أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 221

جلسة 6 من فبراير سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس وفتحي الصباغ نواب رئيس المحكمة.

(33)
الطعن رقم 3838 لسنة 62 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن دون إيداع الأسباب. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام الحكم بأن يورد من أقوال الشهود. إلا ما يقيم عليه قضاءه.
(3) سرقة بإكراه. قصد جنائي. جريمة "أركانها".
القصد الجنائي في جريمة السرقة. ماهيته؟
تحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد. غير لازم. كفاية أن يكون مستفاداً منه.
(4) سرقة بإكراه. ظروف مشددة "إكراه". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ركن الإكراه في السرقة. تحدث الحكم استقلالاً عنه. غير لازم. حد ذلك؟
ظرف الإكراه في السرقة. ظرف عيني متعلق بالأركان المادية للجريمة. سريان حكمه على كل من ساهم في الجريمة. ولو وقع من أحدهم فقط. ولو لم يعلم به.
(5) حكم "ما لا يعيبه". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات في بعض تفاصيلها. لا يقدح في سلامة الحكم. حد ذلك؟
(6) إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الاعتراف". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال. لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها.
إثارة الطاعن ترك الإكراه إصابات أثبتت بمحضر الاستدلالات لأول مرة أمام النقض. غير جائز.
(7) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه". "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في الإسناد. متى لا يعيب الحكم؟
خطأ الحكم في الإسناد الذي لم يكن له أثر في منطق الحكم واستدلاله. النعي عليه. غير مقبول.
1 - لما كان الطاعن الأول....... ولئن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه، مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً، عملاً بالمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
2 - لا يلتزم الحكم بحسب الأصل بأن يورد من أقوال الشهود إلا ما يقيم عليه قضاءه من بعد اطمئنانه إليه
3 - إن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه، ولا يشترط تحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه.
4 - لا يلزم أن يتحدث الحكم عن ركن الإكراه في السرقة استقلالاً ما دامت مدوناته تكشف عن توافر هذا الركن وترتب جريمة السرقة عليه، وكان الحكم قد استظهر أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر اعتدياً بالضرب بأداة على المجني عليه وتمكناً من سرقة سلاحه الناري من بعد أن أسقطاه أرضاً، وهو ما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة بالإكراه، فإنه لا يعيب الحكم من بعد عدم تحدثه صراحة عن نية السرقة وظرف الإكراه، فضلاً عن أن هذا الظرف في السرقة، إنما هو من الظروف العينية المتعلقة بالأركان المادية للجريمة، وهو بهذا الوصف لاحق بنفس الفعل وسار في حق كل من ساهموا معه ولو كان وقوعه من أحدهم فقط ولو لم يعلم به، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
5 - إن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث يثبت البعض ما ينفيه البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، فضلاً عما هو مقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام لم يركن إليها في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة -، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل.
6 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولما كانت المحكمة قد أطرحت دفاع المحكوم عليه الأول ببطلانه اعترافه للإكراه لخلو الأوراق من دليل على صحته، واستخلصت سلامة اعترافه، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد، ولا يقدح في ذلك، ما قرره الطاعن في أسباب طعنه من أن الإكراه قد ترك بالمحكوم عليه الأول إصابات أثبتت بمحضر الاستدلالات، ذلك بأنه لم يثر هذه الواقعة أمام محكمة الموضوع لتقول كلمتها في الصلة بين الاعتراف وبين تلك الإصابات المقول بها، بما لا يجوز للطاعن أن يثيرها لأول مرة أمام محكمة النقض.
