناع عن منحها إذا قامت أسباب جديه تبرر ذلك طبقاً للقانون رقم 97 لسنة 1959 المشار إليه ولا تثار المادة 41 من الدستور في هذا المقام لأنها تتعلق بحرية الإقامة والتنقل في الداخل وهي محل إقليمية الدستور المصري. وإذ ساقت الجهة الإدارية لرفض تجديد جواز سفر المطعون ضده أسباباً مفادها أن المطعون ضده كان يشغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر ونقل إلى السلك الدبلوماسي حيث شغل منصب سفير مصر في لندن خلال الفترة من 1974 إلى 1976، ثم نقل سفيراً لمصر بالبرتغال في المدة من سنة 1976 حتى سنة 1978، وبتاريخ 25 من يونيه سنة 1978 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1978 بفصل المطعون ضده من خدمته بوزارة الخارجية وذلك لفقده أسباب الصلاحية للوظيفة وقيام دلائل جدية على قيامه بما يمس أمن الدولة وسلامتها، وبعد ذلك أخذ في نشر مذكراته في الخارج عن حرب أكتوبر التي هاجم فيها القيادة العسكرية المصرية في ذلك الوقت، كما أصدر عدة مقالات وأحاديث تليفزيونية دعى فيها إلى قلب نظام الحكم في مصر، وقد استتبع ذلك تقديمه للمحاكمة في القضية رقم 26 لسنة 1978 حصر تحقيق لإذاعته أسراراً عسكرية، كما قام بتشكيل جهة معارضة لنظام الحكم تحت رئاسته وأطلق عليها "الجهة الوطنية المصرية" وأصدر منشورات باسم تلك الجهة وحث فيها أفراد القوات المسلحة على عدم إطاعة الأوامر الصادرة إليهم من رؤسائهم، وقام بمحاولات لتكوين تنظيمات سرية تابعه له داخل البلاد، وغير ذلك من الوقائع. والبادي من ظاهر الأوراق - أن بعض هذه الوقائع ثابت في حق المطعون ضده حيث صدر ضده حكم المحكمة العسكرية العليا "الدائرة الخاصة" بجلستها المنعقدة بتاريخ 16 من يوليه سنة 1983 وذلك في القضية رقم 2/ 83 أمن دولة عسكرية عليا، حيث اتهمته النيابة العسكرية بأنه خلال المدة من 1978 إلى عام 1980 بجهة باريس وعواصم أجنبية أخرى بصفته الرئيس الأسبق لأركان حرب القوات المسلحة المصرية، أفشى أسرار الدفاع عن البلاد بأن أذاع أخباراً وبيانات ومعلومات عن القوات المسلحة المصرية وتشكيلاتها وتحركاتها وعتادها وأفرادها واسترتيجيتها وتكتيكاتها ضمنها مقالات نشرت له في الخارج في مجلة الوطن العربي ثم ضمنها كتاباً نشر في باريس باسم حرب أكتوبر (مذكرات) دون إذن كتابي من السلطات العسكرية المختصة، وقد وقعت الجريمة في زمن الحرب، وطالبت النيابة العسكرية بعقابه بالمواد 80 ب و85/ 1 و2 و3 و85 أ، ب من قانون العقوبات، وقد حكمت المحكمة غيابياً على المطعون ضده بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات، وعلى ذلك فإن قرار وزير الداخلية برفض تجديد جواز سفر المطعون ضده يكون قد بني - بحسب الظاهر - على أسباب هامه تبرره وهي صدور حكم بعقوبة جنائية ضده في تاريخ سابق على رفض تجديد جواز سفره، فالمطعون ضده يكون بذلك مطلوباً لجهة قضائية حيث صدر الحكم المذكور غيابياً الأمر الذي يكون معه رفض تجديد جواز السفر أمراً له ما يبرره من الواقع حيث لا وجه لإلزام وزارة الداخلية باتخاذ إجراءات تجديد جواز سفر لمحكمة عليه في جنائية موجود في خارج البلاد. فإن شاء الرجوع فليس ثمة ما يمنعه من القانون أو الواقع بالنظر إلى أن جواز السفر وإن كان وثيقة لازمة للتنقل في الخارج فإنه ليس الوثيقة الوحيدة اللازمة للعودة حيث يمكن على ما جاء بطعن هيئة مفوضي الدولة - منحه وثيقة سفر للعودة إذا تقدم بطلبها. ولا يعد قيام جهة الإدارة بمنع جواز سفر عن محكوم عليه جنائياً مقيم بالخارج مصادرة لحريته في التنقل أو الإقامة بالنظر إلى أنه مطلوب أصلاً لجهة القضاء لارتكابه جناية من جنايات أمن الدولة، وهو أمر يجعله في مركز قانوني لا يتيح له المطالبة بحريات الإقامة أو التنقل التي يتمتع بها سائر المواطنين، وذلك طالما كان الحكم الجنائي بعقوبة الجنائية قائماً بحقه، ولو كان غيابياً - حيث إن ذلك الحكم ينتج أثره حال غياب المحكوم ضده وعدم حضوره طالما لم تسقط العقوبة المحكوم بها بمضي المدة - وعلى ذلك يكون ركن الجدية غير متحقق في واقعة الحال ولا تتوافر بذلك أركان طلب وقف التنفيذ.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير ذلك فإنه يكون متعين الإلغاء ويلتزم المطعون ضده بالمصروفات باعتباره قد خسر هذا الشق من دعواه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضده المصروفات.