مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة أحكام المحكمة الإدارية العليا
السنة 32 - الجزء الثاني (أول مارس 1987 - 30 سبتمبر 1987) - صـ 1228

(187)
جلسة 16 من مايو سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد المهدي مليحي وحسن حسنين علي وفاروق عبد الرحيم غنيم والسيد السيد عمر - المستشارين.

الطعن رقم 1861 على 1924 لسنة 29 القضائية

آثار - حماية الآثار.
المادة (27) من القانون رقم 215 لسنة 1951 بشأن حماية الآثار. ناط المشرع بالجهة الإدارية المختصة سلطة الاستيلاء على أي أثر منقول يوجد بالأراضي المصرية متى كانت للدولة مصلحة في اقتنائه من الناحية القومية حتى ولو لم يرتكب مالك الأثر أية مخالفة لأحكام قانون حماية الآثار - يكون لهيئة الآثار بحكم اختصاصها الحق في استبقاء الآثار التي تم ضبطها في قضايا الآثار ريثما يتم فرزها وفحصها وتحديد قيمتها الأثرية والمالية - إذ أسفر الفحص عن تحقق مصلحة للدولة في اقتنائها من الناحية القومية فاستصدرت الهيئة القرار الوزاري اللازم للاستيلاء عليها والتعويض عنها طبقاً للقانون فلا مخالفة في ذلك لأحكام الدستور الخاصة بحماية الملكية الخاصة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 5 من مايو 1983 أودع الأستاذ علاء الدين نور المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/...... قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 1861 لسنة 29 القضائية ضد السيد/ رئيس هيئة الآثار المصرية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 15 من مارس 1983 في الدعوى رقم 1737 لسنة 33 القضائية والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار السلبي بامتناع هيئة الآثار عن الإفراج عن الآثار التي تم ضبطها في القضية رقم 161 لسنة 1959 جنح مركز العياط ورفض ما عدا ذلك من طلبات على الوجه المبين بالأسباب وإلزام المدعي والهيئة المدعى عليها المصروفات مناصفة بينهما، وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى الحكم بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن الإفراج عن كامل الآثار التي كانت بالحجرتين الكائنتين بمنزله بميت رهينة وتسليمه باقي محتوياتهما وهي التي تتمثل في 794 قطعة المستولى عليها بمعرفة الهيئة بالمحضر المؤرخ 29/ 2/ 1980 دون وجه حق وبإلزام المطعون ضده بالمصاريف والأتعاب.
وفي يوم الثلاثاء الموافق 10 من مايو 1983 أودعت إدارة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة بمقتضى القانون رقم 10/ 1986) نيابة عن السيد/ رئيس هيئة الآثار المصرية قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها برقم 1924 لسنة 29 القضائية ضد الطاعن في الطعن الأول وعن نفس الحكم، وطلب الطاعن لما أورده من أسباب في تقرير الطعن الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وأعلن الطعنان قانوناً وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في كل منهما فارتأت بالنسبة إلى الطعن الأول الحكم بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات، واقترحت بالنسبة إلى الطعن الثاني الحكم برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام جهة الإدارة في الحالتين بالمصروفات. وعرض الطعن رقم 1861 لسنة 29 القضائية أولاً على دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 18/ 3/ 1985 وتداول بالجلسات طبقاً للمحاضر حتى قررت