أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 71

جلسة 9 من يناير سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي ومحمد عادل الشوربجي نواب رئيس المحكمة.

(8)
الطعن رقم 7570 لسنة 61 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
امتداد ميعاد الطعن بالنقض إذا صادف نهايته عطلة رسمية إلى اليوم التالي لنهاية هذه العطلة.
(2) أسباب الإباحة وموانع العقاب "حق التأديب".
للزوج تأديب المرأة تأديباً خفيفاً على كل معصية لم يرد في شأنها حد مقرر. حد ذلك؟
(3) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قصد القتل. أمر خفي. لا يدرك بالحس الظاهر. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأيتها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاصه. موضوعي.
(4) نقض "المصلحة في الطعن". عقوبة "العقوبة المبررة".
لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بالقصور أو الفساد في الاستدلال في استظهار نية القتل. ما دامت العقوبة المقضي بها مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذه النية.
(5) رابطة السببية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر علاقة السببية". إثبات "بوجه عام". "خبرة". قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير علاقة السببية في المواد الجنائية. موضوعي. المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. غير جائزة.
مثال لتسبيب سائغ لتوافر علاقة السببية بين إصابة المجني عليه ووفاته الناشئة عن هذه الإصابة.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقديره. متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.
(7) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد.
عدم العثور على جثة المجني عليها كاملة. لا ينال من سلامة الحكم ما دامت المحكمة قد بينت بالأدلة التي أقنعتها بوقوع جناية القتل على شخص المجني عليها.
1 - من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ 6 من مارس سنة 1991، وقد قرر الطاعنة بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 13 من مارس سنة 1991 وقدم مذكرة بأسباب طعنه بتاريخ 20 من إبريل سنة 1991 - ولما كانت المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف أربعين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 15 من إبريل سنة 1991 بيد أنه لما كان ذلك اليوم يوافق وفقه عيد الفطر ثم تبعه عطلة عيد الفطر أيام 16، 17، 18 من ذات الشهر وكان يوم 19 من الشهر ذاته يوافق يوم جمعة وهو عطلة رسمية ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى يوم 20 من إبريل سنة 1991. لما كان ذلك، فإن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان قد تما في الميعاد القانوني ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
2 - من المقرر أنه وإن أبيح للزوج تأديب المرأة تأديباً خفيفاً على كل معصية لم يرد في شأنها حد مقرر إلا أنه لا يجوز له أن يضربها ضرباً فاحشاً ولو بحق - وحد الضرب الفاحش هو الذي يؤثر في الجسم ويغير لون الجلد وإذ كان الطاعن قد اعتدى على المجني عليها اعتداء بلغ من الجسامة الحد الذي أوردها حتفها فليس له أن يتعلل بما يزعمه له حقاً يبيح له ما جناه.
3 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم المطعون فيه دلل تدليلاً سائغاً وواضحاً على توافر نية القتل في حق الطاعن من قيامه بوثق المجني عليها من يديها وقدميها بالحبال وموالاة اعتدائه عليها بالضرب طوال الليل على رأسها بماسورة قاصداً من ذلك قتلها فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
4 - لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بالقصور أو الفساد في الاستدلال في استظهار نية القتل ما دامت العقوبة المقضي بها مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذه النية.
5 - إن علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض وكان ما قاله الحكم يوفر في حق الطاعن فعلاً عمدياً ارتبط بوفاة المجني عليها ارتباط السبب بالمسبب لأنه لولا الضرب لما حدثت الإصابة فإن في ذلك ما يسوغ به التدليل على توافر رابطة السببية ويكفي رداًَ على ما يثيره الطاعن من أن وفاة المجني عليها لم تكن بنتيجة لفعله ولا يغير من ذلك أن يكون ما ورد بتقرير الصفة التشريحية أن سبب وفاة المجني عليها قد جاء على سبيل الاحتمال.
6 - من المقرر أنه لمحكمة الموضوع سلطة الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندما وأكدته لديها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره.
7 - لا ينال من سلامة الحكم أن تكون جثة المجني عليها لم يعثر عليها كاملة ما دامت المحكمة قد بينت بالأدلة التي أقنعتها بوقوع جناية القتل على شخص المجني عليها.


