أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 232

جلسة 8 من فبراير سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب نائب رئيس المحكمة وفتحي حجاب وعمر بريك ويوسف عبد السلام.

(35)
الطعن رقم 4190 لسنة 62 القضائية

(1) قتل عمد. إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات وصدوره اختياراً. موضوعي.
(2) ظروف مشددة. سبق إصرار. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق الإصرار. حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني. استفادتها من. وقائع وظروف خارجية.
(3) عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن". قتل عمد. سبق إصرار.
انعدام مصلحة الطاعن في المجادلة من توافر سبق الإصرار. ما دامت العقوبة الموقعة عليه تدخل في الحدود المقررة للقتل العمد مجرداً من أي ظرف مشدد.
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إجراءات "إجراءات المحاكمة". مأمورو الضبط القضائي. استجواب.
حق مأمور الضبط القضائي في أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه. دون أن يستجوبه. المادة 29 إجراءات.
الاستجواب المحظور. ماهيته؟
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود".
حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه. عدم التزام محكمة الموضوع بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
(6) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
النعي على دليل لم يعول عليه الحكم. غير مقبول.
(7) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة.
(8) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً صريحاً.
(9) إجراءات المحاكمة. محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجوب إعلان الشهود الذين لم يدرجوا في القائمة على يد محضر على نفقة الخصوم. المادة 241/ 2 مكرراً إجراءات. إعلانهم من قبل المتهم لا يتوقف على تصريح من المحكمة.
قعود المتهم عن سلوك السبيل الذي رسمه القانون في المادة سالفة الذكر. لا تثريب على المحكمة إن لم تستجب لطلب التأجيل لسماع شهود.
(10) علاقة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
علاقة السببية في المواد الجنائية. مناط تحققها؟ تقديرها. موضوعي.
(11) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها.
(12) إثبات "معاينة. "إجراءات التحقيق" بطلان.
إجراء المعاينة في غيبة المتهم. لا بطلان. ما يملكه هو المتمسك لدى محكمة الموضوع بما شاب المعاينة التي تمت في غيبته من نقض أو عيب.
1 - من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تمتلك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها بهذه المثابة أن تقرر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه أو إلى غيره من المتهمين قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله.
2 - من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما مستفاد من وقائع وظروف خارجية ويستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج.
3 - لما كانت العقوبة المقضي بها على الطاعنين - وهي الأشغال الشاقة المؤبدة - تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجرد من أي ظروف مشددة فإنه لا يكون للطاعنين الثاني والثالث مصلحة فيما يثيره من فساد الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار.
4 - من المقرر أن لمأمور الضبط القضائي عملاًً بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه، وكان الاستجواب المحظور هو الذي يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التي تساق عليه دليلاً ليقول كلمته فيها تسليماً بها أو دحضاً لها.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، وهي غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعنين على معاينة الشرطة المؤرخة 24/ 9/ 1988 فإن ما ينعاه الطاعنان الأول والثاني بشأنها بفرض صحة قولهما - يكون غير مقبول.
7 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
8 - لما كان ما ينعاه الطاعن الثالث بشأن تلفيق الاتهام مردوداً بأن هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى ومن ثم فهو لا يستوجب رداً صريحاً من المحكمة اكتفاء بقضائها بالإدانة للأسباب السائغة التي استندت إليها.
9 - لما كانت الفقرة الثانية من المادة 214 مكرراً ( أ ) من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 التي جرى نصها بالآتي: وعلى الخصوم أن يعلنوا شهودهم الذين لم تدرج أسماؤهم في القائمة سالفة الذكر على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى وذلك مع تحمل نفقات الإعلان وإيداع مصاريف انتقال الشهود فإن هذا النص صريح في وجوب قيام المتهم بإعلان من يطلب سماعه من الشهود الذين لم يدرجوا في القائمة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية - المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 السالف الإشارة إليه - على يد محضر بالحضور في بالجلسة المحددة لنظر الدعوى مما لا يتصور معه أن يتوقف إعلانهم من قبله على تصريح من المحكمة وإذ كان ذلك ، وكان الطاعن الثالث لم يسلك الطريق الذي رسمه القانون في الفقرة الثانية من المادة 214 مكرراً ( أ ) من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للشهود الذي طلب إلى محكمة الجنايات سماعهم ولم تدرج أسماؤهم في قائمة الشهود، فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تستجب إلى طلب التأجيل لسماعهم ويضحى تعييب الحكم المطعون فيه بالقصور والإخلال بحق الدفاع غير سديد.
10 - من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذ ما أتاه عمداً وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، وإذ كان الواضح من مدونات الحكم أنه استظهر علاقة السببية بين إصابات المجني عليه التي أورد تفاصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وأفعال إعطاء المادة المهدئة والضرب وإلقاء التراب على المجني عليه التي قارفها الطاعنون وبين وفاته فأورد من وقائع ذلك التقرير أن وفاة المجني عليه تتفق مع التصوير من إعطائه مادة مهدئة ثم ضربه على رأسه بالجاروف ثم كتم نفسه بإلقاء التراب عليه فإنه ينحسر عن الحكم ما يثيره الطاعن الثالث من قصور في هذا الصدد.
11 - لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص اعتماد الحكم على تقرير الصفة التشريحية مع أنه بني على الترجيح لا القطع ففضلاً عن أن الطبيب الشرعي قد قطع بذلك في تقريره فهو مردود بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً.
12 - من المقرر أن المعاينة التي تجريها النيابة لمحل الحادث لا يلحقها البطلان بسبب غياب المتهم، إذ أن تلك المعاينة ليست إلا إجراء من إجراءات التحقيق يجوز للنيابة أن تقوم به في غيبة المتهم وإذ هي رأت لذلك موجباً، وكل ما يكون للمتهم هو أن يتمسك لدى محكمة الموضوع بما قد يكون في المعاينة من نقض أو عيب حتى تقدرها المحكمة وهي على بينة من أمرها كما هو الشأن في سائر الأدلة الأخرى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم قتلوا عمداً مع سبق الإصرار...... بأن بيتوا النية على قتله وأعدت المتهمة الأولى أقراصاً مهدئة (مادة أتيفان) ووضعته للمجني عليه في كوب عصير وما أن غاب عن وعيه حتى قام المتهمون الآخرون بنقله من القاهرة بسيارة إلى منطقة خالية بمدينة العاشر من رمضان ووضعوه في حفرة وما كان ليفيق حتى لاحقه المتهم الرابع بضربه على رأسه بآلة حادة (جاروف) وأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي ثم وضعوا التراب عليه مما أدى إلى كتم نفسه والتي أودت بحياته وإحالتهم إلى محكمة الجنايات الزقازيق لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت أرملة المجني عليه عن نفسها وبصفتها وصية على بناتها القصر وكذلك أشقائه مدنيا قبل المتهمين بمبلغ مائتي ألف جنيه على سبيل التعويض. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون أولاًَ: بمعاقبتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة ثانياً: - بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة لنظرها. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات الزقازيق لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة (بهيئة أخرى) قضت حضورياً عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة المؤبدة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية).


