أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 45 - صـ 291

جلسة 16 من فبراير سنة 1994

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وعلي الصادق عثمان وإبراهيم عبد المطلب نواب رئيس المحكمة وهاني خليل.

(42)
الطعن رقم 5409 لسنة 62 القضائية

(1) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمام المحكمة. موضوعي.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة. دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش".
تقدير الظروف المبررة للتفتيش. متروك لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
(4) مواد مخدرة. مسئولية جنائية. قصد جنائي. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مناط المسئولية في جريمة إحراز وحيازة الجواهر المخدرة: ثبوت اتصال الجاني بالمخدر بالذات أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة. عن علم وإرادة.
الدفاع الموضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(5) قبض. تفتيش. "التفتيش بقصد التوقي". دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تفتيش المتهم قبل إيداعه السجن. أمر لازم. أساس ذلك؟
وجود خصومة بين ضابط الواقعة والمتهم الآخر. أمر خارج عن نطاق استدلال المحكمة على ثبوت الواقعة قبل الطعن. عدم بحث الحكم أمر تلك الخصومة. لا عيب.
مثال لإحدى حالات التفتيش الوقائي وصحة إجراء ضبط المخدر الناشئ عنه.
(6) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". اختصاص "الاختصاص المكاني". تفتيش "التفتيش بغير إذن".
الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض بعدم اختصاص ضابط الواقعة محلياً بإجراء التفتيش. غير مقبول. ما دام الطاعن لم يثر ذلك أمام محكمة الموضوع.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقدير ظروف الإدلاء بها. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
(8) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". إثبات "اعتراف".
تسمية الإقرار اعترافاً. لا يعيب الحكم. ما دام لم يعوّل عليه وحده.
(9) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". سلاح.
عدم تعويل الحكم على الدليل المستمد من ضبط المطواة مع الطاعن. النعي عليه في هذا الشأن لا محل له.
(10) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(11) مواد مخدرة. قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة. موضوعي. ما دام سائغاً.
1 - الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق، ولها أصلها في الأوراق.
2 - وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، وإلى ما قرره ضابط الواقعة - الرائد....... - من إقرار الطاعن له بحيازته للمخدر المضبوط مع المتهم الثاني، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في استنباط الواقعة وتقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
3 - الأصل أن تقدير الظروف التي تبرر التفتيش من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها لسلطة التحقيق تحت رقابة وإشراف محكمة الموضوع، وكان الثابت أن النيابة العامة قد اطمأنت إلى جدية الوقائع التي ضمنها الشاهد الأول محضره - على السياق المتقدم - كما أن المحكمة شاركتها في اطمئنانها إلى جديتها، وأقرتها على تصرفها، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
4 - مناط المسئولية في حيازة المخدر هو ثبوت اتصال الجاني به اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة صورة عن علم وإرادة إما بحيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولم لم تتحقق الحيازة المادية، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى، وما ساقه من الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ثبوتها في حق الطاعن، كافياً في الدلالة على حيازته للمخدر المضبوط بالكشك المملوك له، فإن ما يثيره الطاعن بشأن واقعة العثور على المخدر المضبوط بالكشك وقت إجراء النيابة العامة المعاينة والملابسات التي أحاطت بها، يتمخض دفاعاً موضوعياً قُصد به التشكيك في تلك الواقعة وأقوال الشهود بشأنها، ولا يستوجب رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وبالتالي فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
5 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه، أن الضابط - ....... انتقل إلى كشك المتهم الأول لضبط الطاعن لتنفيذ حكم صادر ضده في جريمة سرقة، وأنه عقب ضبطه له اقتاده إلى ديوان قسم الشرطة، وأنه قبل إيداعه بحجرة الحجز بالقسم قام بتفتيشه تفتيشاً وقائياً فعثر معه على المخدر المضبوط ومطواة قرن غزال، وكان هذا الذي أورده الحكم في مدوناته كافياً في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش ويصادف صحيح القانون، ذلك أن التفتيش في خصوصية هذه الدعوى أمر لازم لأنه من وسائل التوقي والتحوط من شر من قبض عليه إذ ما سولت له نفسه، والتماسا للفرار، أن يتعدى على غيره بما قد يكون محرزاً له من سلاح أو نحوه، وكان الطاعن لا ينازع في حق الضابط في تفتيشه عند إدخاله سجن القسم، فإن منعاه على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير سند، ولا ينال من سلامة الحكم في هذا الشأن ما يثيره الطاعن من أن المحكمة لم تعن ببحث أمر الخصومة على ثبوت الواقعة المسندة إلى الطاعن والتي دانه بها.
6 – البيّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر أمام محكمة الموضوع أن الضابط غير مختص محلياً بإجراء الضبط والتفتيش، فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
7 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشاهد الأول وأخذت بها وبما شهد به من إقرار الطاعن له بإحرازه للجوهر المخدر المضبوط، فإن ما أثاره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
8 - من المقرر أن خطأ المحكمة في تسمية الإقرار اعترافاً لا يقدح في سلامة حكمها ما دام أن الإقرار قد تضمن من الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى، وما دامت المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
9 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يعوّل على دليل مستمد من المطواة المضبوطة مع الطاعن، فلا محل لما ينعاه على الحكم في هذا الشأن.
10 - الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
11 - إحراز المخدر بقصد الاتجار إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها ما دامت أنها تقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم قد دلل على هذا القصد تدليلاً سائغاً، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية بأنهما المتهم الأول: أ - حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً - (ب) حاز سلاحاً أبيض (سكين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، المتهم الثاني: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسماعيلية لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 57 من الجدول رقم 1 الملحق والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976، والمواد 1/ 1، 25 مكرر/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم 5 من الجدول رقم 1 الملحق من أعمال المادة 32 من قانون العقوبات والمادة 17 من القانون نفسه بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وتغريم كل منهما خمسة آلاف جنيه وبمصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض....... الخ.


