مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة 32 - الجزء الثاني (أول مارس 1987 - 30 سبتمبر 1987) - صـ 1287

(195)
جلسة 19 من مايو سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد العزيز أحمد سيد أحمد حماده نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة شفيق محمد سليم مصطفى وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وعطية الله رسلان أحمد فرج - المستشارين.

الطعن رقم 577 لسنة 29 القضائية

اختصاص - ما يدخل في اختصاص محكمة القضاء الإداري - المنازعة في طلب مستخرج رسمي.
المنازعة في طلب مستخرج بمدة الخدمة تعتبر من المنازعات الإدارية - لم ترد هذه المنازعة ضمن المسائل التي تختص بها المحاكم الإدارية - مؤدى ذلك: اختصاص محكمة القضاء الإداري بهذه المنازعة - أساس ذلك: أن هذه المنازعة تدور في جوهرها حول طلب إعطاء مستخرج مبين به مدة الخدمة ولا يتعلق هذا الموضوع بطريق مباشر أو غير مباشر بمسائل التعيين أو الترقية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 24/ 1/ 1983 أودعت هيئة مفوضي الدولة سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (الدائرة الاستئنافية) بجلسة 25/ 11/ 1982 في الطعن رقم 71 لسنة 4 ق س فيما قضى به من قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن، وللأسباب الواردة به، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة الإدارية بالمنصورة بنظر الدعوى وبإعادتها إليها للفصل في موضوعها مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وبتاريخ 28/ 3/ 1983 أعلن المطعون إلى الجهة الإدارية.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإبقاء الفصل في المصروفات.
ثم نظر الطعن بعد ذلك أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 21/ 1/ 1987 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 10/ 2/ 1987 - ثم تدوول نظر الطعن بعد ذلك أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 7/ 4/ 1987 إصدار الحكم بجلسة 19/ 5/ 1987 مع تكليف السكرتارية بإخطار الخصوم وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 25/ 11/ 1982 وأودع الطعن الماثل سكرتارية المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 24/ 1/ 1983 ومن ثم فإن الطعن يكون قد أقيم خلال ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة 44 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، وإذا استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً، فإنه من ثم يكون الطعن مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن الوقائع - حسبما يبين من الأوراق تخلص في أن السيد/ محمد فوزي محمد (المطعون ضده الأول) أقام الدعوى رقم 611 لسنة 9 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الإدارية بالمنصورة بتاريخ 17/ 3/ 1981 طالباً في ختامها الحكم بإلزام جهة الإدارة بإعطائه مستخرجاً مبيناً به مدة خدمته من تاريخ تعيينه حتى إنهاء خدمته وخلو طرفه وخبرته ومؤهلاته وما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 5/ 1/ 1982 قضت المحكمة الإدارية بالمنصورة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة وأقامت المحكمة الإدارية قضاءها على أن المادة 14 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن "تختص المحاكم الإدارية: (1) بالفصل في طلبات إلغاء القرارات المنصوص عليها في البندين ثالثاً ورابعاً من المادة العاشرة متى كانت متعلقة بالوظيفة العمومية من المستوى الثاني والثالث وما يعادلهم، وفي طلبات التعويض المترتبة على هذه القرارات..." وإنه لما كان البندان ثالثاً ورابعاً من المادة العاشرة قد حددا على سبيل الحصر القرارات التي يدخل الطعن فيها في اختصاص المحاكم الإدارية وهي القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح العلاوات والقرارات الإدارية الصادرة بالإحالة إلى المعاش أو الفصل بغير الطريق التأديبي متى تعلقت بموظفي المستويين الثاني والثالث فمن ثم تكون الطعون في القرارات السلبية بالامتناع عن تسليم شهادات بمدة الخدمة باعتبارها منازعات إدارية، تدخل في اختصاص محكمة القضاء الإداري صاحبة الولاية العامة حتى ولو تعلقت بموظفي المستويين الثاني والثالث.