بجلسة 17/ 11/ 1986 ضم الطعن رقم 1924 لسنة 29 القضائية إلى الطعن رقم 1861 لسنة 29 القضائية ليصدر فيهما حكم واحد ثم قررت بجلسة 6/ 4/ 1987 إحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) لنظرهما بجلسة 18/ 4/ 1987. وفي هذه الجلسة نظرتهما المحكمة على الوجه المبين بمحضرها وبعد أن سمعت ما رأت لزومه من إيضاحات قررت في ذات الجلسة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 11/ 7/ 1979 أقام....... الدعوى رقم 1737 لسنة 33 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ضد رئيس هيئة الآثار المصرية طالباً الحكم بإلغاء قراره بالامتناع عن فتح الحجرتين الكائنتين بمنزله بميت رهينة وتسليمه محتوياتهما وما يترتب على ذلك من آثار أهمها مباشرته حق الملكية على الحجرتين وما بهما مع إلزام المدعى عليه بالمصاريف والأتعاب. ثم عدل طلباته إلى طلب الحكم بالإفراج عن عدد 794 قطعة التي استولت عليها هيئة الآثار بتاريخ 29/ 2/ 1980 وردها إليه مع إلزام الهيئة بالمصروفات والأتعاب. وأوضح أنه خلال عامي 1959 و1971 اتهم باقتناء قطع أثرية مقلدة وبالاتجار فيها بدون ترخيص وتحفظت مصلحة الآثار على ما تم ضبطه لديه وقدمته النيابة العامة للمحاكمة في القضيتين رقمي 161 لسنة 1959 جنح مركز العياط و53 لسنة 1971 جنح البدرشين. وحوكم في القضية الأولى عن أربع تهم تتعلق بسرقة آثار والاتجار بها بدون ترخيص وقضت محكمة أول درجة في 20/ 2/ 1981 بتغريمه ستين جنيهاً عن التهم الأربع والمصادرة. فاستأنف وقيد طعنه برقم 566 لسنة 1961 جنح مستأنف الجيزة وقضت المحكمة الاستئنافية في 5/ 6/ 1963 بإلغاء الحكم المستأنف وببرائته من التهم الأولى والثانية والرابعة وبتغريمه عشرين جنيهاً عن التهمة الثالثة. أما في القضية الثانية فقد نسب إليه أنه يوم 9/ 11/ 1969 بدائرة مركز البدرشين.
1 - أخفى الآثار المسروقة الموضحة بالمحضر والمملوكة للدولة.
2 - اقتنى آثاراً ليست محلاً للملكية الخاصة.
3 - قام بالاتجار في الآثار بغير ترخيص من الجهة المختصة وقضت محكمة أول درجة في 23/ 10/ 1973 بحبسه سنة مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ وتغريمه عشرين جنيهاً وإزالة أسباب المخالفة ورد الشيء وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ وتغريمه عشرين جنيهاً وإزالة أسباب المخالفة ورد الشيء لأصله خلال شهر. فاستأنف الحكم المطعون وقيد رقم 1603 لسنة 1974 جنح مستأنف الجيزة وفي 26/ 4/ 1975 قضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف وببرائته من التهمة الأولى وبتغريمه عشرين جنيهاً عن التهمتين الثانية والثالثة وإزالة أسباب المخالفة ورد الشيء إلى أصله خلال شهر.
وأضاف أنه كان يتعين على هيئة الآثار أن تبادر إلى تنفيذ هذين الحكمين بالإفراج عن الآثار التي تحفظت عليها بمنزله خصوصاً وأن النيابة العامة أمرت بتسليمها له وأنه طالب بذلك أكثر من مرة. ثم انذرها بتاريخ 23/ 6/ 1979 طالباً بالإفراج الفوري عن هذه الآثار خلال مدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً وإلا اعتبر رفض الجهة الإدارية بمثابة مصادرة، إلا أنه تلقى كتاب الهيئة المؤرخ 8/ 2/ 1980 المتضمن صدور أمر إداري منها برقم 70 لسنة 1979 بتشكيل لجنة لجرد وفرز الآثار المحتجزة بمنزله وقد قامت اللجنة بتسليمه 127 قطعة آثار واستولت على 794 قطعة بمقولة أنها من القطع الأثرية وهي محل طلباته المعدلة. وعقبت إدارة قضايا