المحكمة

أولا: أسباب الطعن: - (المقدمة من المحكوم عليه.........):
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار وسلاح أبيض بدون ترخيص، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن دفاع الطاعن قام على عدم معقولية رواية الضابط وتصويره للواقعة، إذ أن ما قرره من اعتراف الطاعن بملكيته للمخدر المضبوط مع المتهم الثاني، واتجاره في المواد المخدرة لا يصادف القبول في العقل والمنطق، ودفع الطاعن ببطلان الضبط والتفتيش لحصولهما على غير سند من القانون، استناداً إلى عدم صدف رواية الضابط على النحو السالف واختلافها بغرض الحصول على إذن من النيابة بالضبط والتفتيش، واطرح الحكم هذا الدفاع وذلك الدفع بما لا يُسوغ به اطراحهما، وأغفل الرد على الدفع بانعدام سيطرة الطاعن على الكشك، لغيبته عنه وقت حضور الضابط لضبط المتهم الثاني وأن الضابط أغلقه واحتفظ معه بمفتاحه، والتفتت المحكمة عن دفاعه بشأن عثور وكيل النيابة أثناء المعاينة عل المفتاح الذي يُفتح به ملحق الكشك، لعدم ضبط ذلك المفتاح وقت تفتيشه بمعرفة الضابط قبل معاينة النيابة، ومن أن المخدر والسلاح المضبوطين داخل الصندوق بالكشك لم يكونا موجودين به قبل التفتيش الذي أجري بناء على إذن النيابة، وإلا كان الضابط قد اكتشف وجودهما وقت ضبطه للمتهم الثاني - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "أن رئيس مباحث قسم ثالث - محافظة الإسماعيلية - توجه إلى كشك مملوك لـ....... لضبط........، الذي يعمل بذلك الكشك، وذلك نفاذاً لحكم صادر ضده، وتم ضبط المتهم واقتاده ضابط المباحث إلى ديوان قسم الشرطة، وإذ قام بتفتيشه قبل إرساله للحجز عثر على أربع لفافات سلوفانية بداخل كل منها قطعة من مخدر الحشيش كما عثر بجيبه على مطواة قرن غزال، وإذ واجهه بما تم ضبطه أقر له بأنه يتاجر في مخدر الحشيش لحساب صاحب الكشك......، الذي حضر إلى ديوان القسم مقرراً بأنه بالفعل صاحب المخدر المضبوط، وأن...... يتجر فيه لحسابه، فاستأذن الرائد..... رئيس المباحث النيابة العامة لتفتيش الكشك، وبعد صدور الإذن له اصطحب معاون مباحث القسم وتوجها إلى الكشك وقام بضبط سبعة عشر قطعة من مخدر الحشيش وسكينة صغيرة وميزان حساس، كما ضبط سلاح ناري وعدد من الطلقات (ذخيرة) فضلاً عن ضبط عدد آخر من اللفافات بداخل كل منها قطعة من المخدر الحشيش تم ضبطها داخل حجرة ملاصقة لكشك أثناء قيام النيابة العامة بمعاينة الكشك" وساق الحكم للتدليل على ثبوت الواقعة بهذه الصورة في حق الطاعن أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي، والتي من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صورة أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق، ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، وإلى ما قرره ضابط الواقعة - الرائد..... - من إقرار الطاعن له بحيازته للمخدر المضبوط مع المتهم الثاني، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في استنباط الواقعة وتقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إجراءات بناء على جدية الوقائع التي أثبتها الشاهد الأول - الرائد......... - في محضره بشأن إقرار المتهم الثاني له بإحرازه للمخدر المضبوط معه وأنه يتجر فيه لحساب الطاعن، والذي أقر للشاهد - المار ذكره - بحيازته لذلك المخدر بقصد الاتجار، وكان الأصل أن تقدير الظروف التي تبرر التفتيش من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها لسلطة التحقيق تحت رقابة وإشراف محكمة الموضوع، وكان الثابت أن النيابة العامة قد اطمأنت إلى جدية الوقائع التي ضمنها الشاهد الأول محضره - على السياق المتقدم - كما أن المحكمة شاركتها في اطمئنانها إلى جديتها، وأقرتها على تصرفها، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان مناط المسئولية في حيازة المخدر هو ثبوت اتصال الجاني به اتصالاً مباشراً أو بالواسطة سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولم لم تتحقق الحيازة المادية، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى، وما ساقه من الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ثبوتها في حق الطاعن، كافياً في الدلالة على حيازته للمخدر المضبوط بالكشك المملوك له، فإن ما يثيره الطاعن بشأن واقعة العثور على المخدر المضبوط بالكشك وقت إجراء النيابة العامة المعاينة والملابسات التي أحاطت بها، يتمخض دفاعاً موضوعياً قُصد به التشكيك في تلك الواقعة وأقوال الشهود بشأنها، ولا يستوجب رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وبالتالي فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: أسباب الطعن: (المقدمة من المحكوم عليه......):
