أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 41 - صـ 5

جلسة 12 من مايو سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ أحمد مدحت المراغي رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين نواب رئيس محكمة النقض محمد رأفت حسين خفاجي, محمد عبد المنعم حافظ خليل, محمد حسن عبد الوهاب العفيفي, ريمون فهيم اسكندر, يحيى إبراهيم كمال الدين عارف, محمد محمد علي طيطه, عبد الناصر عبد اللاه السباعي, فاروق يوسف سليمان, فتيحه محمود قره والمستشار محمد خيري عبد الظاهر أبو الليل.

( أ )
الطعنان رقما 1596, 2001 لسنة 63 القضائية "هيئة عامة"

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن" "إقامة مبنى مكون من ثلاث وحدات سكنية". قانون "سريان القانون من حيث الزمان". نظام عام.
(1) النص التشريعي. وجوب سريانه على ما يلي نفاذه من وقائع ما لم ينص القانون برجعية أثره. أحكام القانون المتعلقة بالنظام العام. سريانها بأثر فوري على ما لا يكتمل من المراكز القانونية الناشئة قبل نفاذه.
(2) نص المادة 22/ 2 من القانون رقم 136 لسنة 1981. سريان حكمها على حالات البناء التي تتم وتكون معدة للسكن فعلاً بعد نفاذه في 31/ 7/ 1981. علة ذلك.
(3) سريان حكم المادة 22/ 2 ق 136 لسنة 1981 على البناء الذي يقيمه المستأجر في تاريخ لاحق لاستئجاره وتزيد وحداته عن ثلاث. مناطه. تمام بناء هذه الوحدات وإعدادها للسكن فعلاً بعد نفاذ القانون المذكور. مخالفة ذلك. خطأ.
1 - النص التشريعي لا يسري إلا على ما يلي نفاذه من وقائع ما لم يقض القانون خروجاً على هذا الأصل وفي الحدود التي يجيزها الدستور برجعية أثره، ولا يغير من هذا الأصل تعلق أحكام القانون بالنظام العام, إذ لا يجاوز ذلك أن تسري أحكامه على ما يستجد من أوضاع ناتجة عن علاقات تعاقدية أبرمت قبل نفاذه, ما دامت آثارها سارية في ظله إذ تخضع هذه الآثار لأحكام القانون الجديد تغليباً لاعتبارات النظام العام التي دعت إلى إصداره على حق المتعاقدين في تحديد التزاماتهما وحقوقهما التعاقدية الحال منها والمستقبل على السواء.
2 - لما كان القانون رقم 136 لسنة 1981 الصادر في شأن الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر المعمول به من تاريخ 31/ 7/ 1981, قد نص في الفقرة الثانية من المادة 22 على أن "إذا أقام المستأجر مبنى مملوكاً له يتكون من أكثر من ثلاث وحدات في تاريخ لاحق لاستئجاره يكون بالخيار بين الاحتفاظ بمسكنه الذي يستأجره أو توفير مكان ملائم لمالكه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالمبنى الذي أقامه بما لا يجاوز مثلي الأجرة المستحقة له عن الوحدة التي يستأجرها" يدل على أن المشرع قصد إلى سريان الحكم المقرر فيه على حالات البناء التي تتم وتكون وحداته معدة للسكن فعلاً بعد نفاذ هذا القانون وهو ما أفصح عنه تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية في تعقيبه على هذا النص إذ جاء به "ألزمت ذات المادة المستأجر الذي يقيم مبنى مملوكاً له يتكون من أكثر من ثلاث وحدات سكنية بأن يكون بالخيار بين أن يترك الوحدة السكنية التي يستأجرها من المالك أو أن يوفر له أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الثانية وحدة سكنية ملائمة بما لا يجاوز مثلي أجرة الوحدة التي يستأجرها" ويؤكد ذلك خلو القانون 136 لسنة 1981 من نص على سريان حكم المادة 22 منه بأثر رجعي دون مسوغ القول بأن اشتراط النص بأن يكون المبنى الذي أقامه المستأجر "في تاريخ لاحق لاستئجاره" يوحي بقصد المشرع في إعماله بأثر رجعي بأن تكون إحدى الوحدات على الأقل قد أقيمت وأعدت للسكنى بعد العمل بالقانون رقم 136 لسنة 1981, إذ أن ذلك يعني الخروج على الأقل على الأصل المقرر بأن النص التشريعي لا يسري إلا على ما يلي نفاذه من وقائع ما لم ينص المشرع صراحة على الخروج عليه هذا إلى أن هذا القول فيه مفاجأة للمستأجر بإعمال النص على وحدات أقامها قبل نفاذ القانون لم يكن في حسبانه خضوعها ليتدبر أمره فإن استلزام تعدد الوحدات بعد نفاذ القانون يتيح للمستأجر أن يختار منها ما يناسبه ويتفق مع ظروفه وأحواله العائلية إذا ما رأى التخلي عن سكنه لما كان ذلك فإن الهيئة تقر المبدأ سالف البيان مما يخالفه بالأغلبية المنصوص عليها في المادة 4/ 2 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1973.