وقد طعنت هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم وأقامت طعنها على أن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أن مناط توزيع الاختصاص بين محكمة القضاء الإداري وبين المحاكم الإدارية يستند إلى أهمية النزاع والمركز الوظيفي للعامل، وعلى هذا الأساس فإن مرتبه الموظف هي وحدها التي تضفي على منازعاته قدراً من الأهمية تتحدد بمقتضاه الجهة ذات الولاية للفصل فيها، وترتيباً على ذلك فإن القول بأن طلبات الإلغاء أو التعويض المتعلقة بالقرارات الإدارية الصادرة في شأن موظفي المستويين الثاني والثالث التي لا تتعلق بتعيينهم أو بمنحهم علاوات أو بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو بفصلهم بغير الطريق التأديبي تخرج عن اختصاص المحاكم الإدارية هو قول من شأنه أن يدخل منازعات تتعلق بموظفي هذين المستويين في اختصاص محكمة القضاء الإداري مهدراً بذلك ما استهدفه الشارع من اعتبارات أفرغت في معيار عام مجرد، يؤكد ذلك ما جرى عليه نص الفقرة 3 من المادة 14 من قانون مجلس الدولة من توزيع الاختصاص بين المحاكم الإدارية وبين محكمة القضاء الإداري في مجال العقود الإدارية وفقاً لأهمية النزاع وقيمته ما أزال بالتحديد الرقمي الوارد في هذا الشأن كل لبس في الاختصاص بين محاكم مجلس الدولة، وفضلاً عما تقدم فإن مؤدى الحكم باختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر منازعات شاغلي المستويين الثاني والثالث فيما لم يرد ذكره في الفقرة الأولى 14 سيرتب نتائج غير منطقيه إذ بينما تستأثر المحاكم الإدارية بنظر منازعات على قدر من الأهمية في علاقة الموظف بجهة عمله كقرارات التعيين والإحالة إلى المعاش فإنها تعرض عن نظر منازعات لا ترقى إلى هذا القدر من الأهمية كالطعن في قرار حرمان من الإعارة، تاركه نظرها إلى محكمة تعد في إحدى دوائرها جهة طعن في أحكامها.
وبجلسة 25/ 11/ 1982 قضت محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (الدائرة الاستئنافية) بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً. وقد أقامت المحكمة قضاءها على أن اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعات المتعلقة بقرارات الإعارة والنقل والندب والامتناع عن تسليم شهادة بمدة الخدمة مرده حكم البند الرابع عشر من المادة العاشرة والمتعلقة بالفصل في سائر المنازعات الإدارية ولما كان اختصاص المحاكم الإدارية بنظر المنازعات الخاصة بالعاملين قد جاء محدداً بما نصت عليه المادة 14 من القانون رقم 47 لسنة 1972 فإنه يتعين التزام حدود هذا النص بحيث يدخل ما عدا ما ذكر فيه، في اختصاص محكمة القضاء الإداري صاحبة الولاية العامة في نظر كافة المنازعات الإدارية - وأضافت المحكمة إلى ما سبق قولها أن الطعن وإن كان يقوم على أساس منطق سائغ إلا أن هذا المنطق لا يجد له سنداً من النصوص التي حددت الاختصاص بين المحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإداري، ولعل المشرع يتدارك هذا الوضع.
وإذْ لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى هيئة مفوضي الدولة لذلك فقد أقامت طعنها الماثل مؤسسة إياه على ذات الأسباب التي أقامت عليها طعنها أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الاستئنافية).
ومن حيث إن المنازعة محل الطعن الماثل تتعلق بطلب إعطاء المطعون ضده الأول نموذجاً مبيناً به مدة خدمته من تاريخ تعيينه حتى تاريخ انتهاء خدمته، وهي من بين المسائل التي يختص مجلس الدولة بنظرها باعتبارها من المنازعات الإدارية طبقاً للبند (14) من المادة (10) من قانون مجلس الدولة، ولم ترد هذه المنازعات ضمن المسائل التي اسند اختصاص الفصل فيها للمحاكم الإدارية، فإن محكمة القضاء الإداري تكون هي المختصة بنظرها حتى ولو كانت تتعلق بالعاملين من المستوى الثاني أو الثالث ولما كان المشرع قد حدد اختصاص المحاكم الإدارية بنظر المنازعات على سبيل الحصر فإن القول بالاستهداء بالمعيار الذي اتخذه المشرع للفصل بين اختصاص هذه المحاكم ومحكمة القضاء الإداري لإضافة اختصاصات أخرى إليها قول لا يستند إلى أساس سليم من القانون لأن مسائل الاختصاص إنما تحدد بالنص وليس عن طريق الحكمة أو القياس، ولا وجه للقول أيضاً بأن طلب إعطاء مستخرج مبيناً به مدة الخدمة لا يعدو أن يكون منازعه وظيفية تدور حول قرار يتفرع ويتصل بقرار تعيين وترقيه إلى حد كبير ذلك لأن المنازعة المطروحة تدور في أساسها وجوهرها حول طلب إعطاء مستخرج مبيناً به مدة الخدمة ولا تتصل بطريق مباشر أو بغير مباشر يتعين المدعي أو ترقية لما تختص بالفصل فيه المحاكم الإدارية، إلا أن هذا المنطق لا يجد له سنداً من النصوص التي حددت الاختصاص بين محكمة القضاء الإداري وبين كافة المحاكم (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 574 لسنة 29 ق - بجلسة 25/ 11/ 1984 - غير منشور).
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم ولما كان الثابت أن الدعوى محل الطعن الماثل تدور حول طلب المطعون ضده الأول إعطاءه مستخرجاً مبيناً به مدة خدمته وخلو طرفه وخبرته ومؤهلاته، ولما كان هذا الطلب لم يرد حصراً في اختصاص المحاكم الإدارية ومن ثم فإن الاختصاص بهذا الطلب ينعقد لمحكمة القضاء الإداري بوصفها صاحبة الولاية العامة حتى ولو تعلق هذا الطلب بوظيفة من المستويين الثاني والثالث، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون، وبالتالي فإن الطعن عليه يكون في غير محله متعيناً رفضه مع إبقاء الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.