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أن إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه حصل واقعة الدعوى وأدلتها في بيان مجمل، ينبئ عن أن المحكمة لم تكن قد ألمت بها إلماماً شاملاً وأطرح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس، تأسيساً على اطمئنان المحكمة لصحة تصوير الضابط لواقعة ضبط الطاعن وتفتيشه وأخذا بأقوال شهود الإثبات وهو ما لا يُسوغ به إطراح ذلك الدفع، إذ لم تعن المحكمة ببحث أمر الخصومة القائمة بين الضابط والمتهم الأول، والذي تمسك به الأخير في دفاعه، ومن أن الضباط لم يكن مختصاً محلياً بالضبط، إذ أنه تابع لشرطه قسم ثالث، ويقع الكشك محل الضبط بدائرة - شرطة قسم ثان، وعوَّل الحكم على اعتراف الطاعن بمحضر الضبط بإحرازه للمخدر المضبوط، رغم ما آثاره الدفاع عنه أن اعترافه إنما جاء على لسان الضباط، كما أنكر الطاعن بتحقيقات النيابة ذلك الاعتراف المعزو إليه، والذي يُعد إقراراً باطلاً وليس اعترافاً لعدم صحته أو معقوليته وهو ما لم تعن المحكمة بإيراده والرد عليه، ولم تفطن المحكمة إلى أن تقرير معامل التحليل الكيماوية قد خلا من إثبات شيء عن المطواة المضبوطة، وأغفلت الرد على الدفع بتلفيق الاتهام، ولم تدلل على توافر قصد الاتجار في حق الطاعن تدليلاً كافياً، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه، أن ما حصله في بيانه لواقعة الدعوى - على السياق المتقدم - وما ساقه من الأدلة على ثبوتها في حق الطاعن، وإنما وضع في بيان جلي مفصل، ينبئ عن أن المحكمة قد ألمت بها وبالظروف التي أحاطت بالواقعة إلماماً شاملاً بما يتحقق به غرض الشارع من إيجاب بيان الواقعة وأدلتها على النحو الذي يتطلبه القانون وتتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، فإن النعي على الحكم بقالة القصور في التسبيب يكون غير سديد. بما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه، أن الضابط - الرائد ....... - انتقل إلى كشك المتهم الأول لضبط الطاعن لتنفيذ حكم صادر ضده في جريمة سرقة، وأنه عقب ضبطه له اقتاده إلى ديوان قسم الشرطة، وأنه قبل إيداعه بحجرة الحجز بالقسم قام بتفتيشه تفتيشاً وقائياً فعثر معه على المخدر المضبوط ومطواة قرن غزال، وكان هذا الذي أورده الحكم في مدوناته كافياً في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش ويصادف صحيح القانون، ذلك أن التفتيش في خصوصية هذه الدعوى أمر لازم لأنه من وسائل التوقي والتحوط من شر من قبض عليه إذ ما سولت له نفسه، والتماساً للفرار، أن يتعدى على غيره بما قد يكون محرزاً له من سلاح أو نحوه، وكان الطاعن لا ينازع في حق الضابط في تفتيشه عند إدخاله سجن القسم، فإن منعاه على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير سند، ولا ينال من سلامة الحكم في هذا الشأن ما يثيره الطاعن من أن المحكمة لم تعن ببحث أمر الخصومة على ثبوت الواقعة المسندة إلى الطاعن والتي دانه بها، كما أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر أمام محكمة الموضوع أن الضابط غير مختص محلياً بإجراء الضبط والتفتيش، فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشاهد الأول وأخذت بها وبما شهد به من إقرار الطاعن له بإحرازه للجوهر المخدر المضبوط، فإن ما أثاره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، وإذ كان من المقرر أن خطأ المحكمة في تسمية الإقرار اعترافاً لا يقدح في سلامة حكمها ما دام أن الإقرار قد تضمن من الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى، وما دامت المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعوّل على دليل مستمد من المطواة المضبوطة مع الطاعن، فلا محل لما ينعاه على الحكم في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض إلى قصد الاتجار واستظهره لدى الطاعن من إقراره لمحرر محضر الضبط بإحرازه للمخدر المضبوط بقصد الاتجار، ولما كان إحراز المخدر بقصد الاتجار إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها ما دامت أنها تقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم قد دلل على هذا القصد تدليلاً سائغاً، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.