"الوقائع"

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل عمداً....... بأن أوثق يديها وضرها في رأسها وجسدها بجسم صلب راض (مأسورة حديد وسلك) قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها، وإحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ 6 من مارس سنة 1991، وقد قرر الطاعن بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 13 من مارس سنة 1991 وقدم مذكرة بأسباب طعنه بتاريخ 20 من إبريل سنة 1991 - ولما كانت المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف أربعين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري كان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 15 من إبريل سنة 1991 بيد أنه لما كان ذلك اليوم يوافق وقفة عيد الفطر ثم تبعه عطلة عيد الفطر أيام 16، 17، 18 من ذات الشهر وكان يوم 19 من الشهر ذاته يوافق يوم جمعة وهو عطلة رسمية ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى يوم 20 من إبريل سنة 1991. لما كان ذلك، فإن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان قد تما في الميعاد القانوني ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه دانه بجريمة القتل العمد قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. ذلك أنه لم يكن يقصد قتل المجني عليها أو يتوقع موتها إنما كان يباشر حقه في تأديبها باعتبارها زوجته، وقد استدل الحكم على توافر نية القتل باستدلال فاسد، كما أن موت المجني عليها لم يكن نتيجة لفعله إذ أن سبب الوفاة حسما ورد بتقرير الصفة التشريحية جاء على سبيل الاحتمال بما تنتفي به رابطة السببية، هذا إلى أن أشلاء الجثة التي عثر عليها لا يمكن الجزم بأنها جثة المجني عليها لعدم العثور على الرأس خاصة وإن جزء الرأس المعثور عليه وجد خالياً من الأنسجة الرخوية والتي لا تزول - علمياً - إلا بعد مرور ستة أشهر على الوفاة وهو ما لا يتفق مع وجود أجزاء الجثة الأخرى في حالة التيبس الرمي. كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية لجريمة القتل العمد التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف الطاعن وتقرير الصفة التشريحية من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا يماري الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً في الأوراق. وكان من المقرر أنه وإن أبيح للزوج تأديب المرأة تأديباً خفيفاً على كل معصية لم يرد في شأنها حد مقرر إلا أنه لا يجوز له أن يضربها ضربا فاحشاً ولو بحق - وحد الضرب الفاحش هو الذي يؤثر في الجسم ويغير لون الجلد وإذ كان الطاعن قد اعتدى على المجني عليها اعتداء بلغ من الجسامة الحد الذي أوردها حتفها فليس له أن يتعلل بما يزعمه له حقاً يبيح له ما جناه. لما كان ذلك وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان الحكم المطعون فيه دلل تدليلاً سائغاً وواضحاً على توافر نية القتل في حق الطاعن من قيامه بوثق المجني عليها من يديها وقدميها بالحبال وموالاة اعتدائه عليها بالضرب طوال الليل على رأسها بما سوره قاصداً من ذلك قتلها فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بالقصور أو الفساد في الاستدلال في استظهار نية القتل ما دامت العقوبة المقضي بها مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذه النية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بالدليل الصحيح أن الطاعن ضرب عمداً المجني عليها على رأسها بما سوره حديدية وقد أثبت تقرير الصفة التشريحية أو وفاة المجني عليها تعزي إلى تعرضها حال حياتها لضربة شديدة في الرأس بجسم صلب راض كما سورة حديد أو ما أشبه ذلك مما أدى إلى حصول كسر متفتت بالجمجمة ونزيف بالمخ، وكانت علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض وكان ما قاله الحكم يوفر في حق الطاعن فعلاً عمدياً ارتبط بوفاة المجني عليها ارتباط السبب بالمسبب لأنه لولا الضرب لما حدثت الإصابة فإن في ذلك ما يسوغ به التدليل على توافر رابطة السببية ويكفي رداًَ على ما يثيره الطاعن من أن وفاة المجني عليها لم تكن نتيجة لفعله ولا يغير من ذلك أن يكون ما ورد بتقرير الصفة التشريحية أن سبب وفاة المجني عليها قد جاء على سبيل الاحتمال. إذ أن ذلك بفرض صحته مردود بما هو مقرر لمحكمة الموضوع سلطة الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره. لما كان ذلك، وكان الطاعن وإن أثار في دفاعه أمام محكمة الموضوع أن قطعة العظم المعثور عليها خالية من الأنسجة الرخوة لا يمكن أن تكون للمجني عليها لمرور يومين فقط على الوفاة إلا أنه لم يثر أمر تعارض وجود هذه القطعة على هذا الوصف مع وجود باقي أجزاء الجثة في حالة تيبس رمي فليس له من بعد أن يثير هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان لا ينال من سلامه الحكم أن تكون جثة المجني عليها لم يعثر عليها كاملة ما دامت المحكمة قد بينت بالأدلة التي أقنعتها بوقوع جناية القتل على شخص المجني عليها. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.