الحكومة بأن المدعي أدين بحكم نهائي صدر في 5/ 6/ 1963 عن تهمة حيازة آثار وضبطت لديه دون الاستدلال على تدوينها بالسجل المعد لذلك بالمخالفة لأحكام القانون رقم 215 لسنة 1951 بشأن حماية الآثار وصدر قرار بالتحفظ عليها بعد ضبطها لديه تمهيداً لاتخاذ إجراءات الاستيلاء عليها طبقاً للمادة 27 من القانون المذكور نظراً لقيمتها التاريخية. فيكون ادعاؤه بأن هذه الآثار قد صودرت بالمخالفة للقانون أو الدستور على غير أساس كما أبدت هيئة الآثار دفاعاً يخلص في أنها شكلت لجنة من الأثريين بتاريخ 29/ 2/ 1980 قامت بإخلاء منزل المدعي من الآثار وسلمته القطع المقلدة بموجب إيصال، أما الآثار الحقيقية فقد تم نقلها إلى مخازن آثار سقارة تمهيداً لاستصدار قرار وزاري بالاستيلاء عليها نظير تعويض يصرف له طبقاً للمادة 2 من قانون حماية الآثار رقم 215/ 1951. وبجلسة 15/ 3/ 1983 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل. وأقامته على أنه لا يبين من الأوراق أن هيئة الآثار أصدرت قراراً بالاستيلاء على هذه الآثار فتكون حقيقة طلبات المدعي - بحسب التكييف السليم - طلب إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تسليمه الآثار موضوع التداعي، وهو على هذا النحو لا يتقيد الطعن فيه بميعاد. وبالنسبة للموضوع فقد قام الحكم على أن الثابت من الأوراق أن الآثار التي يطالب بها المدعي كان قد تم ضبطها في حيازته في القضيتين 161 لسنة 1959 جنح مركز العياط و53 لسنة 1971 جنح البدرشين وقضت محكمة جنح مركز العياط بجلسة 20/ 2/ 1961 في القضية الأولى بتغريمه ستين جنيهاً عن التهم المنسوبة إليه فضلاً عن مصادرة الآثار المضبوطة. تم قضى في الاستئناف رقم 566 لسنة 1961 جنح مستأنف الجيزة بتعديل الحكم المستأنف إلى غرامة عشرين جنيهاً وبإلغاء عقوبة المصادرة وفي القضية الثانية قضت محكمة البدرشين بجلسة 23/ 10/ 1973 بحبسه سنة مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات وبتغريمه عشرين جنيهاً وإزالة أسباب المخالفة ورد الشيء إلى أصله خلال شهر فاستأنفه وقيد طعنه برقم 1603 لسنة 1974 جنح مستأنف الجيزة. وقضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وببراءته من تهمة إخفاء آثار مسروقة، وبتغريمه عشرين جنيهاً عن تهمتي اقتناء آثار ليست محلاً للملكية الخاصة والاتجار في الآثار بغير ترخيص مع إزالة أسباب المخالفة ورد الشيء إلى أصله. وطبقاً للمادتين 30 و32 من القانون رقم 215 لسنة 1951 بشأن حماية الآثار - ومع غياب النص في القانون على المصادرة فإنه إذا أدين شخص بتهمة حيازة آثار فإن المحكمة تقضي فضلاً عن العقوبة الجنائية بإزالة أسباب المخالفة مع إعادة الآثار التي تم ضبطها على الأماكن التي كانت توجد بها أصلاً أو بتسليمها إلى هيئة الآثار باعتبارها الأمينة على هذه الثروة القومية. فإذا كان الثابت أنه قضى استئنافياً في القضية رقم 161 لسنة 1959 جنح مركز العياط بإلغاء عقوبة المصادرة فلا محل لاستيلاء المدعى عليها على الآثار التي تم ضبطها على ذمة القضية. أما الآثار التي ضبطت في القضية رقم 53 لسنة 1971 جنح البدرشين المحكوم فيها ابتدائياً واستئنافياً بإزالة أسباب المخالفة ورد الشيء إلى أصله، فالاستيلاء عليها يكون قد تم موافقاً لحكم القانون وتنفيذاً لما قضت به المحكمة، ويقتضي ذلك إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن الإفراج عن الآثار التي تم ضبطها في القضية الأولى دون الثانية..