7 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن ما ينعاه عليه الطاعن من خطئه في الإسناد فيما نقله عن الشاهدين....... و....... - على النحو الذي أشار إليه في أسباب طعنه -، وعلى فرض وجوده، لم يكن له أثر في منطق الحكم واستدلاله على ارتكاب الطاعن للحادث، فإنه ما يثيره في هذا النعي لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما...... سرقا السلاح والذخيرة المبينة الوصف والقدر بالأوراق المسلمة لـ........ بحكم وظيفته بالإكراه بأن قاماً بضربه بجسم صلب على رأسه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وتمكناً بهذه الوسيلة من الاستيلاء على الذخيرة سالفة الذكر.. المتهم الأول أيضاً: ( أ ) - أحرز بغير ترخيص سلاح ناري مششخن "مسدس" (ب) - أحرز ذخائر "عدد 44 طلقة" مما تستعمل على السلاح الناري سالفة الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه: 3 - المتهم الثاني أيضاً أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة" وأحالتها إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 314 عقوبات، 1/ 1، 6، 25 مكرر 1/ 1، 26/ 2 - 5، 30 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل بالقانونين 26 سنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 والبند أ من الجدول رقم 1 الملحقين به مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبمصادرة السلاحين المضبوطين.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الأول.......... ولئن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه، مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً، عملاً بالمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
ومن حيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثاني...... قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن هذا الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدانه بجريمة السرقة بطريق الإكراه، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والبطلان ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك بأنه لم يورد تفاصيل إخبار المجني عليه الواقعة إلى شهود الإثبات حتى يبين مدى تأييدها للواقعة ومبلغ اتفاقها مع باقي أدلة الثبوت، ولم يستظهر توافر نية السرقة لدى الطاعن أو اتفاقه على السرقة مع المتهمين الآخرين ولا علاقة السببية بين الإكراه والسرقة كما أن الحكم تناقض في أسبابه في شأن أداة ضرب المجني عليه وعدد المتهمين والحالة التي كانوا عليها عند ارتكاب الحادث فضلاً عن أن المحكوم عليه دفع بأن اعترافه كان وليد الإكراه الذي ترك به إصابات ثابتة بمحضر الاستدلالات الذي حصلت النيابة مضمونة بتحقيقاتها، إلا أن المحكمة أطرحت هذا الدفع بما لا يسوغ ودون تحقيق واقعة الإكراه رغم تعويلها في إدانة الطاعن على ذلك الاعتراف هذا، وقد حصل الحكم أقوال الرقيب أول....... بأنه رأى إتلاف كشك الحراسة وتلوث أرضيته بالدماء، وأن المجني عليه أخبره أن مجهولين اعتدوا عليه وسرقوا سلاحه الناري في حين أنه قرر بمحضر الاستدلالات والتحقيقات بعدم رؤية المجني عليه في مكان حراسته ولم يلتق به، كما أن الحكم حدد مكان لقاء المجني عليه بالشاهد....... - على خلاف ما قرره هذا الشاهد في التحقيقات - كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة بإكراه التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من شهادة المجني عليه وأقوال شهود الإثبات ومن إقرار المحكوم عليه الأول بارتكابه الجريمة والمحكوم عليه الثاني - الطاعن - وإقرار الأخير بتواجده على مسرح الجريمة، ومن تقرير المعمل الجنائي ومن الكشف الطبي على المجني عليه، وقد أورد الحكم كل دليل في بيان كاف، ومن ضمنها شهادة المجني عليه والذي حصلها على نحو يكفي لبناء قضاءه، إذ لا يلتزم الحكم بحسب الأصل بأن يورد من أقوال الشهود إلا ما يقيم عليه قضاءه من بعد اطمئنانه إليها. وكان القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه، ولا يشترط تحدث الحكم استقلالاً عن هذا القصد بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم عن ركن الإكراه في السرقة استقلالاً ما دامت مدوناته تكشف عن توافر هذا الركن وترتب جريمة السرقة عليه، وكان الحكم قد استظهر أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر اعتدياً بالضرب بأداة على المجني عليه وتمكناً من سرقة سلاحه الناري من بعد أن أسقطاه أرضاً، وهو ما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة بالإكراه. فإنه لا يعيب الحكم من بعد عدم تحدثه صراحة عن نية السرقة وظرف الإكراه، فضلاً عن أن هذا الظرف في السرقة، إنما هو من الظروف العينية المتعلقة بالأركان المادية للجريمة، وهو بهذا الوصف لا حق بنفس الفعل وسار في حق كل من ساهموا معه ولو كان وقوعه من أحدهم فقط ولو لم يعلم به، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث يثبت البعض ما ينفيه البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، فضلاً عما هو مقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام لم يركن إليها في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة -، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المحكوم عليه الأول قد أورد الدفع ببطلان اعترافه لأنه وليد الإكراه في عبارة عامة مرسلة لا تستند إلى وقائع محددة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولما كانت المحكمة قد أطرحت دفاع المحكوم عليه الأول ببطلانه اعترافه للإكراه لخلو الأوراق من دليل على صحته، واستخلصت سلامة اعترافه، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد، ولا يقدح في ذلك، ما قرره الطاعن في أسباب طعنه من أن الإكراه قد ترك بالمحكوم عليه الأول إصابات أثبتت بمحضر الاستدلالات، ذلك بأنه لم يثر هذه الواقعة أمام محكمة الموضوع لتقول كلمتها في الصلة بين الاعتراف وبين تلك الإصابات المقول بها، بما لا يجوز للطاعن أن يثيرها لأول مرة أمام محكمة النقض، بخاصة أن الحكم المطعون فيه لم يشر إلى وجود إصابات بالمتهم على نحو يرشح إلى وجود صلة بينها وبين اعترافه لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن ما ينعاه عليه الطاعن من خطئه في الإسناد فيما نقله عن الشاهدين...... و....... - على النحو الذي أشار إليه في أسباب طعنه -، وعلى فرض وجوده، لم يكن له أثر في منطق الحكم واستدلاله على ارتكاب الطاعن للحادث، فإنه ما يثيره في هذا النعي لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.