المحكمة

وحيث إن مبنى أوجه الطعن التي تضمنتها تقارير الأسباب الثلاثة المقدمة من الطاعنين هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانهم بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وقد شابه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه تساند إلى ما عزى من اعتراف الطاعنين الأول والثاني رغم بطلانه لصدوره وليد إكراه وتعذيب وأطرح دفاعهما بما لا يصلح رداً وبما يخالف الثابت بالأوراق، واستدل الحكم على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين الثاني والثالث بما لا يسوغ سنداً لقيامه. وعول الحكم على اعتراف الطاعنين رغم بطلانه إذ كان وليد استجواب محظور على رجل الضبط القضائي وعول الحكم على أقوال زوج المجني عليه محصلاً إياه بما يفيد قصر الاتهام على الطاعنة الأولى في حين إنها اتهمت آخرين، والتفت الحكم عن دفاع الطاعنين الأولى والثاني ببطلان محضر معاينة الشرطة المؤرخ 24/ 9/ 1988، وأغفل الحكم دفاعهما القائم على أن الجثة ليست للمجني عليه، والتفت الحكم عن دفاع الطاعن الثالث بخصوص تلفيق الاتهام ورد الحكم على طلبه بسماع شهود نفي لا يصلح رداً، ورد على دفاعه باستحالة معرفة سبب الوفاة بما لا يسوغه، وعول الحكم على المعاينة التصويرية التي أجرتها النيابة العامة بتاريخ 8/ 10/ 1988 رغم بطلانها لإجرائها في غيبته. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعنين بما أورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وإقرار الطاعنين الأولى والثاني بارتكاب الحادث وما تبين من معاينة النيابة العامة لمكان الحادث وما ثبت من تقريري الصفة التشريحية والمعمل الكيماوي وضبط الشيكات وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما دفع به الطاعنون من بطلان اعتراف المتهمين الأولى والثاني ورد عليه رداً كافياً سائغاً في تفنيده وفي نفي أية صلة بأي نوع من الإكراه وله صداه وأصله الثابت في الأوراق، وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تمتلك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها بهذه المثابة أن تقرر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه أو إلى غيره من المتهمين قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما مستفاد من وقائع وظروف خارجية ويستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج وإذ كان الحكم المطعون فيه قد كشف عن توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين الثاني والثالث وقد ساق لإثباته قبلهما من الأدلة والقرائن ما يكفي لتحققه قانوناً. ومن ثم فإن نعي الطاعنين في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكانت العقوبة المقضي بها على الطاعنين - وهي الأشغال الشاقة المؤبدة - تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مجرد من أي ظروف مشددة فإنه لا يكون للطاعنين الثاني والثالث مصلحة فيما يثيراه من فساد الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار. لما كان ذلك وكان لمأمور الضبط القضائي عملاًً بالمادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه، وكان الاستجواب المحظور هو الذي يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التي تساق عليه دليلاً ليقول كلمته تسليماً بها أو دحضاً لها، وكان البين من مطالعة الأوراق والمفردات المضمومة أن الحادث وقع في الاختصاص المكاني للشاهد الأول الذي تحرى عنه وإذ كشفت تحرياته عن أن مرتكبي الحادث هم الطاعنين والحدث الذين اعترفوا له بذلك فقد سجل ذلك في محضر عرضه على النيابة العامة فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان البين من المفردات المضمومة أن الشاهدة زوج المجني عليه ذكرت في محضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة أن الاتهام ينحصر في الطاعنة الأولى وزوجها وأولادها فإن إسناد الحكم إلى الشاهدة المذكورة اتهاماً للطاعنة الأولى بقتل المجني عليه يكون له معينه الصحيح من أقوالها بمحضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة ويكون منعى الطاعنين الأولى والثاني في هذا الخصوص على غير أساس. هذا فضلاً عن أن لمحكمة الموضوع أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، وهي غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه، فإنه لا على المحكمة إن هي أغفلت من رواية الشاهد اتهامها زوج الطاعنة الأولى وأولادها وأخذت بما قررته - وهو ما له معينة من الأوراق المضمومة - من اتهامها للطاعنة الأولى بارتكابها الحادث. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعنين على معاينة الشرطة المؤرخة 24/ 9/ 1988 فإن ما ينعاه الطاعنان الأول والثاني بشأنها بفرض صحة قولهما - يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومع ذلك فقد أطرح الحكم دفاع الطاعنين الأول والثاني على أن الجثة ليست للمجني عليه بما يسوغه ومن ثم فإن نعيهما على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبولاً. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن الثالث بشأن تلفيق الاتهام مردوداً بأن هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى ومن ثم فهو لا يستوجب رداً صريحاً من المحكمة اكتفاء بقضائها بالإدانة للأسباب السائغة التي استندت إليها. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 214 مكرراً ( أ ) من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 التي جرى نصها بالآتي: وعلى الخصوم أن يعلنوا شهودهم الذين لم تدرج أسماؤهم في القائمة سالفة الذكر على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى وذلك مع تحمل نفقات الإعلان وإيداع مصاريف انتقال الشهود فإن هذا النص صريح في وجوب قيام المتهم بإعلان من يطلب سماعه من الشهود الذين لم يدرجوا في القائمة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية - المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 السالف الإشارة إليه - على يد محضر بالحضور في بالجلسة المحددة لنظر الدعوى مما لا يتصور معه أن يتوقف إعلانهم من قبله على تصريح من المحكمة وإذ كان ذلك ، وكان الطاعن الثالث لم يسلك الطريق الذي رسمه القانون في الفقرة الثانية من المادة 214 مكرراً ( أ ) من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للشهود الذي طلب إلى محكمة الجنايات سماعهم ولم تدرج أسماؤهم في قائمة الشهود، فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تستجب إلى طلب التأجيل لسماعهم ويضحى تعييب الحكم المطعون فيه بالقصور والإخلال بحق الدفاع غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذ ما أتاه عمداً وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه، وإذ كان الواضح من مدونات الحكم أنه استظهر علاقة السببية بين إصابات المجني عليه التي أورد تفاصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وأفعال إعطاء المادة المهدئة والضرب وإلقاء التراب على المجني عليه التي قارفها الطاعنون وبين وفاته فأورد من وقائع ذلك التقرير أن وفاة المجني عليه تتفق مع التصوير من إعطائه مادة مهدئة ثم ضربه على رأسه بالجاروف ثم كتم نفسه بإلقاء التراب عليه فإنه ينحسر عن الحكم ما يثيره الطاعن الثالث من قصور في هذا الصدد أما ما يثيره الطاعن في خصوص اعتماد الحكم على تقرير الصفة التشريحية مع أنه بني على الترجيح لا القطع ففضلاً عن أن الطبيب الشرعي قد قطع بذلك في تقريره فهو مردود بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المعاينة التي تجريها النيابة لمحل الحادث لا يلحقها البطلان بسبب غياب المتهم، إذ أن تلك المعاينة ليست إلا إجراء من إجراءات التحقيق يجوز للنيابة أن تقوم به في غيبة المتهم وإذ هي رأت لذلك موجباً، وكل ما يكون للمتهم هو أن يتمسك لدى محكمة الموضوع بما قد يكون في المعاينة من نقض أو عيب حتى تقدرها المحكمة وهي على بينة من أمرها كما هو الشأن في سائر الأدلة الأخرى. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثالث في هذا الخصوص يكون في غير محله لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.