3 - مناط سريان حكم المادة 22/ 2 من القانون رقم 136 لسنة 1981 على البناء الذي يقيمه المستأجر بعد استئجاره وتزيد وحداته عن ثلاث هو أن تكون هذه الوحدات قد تم بناؤها وأعدت للسكنى فعلاً بعد العمل بأحكام القانون المشار إليه, وكان البين من تقرير الخبير أن العقار محل النزاع لم يتم - بعد العمل بأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 - سوى بناء وحدتين فقط به هما الدورين الثالث والرابع العلويين والأخير (الرابع العلوي) لم يتم إعداده للسكنى بعد. فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي بالإخلاء إعمالاً لنص المادة 22/ 2 من القانون رقم 136 لسنة 1981 يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


الهيئة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضدهن أقمن على مورث الطاعنين الدعوى رقم 1547 سنة 1984 مدني الزقازيق الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وعقد الإيجار المؤرخ 1/ 12/ 1963 أو إلزامه بتحرير عقد إيجار لهم عن إحدى شقق منزله بما لا يجاوز ضعف أجرة الشقة المؤجرة له وقلن في بيانها إنه بموجب العقد المشار إليه استأجر مورث الطاعنين منهن شقة لسكنه وإذ أقام بذات المدينة مبنى مكوناً من أكثر من ثلاث وحدات واحتفظ لنفسه بإحداها فقد نبهن عليه بإخلاء الشقة التي يستأجرها منهن أو يؤجر لهن شقة بعقاره بما لا يزيد عن ضعف أجرة الشقة المؤجرة له ولما لم يمتثل أقمن الدعوى, ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت المحكمة بالإخلاء. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 1007, 1035 سنة 32 ق المنصورة "مأمورية وبتاريخ 17/ 1/ 1993 وبعد أن ضمت الاستئناف الثاني للأول قضت بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين رقمي 1596, 2001 سنة 63 ق. وحددت المحكمة جلسة لنظر الطعن الأول وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبجلسة المرافعة التزمت رأيها. وإذ ارتأت الدائرة المعروض عليها هذا الطعن أنه في شأن تطبيق نص المادة 22/ 2 من القانون رقم 136 سنة 1981 قد صدرت أحكام من بعض دوائر المحكمة بتحقق المخالفة متى اكتمل بناء الوحدات التي تزيد عن ثلاث في ظل سريان القانون المشار إليه ولو كانت بعض الوحدات قد أقيمت قبل سريانه وذلك على خلاف أحكام صدرت من دوائر أخرى اشترطت أن تكون جميع الوحدات التي تتحقق بها المخالفة قد أقيمت بعد سريان القانون فقد قررت الدائرة بجلسة 5/ 7/ 1993 إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية وإذ عرض الطعن على هذه الهيئة حددت جلسة لنظره وأمرت بضم الطعن الآخر مرفوع من نفس الطاعنين برقم 2001 سنة 63 ق وقدمت النيابة مذكرة تكميلية في الطعنين التزمت فيها رأيها السابق.