ومن حيث إن الطعن رقم 1861 لسنة 29 القضائية يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه للسببين الآتيين: -
الأول: الخطأ في تفسير وتطبيق المادة 32 من القانون رقم 215 لسنة 1951 بشأن حماية الآثار فهي إذ تنص على أنه في جميع الأحوال تقضي المحكمة على المخالف بإزالة أسباب المخالفة ورد الشيء إلى أصله لا تعني تسليم الآثار للهيئة المطعون ضدها وإنما رد الحال إلى ما كان عليه في المخالفات المنصوص عليها في الفقرات و2 و4 و5 من المادة 30 من القانون المشار إليه. وهي المخالفات والمصادرة قضى استئنافياً (الاستئناف رقم 566 لسنة 1961 جنح مستأنف الجيزة) بإلغاء الحكم المستأنف وببراءته من التهم الأولى والثانية والرابعة وبتغريمه عشرين جنيهاً عن التهمة الثالثة كما اتهم في القضية رقم 53 لسنة 1971 جنح البدرشين بأنه في يوم 9/ 11/ 1961 بدائرة مركز البدرشين ارتكب الأفعال الآتية: -
1 - أخفى الآثار المسروقة الموضحة بالمحضر والمملوكة للدولة وكان ذلك بقصد الإساءة.
2 - اقتنى آثاراً ليست محلاً للملكية الخاصة.
3 - قام بالاتجار في الآثار بغير ترخيص من الجهة المختصة وقضت محكمة أول درجة بحبسه سنة مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ وبتغريمه عشرين جنيهاً وإزالة أسباب المخالفة ورد الشيء إلى أصله خلال شهر ثم قضت محكمة الجنح المستأنفة (الاستئناف رقم 1203 لسنة 1974 جنح مستأنف الجيزة) بإلغاء الحكم المستأنف وببراءته من التهمة الأولى وبتغريمه عشرين جنيهاً عن التهمتين الثانية والثالثة وبإزالة أسباب المخالفة ورد الشيء إلى أصله خلال شهر. وتضمنت أسباب هذا الحكم أن المتهم ضبط في حالة تلبس وأقر بحيازته للآثار المضبوطة ولا يوجد ما يستدل منه على صحة دفاعه من أن تلك ثابتة بالسجل المعد لذلك من مصلحة الآثار.
ولم تفرج الهيئة عن هذه الآثار على أثر الحكمين الصادرين في القضيتين المشار إليهما وشكلت بتاريخ 29/ 2/ 1980 لجنة فنية متخصصة في الآثار لجرد وفرز الآثار المذكورة وقامت بتسليم المدعي القطع المقلدة وعددها 106 قطعة وأخلت منزله من الآثار الحقيقية وعددها 794 قطعة تم نقلها وإيداعها مخزن منطقة آثار سقارة، وبتاريخ 28/ 10/ 1982 قامت اللجنة التي شكلتها الهيئة لفحصها ودارستها وتثمينها بتصفيتها إلى مجموعة متجانسة لإمكان تثمينها وقدرت قيمتها بمبلغ 782 جنيه بعد استبعاد ما وجد منها متآكلاً وبحالة سيئة وأوصت بأن تؤول القطع الأثرية المذكورة إلى هيئة الآثار المصرية التي اتخذت بعد ذلك إجراءات الاستيلاء عليها واستصدرت قرار وزير الدولة للثقافة رقم 302 لسنة 1982 بالاستيلاء عليها والتعويض عنها طبقاً لأحكام المادة 27 من القانون رقم 215/ 1951 بشأن حماية الآثار الساري في ذلك الحين. وبذلك فإن موقف الهيئة المدعى عليها بشأن الآثار التي يطالب المدعي بتسليمها له بعد الحكم في القضيتين المشار إليهما لا تثريب عليه، كما أن قرار وزير الدولة للثقافة رقم 302 لسنة 1982 الصادر بتاريخ 27/ 11/ 82 بالاستيلاء على هذه الآثار لمصلحة الدولة القومية يساند هذا الموقف ويطابق أحكام قانون حماية الآثار المشار إليه: ذلك أن الآثار المذكورة تم ضبطها لما نسب إلى المدعي من مخالفات تتعلق بأحكام هذا القانون. وصدر الحكم الجنائي النهائي في القضية الأولى ولم ينف عنها وصف الآثار ولم يكشف عن قيمتها الأثرية الحقيقية وقضى بالغرامة في إحدى