وحيث إن المقرر أن النص التشريعي لا يسري إلا على ما يلي نفاذه من وقائع ما لم يقصد القانون خروجاً على هذا الأصل وفي الحدود التي يجيزها الدستور برجعية أثره ولا يغير من هذا الأصل تعلق أحكام القانون بالنظام العام إذ لا يجاوز أثر ذلك أن تسري أحكامه على ما يستجد من أوضاع ناتجة عن علاقات تعاقدية أبرمت قبل نفاذه ما دامت آثارها سارية في ظله إذ تخضع هذه الآثار لأحكام القانون الجديد تغليباً لاعتبارات النظام العام التي دعت إلى إصداره على حق المتعاقدين في تحديد التزاماتهما وحقوقهما التعاقدية الحال منها والمستقبل على السواء. لما كان ذلك وكان القانون رقم 136 لسنة 1981 الصادر في شأن الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر المعمول به من تاريخ 31/ 7/ 1981 قد نص في الفقرة الثانية من المادة 22 على أن "وإذا أقام المستأجر مبنى مملوكاً له يتكون من أكثر من ثلاث وحدات في تاريخ لاحق لاستئجاره يكون بالخيار بين الاحتفاظ بسكنه الذي يستأجره أو توفير مكان ملائم لمالكه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالمبنى الذي أقامه بما لا يجاوز مثلي الأجرة المستحقة له عن الوحدة التي يستأجرها منه" يدل على أن المشرع قصد إلى سريان الحكم المقرر فيه على حالات البناء التي تتم وتكون وحداته معدة للسكن فعلاً بعد نفاذ هذا القانون وهو ما أفصح عنه تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية في تعقيبه على هذا النص إذ جاء به "ألزمت ذات المادة المستأجر الذي يقيم مبنى مملوكاً له يتكون من أكثر من ثلاث وحدات سكنية بأن يكون بالخيار بين أن يترك الوحدة السكنية التي يستأجرها من المالك أو أن يوفر له أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الثانية وحدة سكنية ملائمة بما لا يجاوز مثلي أجرة الوحدة التي يستأجرها" ويؤكد ذلك خلو القانون 136 سنة 1981 من نص على سريان حكم المادة 22 منه بأثر رجعي ولا يسوغ القول بأن اشتراط النص بأن يكون المبنى الذي أقامه المستأجر "في تاريخ لاحق لاستئجاره" يوحي بقصد المشرع في إعماله بأثر رجعي بأن تكون إحدى الوحدات على الأقل قد أقيمت وأعدت للسكنى بعد العمل بالقانون رقم 136 سنة 1981 إذ أن ذلك يعني الخروج على الأصل المقرر بأن النص التشريعي لا يسري إلا على ما يلي نفاذه من وقائع ما لم ينص المشرع على الخروج عليه هذا إلى أن هذا القول فيه مفاجأة للمستأجر بإعمال النص على وحدات أقامها قبل نفاذ القانون لم يكن في حسبانه خضوعها ليتدبر أمره فإن استلزام تعدد الوحدات بعد نفاذ القانون يتيح للمستأجر أن يختار منها ما يناسبه ويتفق مع ظروفه وأحواله العائلية إذا ما رأى التخلي عن سكنه.
لما كان ذلك فإن الهيئة تقر المبدأ سالف البيان والعدول عما يخالفه بالأغلبية المنصوص عليها في المادة 4/ 2 من قانون السلطة القضائية رقم 46 سنة 1972.
وحيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون بأسباب طعنيهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إن الثابت بتقرير الخبير الذي عوّل عليه في قضائه بالإخلاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن المبنى المنسوب لمورثهم إقامته عبارة عن خمسة أدوار بكل دور شقة والدور الأرضي مملوكاً لآخر وباقي الأدوار لم ينشأ منها في ظل سريان القانون رقم 136 لسنة 1981 سوى دورين الرابع والخامس والأخير منهما لم يتم إعداده للسكنى بعد فلا تنطبق على واقعة النزاع المادة 22/ 2 من القانون المشار إليه وإذ قضى الحكم المطعون فيه بالإخلاء إعمالاً لهذا لنص فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه لما كانت الهيئة قد انتهت - وعلى ما سلف إلى أن مناط سريان حكم المادة 22/ 2 من القانون رقم 136 سنة 1981 على البناء الذي يقيمه المستأجر بعد استئجاره وتزيد وحداته عن ثلاث هو أن تكون هذه الوحدات قد تم بناؤها وأعدت للسكنى فعلاً بعد العمل بأحكام القانون المشار إليه وكان البين من تقرير الخبير أن العقار محل النزاع لم يتم - بعد العمل بأحكام القانون رقم 136 سنة 1981 - سوى بناء وحدتين فقط به هما الدورين الثالث والرابع العلويين والأخير (الرابع العلوي) لم يتم إعداده للسكنى بعد فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي بالإخلاء إعمالاً لنص المادة 22/ 2 من القانون رقم 136 سنة 1981 يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجه لبحث باقي أسباب الطعنين.