وقائع هذه القضية. كذلك صدر الحكم النهائي في القضية الثانية وقضى فضلاً عن الغرامة في تهمتي اقتناء آثار ليست محلاً للملكية الخاصة والاتجار في الآثار بدون ترخيص بإزالة أسباب المخالفة ورد الشيء إلى أصله خلال شهر فقطع بذلك بوجود آثار في حوزة المدعي تقع تحت طائلة القانون المشار إليه وبأن الأمر يقتضي إزالة أسباب المخالفة بشأنها وردها إلى وصفها الذي كانت عليه أصلاً عملاً بأحكام المادتين 30 و32 من القانون المذكور. وبغض النظر عما أثاره المدعي عن هذين الحكمين - وقوله فيها غير سديد - فقد خول هذا القانون للجهة الإدارية المختصة سلطة تستقل بها ولا يرتبط مباشرتها لها بارتكاب أية مخالفات لأحكامه إذ نصت المادة 27 منه على أن لوزارة المعارف العمومية أن تستولى على أي أثر منقول يوجد بالأراضي المصرية إذا كان للدولة مصلحة في اقتنائه من الناحية القومية ويكون بقرار من وزير المعارف العمومية بناء على اقتراح المصلحة المختصة على أن تقدر اللجنة المنصوص عليها في المادة 10 قيمة التعويض الذي يمنح لمالك الأثر ويصبح قرار اللجنة نهائياً إذا لم يعارض فيه مالك الأثر خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إبلاغه قرارها بكتاب موصى عليه ومصحوب بعلم وصول وتكون المعارضة أمام المحكمة الابتدائية المختصة وتنظرها على وجه السرعة فهذا النص ناط بالجهة الإدارية المختصة سلطة الاستيلاء على أي أثر منقول يوجد بالأراضي المصرية متى كان للدولة مصلحة في اقتنائه من الناحية القومية ولو لم يرتكب مالك الأثر أية مخالفة لأحكام هذا القانون، ومن ثم فمن باب أولى يكون لهيئة الآثار بحكم اختصاصها الحق في أن تستبقى الآثار التي تم ضبطها في قضايا الآثار ريثما يتم فرزها وفحصها وتحديد قيمتها الأثرية والمالية. فإذا ما أسفر ذلك عن تحقق مصلحة للدولة في اقتنائها من الناحية القومية واستصدرت القرار الوزاري اللازم للاستيلاء عليها والتعويض عنها على مقتضى أحكام المادة المذكورة فلا تكون قد خالفت أحكام الدستور أو القانون أو ما قضى به الحكم الصادر في الدعوى الجنائية وعلى ذلك فإن الحكم الذي صدر سواء في القضية الأولى أو الثانية لا يقف عقبة دون استعمال الجهة الإدارية المختصة لسلطاتها القانونية طالما أن الأمر كله مردة إلى قانون حماية الآثار بما أشتمل عليه من تنظيم وتكامل تضمن المخالفات المعاقب عليها وتحديد العقوبات وأوجب على المحكمة أن تقضي بإزالة أسباب المخالفة وبإعادة الحال إلى ما كان عليه أصلاً وخول الجهة الإدارية المختصة في نفس الوقت سلطة الاستيلاء على أي أثر منقول ثبت أن للدولة مصلحة في اقتنائه من هذه الناحية. وبذلك يكون الحكم المطعون إذ قضى بغير هذا النظر فيكون في هذا الصدد قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيتعين الحكم بإلغائه أما ما قضى فيه برفض طلبات المدعي (الطاعن في الطعن الأول) فقد قام على سند سليم من القانون وبذلك تصبح جميع طلبات المدعي الأصلية متعينة الرفض فيتعين الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين رقمي 1861 و1924 لسنة 29 القضائية شكلاً وفي موضوعها بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء القرار السلبي بامتناع هيئة الآثار عن الإفراج عن الآثار التي تم ضبطها في القضية رقم 161 لسنة 1959 جنح مركز العياط ويرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.